أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فادي الحفار - مدخل في التخير والتسير لفهم معنى الروح والوحي















المزيد.....



مدخل في التخير والتسير لفهم معنى الروح والوحي


محمد فادي الحفار
كاتب وباحث في العقائد والأديان

(Mohammed Fadi Al Haffar)


الحوار المتمدن-العدد: 2683 - 2009 / 6 / 20 - 08:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخي القارء الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوعي هذا أخي الكريم وكما هو حال مواضعي جميعها عبارة عن طرح متكامل ولوحة واحدة ومن الضروري مراجعتها جميعها ومن بينها ( أدم والبشر والإنسان ونظرية التطور في القرآن ) حتى تستطيع أن تكون فكرة كاملة عن ما يعج في رأسي من صورة أراها وأحببت أن أشاركك فيها.
أنا أعلم أخي الكريم بأن أخطائي الإملائية والنحوية كثيرة وقد يحملها علي الكثيرين محمل الجد وكأساس للعلوم للقرآنية بالضرورة ومن أنه لايحق لي الخوض فيها,
غير أن عذري سيدي بأنني لست بأستاذ للغة العربية وإنما أنا مفكر باحث عن أجوبة لتساؤلات طالما أرقتني وأضجت مضجعي بين أمل وخوف وحب وكره وحلم وغضب من جنة ارغب بها ومن جحيم يفزعني ويحول بيني وبين رغباتي وشهواتي على جنة الأرض التي أحيى عليها بمحرامات كثيرة فرضت علي تأكد لي وتقول بأنني صاحب قرار وإختيار من بين مايراه غيري خطأ وصاب وبين ماأراه أنا مجرد قيود مفروضة علي من محيط ومجتمع يحط بي ويتدخل حتى في طريقة تناولي لطعامي ودخولي لحمامي ليشعرني بعدها بأنني ماكنت مخير يوما وإنما أنا عبد حالم بالحرية التي تداعب مخيلتي.
وعليه
فإن موضوع التسير والتخير هذا من المواضيع التي تحتاج منا للبحث الشديد في كل شاردة وواردة فيه لنكون على يقين من معرفتنا لذاتنا وهل نحن عبيد أم أحرار؟
والآن
هل أنا مسير أم مخير؟
ومامعنى أن أكون مخيرا؟
وهل الإختيار هو حرية أم أنه جبرية بأن أختار من بين ماهو موجود؟
اذا
فكون الإنسان مخير بين معطيات قد فرضت عليه فهو شيئ مفروغ منه ....
ولكن أن نقول عنه بأنه يملك الحرية في تغير المعطيات المفروضة عليه وفرض واقع جديد عبارة عن مشيئته هو ورغبته الشخصية فهذا بحث أخر تماما..
وعليه
دعونا نرى وبمقالتي أدناه بإن الإنسان واقع تحت الجبرية الإلهية في الإختيار المقدر عليه من المشيئة الإلهية مما يلغي بدوره فكرة التخير وليصبحه مسير في أن يختار من بين ماهو موجود ....
والأن
ماهو الإختيار من بين ماهو موجود..
وهل تستطيع أن تعاقبني إذا أنا إخترت من بين ماعرضته أنت علي بأن خيرتني به؟
اذا
فإن الإختار من بين ماهو موجود يرفع عني المسؤلية بإختياري - أي كان إختياري - إذا ماكنت مخير فعلا بأن أختار من بين ماهو موجود ....
أي أنني وبحالة كنت مخيرا فنقول بأنه لاوجود للعقاب مع حرية الإختيار من بين ماهو موجود ( وهنا ترانا نطالب بتفسير منطقي لوجود العقاب) .
وأما أن وضعت علي قيود في أن أختار من بين ماهو موجود فأكون مجبر مرة أخرى على إختيار كان قد فرض علي والذي يرفع بدوره التخير عني ويجعلني مسير بأن أختار مافرض علي من بين ماهو موجود.
وعليه
أين هو التخير هنا؟
ألآ ترون معي بأننا مسيرون شأنا أم أبينا نحو إختيار ماهو مفروض علينا؟
قد أرى أحدهم هنا يطرح علي سؤال ويقول:
هل أنت مخير في فعل الخير أم مسير؟
فتراني هنا أطلب منه أن يشرح لي معنى الخير والشر أولآ.
