أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عناد أبو وندي - قرارات عصبة التحرر الوطني بفلسطين وتأسيس الحزب الشيوعي الاردني















المزيد.....



قرارات عصبة التحرر الوطني بفلسطين وتأسيس الحزب الشيوعي الاردني


عناد أبو وندي

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    



1951 – 1956
"في أوائل عام 1951 عقدت اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني عدة اجتماعات تدارست فيها الأوضاع التي نشأت في فلسطين بعد نجاح المؤامرة الاستعـمارية الدامـية عليها، وبناء على هذه الدراسـة راجعت سياستـها واتخذت عدة قرارات”(المقاومة الشعبية : تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني، العدد السادس، حزيران 1951، السنة الثالثة ).
وامتازت هذه الفترة بالنمو البطيء للحزب نتيجة للمضايقات المستمرة من السلطات الأردنية. حيث انصبت الجهود الرئيسية للحزب على إنشاء خلايا حزبية جديدة وفروع جديدة ونشر الأفكار الشيوعية وتوسيع النشاطات لتشمل المناطق التي لم يستطع النفاذ أليها في الماضي خاصة منطقة الخليل وما يحيط بها، وأيجاد جمهور اكبر له من خلال عدة منظمات أخرى استحدثت لتكون في رأس الحربة ومنها حركة أنصار السلام.
ويقال انه في بداية الأمر كان هنالك معارضة داخل اللجنة المركزية للحزب للتعامل مع حركة أنصار السلام، غير ان فؤاد نصار أقنعهم انه من الضروري للحزب ان يدخل في نشاطات سياسية على المستوى الدولي، اضافة الى توسيع قاعدته المحلية، وانتصرت وجهة نظر فؤاد نصار واصبح الحزب(حشا)هو القوة الرئيسية خلف "أنصار السلام".
وعلى ضوء هذا النشاط منعت السلطات الاردنية حركة أنصار السلام من الانتشار على مستوى المملكة، غير ان الحزب قام بتأسيس عدد من الفروع. وفي ربيع عام 1952 اعتقلت السلطات معظم أعضاء اللجنة التحضيرية ومنهم(حمزة الزر، موسى قويدر، فؤاد قسيس).
وبينت تطور النضال الشعبي في فلسطين ضد الاستعمار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بانتصار الشعوب على النازية بقيادة الاتحاد السوفيتي وأصبحت قضية فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، مشيرة إلى تأمر الاستعمار الانكلو– أميركي مع الجامعة العربية ومع الزعامة الفلسطينية العربية وقيادة الحركة الصهيونية، على حرية فلسطين. مستعرضة أخطاء عصبة التحرر الوطني فلسطين.
وقررت العصبة في هذا الاجتماع تكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن ووضعت برنامج الحزب الشيوعي الأردني المتضمن ضـرورة النضـال من اجل السـلم العـالمي ومقاومة الحرب العالمية الجديدة التي يهيئ لها المعسكر الاستعماري وعلى رأسه الاستعمار الأميركي، والنضال من اجل التحرر الوطني والديمقراطية.
واعتبر عربي عواد ان قرارات اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني في فلسطين في صيف 1951، بتغير اسمها الى الحزب الشيوعي الاردني كانت تشكل ظاهرة سلبية بالنسبة للنضال الوطني الفلسطيني بسبب التخلي عن الهوية الوطنية الفلسطينية للشيوعيين الفلسطينيين، وانحصار نضالهم بين العمال والجماهير الفلسطينية في الضفتين (الغربية والشرقية) وانعزالهم بحسبة عن الجماهير الفلسطينية في المواقع الأخرى التي واصلت التمسك بهويتها الوطنية رغم هول النكبة وظلت تقاوم كل مشاريع الإسكان والتوطين التي طرحتها الأوساط الإمبريالية، وتتمسك بحق العودة الى ارض وطنها فلسطين والسيادة الوطنية التامة علية.
ففي برنامجه المقر في عام 1951، حول مهمات النضال في مرحلة”التحرر الوطني الديمقراطي”، دعا الحزب الشيوعي الاردني جماهير الشعبين الاردني والفلسطيني الى التوحد في النضال للقضاء على سيطرة الاستعمار البريطاني وضمان الاستقلال الوطني للأردن، والى العمل من اجل تنفيذ قرار هيئة الأمم المتحدة، الصادر في تشرين الثاني 1947، وتأمين عودة المشردين الفلسطينيين الى ديارهم (البحث عن كيان، دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني 1908-1993، ماهر الشريف، الطبعة الأولى 1995 (ص 73).
وطالب الحزب الشيوعي، منذ قيامه، بإلغاء المعاهدة التي كانت تربط الأردن ببريطانيا، وتصدى لمحاولات جر الأردن للارتباط بمشاريع”الدفاع عن الشرق الاوسط”الأمريكية، ومن ثم بحلف بغداد، ناظرا الى الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق الحدودية العربية باعتبارها”من صنع المستعمرين الأميركيان والإنكليز الذين أفزعهم النهوض العربي المتعاظم،(فسعوا الى) أيجاد المبرر لتدخلهم العسكري وجلب قواتهم العسكرية الى البلاد العربية تحت ستار المحافظة على السلام والأمن، وليفرضوا على الدول العربية مشاريعهم الحربية والعدوانية وفي مقدمتها حلف بغداد”(المصدر السابق ص 74).
وأعرب الحزب الشيوعي الاردني عن معارضته الصريحة فكرة التوصل الى صلح بين الـدول العـربية وإسرائيل، باعتبارها”فكرة استعمارية”ترمي الى تصفية القضية الفلسطينية وتتعارض مع مصالح الشعوب العربية والشعب الإسرائيلي نفسه. ففي مقال نشرته الصحيفة المركزية للحزب، في نهاية العام 1952، أشير الى”ان الاستعمار الانكلو– أميركي يرى ان تنفيذ مشاريعه العدوانية في الشرق الأوسط يتطلب التوفيق بين أعوانه من العرب واليهود، ودفن قضية المشردين الفلسطينيين والتخلص منهم بتشتيتهم وإسكانهم نهائيا في الدول العربية، وفي الوقت نفسه يدفنون قضية الشعب العربي الفلسطيني، قضية تحرره واستقلاله وعودة مشرديه الى ديارهم”. وخلص المقال الى ان الشعوب العربية”تدرك ان”الصلح”، الذي تسعى الدول الاستعمارية لعقدة بين الحكام العرب واليهود، ليس في مصلحتها ولا في مصلحة الشعب الإسرائيلي ولا في مصلحة السلم في الشرق الأوسط والعالم بأسره”(المقاومة الشعبية، السنة الرابعة، العدد 19، أوائل كانون الأول).
وبديلا عن هذا”الصلح”الاستعماري، دعـا الحـزب الى ضـمان تعاون القـوى الديمقراطية العـربية واليهودية في النضال”ضد الاستعمار وضد الرجعيتين العربية واليهودية”.
وأضاف عربي عواد، ان قيام الحزب الشيوعي الاردني الذي جاء انسجاما مع ظروف موضوعية فرضت نفسها على الواقع الفلسطيني آنذاك وهي ظروف (النكبة)، قد فتح المجال أمام تطوير نشاط الشيوعيين الفلسطينيين والأردنيين في صفوف العمال والجماهير من فلسطينيين وأردنيين في الضفتين الغربية والشـرقية، وحشد طاقاتهم الكفاحية في النضال المشترك، وضد السيطرة الاستعمارية على البلاد الممثلة في المعاهدة مع بريطانيا والقواعد العسكرية البريطانية وقيادة الجيش من قبل مجموعة من الضباط الإنجليز وضد الاعتداءات الصهيونية المتكررة.
وعكس برنامج الحزب الشيوعي الاردني تلك الأهداف الوطنية، اذ تضمن الدعوة الى الى اقامة نظام ديمقراطي في البلاد، وتأمين السيادة الوطنية الكاملة بإلغاء المعاهدة مع بريطانيا وإزالة القواعد العسكرية الإنجليزية وطرد الضباط الإنجليز من الجيش.
ولعب الحزب دورا طليعيا بارزا في النضالات والمعارك الوطنية التي خاضتها الجماهير الشعبية في الضفتين الشرقية والغربية في سبيل الحريات الديمقراطية، وضد قيود السيطرة الاستعمارية، والتي توجت بالانتفاضة الشعبية المظفرة التي أسقطت المؤامرة الاستعمارية لجر الأردن لحلف بغداد في اواخر 1955، وفتحت الطريق لعدة إنجازات وطنية : تعريب الجيش وطرد الضباط الإنجليز في آذار 1956 وفوز الأحزاب والقوى الوطنية في الانتخابات السياسية في تشرين اول من العام نفسه، وقيام حكومة وطنية في البلاد وإلغاء المعاهدة البريطانية في آذار 1957.
واتخذ الحزب الشيوعي الاردني موقفا حازما لتحقيق أهدافه الوطنية، وتصدى لنزعات المساومة لدى بعض القوى الوطنية، التي عبرت عن استعدادها للقبول بإلغاء المعاهدة، مع الإبقاء على القواعد العسكرية الإنجليزية على أساس أنها قواعد مستأجرة لمدة معينة، وتصدى للدعوة لإقامة الوحدة آنذاك بين الأردن والعراق وسوريا، وبين أن تلك الموجدة لن تكون في مصلحة التحرر الوطني من السيطرة الاستعمارية، لأنها ستؤدي إلى وضع سوريا،(التي ظفرت باستقلالها الوطني منذ عام 1946)، تحت قيود السيطرة الإمبريالية، التي كانت تكبل العراق والأردن. وأولى الحزب الشيوعي الأردني، اهتماما كبيرا بتنظيم الجماهير، خاصة جماهير العمال والفلاحين والطلاب والنساء والشباب للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية الخاصة، وضمان مشاركتهم في المعارك الوطنية التي احتدمت في البلاد، وقد ساهم الحزب بدور أساسي في بناء عدد كبير من نقابات العمال وتأسيس اتحاد نقابات العمال عام 1954، وتأسيس اتحاد الطلبة الأردني عام 1953، وتشكيل نقابات العمال الزراعيين والجمعيات الفلاحية في المناطق الريفية، وتنشيط الحركة النسائية، والحركة الشبابية.
ومن هنا فقد كان طبيعيا، أن يصيب الحزب الشيوعي الأردني، النصيب الأكبر من حملات القمع والتنكيل بهدف ضرب النهوض الوطني، وشل الحركة الجماهيرية، وتعرض الشيوعيون للتعذيب والسجن مددا طويلة، ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والصلابة والثبات على المبدأ، والتمسك بالأهداف الوطنية للشعب وصلبت الروح النضالية في الحزب في معمعان النضال، وتوطدت وحدته التنظيمية والفكرية، واتسع نفوذه الجماهيري وارتفعت مكانته السياسية.وقد أثرت الروح الكفاحية التي سادت الحزب تأثيرا إيجابيا على موقفه من القضية الفلسطينية، فبدلا من شعار الصلح العادل مع (إسرائيل) الذي تضمنته قرارات 1951، رفع الحزب منذ 1956 شعار مقاومة الصلح الاستعماري، وقاد حملات الرفض والاستنكار لمشاريع التوطين المختلفة، ومنذ اواخر 1956 جرت مناقشات داخل اللجنة المركزية للحزب، حول إعادة النظر في موقفه إزاء القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بقيام (دولة إسرائيل) ,ولم تتمخض تلك المناقشات عن تغير موقف الحزب من مشروع التقسيم وقيام الكيان الصهيوني بموجبه ويعود ذلك بشكل أساسي للعجز النظري،وعدم المعرفة بالموقف الماركسي اللينيني إزاء القضية القومية والثورة الوطنية ومبدأ حق تقرير المصير، وهذا العجز النظري هو أحد الأسباب الرئيسية التي لم تمكن الشيوعيين الفلسطينيين لاحقا من القيام بدورهم المطلوب في الثورة الفلسطينية المعاصرة، والتصدي للتيار اليميني الانتهازي الذي برز في قيادة الحزب وعرقل عملية الانخراط في الثورة.
وقد خرجت اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني بالنتائج التالية : أن المستعمرين الأميركيين والإنكليز بالتآمر مع الحكومات العربية ومع زعماء فلسطين العرب ومع قيادة الحركة الصهيونية قد تمكنوا من منع تنفيذ قرار هيئة الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 29 / 11 / 1947، وبدل أن تتحرر فلسطين بكاملها، وبدل أن تنشأ فيها دولتان عربية ويهودية ديمقراطيتان ومستقلتان وموحدتان اقتصاديا وغير خاضعتين لأي نفوذ أجنبي، نشأت فقط دولة إسرائيل خاضعة لنفوذ الاستعمار الأميركي، أما الدولة العربية الفلسطينية فلم تنشأ، وقد سحق استقلال الشعب العربي الفلسطيني ومزق وطنه إلى ثلاثة أجزاء وشرد منه اكثر من ثلاثة أرباع مليون شخص.
وقد استطاع الاستعمار البريطاني أن يحتفظ بسيطرته على جزء من أراضي الدولة العربية الفلسطـينية، وهو الجزء الذي ألحقه قسرا بمستعمرته شرق الأردن.
فاللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني ترى أن هذا الجزء من القسم العربي الفلسطيني مع شرق الأردن أصبحا يكونان دولة واحدة، وأن هذه الدولة خاضعة خضوعا تاما لسيطرة الاستعمار البريطاني، إذ على الرغم من الاستقلال الصوري الذي منحه الاستعمار البريطاني لشرق الأردن بعد الحرب العالمية الثانية، فان سيطرته بقيت كما هي ولم تمس قط، وقد ضمنت له المعاهدة العسكرية المعقودة بينه وبين الاردن هذه السيطرة المطلقة على شرق الأردن، وجعلت من الأخيرة قاعدة عسكرية له.
وبعد أن الحق الاستعمار البريطاني هذا الجزء من الدولة العربية الفلسطينية إلى شرق الأردن، بالتعاون مع الإقطاعيين وكبار الملاكين وجميع عملائه، وبموافقة الكتل البرجوازية المهادنة للاستعـمار في هذا القـسم وفي شرق الأردن وفي مقدمتها قادة حزب البعث، أصبحت المعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية سارية المفعول على هذا الجزء. وبهذا اصبح الشعب العربي الفلسطيني والشعب العربي الأردني يرزحان تحت نير عدو مشترك هو الاستعمار البريطاني، وتحت نير حلفائه الإقطاعيين في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن. فلا الشعب العربي الفلسطيني في هذا الجزء، ولا الشعب العربي الأردني في شرق الأردن، يستطيعان أن يتحررا من نير عدوهما المشترك، الاستعمار وحلفائه، ألا بتوحيد نضالهما للدفاع عن السلم وفي سبيل التحرر الوطني والديمقراطية.
وقالت : لقد كانت قضية الشعب العربي الفلسطيني، ولا تزال، قضية نضال ضد الاستعمار ومن اجل التحرر الوطني والديمقراطية. وهذه، أيضا، هي قضية الشعب العربي في شرق الأردن.ولكي يستطيع الشعبان مواصلة النضال بنجاح من اجل تحقيق هدفهما في التحرر الوطني والانعتاق، ينبغي لهما أن يوحدا نضالهما ضد عدوهما المشترك الاستعمار.
وأن القوة الوحيدة القادرة على توحيد نضال هذين الشعبين وقيادته : الطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن.
وأن عدم قيام الطبقة العاملة الفلسطينية – الأردنية بهذه المهمة سيؤخر حتما تحرر الشعب العربي في القسم العربي من فلسطين وفي الأردن، وسيمكن المستعمرين من تشديد نيرهم عليه، ومن الاحتفاظ ببلادة كقاعدة عسكرية في مشاريعهم الإجرامية الرامية إلى إشعال نار حرب عالمية جديدة، ومن تحويلها إلى ساحة حرب تهدد الشعب بالفناء والدمار والكوارث المروعة. فعلى عاتق العناصر الواعية من العمال الفلسطينيين والأردنيين تقع مسؤولية إنجاز هذه المهمة، وذلك بتكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن.
أن عدم وجود حزب للطبقة العاملة في شرق الأردن يضع على عاتق حزبنا – عصبة التحرر الوطني – بوصفه حزب الطبقة العاملة الفلسطينية وطليعتها، واجب المبادرة إلى تكوين هذا الحزب.
