أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهاب كرار - رفيق ورضا















المزيد.....

رفيق ورضا


شهاب كرار

الحوار المتمدن-العدد: 2686 - 2009 / 6 / 23 - 09:15
المحور: الادب والفن
    


إنه يثق به ... او لو تحرينا الدقة لقلنا انه لا يثق بغيره ... فهو الوحيد الذي لم يخزله في يوم من الايام بينما خزله الجميع ... كان دائما مسليا ويخفف الآلام التي تلم به أحيانا ... لا يدري متي بدأ التحدث معه بعدما كانت صداقتهما من النوع الصامت المكتفي بهز الرأس ... ولكن يبدو ان هذا حدث منذ زمن بعيد ... طيلة فترة طويلة من الزمن لم يتبادلا كلمة واحدة ... فمنذ عرفه لم يعجبه الاسم الذي يطلقه عليه الاولاد في المدرسة ويتهامسون به خلسة بعيدا عن مسامع المدرسين ... ولا الاسم الذي يطلقه عليه والده و شقيقه الاكبر... فقرر ان يطلق علي صديقه ورفيق لعبه السري رضا ... وذلك لأنه دائما ما يبعث علي الرضا ... قابله في الحمام ... فهمس له بكل هدوء حتي لا يسمعه احد... " لقد اسميتك رضا، فهل اعجبك اسمك الجديد؟" ... هز رضا رأسه الضخم الاصلع او هكذا خيل له... "جيد طالما انه اعجبك... منذ متي وانت اصلع؟" أكتفي رضا بأن هز رأسه في اشارة تحمل معنى غامض نوعا ما . "لا أذكر انك كنت دائما اصلع، تنتابني ذكريات غامضة عن قبعة مضحكة كنت ترتديها انت عندما كنت انا طفلا صغيرا، لقد كانت مسلية جدا وكنت العب بها كثيرا، ليتهم تركوها ولم ينزعوها عنك" قلص رضا طوله معلنا عن عدم رغبته في الحديث هذه المرة، وهي اشارة يعلمها رفيق جيدا ... ساعد رفيق صديقه رضا الاصلع على العودة الي مخبئه الخاص به، وخرج من الحمام ليلحق بالحصة الاخيرة لهذا اليوم.
بعد ان يمتحن الشهادة الثانوية سيدرس في الخارج، وسيكون معه رضا الذي سيسعد جدا بهذه الرحلة ... هكذا فكر رفيق ... كلها بضعة اشهر وينتهي هذا الكابوس... لقد طال حبس رضا وآن اوان تحريره ... جميعهم يعلم ان رضا يرافق رفيق اينما ذهب، وفي نفس الوقت لا يرغبون في رؤيتهم سويا ... لا زال يذكر جيدا اخر مرة خرجا فيه سويا للعلن دون ان يكون رضا متخفيا ... لقد ثار الجميع وحبسوهما في مكان هادئ بعيد عن المدينة ... وكل تلك العقاقير والجلسات المملة ... لقد كاد يموت من الملل حتي انه اضطر لخداع هؤلاء الاغبياء وتظاهر لهم بأن رضا غير موجود ... رغم انه يعلم انهم يعلمون انه موجود ... "مجانين"!! ... قالها بصوت عال فالتفت اليه كل من في الحافلة...
وفجأة لمحها ... مثال للفتنة والجمال المجسد ... الغريب انها كانت جالسة في نفس الحافلة ... ولكنه لم يلتفت لوجودها...حدق في ظهرها وكأنه يحاول تكوين نسخة عنه داخله ... لقد كان حظه عاثرا كالعادة ووصل الي محطته باكرا ... هم بالنزول ... ولكن مهلا ... يبدو ان حظه ليس بهذا السوء في هذا اليوم ... فهي ايضا تهم بالنزول ... توقف خلفها حتي تنزل ... وحدق في جسدها المثير بطريقة غريبة لا يستطيع احد وصفها ... لا يستطيع الانتظار حتى يدخل الحمام ليتحدث مع الشخص الوحيد الذي يفهمه في الدنيا ... ليصف له جمال تلك الفتاة التي اكتشف بالمصادفة انها جارتهم ... اغلق الباب خلفه بعجلة شديدة ... ثم ساعد رضا على الخروج من مخبأه ... " لماذا لم تدعني اراها " قال رضا الذي لم يتحدث منذ فترة طويلة جدا " انت تعرف يا صديقي، لا يجب ان يرانا احدهم معا وإلا حبسونا مرة اخرى"
- ولكننا معا
- اعرف اننا معا، ولكن يجب ان لانكون معا
- ولكنهم يعرفون اننا معا
- اعلم هذا
- فكيف نكون ليس معا
- لست ادري، ربما لأنك صديق سري، والصديق السري يجب ان يكون مخفيا عن الاخرين.
- ولكن الاخرين يعرفون بالفعل. ولكنهم يتظاهرون بأنهم لا يعرفون.
- ولديهم اصدقاء سريين ايضا، ويتظاهرون بأنهم لايملكون واحدا.
- مجانين. قالها رضا هذه المرة
- المهم يجب ان تجد طريقة لكي تدعني اراها معك المرة القادمة
- ومن هي؟
- الفتاة
- وكيف عرفت انه ثمة فتاة هنالك.
- انت تعرف انني اعرف الكثير منك، لقد رأيت صورتها المطبوعة في ذهنك. لقد جعلت الدماء تصعد الي رأسي.
- حسنا، ولكن لا يمكنك ان تراها فأنت غير مسموح لك بالخروج، سآخذ لك اكبر عدد ممكن من الصور.
- هذا ليس عدلا، لماذا ترى انت ولا ارى انا، لا بد ان نضع خطة.
- وماذا تريد ان تفعل ايها العبقري
- لم لا تدعني ارها انا وحدي وتختبئ انت
- هذا غير ممكن
- بل ممكن، ضع مخبئا شبيها بمخبئي على رأسك، وبالتالي هي لن تتعرف اليك، وأخرجني انا من مخبئي كي اراها.
- وماذا إذا تعرفت اليك؟
- هل انت غبي؟ نحن جميع الاصدقاء السريين نتشابه، وهي لن تميز انني رضا.
- لست ادري يا صديقي، ولكنني لست مرتاحا
- لا تقلق، فقط نفذ ما اتفقنا عليه، الا استحق منك خدمة صغيرة يا صديقي؟
- بلي تستحق ولكن....
- لا يوجد لكن، هيا لا تتردد
- حسنا يا صديقي سأفعلها من أجلك.
خرج رفيق من البيت وهو يحمل احد مخابيء رضا في كتفه، حمل معه اكبر المخابيء حتي يستوعب رأسه، فرضا انسان ضئيل الحجم، ووقف عند زاوية بيت الفتاة ينتظر خروجها، ولم يطل انتظاره كثيرا...
خرجت الفتاة تتهادي كالاعصار، قمع سماوي من الرغبة يتلوى صاعدا وهابطا، ارتجف رفيق قليلا، ثم استجمع شجاعته ووضع المخبأ على رأسه واتجه نحواها ... وما ان وقف امامها حتى اخرج رضا من مخبأه... وجمت الفتاة وأطلت من عينيها نظرة غزال مذعور... "هيا يا رضا قل شيئا" ... همس رفيق لرضا الذي اشرأب بعنقه الي اقصي مدي ممكن لكي يتأمل جمال الفتاة ... هم رفيق بالحديث نيابة عن صديقه ليخبر الفتاة كم هو خجول عندما دوت الصرخة من فم الفتاة وهوت تلك الضربة اللعينة علي مؤخرة عنق رفيق...
لقد كان ذكيا وشاطرا في مادة العلوم... لذا يعلم ان معظم الاذن الوسطي مكون من فراغ ... لا بد ان احدهم قد استغل ذلك لإقامة ورشة حدادة بكامل ملحقاتها داخله ... لابد ان الامر كذلك، وإلا فمن اين يأتي صوت المطارق داخل رأسه؟ انها ورشة حدادة من المؤكد... حتي انه يسمع احاديث العمال... "اقفل الباب" ... "لن ينفع هذه المرة"... "انه يعالج بالقران" ... مطارق ... مطارق ... مطارق ... ثم لاشيء!
استيقظ رفيق فجأة، كان يتذكر احداث غامضة بعيدة، أطمأن الي وجود رضا معه، كان يحس بأن قلبه مقبوضا ويتنفس بصعوبة كأن أحدهم يجثم علي صدره، انتابه احساس غامض بأنها النهاية، كان رضا نائما علي فخذه، فأيقظه بهدوء ... "رضا ... رضا".
- هذا انت يا صديقي
- اين نحن يا رضا
- لست ادري، ولكنه مكان غريب
حاول رفيق استكشاف المكان، كانت غرفة صغيرة مربعة الشكل واطية السقف، بها نافذة صغيرة، تطل على فناء يعج بفتيان صغار يحملون قطع من الخشب مستطيلة الشكل في ايديهم، وعندما حاول رفيق فتح الباب اكتشف انه مغلق بجنزير حديدي عملاق كأنه كابوس...
ذعر رفيق وانتابته رغبة جامحة في البكاء ...
- " اين نحن" قالها بصوت مهتز
- لست ادري يا صديقي ولكن الوضع لا يبدو جيدا
- لابد ان نخرج من هنا يا صديقي، انا اختنق، سأموت لو بقيت هنا.
- ولكن اين نحن وما هذا المكان وكيف نفتح هذا الباب؟
- لنخرج من النافذة.
- انها صغيرة جدا ولن تسعك
- ولكنها ستسعك انت حتما
- لا لا هذه فكرة مجنونة
- ليس مجنونة، اخرج انت من النافذة ودر حول البناء وافتح لي الباب من الخارج
- لن تنجح هذه الفكرة
- بل ستنجح، ثق بي، الا استحق ان تفعل شيئا من اجلي؟
- انت تستحق ولكنني خائف
- لا تخف فقط نفذ ما اتفقنا عليه
- حسنا يا صديقي

خبر ورد في جريدة (.....):
أنتحر مراهق مختل عقليا كان يعالج لدي احد الدجالين الذي ألقت الشرطة القبض عليه، وقد كانت اسرة الشاب قد احضرته الي الشيخ بعد ان يأست من العلاج النفسي الذي فشل مع ابنها علي حد قولها، وكان المراهق قد القي القبض عليه بعض المارة وهو يحاول اغتصاب فتاة في الشارع بعد ان تعرى امامها وهو يضع سروالا داخليا علي رأسه، وقد قال الدكتور همام ابوفروة استاذ الطب النفسي بجامعة (....) ان انتحار الفتي بهذه الطريقة عن طريق قطع عضوه التناسلي وإلقاءه خارج النافذة هو دليل علي ... إلخ إلخ

شهاب كرار
الاسكندرية - يونيو 2009



#شهاب_كرار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شهاب كرار - رفيق ورضا