أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جميل السلحوت - مراوغة الجدران في ندوة اليوم السابع















المزيد.....



مراوغة الجدران في ندوة اليوم السابع


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2682 - 2009 / 6 / 19 - 03:13
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


استضافت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس الاديبة الواعدة نسب أديب حسين وناقشت مجموعتها القصصية الأولى " مراوغة الجدران " الصادرة عن دار الهدى في كفر قرع في نيسان 2009 وتقع في 188 صفحة من الحجم المتوسط، وتحوي خمس قصص قصيرة .

بدأ النقاش مشرف الندوة الكاتب جميل السلحوت فقال:

نسب أديب حسين زهرة من قرية الرّامة في الجليل الفلسطيني في بداية العشرينات من عمرها، تدرس الصيدلة في الجامعة العبرية في القدس، صدرت لها رواية( الحياة الصاخبة) عام 2005 وهي لم تتجاوز الثامنة عشرة من عمرها، وها نحن أمام مجموعتها القصصية الأولى (مراوغة الجدران)وزهرتنا نسب من عائلة مصابة " بفيروس " الأدب ، فعمها الأديب والناقد المعروف نبيه القاسم ، وقريبها الشاعر الكبير سميح القاسم، وأديبتنا لا تضع اسم العائلة في آخر اسمها ، وكأنها تريد الاستقلالية الذاتية ، ولا تريد أن ينظر الآخرون الى ابداعها مقروناً باسم قريب مهما علا شأنه ، وكأني بها تردد الحكمة القائلة :

ليس الفتى من يقول كان أبي *** انما الفتى من يقول ها أنا

ومع أنني أوافقها الرأي في ذلك ، الا أنه كان لا بد من الاشارة اليه لأن الانسان يبقى ابن بيئته ، ولا مناص له في الابتعاد عن هذه البيئة ، وبما أنني من المؤمنين بأن الأديب يكتب جزءاً من حياته أو من سيرته الذاتية في مختلف كتاباته ، وأنني من المؤمنين بأن معرفة القارىء لحياة الكاتب سيساعده في فهم نصوصه الابداعية كان لا بُدّ من ذكر أن أديبتنا الواعده عاشت يتيمة، حيث توفي والدها وهي طفلة صغيرة، وقد انعكس ذلك بشكل واضح في كتاباتها، مستفيدة من تجربتها في اليُتم ، سواء كانت تقصد ذلك أم لم تقصده، وهذا هو الابداع المولود من رحم المعاناة .

والقارىء لقصص أديبتنا سيجد أنها روائية أكثر منها قاصة، فالنفس الروائي يطغى على قصصها بشكل لافت، من حيث البناء القصصي أو الزمان الذي تدور فيه القصة، حيث أن بعض قصصها تدور على مدار عدة سنوات ، وفي عدة أمكنة ، كما أن طول بعض قصصها يعطيها بعداً روائياً ، فقصة(شراع في عاصفة) تمتد في أربع وخمسين صفحة، في حين قصة(مراوغة الجدران) تمتد في خمس وثمانين صفحة، وتطرقها الى الأمور الصغيرة والعابرة ودقة التفاصيل، والخوض في المشاعر وأحاسيس أبطال قصصها كلها أمور من مقومات الرواية، ويبدو أن انشغال أديبتنا في دراسة الصيدلة، وضيق وقتها الذي يحاصرها كي تتفرغ لدراستها قد دفعها الى كتابة القصة، ومع ذلك فانني متأكد أن مستقبلها الابداعي سيكون مع الرواية لا مع القصة،وان كانت ستبدع في كليهما .

وفي مجموعة ( مراوغة الجدران ) القصصية التي نحن بصددها فإننا سنجد أن الكاتبة غرفت مضامينها من بحر الواقع الذي تعيشه هي وشعبها وأبناء أمتها، وهذا لا يعني مطلقاً أنها كانت ناقلة أمينة لهذا الواقع، وإلا لما كتبت أدباً ، لكنها استفادت من أحداث الواقع ، وأشغلت خيالها ولغتها الجميلين وأبدعت لنا قصصاً رفيعاً .

وكاتبتنا تفتتح مجموعتها بالاهداء : " الى من علمني التراكض بين الظل والنور وكيف أكون الى النور أقرب .. اليك .. " فمن هو معلمها هذا؟ وبغض النظر عمّن يكون الا أنه كان قدوة لها وله دور في حياتها، وقد فهمت من الاهداء الذي يحتمل عدة تفسيرات أن هذا المخاطب القدوة قد يكون من دفعها الى تحقيق ذاتها من خلال شدّه على يديها، وتشجيعه لها في الكتابة الأدبية أو في التحصيل العلمي، أو في كليهما معاً، وهذا يعبر عن طموح الكاتبة أن لا تبقى في الظل، وأنها تطمح في النجومية، ونحن هنا لا يسعنا إلا أن نتمنى لها النجومية في عالم الابداع الأدبي وفي علم الصيدلة .

قصة شراع في عاصفة :

تتحدث القصة عن طفلين ماتت أمهما، وكان كبيرهما وديع في السابعة من عمره وشقيقه مهند في الرابعة، واضطر والدهما للزواج من أخرى لأنه لم يعد في البيت من يعتني بالطفلين بعد زواج عمتهما، غير أن زوجة الأب هذه لم ترحم طفولتهما، كما لم ترحم فقدانهما لوالدتهما (راحت تزداد قسوة وصرامة، وتقوم بضربه وسحبه في دورة المياه لأتفه الأسباب.)ص 14 ولم يكن الوالد يعلم شيئاً من سوء معاملة زوجته لأبنائه، الى أن جاء يوم ماطر أجبرت فيه وديع على الخروج من البيت لاحضار أخشاب للمدفأة، وعندما لم يستطع حمل سوى قطعة واحدة لم تسمح له بدخول البيت، وطردته ليحضر المزيد من الخشب، فهام على وجهه الى أن التقطه أحد أصدقاء أبيه وهو في وضع صعب،واصطحبه معه الى البيت، وعندما عاد والده الى البيت وسأل عنه، أجابته:(أنا لم أطلب منه هذا، بل هو أصر على الخروج )ص 17 وعندما اتصل الصديق بالوالد ليخبره أن ابنه عنده، وعرف من ابنه الحقيقة عاد الى البيت(صمت لحظة ليستجمع أنفاسه ثم صرخ بها: أنت طالق، طالق ،طالق.) ص 21 وعاش الأطفال في كنف والدهما، وكانت عمتهما المتزوجة تزورهما مرة في الشهر، تنظف البيت وتغسل الملابس وتطبخ لهما، غير أن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، حيث دخل والدهما السجن(بعد أن تم القاء القبض عليه بسبب ديون من خلال أعماله التجارية) وحكم عليه بالسجن عشرين شهراً ، ولم يحتمل زوج عمتهما مكوثهما في بيته أكثر من أسبوعين، فوضعهما دون ارادة زوجته في مؤسسة تعنى بالأطفال في مثل هكذا أوضاع، والتحقا بمدرسة القرية وكانا ينامان ويأكلان في مؤسسة رعاية الأطفال، وهناك كان يرفض أن يعامل بشفقة أو كأنه مسكين، وشعر بمسؤولية كبيرة تجاه أخيه(انه الآن وحيد وتقع عليه مسؤولية الاهتمام بأخيه) ص37 وفي المدرسة وجد رعاية خاصة من المعلمة نور ووجد فيها الأمّ البديلة، وعندما عاد الى البيت في احدى الاجازات زار قبر أمّه، وهبط على القبر باكياً وصارخاً(آهٍ يا أمّي الحبيبة، ليتك تعودين) ص43 وفي عيد الأمّ أحضر زهرة برية وقدمها الى معلمته نور(وقال: كل عام وأنتِ بخير .. يا أمّي) وهنا رأى ينابيع من الحنان في عينيها ........ أخذت الزهرة وضعت اليد الأخرى على جبينه وقالت: شكرا يا بني) ص 59 وبعد الدوام المدرسي جمع باقة من الزهور البرية، وركض تحت المطر باتجاه قبر أمّه، وعندما وقع بصره على القبر(صرخ بكل ما تبقى من قوة: آه يا أمّي الحبيبة .. وسقط) ص 61 وهنا تنتهي القصة .. ولم أفهم هنا معنى السقوط ، فهل سقط نتيجة التعب والارهاق والألم؟ أم سقط شوقاً الى والدته وحزناً عليها؟ أم سقط مغشياً عليه أم سقط ميتاً؟ أم ماذا؟ ويلاحظ أن القصة انتهت قبل خروج الوالد من السجن ، وقبل نهاية العام الدراسي ، وقبل أن تستقر أوضاع الطفلين ، أيّ أن هذه النهاية مفتوحة وعلى كل قارىء أن يتصورها كيفما يشاء، فالكاتبة كتبت صفحات من حياة يتيم ، وانعكاس اليُتم على نفسية الطفل، وعذاباته الناتجة عن فراق والدته، وشوقه الى هذه الراحلة ، وعدم تقبل زوجة الأب لأبناء زوجها وكذلك عدم تقبلهم لها، وفي القصة دعوة غير مباشرة للآخرين بالعناية بالأطفال الأيتام بوعي وكواجب، وليس من باب الشفقة، لأن الشفقة فيها مسّ بالمشاعر ولا يقبلها الطفل اليتيم.



أنين عند الشاطىء :

هذه القصة تشكل حالة انسانية انتقتها أديبتنا من أرض الواقع، وتكاد تكون موجودة في كل تجمع سكاني في بلادنا، وهي زجّ أحد أبناء الأسرة– وغالباً ما يكون الأخ الأكبر– في العمل قبل أن ينهي دراسته للمساعدة في تعليم بقية أشقائه، وعندما يتعلمون ويعملون ويتبوأون مناصب رفيعة يديرون ظهر المجن للأخ الذي ساعدهم وحتى لوالديهم .

