هل المشايخ مؤمنين حقا ؟

رعد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 09:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

في حياتنا اليومية نلاحظ أن كل متخصص أو خبير أو صاحب حرفة , يكون أرسخ وأهدأ وأكثر إتزانا عند إجابته لتساؤل أحد العامة عن ذلك العمل أو الأختصاص أو الحرفة ..إلاً مشايخ الدين الكرام ,تراهم يتجهمون وينفعلون ويتعصبون بكل تعصب الجاهلية التي ينكروها ,إذا ناقشهم إنسان , أو جادلهم مجادل في أمور الدين أو الحياة..وأفترض أن تعصبهم ناشيء من ضعف إيمانهم أصلا , كمثل لاعب الكرة العادي , عندما لا يستطيع إيقاف هجوم اللاعب الفذ , ميسي مثلا , فأنه يلجأ الى إسقاطه أو إعاقته بشتى الطرق !
وهم ينعتون أي متسائل عن أي مسألة عقيمة أو تناقض ظاهري موجود في القرآن أو في السنة ,بأنه مجادل في أحسن الأوصاف , هذا إذا لم ينعتوه بالمعاند أو المكابر أو الكافر, الذين أعمى الله قلوبهم عن الحق , وسيحشرهم جهنم وبئس المصير !
يقول الشوكاني : (ما أحوج أهل العلم (يقصد المؤمنين),بالابتعاد عن المجادلين بالباطل بعد ثبوت الحجة عليهم ..وأفضل شيء تجاهلهم ,فأن في مجادلتهم ومسافهتهم مع ذكرهم بأسمائهم ..تكريما لهم ورفعا لشأنهم ,مع حقارتهم ووضاعتهم وخستهم ) ..إنتهى
لاحظوا معي مقدار الأدب والتواضع والهدوء في إستعمال وإنتقاء الصفات المناسبة للمجادلين !
وطبيعي أن يتبعوا ذلك الوصف ببعض الآيات مثل :
( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) الفرقان 63
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين )الأعراف 199
والواقع فيما يخص الآية الثانية ,كنت أتذكرها في صغري كما يلي :
(خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين ).
وعند سؤالي لأحد العارفين ,عن سبب التغير الذي أجده بين كلمتي المعروف و العرف ,ذكرني بالقراءات السبع وبعض التفاصيل الأخرى .
وقد وجدت مايلي في شرح هذه الآية أيضا :
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ), هذه الآية من عجيب المنسوخ , لأن أولها منسوخ وآخرها منسوخ وأوسطها محكم ..
قوله : (خذ العفو ) يعني الفضل من أموالهم
(وأمر بالعرف ) تفسيره معروف وهو محكم
(وأعرض عن الجاهلين ) , منسوخ بآية السيف , و هي :
{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون } .
وهكذا نجد أن الآية التي تحث على الأعراض عن الجاهلين , هي نفسها تثير الجدل والنقاش ,
وتعيدنا الى مربع الناسخ والمنسوخ , وإنكار بعض العلماء كالقرضاوي وتوسعهم في شرح ذلك دون التوصل الى نتيجة بائنة ..هل يوجد نسخ في القرآن ,أم لا ؟؟؟
المؤيدين لوجوده يتلون الآية:{ ماننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها .. } البقرة 106
والمنكرين للنسخ يجيبون بأن هذا يخص نسخ الشرائع فقط , على أساس أن الأديان السماوية كلها متفقة في أصولها العقائدية ومختلفة في القضايا التشريعية بدليل الآية :
{لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } المائدة 48
وهذه الآية الأخيرة بدورها تثير الشك والجدل فلماذا لم يقل ما يلي :
لكل منكم جعلنا شرعة ومنهاجا ؟؟فيكون المعنى واضحا بأن لكل فئة شرعة ومنهاج
,بدل التقديم والتأخير بين الفعل والفاعل والمفعول به ,بحيث قد تعني الجملة ..
أنتم أنفسكم أصبحتم شرعة ومنهج , أليس كذلك ؟
وكي لا نبقى نلف وندور في حلقة مفرغة كما هي الحالة عادة ,في أي جدل ديني ,أقترح على علماء الدين ,(وهي تسمية خاطئة طبعا , والاصح المشتغلين في أمور الدين , كما أوضح أستاذنا د. طارق حجي في إحد لقاءاته التلفازية ), أقترح مايأتي :
إعترفوا بوجود الناسخ والمنسوخ والتناقض في المعاني والأخطاء الاملائية والنحوية والتأريخية حسب علم الآثار والحفريات ,والأخطاء الجغرافية بمكان السدود مثلا وغروب الشمس ,والأخطاء العلمية مثلا بعقل المرأة ونسب تكون الجنين من الأب والأم وإنشقاق القمر والصعود بحصان الى السماوات السبع وجيوش سليمان التي تضم الطيور القاصفة والاسود المدرعة كما في أفلام الكرتون ,ومكوث ذو النون في جوف السمكة أو الحوت فترة طويلة ثم عودته للحياة كنبي , وما شابه ...إعترفوا بكل ذلك ,وفي حقنا بالتفكير العلمي السليم دون الاعتماد على الغيبيات والعواطف والمجاهيل والخرافات ,
وسنقوم مقابل ذلك ( نحن العلمانيين ), بمسامحتكم وعدم ملاحقتكم قانونيا للاضرار الناتجة عن تصرفاتكم لمجتمعاتنا خلال مئات السنين , كما سنقوم بالتوسط بينكم وبين أصحاب الديانات الأخرى بأن يتوقفوا عن مهاجمتكم من طرفهم , وعدم إثارتكم بأقوال من قبيل ولادة طفل دون أب , أو تجسد الأله في جسد رجل ثم يعامل هذا الرجل بكل قسوة ويعذب ويبصق في وجهه قبل أن يصلب من أجل نفس هؤلاء البشر !
وربما ستكون هذه خطوة أولى للتعقل والتفكير العقلاني تتبعها خطوة للتصالح مع اليهود وجميع الأديان و بنفس الطريقة , وبالتالي سنصل الى النتيجة المرجوة وهي إستمرار العمل بأعلان حقوق الأنسان في حرية الناس بالاعتقاد !وعدم مهاجمة الآخر وإستفزازه , وهنا نقطة مشجعة جدا كما ترون , فقد يكون من أولى ثمرات هذا الاتفاق , وقف توجيه الاسئلة المحرجة التي تقدمها قناة الحياة (إن إقتنعوا هم أيضا )
وفي ذلك خلاص من محنة كبيرة يعاني منها غالبية مشايخنا الكرام دون أن يستطيعوا الرد على الشبهات والتناقضات المثارة , وحتى إن فعلوا وردوا فسوف يزيدوا الطين بله , كما حدث أخيرا
على كل هي دعوة طيبة , للخير والتصالح مع النفس ومع الجميع ,
ولا داعي للشتائم الجاهزة من الألسنة الداشرة كما تسميها الدكتورة وفاء سلطان ..ما رأيكم ؟؟

رعد الحافظ
2009-06-10

#رعد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات