أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم اللويزي - الظاهرة الحزبية بالمغرب:التجمع الوطني للأحرار نموذجا















المزيد.....



الظاهرة الحزبية بالمغرب:التجمع الوطني للأحرار نموذجا


سليم اللويزي

الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المقدمة:

إن تطور مجتمع ما يحدث من خلال تفاعل مجموعة العلاقات الاجتماعية المعقدة، فإذا وضعت هذه الفعاليات الاجتماعية في خدمة الحاجات أو الضروريات الأساسية للفرد، تصبح فعالية سياسية تعود للسلطة و تصنفها، تلك السلطة التي لها علاقة بالقوى السياسية.

إن هذه القوى السياسية هي التنظيمات التي تؤثر على الحياة السياسية أو تتدخل في صيرورة اتخاذ القرار السياسي ، إما بالمشاركة في تعيين أو تسمية السلطة السياسية أو تتدخل بجانب السلطة للحصول على قرار أو تعمل على تعديل أو تغيير القرار بشكل يكون مقبولا لها.و يرى M.Burdeau بشكل أكثر تجريدية أن القوى السياسية هي "كل الطاقة الاجتماعية التي تقوم السلطة بتوظيفها".

من هذه القوى السياسية، تظهر الأحزاب السياسية كجسم فاعل في الحياة السياسية، و تعد دراسة الظاهرة الحزبية من الدراسات الهامة التي اتخذت موقعها من أبحاث علم السياسة في العصر الحديث نظرا للدور الهام الذي أصبحت تلعبه تلك الأحزاب في أنظمة الحكم المعاصرة.

فالنظام السياسي في أي دولة، في العصر الحديث، يقوم في جوهره على نوعين من المؤسسات:النوع الأول هو المؤسسات الرسمية و التي تتمثل في السلطات الثلاث:التشريعية و القضائية و التنفيذية.أما النوع الثاني من المؤسسات فانه ينحصر في المؤسسات غير الرسمية، و هذه الأخيرة تتمثل في جماعات الضغط الداخلية و النقابات المهنية و الأحزاب السياسية.
و لعل الأحزاب السياسية من أكثر التنظيمات غير الرسمية تأثيرا في الأنظمة السياسية المعاصرة، و من أجل ذلك يقول Maurice DUVERGER " إن أي نظام سياسي ما هو إلا انعكاس للنظام الحزبي السائد فيه ".



فوجود الأحزاب السياسية يعد بصورة عامة اليوم أمرا ضروريا لنجاح العملية الديمقراطية بنطاقها الواسع، و أصبحت تشكل جسر العبور الإجباري للمناقشة السياسية.
و بالتالي أضحت تعبر عن أكثر من بعد، فهي من ناحية طريق الشعب للتأثير على الحكومة و الإعراب عن رأيه السياسي في المسائل المختلفة، و من ناحية ثانية طريق الحكومة في التأثير على الشعب و كسب وده.

فالظاهرة الحزبية بالمغرب تعتبر من بين التناقضات التي يعرفها المشهد السياسي المغربي، خصوصا مع توالد أو تفريخ مجموعة من الأحزاب السياسية الصغيرة عشية الاستحقاقات الانتخابية من جهة ، و تغيير في الإستراتيجية مع الحفاظ على الثوابت من جهة ثانية من طرف الأحزاب الكبرى ، و هذا ما نلحظه جليا عند تحالف أحزاب تتبنى التوجه الاشتراكي مع أحزاب ليبرالية لتشكيل حكومة أغلبية , أو حينما يتخلى حزب ما عن آرائه و مواقفه السابقة و ينوي المشاركة في الانتخابات .


 بشأن عنوان البحث و مفاهيمه :
إذا كان من وظائف المقدمة تحديد و تعريف موضوع البحث، فانه لمن الضروري الوقوف على مفاهيمه و تحديد المقصود منها، و إن ابرز مفهوم ورد في العنوان هو مصطلح الحزب. فما المقصود إذن بالحزب السياسي ؟
للتعريف بالحزب، سنتناوله من زاويتين : انطلاقا من تعار يف الفقهاء و المنظرين الغربيين من جهة ، و ارتكازا على الجانب القانوني (من خلال الدستور المغربي و قانون الأحزاب 34.06 ) من جهة ثانية.

لقد أعطى ماكس فيبر تعريفا واسعا للحزب السياسي حيث يعتبر أن " الأحزاب السياسية هي جمعيات تقوم على التزام – شكليا- حر هدفها مد مناضليها النشيطين بحظوظ- مثلى أو مادية – لمتابعة أهداف موضوعية أو الحصول على امتيازات شخصية أو تحقيق الاثنين معا" .

أما عن التعريف الثاني فهو يخص تعريف كل من لابالومبارا Lapalombara
و فينر Wiener في مؤلفهما "الأحزاب السياسية و النمو السياسي " Political parties and political development حيث يحددان أربعة معايير:
1- تنظيم دائم ومستمر: أي تنظيم يعد أمله في الحياة السياسية أعلى من أمل قادته في وقت ما.
2- تنظيم محلي وطيد بشكل جيد و دائم ظاهريا و يقيم صلات منتظمة و متنوعة مع المستوى القومي.
3- إرادة واعية للقادة القوميين و المحليين للتنظيم لأخذ السلطة و ممارستها لوحدهم أو مع الغير و ليس فقط التأثير على السلطة.
4- الاهتمام بالبحث عن دعم شعبي من خلال الانتخابات أو بأية طريقة أخرى.


كما لا يفوتنا أن نتطرق إلى مجموعة من التعريفات للعديد من الفقهاء، أهمها للأستاذ François GOGUEL حيث يصف الحزب السياسي بكونه " جماعة منتظمة قصد المساهمة في الحياة السياسية تهدف للحصول الكامل أو الجزئي على السلطة و تعمل على نصرة أفكار و مصالح أعضائها" و يعرفها Maurice DUVERGER بكونها "تكتل المواطنين المتحدين من أجل تحقيق هدف معين "

أما بالنسبة للتعريف القانوني للأحزاب السياسية فقد تضمنت المادة الثالثة من الدستور المغربي ما يلي"الأحزاب السياسية و المنظمات النقابية و الجماعات المحلية و الغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين و تمثيلهم.و نظام الحزب الوحيد غير مشروع" .

في حين عرفه قانون الأحزاب المغربي 04-36 من خلال مادته الأولى بكونه "تنظيم دائم يتمتع بالشخصية المعنوية و يؤسس بمقتضى اتفاق بين أشخاص طبيعيين، يتمتعون بحقوقهم المدنية و السياسية و يتقاسمون نفس المبادئ قصد المشاركة في تدبير الشؤون العمومية بطرق ديمقراطية و لغاية غير توزيع الأرباح".


 دوافع اختيار البحث:

إن دراسة الظاهرة الحزبية عموما وفي المغرب خصوصا تحتل قسطا ليس باليسير من المعلومات التي يتلقاها الطالب في شعبة القانون العام ،و خصوصا في تخصص علم السياسة،هذا و أن دراسة هذا الموضوع تعد ذات أهمية قصوى علما أن هذه الظاهرة متجددة و متغيرة، و بالتالي فهي تفرض نفسها في كل بحث في القانون العام.

أما بالنسبة لدراسة حزب التجمع الوطني للأحرار كحالة، فانه راجع بالأساس إلى عدة عوامل متداخلة، فهذا البحث يتزامن مع اقتراب الانتخابات و ما تفرزه هذه الانتخابات من تغيير في الخريطة السياسية المغربية من تحالفات و انشقاقات و ظهور أحزاب جديدة ، كما جاء اختيار حزب التجمع الوطني للأحرار بالخصوص لكون أغلب الدراسات التي تناولت الأحزاب بالدراسة خصت أحزاب المعارضة(الاتحاد الاشتراكي،حزب الاستقلال،التقدم والاشتراكية... ،ومن جهة ثانية ، يعرف الحزب مخاضا على مستوى القيادة قد يعصف بالحزب,مما أجج فضولنا من أجل الخوض في هذا الموضوع.

 المنهج و الإشكالية:

فبخصوص المنهج المعتمد في هذا البحث، فبما أن الظاهرة الحزبية تندرج ضمن العلوم الاجتماعية عموما و في علم السياسة خصوصا فإن المنهج القانوني أو الوصفي لن يكونا كافيين للإحاطة بجميع جوانب الدراسة حيث أنه من خلال هذه الدراسة لابد من أن نقوم بمقاربة سياسة تقوم على تموقع الحزب في المشهد الحزبي المغربي، و بالتالي يبقى المقترب السياسي أكثر المقتربات التي ستجعلنا نقف على جميع زوايا هذا الحزب من خلال تكوينه الداخلي و من حيث مسيرته و من جهة علاقاته مع المحيط السياسي ، هذا بالإضافة إلى المنهج التاريخي الذي سيكون له دور أساسي في إعطاء صورة واضحة للحزب و المنهج الاستنتاجي الذي سنعتمده لاستخلاص بعض الخلاصات.

هذا بالنسبة للمنهج المعتمد، فإن أي دراسة فإنها لابد أن تقوم على إشكالية محورية،و بخصوص إشكالية موضوعنا هذا فإنها تتجلى من خلال التساؤل إلى أي حد يعتبر حزب التجمع الوطني للأحرار حزبا ذو مكانة في المشهد الحزبي ؟ و بعبارة أخرى ما هو تموقع الحزب في المشهد السياسي المغربي؟ و ما هو الحجم الحقيقي لحزب التجمع الوطني للأحرار و ما هي أهميته و فعاليته السياسية في الحقل السياسي المغربي؟


للإجابة عن هذه الإشكالية المحورية،فقد ارتأينا اعتماد التصميم الآتي:

- فصل تمهيدي: نتناول فيه نشأة الحزب السياسي بصفة عامة و سرد بعض أصناف الأحزاب السياسية و كذلك التطرق لوظائف الحزب السياسي من خلال الجانب الدستوري و القانوني و من خلال الخطاب الملكي.

- الفصل الأول :و سنتطرق فيه إلى سياق تأسيس الحزب(التجمع الوطني للأحرار) أي الملابسات و المبررات التي أدت إلى ميلاد حزب جديد اسمه التجمع الوطني للأحرار، هذا فسيتم التعريف بتوجهاته و مكوناته الداخلية من خلال قراءة في وثائقه الرسمية.

- الفصل الثاني: و سيشمل نقطتين أساسيتين: علاقة الحزب بالمحيط السياسي من جهة و التعرف على تناقضات الحزب انطلاقا من الانشقاقات التي عرفها و مرورا بمشاركته في المعارضة.


إذا كانت قد اختلفت المقاربات و الآراء من أجل تحديد مفهوم الأحزاب السياسيــة و إعطائها تعريفا واحدا و موحدا، فان هذه المقاربات اتجهت كل واحدة على حدة نحو تبني فكرة خاصة بها و رأي تدافع عنهما،فإذا كانت المقاربة الإيديولوجية تقول أن الحزب السياسي هو تجمع لأشخاص يتبنون نفس المذهب السياسي و هذا ما دعا به بنجمان كونستون سنة 1918، فإن كارل ماركس قد اعتبر البنيات الفوقية و الخصوص الإيديولوجية السياسية هي نتاج للبنيات التحتية. أما عن المقاربة البنيوية، فهي تركز بالأساس على الجانب التنظيمي للحزب، و بخاصية الجهاز أو الآلة و انه يسعى دائما إلى السلطة ،و قد دعا إلى ذلك موريس دوفيرجي حيث ركز على الطابع التنظيمي و على بنيات الآلة الحزبية.

على هذا الأساس يتبين أن الحزب هو ظاهرة اجتماعية بامتياز،ظاهرة تنضوي تحت لواء علم الاجتماع السياسي مما سيولد عدة أسباب تؤدي إلى نشأة الأحزاب السياسية، و هذا ما سنحاول الإجابة عنه في المبحث الأول، أما في المبحث الثاني سنتطرق إلى تمييز الأحزاب السياسية بعضها عن بعض مما سيؤدي إلى تصنيفها حسب عدة معايير تختلف باختلاف الفقهاء،هذا بالإضافة إلى التعريف بالوظائف الرئيسية للحزب.