فمن الخير في نظري أن أذبح بقرة أو شاة لأطعم الفقراء من لحمها , غير أن هذا العمل وفي عرف القبعات الخضراء من دعاة حقوق الحيوان هو عمل شر وسفك للدماء كان من الممكن الإستعاضة عنه بما تثمره الأرض - وهو كثير ومتنوع - لآطعم به الفقراء مما يؤكد هنا بأن الخير والشر مجرد كلمات وصور تختلف المعاني فيها بين ناظر وأخر لتكون بعيدة كل البعد عن مصطلح التسير والتخير ولاتصلح لآن تكون أمثلة.
فيعود علي بالقول ويقول:
أنا لا أتعرض لمفهوم الخير باختلاف وجهات النظر إليه , بل اقصد ما تظن أن ماتفعله أنت بنية حسنة هل هو جبر أم اختيار؟
لأقول له بدوري:
دعني أوضح لكم وجهة نظري بشكل أخر
طالعني منذ فترة ليست ببعيدة موضوع لرجل استرالي في العقد السادس من عمره كان قد تزوج بإبنته عن حب وإتفاق بينهما وأنجب منها أربعة أطفال.
والطريف في هذا الموضوع بأن الإبنة البالغة من العمر أربعين عام كانت تعشق أبها عشق المرءة للرجل كما يعشقها هو بدوره عشق الرجل للمرءة.
والأن
فقد حكم القضاء الأسترالي بسجن الأب والأبنة لمدة ثلاث سنوات وأخذو منهم أطفالهم وعهدو بهم لآسر مختلفة ممن لم يحالفها الحظ في الإنجاب لرعايتهم.
وعليه
على أي أساس تشريعي أصدر القضاء الأسترالي حكمه هذا بتجريم الرجل والمرءة اذا كان القضاء الإسترالي علماني ويؤمن بالحرية الشخصية للفرد؟
ومالذي يمنع حالة كهذه من زواج قائم على الحب والاتفاق بين الطرفين ودون أي اكراه يضر بالفرد أو المجتمع؟
اذا
فإنني أعود وأقول بأن موضوع الأخلاق والقيم الإجتماعية قائم على قانون موضوع من أهل القانون وهو مفروض علي كحالة إجتماعية أقرها المجتمع وإن كانت تخالف رغباتي.
اذا
فإن موافقتي على هذا القانون واستسلامي له بعدم الخروج عنه خوف من المسائلة والعقاب يؤكد لي هنا بأن هذا القانون مفروض علي وهو يسيرني في أن أفعل وجهة نظره والتي هي مخالفة لوجهة نظري النابعة عن شهواتي ورغباتي الشخصية التي أراها هنا لاتضير بالمجتمع.
وعليه
فلا يكون الإنسان حر ومخير إلآ اذا أوجد هو قانونه الشخصي الخاص به والذي يراه هو صحيحا من وجهة نظره ودون خوف من مسائلة أو عقاب.
اذا
وبما أن الإنسان كائن إجتماعي يحيى ضمن مجتمع فسيبقى مسير في أفعاله التي تفرضها عليها الجماعة كونه يحيى في نظام إجتماعيي.
وأما الحرية سيدي فلا تكون إلآ مع المتفرد.
ولذلك نقول نحن معشر المؤمنين بالله بأن الإنسان عبد لله كون الله سبحانه وتعالى هو الحر الوحيد وهو المتفرد بما لديه.
وأما الإنسان فهو عبد مسير بقوانين فرضت عليه شاء ذلك أما أبى لآنه مسؤل عن تصرفاته أمام الجماعة.
وعليه
فهل سيصبح الإنسان حر في يوم من الأيام؟
أو هل سيكون الإنسان هو الله في يوم من الأيام ليصبح حر؟
سؤال يطرح نفسه.
وهنا
أرى محاوري وقد عاد علي بسؤال جديد يقول فيه:
سأضرب لك مثلا صغير جدا حتى لا نتشتت في الحوار وأقول:
شاهدت أنت رجل فقير فأعطيته صدقة من المال، فهل في هذا جبر أم اختيار؟
فأقول له بدوري بأن مثله هذا سيجعلنا نتطرق للدافع الذي دفعني لأن أفضل هذا الفقير عن نفسي ولو في أصغر متطلباتها.
