أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - التنمية والمجتمع المدني العربي ..















المزيد.....

التنمية والمجتمع المدني العربي ..


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2680 - 2009 / 6 / 17 - 09:10
المحور: المجتمع المدني
    


بمبادرة من إدارة المجتمع المدني العربي التابعة لجامعة الدول العربية ومفوضية المجتمع المدني العربي في عمان، ناقش فريق من الخبراء والممارسين العرب بمن فيهم بعض ممثلي المجتمع المدني مسألة في غاية الأهمية والراهنية، ونعني بها علاقة المجتمع المدني بعملية التنمية والدور الذي يمكن أن يقوم به في إطار التكامل الاقتصادي العربي.
وكانت مبادرة قمة الكويت الاقتصادية (مطلع العام 2009) قد أولت اهتماما بالمجتمع المدني، لاسيما بدعوة مؤسساته لحضور جانب من اجتماعاتها، وهو اعتراف بدور جديد للمجتمع المدني، يمكن أن يضطلع به، لاسيما إذا استطاع أن يتحول من قوة احتجاج واعتراض حسب إلى قوة اقتراح واشتراك، وهو الأمر الذي سيعني استكمال مهماته ووظيفته باعتباره شريكا للحكومات ومكملا لوظيفة الدولة، لاسيما المعاصرة، التي تفترض مساهمته لإنجاز وتحقيق مستلزماتها، باعتباره قوة لا غنى عنها، رصدا ومراقبة وشراكة، تتوسع كلما اتسعت دائرة المشاركة في اتخاذ القرار وبخاصة في الدول الديمقراطية أو التي تسير باتجاهها، والقائمة على قاعدتين أساسيتين هما: المواطنة الكاملة والمساواة التامة.
وإذا كان مثل هذا الدور لم يتبلور بعد في عالمنا العربي لأسباب موضوعية وأخرى ذاتية، فإن مبادرة جامعة الدول العربية تكتسب أهمية خاصة أولا لتساوقها مع التطور الدولي على هذا الصعيد، ونظرا لما يمتلكه المجتمع المدني العربي من حيوية وقدرة على التجاوب، وثانيا لتمهيدها لتطور لاحق لا مندوحة عنه، وهو إشراك وتوسيع دائرة التفاعل بين الحكومات والمجتمع المدني العربي، ولعل في ذلك ثالثا خطوة أولى لا بد منها لإعادة النظر بميثاق جامعة الدول العربية، الذي تم إبرامه العام 1945 وقبل قيام الأمم المتحدة والذي لم يتحدث ولو بإشارة واحدة عن حقوق الإنسان أو يعط دورا للمجتمع المدني، الأمر الذي هو بحاجة إلى قراءة جديدة وتحديث، ورابعا لأن الخطوة التجديدية التي اتخذها الأمين العام عمرو موسى بإنشاء مفوضية المجتمع المدني العربي وإيكال أمر توليها إلى شخصية جديرة هو طاهر المصري رئيس الوزراء الأردني الأسبق، لا بد من البناء عليها تمهيدا لكي تكون المفوضية كيانا مستقلا ومظلة يمكن أن تجتمع تحتها، وفي ظلها مؤسسات المجتمع المدني العربي، وتكون أقرب إلى المرجعية في إطار جامعة الدول العربية وبالتعاون الوثيق معها.
التنمية التي تعني "عملية توسيع خيرات الناس" تتطلب تحقيق المساواة وعدم التمييز لأي سبب كان، سواء كان تمييزا قوميا أو دينيا أو لغويا أو اجتماعيا أو جنسيا أو لأي سبب آخر يتعلق بالمعتقد الفكري أو السياسي، مثلما تتطلب تحقيق عدد من الجوانب المعنوية وبخاصة فضاء الحرية وحق الحصول على المعرفة والتمتع بالجمال والفن والأدب ومنجزات الثقافة.
وبهذا المعنى لم تعد التنمية بمعناها الحديث تتعلق بالنمو الاقتصادي أو الحكم الرشيد أو الصالح كما يحاول البنك الدولي تضييق مفهومها، بل هي بمعناها الواسع تتعلق بصميم السياسة العامة، وعلاقة المحكومين بالحكام والأفراد بالإدارة الحاكمة، بما لذلك من شرعية ومشاركة وتمثيل ومساءلة، ولاسيما في ظل الحريات العامة وبخاصة حرية التعبير وحق الاعتقاد وحق التنظيم الحزبي والنقابي والاجتماعي والحق في المشاركة في إدارة الشؤون العامة وتولي الوظائف العليا، وتلك الحقوق تأتي بالطبع بعد حق الحياة الذي هو حق مقدس وفوق جميع الحقوق، بل إنه جوهر ومحتوى حقوق الإنسان. وإذا كان الحق في التنمية جزءا من حقوق الإنسان، لاسيما في إطار الجيل الثالث من الحقوق الذي تضمن إضافة إليه الحق في السلام والحق في بيئة نظيفة والحق في الحصول على العلم والتكنولوجيا والاستفادة من منجزاتها البشرية، فإن الجيل الأول تضمن الحقوق السياسية المدنية التي تكرست في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العام 1948، في حين أن الجيل الثاني ركز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي توج بالعهد الدولي الصادر العام 1966 عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي دخل حيز التنفيذ في العام 1976، وفي تقديري فإن هذه الحقوق جميعا، مضافا إليها حقوق الجيل الرابع التي يمكن تبويبها أكاديميا بالحق في الديمقراطية والحق في التعددية والتنوع الثقافي واختيار المحكومين للحكام، لا يمكن تجزئتها أو اقتطاع أو مفاضلة بعضها بالبعض الآخر.