المبحث الأول:
نشأة الحزب السياسي و أصله
عند حديثنا عن نشأة الحزب السياسي فإننا سنعتمد في ذلك عموما على الإطار التاريخي لظهور هذا المفهوم (المطلب 1) لننتقل فيما بعد إلى التغيرات المؤسسية التي ساهمت في ميلاد الأحزاب السياسية و خصوصا في أوربا(المطلب 2)


المطلب الأول: نشأة الحزب السياسي
الأحزاب السياسية هي قديمة. فقد تحدث أر سطو عن الجمعيات السياسية، ولكن لم يعط معلومات عن نشاطاتها وفعالياتها والتي لم تكن بالتأكيد تعطي نفس المعنى اليوم. ولكن إذا كان مصطلح الحزب قديماً، فإن مفهوم الحزب السياسي لم يبدأ بشكل حقيقي إلا مع ظهور "البرلمانية" parlementarisme.

و يتفق الباحثون في علم السياسة على أن الأحزاب السياسية ظاهرة حديثة النشأة، فلم تأخذ الحركات الاجتماعية السياسية الإصلاحية و الثورية شكل الحزب السياسي إلا في النصف الثاني من القرن 19.

و ربما تعتبر الدراسة التي كتبها موريس دوفيرجي في هذا الشأن هي أول و أهم دراسة حديثة، و قد اعتمدها الباحثون و جروا على منوالها خاصة فيما يتعلق بنشأة الأحزاب.

يقول موريس دوفيرجي " يعود تاريخ الأحزاب الحقيقية إلى قرن تقريبا، ففي سنة 1850 لو يكن أي بلد في العالم يعرف الأحزاب السياسية بالمعنى العصري للكلمة، فقد كان

يوجد قديما اختلافات في الآراء، و نواد شعبية أو تكتلات فكرية، و كتل برلمانية، لكنها لم تكن أحزابا بالمعنى الصحيح ، و في سنة 1950 أخذت هذه الأحزاب تظهر في غالبية الأمم المتحضرة في حين كانت الدول الأخرى تجهد لتقليدها في ذلك"

ففي بريطانيا ظهرت الأحزاب بعد الإصلاح الذي أصاب الانتخابات 1832 والذي زاد من عدد الناخبين، فقد طورت نوعية تنظيمها وأصبحت أحزابا وطنية، بمعنى الانتشار الجغرافي هنا. وفي فرنسا بقي مصطلح الحزب يستحضر ويذكّر باتجاه النزعة. حيث ظهر في
عام 1848 ما يمكن أن ندعيه " حزب العمال" والذي يشير حصراً إلى الحزب الذي أخـذ على عاتقه الدفاع عن مصالح العمال، ومن هنا ضمن هذه المرحلة من عمر فرنسا ظهرت العديد من الأحزاب العمالية وخارج فرنسا أيضاً. ولكن قبل نهاية القرن التاسع عشر، مصطلح الحزب لم يأخذ معناه كتنظيم سياسي مبني بقوة وترتيب سياسي " بنيوي" وبالتحديد بين عام ( 1891ـ 1864) .


المطلب الثاني:أصل الأحزاب عند.ج.م.دنكان
لقد جاء الحزب السياسي كإجابة عن الاكراهات الموضوعية للحياة السياسية،فقد جاء مشروطا بمجموعة من المتغيرات الرسمية و السياسية التي ميزت بلدان أوربا خلال القرن 19 م.

فقد كان لظهور الكتل البرلمانية أثر مباشر في تكوين الأحزاب السياسية خصوصا عند تبني إيديولوجية معينة و التي أصبحت تهيمن شيئا فشيئا، الأمر الذي فرض على أعضاء هذه التكتلات نوعا من الانضباط حين التصويت أو خارج هذه العملية.

هذا عن التكتلات البرلمانية،أما بالنسبة للعامل الثاني الذي ساهم في بروز الأحزاب السياسية فيتمثل في ظهور اللجان الانتخابية التي قادت إلى خلق الأحزاب.لقد نشأت هذه اللجان من حاجة لم تكن قد استشفت بعد بصورة مباشرة، لكنها فرضت نفسها شيئا فشيئا لتصبح فيما بعد دائمة، فالمهم هو رغبة الأفراد الذين اكتشفوا السياسة في الاستمرار بالاهتمام بها، و بمتابعة سير الأحداث، و بالتعبير عن وجهات نظرهم بعد انتهاء فترة الاستشارات الانتخابية.
و بعبارة أخرى، فإن المهم هنا هو التطور في الطريقة التي يعيش بها المواطنون، الخارجون عن نطاق الطبقة السياسية."فقد شهد القرن 19 بالفعل تحولا حقيقيا في العالم السياسي. إن من الضروري أن نتوقف أمامه للحظة، لأنه إذا قمنا بتجريد هذا التحول، فإننا سنعيد ظهور الأحزاب إلى مجرد ظاهرة بنيوية و إرادية، الأمر الذي سيمنع من فهم منطقها و مداها " .


المبحث الثاني
أصناف الحزب و وظائفه

اختلفت التعريفات و تنوعت الآراء بخصوص الحزب السياسي، لكن تبقى تصنيفاته و وظائفه متحدة إلى حد ما.فما هي أهم التصنيفات ؟ و ما هي وظائف الحزب الرئيسية.

المطلب الأول:أصناف الأحزاب السياسي

يمكن القول أن الأحزاب السياسية تعددت تصنيفاتها من تصنيفات رئيسية و أصناف إيديولوجية بالإضافة إلى تصنيفات أخرى.

• الفقرة الأولى: الأصناف الرئيسية

أولا / أحزاب الأطر و أحزاب الجماهير.

و يقوم هذا التصنيف الذي نادى به موريس دوفيرجي على مبدأ التنظيم الذي يؤطر العمل الحزبي، و يحكم علاقات مكوناته على الصعيدين الأفقي و العمودي.

*أحزاب الأطر، partis des cadres، فهي التنظيمات السياسية المكونة أساسا من شرائح اجتماعية متميزة بنفوذها الاقتصادي و الاجتماعي، فهي تسعى إلى جمع الأعيان و اجتذاب الشخصيات الكبيرة المرموقة سياسيا و اجتماعيا دون النظر إلى عدد هؤلاء الأعضاء و



بالتالي ليس هدفها التوسع الكمي بقدر ما يهمها الانتقاء النوعي. و هذا النوع من الأحزاب لا يرتكـز إلى قاعدة صلبة، لان تكوينه ضعيفا بطبيعته، لفقد الصلة بالقاعدة العريضة من الناخبين، و يعمل عادة من خلال لجانه في الوحدات المحلية و البرلمانية. و يندرج ضمن هذا النوع من الأحزاب معظم الأحزاب المعتدلة و المحافظة.

* أحزاب الجماهير partis de masse، و يعود ابتكارها إلى الأحزاب الاشتراكية الأوربية في بداية القرن 20 و نقلتها بأشكال مختلفة الأحزاب الشيوعية و الأحزاب الفاشية.
فهي تقوم على ضم أكبر عدد ممكن من الأفراد المشاركة في نشاط الأحزاب و أعمالها. و تعتمد على التنظيم الدقيق و المحكم و الطاعة لقيادات الحزب الذين يقومون بتوجيه جماهير الناخبين، كما يتمتع قادة هذه الأحزاب بالنفوذ و التأثير الكبير في أعضاء الحزب.و تتحدد سياستها في مؤتمرات دورية تتم خلالها المناقشات في جو ديمقراطي حر على المستويات من القاعدة إلى القمة.

ثانيا / أحزاب الرأي و أحزاب الإيديولوجيا

يقوم هذا التصنيف على المعيار الإيديولوجي

* أحزاب الرأي partis d’opinion هي أحزاب منعدمة أو غير واضحة الأفكار والمفاهيم و المواقف غير الثابتة , فهي تظهر في فترة الانتخابات و تختفي , و بالتالي يمكن القول أنها أحزاب مناسباتية , و تحدد خصائصها في الدفاع عن مصالح كل الطبقات و الحفاظ على هياكل النظام , و كون الزعامة فيها تكون حسب النفوذ الاجتماعية.
و قد أكد موريس دوفيرجي أن أحزاب الرأي " لا زالت تحت تأثير الأعيان وتخضع لإمرة زعماء لا يتم اختيارهم بصورة ديمقراطية، و إن جرى تحديثها و تكيفها مع توجهات الجسم الانتخابي..."

* أحزاب الايدولوجيا: فهي أحزاب ذات الايديولوجيا الواضحة و التي تعمل على الالتزام بها و تطوير المجتمعات حسب أفكارها و قيمها , فتعتمد بذلك على مفهوم الصراع الطبقي و دفاعها عن طبقة اجتماعية معينة و سعيها للتغيير الجذري و قوة تنظيمها و الانضباط الحزبي داخلها و صعوبة التعاون فيما بينها.

* أحزاب الأعيان و أحزاب التجمع و أحزاب المناضلين.
ظهرت تصنيفات جديدة بمثابة الرد عن تصنيفات دوفيرجي، و قد اعتمدوا هؤلاء الفقهاء على ثلاث أنواع :
 أحزاب الأعيان /هي أحزاب تقتصر عضويتها على الشخصيات المرموقة في المجتمع سواء كانوا مثقفين أو رجال أعمال و تكاد تقترب من أحزاب الأطر أو الكوادر.

 أحزاب التجمع parti attrape tout/ فهي أحزاب تنشط فترة الانتخابات و الاستشارات الشعبية , و يكون لها اتصال كبير بالناخبين, و هدفها هو تجميعهم و ليس لها في معظم الأحوال مذهب سياسي محدد ،و بالتالي تسعى إلى إقناع الناخبين أكثر مما تسعى إلى تأطير الأفراد و بالتالي فهذا النوع لا يتشبث بإيديولوجية محددة في الوقت الذي يسعى فيه إلى جلب أصوات الناخبين.

 أحزاب المناضلين partis militants / هي التي تضم جميع الأحزاب الشعبية و تضم اكبر عدد ممكن من الأفراد المؤمنين بأفكارهم بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية لهم.

• الفقرة الثانية: التصنيف الإيديولوجي

ينادي بهذا التصنيف جون ماري دانكان , و يقسم الأحزاب إلى أحزاب اليمين و أحزاب اليسار. إن تصنيف رجل أو حزب أو فكرة على أساس اليمين أو اليسار ليس أمرا لا أهمية له بشكل مطلق , لأنه سيثير لدى قسم من الرأي العام ردا ايجابيا أو عدائيا .

فاليسار معاييره الحرية و العدالة ، أما اليمين فأسسه السلطة و الحفاظ على النظام القائم ،لكن نجد بعض التناقض يعتري هذا التصنيف لكون الأحزاب السياسية عند مناداتها بالمساواة نجد أحزابا أخرى أكثر منها مساواة ،فمن جهة ثانية نجد أحزابا يسارية تتشبث بلا عقد بالبقاء على حالها،بالإضافة إلى تغير في النعوت " كانت معركة اليسار تشن باسم الحرية الفردية،ضد مصالح المجتمع المأخوذة بشكل إجمالي، و التي كان اليمين يدعي الدفاع عنها"

و عليه يخلص نفس المفكر انه مع هذه الملاحظات يستحيل تأسيس تصنيف للأحزاب على أساس الأخذ بمفهومي اليسار و اليمين . حيث انه من الواضح أن هذين المفهومين سيكونان عاجزين عن تأسيس فئتين خاصتين بهما، أما إذا انتقلنا إلى ميدان السياسة العفوية فإننا نجد أن اليمين و اليسار يشكلان تصنيفا.

• الفقرة الثالثة: بعض الأصناف الأخرى.

أولا/ الأحزاب الرسالية و الأحزاب الانتهازية:
- الأحزاب الرسالية هي التي تحاول أن تعتمد نهجا سياسيا أو اقتصاديا أو ثقافيا معينا لا تحيد عنه مهما استطاعت, و تسعى جاهدة إلى التزام نهجها حرفيا.
- الأحزاب الانتهازية , و يطلق عليها كذلك أحزاب المساومة , تسعى إلى الوصول إلى موضع المشاركة في الحكم و تحقيق أهدافها المعلنة عن طريق استخدام السبـل



و المواقف السياسية و الاقتصادية و الثقافية المختلفة, و حتى المتناقضة تمشيا مع ما تفرضه المرحلة أو مع ما هو أوفق للرأي العام من اجل اكتساب رأيه.