فأنا وقبل أن أقابل هذا الرجل الفقير كنت أنوي أن أشتري علبة سجائر أستمتع بها , غير أنني غيرت رأي عندما قابلت هذه الحالة ووجدت بأن حاجته للمال ليشتري به بضعة لقيمات يسد بها رمقه أكثر من حاجتي له لشراء سجائري.
وعليه
من الذي جعل هذا الفقير فقير في مجتمع طبقي ( امم وقبائل لتعارفو ) ليجعلني بعدها مسير ذاتيا وأخلاقي لأدفع له بمالي والذي هو سبيلي لتحقيق رغابتي من شرائي لسجائري بأن فضلته بقيمتها عن نفسي؟
اذا
فإن الدافع الذي دفعني ووجهني هذا التوجه هو المجتمع ومازرعه فينا من قيم وقوانين وأعراف لم أضعها أنا , فبعض الحيوانات والأسماك على رأسها تأكل صغارها من أجل ذاتها ومصلحة بقائها.
وهذا القانون مفروض علي وبحكم انني كائن اجتماعي مفكر يدرك معنى المفاضلة وضروريات الحياة والتي هي قيمة مطلقة من رغبة دفينة عند الجميع بحب البقاء والخلود تجعلني أفكر بغيري وأفكر بأنه قد يتعرض للموت الذي لاأرغب به لنفسي لآنني أرى فيه الظلم كله.
اذا
فإن كل سكنة من سكنات حياتنا محكومة بقونين دقيقة جدا لابد لنا من الخوض فيها لنتعرف عليها.
فليس حتميا أن نقول بأنه في حالت عدم معرفتنا بوجود هذا القانون هو تأكيد قطعي على عدم وجوده.
فالقوانين كثيرة عزيزي وهي موجودة وأزلية كأزلية الله , وأما نحن فمكتشفين لهذه القوانين الموجودة أصلا.
وإكتشافتنا هذه لها هي من تجعل من بعضنا علماء ومخترعين ومجددين وحتى أنبياء ورسل.
وعليه
فكل قانون موضوع هو تسير لي ضمن منظومة محكمة.
أي أنني أنا الإنسان مسير وحتى ذاتيا ضمن هذه القوانين الموضوعة.
ولايوجد صاحب مشيئة حرة في الإختيار إلآ واضع هذه القوانين.
أي أنه لايوجد مشيأتان في هذا الكون وإن هي إلآ مشيئة واحدة لاخروج عنها.
((( وماتشاؤن إلآ يشاء الله رب العالمين )))
((( وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى )))
فكوني تصدقت بمالي أو احتفظت به لنفسي لايعني بأنني مخير, وهذا ماأحاول أن أوصله لكم.
فإنا وبكلتا الحالتين واقع تحت تأثير قانون ما من القوانين.
فعندما فضلته على نفسي أكون واقع تحت تأثير قانون الجماعة على الفرد ضمن القانون الأساس وهو حب البقاء والذي جعلني أفكر بغيري.
كما وأنه وعندما أفضل نفسي عنه فأكون أيضا واقع تحت تأثير قانون الأنا والمحكوم أيضا بقانون حب البقاء.
أي أنني مسير بجميع الحالات بسبب حب البقاء والذي هو غريزة فينا مما يرفع عني الذنب في تصرفاتي كوني لاأصنع مشيئتي وإنما أنا محكوم بمشيئة غيري.
فأصل الحرية هي أن أصل للخلود وأقتل كل مخاوفي من الموت , وعندها فقط أستطيع أن أقول بأنني حر.
فدعنا أولا نصل للخلود لترى بأن جميع القوانين الوضعية من حب ورحمة وإيمان زائف بالله تتهاوى الواحدة تللو الأخرى.
أم أنك تظن بأن المسيح والذي يعتبر مثال للحب والتسامح والتضحية بقادر على يفدي أحد هناك في دار الخلود؟
لا عزيزي القارء الكريم..
ماهكذا تورد الإبل..