وقررت اللجنة المركزية أن يصبح حزبنا – عصبة التحرر الوطني – حـزبا للطبقة العامـلة الفلسطيـنية والأردنية، وأن يصبح اسمه من الآن فصاعدا :”الحزب الشيوعي الأردني”.وبما أن بلادنا واقعة تحت سيطرة الاستعمار الأجنبي، وبما أن السلطة فيها في أيدي حلفائه الإقطاعيين، فان نضالنا في المرحلة الحالية هو نضال وطني ديمقراطي وبالقضاء على سيطرة الاستعمار الأجنبي، وبسحق حليفته الإقطاعية وجميع عملائه ليفسح المجال أمام حزبنا – الحزب الشيوعي الأردني – للنضال من اجل الاشتراكية.
فالهدف الرئيسي للحزب الشيوعي الأردني في المرحلة الحالية – مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي – هو: القضاء على سيطرة الاستعمار البريطاني وسحق الإقطاعية، بوصفها السند الرئيسي له، وسحق جميع عملائه.
وأن القوى الرئيسة القادرة على تحقيق هذا الهدف هي : الطبقة العاملة المتحالفة مع جميع الفلاحين ومع البورجوازية الصغيرة في المدن ومع جميع الوطنيين والديمقراطيين الشرفاء أعداء الاستعمار والحرب والرجعية وأن القوى الرئيسية التي لا يمكن، بدون تأييدها ومساندتها، تحقيق هذا الهدف هي : المعسكر الديمقراطي والمعادي للاستعمار، وطليعته الاتحاد السوفيتي، الحصن الرئيسي للسلم العالمي والنصير العظيم لحريات جميع الشعوب.
وأن الوسيلة لتحقيق هذا الهدف، هدف التحرر الوطني الديمقراطي، هي : النضال الشعبي الثوري.
ويناضل الحزب الشيوعي الأردني من اجل تحقيق هذا الهدف تحت الشعارات الوطنية الكبرى التالية :
1 – الدفاع عن السلم العالمي ومقاومة مؤامرات معسكر الاستعمار والحرب الذي يتزعمه الاستعمار الأميركي لإشعال نار حرب عالمية جديدة، جنبا الى جنب مع جميع الشعوب المحبة للسلام وبقيادة الاتحاد السوفيتي الحصن الرئيسي للسلم العالمي، والقضاء على كل مؤامرة تدبرها الطبقات البرجوازية في الأردن لإقحام الشعبيين الفلسطيني والأردني في مغامرات عسكرية.
2 – النضال من اجل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية وجلاء جميع الجيوش البريطانية وجميع القوات الأجنبية عن الأردن والنضال في سبيل الاستقلال الوطني وإقامة نظام ديمقراطي يشترك فيه العمال والفلاحين وجميع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء أعدا الاستعمار والحرب والرجعية.
3 –النضال في سـبيل تنـفيذ قرار هيـئة الأمـم المتـحدة الصادر بتـاريخ 29 / 11 / 1947، وفي سبيل عودة المشردين إلى ديارهم ومن اجل عقد صلح ديمقراطي مع إسرائيل على أساس هذا القرار، صلح يكون في مصلحة السلم العالمي وفي مصلحة الحرية والديمقراطية لدولتي الأردن وإسرائيل.
4 –النضال في سبيل توزيع أراضي الإقطاعيين وكبار الملاكين على الفلاحين.
5 –النضال في سبيل تأمين حقوق العمال وضمان وجود أعمال لهم وحمايتهم من آفات البطالة.
6 –النضال في سبيل تأميم جميع المرافق التي يسيطر عليها الاستعمار وجعلها ملكا للشعب.
7 – بناء جيش شعبي متحرر من سيطرة الاستعمار والرجعية يصون استقلال البلاد ومصالح الشعب ويدافع عن السلام العالمي.
8 –النضال في سبيل الحريات السياسية، حرية الكتابة والنشر والكلام، وحرية المعتقدات الدينـية، وحرية جميع الفئات الشعبية المختلفة وحقها في التظاهر والإضراب وعقد الاجتماعات العامة، وحقها في تكوين الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات التي تدافع عن حقوقها وتعـبر عن رأيها وتنـاضل من اجل مطالبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
9 –جعل التعليم بجميع مراحله مجانيا وضمان هذا الحق لجميع أبناء الشـعب وبناته، وتحـرير العـلوم والثقافة من الأفكار الاستعمارية والرجعية والعنصرية.
10 –النضال في سبيل تحرير المرأة الأردنية من القيود الرجعية ومساواتها بالرجل في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
11 –النضال في سبيل تحضير البدو واستقرارهم وتوزيع الأراضي عليهم.
12 –النضال في سبيل مجلس تأسيسي منتخب انتخابا حرا يمثل الشعبين الفلسطيني والأردني لوضع دستور ديمقراطي يؤمن مصالح الجماهير الشعبية الكادحة في المدن والقرى ويعبر عن أرادتها في حكم نفسها بنفسها بحرية تامة، ويؤمن للشعبين الفلسطيني والأردني أن يقرر بحرية كاملة فيما إذا كانا يريدان الاتحاد مع بعضهما أم الانفصال.
واعتبرت اللجنة المركزية أن تكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن هو بمثابة خطوة ضرورية وهامة لوحدة الطبقة العاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن، ولتوحيد نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني ضد الاستعمار ومن اجل الدفاع عن السلم العالمي ومقاومة جميع المشاريع الاستعمارية والرجعية التي ترمي إلى ربط بلادنا بتكتلات عسكرية عدوانية مع حكـومتي إسرائيل وتركيا وإبقائها قاعدة عسكرية عدوانية للاعتداء منها على الاتحاد السوفيتي، الحـصن الرئيسي للسـلم العـالمي والنصير لحرية الشعوب العربية وجميع الشعوب المضطهدة، وعلى الدول الديمقراطية الشعبية المناضلة من اجل السلم العالمي والصديقة للشعوب العربية.أن تكوين حزب موحد للطبـقة العـاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن سيعزز النضال الشعبي من اجل التحرر الوطني والديمقراطية، وسيفسح المجال لقيام جبهة وطنية ديمقراطية تضم العمال والفلاحين والمثقفين والطـلاب وجماهير الكـادحة وجمـيع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء، رجالا ونساء، أعداء الاستعمار والحرب والرجعية، جبهة وطنية مناضلة من اجل السلم العالمي وفي سبيل إلغاء المعاهدة العسكرية وجلاء الجيوش الأجنبـية عن الأردن وتحقـيق الاستقـلال الوطني والديمقراطية (قرارات اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني في فلسطين ، أوائل عام 1951).
"طالب الحزب أن تنسحب إسرائيل والدول العربية من الأراضي التي احتلتها لان هذه الأراضي مخصصة للدولة الفلسطينية حسب مشروع الأمم المتحدة ولابد من إنشاء دولة عربية فلسطينية مستقلة. وحسب وجهة نظر الحزب، فانه لا يمكن إقامة هذه الدولة إلا بالتضامن مع”شعوب العالم المحبة للسلام”ضمن النضال الموحد ضد الاستعمار. وكان الحزب يعني”بالدولة الديمقراطية”: دولة تتجه نحو الاتحاد السوفيتي وتتخذ من الاشتراكية، او حتى الشيوعية، نظاما سياسيا لها. مثل هذه الدولة التي تقام على الجزء العربي من فلسطين هي فقط التي تستطيع العيش في سلام حقيقي مع إسرائيل –التي يتوقع الحزب أن تقوم فيها ثورة مماثلة. أما طبيعة العلاقة بين هاتين الدولتين – الفلسطينية واليهودية – وستعيشان في تعاون وصداقه”على ارض فلسطين”(أمنون كوهين : الأحزاب السياسية في الضفة الغربية في ظل النظام الأردني 1949-1967، (1988).
بعد ذلك،”حلم الحزب في التعايش السلمي مع إسرائيل قد تلاشى. ولكن الحزب استمر في مطالبته بحق اللاجئين في العودة وتلاشى مطلب الحزب السابق بإقامة الدولة العربية الفلسطينية الديمقراطية المستقلة. وعندما أيد الحزب المطالبة بانسحاب إسرائيل من سيناء وقطاع غزة بعد حرب السويس ستة 1956، طالب أيضا بإعادة غزة لمصر وليس لفلسطين، وذلك يعني إن الحزب اعتبر أن قضيته الرئيسية أصبحت الصراع بين المعسكر الاشتراكي – وتمثله مصر –والمعسكر الرأسمالي الاستعماري – وتمثله إسرائيل. أما قضية إقامة الدولة الفلسطينية فعليها أن تنتظر ألان لان الهدف الرئيسي اصبح هو دفع التأثير السوفيتي، عن طريق مصر، في المنطقة إلى الأمام”(انظر المصدر السابق).
وقاد الحزب حملة واسعة لجمع التواقيع على نداء برلين لأجل ميثاق للسلم بين الدول الخمس الكبرى، وقد بلغ مجموع التواقيع التي جمعت في القسم العربي من فلسطين حتى أوائل شهر حزيران 1951 زهاء سبعة آلاف توقيع، أما في شرق الأردن فقد جمع لغاية نفس الشهر 500 توقيع ورغم إرهاب حكومة سمير الرفاعي إلا أن الحملة زادت اتساعا في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن. وبين أهمية التوقيع على هذا النداء لأنه رفض لن تصبح البلاد قاعدة عسكرية استعمارية، وإنقاذ أطفالهم من الفناء وبلادهم من الدمار والكوارث، ومن جل تخليص شعبهم من نير الاحتلال الاستعماري، ومن نير حليفته الإقطاعية. لان توطيد السلم العالمي يعتبر اليوم اكبر ضمانة لنجاح نضال الشعب من اجل الاستقلال الوطني، والديمقراطية،والحياة الحرة الشريفة (المقاومة الشعبية ن العدد السادس حزيران 1951، السنة الثالثة. تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني).
وتبنى الحزب شعار إقامة الجبهة الشعبـية – الوطنـية منذ عام 1948 لأنها الإطـار الذي يضـم العمال والفلاحين والمثقفين الديمقراطيين وصغار التجار وصغار الملاكـين والطـلاب، أعدا الاستعـمار والحرب والرجعية، وتقوم أساسا على العمال والفلاحين، وكل الطبقات التي تربط مصيرها بالأهداف الوطنية،”وعلى رأس تلك الأهداف إسقاط مؤامرة ربط الأردن بمحور تل أبيب – أنقرة لان احتلال الجيش البريطاني للأردن لم تعد ألا مقتصرة على استعباد الشعب ونهب خيرات البلاد، بل أن هذا الاحتلال اصبح يهدد بتحويل البلاد إلى ساحة حرب تهدد الشعب الفلسطيني والأردني بالفناء والتشريد، وتهدد البلاد بالدمار والخراب..إن هذا الاحتلال ينطوي على خطر تسخير أبناء الشعب في الحرب العالمية الجديدة التي لها معسكر الاستعمار والحرب، وعلى رأسه الاستعمار الأميركي، ضد الاتحاد السوفيتي، والنصير لحريات جميع الشعوب العربية”(انظر المصدر السابق ).
وبين إن سير الاردن في ركاب المـشاريع الاستعـمارية الحربـية والاستعبادية، تجر على الشعب البؤس والشقاء والدمار الاقتصادي، وبالتالي، تعرض البلاد لان تصبح ساحة حرب، داعيا إلى تشديد النضال ضد المساعي والمحاولات الرامية إلى ربط البلاد بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني، مشيرا إلى أن هذه الأخطار تهدد الشـعب الأردني بالفـناء والتـشرد، وتهدد البلاد بالدمار والخراب، تتطلب قيام جبهة ديمقراطية وطنية واسعة : جبهة وطنية ديمقراطية تناضل من اجل منع انضمام البلاد إلى تكتلات عسكرية استعمارية، وتساهم مع مئات ملايين الشعوب لتوطيد السلام العالمي، ومن اجل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو- اردنية وجلاء الجيوش الأجنبية، وفي سبيل التحرر الوطني والديمقراطية، ومن اجل معيشة الشعب (مصدر سابق).
وفضح الحزب الهدف من وراء تجنيد الشـباب في مشـروع الحـرس الوطـني الذي يقوده كلوب الجلاد والمتمثل جعل شباب العرب طعاما لمدافع المستعمرين في الحرب الإجرامية التي يهيئون لها ضد الاتحاد السوفيتي، مشيرا إلى أن الشعب العربي الفلسطيني والأردني يرد السلم، ولا يريد الحرب لأنه يرفض أن تدمر الحرب بلاده، ولأنه لا يريد أن يفنى ويتشرد. انه يريد السلم لأنه يعلم، أن السلم هو في مصلحته، وانه أكبر ضمانة لنجاح نضاله من أجل طرد المستعمرين من بلادة وفي سبيل تحقيق حريته واستقلاله الوطني(نفس المصدر السابق).
ودعا الحزب في منتصف العام 1951 جميع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء أن يناضلوا ضد الإرهاب الاستعماري – الإقطاعي، ومن اجل إطلاق الحريات الديمقراطية : حرية النشر والاجتماع والتظاهر وتكوين الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجمعيات، مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين وضد الأعمال البربرية التي تقوم بها حكومة سمير الرفاعي، ففي نابلس جرت بتاريخ 1 / 6 / 1951، مظاهرة نسائية حملت فيها المتظاهرات يا فطه كبير كتب عليها الشعارات التالية :
“أطلقوا سراح المعتقلين في الجفر”و”فلتسقط الأحكام الإرهابية”و”عاش السلم وأنصاره”و”فلتسقط الحروب وتجارها”، وقد فرقها البوليس بالقوة.
وفي مدينة نابلس، وقع اكثر من 500 شخص على عريضة موجهة إلى وزير الداخلية، محتجين على المعاملة القاسية التي قامت بها السلطات البوليسية، بالاعتداء على ثلاثين شابا وإرسالهم إلى معتقل الجفر الصحراوي، وتعذيبهم بصورة فظة داخل السجن، وقد مضى على اعتقالهم أربعون يوما، مطالبين بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين او تقديمهم للمحـاكمة بصـورة قانونية.واستنـكر أهالي رام الله والخليل وبيت لحـم وأريـحا وطولكرم أعمال حكومة سمير الرفاعي من خلال عدة عرائض وبرقيات طالبوا فيها من خلالها بأطباق سراح المعتقلين إضافة إلي تشكيل عدة وفود في كافة أنحاء البلاد قابلت المسؤولين محتجة على هذه الأعمال التعسفية.
وفي مدينة نابلس أقدمت حكومة سمير الرفاعي على اعتقال عدد من المناضلين بلغ عددهم حتى أوائل شهر حزيران 1951 خمسة عشر شخصا عرف منهم : مأمون سعد الدين، عبد الرحيم أرشيد، فتحي سعد الدين، احمد رزق، سعيد أبو فاطمة، سليمان صوفان، عيسى دواني، نبيه لبادة، طاهر صوفان وبدر المحمود (نفس المصدر السابق).
في شهر أيار من عام 1951 أعلنت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني (عصبة التحرر الوطني سابقا) مقاطعتها للانتخابات التي ستجرى بعد حل مجلس النواب لتفصيل مجلس نواب جديد أطوع للمستعمرين لتنفيذ مشاريعهم الحربية والاستعمارية في البلاد وفي مقدمة هذه المشاريع، ربط الأردن بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني.”ودعت اللجنة المركزية للحزب من خلال بيان تم توزيعه بشكل جماهيري الجماهير الشعبية وجميع القوى الديمقراطية في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن الى مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة”(المقاومة الشعبية، تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني، العدد 8و9 آب وأيلول 1951 السنة الثالثة).
وبينت أن نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني من اجل السلم والاستقلال الوطني وفي اواسط شهر حزيران عام 1951 تراجعت عن موقفها من مقاطعة الانتخابات في بيان شرحت فيه الخطاء الذي ارتكبته عندما اتخذت خلال شهر أيار الماضي قرارا بدعوة الجماهير الشعبية وجميع القوى الديمقراطية الى مقاطعة الانتخابات النيابية .
واوضحت في بيانها المذكور: أن القرار الذي اتخذته اللجنة المركزية خلال شهر أيار والذي دعت فيه الشعب العربي الفلسطيني والأردني الى مقاطعة الانتخابات كان خاطئا. ومنشأ ذلك الخطأ يرجع إلى أن اللجنة المركزية عند بحثها هذه القضية قد بالغت في قوة حركة تحرر الشعب العربي الفلسطيني والأردني، بينما قللت من قوة الاستعمار والرجعية. أن خطأ اللجنة المركزية يشكل انحرافا نحو اليسار، سببه وجود عقلية البورجوازية الصغيرة داخل اللجنة المركزية.