وقد اختارت أديبتنا لقصتها العم أبا جابر الذي انتهى به المطاف بائعاً للترمس والذرة على شاطىء عكا كي يعيل أسرته، بعد أن أفنى حياته يكدح في سبيل تعليم اخوته، وأحدهم " جاسر " أصبح طبيباً ، ولم يقدم المساعدة المطلوبة لأخيه الذي علمه، خصوصاً بعدما(سقط أثناء عمله من على ذلك العلو الشاهق، استغرب كل من علم بالأمر كيف نجا وبقي على قيد الحياة، وحمد كل من أحبه ربه أن الأمر انقضى على كسور في رجليه وذراعيه وضلعين فقط) ص 72 ومع ذلك بقي يحمل هموم وأعباء تعليم شقيقته التي تحتاج الى عامين حتى تنهي تعليمها الجامعي، وتعليم أخيه الذي يقف على أبواب التعليم الجامعي. ورغم معارضته ذهبت والدته الى عيادة ابنها الدكتور جاسر لطلب المساعدة،وعندما عادت قالت بحرقة وألم:( لما دخلت غرفة الانتظار في عيادته، كان في مريض واحد برّه، ولما فات قلت للسكرتيرة اني أمّه وبدّي أشوفه، فاتت وأجت جايبيتلي عشرين ليرة .. وقالت إنو ما بقدر يشوفني لأنه مشغول كثير ما معه إسّا غير هذا.)

(وتصل العقدة ذروتها عندما توجه أبو جابر لعيادة أخيه لاستدانة بعض النقود لاصلاح عربته المعطوبة التي يبيع عليها الترمس والذرة، فما كان من أخيه الطبيب إلا أن أنكره، وسمعه يقول للموظفة في عيادته عندما سألته اذا كان هذا الشخص أخاه فعلاً:(كلا ليس لديّ وقت للمتسكعين) ص 75 عندها صرخ به أبو جابر( وصلت بك الحقارة أنك تخجل مني .. وتقول عني متسكع، لولاي ما حلمت أنك توصل لهذا المركز فرد عليه الأخ الطبيب: أنا لم أتعلم من تعبك أو من نقودك .. أنا تعلمت بحصتي من دكان أبي .. ولا تتظاهر بأنك مسكين .. فالله أعلم أين ذهبت بباقي ثمن الدكان.)ص75 وعندما تزوج أبو جابر في سن متأخرة في منتصف الثلاثينات من عمره، أنجب ابنه البكر وهو في الحادية والأربعين من عمره، وبقي يبيع الترمس والذرة في سبيل اعالة أطفاله، بينما عاش اخوته سعداء.

وتنتهي القصة بأن أبو جابر وابنه غابا وصخب موج البحر يعلو ليردد (ذرة .. ترمس) ص 85

وفي تقديري أن صخب البحر هنا هو صخب الحياة حيث يضيع فيها الانسان .



مرّ من هنا :

وهذه القصة مضمونها ينبض بالانسانية أيضاً، فبطلها حارس مدرسة، ترك المدرسة قبل أن ينهي تعليمه، وعاد يعمل فيها حارساً، تدور به الذكريات بعد أكثر من أربعين عاما، فيتذكر كيف كانت قريته، وكيف أصبحت وكيف تطور البناء المدرسي من ثماني غرف في زمانه الى أكثر من خمسة وثلاثين صفاً دراسياً الآن ، وبينما هو في هذه الذكريات قال لنفسه(حقاً ان شيئاً لا يبقى على حاله .. وكل شيء في تغير مستمر .. الا أنا بقيت أكثر من أربعين عاماً، وأنا في نفس المكان .. لم أتركه) ص 90

واذا كانت صورة المدرسة تتحول الى ذكرى عند الطلبة بعد تخرجهم ، ويدخلون مرحلة حياتية جديدة فإن (حياة العم خليل في حالة تجمد بمساحة مختصرة) ص 93 لأنه ترك المدرسة قبل التخرج، وعاد ليعمل بها ، وبالتالي ضاع عمره في المدرسة دون أن يتذكره أحد سوى بضعة أطفال كان يداعبهم.



مراوغة الجدران :

بداية هذه ليست قصة طويلة، انها رواية تقع في 85 صفحة من الحجم المتوسط يمتد زمانها في أكثر من سبعين عاما، وتدور أحداثها في أماكن كثيرة منها الرّامة -قرية البطل الواقعة في الجليل الفلسطيني - حيفا، تل أبيب، القدس، بريطانيا، لبنان، فيها وصف للأحداث الصغيرة، وفيها عدة أحداث لها علاقة بهموم الوطن،ويبدو أن أن قناعة الكاتبة الذاتية بأنها تكتب قصة لا رواية،قد أرّقتها من طول (قصتها)فأخذت تختصر نهاياتها التي جاءت على شكل تقرير اخباري .