لأن أي تضحيحة من التضحيات مهما كبرت أوصغرت لاقيمة لها في عالمنا هذا والقائم على الموت لإن الذي يضحي هنا واقع تحت قانون الإيمان بأنه سيحيى مرة أخرى في عالم البقاء مما يؤكد بأنه لم يضحي بشيئ من وهم اسمه الحياة طالم أن الحقيقة الوحيدة هي الموت.
وعليه
فلو جاء يوم الخلود وجيئ بالجنة وجهنم فهل تظن بأن السيد المسيح أو محمد أو أي عظيم من عظماء الرحمة سيفديك هناك ليدخل جهنم خالد فيها عوض عنك؟
دعني أقولها لك وخذها مني حكمة.
والله إننا جميعنا هناك وفي موقف عصيب كهذا سنقول نفسي نفسي بما فينا محمد والمسيح وأمي.
فلا يوجد شيفع ولايوجد فادي إلآ الله تبارك وتعالى وحده لآنه وحده صاحب المشيئة وجميعنا ضمن هذه المشيئة مما يرفع عنا الخطيئة من أساسها كوننا في عالم التجربة والبحث عن الخلود ولآن التجربة قائمة على الخطأ الصواب والذي هو حق محفوظ من حقوق الباحث.
فيعود علي محاوري مرة أخرى هنا ويقول:
ان كنا نتكلم عن الاحتمالات و محدوديتها فلا خلاف، لكن تركيزي كله عن الفعل ذاته داخل دائرة الاحتمالات المحددة، هنا تقع حرية الإختيار وهذا ماأتكلم عنه, نعم أنت محدود بالاختيارات اما هذه أو هذه أو تلك لكن في النهاية أنت حر قرارك و تصرفاتك، ان اصبت احسنت و ان اخطأت اسأت هنا حرية الاختيار بلا أي نوع من الجبرية.
لأقول له بدوري التالي:
وأنا أيضا أتكلم عن الفعل ذاته داخل دائرة الإحتمالات المحدودة.
فكون الإنسان مخير بين معطيات قد فرضت عليه هو شيئ مفروغ منه.
ولكن
هل إختياره هذا يدرج تحت قائمة الحرية أم أنه جبرية بأن يختار من بين ماهو موجود؟
هنا يكمن السؤال الذي سيوضح لكم الفارق بين الحرية والجبرية عزيزي.
فالحرية تكمن في تغير المعطيات المفروضة على الإنسان وفرض واقع جديد عبارة عن مشيئته هو ورغبته الشخصية هو في الخلود والقوة والتميز وبأن يصبح إله ليكون حر.
وعليه
فالإنسان واقع تحت الجبرية الإلهية في الإختيار المقدر عليه من المشيئة الإلهية مما يلغي بدوره فكرة التخير وليصبحه مسير في أن يختار من بين ماهو موجود.
والأن
ماهي هذه الجبرية الإلهية وكيف وجدت؟
وهل هي قائمة على الجميع وبحيث تصبح قانون عام وعادل لاتميز به؟
دعنا نرى...
نعلم جميعنا بأن الإنسان العاقل المسؤل عن تصرفاته أمام نفسه وامام المجتمع عبارة عن معلومات خطة في ذاكرته من لحظة ولادته وبحيث يبداء بإدراك الأصوات والصور التي تحيط به في بيته ومجتمعه ومحيطه.
فالذي يولد في مجاهل أفريقيا وبين بعض قبائلها تكون أعرافه وتقليده تقول له بأن المحبة وتخليد ذكرى الموتى تكمن في أكل جثثهم لضمان بقائهم أحياء في أجساد محبيهم, أي أنه فعل خير بالنسبة له قائم على الوفاء للأحبة...
ولكن هذا الفعل يراه من ولد في الإسلام وعلى شريعتها فعل شر واشراك بالله ووثنية وغيرها.
وعليه
فإن فعل الخير الذي أقوم به أنا مبني على أعارف وقوانين موضوعة لي من إله الجماعة الذي أنتمي لها بأن أبصرت نور الحياة ضمنها.
وخروجي عن هذه الجماعة وأفكارها لأتبنى غيرها هو خروج عن إلآهها الذي تعبده , أي أنه قرار يداعب فكرة الحرية عندي ويوحي لي بأنني حر في قراري هذا والذي إذا مابحثت فيه جيد فسأراه نتيجة لآخطاء الجماعة التي زرعت أعراف غير منطقية في عقلي جعلتني أصتضم بواقع ومنطق مخالف لمنطقها من أفكار جديدة تبنيتها.