ثانيا/ الأحزاب القومية و الأحزاب الأممية :
تقصر بعض الأحزاب نفسها على حدود قومية معينة, فهي لا تسعى للامتداد وراءها , و قد يكون ذلك مبنيا على أساس محدودية الأطروحة الفكرية أو السياسية, وأخرى يكون مبنيا على أساس الإيمان بفكرة التفوق العرقي(القومي) و رفض أية عملية اختلاط مع القوميات الأخرى. إن هذا النمط من الأحزاب هو الذي يطلق عليه "الأحزاب القومية" بينما يطلق على الأخرى التي لا تحصر نفسها في اطر قومية محددة بـ "الأحزاب الأممية".

ثالثا/ الأحزاب الدينية و الأحزاب العلمانية:

- الأحزاب الدينية هي التي تؤمن بالتداخل بين الدين و السياسة و تدعو إلى حكومة الدين في سائر مجالات الحياة بما في ذلك السلطة.
- أما الأحزاب العلمانية, فهي التي ترفض الطرح الديني في مجال السياسة و الحكم ,و تؤمن بضرورة قيام حكم على أساس من الخبرة البشرية بعيدا عن التشريع الإلهي. فهي لا تتفق في الصياغة التي تقدمها لنظام الحكم, إنما تتفق في نقطة واحدة و هي فصل الدين عن السياسة, و قد تصل إلى حد محاربة الدين بالمرة في سائر المجالات الأخرى.

و تكاد الأحزاب الدينية تنحصر في الأحزاب الإسلامية من حيث أن الواقع الموروث للأديان الأخرى لا يقدم أطروحة حكم للمجتمع و إنما اقتصر على بعض التعاليم الشخصية و الأخلاقية و من هنا أصبح من الصعب وجود حزب ديني سياسي "غير إسلامي" يدعو إلى تحكيم الأطروحة الدينية في مجال الحكم و السلطة, بخلاف واقع الدين الإسلامي و وضوح



نظريته في الحكم و السياسة, و من هنا فقد وجدت أحزاب إسلامية سياسية بما تعنيه كلمة الحزب من مدلول.


المطلب الثاني: وظائف الحزب السياسي

قبل الخوض و التطرق إلى مسألة أدوار و وظائف الأحزاب السياسية, لابد من طرح مجموعة من الأسئلة التي تفرض نفسها بشدة, فهل وجود الأحزاب هو بمثابة ضرورة ؟ هل الأنظمة القائمة هي في حاجة إلى الأحزاب السياسية؟و بعبارة أخرى،هل للأحزاب السياسية أدوار مضمرة غير تلك المتعارف عليها؟ عن هذه التساؤلات سنحاول الإجابة عنها حسـب نظرية كل من لينين و جو ماري دانكان . و كذلك سنتطرق في ما بعد إلى أهم النظم الحزبية.
• الفقرة الأولى: هل الأحزاب السياسية ضرورة

أولا / عند لينين:

حسب لينين فإن وجود الأحزاب السياسية هو ضرورة حتمية لا يمكن الاستغناء عنها في عملية الثورة أو في عملية السير التكاملي للمجتمع، حيث أكد أنه " لا يمكن أن توجد حركة ثورية وطيدة بدون منظمة ثابتة تحافظ على استمرار الحركة "

ثانيا / عند جون ماري دانكان

فهو ينطلق من الفكرة و ينطلق من التساؤل التالي:ماذا كان سيحدث لو لم تكن الأحزاب السياسية ؟ ليفضي إلى استنتاج مهم مفاده أن الحياة السياسية ستكون عبارة عن صدام عام من


أجل فرض النفس، لتأتي الأحزاب السياسية لإعطاء نوع من الطمأنينة للمواطنين من خلال توضيح الاختيارات الانتخابية من جهة و لتلعب من جهة ثانية دورا وقائيـا للحكــام هذا فإن
الأحزاب السياسية تقوم بدمج المواطنين في المحيط الذي يعيشون فيه، و تعتبر بذلك وسيطا بين المواطنين و السلطة لتقلل بذلك من مخاطر المجابهة بين السلطة و المواطنين.

و عليه ، فإنها تقدم وسيلة لتصريف الصراعات الكامنة و إمكانية إعطائها صيغة واقعية، لتخدم النظام عبر المساهمة في الإبقاء على التوازن العام، مما قد ننعت هذه الأدوار بالوظائف المضمرة للأحزاب السياسية، فماذا إذن عن الأدوار الرئيسية التي تلعبها هذه الأجسام ؟

• الفقرة الثانية : أدوار الأحزاب السياسية
إن جميع الأحزاب السياسية بجميع أشكالها و تصنيفاتها و توجهاتها , تعد ضرورة لتكوين الرأي العام و تأطير الناخبين و المنتخبين.

أولا/ الأحزاب كأداة تكوين الرأي العام:
فالحزب يجمع الأشخاص المعبرين عن نفس الأفكار و المستهدفين نفس الأهداف السياسية.و يقوم كذلك بتكوين الناخبين و العمل على تقليل الخلافات فيما بينهم و تعديها.

ثانيا/ الأحزاب كأداة تأطير:

تقوم بتأطير الناخبين و المنتخبين و النخبة السياسية و الهيئة الانتخابية القادرة على تقديم المرشحين و النواب. فالحزب بذلك يحافظ على تواصل مستمر بين المنتخبين و الناخبين عبر مناضليه من جهة، و من جهة ثانية يسهر على انضباط فريقه البرلماني و تطبيقه للبرنامج المعروض على الناخبين من طرفه.


ثالثا/ الوساطة:

يلعب الحزب دور الوسيط بين الناخبين و النواب .فأعضاء الحزب و ناخبوه يعملون على ضمان حوار دائم بين المنتخبين و مجموع المواطنين يقيهم من عدم تفهم أو جهل مشاكلهم الخاصة.

رابعا/ الوظيفة الإعلامية:

تتمثل في إخبار الحزب السياسي أعضاءه بصفة خاصة و الرأي العام بصفة عامة بما يجري من وقائع و أحداث من وجهة تطلعاته و مطالبه و ذلك إما عبر صحيفته أو عبر لجوءه للإعلام السمعي البصري و إصدار المطبوعات و النشرات و عقد الندوات و التجمعات.فهو يبلغ المواطنين بالقرارات و " نيات"السلطة السياسية.هذه العملية يمكن إدراكها من خلال نوعين
مختلفين: الحزب السياسي يستطيع نقل المعلومة من أجل إقناع المنتمين و المواطنين بالمشاركة في اتخاذ القرار الصادر عن السلطات العامة.في حين يمكن أن تكون عملية الفعل الإعلامي بشكل معاكس للسلطة القائمة، وهذا يكون من الأدوار المهمة للحزب السياسي في الأنظمة الديمقراطية. و الأحزاب السياسية غير الموجودة في السلطة يكون من مهامها أيضا تقديم شروحات دائمة للأفعال السياسية في الدولة ومن ثم عرض رأيها فيها و بالسياسة.

خامسا/ التأثير أو السيطرة على المنتخبين.

الدور الكبير للأحزاب السياسية الذي يتعاظم بشكل مستمر، زاد من السيطرة و التأثير على المنتخبين. ولكن هذا الدور يأخذ قيمته الفعلية على الصعيد المحلي داخل الدولة، ويستثنى منه المدن الكبيرة، حيث الناخبين يتبعون بشكل أكبر " فردا " أكثر مما يتبعون أفكارا محددة. وضمن نطاق التأثير على المنتخبين هناك أشياء كثيرة لها أهميتها: مثل المساعدات المادية التي يقدمها الحزب، أو التي يتلقاها. ولكن المساعدات المادية والإعلامية التي يقدمها الحزب للمرشحين لابد أن يكون لها انعكاسات ما و أهمها: أن المرشحين يتقبلون برنامج الحزب ويلتزمون بها بشرط أن يدعمهم الحزب، مع عدم الإغفال هنا أن الحزب سيسطر عليه ويعتبرهم من أعضاء جسمه السياسي. إذن هناك عقدا ضمنيا أو معلنا بين الحزب والمرشـح،

يحدد العلاقة بينهما قبل و أثناء الانتخابات. على الصعيد القانوني ليس هناك ما يجبر المنتخب على تنفيذ البرنامج الذي فرضه الحزب عليه، أما على الصعيد السياسي فهناك خطورة باستبعاد هذا العضو المنتخب من الحزب أو عدم ترشحه مرة أخرى من قبل الحزب.

هذا بالإضافة إلى وجود وظائف أخرى للحزب السياسي حسب المقاربة الوظيفية, و هي كالتالي :الوظيفة الانتخابية, وظيفة المراقبة و توجيه المؤسسات العمومية, و وظيفة تحديد و التعبير عن الأوضاع السياسية.

• الفقرة الثالثة: النظم الحزبية
إننا نميز تقليديا بين أربعة نماذج للنظم الحزبية : نظام الثنائية الحزبية - نظام تعدد الأقطاب – نظام الحزب المسيطر – نظام الحزب الواحد.

أولا/ الثنائية الحزبية:

إن الفرق بين نظام تعدد الأقطاب و نظام الثنائية القطبية يكمن في الواقع، في أن الأغلبية الحكومية المحتملة تتكون في نظام الثنائية القطبية قبل الانتخابات, في حين أن الحال لا يكون كذلك في نظام تعدد الأقطاب.

إن نظام الثنائية القطبية حسب جان ماري دانكان لا يمكن أن تحصل هذه النتيجة إلا في حال وجود ثنائية حزبية بالمعنى الدقيق, في مثل هذه الحالة يكون حزبان مهيمنان على المسرح السياسي إلى حد أن كلا منهما يمكن أن يضمن حصوله على الأغلبية المطلقة لمقاعد البرلمان. و يوجد هذا الشكل في كل من الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا, و قد تكون


الثنائية الحزبية جامدة إذا كان كل حزب يفرض رأيا محددا على أعضائه أثناء التصويت, و إتباع تعليمات الحزب مما يزيد من سلطة الحكومة على الوزراء و النواب. و قد تكون مرنة, إذا كان الحزب لا يتشدد في الرقابة على أعضائه أثناء التصويت على موضوع معين. فكل عضو له أن يصوت كما يرغب دون الرجوع إلى الحزب .


ثانيا/ نظام التعددية الحزبية.

يقوم هذا النموذج على وجود ثلاثة أحزاب فأكثر في البلد الواحد, و يتميز بوجود عدد كبير من التشكيلات السياسية ذات القوى المتباينة, و التي لا يوجد فيما بينها سوى أنظمة تحالف ظرفية, يمكن إعادة النظر فيها في كل لحظة.و هذه التحالفات يمكن أن تكون انتخابية أو حكومية .
إن تحالفات الحكم تولد في الحالة التي تجد الأحزاب نفسها فيها مضطرة لعقد اتفاقات لتشكيل أغلبية حكومية .و ذلك عندما لا تكون أي منها قوية بما فيه الكفاية من أجل الفوز بمفردها بأغلبية المقاعد في البرلمان .
و ضمن هذا النظام يتفرع نظام حزبي آخر, هو نظام الحزب المسيطر.

ثالثا/ الحزب المسيطر

يعني الحزب المسيطر عدة حقائق مختلفة، فتارة يحجب نظام الحزب الوحيد في بعض الديمقراطيات الشعبية و الاشتراكية حيث بقي بجانب الحزب الشيوعي منظمات لها الصبغة الاجتماعية، و تارة يعبر عن واقع حقيقي كما هو الشأن في بعض بلدان العالم الثالث،

حيث نتج الحزب المسيطر من تطوير حركة تحرير إلى حزب سياسي و هذه الحقيقة تكتسي مظاهر مختلفة، فقد يحتكر الحزب المسيطر الحكم في ظروف مشابهة بالحزب الوحيد، أو أنه
يحتل مكانة أقل قوة و يمثل بالتالي فترة انتقالية تؤدي في بعض الحالات إلى التعددية الحزبية أو إلى التناوب.

أما في الأنظمة التعددية الغربية، فيتحدث عن الحزب المسيطر بمعنى أن حزبا ما يتوفر على أرضية برلمانية قوية غير أن هذه الوضعية لا تمس في شيء التنافس بين الأحزاب الآخرين, مثلا في فرنسا في عهد الجنرالDE GAULE المكانة التي كان يحتلها الاتحاد الديمقراطي الجمهوري أو حزب الديمقراطية المسيحية في ايطاليا سنة 1948 و 1963 أو في ألمانيا الفيدرالية سنة 1953 و 1961.

رابعا/ نظام الحزب الوحيد.

هو نظام غير تنافسي, يرتبط أساسا بالأنظمة الديكتاتورية, و يتميز بعدم المنافسة لانعدام أحزاب أخرى, و يمكن التمييز في هذا النوع بين نوعين :

* نظام الحزب الوحيد في الشمولية :
يحتكر فيه الحزب الوحيد السلطة و يهيمن على المجتمع و لا يسمح بالمعارضة. ومن أمثلة هذا النظام الأنظمة الفاشية بألمانيا(هتلر) و في ايطاليا (موسوليني) و اسبانيا(فرانكو) و الذي انقرض بفعل دمقرطة الأنظمة الأوربية الغربية.

* نظام الحزب الوحيد في الدول النامية:

ساد هذا النظام في معظم الدول النامية خصوصا في إفريقيا و آسيا في مرحلة ما بعد الاستعمار حيث اعتبر أفضل النظم الحزبية لتحقيق التنمية الاقتصادية و التكامل القومي.





• الفقرة الرابعة: البعد العام للوظيفة الحزبية بالمغرب.

سنتناول هذه النقطة من خلال ثلاث زوايا مختلفة: من خلال الوثيقة الدستورية، ثم من انطلاقا من قانون الأحزاب 36.04 و أخيرا بالارتكاز على الخطاب الملكي.



أولا/التحديد الدستوري للوظيفة الحزبية /التعددية الحزبية كمبدأ

ينص الفصل الثالث من الدستور الحالي على أن:" الأحزاب السياسية و المنظمات النقابية و الجماعات المحلية و الغرف المهنية تساهم في تنظيم المواطنين و تمثيلهم.و نظـام الحـزب

الوحيد نظام غير مشروع ". و كقراءة أولية في هذه المادة نجد أن مهام الحزب السياسي تقتصر على دورين محددان في هذا القانون، مختزلا بذلك وظيفة الحزب في ثنائية التنظيم و التمثيل السياسي. إلا أن الملاحظة التي يمكن تسجيلها فتتمثل في أن هذا الدور لم تعد يقتصر على الحزب السياسي فقط، فقد أضيف إليه منذ التعديل الدستوري لسنة 1970 المنظمات النقابية و المجالس الجماعية و الغرف المهنية.

فعلى هذا المستوى يتبين أن الدستور مضى في تحديد الوظيفة الحزبية ارتكازا على منطقها العام المتعارف عليه في التصنيف الكلاسيكي الذي يحدد ثلاث وظائف للحزب السياسي تتمثل في تشكيل الرأي واختيار المرشحين وتأطير المنتخبين .


ثانيا/ قانون الأحزاب 36.04

تنص المادة الثانية من قانون 36.04 المنظم للأحزاب في المغرب على ما يلي " تساهم الأحزاب السياسية في تنظيم المواطنين و تمثيلهم.و هي بهذه الصفة، تساهم في نشر التربية السياسية و مشاركة المواطنين في الحياة العامة و تأهيل نخب قادرة على تحمل المسؤوليات العمومية و تنشيط الحقل السياسي".

إن الوظيفة التي حددها هذا القانون للحزب السياسي لم تخرج عن سياق الدستور، و لن تتجاوز الوظائف التقليدية المتعارف عليها و المحددة مسبقا في التأطير و التمثيل بالإضافة إلى الوظيفة الانتخابية.

أما بالنسبة للوظيفة البرنامجية للحزب فتظهر جليا من خلال المادة 20 من هذه المدونة و التي تفرض على أي حزب أن يتوفر على برنامج مكتوب يحدد فيه الأهداف و الأسس التي يتبناها الحزب.

وعلى هذا الأساس يمكن إدراج بعض الملاحظات التي تتعلق بالوظيفة الحزبية في المغرب، و هنا تجدر الإشارة إلى:

- تغييب دور الأحزاب السياسي أو جعلها دون أهمية قصوى ، فإن كان دورها الأساسي هو تأطير المواطنين، فهذه المهمة تبقى مرتبطة أساسا بمقولات تؤطرها إيديولوجية النظام في إطار خطابه السياسي.
- إذا كان دور الأحزاب هو التمثيل، فان الفصل الثاني من الدستور ينص على أن السيادة ترجع للأمة تمارسها بواسطة الاستفتاء و بطريقة غير مباشرة بواسطة المؤسسات الدستورية، و إذا كان الفصل الرابع الذي ينص على أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة بالإضافة إلى الفصل 19 حيث ينص على أن الملك، أمير المؤمنين،الممثل الأسمى للأمة، و بالتالي يمكن القول أن الأمة المغربية سيدة، و تعبر عن سيادتها بواسطة القانون، و الملك هو ممثلها الأسمى ، أما الأحزاب السياسية فهي ممثلة للمواطنين فقط ، و من هنا نستنتج أن هناك تمييز بين تمثيل الأمة(راجع للملك) ،و تمثيل المواطنين الذي لا يتعدى كونه ضرورة انتخابية (دور الأحزاب السياسية) .

و كخلاصة ،يمكن القول انه لا نستطيع مقارنة تمثيلية الحزب السياسي المغربي بنظيرتها في الأنظمة الديمقراطية، و هذا يجرنا لمقولة للأستاذ مصطفى الصوفي " إن التمثيلية هنا تعني شيئا آخر يجرنا للتمييز بين التمثيلية القائمة على التأسيس للسيادة و التي تنفرد بهــا
المؤسسة الملكية، و تمثيلية التدبير و التنظيم و التي تعود لعدة جهات منها الأحزاب و هذا ما يفسر لنا الهوة العميقة التي تعتري العلاقة بين وظيفة الحزب و الغاية من وجوده ."


ثالثا/ من خلال الخطاب الملكي:

تتجلى وظائف الحزب من خلال الخطب الملكية أو الاستجوابات التي قام بها كل من الملكين المغفور له الحسن الثاني أو الملك محمد السادس، و تتأسس هذه الوظائف على عدة نقاط.

* القيام بدور المعارضة :لقد دعا الملك الراحل الأحزاب السياسية إلى لعب دور المعارضة حيث يؤكد انه لا قيام لديمقراطية حقيقية بدون معارضة، ولعل أبرز مثال على ذلك حين طلب الملك الحسن الثاني من حزب التجمع الوطني للأحرار سنة 1981 أن يلعب هذا الدور ، بعد أن نتج عن تمديد المدة الانتدابية للبرلمان انسحاب أحزاب المعارضة و كان لابد من أن يلعب حزب آخر هذا الدور.





* تنفيذ البرامج: يقول في ذلك الملك محمد السادس " و إننا لننتظر من الأحزاب السياسية أن تتنافس في طرح برامج واقعية و قابلة للانجاز محددة في وسائل تمويلها و مدة تحقيقها و تتضمن حلولا للقضايا الأساسية للأمة و للانشغالات اليومية للمواطن..."

* تكوين النخبة : ..." فإن الاستحقاقات القادمة تعد فرصة ذهبية أمام الأحزاب لإعادة الاعتبار للعمل السياسي بمعناه النبيل بالتعبئة من أجل المشاركة المكثفة الواعية و النوعية الجيدة للمرشحين و المنافسة الشريفة لإفراز نخبة مؤهلة."

* تأطير و تنظيم الرأي العام الوطني و تمثيل مكونات المجتمع : و تتمثل هذه الوظيفة من خلال التعبير عنها " ... و لأن الإسهام في تأطير المواطن و تمثيله يعد من صميم المهام الدستورية للأحزاب السياسية." ." و ماذا عسى أن تكون قوة الأحزاب إذا لم تنهض بدورها الفعل في تأطير المواطنين و تمثيلهم و في مقدمتهم شباب الأمة و العمل على تعزيز سلطة الدولة و توفير مناخ الثقة في المؤسسات."

* الوصول إلى الحكم بالوسائل الديمقراطية : "...هناك أحزاب من المعارضة لم تتعاط الحكم منذ ثلاثين، و من واجبي كملك للبلاد و كأب لأسرتي الكبيرة أن أناديهم ليأتوا و ليتعلموا مباشرة الأمور في إطار الدستور." و في خطاب آخر أكد الملك الراحل الحسن الثاني أن "... مصير الأحزاب السياسية الطبيعي هو أن تعمل و تجد و تجتهد لتصل إلى مناصب المسؤولية."


الفصل الأول:

التجمع الوطني للأحرار
سياق التأسيس و التوجهات



يمكن اعتبار حزب التجمع الوطني للأحرار حالة متميزة في الساحة السياسية المغربية تدفعنا إلى التحليل و المعالجة السياسية، و تفرض منا دراسة في مساره التاريخي، فإذا كان الحزب قد أفرزته حاجيات الإدارة و استفاد من رعاية الدولة له و دعمه ، فما هي الظروف التي ساعدت على ظهوره ؟

إن البحث و تدارس الظروف التي ساهمت في ظهور حزب جديد يتمتع بأغلبية مطلقة داخل قبة البرلمان، يستلزم منا استحضار الصورة التحاقنية التي كانت تطبع الحقل السياسي الوطني منذ بداية الستينات و على مدى عقدين و التي كانت بلغت من الانسداد حدا صار لزاما التفكير في أسلوب جديد للممارسة السياسية تعيد التواصل و التفاعل السياسي للشعب مع المؤسسة الملكية.

فكانت البداية مع خلق "جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية " بزعامة أحمد رضا اكديرة كان الهدف منها دعم المؤسسات القائمة و لعب دور الأغلبية، إلا أن مهمة هذا الحزب باءت بالفشل لأسباب عديدة كان أهمها حصول الحزب على أغلبة نسبية لا تخول لها التوافق على مواقف متماسكة بالإضافة إلى نهج سياسية الاحتراز و الحذر المتبعة من طرف بعض الأعضاء الوازنين كالوكوتي(نائب رئيس البرلمان) و أحرضان، سرع نهايتها.

بعد هذه المرحلة أتت الفترة التي جسدت 1974-1980 حيث تم اعتماد إعادة تشكيل المشهد الحزبي المغربي، و عزم الطرفين – السلطة و الأحزاب- كل على حدة إلى تغيير الوضع : السلطة من خلال تجاوز ثقافة الإقصاء لمن لا يشاركها كامل قناعاتها، و الأحزاب السياسي من خلال تجاوز ثقافة مواجهة السلطة التي تملكتها منذ الاستقلال. هذه اللحظة فرضت لإعادة تشكيل المشهد الحزبي تواجد معارضة جديدة (الاتحاد الاشتراكي و التقدم و الاشتراكية)، و أغلبية جديدة.

و ما يهمنا في هذه الدراسة هو ما ستفرزه الأغلبية متمثلة في حزب جديد اسمه التجمع الوطني للأحرار Rassemblement National des Indépendants.



و هذا الحدث سيدفعنا إلى طرح مجموعة من التساؤلات:هل جاء الحزب رغبة في إرساء الملكية و ضرب مصالح أحزاب المعارضة أم جاء استجابة لظروف أخرى؟ (المبحث الأول)، و هل يعتمد الحزب على مرجعية أو مرجعيات فكرية محددة؟

فإذا كان الجواب ايجابيا، فما هي إذن إيديولوجيته، إذا سلمنا مسبقا بتملك الحزب لإيديولوجية معينة؟ و كيف يدبر مصالح الأفراد داخله ؟(المبحث الثاني)

المبحث الأول: سياق التأسيس و البناء

كما سبقت الإشارة إليه سالفا، فإن مجموعة من العوامل تضافرت من أجل إفراز حزب جديد في الساحة السياسية المغربية إبان إجراء انتخابات 1977، هذه العوامل تراوحت بين الأحداث الوطنية من جهة و المسلسل الانتخابي من جهة ثانية على أساس أن مجموعة من المبررات تفسر ظهور هذا الحزب في ظرفية سياسية تتميز بالفراغ السياسي(المطلب الأول)، هذا فإن سياق البناء يتمثل في عاملين أساسيين ، يتمثلان في الانتقال من حالة التجميع إلى حالة التجمع و البحث عن الهوية ( المطلب الثاني) .