وبطل هذه الرواية وائل درزي عربي من قرية الرّامة ، تطلق والداه وهو طفل لم يتجاوز الخامسة من عمره، وتزوج كل منهما من آخر، بينما عاش هو أكثر أيامه في كنف جديه لأبيه، وفي نكبة الشعب الفلسطيني في العام 1948، لجأت والدته وزوجها وأبناؤهما منه الى لبنان، ونجا هو ووالده من موت محقق، ليبقى شاهداً على ويلات النكبة، وما حلّ بشعبه الفلسطيني من قتل وتشريد، درس في دار المعلمين في يافا وعاد ليعمل مدرساً في قريته ، اختلف مع أبناء عمّه على بيت أوصى به له جدّه، فسافر الى لندن في العام 1957، وهناك تعرف على فنان مقدسي، وعمل معه في المسرح، وفي تلك الفترة زارت لندن نجوى ابنة الفنان المقدسي، فأحبت وائل وأحبها، ووقف اختلاف الدين بينهما جداراً عالياً حال دون زواجهما، لكنه لم يمنع حبهما الجارف، فالديانة الدرزية تنبذ وتحرم وتقاطع من يتزوج من أبنائها من ديانة أخرى، أو يتحول الى ديانة أخرى، كما أنها لا تقبل من يريد أن يعتنقها من الآخرين، وفي لندن تعرف على لبناني ساعده على التواصل مع والدته من خلال الرسائل، حتى عندما عاد الى وطنه بقي صديقه اللبناني يستقبل الرسائل من وائل ووالدته ويرسلها اليهما، وعندما وقعت حرب حزيران 1967 العدوانية ( توحدت ) فلسطين تحت الاحتلال، وعلى غير ما يرغب به الفلسطينيون وباقي العرب، فزار وائل القدس والتقى بحبيبته التي لم تتزوج بعد، ثم ما لبثت أن تزوجت من ممثل شاب عمل مع والدها وزوجها في مسرحية، كما أن وائل تزوج هو الآخر من فتاة درزية، وأنجب كلاهما وشبّ أبناؤهما، وتدور الأحداث وتقوم اسرائيل في العام 1982 باجتياح لبنان، وتواصل احتلالها لجنوبه حتى تحريره في أيار 2000 كما يعلم الجميع، ويقوم وائل بزيارة والدته واخوانه في جنوب لبنان، وتتواصل الأحداث بعد وفاة جدّيه ووالده، وزوجته، ووالد نجوى، ونجوى، ووائل نفسه .

أهداف الرواية :

يتضح من الرواية أن الكاتبة تتحلى بانتماء قومي وحسّ وطني لا تشوبهما أيّة شائبة فهي فلسطينية عربية من دروز فلسطين، ويؤرقها فرض الخدمة العسكرية في الجيش الاسرائيلي على أبناء الطائفة الدرزية، وما صاحب ذلك من اساءة فهم موقف الدروز الفلسطينيين، والتي ساهم فيها الاعلام الاسرائيلي بشكل كبير، خصوصاً في تركيزه على(وحدة الدم بين الدروز واليهود) ومحاولته الايحاء بأن الدروز قومية منفصلة لا علاقة لها بالعروبة. وان انطلت هذه الأكذوبة على البعض ، فإنها لم تنطل على الكاتبة وعلى الكثيرين من الدروز الذين يرفضون الخدمة في الجيش الاسرائيلي ويسجنون جرّاء ذلك .

ففي نكبة العام 1948 تعرض الدروز الفلسطينيون الى القتل والتشريد والويلات كما هو حال بقية شعبهم، فلجوء والدة وائل وزوجها الثاني وأبنائهما الى لبنان ترك غصة ومرارة في قلب وائل، ولم ينقذه من القتل سوى طفولته حيث لم يتجاوز عمره الخامسة عشرة في حينه، كما أن قوات الأمم المتحدة هي التي أنقذت والده وآخرين من القتل عندما اقتادتهم القوات الاسرائيلية لقتلهم خارج القرية- كما كانت تفعل مع بقية مواطني القرى الفلسطينية- كما أن أراضي الفلسطينيين الدروز صودرت هي الأخرى، ففي الحديث عن وائل عندما سافر عام 1952 الى يافا للدراسة في دار المعلمين، تتحدث عن جدّه فتقول:(والرجل العجوز الذي تركه كان قد هرم أكثر خاصة مع قرار مصادرة أرض كان يملكها في جبل الكمانة، وهو الجبل المقابل للقرية ..... وفي النهاية خسر الأرض كلها التي جاوزت خمسة وثلاثين دونماً) . ص 131 وتوفيت الجدة وفرض التجنيد الاجباري على الدروز(كل هذا ساهم في رحيل جدّه) ص 131 وكانت وصية الجدّ:(أرضك ما تتركها .. أرضك عرضك وأغمض عينيه.) ص131

والذي يعرف واقع الحياة في فلسطين لا يحتاج الى الكثير من الذكاء ليرى أن أوضاع الدروز فيها لا تختلف عن بقية أوضاع الفلسطينيين من حيث التمييز بل هي أكثر سوءاً حيث يتعرضون أيضاً الى استلاب قومي .

وقد كان واضحاً في الرواية أيضاً أن الدروز طائفة منغلقة على نفسها دينيا حيث لا يسمحون بالتزاوج في ما بينهم وبين أيّ ديانة أخرى، كما أنهم لا يقبلون أيّ شخص من ديانات أخرى اذا ما حاول اعتناق ديانتهم .

ومما يلفت الانتباه أن أديبتنا في روايتها هذه التزمت بالدين والعادات والتقاليد وهي تكتب عن قصة حب وائل ونجوى،فقد كان حبا عذريا.