ولكن
كيف توصل لفكري وأنا الإنسان الساكن في مجاهل أفريقا تلك الأفكار لجماعات أخرى جعلتني أعيد حساباتي بين مقارنة واستنتاج؟
هنا يأتي عزيزي دور تواصل الجماعات والحضارات الذي قال فيه المولى تبارك وتعالى:

((( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ))) الحجرات 13

فالذي خلقنا وجعلنا شعوبا وقبائل مختلفة التوجهات والعقائد هو الله سبحانه وتعالى...
ومن غير المنطقي أن يحاسب الله جعلته على جعلها التي هي عليها كونه هو جاعلها.
كما وأن أكرمنا عنده هو أتقانا وليس بالضرورة أن يكون مسلم أو مسيحي أو يهودي لقوله هنا ( أكرمكم أتقاكم ) ودون أن يحدد له عرف أو قومية ينتمي لها.
فالتقى يكمن في الإيمان , والإيمان يكمن في أن تكون مؤمن بما أنت عليه من جعلت الله لك ( معرفة الذات ومصارحتها برغباتها دون نفاق ) بأن تدرك نفسك ومكمن رغباتها ( ونفس وماسواها فألهمها فجورها وتقوها) فملهم الفجور والتقوى للنفس هو الله , ودورنا يكمن في بحثنا عن معنى الفجور والتقوى بميزان العدل من وجهة نظر الباحث المؤمن الذي صارح نفسه ودون العودة لميزان الجماعة والذي قد يكون ملعوب فيه ( أرجو العودة هنا لموضوع ملكات اليمين لتتضح لكم صورة العدل ).
اذا
فإن دور الحضارات وإختلافها أساسي في الوصول للحكمة.
فمن جماعة كانت معزولة ومغلقة على نفسها تجعلني أرى الخطأ والصواب من خلال فكرها ومعتقداتها ومنظارها للأمور إلى جماعة أخرى ترى الأمور بمنظار أخر.
أي أنه ولكي أكون حر بمعنى الكلمة في الإختيار من بين ماهو موجود من معتقدات وأفكار للخير والشر والذي هو خاص بنظرة الجماعات له فلا بد أن يكون صانع هذه الأعراف وواضع قوانينها هو كائن واحد يؤمن بالتنوع والإختلاف طريق للحكمة.
وعليه
فهل تستطيع أن تدرك هنا بأن واضع القانون العقائدي للقبائل الإفريقية هو ذاته واضع القانون العقائدي بالنسبة للقبائل العربية؟
لو أدركت هذا فتكون حقا قد أدركت الآية الكريمة التي أوردتها لك من إن إختلاف التوجهات هو مشيئة الله.
فعن نفسي عزيزي القارء الكريم وكقرآني أدرك حكمة القرآن الكريم فإنني مؤمن من أن ربي هو رب الوجهات جميعها ومن أن العقاب سيكون هنا فقط وفي هذه الحياة الدنيا كضريبة إختيارنا الوحيد والذي هو رغبتنا في الخلود ومن أننا سنرتدي أجساد جديدة كلما اهترأت أجسادنا في هذا الجحيم ( دار البلاء والتجربة والتي هي الحياة الدنيا ) حتى نصل لمفهوم معنى السلام هنا وعلى الأرض فتفتح لنا حينها أبواب النعيم في دار المقيم والذي هو دار سلام.
أي أنه لابد لنا من أن نصل للسلام هنا حتى نستحق السلام والخلود هناك.
وعليه
فإن الإختار من بين ماهو موجود يرفع عني المسؤلية بإختياري هذا- أي كان اختياري - بأن أختار من بين ماهو موجود وبحيث يكون واضع هذه الموجودات كائن واحد ( الله رب الوجهات ) وليس أشخاص متعددين ومختلفين ( ألهة متعددة ) وبحيث أنني واذا ما خرجت عن جماعتي لجماعة أخرى أمنت بأفكارها وتوجهاتها فلن يعاقبني واضع هذه القوانين والموجودات لإنني لم أخرج عن موجوداته وانما اخترت موجود من بين موجوداته وفضلته عن غيره.
