|
النرجسية في العمل السياسي والاصل الاغريقي للمصطلح
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2677 - 2009 / 6 / 14 - 09:50
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
أدين بفكرة هذه المادة للصديق جهاد علاونة في مقال سابق نشر له في الحوار المتمدن حول كلمة ( أنا ) ووجب التنوية من موقع الإعتراف بحق الآخرين ودورهم في تفاعل وتوليد الافكار. كذلك للأخ الكاتب خضر محجز حول مقاله في الحوار المتمدن بعنوان المثقفون العرب . ************* إحدى أبرز آفات العمل السياسي العربي هي تضخيم دور الفرد على حساب دور المجموع . الآنا في مواجهة ال هم وتغييب مدلول نحن . البعض يطلق عليها الشخصانية في العمل الحزبي والبعض يصفها بالذاتية المريضة . مهما إختلفت الاوصاف والمسميات يبقى السلوك والتعبير عن هذه الحالة ممارسا في أشكال مختلفة. فالإنجاز يعزي لرئيس البلاد أو الحزب أو حتى لرب العائلة . والجميع ربما يتذكر العبارات السائدة في العالم العربي . من نوع ( بناء على توجيهات السيد الرئيس تم مثلا .. الخ ) والإخفاق تتحمل نتائجه المجموع أو الغير ( هم ). وغالباً ما نصادف في حياتنا العملية اليومية حالات ونماذج تقض مضاجعنا من الثرثرة عن الذات أو حول تفاصيل التفاصيل لموضوع قد لا يستحق . ورغم ذلك نحن مطالبين بالإستماع لوجهة نظر الآخرين من موقع الإحترام الذاتي . وفي مكونات الثقافة الدينية يطلب المرء من الله الغنى والخير ، وعندما تتحسن ظروف المرء ينقلب الموضوع ويصبح إنجازاً من الفرد . بينما الشر يوصف بأنه إبتلاء من الله وفق الحديث القائل إن الله إذا أحب عبده إبتلاه . رغم ضحالة معلوماتي حول صحة إسناد هذا الحديث . وفي هذه الحالة يصبح مثلاً الشعب الفلسطيني كما الكوردي في المنطقة العربية هم أكثر شعوب العالم محبة من الله عز وجل . والشعبان هما ( هم ) الغائب التابعة لله . وكيلا نطيل في السياسة ، نعود الى جذور هذا التعبير. تضخيم دور الفرد أو حب الذات أعتبر مصطلحا سياسياً .عبرعنه بكلمة النرجسية وهي ذات أصل إغريقي من كلمة ( زكسوس ) وتعني الزهرة الحزينة أو الذي عشق ذاته . وبعيداً عن السياسية تقول أصل الاسطورة الجميلة ، أنه وسط الغابات الخضراء ، عاشت فتاة جميلة تدعى ( إكو ) وتعني باليونانية ( إستمع ). بيد أنها كانت ثرثارة مولعة بالتحدث عن ذاتها ولا تمنح الآخرين فرصة التعبير عن انفسهم . ذات يوم ، رأت من بعيد كبير الآلهه زيوس بصحبة فتاة حسناء تضج أنوثة وجمالاً. وفجأة حضرت ( هيرا ) زوجة زيوس الشرعية تبحث عن زوجها . إستوقفتها الفتاة إكو مستفسرة عن سبب غضبها . لكن إكو لم تفشي سر إختفاء كبير الآلهة مع حسناء أخرى ، ليس بسبب حرصها على كبير الآلهة بل بسبب ثرثرتها المتواصلة دون توقف . تابعت إكو حديثها الممتع بقصص جميلة سردتها على مسامع هيرا التي نسيت سبب حضورها الى الغابة . هدأ غضب هيرا وواصلت إستماعها الى حديث إكو الشيق . فجأة لمحت هيرا زوجها زيوس كبير الآلهة خارجا من الغابة وهارباً مع صديقته الجميلة . فغضبت هيرا ، وأدركت أن إكو إختلقت القصص للحيولة دون ضبط زوجها متلبساً بالحب . فعاقبتها بحرمانها من الكلام على أن تردد فقط المقاطع الأخيرة من عبارات المتحدث الآخر، وأن تستمع للآخرين . حزنت إكو لما حل بها من عقاب ، حيث إعتزلت الناس ، وإختفت وسط الغابة. وذات يوم شاهدت مجموعة من الصيادين يتوسطهم فتى جميل ، خفق قبها له وتبعته دون أن يدري . علمت أنه يدعى زكسوس ووالده إله النهر كيفيسوس وأمه حورية تدعى ليروبي . ونظراً لجماله الآخاذ لم يكن يعير وزناً للمعجبات به من النساء . طارد زكسوس بمفرده فريسته ، أطلق سهامه ، وسقطت فريسته . إلتفت يبحث عن أصدقاءة لم يجد أحداً فقد ضل طريقه صرخ بصوت مرتفع ، لكن عاد اليه الصوت بصوت آخر كان صوت إكو التي حكمت عليه هيرا زوجة كبير الآلهه بترديد أصوات الأخرين . إندفعت إكوا نحو زكسوس تريد إحتضانه ، لكن زكسوس دفعها نحو الارض ، وهوت العاشقة حزينة الفؤاد . أما زكسوس فهرع يعدو باحثا عن أصدقاءه الى أن وجد غدير ماء صاف . عندما إنحنى ليشرب رأى تحت الماء وجه آخر جميلاً ، إبتسم زكسوس ، وإبتسم الوجه أيضاً . تلك الليلة ظل شارد البال يفكر في الوجه الآخر . عاد ثانية وثالثة . حاول ملامسة الوجه لكنه كان يهرب عندما تهتز صفحة الماء . تحول الى عاشق منبوذ لذاته ، ذوى عوده ، وفارق الضوء عينيه ، وقضى حزينا مردداً وداعا يامن أحببته . كانت إكو تتابع رحلته الحزينه كل يوم ، ولا تستطيع التحدث معه . القت عليه نظرة الوداع الأخيرة ، ثم إنطلقت لتعيش في أعالى الجبال تردد صدى صوت الآخرين . أما زكسوس فقد أشفقت عليه الآلهه ، وأعادته الى الحياة . لكنه لم يعد بصورة بشر بل اصبح زهرة جميلة تعبر عن الحزن والأسى لمن أحب ذاته . ولم يهتم سوى بنفسه وسميت بزهرة زكسوس ( نرجس ) .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تراجع اليسار اليوناني في الانتخابات الاوربية
-
نحو حزب إشتراكي فلسطيني
-
حقيقة ماحصل في أثينا
المزيد.....
-
جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس
...
-
العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ
...
-
إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع
...
-
شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
-
هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
-
الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل
...
-
لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق
...
-
ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
-
فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم
...
-
قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش
...
المزيد.....
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
-
آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس
...
/ سجاد حسن عواد
-
معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة
/ حسني البشبيشي
-
علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|