أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان خورشيد عبد القادر - في رثاء مديح ظلّك العالي















المزيد.....

في رثاء مديح ظلّك العالي


مروان خورشيد عبد القادر

الحوار المتمدن-العدد: 2684 - 2009 / 6 / 21 - 08:03
المحور: الادب والفن
    




-1-

خلف النجوم

فوق الغيوم

طائر الفينيق

يضرب أخماس الأرض بأسداس السماء

يعلن للأبدية

أن جلالة الشاعرعلى أعتاب القدوم

يومئ لأمير الشعراء..

عن فخامة كرسيه يقوم

كي يفتح الأبواب جميعها

ليحط محمود بيضَ الكلمات في أقفاص الخلود !!..

-2-

على بعد بحر ومضيق ومحيط

من أرض كنعان القديمة

يرفع الجسد الطازج أعضاءه

عضواً..

عضواً.. لبارئها

ربما حدث خطأ طبي محتمل

أو ربما سكاكين الشاعر الكثيرة

مزقت شرياناً في قلب الحياة

كي تمرّ عبره كائنات الدنيا نحو برزخها الأخير..

وعلى أعلى بقليل من قامة التراب

فوق أرض كنعان الجديدة

تظلّ أزهار الروح طازجة

تعيد انبثاق الولادات

من بطن السنديان

فيولد الزنبق على نافذة " تطلّ من بعيد"

يولد النرجس عصياً على الهواء

كلما أراد ترتيب رئات الشاعر لتنفسه الجريء ..

يولد البنفسج من زواج شرعي بين الماء والتراب

سخياً يوزع أرجوانه اللاحزين

على مدمني الطبيعة

وأخيراً- يولد الياسمين في الشرفات

بهياً يتلقف سقوطه الهادئ

على جنازات الشاعر الكثيرة..

-3-

في أحياء رام الله

والقدس وبيروت وعمان ودبي وبغداد والقاهرة وحلب والشام

في شوارع كل مدن الأرض المنفية في الرخام

كان درويش يوزع على "العاطلين عن العمل"

فرصة أخيرة في الأمل

ويوزع على العابرين في " كلام عابر"

وصاياه عن حب الحياة

إن استطاعوا إليها سبيلا..

كان يرش أحاجيه " بالبسيط من الكلام"

فتعصرنا ألغازه

وتشعلنا بالحياة

كأنها أسرار القيامة

وهي مرتبة بين يديه بأناقة الأنبياء..

وكان هنا..فوق "سيدة الأرض"

تحت مدن الريح

المشلوحة في كل مكان

يجيد دروس الطبيعة وحفظها

زهرة ..

زهرة..

وعاصفة..عاصفة..

-4-

أخيراً

بين رام الله والسماء القريبة

فوق تلة

أسفل الطبيعة بمترين أو أقل بقليل

يحط الهدهد الكنعاني

أشعاره

فوق أمطاره ، فوق أنهاره ، فوق بحاره ، فوق أشجاره ، فوق أزهاره ، فوق أسفاره ، فوق أقماره ، فوق أحجاره ..

بعد قليل ستمر من هنا قافلة الشعراء

ليكتبوا مراثيهم من حجر على حجر

فيسيل من رملها

ضوء أزرق منسوج من ذهب الكلمات

فتضيء النهارات عصية على الغروب

تسيل منها الأرض طازجة

وقد تلقفت عذريتها من جديد

فتجيء بالشمس من خلف المحيط

وتجيء بالساعة

هذه الخرافة الدائرة

وقد رتبت عقارب بداياتها

عكس دورانها القديم..

-5-

مَنْ سيعتذر لنا

عمّا فعلته بنا هذا المساء ؟

عمّا فعلته أصابعك في الوداع الثقيل ؟

هل حقاً كنت " بقوة ألف حصان "

حتى استطعت في لحظة خاطفة

جرّ كل شعوب الأرض

ولغاتها إلى جنازة واحدة

هل حقاً كنتَ أنت مساء هذا السبت

تضع على سرير نومك الأخير

نظارتك المشبعة بماء الحكمة

وبأنخاب الرؤى بين فلسفة الموت والحياة

هل كنت أنت توزع ياسمينك الأبيض

وزيتونك الأخضر

وقلقك الأسود الطويل

على الحداثة في نص الغيبوبة

وعلى اللغة في نحو مفرداتها

وهي تجرّ فخاخها

عصية على الرحيل

هل مرّ الطوفان على الأرض ثانية؟

لنصدق أن نبياً يشبهنا-

يسكن أرض القصيدة

قد أنقذ فينا بذور الرغبة

كي نظلّ في قصة البقاء..