الجدران :

كانت الكاتبة ذكية جداً في اختيارها(مراوغة الجدران) اسماً لروايتها هذه وليحمل اسم مجموعتها القصصية، فالجدران جدران حقيقية ووهمية، فهناك جدران الحدود التي فرقت المرء عن والديه وأمّه وبنيه واخوته، وهناك جدران الديانات التي تمنع التزاوج خارج اطار الدين الواحد، وهناك الجدران الاجتماعية التي تحاصر الفرد،وهناك جدران التوسع الاحتلالي،وجدران الحروب والكراهية.

اللغة والأسلوب :

تمتلك أديبتنا لغة أدبية جميلة، لديها تشبيهات واستعارات لافتة، لغتها سلسة لا تعقيد فيها، وأسلوبها ينساب بعذوبة يطغى عليه عنصر التشويق .

يبقى أن نقول أننا أمام أديبة في بداية شبابها، وأمامها مستقبل واعد،ويسجل لصالحها أن رواية مراوغة الجدران هي العمل الأدبي الأول– حسب علمي- الذي يتكلم عن أوضاع الدروز الفلسطينيين،وعن انتمائم القومي والوطني .

وقال الاستاذ موسى أبو دويح:

كتبت "نسب" (مراوغة الجدران) قصصا خمسا صدرت طبعتها الأولى عن دار الهدى/ كفر قرع سنة 2009م. وأهدتها إلى من علّمها التراكض بين الظل والنور، وكيف تكون إلى النور أقرب.

ولقد جاءت عناوين قصصها عناوين مثيرة، تدعو إلى التفكّر والتأمّل مثل: (مراوغة الجدران) وهل الجدران تروغ كما يروغ الثعلب؟! ومثل: (كلمات تتلعثم في الصمت)، فهل في الصمت تلعثم؟! فالمعروف أن المتكلم هو الذي يتلعثم في كلامه. ومثل: (عاصفة في شراع) فالعاصفة لم تهبّ على البحر ولا على السفن الماخرة عبابه، وإنما العاصفة عند "نسب" محصورة في شراع نكرة، قد يكون شراع قارب صيد صغير. وهكذا...

بدأت "نسب" كتابها بقصة (عاصفة في شراع)، وهي ظاهرة مجتمعية، كثيرا ما تحدث في مجتمعنا وفي كل مجتمع. فالقصة بطلها طفل تموت أمه ويتزوج أبوه من امرأة يشترط عليها أن ترعى طفليه؛ ولكنها كأغلب زوجات الآباء في هذه الأيام، المجردات من الرحمة والعطف والحنان، تقسو على الطفلين وعلى الأخص الكبير منهما. فيطلقها الأب ليتفرغ لرعاية طفليه، ولكنه يسجن، ويرسل الطفلان إلى مؤسسة لرعاية الأحداث، وهناك تحنو عليه إحدى المعلمات ويعتبرها أمّا له.

القصة تعالج مشكلة مجتمعية، وأهم ما فيها أنها تحاول بناء شخصية الطفل والاعتماد على النفس، وألا تحطمه الأحزان، بل عليه أن يجدّ ويكدّ، وأن يكون كبير النفس عالي الهمّة.

والقصة الثانية (أنين عند الشاطئ) هي قصة رجل أمضى شبابه مضحيا من أجل إخوته الصغار لموت أبيه، فلم يحملوا له جميلا ولا اعترافا بما قدمه من أجلهم، بل صاروا يخجلون منه وتنكروا له.

والقصة الثالثة (مرّ من هنا) قصة رجل يقضي حياته حارسا للمدرسة التي تعلم فيها، ولم يكمل دراسته، وعمل حارسا لها أكثر من أربعين عاما، حتى صار يشعر أنه كمّ مهمل، لا يلتفت إليه أحد، ولا يأبه به مسؤول. وتزداد السوداوية أمام ناظريه وهو يفكر في حاله فيقول في نفسه في صفحة 94 (هل هو كأحد الحجارة التي تشكّل السور؟ أم يشكّل جزءا من البوابة؟ هل يشبه الشجرة التي عند المدخل؟ لكن الطلاب سيذكرونها أكثر منه؛ لأنهم كثيرا ما جلسوا تحتها وتمتعوا بظلها، أما هو فماذا فعل؟!).

أما القصة التي حمل غلاف الكتاب عنوانها (مراوغة الجدران) فهي قصة الكتاب، بل هي الكتاب، ومن أجلها كان الكتاب. إنها قصة بطلها وائل الدرزي الذي يقع في حب نجوى الفتاة المسلمة في لندن، ويلازم حبها قلبه في كل الأمكنة التي رحل إليها. لكنهما لم يتمكنا من الزواج لاختلاف الدين. وتتزوج نجوى من أدهم، ويتزوج وائل من ابنة عمه، إلا أن أيّا منهما لم يستطع نسيان صاحبه.

ووائل هذا مسرحي منذ نعومة أظفاره ودرس المسرح في لندن وكتب مسرحية بعنوان التائه تشير إلى هجرة أمه من شمال فلسطين إلى لبنان واللوعة التي حملها في صدره لفراقها.

أما موضوع الجدر أو الجدران فهي الحدود الفاصلة بين يهود ولبنان حيث تقيم أمه، والحدود التي كانت تفصل يهود عن القدس من عام 1948 - 1967م، حيث تقيم محبوبته في واد الجوز في القدس التي كان يفصلها جدار كان يمتد من بوابة مندلبوم حتى باب العمود.