المطلب الأول: التأسيس بين الملابسات و المبررات
تعددت الأسباب و المبررات، و لكن النتيجة كانت واحدة هي ظهور حزب أغلبي يتمثل في هيئة اسمها التجمع الوطني للأحرار .

• الفقرة الأولى: الملابسات (مقولة المغرب الجديد)

أولا: المسيرة الخضراء

يشكل هذا الحدث منعطفا حاسما في الحياة السياسية المغربية،و بدأت تفاصيل هذه المسيرة منذ إقرار محكمة لاهاي بمغربية الصحراء، و وجود روابط بيعة بين سلطان المغرب و سكان هذه الأراضي سنة 1975 الشيء الذي دفع الملك الراحل الحسن الثاني إلى الدعوة لتنظيم مسيرة خضراء يشارك فيها 350 ألف مغربي و مغربية انطلقت يـوم 6 نونبـر 1975، و كان على رأس هذه المسيرة السيد أحمـد عصمان الذي كــان آنذاك وزيـرا أولا (1972-1977) .



و هنا جاءت فكرة التأسيس لحزب جديد حيث يؤكد رئيسه أن "هناك من يربط بين تأسيس الحزب و ترؤسي للوزارة الأولى، حقا أنني كنت وزيرا أولا قبل التأسيس أي منذ 1972، لكن فكرة التأسيس تولدت لدي بعد المسيرة الخضراء، و بداية التفكير في إعطاء انطلاقة جديدة للمسلسل الانتخابي ، وكنت ممن شجع جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله على خوض التجربة".

كما يؤكد أن التجمع الوطني للأحرار قوة حية انبثقت من المسيرة الخضراء و جاءت تعبر عن مطامح و تطلعات و آمال الشعب من تلك المسيرة.

ثانيا : انتخابات 1976 -1977

بعد المسيرة الخضراء، سعى الجميع إلى إقرار مقولة "المغرب الجديد"، و بالتالي نظمت الانتخابات الجماعية 1976 و الانتخابات لسنة1977 و جاءت النتائج كالتالي:


* نتائج الانتخابات الجماعية (نونبر 1976)

عدد المقاعد المحصل عليها عدد المرشحين اسم الحزب السياسي
8607 24 816 المستقلون
2184 7898 حزب الاستقلال
1045 3120 الحركة الشعبية
874 3091 الاتحاد الاشتراكي
452 1884 الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية
113 721 الاتحاد الوطني للقوات الشعبية
58 319 حزب العمل
26 544 حزب التقدم و الاشتراكية
19 104 حزب الدستور الديمقراطي
5 50 الحزب الحر التقدمي


وفي يونيو 1977 أجريت الانتخابات التشريعية لتفرز النتائج التالية :

رئيس الفريق النيابي اسم الفريق النيابي عدد المقاعد المحصل عليها اسم الهيئة السياسية أو النقابية
عبد الحميد القاسمي فريق الأحرار 141 الأحرار المستقلون
عبد الكريم غلاب فريق الوحدة و التعادلية 49 حزب الاستقلال
محمد معتصم فريق الأصالة المغربية و العدالة الاجتماعية 45 الحركة الشعبية
عبد الواحد الراضي فريق المعارضة الاتحادية 15 الاتحاد الاشتراكي
- - 7 الاتحاد المغربي للشغل
- - 3 الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية
- - 2 حزب العمل
- - 1 حزب التقدم و الاشتراكية
- - 1 الاتحاد العام للشغالين


من خلال هذه النتائج نستشف سيطرة الأحرار المستقلين على أهم المقاعد الجماعية و النيابية الشيء الذي ساهم في التفكير نحو تأسيس حزب سياسي جديد يجمعهم.

و على هذا الأساس، فإن ملابسات تأسيس حزب التجمع الوطني للأحرار يمكن حصرها في نقطتين مهمتين : المسيرة الخضراء و المسلسل الانتخابي اللذان يلخصان مقولة " المغرب الجديد ".








• الفقرة الثانية: المبررات ( الفراغ السياسي)


قراءة سريعة لنتائج الانتخابات الجماعية و التشريعية يتبين أن الأحرار المستقلين قد احتلوا المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية حيث حصلوا على 8607 مقعدا بفارق شاسع عن المرتبة الثانية التي احتلها حزب الاستقلال، كما تبوؤوا المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية بحصولهم على 141 مقعدا.في حين تقاسمت ست هيئات سياسية و هيئتان نقابيتان (الاتحاد المغربي للشغل و الاتحاد العام للشغالين) 121 مقعدا. و بذلك يمكن القول أن الأحزاب السياسي ظهرت عاجزة عن صد اقتحام المستقلين للساحة السياسية و أبانت عن ضعفها في تأطير المواطنين،الشيء الذي حتم إفراز حزب جديد يملأ هذا الفراغ السياسي و الذي يتمثل في التجمع الوطني للأحرار.

فإذا كانت مقولتا المغرب الجديد و الفراغ السياسي تؤسسان لحزب جديد يتزعمه رجل يتمتع بمجموعة من الصفات تؤهله أن يكون على رأس هدا الحزب، فما هي إذن أسباب التأسيس ؟

المطلب الثاني : سياق البناء (المؤتمر التأسيسي 1978)

كما هو معلوم، فقد أفرزت الانتخابات التشريعية و الجماعية اكتساحا للمستقلين الأحرار، الشيء الذي حتم تجميعهم في فريق نيابي و منه إلى عقد مؤتمر تأسيسي، وفرض أيضا البحث عن هوية توحد التيارات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و الفكرية المكونة له.

• الفقرة الأولى: من التجميع إلى التجمع

ثلاث مراحل كانت كافية لتجميع النواب المستقلين و تأسيس حزب يحمل اسم التجمع الوطني للأحرار، فالمستقلين هنا لا يعني أنهم كانوا مستقلين تماما سياسيا ،و إنما اعتبروا أنفسهم استمرارية الأحزاب الوطنية المغربية، حيث ناضل عدد كبير منهم في أحزاب سياسية أخرى، في حزب الاستقلال ، حزب الشورى و الاستقلال ، وأحمد عصمان كمؤسس كانت له

فرصة النضال عندما كان شابا بالثانوي في صفوف حزب الاستقلال و كانت له علاقات جيدة مع قادة حزب الاستقلال مثل المرحوم المهدي بنبركة و علال الفاسي. إلا أن المستقلين هنا، نقصد بهم أنهم لم ينتموا إلى أية هيئة سياسية عند تقدمهم للانتخابات أي لا منتمي.

أولا: تجميع النواب في فريق نيابي واحد تمتع بأغلبية المطلقة، و قد ضم 140 نائبا، كلهم من الرجال .
ثانيا: المرحلة الثانية تمثلت في عقد مناظرة شهر مارس 1978 أسفرت عن توصيات تهم جميع الجوانب، التنظيمية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية و الاجتماعية، كما تم الاتفاق فيها على عقد مؤتمر تأسيسي.
ثالثا: المرحلة الثالثة تتمثل في قيام بعض الوزراء بمبادرات لتجميع الفائزين الأحرار في الانتخابات الجماعية و التشريعية، و ذلك من أجل تأسيس حزب جديد يساند الحكومة و يواجه المعارضة المتمثلة في الاتحاد الاشتراكي، حينها أبدى أحمد عصمان رغبته في تشكيل حزب جديد سياسي يمثل الطبقات الوسطى التي لم يكن لها نشاط سياسي آنذاك و كذلك بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين و الاجتماعيين, مما جعل الملك الراحل الحسن الثاني يكون متحمسا للفكرة و يبدي موافقته إذ قال " ابقوا على علاقة جيدة مع المعارضة ".

و عليه، فقد عقد المؤتمر التأسيسي للحزب أيام 6-7-8 أكتوبر 1978 و عرف مشاركة 3500 مندوب و حوالي 4000 مشارك، و انتهت أشغال المؤتمر بانتخاب أحمد عصمان رئيسا للحزب، الذي سيسمى "التجمع الوطني للأحرار"، كما تم انتخاب المجلس الوطني المكون من 350 عضوا، منهم 141 نائبا برلمانيا و ثلاثة منتخبين عن كل إقليم أو عمالة و 100 عضو تم


اختيارهم من طرف المؤتمرين، و بعد ذلك قام هذا المجلس الوطني بانتخاب 61 عضوا يكونون اللجنة المركزية و 15 عضوا مكونين اللجنة التنفيذية.

و قد كان من الضروري منذ البداية، لصعوبة تحويل هذا التجميع إلى التجمع، البحث عن فضاء تنظيمي يخول الاستقرار لهذا التجمع.و هذا ما ظهر منذ أول اجتماع للجنة المركزية بتاريخ 23 أكتوبر 1978 حين طلب أحمد عصمان من الملك الراحل إعفاءه من الوزارة الأولى في مارس 1979 حتى يتفرغ لتسيير الحزب الذي هو "في حاجة ماسة إلى رعاية سابقة و دائمة لا يمكن لمن يمارسها في الظروف الراهنة بالذات أن يضطلع بأية مسؤوليات جسيمة على المستوى الحكومي مثل مسؤوليات الوزير الأول".

و إذا كانت قيادة الحزب تتشكل أساسا من وزراء و كتاب دولة، فهذا لا يعني انه لا يضم فئات اجتماعية أخرى، فهو يضم عند تأسيسه خمس مكونات أساسية، نذكرهم باختصار:

* رجال السياسة: هم الذين سبق لهم ممارسة الحياة الوزارية في فترة من فترات حياتهم و يرغبون في معانقة العمل السياسي الحزبي.

* رجال الأعمال و الصناعيين: هم مدينون لحكومة عصمان بانتعاشهم الاقتصادي الكبير، حيث مكنتهم سياسة المغربة سنة 1973 من اقتحام عالم الصناعة و الدخول كشركاء مع المستثمرين الأجانب، والتحاقهم بالحزب هو بمثابة رد الجميل أكثر منه اقتناعا بضرورة العمل السياسي.

* المزارعون الكبار : دخلوا الحزب من أجل الدفاع عن مصالحهم، الشيء الذي افرز نتيجة هامة تتمثل في تأثيرها و إقناع قيادة الحزب برفض إقرار الضريبة الفلاحية.




* أصحاب المهن الليبرالية : التحاقهم بالحزب كان له أثر ايجابي نظرا لشبكة العلاقات التي سيكتسبونها بغية انتزاع بعض المكتسبات للمهنة، كما أن هذه الفئة لا يحققون طموحات سياسية عليا و يعتقدون أن الحزب كفيل بتحقيقها.

* الموظفون و رجال التعليم: هي فئة أقل أهمية و ثقلا، هم شباب لا يتجاوزون 40 سنة، يرون انه من الضروري تغيير الممارسة السياسية في البلاد، و يعتقدون أن الحزب يمكن أن يسير في هذا الاتجاه.

• الفقرة الثانية : البحث عن الهوية

إن اختلاف هذه الفئات و الشرائح السابق ذكرها، و تضارب في آرائها، تصوراتها، برامجها، و مصالحها سيجعل العمل صعبا داخل الحزب رغم تمكن الرئيس في السنوات الأولى من حفظ توازن الحزب، و صيانة وحدته و انسجامه. إلا أن خروجه من الحكومة سنة 1979 سيشكل ضربة كبرى للحزب حيث أصبحت تلاحظ بين الفينة و الأخرى تحركات تمرد مع توجهات الرئيس ستؤدي إلى انشقاقات في الحزب.


و إذا جاء تشكيل الحزب – كما ذكرنا سابقا- بعد تجميع للنواب المستقلين أي اللامنتمين سياسيا، مما سيفرز تناقضات في السنوات الأولى لتأسيسه، هذه التناقضات شملت جانبين اثنين:
- إن الحزب عبارة عن ملتقى للعديد من التيارات الاجتماعية و الثقافية و الفكرية و الاقتصادية
- كونه تشكل من أعضاء لا منتمين إيديولوجيا و سياسيا.

