أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية















المزيد.....

ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية


سامي العباس

الحوار المتمدن-العدد: 2690 - 2009 / 6 / 27 - 08:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بمعزل عن الطابع الإتهامي لمعظم السجالات التي تدور على صفحات الصحف والمواقع الألكترونية أو الفضائيات العربية .وبمعزل عن مدى دقة ومصداقية المعلومات التي يدعّم بها المتساجلون نصوصهم المكتوبة أو الشفهية ,والتي لا نستطيع البت في مدى دقتها .إذ ليست لدينا الإمكانيات ولا المعطيات لالتقاط إبرة الحقيقة من بيدر قش اليوميات السياسية العربية الذي تراكم في العقود الستة الماضية . إلا أن ما أجده أكثر جدوى هو محاولة التعرف على نوعية (النقدية) التي تفصح عنها سجالات النخبة الثقافية العربية المهتمة بالشأن السياسي .والموزعة على المشارب الفكرية الرئيسية :الماركسية والليبرالية والقومية والإسلامية .. نقدية-رغم ماتدعيه من جدة وسائلها المعرفية وطهارة ذيل موضوعيتها - تعيد إلى الاستعمال ما تراكم في الفناء الخلفي للفكر السياسي العربي كروبابيكا, يعاد طلاؤها ومعالجة ما تخلع من مفاصلها ..
عّلة هذا الإصرار على إعادة تجريب المجرّبْ ليس فقط كما يقال :العقل المخّرب ,بل وأيضا لأن هذه الملفات-وأصحابها - لم تحال بعد إلى الأرشيف الذي يسمح للتعامل معهما بعقل بارد . بل مازالت في قلب العراك السياسي والأيديولوجي الراهن..فما يتقاذف به محمد حسنين هيكل(1) ومساجلوه "ليبراليون وإسلاميون "وما يضخه" شهود أحمد منصور على العصر "(2) من معلومات منتزعة من سياق الحياة السياسية السرية للسلالات الحاكمة العربية في النصف الأخير من القرن الماضي - على سبيل المثال لاالحصر - تنقصه النزاهة الفكرية ويتحكم به الهوى وينعدم فيه ما يفصل بين هذا الأخير والحقوق المتساوية للوقائع في الوصول إلى طاولات النقاش ..إلا أن جذورا أعمق للتغييب المستمر لهذه النقدية,تستدعي حفرا أعمق لتعريتها ..وهي جذور تمتح نسغ بقائها من الهويات العمودية القارة, التي شكلتها الذاكرات الجمعية لسكان المنطقة ..فكما يتوقف النقد عند الأسوار الخارجية للذات الفردية ,يتوقف لنفس الأسباب عند الأسوار الخارجية للذات الجمعية ..هكذا تقتصر ممارسة النقد على ماهو خارج الحاكوره الأيديولوجية للجماعة : دينية كانت أم وضعية .. وفي ضوء العودة العارمة للأديان ومشتقاتها من المذاهب والعشائر والطرق الصوفية ..إلخ, إلى العمل السياسي..و بسبب من تشابك الهويات الحديثة والتقليدية في العقود الخمسة أو الستة الماضية - سمحت به طفرة في الوعي أحدثتها الأيديولوجيات الوضعية "ماركسية ,قومية , ليبرالية " في الطابق العلوي لبنية إقتصادية – إجتماعية دأبت على النظر إلى نفسها عموديا : نشأ ما يشبه"ازدواجية تنظيم "لدى المثقف الحديث يمارسه دون أن يرف لوجدانه جفن ..هكذا يتفلت الفكر السياسي الحديث ليس فقط من منهجية تضبط خطواته داخل متاهة المينيتور العربية,بل وأيضاً من الضوابط الأخلاقية التي بدونها لايتبقى في غربال حنطته سوى الزؤان .. فبقليل من التفحص لما بين سطور هذا النص أو هذه السردية لهذا المساجل أو ذاك ,يمكن َتلَقط ْ الإنحيازات التقليدية مشفرة ً ومتلطية ً تحت الإنحيازات الصريحة لهذه الأيديولوجية الحديثة أو تلك ..
تتموضع – فقط - هذه الظاهرة"أي الإزدواجية" في صفوف الكتاب والمثقفين الموزعين على باقة الأيديولوجيات الحديثة... سيما بعد أن راحت تلعب بالرؤوس الحديثة أبخرة الإنتماءات التقليدية التي عادت إلى ضخها بكثافة : مستنقعات الإجتماع العربي –الإسلامي ,عقب ماآلت إليه تجارب التحديث الإشتراكي التي نهض بها جنرالات الفلاحين هنا أو هناك ..
يلجأ المثقف الحديث إلى محاولة " تغطية السموات بالأبوات"* كما يقال في الشام ..فهو المحرج من الظهور تحت بيارق هويته الدينية أو المذهبية ..إلخ . يلجأ إلى تشفير المعاني, وتلبيسها .وحفر مخارج إضافية للهرب على طريقة الثعالب لكي لايلقى القبض عليه متلبساً هويته التقليدية . بينما لايحتاج المثقف التقليدي إلى كل هذه التحوطات لتبطين الكلام ..وهو بهذا المنظار أكثر انسجاما مع نفسه ,وأكثر اتساقا على المستويين العقلي والخلقي مع جماعته الأيديولوجية ..تلك هي في رأيي بيضة قبان التفوق الشعبوي الذي تراكمه ثم تستثمره في حقل السياسة :الأحزاب الدينية ومثقفوها , على مثقفي وأحزاب الحداثة العربية : القومية أو الليبرالية أو الشيوعية ..ويخطئ من يركّب هذه الظاهرة "ظاهرة التفوق الشعبوي "على ظهر تدّين مجتمعاتنا..فالدين في هذه الأخيرة ليس" إبن البارحة" كما يقال ..ولكنه الإنحطاط الأخلاقي للنخبة الحديثة وازدواجية مرجعياتها العقلية ..
هكذا آل سلوك الفئات الحديثة في المنطقة إلى ما آلت إليه مشية الغراب عندما قرر تعلّم مشية الحجل ..أكتفي كمثال على ما أرمي إليه في حديثي :ما آلت إليه مواقف" النخب الحديثة " فيما كان يسمى بلاد الشام , حيال ملف توطين اللاجئين الفلسطينيين. المواقف المبطنة بهواجس دينية ومذهبية مبعثها ضغوطات التنوع الإثني والديني والمذهبي لإجتماع المنطقة المحيطة بفلسطين على عملية الإندماج الوطني داخل الدولة القطرية كما تسميها الأدبيات القومية .. هواجس بكّرت في الإعلان عن نفسها في لبنان. وهاهي تطرح نفسها بقوة في الأردن(3) .ولا زالت مقموعة تحت الخطاب القومي المتشدد للبعث الحاكم في سورية ..
لامهرب من ضرورة فك التشابك بين المرجعيات لإعادة الإتساق للخطابات الحديثة في العالم العربي , لكي يعاد تفعيلها إجتماعياً. وإلا فتباشير هزيمة الحداثة في الأفق. تشير إليها جدلية غيرت َسْمتها منذ عقدين على الأقل ,وتحولت إلى جدلية هابطة بفعل الإستثمار السياسي الكثيف في الدين , وما يفضي إليه من إعادة تفعيل للإنقسامات العمودية. يقول المفكر البحراني محمد جابر الأنصاري في كتابه الهام : العرب والسياسه..جذ ر العطل العميق (على مدار التاريخ الأسلامي لم تستطع الإنقسامات الأفقية ممارسة الحضور المستمر في ( الزمان – المكان) إلى المستوى الذي ينضج عملية الإنتقال نحو نمط إنتاج أرقى .)
كيف يمكن للمثقف الحديث وحزبه السياسي أن يديرا الإتجاه الراهن للعربة :من خيار الدولة الوطنية أو القومية إلى خيار الدولة الدينية التي يحتطب لنيران حروبها الأهلية الإسلام السياسي!!!.دون أن تصفو مشاربه الفكرية/النفسية من عكارة رسوبيات الماضي "التليد"؟!
قبل ذلك لا يمكن للحداثة أن تجبر التاريخ الراهن على التوقف لالتقاط الأنفاس ..