أما بالنسبة لنجوى محبوبته فيقول عنها: (إنه لا يستطيع أن يحارب الاحتلال والدين لأجلها). فليس سهلا عليه أن يتخلى عن الجنسية الإسرائيلية وأن يبدل بدينه الدرزي الإسلام؛ لأن جده كان قد أعلمه وهو صغير عن الدين الدرزي كثيرا من التفاصيل التي لا يعلمها عادة عند الدروز إلا العقلاء الذين تخطو الأربعين سنة من العمر. وكان يعلم أن الدرزي الذي يرتد عن دينه له العذاب الأقسى. وكانت آخر وصية لجده له قوله: (أرضك ما تتركها، أرضك عرضك).

علما أن الدروز فرقة من الشيعة الباطنية الذين ارتدوا عن الإسلام وهم في وقتنا هذا أبناء مرتدين. وقسم منهم يعيش بين المسلمين، ويدفنون موتاهم في مقابر المسلمين، ويعقدون عقود زواجهم في المحاكم الشرعية الإسلامية، ويعتبرون أنفسهم أنهم من المسلمين كالدروز الذين يعيشون في الأردن وعلى الأخص الذين يعيشون في العاصمة عمان وضواحيها. وهم جميعا يسمون أنفسهم بالموحدين.

والقصة الخامسة والأخيرة هي قصة (كلمات تتلعثم بالصمت). قصة فتاة مناضلة من الخط الأخضر يبخل عليها بلقاء؛ لأنه لا يستطيع تجاوز العيون الفارغة التي لا تمتلئ إلا ظنونا آثمة ولم يرها إلا بعد استشهادها في نعلين غربي رام الله، وهي تحاول إنقاذ امرأة مصابة، حيث ترسل لصديقها أوراقها في صندوق مع صديقتها وتقول: (هذه كلماتي المتلعثمة بالصمت أتركها لك تحصنها فأنقذها بشمعة لا برصاصة عود ثقاب).

هذه هي قصص "نسب" الخمس المجموعة في كتاب مراوغة الجدران، جاءت بلغة عربية فصيحة، وقلما تستعمل اللغة الدارجة إلا في بعض المواقف التي تستلزم ذلك على ألسنة رجال أو نساء طاعنين في السن، وتأتي الحكمة على ألسنتهم باللغة المحكية.

وقصصها كلها، في كل منها عقد لا عقدة واحدة، وهذا ما يشد القارئ إلى متابعتها حتى يتبين نهايتها.

والخيال في قصص "نسب" لا حدود له، وليس سهلا على كثير من القراء إدراك ما ترمي إليه قصص "نسب"، فهي عند الكثيرين أقرب ما تكون إلى الأحجيات أو الأجاجي. والحوار في قصصها حوار من طراز معين، يحتاج إلى تدقيق وإنعام نظر وإعمال ذهن زائدين عن الحدود المعروفة؛ حتى يستطيع القارئ أن يظفر منه بطائل.

بقي أن نشير إلى أن المكان في قصة (مراوغة الجدران) أخذ نصيبه من التفصيل لا سيما عند الحديث عن القدس حيث ذكرت شوارعها وحاراتها بتفصيل واضح وكأنها من أهلها الذين يعرفون كل دقائقها وخباياها.

وختاما إن كتاب (مراوغة الجدران) كتاب فيه إبداع سيما وأن كاتبته فتاة في أوائل العشرينات من العمر. فإلى المزيد من مثل هذا يا "نسب".

وقال الاديب ابراهيم جوهر: نسب أديب حسين في

" مراوغة الجدران "

تقدّم سيرة فنية واجتماعية



بقلم : إبراهيم جوهر



تقدّم لنا الصيدلانية الأديبة نسب أديب حسين سيرتين من خلال مجموعتها القصصية " مراوغة الجدران " .

السيرة الأولى : سيرة الظلم وتجليّاته المتباينة ، ظلم اجتماعي وظلم احتلالي وظلم وظيفي / اقتصادي وظلم إنساني عام . و السيرة الثانية : هي " سيرة " تطوّر الأسلوب والأداة الفنية للأديبة نفسها .

إذن ، نجد أنفسنا إزاء تجليّات متعددة الأشكال في المضمون وفي الأسلوب وفي لغة القص التي تأثّرت بدراسة الأديبة وتخصصها العلمي فكانت في كثير من جوانبها ، في بداياتها الفنية ، لغة حريصة على التفاصيل الدقيقة ، والتبريرات للأحداث والمواقف ، والتحديد للمكان والزمان مما أضفى على لغة السرد بطئا ورتابة كادت تصل حدّ الإملال لولا الالتفات الفني للكاتبة باستخدام تقنيات فنية لإنقاذ القصة من الوقوع في فخّ الرتابة هذا .

فوجدناها تعتمد تقنية الفلاش باك والمونتاج والحوار القصير .

حفلت القصتان الأولى والثانية بالسرد الخارجي الدقيق والراوي العارف المطلّ الناقل والمعلق فكان الإشراق كليّا فيهما وغاب الحوار الداخلي الذي يكشف النفسيات وتحوّلاتها وواقعها وأحلامها ، كما طال الزمن القصصي فغطى سنوات غوص الكاتبة مع ذكريات الشخصية القصصية .