ففي الوقت الذي كان فيه الحزب يستمد "مرجعيته" من اتحاد الوسط الديمقراطي الاسباني، الذي يعتبر نفسه جاء استجابة لمطامح المجتمع الاسباني ، فانه يرفض الاعتراف انه

يعتنق أية إيديولوجية مستوردة، و يؤكد على أن الحزب "تنظيم مغربي في منطلقه و منشئه و تكوينه و تفكيره و تخطيطه".

و في الوقت الذي كان الحزب يبحث فيه عن هوية، وجد نفسه يدافع عن مشروعيته في الوقت الذي كان مبادرا فيه و يسعى إلى خلق جو سياسي جديد و مغاير،يتأرجح في الأخير بين اعتباره هيأة سياسية من منطلقات جديدة تقوم على تأطير الجماهير و تكوينها و بين نفيه لمقولة انه حل محل حزب آخر لسد الفراغ.

أما التأرجح الثاني فيتمثل بين ادعائه إعادة التوازن للحياة السياسية نظريا، و عدم تطبيقه لهذا التوازن من خلال تماهيه مع الدولة.

بين هذه التأرجحات، أقر حزب التجمع الوطني للأحرار على دوره في الساحة السياسية و المتمثلة في التعبئة الشاملة للدفاع عن سياسات محددة باسم الدفاع عن ثوابت الدولة، و يصيغ مبادئه العامة التي تتمثل في :


- الالتزام الرشيد بالمقومات الدينية و القومية
- صيانة المكتسبات الدستورية
- ترسيخ التجربة الديمقراطية و تعميق أبعادها
- توفير وسائل الرفاهية و العيش الرغيد لكل فرد من أفراد المجتمع.





المبحث الثاني:
توجهات الحزب : قراءة في الوثائق الرسمية.

قبل الخوض في توجهات الحزب، تفرض علينا منهجية البحث أن نتساءل عن أي صنف من الأصناف الرئيسية ينتمي؟ و من خلال الاطلاع على تشكيلة الحزب و كذلك إيديولوجيته ، يتبين انه يندرج ضمن أحزاب التجمع parti attrape tout التي لا تكترث بالإيديولوجية أو تكوين المناضلين بقدر ما تتميز بنشاطها المستمر و مرونة مذهبها سعيا لاستقطاب اكبر عدد ممكن من الأصوات و تنشط فترة الانتخابات و الاستشارات و هذا ما نلمسه حين يغير الحزب من سياسته من حين لآخر.

أما بالنسبة للتصنيف الإيديولوجي الذي ينادي به كما سبق أن أشرنا ج.م.دنكان، فانه يصعب تصنيف الحزب ضمن التصنيف الثلاثي(اليمين،اليسار،الوسط) رغم أن البعض ينعته بحزب الوسط. فدنكان يصعب عليه أن يقر بوجود تصنيف يشكل اليمين و اليسار .









المطلب الأول:توجهاته الرئيسية

إذا كان أطر الحزب و رئيسه ينفون كون الحزب ضمن الوسط في حين كانوا يعتبرونه كذلك فيما سبق، و لا يعترفون انه حزب إداري، فمن خلال الخريطة السياسية المغربية، أين يمكن أن ندرج هذا الحزب ؟

• الفقرة الأولى: حزب الإدارة ؟

رغم خروج الحزب من كنف الإدارة لكونه لقي رعاية منها، حيث كان رئيس الحزب على علاقة خاصة بالقصر الملكي، و تولى رئاسة حكومتين من 1972 إلى 1979 ، فانه ما فتئ يؤكد استقلاليته و طموحه لتثبيت موقعه كقوة رئيسة في البلاد، لكن ما يمكن تأكيده انه يعتبر من الأحزاب الإدارية التي أسست بقرار دولتي، إلا أن أطر الحزب يرفضون ذلك نفيا باتا، و على رأسهم أحمد عصمان الذي يؤكد " عدم اتفاقه مع بعض الأفكار جملة و تفصيلا، و منها اعتبار حزب التجمع الوطني للأحرار حزبا إداريا.

فوصف الحزب بكونه إداريا أم لا، فهذا المفهوم قد فقد مصداقيته خصوصا مع التحولات الحالية، لأنه إذا كان ينظر إلى الأحزاب الإدارية بمنطق نشأتها و بمنطق أن وزيرا أولا أحدثه فان الاتحاد الاشتراكي أحدثه وزير أول هو عبد الله إبراهيم ، و حزب الاستقلال أيضا نشأ في ظروف معينة فيها توافق بين الحركة الوطنية، و بذلك كان من الضروري مراجعة هذا المفهوم و تقييم الأحزاب بناء على مواقفها و تصوراتها و طبيعة أنشطتها، و ليس من أحكام جاهزة.

و ما يجب ملاحظته في هذه النقطة، هو صعوبة إدراج هذا الحزب ضمن خانة الأحزاب الإدارية، في الوقت الذي يجوز لنا القول انه حزب تنفيذ، تنفيذ الإرادة الملكية، فهذا يعتبر خيارا استراتيجيا سياسيا .

والجزم يأتي على لسان رئيس الحزب الذي يقول أن الحزب ليس حزبا إداريا بدليل الصراع المستمر مع الإدارة و خصوصا مع وزارة الداخلية (مع وزير الداخلية الأسبق)الذي شن عليه حربا متواصلة من اجل إفشال الحزب.

• الفقرة الثانية: الوسط التقدمي ؟

إن الحديث عن الوسط يفترض بالضرورة أن هناك يمين و يسار في المشهد السياسي المغربي،و الأمر أن رئيس الحزب ينفي هذه الثنائية مبدئيا، حيث يقول "لسنا حزب وسط، الآن لا يوجد هناك لا يمين و لا يسار، ذلك انه منذ انهيار جدار برلين لم يبق هناك يمين أو يسار ".

إن اليمين المتأصل غير موجود في النسيج الاجتماعي و السياسي المغربي، فكل ما يمكن الحديث عنه هو نوع من اليمين الذي يستمد أصالته من الموروث الثقافي، و يجد تعبيراته الإيديولوجية و السياسية في حزب الاستقلال و بعض التيارات السياسية الأخرى.

أما اليسار، فقد تمكن نسبيا من إيجاد مكانة خاصة به في المجتمع و في الساحة السياسية خصوصا منذ الاستقلال، بسبب المشاكل التي عرفتها الطبقات الاجتماعية المتوسطة ، مما أدى بالمسألة الاجتماعية و إشكالية الديمقراطية إلى احتلال صدارة الاهتمام. كما يمكن التمييز بين الحركات السياسية التي تقول باليسار أو اليمين و تقديمها لبرامج قد تكون يسارية أو يمينية، و ذلك من أجل الوصول إلى الحكم.





فهل يمكن أن نعتبر يسارا من تبنى الملكية الفردية ؟ أو من لا يطرح التأميم عندما يصل إلى الحكم ؟ و هل نعتبر توجها ما يمينيا و هو يطرح المسألة الاجتماعية، أو يطرح ضرورة و لو لحد أدنى من التخطيط في المجال الاقتصادي ؟

لما تطرح الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، فهذا يعني انك لم تعد يساريا، و لما تطرح المسالة الاجتماعية، فهذا يعني انك لم تعد يمينيا.

فمنذ سنة 1983 حدثت تغيرات سياسية عميقة كاندحار الشيوعية و ظهور مذاهب معتدلة تتقارب و تتلاقى مع الديمقراطية المجتمعية. ففي ذلك الوقت كان لا يزال هناك يسار و يمين، عندئذ دخل التجمع الوطني للأحرار وسط الكتلتين... " اليمين و اليسار"، و فيما بعد " الكتلة و الوفاق " مع تفادي أن يظهر الحزب كمكمل لإحدى الهيئتين المذكورتين، و حسب تعبير أحمد عصمان أن الخريطة السياسية للمغرب لن تحددها سوى صناديق الاقتراع.

فممارسة نظام الحزبين تتطلب وقتا طويلا و ممارسات و تجارب يصعب بلوغها في وقت قصير كما هو الأمر بالنسبة لبريطانيا و الولايات المتحدة الأمريكية. و كذلك الأمر بالنسبة للوسط، ذلك أن نظام الكتلتين أو نظام الأحزاب الثلاثة يقوم أساسا على إيديولوجيات و على برنامج محكم منسق، بينما نجد التكتلات الموجودة الآن في المغرب ظرفية و مبنية على أغراض انتخابية أو شبيهة بذلك، الأمر الذي يحتم على الأحزاب أن تكون قوية حتى لا يلجأ الملك عندما يريد تعيين الحكومة إلى خمسة أو ستة أحزاب سياسية كما هو الشأن في برلمان 1997.

و عليه، فإنه يصعب علينا وصف التجمع بحزب الوسط، ففي وقت سابق كان الحزب ينعت نفسه أنه يتمركز في الوسط ليأتي الحزب الآن ليفند هذه المقولة و يعتبرها متجاوزة،

ليقول أنه حزب يميل إلى الليبرالية و ينادي بالديمقراطية الاجتماعية، فما هي إذن هذه الإيديولوجية؟ و ما هي أسسها ؟

• الفقرة الثالثة: الديمقراطية المجتمعية ؟

إن نعت حزب التجمع الوطني للأحرار بالوسط، قد يوقعنا في الالتباس، فهو يؤمن بالديمقراطية المجتمعية، و هي إيديولوجية تحاول أن يكون لها انسجام بين الأطراف، و يكون لها اتصالات و علاقات مع جميع الأحزاب.

فإذا كانت اتفاقات و لقاءات قد تمت بين الكتلة و الوفاق، فإن فرصة اللقاء بين الأحزاب التي تنعت بالوسط لم تتم حتى الآن، لان الخارطة السياسية تنظم بعد الانتخابات.

ففكرة الديمقراطية المجتمعية، أتت بعد تأثر أحمد عصمان بالريح العالمية الشاملة التي بدأت تنادي بالنظرية الثالثة و هي الديمقراطية المجتمعية.فهي في الحقيقة كنظرية، تجعل في الاعتبار الاهتمام بالبعد الاجتماعي الذي يلقى اهتماما من طرف المحللين و الدارسين، أو في حقل ممارسة السياسة. و هذا ما نلمسه بوضوح عند كل من استطاع عن طريق أطروحة الديمقراطية الاجتماعية أن يصل إلى السلطة، كطوني بلير بقيادة حزب العمال و شرودر، و الراديكاليين في فرنسا، و حتى كلنتون، و لا أدل على ذلك الندوة التي عقدت بكلية الحقوق بنيويورك حول الديمقراطية الاجتماعية لوضع مفهوم لهذا المفهوم.

و الديمقراطية المجتمعية التي يدافع عنها التجمع تتمركز على عدة أصعدة و نذكر من بينها أنها تعتبر تعاليم الدين الإسلامي قوامه الإنسان باعتباره المحور الأساسي للمجتمع و هي بذلك الطريقة الأنسب لتحقيق الارتقاء بالمواطن المغربي، و تحقيق نظام اجتماعي عادل يوفق بين حقوق المواطن و واجباته و بين الفئات الاجتماعية، و الإقرار بمبدأ الإصـلاح في جميـع

الميادين و التفتح على كل المستجدات، كما تؤمن الديمقراطية المجتمعية بضرورة إدخال البعد الإنساني و الاجتماعي في المشاريع الاقتصادية و الاستشارية ترسيخا لمفهوم المقاولة المواطنة.و تعتبر البعد الثقافي من أهم مكونات هوية الأمة و توا بثها،كما تقر على ضرورة تخليق الحياة الإدارية و ترشيد و عقلنة التدبير العمومي.

و عليه يؤكد الحزب تبني الديمقراطية المجتمعية كإطار مرجعي،كأساس مذهبي لسلوكه، فهو يدافع عن مكاسب الدستور و عن القطاع العام و يدين السياسة المفروضة من طرف صندوق النقد الدولي، و يطالب بحماية الاقتصاد الوطني و تحرير محدود للمبادلات.