وبينت أن نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني من اجل السلم والاستقلال الوطني والديمقراطية ينمو ويتسع ولكنه لغاية ألان لم يبلغ الحد الذي يستطيع فيه القضاء قضاء تاما على الاستعمار وحليفته الإقطاعية، فلذلك يصبح من واجب الحزب بوصفه حزبا ماركسيا–لينينا، إن يستخدم جميع أشكال النضال والتنظيم التي من شأنها، لكونها ملائمة أحسن من غيرها لشروط المد والجزر في الحركة، أن تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية.
وأعلنت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني عن تصحيح موقفها السابق من قضية الانتخابات النيابية القادمة فهي تدعو جماهير العمال والفلاحين والمثقفين والكادحين وكل الوطنيين والديمقراطيين الى جعل معركة الانتخابات النيابية معركة الشعب العربي الفلسطيني والأردني وضد ربط البلاد بمحور تل أبيب أنقرة العسكري، وللنضال من اجل السلم العالمي وفي سبيل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو-اردنية وجلاء الجيوش الأجنبية عن الأردن وفي الاستقلال الوطني والديمقراطية.
واوضحت أن المستعمرون وخدمهم الإقطاعيين وجميع عملائهم قد حلوا مجلس النواب السابق لأنه لم يكن يتصف بالطاعة والانقياد للمستعمرين ولمشاريعهم الحربية والاستعبادية. وإن المستعمرين والإقطاعيين وجميع عملاء الاستعمار يريدون الآن تزييف إرادة الشعب العربي الفلسطيني والأردني لطبخ مجلس نواب جديد يؤيد مشاريع المستعمرين الحربية والعدوانية دون تردد، وفي مقدمة هذه المشاريع الحربية العدوانية ربط البلاد بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني، أي ربط البلاد مع الحكومة التركية عميلة الاستعمار الأميركي وناهبة لواء الاسكندرونة العربي، ومع حكومة إسرائيل عميلة الاستعمار الأميركي وناهبة أراضي الدولة العربية الفلسطينية وجلادة الشعب العربي الفلسطيني، في تكتل عسكري عدواني.
وأشارت إلى أن الطبقة الحـاكمة في الأردن التي تكبل الشعب بالمـعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية وبالاحتلال البريطاني، والتي فتحت البلاد أمام أخطبوط الاستعمار الأميركي عن طريق”اتفاقية النقطة الرابعة”من مشروع ترومان الحربي الاستعبادي، والتي تفتح أبواب البلاد أمام جنرالات وكالة الغوث الاستعمارية. والتي تضطهد العمال وتشردهم وتجلد الفلاحين وتنهب غلتهم، وتدمر حياة البلاد الاقتصادية، وتفرض على الشعب ضرائب باهظة للأنفاق على المشاريع الاستعمارية الحـربية، والتي تسوق الشـباب لتجنيدهم في الجـيش العربي والحرس الوطني ولتقديمهم طعاما لمدافع الحرب التي يهيئ لها معسكر الاستعمار والحرب الانكلو– أميركي، إن الطبقات الحاكمة في الأردن تعتزم ألان ربط البلاد في تكتلات عسكرية عدوانية. إن هذه السياسة الآرامية التي تنتهجها تلك السلطات في البلاد تهدد الشعب والبلاد بأخطار عظيمة، أنها تريد الاحتفاظ بالبلاد قاعدة عسكرية للمستعمرين ليعتدوا منها على الاتحاد السوفيتي، أنها تريد أن تجعل من الوطن ساحة حرب تهدد الشعب بالفناء والتشريد والبلاد بالدمار والخراب.
وشددت على ضرورة النضال لمنع المستعمرين من ربط البلاد في تكتلات عسكرية وفي سبيل إنقاذ الشعب والبلاد من الدمار والخراب وإيجاد العمل لآلاف العمال والفلاحين ووضع حد لحياة البؤس والشقاء التي يعيشها مئات الألوف من المشردين، وخلق الإمكانيات لعودتهم إلى ديارهم، وتوفير الغذاء والكساء للجماهير الشعبية والقضاء على الغلاء.
ودعا الحزب العمال والفلاحين والمثقفين والكادحين وكل أعداء الاستعمار والحرب والرجعية إلى توحيد صفوفهم في جبهة وطنية ديمقراطية، لتجعل من معركة الانتخابات النيابية، معركة من اجل السلم العالمي وفي سبيل الاستقلال الوطني والديمقراطية ومعيشة الناس، ومن اجل إطلاق الحريات الديمقراطية، ومن اجل حقوق المرأة السياسية والاقتصادية وفي سبيل إطلاق جميع المعتقلين والمساجين السياسيين. داعيا إلى إحباط مؤامرة المستعمرين الرامية إلى تفصيل مجلس نواب رجعي ومن اجل إرسال ممثلين شرفاء عن الشعب العربي الفلسطيني والأردني، لمواصلة النضال داخل مجلس النواب وخارجه ضد ضم البلاد الى أي تكتل عسكري عدوان.وامتازت الفترة الواقعة ما بين 1951 و1956 بالنمو البطيء للحزب نتيجة للمضايقات المستمرة من السلطات الأردنية، لكنة اتبع استراتيجية ذات اتجاهين :
الأولى : انصبت الجهود الرئيسية على انشاء خلايا حزبية جديدة وفروع جديدة ونشـر الأفكار الشيوعية وتوسيع النشاطات لتشمل المناطق التي لم يستطيع النفاذ أليها في الماضي خاصة منطقة الخليل وما يحيطه.
والثانية : أيجاد جمهور اكبر له من خلال عدة منظمات أخرى استحدثت لتكون في راس الحربة ومنها حركة أنصار السلام، المسالمة سياسيا.
وفي 29 / 12 / 1951 قامت السلطات الأردنية باعتقال السكرتير العام للحزب الشيوعي الاردني فؤاد نصار وثلاثة من رفاقه المناضلين وهم : (سال متري، اليأس شمّاع وجابر حسين جابر بناء على إشارة من احد المخبرين المدسوس داخل الحزب وهو(داوود أبو شميس) حيث سيطرت السلطات على مطبعة الحزب”مطبعة المقاومة الشعبية”جريدة الحزب المدافع الجريء عن مصالح الجماهير الشعبية والمقاوم العنيد لمؤامرات المستعمرين الانكلو– أمريكان ولجرائم أعوانهم الخونة وتمت السيطرة على كميات كبيرة من المواد الدعائية.
وعلى اثر اعتقال فؤاد نصار ورفاقه سادت موجة من الاستياء والسخط للأعمال البربرية التي تقوم بها حكومة توفيق أبو الهدى واعتقالها العديد من المناضلين الوطنيين الشرفاء الذين يقفون في طليعة شعبهم في نضاله من اجل السلم والتحرر والجلاء والخبز، وضد المستعمرين الانكلو– أمريكيين ومشاريعهم الاستعبادية كالمشروع الرباعي العدواني والنقطة الرابعة من مشروع ترومان الاستعبادي، هذه المشاريع التي يريدون بواسطتها جعل الأردن ميدانا من ميادين الحرب العدوانية الذرّية المهلكة التي يحضرون لها بشكل محموم ضد جميع الدول الديمقراطية الشعبية وضد الإنسانية بأسرها.
وفي السجن تم التحقيق مع فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة من قبل المحقق (عبد القادر الجندي) وحينما دخل المحقق الغرفة التي كان فيها فؤاد جالسا لم يتحرك من مكانه، فطلب منه المحقق عبد القادر ان يقف احتراما له لكن نصار أجابه :”أنني لا احترم الجواسيس الحقيرين خدم الاستعمار أمثالك ولا اقف لهم، ولكنني احترم ابناء شعبي الشرفاء”.
وأمام المحقق اعترف فؤاد نصار باعتزاز وفخر بانتمائه للحزب الشيوعي الاردني ولكنه رفض الإدلاء بأية معلومات عن حزبه ورفاقه.
وقالت المقاومة الشعبية في عددها الصادر أوائل آذار 1952 السنة الرابعة العدد الخامس تحت عنوان :
عربدي يا قوى الظلام وضجي واستبدي فلن يدوم الظلام ز
محاكمة الرفيق المناضل فؤاد نصار ورفاقه فضيحة جديدة لجرائم المستعمرين الوحوش وخدمهم الإقطاعيين الجبناء
لقد أعلنت الحكومة بأنها ستقدم المناضل الوطني الكبير الرفيق فؤاد نصار ورفاقه المناضلين: جابر حسين جابر، اليأس شماع، سالم متري، ونصير السلام محمد علي قويدر الى محكمة بداية عمان يوم الاثنين في 18/2/1952 بموجب ”قانون مكافحة الشيوعية” الذي فرضته على البلاد عام 1950 بطريقة ملتوية في عهد ”البرلمان” الصوري التي تمت على يديه جريمة إلحاق القسم العربي الفلسطيني بالمستعمرة البريطانية شرق الأردن التي تحولت الى مستعمرة انكلو– أمريكية يحكمها الإقطاعيين يعـيش فيها العـمال والفـلاحون والمثقفون عيشة البـؤس والشقاء والاضطهاد والحرمان.
وأوضحت ان الجريمة المنسوبة إليهم هي الدفـاع والنضال في سبيل السـلم ولتجنـيب البلاد والشعب والأطفال القتل والدمار اضافة الى مقاومة مشاريع المستعمرين الأمريكيين الحربية والاستعبادية مشروع ”الدفاع المشترك والنقطة الرابعة والمعاهدة الأردنية البريطانية” وفي سبيل الاستقلال الوطني والتحرر من سيطرة المستعمرين الانكلو– أمريكيين وفي سبيل جلاء جيوش الاحتلال عن البلاد، ومن اجل إقامة حكم ديمقراطي شعبي تحكم فيه الجماهير الشعبية نفسها بنفسها ويناضلون في سبيل معيشة الشعب الكادح.
وتابعت الجريدة الرسمية للحزب قولها : لقد أظهرت محاكمة الرفاق الأربعة كم هم ضعفاء وجبناء المستعمرون وأعوانهم الأنذال، لافتة الى انه في صبيحة يوم المحاكمة انتشر الجنود المدججون بالأسلحة البريطانية المختلفة لإرهاب الجماهير الغفيرة التي وفدت من مختلف أنحاء البلاد لحضور المحاكمة ولكن الجماهير تدفقت الى ساحة المحكمة فملأتها وردهاتها وأدراجها.
وفي الساعة التاسعة صباحا احضر الأبطال المناضلون فؤاد نصار ورفاقه، وادخلوا الى قاعة المحكمة. وعند بدء الجلسة وقف المناضلون فوقفت الجماهير واخذوا ينشدون بحماس وثبات :
يا شعوب الشرق هذا فأقحموا الهول الشداد ك وقت رد الغاصبين واصطلوها باسمين ط
فحاولت الشرطة، بناء على اوامر المحكمة، إسكاتهم بالقوة غير انهم استمروا في نشيدهم الثوري الى نهايته. ثم قال المناضل فؤاد نصار :”أننا نستنكر هذا العدوان الوحشي من قبل الشرطة علينا أمام المحكمة – محكمة الاغتيالات. ان صوتنا هو صوت جماهير الشعب العربي الفلسطيني والأردني المـناضل في سـيل السلم والحرية، ولن تستطيع قوة مهما بلغت، ان تسكت هذا الصوت. ولما سألتهم المحكمة عن مهنهم، أجاب كل منهم بفخر واعتزاز :”مناضل ضد الاستعمار وفي سبيل السلم والحرية ومعيشة الشعب”.
وأضافت الجريدة في عددها الخامس (المقاومة الشعبية) أوائل آذار 1952 بان المدعي العام نجيب ارشيدات طلب بان تكون المحاكمة سرية معللا ذلك بوجـود مساس في دستور المـملكة في أفـادت فؤاد نصار. وحاول محامو الدفاع مناقشة طلب المدعي العام، الا ان المحكمة لم تمكنهم من الكلام. فقد قررت المحكمة ان تكون المحاكمة سرية، وطلبت من الجنود إخراج الجمهور من قاعة المحكمة، فوقف المناضل فؤاد نصار وقال :”لا نريد ان نحاكم. أرجعونا للسجن واحكموا علينا بما تشاءون” ثم اخذ الرفاق ينشدون:
وطـني يا مطـلع الجمال أننا في الحـق لا نبـالي م وطـني يا مسـرح الأباة شأننا ان نسحـق الطـغاة.... م
ثم بدأت هيئة الدفاع تناقش قرار سرية الجلسة وهاجمته بعنف وطلبت إلغاءه. اما الرفيق فؤاد نصار فقد قال :”أننا نطلب محاكمة علنية، لان القضية قضية وطنية، قضية رأي.فإذا كانت الحكومة تعتقد ان نظامها عادل فلماذا تخاف من خمسة أشخاص هم في قبضتها. حتى الحكومات الفاشية كانت تحاكم الشيوعيين علنا، ، والدليل على ذلك ايضا، ان رئيس الحكومة الحالي يمنع حتى النواب من الكلام في مجلس النواب او الكتابة في الصحف أننا نصّر على ان تكون المحاكمة علنية، أمام الجماهير الشعبية، ولا نعترف بالمحاكمة السرية ونعلن أننا نمتنع عن الكلام أمامها. ورغم ذلك فقد أصر القضاة : بهجت التلهوني، وعبد الرحيم الواكد، وإدريس التل،رغم ارتباكهم أصروا على سرية المحاكمة ورغم إصرار هيئة الدفاع والرفاق على جعلها علنية أجلو الجلسة.(أسماء المحامين الوطنين والديمقراطيين الذين تطوّعوا للدفاع عن الرفاق فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة هم :
بشارة غصيب، سليمان الحديدي، عبد الكريم معاذ، حمدي فريز، صبحي القطب، هاني العكشة، شفيق ارشيدات، يحي حموده، راتب دروزة، رفيق صلاح، منير عبد الهادي، فؤاد عبد الهادي، عبد الرزاق خليفة، محمود المطلق، بشير الحطاب، جبرا الانقر، رشاد سودي، زهدي حشوة، نعيم طوقان، صبحي حجاب، فريد غنام، عفيف الخوري،حمدي عبد الحميد، مصطفى الرشيد، محمد اليحيي، عزيز شحادة، فؤاد شحادة وبولس ركب).
وقد أثارت محاكمة فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة موجة من السخط في القطرين الشقيقين سوريا ولبنان وفي سائر أقطار الشرق الأوسط. فقد أرسل مئات المواطنين من العمال والفلاحين ومحامين وأنصار السلم والشباب والنساء والطلاب والمشردين في سوريا ولبنان برقيات وعرائض الاحتجاج والاستنكار لاعمال حكومة توفيق أبو الهدى التي تضطهد المناضلين في سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية.
ونضم 68 محاميا لبنانيا للدفاع عن فؤاد نصار ورفاقه لكن السلطات الأردنية منعتهم من الحضور اما المحامون المتطوعون فهم الأساتذة :
رامز شعبان، سليم غنطوس، نقيب المحامين في الشمال، ميشال عقل سكرتير نقابة المحامين في بيروت، فريد قوزما عضو مجلس النقابة، سليمان عيسى أمين صندوق مجلس النقابة، سليم أبو طعان، حسيب نمر، مصطفى مراد جورج شيكادبدس، كعدي كعدي، يوسف جرمانوس، فؤاد الداود، نوبار طورسركيبان، البير لحام، بشارة صابر، نقولا العم، ادوار سلوان، اليأس سركيس، رينه نمور، أمين الخوري، ادوار يمين، انطون يزبك، وعبيد عيسى، فريد قزي، فرنواحر فوش، هنري داغر، يوسف عالم، محمد خضر، ايتوار ايتموس، لويس أبو سمراء، روبير شويري، انطون قلام، عفيف شيخاني، ميشال داغر، اليأس جرماني، عبد الكريم سليم، كميل سلطان، أميل نجم، فؤاد عواد، فؤاد مشعلاني، نخلة مطران، مصطفى الحاج، سمير لمع، فؤاد الخوري، وديع شباط ، سابا سابا، أيلي نور، عبد الله حريكة، الفريد الحاج، فاروق معصراني، عاكف عسيران، أمين نوفل، رشيد المعصراني، حميد معوض، الشيخ جميل دملج، الدكتور ميشال بولس، مصطفى الذوق، عبد الله غلاييني، جورج كرم، عبد الغني سلطان، ميشال تركية، أمين الرافعي، زخريا اسعد زخريا، سهيل شماس، ميشال رعد، عصام مولوي، جوزيف عبيد.