هوامش :
-1- هيكل في برنامجه :تجربة حياة على فضائية الجزيرة .
* - الأبوات :شرائح رقيقة من العجين تحشى بالأرز واللحمة والمكسرات
-2 – برنامج :شاهد على العصر للإخواني أحمد منصور

- 3– انظر كتابات ناهض حتر وكمال خلف الطويل والعربي الغاضب أسعد أبو خليل في جريدة الأخبار اللبنانية ..



#سامي_العباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتجاهات السير في طابقي البنية العربية
- فتح الفلسفات على بعضها كلود ليفي ستروس نموذجاً
- بين حنا مينه وأورهان باموق
- فاتحة أمي
- صرما لوجيا: عينة سريرية من جائحة عامة
- في إعادة تموضع الماركسية في العالم الثالث
- حاجات الشعر
- رسائل وتعليقات على مقالات لزياد الرحباني في جريدة الأخبار ال ...
- ذكريات من ظهر البيدر
- حكايات عن المقاومة :لسناء محيدلي وحميدة الطاهر ..وبقية الشهد ...
- إلهام منصور والأسئلة الممنوعة
- دعوني
- ديك ليبرالي يصدح فوق مزبلة طائفية
- النظام السياسي العربي على مشارف محنة جديدة
- عمق التأثيرات الإسرائيلية على جدلية المحيط العربي
- نقاش حر
- َغرفة من التصوف الإسلامي
- حجاب باتجاهين
- من إغتيال الحريري الى اغتيال مغنية الوجه والقفى لإستراتيجية ...
- التكفير في التجربة الإسلامية


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سامي العباس - ازدواجية المرجعيات :مرض الحداثة العربية