في قصصها الثلاث الأخيرة ، يلحظ القارئ المهتم تطوّرا في أسلوب التقديم والقص وفي اللغة الشعرية والبلاغية ذات الدلالة العميقة ، كما تظهر نافذة أمل وحيدة مع نهاية قصة ( مرّ من هنا ) حين تلتفت مجموعة من الفتيان لدور ذلك الإنسان الذي وصل خريف العمر وهو يشعر بدونية عطائه ولا جدواه . لتعود في القصتين الرابعة والخامسة على السوداوية والموت . ففي نهاية قصة " مراوغة الجدران " تنتحر الشخصية المركزية لتحلّق بنجوى من خلال السرعة الفائقة للسيارة . أما قصة ( كلمات تتلعثم بالصمت ) وإن كانت النهاية حاملة لرائحة الموت إلا أنه استشهاد في بلعين وكشف الأسرار .

في هذه المجموعة عنيت الكاتبة عناية واضحة بالعناوين ذات الإيحاءات وباللغة ذات الاستعارات والتشبيهات ، كما لوحظ أنها تختار شخصياتها لتمثل فئات محاصرة ومظلومة لا تصل إلى أهدافها ولا تنجح في مبتغاها . إنها شخصيات مقموعة ومظلومة أحيانا تواجه وأحيانا أخرى تنسحب وتستكين وتستسلم وإن كانت دواخلها غير راضية بخياراتها وكأنها تعيش حالة من الفصام الشخصي .

يلاحظ أيضا اهتمام الكاتبة وتعمّدها لإيراد أسماء أماكن وجبال وشوارع بعينها وأبواب القدس وأحيائها في قصد واضح لإثبات هذه الأماكن على الخارطة الجغرافية – السياسية .

وحين تذكر سنوات مفصلية في تاريخ الصراع والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين إنما ترسم خارطة سياسية – فنية للصراع بمحطاته البارزة .

الكاتبة نسب أديب حسين تمتلك نفسيا روائيا وأدوات روائية قادرة على إنجاز عمل روائي ذي أثر . فهي تمتلك القدرة السردية ، والمواقع الجغرافية المفاصل التاريخية ، والعلاقات الاجتماعية بين شخصياتها ، كما تختارهم من ديانات وطوائف تشكّل النسيج الفلسطيني الاجتماعي في وطننا .

" مراوغة الجدران " مجموعة قصصية ذات أبعاد فنية ومعلومات تثقيفية ، وأجواء فلسفية رمزية تشير إلى عمق ثقافة كاتبتها ، وغلى أنها تستحق الاهتمام ، وهي تنتقل من جدران الواقع إلى جدران النفس إلى جدران المجتمع لتغنّي للحياة كما يجب أن تكون .

وقالت سوسن دكيدك:



قصص تحملنا معها عبر واقع مُتخيل من كاتبةٍ لا زالت في أول خطاها، فأتحفتنا بتلك القصص التي ضاهت بها قصص كبار المؤلفين



كلماتٌ رقراقةٌ عذبةٌ كأول الغيث... تعبث بمخيلتنا تاركة رحيقاً مخملياً كأزاهير الأقحوان، زخرفت بها الكاتبة صفحات كتابها بشكل يليق بالقراء، وفوق ذلك براعة في حبك القصص ومرونة وسلاسة في ربط الأحداث ببعضها البعض. فنجدها تُأرجحنا بين واقعٍ - قد يكون واقعا عاشته الكاتبة- وبين خيالٍ قد صاغته بطريقة ممتعة ومشوقة.



فمن قصة عاصفة في شراع تجدها قد قدمت لنا واقعا اجتماعيا بقالب فخم متسلسل. تصور بها ذلك المحروم من أمه وتعبر عن آلامه وأوجاعه بشكل يدل على صدق الكاتبة في طرح أفكارها.



وتجدها في قصة –أنين على الشاطئ- تحط بنا على الشاطئ وتتركنا ننبش ذكرياتنا ونضع أنفسنا مكان تلك الحزينة التي تتذكر الغائب عنها، واصفة لنا شاطئاً من أجمل شواطئ فلسطين، ألا وهو شاطئ عكا. وبذلك نجدها تطّعِّمُ قصصها بمدن فلسطينية عديدة كما سيمر لاحقا في القصص القادمة من ذكرها للقدس وشوارعها وباب العامود وبعض أحياء القدس، مثل حي وادي الجوز.



وفي قصة مرواغة الجدران، تضعنا الكاتبة أمام لغز اسمه "الجدران" . فما هي تلك الجدران التي قصدتها الكاتبة؟ هل هي تلك الأسوار الإسمنتية المحيطة بنا ؟ أم أنها جدران أخرى يفرضها علينا الواقع مبنية داخل العقل والقلب ؟



وهكذا، وبذلك الألق تمرر لنا الكاتبة كلماتها بشكلِ أثير أنغام أفكارها، تجرها مع القلم زارعة رائحة انتمائها لأرضها ووطنها، رافضة ذلك الجدار المبني بين الأزرق والأخضر، وبين التين والزيتون.