ومن سوريا تطّوع 38 محاميا للدفاع عن المناضلين الأربعة وكانوا يهيئون أنفسهم لحضور جلسة المرافعة ولكنهم فوجئوا بصدور حكم المحكمة في جلسة واحدة فأرسلوا برقية يحتجون فيها على تصرفات السلطات الأردنية وفيما يلي نص البرقية المرسلة لوزير العدل الاردني والنيابة العامة ومحكمة بداية عمان ونقابة المحامين والصحف بعمان
المحامون عدنان القوتلي، عبد الكريم الحسامي، نصوح الغفري، موفق المهاييني، بديع اللولو، مصطفى أمين، مساعد القدسي، صادق لبهلوان، عبد الله الموصلي، ياسين دركزلي، فايز كنفاني، فوزي عبد الحميد، سليم شرباتي، توفيق افرام، سليمان النبي، مصطفى البيرقدار، خير الدين السمان، مجيي الدين الصبان، شاهر المهاييني، عبد الحميد الهريسي، عصام المملوك، صباح الركابي، جبران فندلفت، سعيد الزعبي، نوري المهاييني، ليان الشوبري، خليل صفوت، رزق الله نقش،فؤاد صنيح، هلال القزرلي، محمد أمين، موريس صلييني، خالد كالو، احمد محفل، عبد الكريم طبارة، عبد الحليم عبد الصمد، عصام الأخرس وبدر الدين السباعي المتطوعون للدفاع عن الأستاذ فؤاد نصار وإخوانه المناضلين في سبيل السلم والاستقلال والديمقراطية، يستنكرون سرية المحاكمة وعدم تمكينهم من الدفاع والحكم بجلسة واحدة بأقصى العقوبة لنضال وطني ضد المستعمرين المحتلين ومشاريعـهم الاستـعبادية الحربية ويطـلبون الأفراح عنهم.
في 21/2/1952 عنهم المحامي نصوح الفقري.
وفي صباح الأربعاء 20/2/1952 طلبت إدارة السجن من الرفاق ان يـذهبوا للمحاكمة، ولكنهم رفضوا قائلين :”أننا لا نذهب الى محكمة سرية وهذه أرادتنا، فما كان من الجنود الذين تجاوز عددهم الخمسين الا انهم انهالوا عليهم بالضرب مستعملين العصي والحديد بكل وحشية وقسوة، فثار لهيب الحقد المقدس في صدور الأبطال وتعاركوا مع الجنود، مستمدين العزيمة من حق شعبنا في الحياة الحرة وفي التحرر من قيود الذل والاستغلال التي يكبله بها المستعمرين الأمريكيون والإنجليز وحلفاؤهم الإقطاعيون، فأخذت الهتافات تتعالى من خلف القضبان الحديدية، من المعتقلين والمسـاجين بحياة السـلم العالمي، وحـياة الحزب الشيوعي الاردني وحياة البطل أبو خالد (فؤاد نصار). واستمروا في مقاومتهم الباسلة لعدوان الجنود والشرطة ما يزيد عن الساعة، ثم حُملوا بالقوة والإكراه الى السيارة واقتيدوا الى قاعة المحكمة ودماؤهم الزكية الطاهرة تسيل من رؤوسهم ووجوهم وايديهم.
وأمام إصرار (القضاة) على سرية المحاكمة، خرج محامو الدفاع احتجاجا واستنكارا لهذا الموقف من قبل هيئة المحكمة.
ولكن حكمة هيئة المحكمة عليهم بالسجن عشر سنوات لفؤاد نصار وست سنوات لكل من المناضلين جابر حسين جابر، اليأس شماّع، سالم متري. وكان المناضلون أثناء خلوة هيئة المحكمة لإصدار هذا القرار كانوا يهتفون :”عاش السلم العالمي، عاش الحزب الشيوعي الاردني، عاش نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني في سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية، عاش الرفيق ستالين قائد معسكر الشعوب الجبار، الموت للمستعمرين وأعوانهم الأنذال، المجد لشعبنا الأبي.
لقد أثارت هذه المحاكمة (الجريمة الوحشية) السخط والغضب والاستنكار وسط الجماهير الشرفاء، اضافة أنها اضهرت حقدهم على
وناضل الحزب الشيوعي في اواسط الخمسينات حسب المقاومة الشعبية السنة السابعة العدد 2 شباط 1955 ضد أساليب القمع والإرهاب وسن القوانين والأنظمة الإرهابية الجديدة وتعديل القوانين الرجعية القديمة بحيث تصبح اشد رجعية وسوادا. أشارت الجريدة الى ان الحكومة سنت قانون الوعظ والإرشاد لتمنع الناس من التحدث والخطابة في المساجد، ووضعت نظام الموظفين المعدل لإرهاب الموظفين، كما أمضت في تطبيق قانون الحرف الذي يفرض على الحرفيين واصحاب البسطات وأصحاب الدكاكين الصغار ضرائب باهظة لم يسبق لها مثيل مما يسارع في دفعهم الى هوة الإفلاس والخراب اضافة الى تعديلها قوانين: الأحزاب السياسية، البلديات، المطبوعات، والانتخابات النيابية، بشكل يجعلها اشد رجعية مما هي علية الان، وذلك لتغرق البلاد اكثر فاكثر في ظلام الإرهاب والاستبداد وتجعل من البلاد معتقلا كبيرا تحكمه القوانين الرجعية الإرهابية السوداء .
وبينت الجريدة في نفس العدد السابق بأنه تم اعتقال العديد من العمال بناء على هذه القوانين بتهمة حيازة نشرات شيوعية مثل العامل لطفي اللبدي (عمان) حيث حكم سنة سجن وعلى العامل علي أبو خلف بنفس التهمة. وعلى الرغم من ان المحكمة قررت براءة المناضل عبد العزيز العطي من التهمة التي لفقت ضده فقد رفضت سلطات الجلاد كلوب إطلاق سراحه وأرسلته الى معتقل الجفر الصحراوي.
وحاكمت المـحاكم في رام الله 29 مواطـنا (بتهمة) الاشتراك في مظاهـرات 16 تشرين الأول، وحكمت على عدد كبير منهم بالسجن ودفع الغرامات الباهظة.
وبتاريخ 23 آذار 1952 تم نقل 18 مناضلا من شيوعيين وانصار سلم الى منفى الجفر الصحراوي من بينهم فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة الذين حكمت عليهم بالسجن مددا تتراوح ما بين عشر وست سنوات حيث تم نقلهم وإرسالهم بقيودهم بهدف القضاء عليهم.
هذا الأجراء أدى الى احتجاجات شعبية واستنكار عام معتبرتها بأنها اجراءات فاشية إرهابية استبدادية مطالبة بضرورة الإسراع في إطلاق سراحهم وإلغاء القوانين الاستثنائية وقانون مكافحة الشيوعية وإباحة الحريات الديمقراطية ومزاولة النشاط السياسي.
وفي نابلس تم اعتقال المناضلين عبد العزيز العطي ورشيد الهباب وحمزة الزير والدكتور عبد المجيد أبو حجلة وابعاد الأخير الى منفى الجفر الصحراوي مما أثار موجة من السخط والاستنكار في المدينة والقضاء.
وطالب اهالي السلط بضرورة اطلاق سراح أنصار السلم حنا حتر وهاني النبر وسلمان النويران المعتقلين منذ اواسط آذار 1952 في سجن السلط وجميع المعتقلين والمسجونين السياسيين وبضرورة إلغاء القوانين الاستثنائية واباحة الحريات العامة.
وفي أريحا تم اعتقال الدكتور عبد الرحيم بدر والأستاذ احمد عريقات عضوي اللجنة التحضيرية لانصار السلم وابعادهما الى منفى الجفر الصحراوي. وقد اصدر الحزب الشيوعي الاردني بيانا حول إضراب الدكتور بدر عن الطعام دعا فيه الجماهير الى تشديد النضال من اجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين واباحة الحريات العامة وإحباط مشروع الدفاع المشترك وسائر المشاريع الاستعمارية وتشديد النضال من اجل السلم والاستقلال والجلاء وإلغاء معاهدة الاحتلال الانكلو– اردنية وعلى ضوء توزيع هذا البيان قامت السلطات بحملات اعتقالات طالت السكان وخصوصا المشردين فاعتقلت العشرات منهم وعاملتهم بقسوة ووحشية. وكان في سجن أريحا المعتقلين هم محمد العطي وشفيق عبد العزيز.
وفي القدس تم اعتقال نصير السلم نعيم الأشهب أسندت اليه تهمة استفزازية وقد استنكرت الجماهير في القدس هذا الاعتداء الفاضح على الحريات العامة وعلى المناضلين للسلم والاستقلال وضد مشاريع المستعمرين الحربية العدوانية.
وقد أرسلت اللجنة الوطنية لانصار السلم في سوريا برقية الى رئيس الوزراء وزير العدلية جريدة الفجر الجديد جاء فيها :
“اعتقال الأستاذين حسن النابلسي وفؤاد قسيس لنضالهما في سبيل السلم والاستقلال الوطني ولمقاومتهما مشروع الدفاع المشترك وجميع المشاريع الاستعمارية الحربية اعتداء على الحريات العامة وخدمة لمصالح دعاة الحرب. فباسم 260 الف نصير للسلم في سوريا نطلب الإفـراج عنهما وإطـلاق حرية العمل للسلم والاستقلال وجميع الحريات العامة. التواقيع : الشيخ صلاح الدين الزعيم، المحامي سعد زغلول الكواكبي، الفنان سعيد تحسين، الشاعر جكر خوين، الدكتور بدر الدين السباعي، الدكتور مصطفى أمين.
ومن بيروت أرسل الدكتور جورج حنا والأستاذان انطون ثابت ورضوان الشهال برقية الى الحكومة الأردنية يحتجون فيها على اعتقال أنصار السلم لنضالهم ضد الدفاع المشترك وجميع المشاريع الاستعمارية العدوانية ويطالبون بإطلاق سراحهم واباحة الحريات.
وفي باريس اصدر الطلاب الأردنيون في اوروبا نداء الى جميع الطلاب العرب في اوروبا بتاريخ 10 آذار 1952 بعنوان :”لنتحد لا نقاذ المناضل الوطني فؤاد نصار ورفاقه”حملوا فيه على تصرفات سلطات في الأردن لاعتقالها المناضلين من شيوعيين ووطنيين ومحاكمتهم وإرسالهم للسجون والمنافي لانهم يسيرون في طليعة شعبهم في النضال من اجل السلم وضد مؤامرة الدفاع المشترك الاستعماري الحربي ولإلغاء معاهدة الذل والاحتلال الانكلو– اردنية واشاد البيان بنضال الرفيق فؤاد نصار ضد الاستعمار منذ عام 1936 مهيبا بالطلاب العرب في اوروبا للاحتجاج الصارخ على الحكم الجائر الذي وقع على المناضل الوطني الأستاذ فؤاد نصار ورفاقه المناضلين والنضال المستمر لانتزاع حريتهم ليعودوا الى المكان اللائق بهم، الى طليعة النضال الوطني الشعبي في سبيل التحرر الوطني وفي سبيل السلم. (المقاومة الشعبية السنة الرابعة، العدد السابع، او ائل نيسان 1952).
وفي صباح الاثنين 14 نيسان 1952 قام عساكر الجلاد البريطاني أبوحنيك في مادبا باعتقال الدكتور مشيل معايعة والصيدلاني وديع برقان وعيسى كرادشة من أعضاء اللجنة التحضيرية لانصار السلم ومعهم الشاب الديمقراطي فؤاد قراعين وارسلوا الى معتقل الجفر الصحراوي (المقاومة الشعبية، السنة الرابعة، العدد الثامن، او اسط نيسان 1952). وفي الأسبوع نفسه سيق خمسة وثلاثون شابا من نابلس الى عمان مشيا على الأقدام وتحت سياط فرسان ابوحنيك مما أدى الى مقتل الشاب روحي زيد الكيلاني. كما سيق المناضل عيسى عويس مشيا على الأقدام تحت حراسة الفرسان من عمان الى معتقل الجفر لصحراوي الذي يبعد عنها ثلاثمائة كيلومترا.
وأشارت المقاومة الشعبية ان الاعتقالات وزج العشرات والمئات من الشباب الوطنيين وأنصـار السـلام والشيوعيين والناس الشرفاء في السجون وتعذيبهم ونفيهم الى المعتقلات الصـحراوية ومطاردة الشرطة للناس والتحقيق معهم والتدخل في أمورهم وتفتيش بيوتهم والاعتداء على كرامتهم أصـبحت من الأمـور المألـوفة والظواهر المعتادة في كل يوم وكل ساعة وفي كل مدينة وقرية.
وأقدمت السلطات على اعتقال عربي عواد في عمان يوم اول أيار 1952 وعاملته بوحشية. وفي اربد اعتقلت إبراهيم الطوال وعيسى مدانات عضوا اللجنة التحضيرية لانصار السلم وقد احتجا على اعتقالهما وأعلنا الإضراب عن الطعام منذ دخولهما السجن، وقامت السلطات بنقلهما الى سجن عمان وهما مضربان. وفي سجن عمان المركزي كان عشرات من الشباب والديمقراطيين وأنصار السلام معتقلين بموجب القوانين الاستثنائية الإرهابية فأعلن ستة وعشرون منهم الإضراب عن الطعام يوم الأحد الموافق 4 أيار 1952 احتجاجاً على استمرار اعتقالهم مطالبين بإطلاق سراحهم.
وبعد ستة أيام من الإضراب 9/5/1952 اختطفت السلطات سبعة من المضربين بينهم عيسى مدانات وإبراهيم الطوال وحنا حتر وحملتهم بالإكراه في سيارات مكشوفة الى معتقل الجفر الصحراوي وهم في حالة خطره. وعندما بلغ خبر إضراب المعتقلين توفيق أبو الهدى قال :”انقلوهم الى الجفر وسلموا جثة الذي يموت منهم لاهله”.
وفي اواسط حزيران 1952 حكمت محكمة بداية اربد على الطالب وديع (الصف الرابع الثانوي”بعد اختطافه من المدرسة، بالسجن مع الاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بتهمة حيازته على منشورات شيوعية بحسب المقاومة الشعبية العدد الثالث عشر / تموز 1952.
وبينت المقاومة الشعبية في عددها السابق بان محكمة بداية نابلس حكمت على عبد العزيز العطي ورشيد الهباب بالسجن ثلاث سنوات ومع الاشغال الشاقة بعد ان أحضرت النيابة شاهدها داود ابواشميس.
وخلال الجلسة الختامية لمحاكمتهم وقف عبد العزيز العطي وقال :”ان الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في بلادنا، السائرة في نضالها الى النصر المحقق، ستحاسب هذا النذل الحقير على خيانته (داود ابواشميس) وتسحقه وأسياده المستعمرين واعوانهم”لافتا الى انه”لا يمكن ان يخرج عن اوامر أسياده رجال التحري وأقواله المأخوذة من مستودعات كلوب لا تستحق سوى الازدراء والاحتقار من كل إنسان شريف”.
وقد أعلانا اعتزازهما وافتـخارهما بالانـتماء الى الحـزب الشـيوعي الاردني، طليـعة الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة في بلادنا في النضال العتيد لتحقـيق أهدافـها السامية في السـلم والتحـرر والجلاء والديمقراطية ومعيشة الشعب”.
وفي نهاية حديثهما أمام المحكمة بينا سياسة الحزب الهادفة الى توطيد السلم وتجنيب البلاد ويلات الحرب وفي سبيل إلغاء المعاهدة الانكلو– اردنية والاستقلال الوطني والحكم الديمقراطي الشعبي ومصادرة أراضى الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين ومن اجل عودة المشردين الى ديارهم، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ونضال الحزب الى جانب الجماهير الشعبية ضد القمع وفي سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية وضد مشروع قيادة الشرق الأوسط او النقطة الرابعة وقد تعرض الشباب والعمال والفلاحين وسائر افراد الشعب الى التفتيش والاعتقال والضرب والتعذيب في السجون والمنافي والاعتداء على ابسط الحريات وضيق الأنفاس حتى أعضاء مجلس نواب الحكومة طالهم منع الكلام داخل البرلمان والأندية، ومن الكتابة في الصحف.

رسم بياني يحدد عدد الاصوات التي حصل عليها الحزب الشيوعي الاردني خلال الانتخابات النيابية منذ 1950 وحتى 1956 .









قرارات عصبة التحرر الوطني بفلسطين وتأسيس الحزب الشيوعي الأردني

1951 – 1956
"في أوائل عام 1951 عقدت اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني عدة اجتماعات تدارست فيها الأوضاع التي نشأت في فلسطين بعد نجاح المؤامرة الاستعـمارية الدامـية عليها، وبناء على هذه الدراسـة راجعت سياستـها واتخذت عدة قرارات”(المقاومة الشعبية : تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني، العدد السادس، حزيران 1951، السنة الثالثة ).