فما يلاحظ أن الحزب قد جاء بالفكر الاجتماعي الديمقراطي، لكنه وجد نفسه بين أحضان نظام ليس بالمطلق بالليبرالي، سواء من الزاوية السياسية أو من الزاوية الاقتصادية.

من الناحية السياسية، فالمغرب عاش نوعا من التعددية، لكن إن تعمقنا في هذا النوع فإننا نجد أنها تكونت لتخدم الحزب الوحيد، و كانت تستخدم لتقليص و لتفتيت الحركة الوطنية التي نشأت من حزب الاستقلال.

أما من الناحية الاقتصادية، فالمغرب كان يعرف سيطرة القطاع العام الذي ظل هو المسيطر إلى حدود تبني سياسة الخوصصة، الشيء الذي يؤكد أن الدولة لم تكن من النوع الليبرالي، هذا وقد دفع الحزب إلى تبني شعار " تيار بجانب الدولة،لا يكون عبئا عليها، و لا تكون صانعة له".

فإذا كانت الديمقراطية المجتمعية هي مذهب الحزب فماذا عن تنظيمه الداخلي ؟


المطلب الثاني: التنظيم الداخلي.

كان يتكون القانون الأساسي للحزب من 25 فصلا (قبل التعديل ) و حاليا من 44 فصلا (بعد التعديل) و ينص على مجموعة من الأسس و المبادئ التي تنظم الحزب داخليا. كما يتكون قانونه الداخلي من 69 فصلا (قبل التعديل) و أصبح يشمل 66 فصلا (بعد التعديل).

ففي الفصول من 1 إلى 4 ينص القانون الأساسي على تأسيس جمعية ذات صبغة سياسية تحت اسم التجمع الوطني للأحرار يهدف بصفته هيئة سياسية تمثل الوسط التقدمي و تسعى إلى تحقيق الديمقراطية المجتمعية في نطاق الملكية الدستورية، و تهدف إلى النمو الاقتصادي و الاجتماعي و العدالة الاجتماعية، و تعبئة جميع الطاقات الحية في البلاد لبناء المغرب الجديد مع تعزيز الشخصية المغربية و تدعيم مقوماتها الإسلامية و العربية و الإفريقية، و الدفاع عن استقلال المغرب و وحدته الترابية و تدعيم الدور الطلائعي الذي ينهض به المغرب على الصعيد الدولي (الفصل2 من ق.الأساسي) كما يتطرق إلى انفتاح الحزب على الكل من أجل الانخراط فيه لكن بشروط منها أن يكون الشخص مغربيا و غير منتم لأي هيئة سياسية و مستعدا للالتزام السياسي داخل هيئات و تنظيمات التجمع الوطني للأحرار، كما يخول لكل عضو في الحزب قابلية المشاركة في إدارته (الفصل 3-4 من ق.س) .

- أما في الفصول من 5 إلى 15 فيتطرق إلى هيئات الحزب المحلية(الفرع، الاتحادية الإقليمية و اتحادية المدينة ) و التي سنعود إليها لاحقا.
- في الفصل 16 تم التطرق إلى إمكانية خلق اتحادية إقليمية خارج المغرب بالنسبة للقاطنين خارج المغرب.
- الفصل 17 يتطرق إلى تعيين المنسقين يتم من طرف الرئيس.
- أما الفصول من 18 إلى 33 فتتطرق إلى هيئات الحزب الوطنية و التي ستكون لنا عودة معها من أجل تفصيلها.
- أما بخصوص الفصول 34،35،36 فتتطرق إلى هيئة الحكماء و اللجان الدائمة.

- الفصل 39 يتعلق بإدارة المقر المركزي.
- الفصلان 40،41 يتعلقان بالمداخيل و الوسائل.
- الفصلان 43،42 ينصان عل كيفية تعديل القانون الأساسي و طريقة حل الحزب.
- الفصل 44 ينص على إلحاق قانون داخلي بالقانون الأساسي.

ولأهمية الهيئات المحلية و الوطنية في تسيير الحزب، سنتطرق إليها بالتحليل واضعين نصب أعيننا أن الهيئات الأخرى كذلك تحضى بأهمية داخل هذه الهيئة السياسية و أخص بالذكر هيئة الحكماء، اللجان الدائمة، لجنة التحكيم، لجنة المحاسبة.

• الفقرة الأولى: الهيئات المحلية

أولا/ الفرع

و ينظم على صعيد الجماعة أو المقاطعة الحضرية أو القروية. و يسير من طرف مكتب لمدة ثلاث سنوات.و ينظم هده النقطة الفصول 14 و 15 و 16 من (ق. د).

ثانيا/ الاتحادية الإقليمية

و تنظم على صعيد كل إقليم أو عمالة و يسيره مكون من جميع أعضاء مكاتب الاتحاديات الإقليمية بالمدينة. و تحدث بقرار من المكتب التنفيذي (الفصول من 17 إلى 25 من ق.د ).

ثالثا/ اتحادية المدينة

تحدث اتحادية المدينة على صعيد كل مدينة بها أكثر من عمالة و يسيرها مجلس مكون من جميع أعضاء مكاتب الاتحاديات الإقليمية بالمدينة. (الفصول من 17 إلى 25 من ق.د).




• الفقرة الثانية: الهيئات الوطنية

أولا / المؤتمر الوطني

يعتبر المؤتمر الوطني أعلى هيئة بالحزب, وهو يتولى رسم توجهاته السياسية في مختلف الميادين, كما يتولى انتخاب كل من رئيس الحزب و المجلس الوطني (الفصول 19 و20 من ق س).

و ينعقد في التاريخ و المكان اللذين تحددهما اللجنة المركزية باقتراح من المكتب التنفيذي... (الفصول من 26 إلى 32 من ق.د ).

إلا أن الملاحظة الكبيرة هي أن الحزب لم يعقد مند نشأته إلا ثلاثة مؤتمرات وطنية , الأول سنة 1978 و الثاني في 1983 و الثالث في 4 نونبر 2001، و هو الآن في خضم التحضير للمؤتمر الرابع الذي يتزامن و العديد من المشاكل و على رأسها مشكل الزعامة.
فقد فصلت مدة ليست بالقصيرة بين المؤتمرين الثاني و الثالث وصلت إلى 18 سنة، و كانت من بين الأسباب التي حالت دون عقد مؤتمر–على أساس انه من المفروض عقد مؤتمر سنة 1989 – ظهور مشاكل تتعلق بالتحضيرات للانتخابات،, فمن الصعب أن ينعقد مؤتمر قبل الانتخابات بقليل أو أثناءها . إلا أن هذا ما نلمسه في التحضير للمؤتمر الرابع للحزب، فلم يعد يفصله عن الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر2007 إلا أربعة أشهر، فهل تعد هذه الفترة كافية لانعقاد مؤتمر وطني؟ ألم تعد التحضيرات للانتخابات عائقا في وجه انعقاد مؤتمر وطني خصوصا و أنها كانت من بين الأسباب التي أدت إلى تأجيل المؤتمر الوطني الثالث لمدة تناهز 18 سنة أم أن هناك أسباب أخرى كانت وراء تأجيله عدة مرات ؟


ثانيا / المجلس الوطني

يتم انتخاب أعضاء المجلس الوطني مباشرة على صعيد كل اتحادية إقليمية أو اتحادية المدينة من طرف ممثلي الاتحادية في المؤتمر الوطني و يرأسه رئيس الحزب(الفصل 21 و 23 من ق.س) و تنظمه الفصول ( من 33 إلى 38 من ق.د ) كما يستدعى مرة كل سنة على الأقل للموافقة على قرارات و إجراءات تدعو الضرورة إلى اتخاذها.

ثالثا / اللجنة المركزية

ينتخب أعضاء اللجنة المركزية من بين ممثلي الاتحاديات الإقليمية و اتحاديات المدن في المجلس الوطني و يبلغ أعضاؤها 320 عضو, و يرأسها كذلك رئيس الحزب (من 24 إلى 27 من ق.د) و تنظم سيرها الفصول( من 39 إلى 40 من ق.د )

و يعهد إليها خلال الفترة الفاصلة بين دورات المؤتمر الوطني تسيير شؤون الحزب و السهر على مقررات و توجيهات المؤتمر الوطني و المجلس الوطني و مناقشة تقارير الاتحاديات و اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.

رابعا / المكتب التنفيذي

يعتبر المكتب التنفيذي الجهاز التنفيذي و التنظيمي للحزب و المكون من 24 عضوا يرأسه رئيس الحزب، و هو بهذه الصفة يمارس عمله و اختصاصاته على الصعيد الوطني كله، و يعقد اجتماعاته في المكان و الزمان المناسبين و يوزع العمل بين أعضائه بالكيفية التي يراها محققة للفاعلية في الانجاز (الفصل 41 من ق.د)، و يجتمع تحت رئاسة رئيس الحزب و يعقد جلساته عادة في مقر التجمع الوطني للأحرار بالرباط أو في مكان آخر يختاره( الفصل 42 من ق.د ). و يتولى مهمة التنسيق بين مختلف هيئات التجمع الوطنية و الإقليمية عن طريق الدراسات و النشرات الدورية و الزيارات الميدانية و غيرها من الوسائل التي تعطي الفعالية للعمل الحزبي كما يشرف على تنظيم المؤتمر الوطني.

خامسا / الرئيس
ينتخب رئيس التجمع الوطني للأحرار بالأغلبية المطلقة لعدد المشاركين في المؤتمر الوطني و بمجرد انتخابه يتولى رئاسة و تسيير المؤتمر الوطني.

فالرئيس يعتبر الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني للأحرار , و هو الذي يتولى تمثيله و يناط به استدعاء المكتب التنفيذي للاجتماع و يتولى إدارته و تنسيق عمله و السهر على نشاطه.

كما يرأس اجتماعات المؤتمر الوطني و المجلس الوطني و اللجنة المركزية و المكتب التنفيذي. (الفصل 30 و 31 من ق.س ) و تنظمها الفصول (من 44 إلى 47 من ق.د ).

إلا أن ما أثار زوبعة من الانتقادات هو استحواذ الرئيس على كرسي الزعامة شأنه في ذلك شأن مجموعة من الأحزاب، الشيء الذي سيِؤدي إلى مجموعة من التمردات و الانقسامات كانت أهمها انشقاق بعض الأطر و تأسيس أحزاب سياسية جديدة ،كالحزب الوطني الديمقراطي و حزب الإصلاح و التنمية، و ما كانت ستؤول إليه الأوضاع سنة 2006 بسبب الخلافات الداخلية و التي كان من بين أسبابها الاستحواذ على الزعامة.

عن هذه النقط سنحاول دراستها في المبحث الثاني من الفصل الثاني لنخصص المبحث الأول لبرنامج الحزب و نتائجه على صعيد الانتخابات التشريعية.



الفصل الثاني: علاقة الحزب مع المحيط

إن دراسة حزب التجمع الوطني للأحرار كظاهرة من الظواهر الحزبية بالمغرب قد لا تكون كافية إذا ما اكتفينا بمعرفة إيديولوجيته و توجههه و كذلك الأسباب التي ساهمت في خلق حزب سياسي له مكانة في الخريطة السياسية المغربية مما جعله طرفا في اللعبة السياسية ، و بذلك نجد أنفسنا أمام عدة أسئلة تختلف من حيث الصياغة لكن تصب في نفس الهدف ألا و هو، إلى أي حد يمكن اعتبار حزب التجمع الوطني للأحرار يعبر فعلا عما ينادي به؟ و هل فعلا برنامجه و إيديولوجيته كفيلان أن يجعلا منه في ظرف ثلاثين سنة من الأحزاب السياسية المغربية التي تتبوأ الصدارة من حيث الحصول على المقاعد البرلمانية أم أن هناك عوامل أخرى قد تظهر تارة و تختفي مرات أخرى تساعده على ضمان مركز متقدم في الانتخابات يخول له المشاركة في الحكومة ؟

إن الإجابة عن هذا السؤال ، تفرض علينا الوقوف على نقطتين هامتين ، تتجلى أحدهما في برنامج الحزب الذي يوظفه و يغيره و يعدله من أجل إقناع الناخبين لكسب أصواتهم، الأمر الذي ينعكس على نتائجه في الانتخابات بين السلب و الإيجاب على مر السنوات التي شارك من خلالها في الاستحقاقات التشريعية و حتى الانتخابات الجماعية.