لقد ذهبت تقارير التنمية البشرية العربية منذ أواخر القرن الماضي ومطلع قرننا الحالي لتأكيد النقص الفادح في عالمنا العربي، لاسيما فيما يتعلق بالحريات ونقص المعرفة وعدم تمكين المرأة ومساواتها مع الرجل، واستمرار الموقف السلبي من الأقليات الدينية والقومية واللغوية والسلالية، إضافة إلى قضايا التقدم الاجتماعي، حيث يقف الفقر غولا في وجه التنمية مثلما تقف البطالة، الأمر الذي يستلزم لتحقيق التنمية تخطي هذه العوامل الكابحة، ولعل ذلك هو ما ذهب إليه "إعلان الحق في التنمية" الصادر العام 1986 حين أكد أن التنمية حق للإنسان (الفرد) وللشعوب محددا هذا الحق والمسؤولية على أساس فردي وجماعي، ومتناولا اتساق ذلك مع احترام القانون الدولي، ومتعهدا بتعزيز التنمية في البلدان النامية من جانب الدول الصناعية المتقدمة ودول العالم كافة. ولعل مبادئ الإعلان ركزت أيضا على السلام والاستقرار ودوره في إنجاز مهمات التنمية البشرية، وتمكين المرأة، وضرورة اتخاذ تدابير سياسية وتشريعية لتأمين هذا الحق بربطه مع حقوق أخرى غير قابلة للتجزئة. وإذا كان بإمكان المجتمع المدني أن يلعب دورا إيجابيا في عملية التنمية، فلا بد أن تكون منظماته طوعية وغير ربحية، والانتماء إليها لا يتم على أساس ديني أو طائفي أو عشائري أو وراثي، بمعنى أن تكون عضوية مؤسساته مفتوحة باعتبارها اتحادا طوعيا بين أفراد تجمعهم أهداف مشتركة، ويعتمدون الأسلوب الديمقراطي في التوجه والأداء، بالأهداف والوسائل والأساليب في تعاملهم مع بعضهم البعض ومع الآخر.
وهنا ينبغي التنويه على أن مؤسسات المجتمع المدني بقدر حفاظها على استقلاليتها وعدم انخراطها في الصراع الإيديولوجي الدائر في مجتمعاتنا ووضع مسافة واضحة بين الحكومات والمعارضات، يمكنها أن تلعب هذا الدور، لأنها لا تستهدف الوصول إلى السلطة، وترفض العنف، وتعمل تحت الشمس، ولا تلجأ إلى العمل السري، وإنما تمارس نشاطها بالطرق والأساليب القانونية "الشرعية" ذات الطبيعة السلمية، وهذا يحتاج إلى معالجة بعض إشكالياتها ومشكلاتها من حيث جاهزيتها الفكرية وقراءتها العملية للمستجدات والمتغيرات الدولية، وكذلك فيما يتعلق بإدارتها وأجنداتها وتمويلها وتداولية المسؤوليات فيها وديمقراطية العلاقة في داخلها، وبالتالي مواجهتها للتحديات الداخلية (من السلطات والمجتمع أحيانا بحكم الموروث والتقاليد البالية) والخارجية المتجسدة في مشاريع الهيمنة وفرض الاستتباع، بما فيها التي تريد تجنيدها أو احتواء بعض عناصرها أو استغلالها تحت ضغوط التمويل أو الرغبة في التغيير أو غيرها، الأمر الذي ينبغي الانتباه إليه جيدا، لاسيما من النشطاء والعاملين في هذا الإطار.
إن عناصر النجاح لمبادرات العمل العربي التكاملي المشترك يمكن أن تتلخص بتوفر عدد من المستلزمات، وبعكسها ستكون هناك أسباب للفشل والنكوص والتشتت، وهذه تستند إلى وجود إرادة سياسية فاعلة ومبادرة وأجواء من الحريات وبيئات تشريعية على صعيد كل بلد عربي وعلى المستوى القومي، ودراسة الاحتياجات والجدوى الاقتصادية، وبناء مؤسسات وإدارات سليمة وتقديم تسهيلات لتجاوز القيود والعقبات تتعلق بانتقال الأفراد والعمالة والإقامة والأموال والحقوق المتساوية، إضافة إلى اعتماد مبادئ الشفافية والرقابة والمساءلة.
ويمكننا إضافة عنصر من عناصر القوة ألا وهو وجود النفط كسلعة نافذة حاليا رغم أنها ناضبة، بحيث يمكن استخدامه وسيلة ضغط اقتصادي وسياسي، وحتى عسكري فيما إذا ربطنا ذلك بالصراع العربي-الإسرائيلي، الذي أسهم في تعطيل التنمية والإصلاح والديمقراطية في العالم العربي، موضوعيا بالانصراف إلى شراء السلاح والتضييق على الحريات بحجة الحرب والخطر الخارجي، أو ذاتيا باستثمار ذلك من جانب بعض الحكام لفرض نمط استبدادي-تسلطي، سواء من جانب الأنظمة الثورية أو المحافظة.
التنمية ليست ترفا، بل هي حاجة ماسة وضرورية وصولا للتكامل العربي المنشود، أسوة بما وصلت إليه أوروبا من بناء اتحادها المتين، لاسيما في ظل عملة وبرلمان ومواطنة موحدة وحقوق إنسانية متقدمة ومتساوية، في حين أن الكثير يجمع العرب الذين بدؤوا طريقهم للعمل المشترك قبل أوروبا في تأسيس جامعة الدول العربية، لكنهم ما زالوا يراوحون وتتعثر الكثير من خطواتهم، فهل سيستطيع المجتمع المدني أن يلعب الدور الموعود ويسهم إسهاما جديا في تذليل بعض العقبات ومواجهة بعض التحديات!؟
الإنسان هو هدف التنمية وهو الأصل في كل سياسة أو استراتيجية، وهو "المقياس لكل شيء" على حد تعبير الفيلسوف الإغريقي بروتوغوراس.