وامتازت هذه الفترة بالنمو البطيء للحزب نتيجة للمضايقات المستمرة من السلطات الأردنية. حيث انصبت الجهود الرئيسية للحزب على إنشاء خلايا حزبية جديدة وفروع جديدة ونشر الأفكار الشيوعية وتوسيع النشاطات لتشمل المناطق التي لم يستطع النفاذ أليها في الماضي خاصة منطقة الخليل وما يحيط بها، وأيجاد جمهور اكبر له من خلال عدة منظمات أخرى استحدثت لتكون في رأس الحربة ومنها حركة أنصار السلام.
ويقال انه في بداية الأمر كان هنالك معارضة داخل اللجنة المركزية للحزب للتعامل مع حركة أنصار السلام، غير ان فؤاد نصار أقنعهم انه من الضروري للحزب ان يدخل في نشاطات سياسية على المستوى الدولي، اضافة الى توسيع قاعدته المحلية، وانتصرت وجهة نظر فؤاد نصار واصبح الحزب(حشا)هو القوة الرئيسية خلف "أنصار السلام".
وعلى ضوء هذا النشاط منعت السلطات الاردنية حركة أنصار السلام من الانتشار على مستوى المملكة، غير ان الحزب قام بتأسيس عدد من الفروع. وفي ربيع عام 1952 اعتقلت السلطات معظم أعضاء اللجنة التحضيرية ومنهم(حمزة الزر، موسى قويدر، فؤاد قسيس).
وبينت تطور النضال الشعبي في فلسطين ضد الاستعمار منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية بانتصار الشعوب على النازية بقيادة الاتحاد السوفيتي وأصبحت قضية فلسطين في هيئة الأمم المتحدة، مشيرة إلى تأمر الاستعمار الانكلو– أميركي مع الجامعة العربية ومع الزعامة الفلسطينية العربية وقيادة الحركة الصهيونية، على حرية فلسطين. مستعرضة أخطاء عصبة التحرر الوطني فلسطين.
وقررت العصبة في هذا الاجتماع تكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن ووضعت برنامج الحزب الشيوعي الأردني المتضمن ضـرورة النضـال من اجل السـلم العـالمي ومقاومة الحرب العالمية الجديدة التي يهيئ لها المعسكر الاستعماري وعلى رأسه الاستعمار الأميركي، والنضال من اجل التحرر الوطني والديمقراطية.
واعتبر عربي عواد ان قرارات اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني في فلسطين في صيف 1951، بتغير اسمها الى الحزب الشيوعي الاردني كانت تشكل ظاهرة سلبية بالنسبة للنضال الوطني الفلسطيني بسبب التخلي عن الهوية الوطنية الفلسطينية للشيوعيين الفلسطينيين، وانحصار نضالهم بين العمال والجماهير الفلسطينية في الضفتين (الغربية والشرقية) وانعزالهم بحسبة عن الجماهير الفلسطينية في المواقع الأخرى التي واصلت التمسك بهويتها الوطنية رغم هول النكبة وظلت تقاوم كل مشاريع الإسكان والتوطين التي طرحتها الأوساط الإمبريالية، وتتمسك بحق العودة الى ارض وطنها فلسطين والسيادة الوطنية التامة علية.
ففي برنامجه المقر في عام 1951، حول مهمات النضال في مرحلة”التحرر الوطني الديمقراطي”، دعا الحزب الشيوعي الاردني جماهير الشعبين الاردني والفلسطيني الى التوحد في النضال للقضاء على سيطرة الاستعمار البريطاني وضمان الاستقلال الوطني للأردن، والى العمل من اجل تنفيذ قرار هيئة الأمم المتحدة، الصادر في تشرين الثاني 1947، وتأمين عودة المشردين الفلسطينيين الى ديارهم (البحث عن كيان، دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني 1908-1993، ماهر الشريف، الطبعة الأولى 1995 (ص 73).
وطالب الحزب الشيوعي، منذ قيامه، بإلغاء المعاهدة التي كانت تربط الأردن ببريطانيا، وتصدى لمحاولات جر الأردن للارتباط بمشاريع”الدفاع عن الشرق الاوسط”الأمريكية، ومن ثم بحلف بغداد، ناظرا الى الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق الحدودية العربية باعتبارها”من صنع المستعمرين الأميركيان والإنكليز الذين أفزعهم النهوض العربي المتعاظم،(فسعوا الى) أيجاد المبرر لتدخلهم العسكري وجلب قواتهم العسكرية الى البلاد العربية تحت ستار المحافظة على السلام والأمن، وليفرضوا على الدول العربية مشاريعهم الحربية والعدوانية وفي مقدمتها حلف بغداد”(المصدر السابق ص 74).
وأعرب الحزب الشيوعي الاردني عن معارضته الصريحة فكرة التوصل الى صلح بين الـدول العـربية وإسرائيل، باعتبارها”فكرة استعمارية”ترمي الى تصفية القضية الفلسطينية وتتعارض مع مصالح الشعوب العربية والشعب الإسرائيلي نفسه. ففي مقال نشرته الصحيفة المركزية للحزب، في نهاية العام 1952، أشير الى”ان الاستعمار الانكلو– أميركي يرى ان تنفيذ مشاريعه العدوانية في الشرق الأوسط يتطلب التوفيق بين أعوانه من العرب واليهود، ودفن قضية المشردين الفلسطينيين والتخلص منهم بتشتيتهم وإسكانهم نهائيا في الدول العربية، وفي الوقت نفسه يدفنون قضية الشعب العربي الفلسطيني، قضية تحرره واستقلاله وعودة مشرديه الى ديارهم”. وخلص المقال الى ان الشعوب العربية”تدرك ان”الصلح”، الذي تسعى الدول الاستعمارية لعقدة بين الحكام العرب واليهود، ليس في مصلحتها ولا في مصلحة الشعب الإسرائيلي ولا في مصلحة السلم في الشرق الأوسط والعالم بأسره”(المقاومة الشعبية، السنة الرابعة، العدد 19، أوائل كانون الأول).
وبديلا عن هذا”الصلح”الاستعماري، دعـا الحـزب الى ضـمان تعاون القـوى الديمقراطية العـربية واليهودية في النضال”ضد الاستعمار وضد الرجعيتين العربية واليهودية”.
وأضاف عربي عواد، ان قيام الحزب الشيوعي الاردني الذي جاء انسجاما مع ظروف موضوعية فرضت نفسها على الواقع الفلسطيني آنذاك وهي ظروف (النكبة)، قد فتح المجال أمام تطوير نشاط الشيوعيين الفلسطينيين والأردنيين في صفوف العمال والجماهير من فلسطينيين وأردنيين في الضفتين الغربية والشـرقية، وحشد طاقاتهم الكفاحية في النضال المشترك، وضد السيطرة الاستعمارية على البلاد الممثلة في المعاهدة مع بريطانيا والقواعد العسكرية البريطانية وقيادة الجيش من قبل مجموعة من الضباط الإنجليز وضد الاعتداءات الصهيونية المتكررة.
وعكس برنامج الحزب الشيوعي الاردني تلك الأهداف الوطنية، اذ تضمن الدعوة الى الى اقامة نظام ديمقراطي في البلاد، وتأمين السيادة الوطنية الكاملة بإلغاء المعاهدة مع بريطانيا وإزالة القواعد العسكرية الإنجليزية وطرد الضباط الإنجليز من الجيش.
ولعب الحزب دورا طليعيا بارزا في النضالات والمعارك الوطنية التي خاضتها الجماهير الشعبية في الضفتين الشرقية والغربية في سبيل الحريات الديمقراطية، وضد قيود السيطرة الاستعمارية، والتي توجت بالانتفاضة الشعبية المظفرة التي أسقطت المؤامرة الاستعمارية لجر الأردن لحلف بغداد في اواخر 1955، وفتحت الطريق لعدة إنجازات وطنية : تعريب الجيش وطرد الضباط الإنجليز في آذار 1956 وفوز الأحزاب والقوى الوطنية في الانتخابات السياسية في تشرين اول من العام نفسه، وقيام حكومة وطنية في البلاد وإلغاء المعاهدة البريطانية في آذار 1957.
واتخذ الحزب الشيوعي الاردني موقفا حازما لتحقيق أهدافه الوطنية، وتصدى لنزعات المساومة لدى بعض القوى الوطنية، التي عبرت عن استعدادها للقبول بإلغاء المعاهدة، مع الإبقاء على القواعد العسكرية الإنجليزية على أساس أنها قواعد مستأجرة لمدة معينة، وتصدى للدعوة لإقامة الوحدة آنذاك بين الأردن والعراق وسوريا، وبين أن تلك الموجدة لن تكون في مصلحة التحرر الوطني من السيطرة الاستعمارية، لأنها ستؤدي إلى وضع سوريا،(التي ظفرت باستقلالها الوطني منذ عام 1946)، تحت قيود السيطرة الإمبريالية، التي كانت تكبل العراق والأردن. وأولى الحزب الشيوعي الأردني، اهتماما كبيرا بتنظيم الجماهير، خاصة جماهير العمال والفلاحين والطلاب والنساء والشباب للدفاع عن حقوقهم وقضاياهم المطلبية الخاصة، وضمان مشاركتهم في المعارك الوطنية التي احتدمت في البلاد، وقد ساهم الحزب بدور أساسي في بناء عدد كبير من نقابات العمال وتأسيس اتحاد نقابات العمال عام 1954، وتأسيس اتحاد الطلبة الأردني عام 1953، وتشكيل نقابات العمال الزراعيين والجمعيات الفلاحية في المناطق الريفية، وتنشيط الحركة النسائية، والحركة الشبابية.
ومن هنا فقد كان طبيعيا، أن يصيب الحزب الشيوعي الأردني، النصيب الأكبر من حملات القمع والتنكيل بهدف ضرب النهوض الوطني، وشل الحركة الجماهيرية، وتعرض الشيوعيون للتعذيب والسجن مددا طويلة، ولكنهم ضربوا أروع الأمثلة في الصمود والصلابة والثبات على المبدأ، والتمسك بالأهداف الوطنية للشعب وصلبت الروح النضالية في الحزب في معمعان النضال، وتوطدت وحدته التنظيمية والفكرية، واتسع نفوذه الجماهيري وارتفعت مكانته السياسية.وقد أثرت الروح الكفاحية التي سادت الحزب تأثيرا إيجابيا على موقفه من القضية الفلسطينية، فبدلا من شعار الصلح العادل مع (إسرائيل) الذي تضمنته قرارات 1951، رفع الحزب منذ 1956 شعار مقاومة الصلح الاستعماري، وقاد حملات الرفض والاستنكار لمشاريع التوطين المختلفة، ومنذ اواخر 1956 جرت مناقشات داخل اللجنة المركزية للحزب، حول إعادة النظر في موقفه إزاء القضية الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بقيام (دولة إسرائيل) ,ولم تتمخض تلك المناقشات عن تغير موقف الحزب من مشروع التقسيم وقيام الكيان الصهيوني بموجبه ويعود ذلك بشكل أساسي للعجز النظري،وعدم المعرفة بالموقف الماركسي اللينيني إزاء القضية القومية والثورة الوطنية ومبدأ حق تقرير المصير، وهذا العجز النظري هو أحد الأسباب الرئيسية التي لم تمكن الشيوعيين الفلسطينيين لاحقا من القيام بدورهم المطلوب في الثورة الفلسطينية المعاصرة، والتصدي للتيار اليميني الانتهازي الذي برز في قيادة الحزب وعرقل عملية الانخراط في الثورة.
وقد خرجت اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني بالنتائج التالية : أن المستعمرين الأميركيين والإنكليز بالتآمر مع الحكومات العربية ومع زعماء فلسطين العرب ومع قيادة الحركة الصهيونية قد تمكنوا من منع تنفيذ قرار هيئة الأمم المتحدة الصادر بتاريخ 29 / 11 / 1947، وبدل أن تتحرر فلسطين بكاملها، وبدل أن تنشأ فيها دولتان عربية ويهودية ديمقراطيتان ومستقلتان وموحدتان اقتصاديا وغير خاضعتين لأي نفوذ أجنبي، نشأت فقط دولة إسرائيل خاضعة لنفوذ الاستعمار الأميركي، أما الدولة العربية الفلسطينية فلم تنشأ، وقد سحق استقلال الشعب العربي الفلسطيني ومزق وطنه إلى ثلاثة أجزاء وشرد منه اكثر من ثلاثة أرباع مليون شخص.
وقد استطاع الاستعمار البريطاني أن يحتفظ بسيطرته على جزء من أراضي الدولة العربية الفلسطـينية، وهو الجزء الذي ألحقه قسرا بمستعمرته شرق الأردن.
فاللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني ترى أن هذا الجزء من القسم العربي الفلسطيني مع شرق الأردن أصبحا يكونان دولة واحدة، وأن هذه الدولة خاضعة خضوعا تاما لسيطرة الاستعمار البريطاني، إذ على الرغم من الاستقلال الصوري الذي منحه الاستعمار البريطاني لشرق الأردن بعد الحرب العالمية الثانية، فان سيطرته بقيت كما هي ولم تمس قط، وقد ضمنت له المعاهدة العسكرية المعقودة بينه وبين الاردن هذه السيطرة المطلقة على شرق الأردن، وجعلت من الأخيرة قاعدة عسكرية له.
وبعد أن الحق الاستعمار البريطاني هذا الجزء من الدولة العربية الفلسطينية إلى شرق الأردن، بالتعاون مع الإقطاعيين وكبار الملاكين وجميع عملائه، وبموافقة الكتل البرجوازية المهادنة للاستعـمار في هذا القـسم وفي شرق الأردن وفي مقدمتها قادة حزب البعث، أصبحت المعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية سارية المفعول على هذا الجزء. وبهذا اصبح الشعب العربي الفلسطيني والشعب العربي الأردني يرزحان تحت نير عدو مشترك هو الاستعمار البريطاني، وتحت نير حلفائه الإقطاعيين في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن. فلا الشعب العربي الفلسطيني في هذا الجزء، ولا الشعب العربي الأردني في شرق الأردن، يستطيعان أن يتحررا من نير عدوهما المشترك، الاستعمار وحلفائه، ألا بتوحيد نضالهما للدفاع عن السلم وفي سبيل التحرر الوطني والديمقراطية.
وقالت : لقد كانت قضية الشعب العربي الفلسطيني، ولا تزال، قضية نضال ضد الاستعمار ومن اجل التحرر الوطني والديمقراطية. وهذه، أيضا، هي قضية الشعب العربي في شرق الأردن.ولكي يستطيع الشعبان مواصلة النضال بنجاح من اجل تحقيق هدفهما في التحرر الوطني والانعتاق، ينبغي لهما أن يوحدا نضالهما ضد عدوهما المشترك الاستعمار.
وأن القوة الوحيدة القادرة على توحيد نضال هذين الشعبين وقيادته : الطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن.
وأن عدم قيام الطبقة العاملة الفلسطينية – الأردنية بهذه المهمة سيؤخر حتما تحرر الشعب العربي في القسم العربي من فلسطين وفي الأردن، وسيمكن المستعمرين من تشديد نيرهم عليه، ومن الاحتفاظ ببلادة كقاعدة عسكرية في مشاريعهم الإجرامية الرامية إلى إشعال نار حرب عالمية جديدة، ومن تحويلها إلى ساحة حرب تهدد الشعب بالفناء والدمار والكوارث المروعة. فعلى عاتق العناصر الواعية من العمال الفلسطينيين والأردنيين تقع مسؤولية إنجاز هذه المهمة، وذلك بتكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن.
أن عدم وجود حزب للطبقة العاملة في شرق الأردن يضع على عاتق حزبنا – عصبة التحرر الوطني – بوصفه حزب الطبقة العاملة الفلسطينية وطليعتها، واجب المبادرة إلى تكوين هذا الحزب.
وقررت اللجنة المركزية أن يصبح حزبنا – عصبة التحرر الوطني – حـزبا للطبقة العامـلة الفلسطيـنية والأردنية، وأن يصبح اسمه من الآن فصاعدا :”الحزب الشيوعي الأردني”.وبما أن بلادنا واقعة تحت سيطرة الاستعمار الأجنبي، وبما أن السلطة فيها في أيدي حلفائه الإقطاعيين، فان نضالنا في المرحلة الحالية هو نضال وطني ديمقراطي وبالقضاء على سيطرة الاستعمار الأجنبي، وبسحق حليفته الإقطاعية وجميع عملائه ليفسح المجال أمام حزبنا – الحزب الشيوعي الأردني – للنضال من اجل الاشتراكية.