-6-

اليوم ومن هنا..

على تلة.. فوق أرض كنعان

لا تبعد مسافة مترين أو أقل بقليل من أبدية مطلقة..

ريتا تدرب عصافيرها في حصة عسكرية

على فك وتركيب البندقية

لتطلق يوم الجنازة إحدى وعشرين طلقة

احتفاء بعرس شاعرها

وهو يزف أسماءه الكثيرة إلى الخلد..

اليوم ..على مسافة مترين أو أقل بقليل من أبدية مطلقة..

يدير محمود مهرجان الجنازة

فتشيع التلال خرائطها..لفوهة البركان

تشيع السهول زهر نرجسها..لحرارة الصيف في آب

تشيع حضارات الأرض كتاب دليلها السياحي

لجمرة الضياع بعد غياب البوصلة..

وعلى مقربة أكثر من الأبدية

الورد بكل أسمائه..

يشيع رحيقه للهواء الثقيل

الصحوة تشيع أحلام نومها..

لسطح دالية عنب بعيدة

شمال القلب ينقض هدنة الحياة مع الطبيعة

هنا..

لا خارج التاريخ والأمكنة

كل أشباه الحياة وأضدادها

حاضرة في جنازة محمود إلى الأبدية

حاضرة

لتندحر أمام عصف سكونه الهادئ

ثقل الهواء الفاسد في الأرض..

-7-

هل نصدّق إذاً وكالات الأنباء

وهي تسكب على العقول حليب الذهول

- قمر الأرض قد غاب عبر شريان ضيق في عمق المجرة

- نبي الأشجار والأزهار اغتاله الخريف بحرارة آب خلسة

- بلاد الأرض تعلن أيامها كلها الحداد..

لا .. لن نصدّق ما حدث

ربما أخطاء تقنية في الصوت والصورة

حدثت هذه الليلة على سطح أقمارهم الصناعية

وهل نصدّق غير أن طائر الأبدية هدأت جراحه

فأنزل عن جناحيه قوة الطيران

ليمشي على قدمين من عاج وتراب إلى ماء الخلد يطلب هواء..هواء..هواء..

كيف نصدّق أن كمّه وكيفه الهائلين بالحياة

مرّا عبر شريان ضيق في القلب

لا بد من أطنان حزن غريب

باتت تسكن الطريق من غزة إلى رام الله

ضغطت بموت شديد على زناد المسدس

فغابت عن ضحاياه

سمت الطريق إلى الطريق..

لذلك أراهن يا محمود

إننا لن نحزن

بقدر حزنك على قتلاك من الطرفين

ولن نجاريك بضحكة الرثاء

بعدما رثيت فينا الحضارة

وهي تنحر على أعتاب الفراغ في بعض الرؤوس المائلة

ونراهن إنك الآن في قصيدة الموت الطازجة

تكتب عن خيباتنا

وتذكرنا

إننا الموتى

وإننا الخاسرون..

-8-

فماذا نفعل

إن لم تكن يا محمود

وإيانا من شعراء الأرض نكون

إن لم نعلم قصائدنا

أبجديات الشعر في كلامك الجميل

مَنْ نكون يا محمود

إن لم تكن

ونعلم إننا الآن وبعد مئات السنين

سنتهم بك كلما أيقظنا الوحي على صباح جديد

كيف لا..

وأنت مَنْ جعل ثمار الشعر الناضجة

عالية جداً عن مواسم قطاف الشعراء

وأنت مَنْ علق على بوابة الأرض

" جدارية لأحد عشر كوكباً"

وأزهرت مع اللوز في المطارح البعيدة

وأنت مَنْ سكن مديحه العالي

وسكن لغات الأرض جميعاً..

بينما نسكن اليوم ظلال الفجيعة

نسكن الارتباك

كيف نرتبه لهذا الغياب الثقيل

ونسكن الذهول

كيف سنقود الطبيعة إلى الطبيعة

اليوم.. مساء السبت الأخير

قبل القيامة بقليل

نربي فراشات خوفنا بين أزهار الكلام

ماذا لو جرحتنا برحيق ثقيل

فتسقط في ذبول المعاني

وترتد أقمارنا

عن الدوران في فلك النشيد الجميل..




#مروان_خورشيد_عبد_القادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان خورشيد عبد القادر - في رثاء مديح ظلّك العالي