وعليه
ومن أجل تطور سليم وحرية حقيقة في الإختيار من بين ماهو موجود فلابد من أن يكون واضع هذه الموجودات كائن واحد يؤمن بالإختلاف وتعدد الوجهات.

((( ولله المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه الله ان الله واسع عليم ))) البقرة 115

اذا
فإن وجه الله سبحانه وتعالى موجود في كل شيئ وفي كل مكان بين المشرق والمغرب وعبادتك له تكون صحيحة أينما كنت وكيفما كانت إذا كنت تريد بها وجه تبارك وتعالى من حب وسلام ورحمة وعدل.
نعم
قد تعاقبني جماعتي بجهلها للحقيقة اذا ماخرجت عنها ,وربما أدفع حياتي ثمن لهذا, غير أن جماعتي الجديدة ستفرح بإنتمائي لها وقد تحمني من جماعتي الأولى وهذا هو الثمن أو الضريبة التي تحدثت عنها في حالت إختياري من بين ماهو موجود وفي سبيل أن أثبت لنفسي قبل غيري بأنني حر في إختيار عقيدتي وإيماني..
وفي هذه الحالة فقط ومن كوني حر في أن أختار من بين هو موجود ودون الخوف ممن أوجد هذا الموجود مع وجود الخوف من جماعتي على نفس فإنني أستطيع أن أقول لك بأنني حر.
ولكن
ماذا سيكون الحال لو كان واضع هذه القوانين ألهة مختلفة وبحيث تكون فرقة واحدة من بين جميع هذه الفرق هي التي على صواب من أمرها؟
أكون قد أفلت من عقاب جماعتي هنا التي ارتددت عن معتقداتها لأقع هناك وفي دار الخلود بين يدي رب هذه الجماعة وواضع قوانينها ليقتص مني شر قصاص.
إذا
فالذي أعرفه خير من الذي أتعرف عليه كوني قد عاشرته صغير وكون أبائي وأجدادي عاشو وماتو عليه ( رأي قريش ورأي كل رافض للتجديد ) .
أي إنني سأفضل حينها أن أبقى على ماأنا عليه من عقيدة غير مقنعة ودون رغبة مني في التطور لآنني أخاف من المجهول ومن إختيار خاطئ خارج هذه الجماعة يجعلني أندم اذا ماكنت جماعتي والتي خرجت عنها على صواب من أمرها.
وعليه
ومن أجل تطور سليم وحرية حقيقة في الإختيار من بين ماهو موجود فلابد من أن يكون واضع هذه الموجودات كائن واحد يؤمن بالإختلاف وتعدد الوجهات وهو الله سبحانه وتعالى عندنا وقد يكون الرب أو بوذا بالنسبة لغيرنا فجميعها مسميات لصانع عظيم يريد الخير كل الخير للإنسان.
وعليه
وفي حالت أنني كنت مخيرا فعلا في أن أختار من بين ماهو موجود فنقول حينها بأنه لاوجود للعقاب مع حرية الإختيار من بين ماهو موجود.
وأما أن وضعت علي قيود في أن أختار من بين ماهو موجود فأكون مجبر مرة أخرى على إختيار ماهو مفروض علي والذي يرفع بدوره التخير عني ويجعلني مسير بأن أختار مافرض علي من بين ماهو موجود لآكون معفي من المسائلة كوني لم أختر مشيئتي وإنما ضمن مشيئة غيري.
والأن أقول:
لو أمنت معي بأن كل أنواع العبادات مصدرها ومنتهاها هو الله سبحانه وتعالى فستكون حينها حر بمعنى الكلمة بإختيارك من بين ماهو موجود ومن أنه سيوصلك حتما للذي أوجد هذا الموجود والذي هو الله سبحانه وتعالى فتقتل بذلك في نفسك ذالك الخوف من المجهول ومن الخطأ في الإختيار لإنه لم يعد مجهول أو خطأ في الإختيار كون الله سبحانه وتعالى موجود في كل مكان.