فالهدف الرئيسي للحزب الشيوعي الأردني في المرحلة الحالية – مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي – هو: القضاء على سيطرة الاستعمار البريطاني وسحق الإقطاعية، بوصفها السند الرئيسي له، وسحق جميع عملائه.
وأن القوى الرئيسة القادرة على تحقيق هذا الهدف هي : الطبقة العاملة المتحالفة مع جميع الفلاحين ومع البورجوازية الصغيرة في المدن ومع جميع الوطنيين والديمقراطيين الشرفاء أعداء الاستعمار والحرب والرجعية وأن القوى الرئيسية التي لا يمكن، بدون تأييدها ومساندتها، تحقيق هذا الهدف هي : المعسكر الديمقراطي والمعادي للاستعمار، وطليعته الاتحاد السوفيتي، الحصن الرئيسي للسلم العالمي والنصير العظيم لحريات جميع الشعوب.
وأن الوسيلة لتحقيق هذا الهدف، هدف التحرر الوطني الديمقراطي، هي : النضال الشعبي الثوري.
ويناضل الحزب الشيوعي الأردني من اجل تحقيق هذا الهدف تحت الشعارات الوطنية الكبرى التالية :
1 – الدفاع عن السلم العالمي ومقاومة مؤامرات معسكر الاستعمار والحرب الذي يتزعمه الاستعمار الأميركي لإشعال نار حرب عالمية جديدة، جنبا الى جنب مع جميع الشعوب المحبة للسلام وبقيادة الاتحاد السوفيتي الحصن الرئيسي للسلم العالمي، والقضاء على كل مؤامرة تدبرها الطبقات البرجوازية في الأردن لإقحام الشعبيين الفلسطيني والأردني في مغامرات عسكرية.
2 – النضال من اجل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية وجلاء جميع الجيوش البريطانية وجميع القوات الأجنبية عن الأردن والنضال في سبيل الاستقلال الوطني وإقامة نظام ديمقراطي يشترك فيه العمال والفلاحين وجميع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء أعدا الاستعمار والحرب والرجعية.
3 –النضال في سـبيل تنـفيذ قرار هيـئة الأمـم المتـحدة الصادر بتـاريخ 29 / 11 / 1947، وفي سبيل عودة المشردين إلى ديارهم ومن اجل عقد صلح ديمقراطي مع إسرائيل على أساس هذا القرار، صلح يكون في مصلحة السلم العالمي وفي مصلحة الحرية والديمقراطية لدولتي الأردن وإسرائيل.
4 –النضال في سبيل توزيع أراضي الإقطاعيين وكبار الملاكين على الفلاحين.
5 –النضال في سبيل تأمين حقوق العمال وضمان وجود أعمال لهم وحمايتهم من آفات البطالة.
6 –النضال في سبيل تأميم جميع المرافق التي يسيطر عليها الاستعمار وجعلها ملكا للشعب.
7 – بناء جيش شعبي متحرر من سيطرة الاستعمار والرجعية يصون استقلال البلاد ومصالح الشعب ويدافع عن السلام العالمي.
8 –النضال في سبيل الحريات السياسية، حرية الكتابة والنشر والكلام، وحرية المعتقدات الدينـية، وحرية جميع الفئات الشعبية المختلفة وحقها في التظاهر والإضراب وعقد الاجتماعات العامة، وحقها في تكوين الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات التي تدافع عن حقوقها وتعـبر عن رأيها وتنـاضل من اجل مطالبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
9 –جعل التعليم بجميع مراحله مجانيا وضمان هذا الحق لجميع أبناء الشـعب وبناته، وتحـرير العـلوم والثقافة من الأفكار الاستعمارية والرجعية والعنصرية.
10 –النضال في سبيل تحرير المرأة الأردنية من القيود الرجعية ومساواتها بالرجل في جميع الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
11 –النضال في سبيل تحضير البدو واستقرارهم وتوزيع الأراضي عليهم.
12 –النضال في سبيل مجلس تأسيسي منتخب انتخابا حرا يمثل الشعبين الفلسطيني والأردني لوضع دستور ديمقراطي يؤمن مصالح الجماهير الشعبية الكادحة في المدن والقرى ويعبر عن أرادتها في حكم نفسها بنفسها بحرية تامة، ويؤمن للشعبين الفلسطيني والأردني أن يقرر بحرية كاملة فيما إذا كانا يريدان الاتحاد مع بعضهما أم الانفصال.
واعتبرت اللجنة المركزية أن تكوين حزب موحد للطبقة العاملة في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن هو بمثابة خطوة ضرورية وهامة لوحدة الطبقة العاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن، ولتوحيد نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني ضد الاستعمار ومن اجل الدفاع عن السلم العالمي ومقاومة جميع المشاريع الاستعمارية والرجعية التي ترمي إلى ربط بلادنا بتكتلات عسكرية عدوانية مع حكـومتي إسرائيل وتركيا وإبقائها قاعدة عسكرية عدوانية للاعتداء منها على الاتحاد السوفيتي، الحـصن الرئيسي للسـلم العـالمي والنصير لحرية الشعوب العربية وجميع الشعوب المضطهدة، وعلى الدول الديمقراطية الشعبية المناضلة من اجل السلم العالمي والصديقة للشعوب العربية.أن تكوين حزب موحد للطبـقة العـاملة في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن سيعزز النضال الشعبي من اجل التحرر الوطني والديمقراطية، وسيفسح المجال لقيام جبهة وطنية ديمقراطية تضم العمال والفلاحين والمثقفين والطـلاب وجماهير الكـادحة وجمـيع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء، رجالا ونساء، أعداء الاستعمار والحرب والرجعية، جبهة وطنية مناضلة من اجل السلم العالمي وفي سبيل إلغاء المعاهدة العسكرية وجلاء الجيوش الأجنبـية عن الأردن وتحقـيق الاستقـلال الوطني والديمقراطية (قرارات اللجنة المركزية لعصبة التحرر الوطني في فلسطين ، أوائل عام 1951).
"طالب الحزب أن تنسحب إسرائيل والدول العربية من الأراضي التي احتلتها لان هذه الأراضي مخصصة للدولة الفلسطينية حسب مشروع الأمم المتحدة ولابد من إنشاء دولة عربية فلسطينية مستقلة. وحسب وجهة نظر الحزب، فانه لا يمكن إقامة هذه الدولة إلا بالتضامن مع”شعوب العالم المحبة للسلام”ضمن النضال الموحد ضد الاستعمار. وكان الحزب يعني”بالدولة الديمقراطية”: دولة تتجه نحو الاتحاد السوفيتي وتتخذ من الاشتراكية، او حتى الشيوعية، نظاما سياسيا لها. مثل هذه الدولة التي تقام على الجزء العربي من فلسطين هي فقط التي تستطيع العيش في سلام حقيقي مع إسرائيل –التي يتوقع الحزب أن تقوم فيها ثورة مماثلة. أما طبيعة العلاقة بين هاتين الدولتين – الفلسطينية واليهودية – وستعيشان في تعاون وصداقه”على ارض فلسطين”(أمنون كوهين : الأحزاب السياسية في الضفة الغربية في ظل النظام الأردني 1949-1967، (1988).
بعد ذلك،”حلم الحزب في التعايش السلمي مع إسرائيل قد تلاشى. ولكن الحزب استمر في مطالبته بحق اللاجئين في العودة وتلاشى مطلب الحزب السابق بإقامة الدولة العربية الفلسطينية الديمقراطية المستقلة. وعندما أيد الحزب المطالبة بانسحاب إسرائيل من سيناء وقطاع غزة بعد حرب السويس ستة 1956، طالب أيضا بإعادة غزة لمصر وليس لفلسطين، وذلك يعني إن الحزب اعتبر أن قضيته الرئيسية أصبحت الصراع بين المعسكر الاشتراكي – وتمثله مصر –والمعسكر الرأسمالي الاستعماري – وتمثله إسرائيل. أما قضية إقامة الدولة الفلسطينية فعليها أن تنتظر ألان لان الهدف الرئيسي اصبح هو دفع التأثير السوفيتي، عن طريق مصر، في المنطقة إلى الأمام”(انظر المصدر السابق).
وقاد الحزب حملة واسعة لجمع التواقيع على نداء برلين لأجل ميثاق للسلم بين الدول الخمس الكبرى، وقد بلغ مجموع التواقيع التي جمعت في القسم العربي من فلسطين حتى أوائل شهر حزيران 1951 زهاء سبعة آلاف توقيع، أما في شرق الأردن فقد جمع لغاية نفس الشهر 500 توقيع ورغم إرهاب حكومة سمير الرفاعي إلا أن الحملة زادت اتساعا في القسم العربي من فلسطين وفي شرق الأردن. وبين أهمية التوقيع على هذا النداء لأنه رفض لن تصبح البلاد قاعدة عسكرية استعمارية، وإنقاذ أطفالهم من الفناء وبلادهم من الدمار والكوارث، ومن جل تخليص شعبهم من نير الاحتلال الاستعماري، ومن نير حليفته الإقطاعية. لان توطيد السلم العالمي يعتبر اليوم اكبر ضمانة لنجاح نضال الشعب من اجل الاستقلال الوطني، والديمقراطية،والحياة الحرة الشريفة (المقاومة الشعبية ن العدد السادس حزيران 1951، السنة الثالثة. تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني).
وتبنى الحزب شعار إقامة الجبهة الشعبـية – الوطنـية منذ عام 1948 لأنها الإطـار الذي يضـم العمال والفلاحين والمثقفين الديمقراطيين وصغار التجار وصغار الملاكـين والطـلاب، أعدا الاستعـمار والحرب والرجعية، وتقوم أساسا على العمال والفلاحين، وكل الطبقات التي تربط مصيرها بالأهداف الوطنية،”وعلى رأس تلك الأهداف إسقاط مؤامرة ربط الأردن بمحور تل أبيب – أنقرة لان احتلال الجيش البريطاني للأردن لم تعد ألا مقتصرة على استعباد الشعب ونهب خيرات البلاد، بل أن هذا الاحتلال اصبح يهدد بتحويل البلاد إلى ساحة حرب تهدد الشعب الفلسطيني والأردني بالفناء والتشريد، وتهدد البلاد بالدمار والخراب..إن هذا الاحتلال ينطوي على خطر تسخير أبناء الشعب في الحرب العالمية الجديدة التي لها معسكر الاستعمار والحرب، وعلى رأسه الاستعمار الأميركي، ضد الاتحاد السوفيتي، والنصير لحريات جميع الشعوب العربية”(انظر المصدر السابق ).
وبين إن سير الاردن في ركاب المـشاريع الاستعـمارية الحربـية والاستعبادية، تجر على الشعب البؤس والشقاء والدمار الاقتصادي، وبالتالي، تعرض البلاد لان تصبح ساحة حرب، داعيا إلى تشديد النضال ضد المساعي والمحاولات الرامية إلى ربط البلاد بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني، مشيرا إلى أن هذه الأخطار تهدد الشـعب الأردني بالفـناء والتـشرد، وتهدد البلاد بالدمار والخراب، تتطلب قيام جبهة ديمقراطية وطنية واسعة : جبهة وطنية ديمقراطية تناضل من اجل منع انضمام البلاد إلى تكتلات عسكرية استعمارية، وتساهم مع مئات ملايين الشعوب لتوطيد السلام العالمي، ومن اجل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو- اردنية وجلاء الجيوش الأجنبية، وفي سبيل التحرر الوطني والديمقراطية، ومن اجل معيشة الشعب (مصدر سابق).
وفضح الحزب الهدف من وراء تجنيد الشـباب في مشـروع الحـرس الوطـني الذي يقوده كلوب الجلاد والمتمثل جعل شباب العرب طعاما لمدافع المستعمرين في الحرب الإجرامية التي يهيئون لها ضد الاتحاد السوفيتي، مشيرا إلى أن الشعب العربي الفلسطيني والأردني يرد السلم، ولا يريد الحرب لأنه يرفض أن تدمر الحرب بلاده، ولأنه لا يريد أن يفنى ويتشرد. انه يريد السلم لأنه يعلم، أن السلم هو في مصلحته، وانه أكبر ضمانة لنجاح نضاله من أجل طرد المستعمرين من بلادة وفي سبيل تحقيق حريته واستقلاله الوطني(نفس المصدر السابق).
ودعا الحزب في منتصف العام 1951 جميع الديمقراطيين والوطنيين الشرفاء أن يناضلوا ضد الإرهاب الاستعماري – الإقطاعي، ومن اجل إطلاق الحريات الديمقراطية : حرية النشر والاجتماع والتظاهر وتكوين الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والجمعيات، مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين وضد الأعمال البربرية التي تقوم بها حكومة سمير الرفاعي، ففي نابلس جرت بتاريخ 1 / 6 / 1951، مظاهرة نسائية حملت فيها المتظاهرات يا فطه كبير كتب عليها الشعارات التالية :
“أطلقوا سراح المعتقلين في الجفر”و”فلتسقط الأحكام الإرهابية”و”عاش السلم وأنصاره”و”فلتسقط الحروب وتجارها”، وقد فرقها البوليس بالقوة.
وفي مدينة نابلس، وقع اكثر من 500 شخص على عريضة موجهة إلى وزير الداخلية، محتجين على المعاملة القاسية التي قامت بها السلطات البوليسية، بالاعتداء على ثلاثين شابا وإرسالهم إلى معتقل الجفر الصحراوي، وتعذيبهم بصورة فظة داخل السجن، وقد مضى على اعتقالهم أربعون يوما، مطالبين بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين او تقديمهم للمحـاكمة بصـورة قانونية.واستنـكر أهالي رام الله والخليل وبيت لحـم وأريـحا وطولكرم أعمال حكومة سمير الرفاعي من خلال عدة عرائض وبرقيات طالبوا فيها من خلالها بأطباق سراح المعتقلين إضافة إلي تشكيل عدة وفود في كافة أنحاء البلاد قابلت المسؤولين محتجة على هذه الأعمال التعسفية.
وفي مدينة نابلس أقدمت حكومة سمير الرفاعي على اعتقال عدد من المناضلين بلغ عددهم حتى أوائل شهر حزيران 1951 خمسة عشر شخصا عرف منهم : مأمون سعد الدين، عبد الرحيم أرشيد، فتحي سعد الدين، احمد رزق، سعيد أبو فاطمة، سليمان صوفان، عيسى دواني، نبيه لبادة، طاهر صوفان وبدر المحمود (نفس المصدر السابق).
في شهر أيار من عام 1951 أعلنت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني (عصبة التحرر الوطني سابقا) مقاطعتها للانتخابات التي ستجرى بعد حل مجلس النواب لتفصيل مجلس نواب جديد أطوع للمستعمرين لتنفيذ مشاريعهم الحربية والاستعمارية في البلاد وفي مقدمة هذه المشاريع، ربط الأردن بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني.”ودعت اللجنة المركزية للحزب من خلال بيان تم توزيعه بشكل جماهيري الجماهير الشعبية وجميع القوى الديمقراطية في القسم العربي الفلسطيني وفي شرق الأردن الى مقاطعة الانتخابات النيابية القادمة”(المقاومة الشعبية، تصدرها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني، العدد 8و9 آب وأيلول 1951 السنة الثالثة).
وبينت أن نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني من اجل السلم والاستقلال الوطني وفي اواسط شهر حزيران عام 1951 تراجعت عن موقفها من مقاطعة الانتخابات في بيان شرحت فيه الخطاء الذي ارتكبته عندما اتخذت خلال شهر أيار الماضي قرارا بدعوة الجماهير الشعبية وجميع القوى الديمقراطية الى مقاطعة الانتخابات النيابية .
واوضحت في بيانها المذكور: أن القرار الذي اتخذته اللجنة المركزية خلال شهر أيار والذي دعت فيه الشعب العربي الفلسطيني والأردني الى مقاطعة الانتخابات كان خاطئا. ومنشأ ذلك الخطأ يرجع إلى أن اللجنة المركزية عند بحثها هذه القضية قد بالغت في قوة حركة تحرر الشعب العربي الفلسطيني والأردني، بينما قللت من قوة الاستعمار والرجعية. أن خطأ اللجنة المركزية يشكل انحرافا نحو اليسار، سببه وجود عقلية البورجوازية الصغيرة داخل اللجنة المركزية.