أمّا الروائي عيسى القواسمي فقد قال:





اثبتت نسب اديب حسين في مجموعتها القصصية التي صدرت عن دار الهدى. كفر قرع حديثا، انها ليست كاتبة واعدة أو حتى مشروع كاتبة. وانما بمراوغة جدرانها كانت قد اقتحمت ذلك االستار الحاجب بينها وبين القمة. وقد بلغت السحاب حين حلقت عاليا، والتفت حول ذرات الحكايات والارصفة وغربة النفس مشكلة عالما خاصا بأبطال قصصها. فاعلة بذلك فصلا من نجاحات السرد المنطقي والأسلوب السلس المبطن بالمعرفة، بإعتقادي أن نسب حسين في رائعتها مراوغة الجدران قد حققت وهي بسنها هذا ما لم يخطه الكبار وما لم يقله العظماء، بدأت تحاكي لغتها في قصتها الاولى عاصفة في شراع متعمقة بطفولة لا تنتهي من عذابات دفينة، تأخذ القارئ بعيدا حيث كل شيء يبدأ من براعمه النقية، حيث المد والجزر للمشاعر الكامنة خلف الأحداث. وكان الانتباه على اشده في مراوغة الجدران التي حملت بين طياتها مفاهيم انسانية وعقد فلسفية. لقد دخلت في متاهات ما نريد من الحياة دون ان نتوه، فصورت لنا حالة انسانية على غير المألوف وقد خرجت من حرمانها في احداث ألمت بالوطن والانسان الفلسطيني لتجد نفسها وسط حرمان اخر، في ذاكرة لا تحمل إلا المعاناة، إلا أنها استطاعت وببراعة الكاتبة المتألقة أن تطرح افكارها بقوة وسط هذا الزخم من المفاهيم والقيم والمآسي، مما دفعني للتوقف اكثر من مرة امام تساؤلات لم أكن لأفكر بها من قبل، لولا الحاجة الماسة للمعرفة اكثر والإستزادة مما هو مطروح، وأنا هنا لست بصدد تحليل أو تقييم أو حتى نقد ما كانت قد طرحته نسب وإنما بصدد التوقف والتمعن في كل خاطرة أو فكرة أرادت لها نسب أن تصل إلينا.

لقد لاحظت الفرق الكبير في تطور اللغة وأدواتها الأدبية ما بين السطر الأول والنهاية، الفرق كبير جدا وهو للأفضل، هي كاتبة أو مشروع نجاح ادبي كأنها في النهاية استطاعت ان تمزق هواء الأفق وتخط اسمها عبر مراوغة هذه الجدران التي تحاصرنا جميعا.

لن أوجه لها أيّ نقد أدبي أو لغوي لأنني لست مؤهلا لذلك ولأن عيناي أبت إلا أن تنظر وترى ما هو جيد ورائع بين سطورها، لذلك سأترك هذه الفسحة للنقاد، فأنا مع الكاتبة قلبا وروحا فيما فكرت به خلال كتابتها، لأنني اعلم أن البداية هي حضن الأخطاء، أدرك جيدا أن هذا الحضن سوف ينقي شوائبه تلقائيا اذا ما ادرك أن النجاح في انتظاره خلف الخطوات القادمة وليس بعيدا من هذه البداية.

ملاحظة بعيدة عن النقد وهي اشبه ما تكون بالإقتراح؛ إن قصة مراوغة الجدران بالتحديد كانت تصلح لوحدها عملا روائيا ناجحا، لأنها تحمل بين طياتها كل مقومات الرواية المتكاملة، ولا أدري لماذا لم تفكر الكاتبة بهذا الإتجاه رغم هذا الكم الهائل من المؤهلات المتفاعلة مع واقع الرواية. وبالرغم من ذلك فقد عشت كل وقائعها بصدق وكأنها جاءت ضمن ما اقترحته.

أخيرا أود ان اقول لنسب بأنني استمتعت إلى أقصى حد حين تجولت عبر اسطرها وحين عدت كانت كلمتي هذه.



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوباما ليس خليفة العرب والمسلمين
- عندما تراوغ نسب أديب حسين الجدران
- ذاكرة سلمان ناطور في ندوة اليوم السابع في القدس
- الخامس من حزيران والهرولة الى الخلف
- اثنان وأربعون عاما عجافا
- اطفال الشرق الاوسط في يوم الطفل العالمي
- ذاكرة سلمان ناطور في رحلة الصحراء تأريخ للمأساة وسخرية من ال ...
- دولة تحارب شعبها
- هل سيسمع اوباما -لا- العربية
- مجموعة -اكليل من شوك- القصصية والتميز شكلا ومضمونا
- في ذكرى نكبة فلسطين
- التعذيب في العراق وغيره
- وقفة مع الاول من ايار
- قراءة في ديوان الشاعر تميم البرغوثي
- سرّ الرائحة قصة أطفال تدعو للحفاظ على البيئة
- اسرائيل دولة يهودية وللفلسطينيين التيه
- القدس مدينة التعددية الثقافية
- الثقافة المحلية ليست بالحسبان
- -السنجاب الخائن- حكايات على شكل قصص
- ثقافة - العصرنة -


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - جميل السلحوت - مراوغة الجدران في ندوة اليوم السابع