اذا
فإما أن نقول بإله واحد هو من أوجد الخير الشر وبحيث يكون الخير شر في بعض الجهات ليكون الشر خير في جهات أخرى كما هو الليل والنهار آية لنا وكيف نتبادله مع من هم يخالفوننا العقيدة ولتكون حياتنا هذه عبارة عن مرحلة لحياة بعدها مرة أخرى على الأرض وبدور جديد حتى نصل لآن يعم السلام الأرض ويصبح الإنسان على قلب رجل واحد (( وماخلقكم ولابعثكم الا كنفس واحدة ان الله سميع بصير )) لقمان 28
وإما أن نقول بوجود ألهة مختلفة هي في صراع بينها حتى الأن ولم يحسم الموقف بعد وما نحن سوى متفرجين ( مسيرين ضمن هذا العرض ) وبحيث سينتصر في يوم من الأيام أحد هذه الألهة ليفرح به أنصاره بينما تحل اللعنة والمعتقلات والعذاب على مخالفيه.
ولك الإختيار عزيزي القارء هنا لآنه لاخروج لك عن طرحي هذا..
فإما إله واحد هو رب الوجهات جمعيها مما يضمن لك مقعد في جنته ونعيمه وبحيث أن حيواتنا المتكررة على الأرض هي دليل نمو وتطور حتى نستحق شهادة الحكمة وكما هو حال أطفالنا من دراستهم لمواد مختلفة وفي فصول ومراحل علمية مختلفة (( لتركبن طبق عن طبق )) وإما هي حياة واحدة وألهة متعددة في صراع بينها ويكون أملك هنا بأن ينتصر إلهك فقط .
وهنا
يعود محاوري مرة أخرى ويقول لي التالي:
يجب أن يبدأ سؤال الحرية من هنا ..هل خلقنا الله بإرادتنا أم لا !؟
وكيف يخلقنا بإرادتنا و نحن لم نكن موجودين أصلاً !؟
الجواب هنا ( مشكلة الحرية الميتافيزيقية )
و إذا لم يكن الجواب مقنعاً , فما علينا إلا الانتظار حتى يأتي تأويله.

وهنا يأتيه جوابي على النحو التالي:
لا ادري عزيزي على أي أساس إعتمدتم بداية لسؤالنا عن الحرية من أنها لحظة خلقنا؟
ولماذا لانقول بأن لحظة خلقنا هي بداية العبودية وبداية التسير؟
وعليه
أنتم تعلمون عزيزي بأن الإنسان يحيى بالروح ....
وهذا الروح هي روح الله التي ترتدي كساء مجسد بقوله (( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي )) ..
اذا
فقد سوى الله الجسد ثم نفخ فيه من روحه فأصبح الإنسان نفس حية تتحرك ...
أي أن الذي يقود هذا الجسد ويحركه هو روح الله الموجودة فيه ...
وهذه الروح ليست بمخلوق وإنما موجود أزلي كما هو الله لإنها روح الله ...
وإن قلنا عنها بأنها مخلوق لآصبح الله مخلوق كون روحه مخلوق ...
كأن نقول مثلا بأن السيارة قابلة للحركة منذ لحظة صنعها في مصنعها ,
غير أنها بحاجة لمن يجلس خلف مقودها لكي تتحرك ...
اذا
فإن الجسد قابل للحركة عند إنتهاء صنعه في مصنعه , غير أنه بحاجة لمن يسيره ويقوده ليتحرك ...
وعليه
أين هي العبودية وأين هي الحرية في قيادتي لجسدي أو لسيارتي؟
هنا يكمن السؤال عزيزي ....
فسيارتي كنت قد إخترعتها لآهداف معينة ....
وهذه الأهداف قد تقيد حريتي في بعض جوانبها ...
فسيارتي مثلا لاتستطيع أن تصعد درج المبنى حيث شقتي ...
كما وأنها لاتستطيع أن تناور بحركة سريعة كما هو جسدي ..
وعليه
فإنني وفي أثناء قيادتي لسيارتي محكوم بقوانين الصانع الذي صنع هذه السيارة من سرعة محددة وغيراها , ناهيك عن الطرق المخصصة لها للسير عليها ...
إذا
فإن عدم فهمنا الكلي لقوانين الجسد الذي ترتديه روح الله فينا لايمنع من وجود هذه القوانين ..
كما وأن عدم إدركنا للطرق المخصصة لهذا الجسد ليسير عليها وضمنها ودون الخروج عنها لايمنع من وجود هذه الطرق ..