وبينت أن نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني من اجل السلم والاستقلال الوطني والديمقراطية ينمو ويتسع ولكنه لغاية ألان لم يبلغ الحد الذي يستطيع فيه القضاء قضاء تاما على الاستعمار وحليفته الإقطاعية، فلذلك يصبح من واجب الحزب بوصفه حزبا ماركسيا–لينينا، إن يستخدم جميع أشكال النضال والتنظيم التي من شأنها، لكونها ملائمة أحسن من غيرها لشروط المد والجزر في الحركة، أن تسهل وتؤمن تسيير الجماهير نحو المواقف الثورية.
وأعلنت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الأردني عن تصحيح موقفها السابق من قضية الانتخابات النيابية القادمة فهي تدعو جماهير العمال والفلاحين والمثقفين والكادحين وكل الوطنيين والديمقراطيين الى جعل معركة الانتخابات النيابية معركة الشعب العربي الفلسطيني والأردني وضد ربط البلاد بمحور تل أبيب أنقرة العسكري، وللنضال من اجل السلم العالمي وفي سبيل إلغاء المعاهدة العسكرية الانكلو-اردنية وجلاء الجيوش الأجنبية عن الأردن وفي الاستقلال الوطني والديمقراطية.
واوضحت أن المستعمرون وخدمهم الإقطاعيين وجميع عملائهم قد حلوا مجلس النواب السابق لأنه لم يكن يتصف بالطاعة والانقياد للمستعمرين ولمشاريعهم الحربية والاستعبادية. وإن المستعمرين والإقطاعيين وجميع عملاء الاستعمار يريدون الآن تزييف إرادة الشعب العربي الفلسطيني والأردني لطبخ مجلس نواب جديد يؤيد مشاريع المستعمرين الحربية والعدوانية دون تردد، وفي مقدمة هذه المشاريع الحربية العدوانية ربط البلاد بمحور تل أبيب – أنقرة العسكري العدواني، أي ربط البلاد مع الحكومة التركية عميلة الاستعمار الأميركي وناهبة لواء الاسكندرونة العربي، ومع حكومة إسرائيل عميلة الاستعمار الأميركي وناهبة أراضي الدولة العربية الفلسطينية وجلادة الشعب العربي الفلسطيني، في تكتل عسكري عدواني.
وأشارت إلى أن الطبقة الحـاكمة في الأردن التي تكبل الشعب بالمـعاهدة العسكرية الانكلو– اردنية وبالاحتلال البريطاني، والتي فتحت البلاد أمام أخطبوط الاستعمار الأميركي عن طريق”اتفاقية النقطة الرابعة”من مشروع ترومان الحربي الاستعبادي، والتي تفتح أبواب البلاد أمام جنرالات وكالة الغوث الاستعمارية. والتي تضطهد العمال وتشردهم وتجلد الفلاحين وتنهب غلتهم، وتدمر حياة البلاد الاقتصادية، وتفرض على الشعب ضرائب باهظة للأنفاق على المشاريع الاستعمارية الحـربية، والتي تسوق الشـباب لتجنيدهم في الجـيش العربي والحرس الوطني ولتقديمهم طعاما لمدافع الحرب التي يهيئ لها معسكر الاستعمار والحرب الانكلو– أميركي، إن الطبقات الحاكمة في الأردن تعتزم ألان ربط البلاد في تكتلات عسكرية عدوانية. إن هذه السياسة الآرامية التي تنتهجها تلك السلطات في البلاد تهدد الشعب والبلاد بأخطار عظيمة، أنها تريد الاحتفاظ بالبلاد قاعدة عسكرية للمستعمرين ليعتدوا منها على الاتحاد السوفيتي، أنها تريد أن تجعل من الوطن ساحة حرب تهدد الشعب بالفناء والتشريد والبلاد بالدمار والخراب.
وشددت على ضرورة النضال لمنع المستعمرين من ربط البلاد في تكتلات عسكرية وفي سبيل إنقاذ الشعب والبلاد من الدمار والخراب وإيجاد العمل لآلاف العمال والفلاحين ووضع حد لحياة البؤس والشقاء التي يعيشها مئات الألوف من المشردين، وخلق الإمكانيات لعودتهم إلى ديارهم، وتوفير الغذاء والكساء للجماهير الشعبية والقضاء على الغلاء.
ودعا الحزب العمال والفلاحين والمثقفين والكادحين وكل أعداء الاستعمار والحرب والرجعية إلى توحيد صفوفهم في جبهة وطنية ديمقراطية، لتجعل من معركة الانتخابات النيابية، معركة من اجل السلم العالمي وفي سبيل الاستقلال الوطني والديمقراطية ومعيشة الناس، ومن اجل إطلاق الحريات الديمقراطية، ومن اجل حقوق المرأة السياسية والاقتصادية وفي سبيل إطلاق جميع المعتقلين والمساجين السياسيين. داعيا إلى إحباط مؤامرة المستعمرين الرامية إلى تفصيل مجلس نواب رجعي ومن اجل إرسال ممثلين شرفاء عن الشعب العربي الفلسطيني والأردني، لمواصلة النضال داخل مجلس النواب وخارجه ضد ضم البلاد الى أي تكتل عسكري عدوان.وامتازت الفترة الواقعة ما بين 1951 و1956 بالنمو البطيء للحزب نتيجة للمضايقات المستمرة من السلطات الأردنية، لكنة اتبع استراتيجية ذات اتجاهين :
الأولى : انصبت الجهود الرئيسية على انشاء خلايا حزبية جديدة وفروع جديدة ونشـر الأفكار الشيوعية وتوسيع النشاطات لتشمل المناطق التي لم يستطيع النفاذ أليها في الماضي خاصة منطقة الخليل وما يحيطه.
والثانية : أيجاد جمهور اكبر له من خلال عدة منظمات أخرى استحدثت لتكون في راس الحربة ومنها حركة أنصار السلام، المسالمة سياسيا.
وفي 29 / 12 / 1951 قامت السلطات الأردنية باعتقال السكرتير العام للحزب الشيوعي الاردني فؤاد نصار وثلاثة من رفاقه المناضلين وهم : (سال متري، اليأس شمّاع وجابر حسين جابر بناء على إشارة من احد المخبرين المدسوس داخل الحزب وهو(داوود أبو شميس) حيث سيطرت السلطات على مطبعة الحزب”مطبعة المقاومة الشعبية”جريدة الحزب المدافع الجريء عن مصالح الجماهير الشعبية والمقاوم العنيد لمؤامرات المستعمرين الانكلو– أمريكان ولجرائم أعوانهم الخونة وتمت السيطرة على كميات كبيرة من المواد الدعائية.
وعلى اثر اعتقال فؤاد نصار ورفاقه سادت موجة من الاستياء والسخط للأعمال البربرية التي تقوم بها حكومة توفيق أبو الهدى واعتقالها العديد من المناضلين الوطنيين الشرفاء الذين يقفون في طليعة شعبهم في نضاله من اجل السلم والتحرر والجلاء والخبز، وضد المستعمرين الانكلو– أمريكيين ومشاريعهم الاستعبادية كالمشروع الرباعي العدواني والنقطة الرابعة من مشروع ترومان الاستعبادي، هذه المشاريع التي يريدون بواسطتها جعل الأردن ميدانا من ميادين الحرب العدوانية الذرّية المهلكة التي يحضرون لها بشكل محموم ضد جميع الدول الديمقراطية الشعبية وضد الإنسانية بأسرها.
وفي السجن تم التحقيق مع فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة من قبل المحقق (عبد القادر الجندي) وحينما دخل المحقق الغرفة التي كان فيها فؤاد جالسا لم يتحرك من مكانه، فطلب منه المحقق عبد القادر ان يقف احتراما له لكن نصار أجابه :”أنني لا احترم الجواسيس الحقيرين خدم الاستعمار أمثالك ولا اقف لهم، ولكنني احترم ابناء شعبي الشرفاء”.
وأمام المحقق اعترف فؤاد نصار باعتزاز وفخر بانتمائه للحزب الشيوعي الاردني ولكنه رفض الإدلاء بأية معلومات عن حزبه ورفاقه.
وقالت المقاومة الشعبية في عددها الصادر أوائل آذار 1952 السنة الرابعة العدد الخامس تحت عنوان :
عربدي يا قوى الظلام وضجي واستبدي فلن يدوم الظلام ز
محاكمة الرفيق المناضل فؤاد نصار ورفاقه فضيحة جديدة لجرائم المستعمرين الوحوش وخدمهم الإقطاعيين الجبناء
لقد أعلنت الحكومة بأنها ستقدم المناضل الوطني الكبير الرفيق فؤاد نصار ورفاقه المناضلين: جابر حسين جابر، اليأس شماع، سالم متري، ونصير السلام محمد علي قويدر الى محكمة بداية عمان يوم الاثنين في 18/2/1952 بموجب ”قانون مكافحة الشيوعية” الذي فرضته على البلاد عام 1950 بطريقة ملتوية في عهد ”البرلمان” الصوري التي تمت على يديه جريمة إلحاق القسم العربي الفلسطيني بالمستعمرة البريطانية شرق الأردن التي تحولت الى مستعمرة انكلو– أمريكية يحكمها الإقطاعيين يعـيش فيها العـمال والفـلاحون والمثقفون عيشة البـؤس والشقاء والاضطهاد والحرمان.
وأوضحت ان الجريمة المنسوبة إليهم هي الدفـاع والنضال في سبيل السـلم ولتجنـيب البلاد والشعب والأطفال القتل والدمار اضافة الى مقاومة مشاريع المستعمرين الأمريكيين الحربية والاستعبادية مشروع ”الدفاع المشترك والنقطة الرابعة والمعاهدة الأردنية البريطانية” وفي سبيل الاستقلال الوطني والتحرر من سيطرة المستعمرين الانكلو– أمريكيين وفي سبيل جلاء جيوش الاحتلال عن البلاد، ومن اجل إقامة حكم ديمقراطي شعبي تحكم فيه الجماهير الشعبية نفسها بنفسها ويناضلون في سبيل معيشة الشعب الكادح.
وتابعت الجريدة الرسمية للحزب قولها : لقد أظهرت محاكمة الرفاق الأربعة كم هم ضعفاء وجبناء المستعمرون وأعوانهم الأنذال، لافتة الى انه في صبيحة يوم المحاكمة انتشر الجنود المدججون بالأسلحة البريطانية المختلفة لإرهاب الجماهير الغفيرة التي وفدت من مختلف أنحاء البلاد لحضور المحاكمة ولكن الجماهير تدفقت الى ساحة المحكمة فملأتها وردهاتها وأدراجها.
وفي الساعة التاسعة صباحا احضر الأبطال المناضلون فؤاد نصار ورفاقه، وادخلوا الى قاعة المحكمة. وعند بدء الجلسة وقف المناضلون فوقفت الجماهير واخذوا ينشدون بحماس وثبات :
يا شعوب الشرق هذا فأقحموا الهول الشداد ك وقت رد الغاصبين واصطلوها باسمين ط
فحاولت الشرطة، بناء على اوامر المحكمة، إسكاتهم بالقوة غير انهم استمروا في نشيدهم الثوري الى نهايته. ثم قال المناضل فؤاد نصار :”أننا نستنكر هذا العدوان الوحشي من قبل الشرطة علينا أمام المحكمة – محكمة الاغتيالات. ان صوتنا هو صوت جماهير الشعب العربي الفلسطيني والأردني المـناضل في سـيل السلم والحرية، ولن تستطيع قوة مهما بلغت، ان تسكت هذا الصوت. ولما سألتهم المحكمة عن مهنهم، أجاب كل منهم بفخر واعتزاز :”مناضل ضد الاستعمار وفي سبيل السلم والحرية ومعيشة الشعب”.
وأضافت الجريدة في عددها الخامس (المقاومة الشعبية) أوائل آذار 1952 بان المدعي العام نجيب ارشيدات طلب بان تكون المحاكمة سرية معللا ذلك بوجـود مساس في دستور المـملكة في أفـادت فؤاد نصار. وحاول محامو الدفاع مناقشة طلب المدعي العام، الا ان المحكمة لم تمكنهم من الكلام. فقد قررت المحكمة ان تكون المحاكمة سرية، وطلبت من الجنود إخراج الجمهور من قاعة المحكمة، فوقف المناضل فؤاد نصار وقال :”لا نريد ان نحاكم. أرجعونا للسجن واحكموا علينا بما تشاءون” ثم اخذ الرفاق ينشدون:
وطـني يا مطـلع الجمال أننا في الحـق لا نبـالي م وطـني يا مسـرح الأباة شأننا ان نسحـق الطـغاة.... م
ثم بدأت هيئة الدفاع تناقش قرار سرية الجلسة وهاجمته بعنف وطلبت إلغاءه. اما الرفيق فؤاد نصار فقد قال :”أننا نطلب محاكمة علنية، لان القضية قضية وطنية، قضية رأي.فإذا كانت الحكومة تعتقد ان نظامها عادل فلماذا تخاف من خمسة أشخاص هم في قبضتها. حتى الحكومات الفاشية كانت تحاكم الشيوعيين علنا، ، والدليل على ذلك ايضا، ان رئيس الحكومة الحالي يمنع حتى النواب من الكلام في مجلس النواب او الكتابة في الصحف أننا نصّر على ان تكون المحاكمة علنية، أمام الجماهير الشعبية، ولا نعترف بالمحاكمة السرية ونعلن أننا نمتنع عن الكلام أمامها. ورغم ذلك فقد أصر القضاة : بهجت التلهوني، وعبد الرحيم الواكد، وإدريس التل،رغم ارتباكهم أصروا على سرية المحاكمة ورغم إصرار هيئة الدفاع والرفاق على جعلها علنية أجلو الجلسة.(أسماء المحامين الوطنين والديمقراطيين الذين تطوّعوا للدفاع عن الرفاق فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة هم :
بشارة غصيب، سليمان الحديدي، عبد الكريم معاذ، حمدي فريز، صبحي القطب، هاني العكشة، شفيق ارشيدات، يحي حموده، راتب دروزة، رفيق صلاح، منير عبد الهادي، فؤاد عبد الهادي، عبد الرزاق خليفة، محمود المطلق، بشير الحطاب، جبرا الانقر، رشاد سودي، زهدي حشوة، نعيم طوقان، صبحي حجاب، فريد غنام، عفيف الخوري،حمدي عبد الحميد، مصطفى الرشيد، محمد اليحيي، عزيز شحادة، فؤاد شحادة وبولس ركب).
وقد أثارت محاكمة فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة موجة من السخط في القطرين الشقيقين سوريا ولبنان وفي سائر أقطار الشرق الأوسط. فقد أرسل مئات المواطنين من العمال والفلاحين ومحامين وأنصار السلم والشباب والنساء والطلاب والمشردين في سوريا ولبنان برقيات وعرائض الاحتجاج والاستنكار لاعمال حكومة توفيق أبو الهدى التي تضطهد المناضلين في سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية.
ونضم 68 محاميا لبنانيا للدفاع عن فؤاد نصار ورفاقه لكن السلطات الأردنية منعتهم من الحضور اما المحامون المتطوعون فهم الأساتذة :
رامز شعبان، سليم غنطوس، نقيب المحامين في الشمال، ميشال عقل سكرتير نقابة المحامين في بيروت، فريد قوزما عضو مجلس النقابة، سليمان عيسى أمين صندوق مجلس النقابة، سليم أبو طعان، حسيب نمر، مصطفى مراد جورج شيكادبدس، كعدي كعدي، يوسف جرمانوس، فؤاد الداود، نوبار طورسركيبان، البير لحام، بشارة صابر، نقولا العم، ادوار سلوان، اليأس سركيس، رينه نمور، أمين الخوري، ادوار يمين، انطون يزبك، وعبيد عيسى، فريد قزي، فرنواحر فوش، هنري داغر، يوسف عالم، محمد خضر، ايتوار ايتموس، لويس أبو سمراء، روبير شويري، انطون قلام، عفيف شيخاني، ميشال داغر، اليأس جرماني، عبد الكريم سليم، كميل سلطان، أميل نجم، فؤاد عواد، فؤاد مشعلاني، نخلة مطران، مصطفى الحاج، سمير لمع، فؤاد الخوري، وديع شباط ، سابا سابا، أيلي نور، عبد الله حريكة، الفريد الحاج، فاروق معصراني، عاكف عسيران، أمين نوفل، رشيد المعصراني، حميد معوض، الشيخ جميل دملج، الدكتور ميشال بولس، مصطفى الذوق، عبد الله غلاييني، جورج كرم، عبد الغني سلطان، ميشال تركية، أمين الرافعي، زخريا اسعد زخريا، سهيل شماس، ميشال رعد، عصام مولوي، جوزيف عبيد.