*باحث ومفكر عربي



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية التوافقية والديمقراطية «التواقفية»!!
- الجواهري نهر العراق الثالث!
- عن الاستفتاء والإصلاح في العراق
- التنمية والمجتمع المدني: الشراكة والتجربة العالمية!
- المجتمع المدني والعقد الاجتماعي
- المجتمع المدني العراقي.. من أين نبدأ؟
- المجتمع المدني بين الفهمين الماركسي والليبرالي
- هل هناك من مستقبل للقضية الفلسطينية؟
- الالتباس في مفهوم المجتمع المدني
- المجتمع المدني بين نارين
- الحق في الصحة
- الإيهام بالغرق: أهي لعبة رومانسية!؟
- الفقه القانوني -الإسرائيلي-: التذاكي والحقيقة
- -التمرد الثاني- المسكوت عنه في العراق
- مغزى علاقة التنمية بالمجتمع المدني
- إشكالية الهوية والمواطنة في العراق
- في ثقافة المواطنة
- المستقبل العراقي: الأسئلة الأكاديمية الحارقة!!
- سعد صالح: الاستثناء في الحق!!
- من المسؤول عن تشويه صورة الاسلام؟


المزيد.....




- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...
- الأمم المتحدة تستنكر -تعمد- تحطيم الأجهزة الطبية المعقدة بمس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - التنمية والمجتمع المدني العربي ..