فنحن مسيرون دائما وأبدا من واضع هذه القوانين ...
ودورنا يكمن في فهمنا وإكتشفنا لهذه القوانين - كونها موجودة وإن لم نكن نراها حاليا - للتعامل معها , ولنفهم أيضا وجهة نظر واضعها ونقرها ونعتمدها جميعنا من أنها صحيحة فيعم الروح الكلي - روح الله والروح المنفوخة في الإنسان - السلام المطلق بموافقة كل خلجة من خلجات الروح على القانون الموضوع منها وبإرادتها الكلية وقبل أن يصبح الكل جزء فينسى مؤقتا قرار الكل وقوانينه الموضوعة في سبيل أن يعود الجزء للكل ( شاء أم أبى مسلم في عودته ) عودة مضمونة كون الكل يخشى على الجزء من التيه ومن تعلقه بمصنوعاته والتي قد لايرغب بمفارقتها كونه قائم على الحب وكون مفارقتها أمر لابد منه لآنها مصنوعات لها عمر محدد وليست مثله بأزليته.
فيعود علي محاوري مرة أخرى ويقول:
أنت أتيت بمثال السيارة هنا وهو مثال لا يصلح لمثل هذا الموقف.
تقول بأن السيارة مسيرة ونحن كذلك!
حسناً ..
هنا تكمن المشكلة؟
فاصانع السيارة يعلم جيداً بأن السيارة لا تصعد الى الشقة ولا يمكنها الطيران وبالرغم من ذلك يصنعها ...
يأتي دورك الأن تذهب لتشتري سيارة وبملئ أراداتك وعلمك أن السيارة التي تشتريها لا يمكنها الصعود الى الشقة أو ماشابه ذلك؟
ولكنك تشتريها ....
حسناً هل يحق لك أن تقول للسيارة أصعدي للشقة وإلا أحرقتكِ ؟!
طبعاً لا .....
فكرو قليلا وتأملو كثيرا في هذا الظلم الواقع علينا من إله يريد حرقنا ونحن مسيرين...

فأقول له بدوري التالي:
عزيزي
نسيت أن تذكر لنا بأن السيارة وبعد إستهلاكها تذهب لمكسر الحديد ثم يصهر الحديد مرة أخرى لإعادة إستخدامه في سيارات جديدة..
وعليه
فلماذا هذه القسوة أيها الإنسان على السيارة التي هي صنع يديك وكانت قد خدمتكم عقود وعقود بأن تعيدها إلى مكسر الحديد والصهر؟
مكان جسدك أيها الإنسان هو الترب وفي باطن الأرض الذي أخرج منها وربما في البراكين أيضا...
وسيعود للتصنيع مرة أخرى حتى ترتدي روح الله فينا رداء جديد يناسبها ويناسب تطورها في طريق الحكمة والخلود..
وأما روحك فهي مع أصلها لآن الروح واحدة..
أم أنك تملك آية واحدة تقول بعذاب الروح؟
فيقول لي هنا:
ما الفرق بين الروح و النفس؟
وما هو الوحي؟
و كيف تفهم الآيات القرآنية التي تشير إلى العذاب المتواصل و حديث أهل النار و أهل الجنة؟
و ما تعريفك ليوم القيامة؟
وعليه
فإن موضوعنا القادم سيكون حول الروح والنفس والوحي وأرجو منك أخي القارء الكريم أن تكون متابع له.

كل الود والإحترام للجميع.



#محمد_فادي_الحفار (هاشتاغ)       Mohammed_Fadi_Al_Haffar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خوفو وخفرع ومن قرع ورسالات الله السماوية
- البشر وأدم والإنسان ونظرية التطور في القرآن
- هل الذكر اسم خاص بالقرآن الكريم وحده؟؟
- بدعة الناسخ والمنسوخ من كلام الله تبارك وتعالى
- الإجهاض ولو قبل ساعات من الولادة حق محفوظ من حقوق الإنسان في ...
- أنت رجل مسلم ؟؟؟ اذا فإضرب زوجتك فهذا حقك !!!!
- العلة في ملكات اليمين


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فادي الحفار - مدخل في التخير والتسير لفهم معنى الروح والوحي