ومن سوريا تطّوع 38 محاميا للدفاع عن المناضلين الأربعة وكانوا يهيئون أنفسهم لحضور جلسة المرافعة ولكنهم فوجئوا بصدور حكم المحكمة في جلسة واحدة فأرسلوا برقية يحتجون فيها على تصرفات السلطات الأردنية وفيما يلي نص البرقية المرسلة لوزير العدل الاردني والنيابة العامة ومحكمة بداية عمان ونقابة المحامين والصحف بعمان
المحامون عدنان القوتلي، عبد الكريم الحسامي، نصوح الغفري، موفق المهاييني، بديع اللولو، مصطفى أمين، مساعد القدسي، صادق لبهلوان، عبد الله الموصلي، ياسين دركزلي، فايز كنفاني، فوزي عبد الحميد، سليم شرباتي، توفيق افرام، سليمان النبي، مصطفى البيرقدار، خير الدين السمان، مجيي الدين الصبان، شاهر المهاييني، عبد الحميد الهريسي، عصام المملوك، صباح الركابي، جبران فندلفت، سعيد الزعبي، نوري المهاييني، ليان الشوبري، خليل صفوت، رزق الله نقش،فؤاد صنيح، هلال القزرلي، محمد أمين، موريس صلييني، خالد كالو، احمد محفل، عبد الكريم طبارة، عبد الحليم عبد الصمد، عصام الأخرس وبدر الدين السباعي المتطوعون للدفاع عن الأستاذ فؤاد نصار وإخوانه المناضلين في سبيل السلم والاستقلال والديمقراطية، يستنكرون سرية المحاكمة وعدم تمكينهم من الدفاع والحكم بجلسة واحدة بأقصى العقوبة لنضال وطني ضد المستعمرين المحتلين ومشاريعـهم الاستـعبادية الحربية ويطـلبون الأفراح عنهم.
في 21/2/1952 عنهم المحامي نصوح الفقري.
وفي صباح الأربعاء 20/2/1952 طلبت إدارة السجن من الرفاق ان يـذهبوا للمحاكمة، ولكنهم رفضوا قائلين :”أننا لا نذهب الى محكمة سرية وهذه أرادتنا، فما كان من الجنود الذين تجاوز عددهم الخمسين الا انهم انهالوا عليهم بالضرب مستعملين العصي والحديد بكل وحشية وقسوة، فثار لهيب الحقد المقدس في صدور الأبطال وتعاركوا مع الجنود، مستمدين العزيمة من حق شعبنا في الحياة الحرة وفي التحرر من قيود الذل والاستغلال التي يكبله بها المستعمرين الأمريكيون والإنجليز وحلفاؤهم الإقطاعيون، فأخذت الهتافات تتعالى من خلف القضبان الحديدية، من المعتقلين والمسـاجين بحياة السـلم العالمي، وحـياة الحزب الشيوعي الاردني وحياة البطل أبو خالد (فؤاد نصار). واستمروا في مقاومتهم الباسلة لعدوان الجنود والشرطة ما يزيد عن الساعة، ثم حُملوا بالقوة والإكراه الى السيارة واقتيدوا الى قاعة المحكمة ودماؤهم الزكية الطاهرة تسيل من رؤوسهم ووجوهم وايديهم.
وأمام إصرار (القضاة) على سرية المحاكمة، خرج محامو الدفاع احتجاجا واستنكارا لهذا الموقف من قبل هيئة المحكمة.
ولكن حكمة هيئة المحكمة عليهم بالسجن عشر سنوات لفؤاد نصار وست سنوات لكل من المناضلين جابر حسين جابر، اليأس شماّع، سالم متري. وكان المناضلون أثناء خلوة هيئة المحكمة لإصدار هذا القرار كانوا يهتفون :”عاش السلم العالمي، عاش الحزب الشيوعي الاردني، عاش نضال الشعب العربي الفلسطيني والأردني في سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية، عاش الرفيق ستالين قائد معسكر الشعوب الجبار، الموت للمستعمرين وأعوانهم الأنذال، المجد لشعبنا الأبي.
لقد أثارت هذه المحاكمة (الجريمة الوحشية) السخط والغضب والاستنكار وسط الجماهير الشرفاء، اضافة أنها اضهرت حقدهم على
وناضل الحزب الشيوعي في اواسط الخمسينات حسب المقاومة الشعبية السنة السابعة العدد 2 شباط 1955 ضد أساليب القمع والإرهاب وسن القوانين والأنظمة الإرهابية الجديدة وتعديل القوانين الرجعية القديمة بحيث تصبح اشد رجعية وسوادا. أشارت الجريدة الى ان الحكومة سنت قانون الوعظ والإرشاد لتمنع الناس من التحدث والخطابة في المساجد، ووضعت نظام الموظفين المعدل لإرهاب الموظفين، كما أمضت في تطبيق قانون الحرف الذي يفرض على الحرفيين واصحاب البسطات وأصحاب الدكاكين الصغار ضرائب باهظة لم يسبق لها مثيل مما يسارع في دفعهم الى هوة الإفلاس والخراب اضافة الى تعديلها قوانين: الأحزاب السياسية، البلديات، المطبوعات، والانتخابات النيابية، بشكل يجعلها اشد رجعية مما هي علية الان، وذلك لتغرق البلاد اكثر فاكثر في ظلام الإرهاب والاستبداد وتجعل من البلاد معتقلا كبيرا تحكمه القوانين الرجعية الإرهابية السوداء .
وبينت الجريدة في نفس العدد السابق بأنه تم اعتقال العديد من العمال بناء على هذه القوانين بتهمة حيازة نشرات شيوعية مثل العامل لطفي اللبدي (عمان) حيث حكم سنة سجن وعلى العامل علي أبو خلف بنفس التهمة. وعلى الرغم من ان المحكمة قررت براءة المناضل عبد العزيز العطي من التهمة التي لفقت ضده فقد رفضت سلطات الجلاد كلوب إطلاق سراحه وأرسلته الى معتقل الجفر الصحراوي.
وحاكمت المـحاكم في رام الله 29 مواطـنا (بتهمة) الاشتراك في مظاهـرات 16 تشرين الأول، وحكمت على عدد كبير منهم بالسجن ودفع الغرامات الباهظة.
وبتاريخ 23 آذار 1952 تم نقل 18 مناضلا من شيوعيين وانصار سلم الى منفى الجفر الصحراوي من بينهم فؤاد نصار ورفاقه الثلاثة الذين حكمت عليهم بالسجن مددا تتراوح ما بين عشر وست سنوات حيث تم نقلهم وإرسالهم بقيودهم بهدف القضاء عليهم.
هذا الأجراء أدى الى احتجاجات شعبية واستنكار عام معتبرتها بأنها اجراءات فاشية إرهابية استبدادية مطالبة بضرورة الإسراع في إطلاق سراحهم وإلغاء القوانين الاستثنائية وقانون مكافحة الشيوعية وإباحة الحريات الديمقراطية ومزاولة النشاط السياسي.
وفي نابلس تم اعتقال المناضلين عبد العزيز العطي ورشيد الهباب وحمزة الزير والدكتور عبد المجيد أبو حجلة وابعاد الأخير الى منفى الجفر الصحراوي مما أثار موجة من السخط والاستنكار في المدينة والقضاء.
وطالب اهالي السلط بضرورة اطلاق سراح أنصار السلم حنا حتر وهاني النبر وسلمان النويران المعتقلين منذ اواسط آذار 1952 في سجن السلط وجميع المعتقلين والمسجونين السياسيين وبضرورة إلغاء القوانين الاستثنائية واباحة الحريات العامة.
وفي أريحا تم اعتقال الدكتور عبد الرحيم بدر والأستاذ احمد عريقات عضوي اللجنة التحضيرية لانصار السلم وابعادهما الى منفى الجفر الصحراوي. وقد اصدر الحزب الشيوعي الاردني بيانا حول إضراب الدكتور بدر عن الطعام دعا فيه الجماهير الى تشديد النضال من اجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين واباحة الحريات العامة وإحباط مشروع الدفاع المشترك وسائر المشاريع الاستعمارية وتشديد النضال من اجل السلم والاستقلال والجلاء وإلغاء معاهدة الاحتلال الانكلو– اردنية وعلى ضوء توزيع هذا البيان قامت السلطات بحملات اعتقالات طالت السكان وخصوصا المشردين فاعتقلت العشرات منهم وعاملتهم بقسوة ووحشية. وكان في سجن أريحا المعتقلين هم محمد العطي وشفيق عبد العزيز.
وفي القدس تم اعتقال نصير السلم نعيم الأشهب أسندت اليه تهمة استفزازية وقد استنكرت الجماهير في القدس هذا الاعتداء الفاضح على الحريات العامة وعلى المناضلين للسلم والاستقلال وضد مشاريع المستعمرين الحربية العدوانية.
وقد أرسلت اللجنة الوطنية لانصار السلم في سوريا برقية الى رئيس الوزراء وزير العدلية جريدة الفجر الجديد جاء فيها :
“اعتقال الأستاذين حسن النابلسي وفؤاد قسيس لنضالهما في سبيل السلم والاستقلال الوطني ولمقاومتهما مشروع الدفاع المشترك وجميع المشاريع الاستعمارية الحربية اعتداء على الحريات العامة وخدمة لمصالح دعاة الحرب. فباسم 260 الف نصير للسلم في سوريا نطلب الإفـراج عنهما وإطـلاق حرية العمل للسلم والاستقلال وجميع الحريات العامة. التواقيع : الشيخ صلاح الدين الزعيم، المحامي سعد زغلول الكواكبي، الفنان سعيد تحسين، الشاعر جكر خوين، الدكتور بدر الدين السباعي، الدكتور مصطفى أمين.
ومن بيروت أرسل الدكتور جورج حنا والأستاذان انطون ثابت ورضوان الشهال برقية الى الحكومة الأردنية يحتجون فيها على اعتقال أنصار السلم لنضالهم ضد الدفاع المشترك وجميع المشاريع الاستعمارية العدوانية ويطالبون بإطلاق سراحهم واباحة الحريات.
وفي باريس اصدر الطلاب الأردنيون في اوروبا نداء الى جميع الطلاب العرب في اوروبا بتاريخ 10 آذار 1952 بعنوان :”لنتحد لا نقاذ المناضل الوطني فؤاد نصار ورفاقه”حملوا فيه على تصرفات سلطات في الأردن لاعتقالها المناضلين من شيوعيين ووطنيين ومحاكمتهم وإرسالهم للسجون والمنافي لانهم يسيرون في طليعة شعبهم في النضال من اجل السلم وضد مؤامرة الدفاع المشترك الاستعماري الحربي ولإلغاء معاهدة الذل والاحتلال الانكلو– اردنية واشاد البيان بنضال الرفيق فؤاد نصار ضد الاستعمار منذ عام 1936 مهيبا بالطلاب العرب في اوروبا للاحتجاج الصارخ على الحكم الجائر الذي وقع على المناضل الوطني الأستاذ فؤاد نصار ورفاقه المناضلين والنضال المستمر لانتزاع حريتهم ليعودوا الى المكان اللائق بهم، الى طليعة النضال الوطني الشعبي في سبيل التحرر الوطني وفي سبيل السلم. (المقاومة الشعبية السنة الرابعة، العدد السابع، او ائل نيسان 1952).
وفي صباح الاثنين 14 نيسان 1952 قام عساكر الجلاد البريطاني أبوحنيك في مادبا باعتقال الدكتور مشيل معايعة والصيدلاني وديع برقان وعيسى كرادشة من أعضاء اللجنة التحضيرية لانصار السلم ومعهم الشاب الديمقراطي فؤاد قراعين وارسلوا الى معتقل الجفر الصحراوي (المقاومة الشعبية، السنة الرابعة، العدد الثامن، او اسط نيسان 1952). وفي الأسبوع نفسه سيق خمسة وثلاثون شابا من نابلس الى عمان مشيا على الأقدام وتحت سياط فرسان ابوحنيك مما أدى الى مقتل الشاب روحي زيد الكيلاني. كما سيق المناضل عيسى عويس مشيا على الأقدام تحت حراسة الفرسان من عمان الى معتقل الجفر لصحراوي الذي يبعد عنها ثلاثمائة كيلومترا.
وأشارت المقاومة الشعبية ان الاعتقالات وزج العشرات والمئات من الشباب الوطنيين وأنصـار السـلام والشيوعيين والناس الشرفاء في السجون وتعذيبهم ونفيهم الى المعتقلات الصـحراوية ومطاردة الشرطة للناس والتحقيق معهم والتدخل في أمورهم وتفتيش بيوتهم والاعتداء على كرامتهم أصـبحت من الأمـور المألـوفة والظواهر المعتادة في كل يوم وكل ساعة وفي كل مدينة وقرية.
وأقدمت السلطات على اعتقال عربي عواد في عمان يوم اول أيار 1952 وعاملته بوحشية. وفي اربد اعتقلت إبراهيم الطوال وعيسى مدانات عضوا اللجنة التحضيرية لانصار السلم وقد احتجا على اعتقالهما وأعلنا الإضراب عن الطعام منذ دخولهما السجن، وقامت السلطات بنقلهما الى سجن عمان وهما مضربان. وفي سجن عمان المركزي كان عشرات من الشباب والديمقراطيين وأنصار السلام معتقلين بموجب القوانين الاستثنائية الإرهابية فأعلن ستة وعشرون منهم الإضراب عن الطعام يوم الأحد الموافق 4 أيار 1952 احتجاجاً على استمرار اعتقالهم مطالبين بإطلاق سراحهم.
وبعد ستة أيام من الإضراب 9/5/1952 اختطفت السلطات سبعة من المضربين بينهم عيسى مدانات وإبراهيم الطوال وحنا حتر وحملتهم بالإكراه في سيارات مكشوفة الى معتقل الجفر الصحراوي وهم في حالة خطره. وعندما بلغ خبر إضراب المعتقلين توفيق أبو الهدى قال :”انقلوهم الى الجفر وسلموا جثة الذي يموت منهم لاهله”.
وفي اواسط حزيران 1952 حكمت محكمة بداية اربد على الطالب وديع (الصف الرابع الثانوي”بعد اختطافه من المدرسة، بالسجن مع الاشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات بتهمة حيازته على منشورات شيوعية بحسب المقاومة الشعبية العدد الثالث عشر / تموز 1952.
وبينت المقاومة الشعبية في عددها السابق بان محكمة بداية نابلس حكمت على عبد العزيز العطي ورشيد الهباب بالسجن ثلاث سنوات ومع الاشغال الشاقة بعد ان أحضرت النيابة شاهدها داود ابواشميس.
وخلال الجلسة الختامية لمحاكمتهم وقف عبد العزيز العطي وقال :”ان الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في بلادنا، السائرة في نضالها الى النصر المحقق، ستحاسب هذا النذل الحقير على خيانته (داود ابواشميس) وتسحقه وأسياده المستعمرين واعوانهم”لافتا الى انه”لا يمكن ان يخرج عن اوامر أسياده رجال التحري وأقواله المأخوذة من مستودعات كلوب لا تستحق سوى الازدراء والاحتقار من كل إنسان شريف”.
وقد أعلانا اعتزازهما وافتـخارهما بالانـتماء الى الحـزب الشـيوعي الاردني، طليـعة الطبقة العاملة والجماهير الشعبية الكادحة في بلادنا في النضال العتيد لتحقـيق أهدافـها السامية في السـلم والتحـرر والجلاء والديمقراطية ومعيشة الشعب”.
وفي نهاية حديثهما أمام المحكمة بينا سياسة الحزب الهادفة الى توطيد السلم وتجنيب البلاد ويلات الحرب وفي سبيل إلغاء المعاهدة الانكلو– اردنية والاستقلال الوطني والحكم الديمقراطي الشعبي ومصادرة أراضى الإقطاعيين وتوزيعها على الفلاحين ومن اجل عودة المشردين الى ديارهم، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ونضال الحزب الى جانب الجماهير الشعبية ضد القمع وفي سبيل السلم والاستقلال الوطني والجلاء والديمقراطية وضد مشروع قيادة الشرق الأوسط او النقطة الرابعة وقد تعرض الشباب والعمال والفلاحين وسائر افراد الشعب الى التفتيش والاعتقال والضرب والتعذيب في السجون والمنافي والاعتداء على ابسط الحريات وضيق الأنفاس حتى أعضاء مجلس نواب الحكومة طالهم منع الكلام داخل البرلمان والأندية، ومن الكتابة في الصحف.


يتبع



#عناد_أبو_وندي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي الاردني النشأة والتطور
- الأحزاب السياسية الأردنية نشأة وتطور الأحزاب الأردنية
- الصحافة الحزبية في الاردن


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عناد أبو وندي - قرارات عصبة التحرر الوطني بفلسطين وتأسيس الحزب الشيوعي الاردني