|
استغلال الانتخابات الرئاسية للتنفيس عن المكبوت عند الشعب الايراني
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2676 - 2009 / 6 / 13 - 07:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يتابع ما يجري في هذه الايام من النقاشات و المناظرات و ما يعيشه الشارع الايراني وعدم الانسجام الملاحظ بين شرائح الشعب و ما يسير عليه النظام ، و ما يحسه من المظاهر العامة لما يمكن ان نسميه التقليد الاسلامي الخاص للديموقراطية ، و في الجوهر لم يكن كذلك ، بحيث يمكن ان نقول انهم لبسوا الثوب الخاص من ما يسمونها الديموقراطية الايرانية الاسلامية ، و في الحقيقة انها القشرة الخارجية التقليدية التي تغطي الجسم و ما موجود هو اللب السلفي على الارض الواقع . في حقيقة الامر ، لو نظرنا الى المرشحين و حياتهم و افكارهم و اعتقاداتهم و تاريخهم ( جميعهم دون استثناء ) من معتدليهم الى المحافظين المتشددين الغيبيين منهم ، يجولون و يصولون في مساحة صغيرة اطارها محدد و باتجاه واحد دون الالتفات الى اليمين و اليسار ، انهم اسلاميون مذهبيون يخدمون الروح القومية الفارسية باسم الدين و التشييع . و اما ما نراه من الجدالات و المناقشات في كل مكان انها منتهية الصلاحية منذ اعلان اختيار المرشحين من قبل المجلس المحدد الخاص بهذا الامر و الذي يحدده و يعينه الولي الفقيه ، و هو الحاكم المطلق و الذي لا يخرج من يديه شيء يمكن ان نسميه الديموقراطية بمعنى الكلمة ، هل شاهد احد منذ الانتخابات الاولى في ايران مرشحاعلمانيا او اعتداله خارج الاطار المحدد للمذهبية و الدينية ، هل احس احد بطعم الحياة المعاصرة المدنية في خطاب اي كان و حتى المعتدلين منهم ، هل سمع احد ما يمكن ان نسميه المباديء الاساسية العامة للديموقراطية الحقيقية في حرية الاختيار و التعبير و تاثير الراي العام ، من شاهد مرشحا غير فارسيا ، من لاحظ طيلة التجارب الانتخابية في جميع الدورات مرشحا غير شيعيا ، ما هو الملاحظ انمن يختاره مجلس الخبراء الاعلى هم من المقبولين من قبل الحوزة القمية ، من لمس عقلية و فكر مرشح يلمح الى التوسع في نوعية الحكم غير الجوانب الهامشية غير الاساسية ، من ذاق طعم ولو جملة طيبة من احد المرشحين في اعلان حق تقرير المصير للقوميات و الفئات و الشرائح المستحقة ، من لم يحس باستعلاء الخطاب الديني الشيعي على كافة الاراء و الافكار و الخطابات الاخرى . هكذا اذن العملية بمجملها خلط الاوراق و تضليل باسم مفهوم الديموقراطية بعيدا عن جوهرها الحقيقي. و كما نشاهد ان تهيج الشارع في هذه الايام للترويج عن المرشح المطلوب ضمن الاستراتيجية العامة للحوزة لاختيار احد ممن هو مختار من قبل الحاكم المطلق ، و هو مرشح و ناجح في امتحان السلطة الحقيقية الشمولية ، اما النقاشات و ما يدفعون الشعب من اجل التنافس كتقليد مظهري و خارجي وكقشرة يابسة لما يجري في العالم الغربي ، و يضللون الشعب باسم الديموقراطية و يستجدون حركة او ما يمكن ان تسمى البدعة الديموقراطية المظهرية و من اجل كبت الاراء المخالفة و الغاء الاخر و ما ابدعوه اخيرا من المناظرات التقليدية للمرشحين الامريكيين للرئاسة و بطريقة اسلامية ، و لكن على النغمة المذهبية ، ليقارن الشعب و يقول ان هذه هي الديموقراطية بعينها ، و الواقع و الحقيقة غير ذلك ، ليست هناك منافسة شريفة و ترشيح حر بين جميع الافكار و الاعتقادات و الاراء ، لا يمكن قطعا ان يكون المرشح غير مجاز حوزويا و يجب ان يكون تحت رحمة القائد الاوحد ، و لم يتضلل الا الاحداث و الشباب غير الواعين و من لم يمروا بهذه التجارب و هناك المصالح الذاتية قبل اي شيء اخر . فهل يعقل ان يهتم بلد بالسلاح النووي و هو في وضع يعيش اكثر من ربع سكانه تحت خط الفقر ، و هو لا يبالي بما يجري على الساحة الداخلية ، و الاهم عنده هو المنافسة غير الصحيحة لقوى العالم و على حساب الشعب و معيشته . يمكننا القول ان النظام الايراني استغل الحداثة و ما موجود الان من التمدن مقلدا الغرب باسم الانتخابات و في باطنها معاني و اهداف مضمونة و معلومة مسبقا ،و لا يمكن انتظار التغيير و الاصلاح ، و ان كان هناك تيار يسمي نفسه اصلاحي ، وينتظر التغيير بعد الاصلاح العام فشرطه الاول المهم ،يجب ان يكون بيد من لم يخرج من رحم هذا النظام المقيد لكل التحركات . و ما يلاحظ خلال هذه الايام من التحركات ضمن الحملات الانتخابية الرئاسية الايرانية اكثرها مكشوفة و ليس دعما لجهة دون اخرى بقدر انها اظهار للمواقف و الاراء المكبوتة و استغلال الفرصة المتاحة للتعبير عما هو مكبوت ، فهناك جانب واحد شمولي مسيطر على زمام الامور و يعتبر من ليس معه فهو ضده و يتعامل معه على هذا الاساس ، اما الجانب المعتدل لا يختلف كثيرا عنه من حيث الترشيح ،غير ان المؤيد هو من له الاهداف الابعد مداً من الانتخابات الرئاسية و لن يستقر الا يتحقيق احلامه . و يمكن ان يعتبر ما يدور من وراء الحملات الانتخابية ثورة شعبية سياسية سلمية بيضاء ، و على الجهات و التيارات السياسية السرية استغلالها لتحقيق اهداف الشعب العامة و ضمان مصالحهم المستقبلية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانسحاب الامريكي و فرصة تضييق الحريات في العراق
-
من سيدفع الثمن ؟
-
ما الذي يقوي روح الانتماء للوطن دون غيره
-
عقدة التكبر و الاحساس بالنقص معا في السياسة العراقية
-
من يصنع الدكتاتورية و يقوُيها ؟
-
كيف تمحى العادات و التقاليد الخرافية في الشرق ؟
-
اية سلطة ترضي العراقيين جميعا
-
الاصلاح و التغيير من الرؤى الواقعية
-
استقرار المجتمع مرتبط بالمساواة و العدالة الاجتماعية
-
الوعي العام للشعب يحدد الاختيار في الانتخابات
-
مابين المثقف و السلطة و مسيرة الحكم
-
لماذا اختير النظام الفدرالي للعراق ؟
-
دور الصحافة الكوردستانية في نجاح الانتخابات البرلمانية
-
هل تنفذ امريكا في العراق ما طبقته في اليابان
-
ستكون الانتخابات البرلمانية انعطافة هامة في اقليم كوردستان
-
الديموقراطية و المعارضة في الشرق الاوسط
-
وصول المراة الى البرلمان من دون( الكوتا )!
-
ما بين النظام الرئاسي و البرلماني الملائم للعراق
-
التيارات المحافظة بين الفكر و الواقع
-
المواطن و المشاركة في القرارات السياسية
المزيد.....
-
جميع الإصابات -مباشرة-..-حزب الله- اللبناني ينشر ملخص عمليات
...
-
أحمد الطيبي: حياة الأسير مروان البرغوثي في خطر..(فيديو)
-
-بوليتيكو-: شي جين بينغ سيقوم بأول زيارة له لفرنسا بعد -كوفي
...
-
كيم جونغ أون يشرف بشكل شخصي على تدريب رماية باستخدام منصات ص
...
-
دمشق: دفاعاتنا الجوية تصدت لعدوان إسرائيلي استهدف ريف دمشق
-
هبوط اضطراري لطائرة مسيرة أمريكية في بولندا بعد فقدان الاتصا
...
-
استئناف حركة المرور بين تونس وليبيا بعد غلق المعبر لإجراءات
...
-
-استعدادات الصين العسكرية لمواجهة الغرب-.. فيديو متداول يثير
...
-
الكرملين يرفض زعم أرملة نافالني بموته مقتولا
-
أوباما في لندن بزيارة مفاجئة ويلتقي سوناك في -داونينغ ستريت-
...
المزيد.....
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
-
شئ ما عن ألأخلاق
/ علي عبد الواحد محمد
-
تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|