أما النقطة الثانية فتبرز في علاقة الحزب بالمحيط الاجتماعي و خصوصا المجتمع المدني. فهل فعلا النتائج المحصل و مشاركاته في الحكومات عبر حصوله على مقاعد وزارية مهمة تعكس فعلا وزنه الحقيقي و حضوره في المجتمع ؟ و انطلاقا من هذه المسألة سنقوم بدراستها من خلال تحليل استمارة ميدانية نتوخى منها إبراز العلاقة بين الحضور السياسي و علاقة الحزب بالمجتمع، أو بصيغة أخرى ، هل المقاعد التي يحصل عليها الحزب تعبر عن وزنه في المجتمع؟ و هذا ما سنتطرق إليه في المبحث الثاني، في حين أن القسم الأول فسنخصصه لتناقضات الحزب من خلال مشاركته في المعارضة و من خلال ظاهرة الانشقاقات التي لم تستثن أي حزب سياسي في المغرب كما هو الشأن بالنسبة للحزب قيد الدراسة، التجمع الوطني للأحرار.



المبحـــث الأول:

محاولة لفهم انشقاق الحزب


سنتناول هذه المسألة في هذا الجزء لأهمية هذه الظاهرة في المنظومة الحزبية-سواء المغربية أو غيرها- و ما لها من انعكاسات لا على الحزب السياسي بعينه أو على المشهد السياسي عامة.

و قبل الخوض في دراسة هذه الظاهرة، و علاقتها بحزب التجمع الوطني للأحرار، لابد أن نعرف هذا المفهوم و نحيط بأسبابه العامة.

* ما هو الانشقاق ؟
يعرفه القاموس الفرنسي:
Scission(lat :scissio) « division dans une assemblée,dans un parti politique,un syndicat,une association,une entreprise »

أما فيما يخص المعجم العربي، فإنه يقتصر على استعمال الكلمة للدلالة على الاختلاف في الرأي، مما يجعل هذا التفسير قاصرا إذا ما طبق على الأحزاب السياسية. أمام هذا التعريف الايتميولوجي، فانه يصعب إعطاء تعريف شامل و دقيق لظاهرة الانشقاق، إلا أننا من خلال هذه النقطة، سنستعين بالتعريف التالي الذي أعطاه ذ.عبد اللطيف مستكفي: "يشكل الانشقاق الحزبي أحد أوجه الصراع السياسي على المستوى الداخلي و يتخذ صورة إحداث شرخ داخـل
الحزب الأم، يترتب عنه ظهور حزب أو عدة أحزاب مختلفة قد تعرف بدورها نفس المصير و هكذا دواليك."

فلا يمكن النظر إلى الانشقاق الحزبي نظرة ضيقة تحيل إلى كل ما هو سياسي، فالرغبة في النفوذ و التنافس على المصالح و الظهور بمظهر متميز عن الآخر، خصائص تشترك فيها جميع أنواع البشر سواء كانوا احتلوا مناصب سياسية أو لم يحتلوها.

فقد تتعدد أسباب الانشقاق و تبقى النتيجة واحدة، فالحزب حين تعرضه لأحد هذه الأسباب ، فانه يصبح عرضة إلى شرخ في هياكله الداخلية، يؤدي ذلك إلى استقالات الأطر و تأسيس أحزاب جديدة.

حزب التجمع الوطني للأحرار عاش هذه الظاهرة، فكانت أولاها سنة 1981، حيث ساعدت أحداث هذه السنة على تصدع داخلي مما أدى إلى ظهور حزب جديد" الحزب الوطني الديمقراطي PND "،لتأتي سنة 2001 حين سيختار بعض أطر الحزب التخلي عنه و تأسيس حزب "الإصلاح و التنمية" و كانت لهم بذلك أسباب و دوافع، ليعيش الحزب مرحلة ثالثة كانت ستقود إلى انقسام ثالث إن لم نقل موت الحزب، وازدادت حدة هذا الصراع في السنوات الأخيرة انتهت بإعلان الرئيس عن تخليه عن الرئاسة و عدم ترشحه لولاية أخرى عقب المؤتمر الوطني الرابع الذي سينظم أيام 25-26-27 مايو 2007.

عن هذه الانشقاقات و التناقضات التي عرفها الحزب، سنحاول إحاطتها بأسبابها و نتائجها في المطلب الثاني ، لنخصص المطلب الأول لأسباب ظاهرة الانشقاقات.







المطلب الأول: أسباب ظاهرة الانشقاق.

• الفقرة الأولى: العوامل الموضوعية
تتوزع هذه العوامل بين عاملين أساسيين يتوزعان بين الفوارق الجهوية و تدخل القصر.

أولا / الفوارق الجهوية

ينطلق كلود بلازولي أن المجتمع المغربي هو مجتمع يزخر بالتنوع حيث لكل جهة خصوصيات تميزها عن الأخرى، و هذا ما يجعل من الصعب أن يتجدر الحزب المغربي في مجتمع غير متجانس و مجزأ.

و قد لعب هذا العامل دورا مهما في خلق انشقاقات الأحزاب السياسية منذ الاستقلال مثل الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كما عرف حزب منظمة العمل الديمقراطي انشقاقا بسبب هذا العامل حين سعت غالبية الأعضاء الذين ترجع أصولهم الاجتماعية إلى جهة مراكش-تانسيفت الحوز بالغبن فقرروا الانسحاب من المنظمة ليشكلوا الحزب الاشتراكي الديمقراطي معمقين بذلك من أزمة الفوارق الجهوية.

هذا وقد تصدرت مسألة العالم القروي قائمة الخلافات التي شهدها التجمع الوطني للأحرار لتنفجر سنة 1981 و كان من نتائجها تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي.



ثانيا / تدخل القصر

أسس السياسة الحزبية هي أسس تكرس سمو المؤسسة الملكية، و تموقعها فوق الصراع، و بالتالي فوق الأحزاب ليشكل الانشقاق سلاحا في يد الملكية تمارس به إستراتيجيتها التجزيئية تجاه الأحزاب مجردة إياها من خصائص المؤسسة و محولة إياها إلى مجرد منشأة تستمد تلك الخصائص من مؤسسة أعلى منها.

و لعل تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية أكبر دليل على ذلك، حيث انشق هذا الحزب عن حزب الاستقلال(25يناير1959)حين أعلن المتابعون للمؤتمرات الإقليمية للحزب عصيانهم على القيادة المركزية الفاشلة و على مفتشها و بالتالي كان الهدف من انشقاق حزب الاستقلال هو إضعافه قي الوقت الذي كان يسعى إلى السيطرة على الساحة السياسية و تحييد الملكية و الدفاع عن الحزب الوحيد ،و بالمقابل فقد تقوت المؤسسة الملكية.

كما كان الملك وراء خلق حزب أغلبي و هو جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية بزعامة أحمد رضا كديرة بهدف ترسيخ الإستراتيجية التسخيرية للملك، ليكون طرفا كذلك في المساهمة بحظ وافر في بث الخلافات داخل حزب الحركة الشعبية و هي خلافات استمرت إلى سنة 1967 و انتهت بخروج الدكتور الخطيب من الحركة الشعبية و يؤسس بعد ذلك الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية. أما بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار فانه لم يعرف تدخلا من القصر نظرا لولائه له من جهة و مصاهرة رئيسه مع الملك من جهة أخرى .






• الفقرة الثانية: العوامل الذاتية

توزعت هذه العوامل بين أربعة محددات رئيسية

أولا/ غياب الديمقراطية الداخلية

لقد لعب هذا العامل دورا أساسيا في انشقاق بعض الأحزاب السياسية كحزب الاستقلال، حيث اعتمد كلود بلازولي على هذا المعيار في شرحه لانشقاق حزب الاستقلال سنة 1959 ذلك أن المهدي بنبركة استنكر نظام المفتشين الذين اعتبرهم أنهم قد عزلوا قاعدة الحزب عن زعامته. و كمثال على ذلك أيضا انفراد المحجوبي أحرضان بالقرار حين قرر التحالف مع المعارضة بقرار فردي دون استشارة الفريق البرلماني و تنظيمات الحزب ليلي ذلك طرد عشوائي للحركيين.

إن أهم شروط الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية تتجلى في حرية المنخرطين في انتخاب قادتهم عن طريق اقتراع سري و صحيح لا يشوبه خرق للحريات،و بالتالي يتم الاعتماد على المؤتمرات العامة لتحديد برامج التعبئة السياسية، و أن تتعايش داخل الحزب عدة نزعات و اتجاهات من أجل الحصول على الرأي السديد.

فغياب الديمقراطية الداخلية يرتبط قسرا بغياب إيديولوجية واضحة على اعتبار أن الفراغ الإيديولوجي يجعل الصراعات داخل الأحزاب شخصية و يفتح المجال لحرب المواقع و الصراع من أجل السلطة، ومن أجل حماية هذه المواقع و ضمان أمن و استقرار كرسي الزعيم.








ثانيا/ صراع الأجيال

غالبا ما يكون هذا العامل وليد الصراع بين تيار جديد يعطي مثالا واضحا عن جيل الشباب وبين الجيل القديم من قادة الأحزاب.

و قد أفرزت الأحزاب السياسي صراعا ما بين جيلين : جيل ما قبل الاستقلال ذو النزعة المحافظة و الهادف إلى الحفاظ على امتيازات ما قبل المرحلة، و الجيل الجديد ما بعد الاستقلال الذي شن حربا على القيادة القديمة واصفا إياها بالانتهازية، و هذا ما نلمسه في حزب الاستقلال، فصراع الأجيال يتجلى أساسا ما بين النخبة المؤسسة و التي تدافع عن الرئيس و عن مصالحها، وبين الفئة الشابة التي تتوفر على نوع من التأثير على المنخرطين و التي تتبوأ بعض المناصب الحكومية، و هذا ما نلمسه في حزب التجمع الوطني للأحرار على اثر انتفاضة محمد أوجار ضد أحمد عصمان واصفا إياه أنه شاخ و بالتالي يجب عليه الابتعاد عن كرسي الزعامة الذي استحوذ عليه قرابة 30 سنة ، هذا الصراع الذي أصبح يلقب بالانقلاب الأبيض.

ثالثا/ الضبابية الإيديولوجية

تعتبر الأحزاب اليمينية أو الإدارية و التي تعتبر وليدة ظروف معينة الأكثر تأثرا بهذا العامل. كما تعرف الأحزاب السياسية عامة ظاهرة تعتبر من الأسباب المباشرة في الانشقاقات، و تتمثل أساسا في صعوبة الاندماج و التلاؤم بين المناضلين، مما يجعل مهمة التجانس صعبة إن لم نقل مستحيلة، الشيء الذي ينتج عنه تيارات و أجنحة ، و هذا ما يعاني منه التجمع



الوطني للأحرار، و خصوصا عند بحثه عن الهوية مما جعل من تأليف حزب متجانس أمرا صعبا بسبب تضارب المصالح و الآراء للأعضاء المكونين للفريق النيابي . و بالتالي فإن هذا
المشكل و إن كان له أثر، فهو لا يعتبر ذا أهمية كبرى بالمقارنة مع عامل الزعامة و الشخصانية.
رابعا/ الشخصانية و الزعامة

إن أهم ما يميز الأحزاب السياسية، هو عدم وضوح الحدود بينها، فالانتهازية تجمع بينهم و تجعلهم يتأرجحون في مواقف عدة، و العلاقات الشخصية من زعيم لزعيم، و من مناضل لمناضل يعتد بها أكثر مما يعتد بالبرامج و الأفكار، فتماهي الحزب مع شخص الزعيم يجعلنا على مقولة لويس 14"الدولة أنا" فيعد الزعيم هو الممثل الوحيد للحزب، و لا غرابة في ذلك، إذا ما ترددت على مسامعنا عبارات مثل: حزب علال الفاسي،حزب أحرضان،حزب العنصر،حزب عصمان حيث ظل التجمع لصيقا باسم أحمد عصمان.

و لعل هذا ما يفسر كون النزاعات التي تظهر بين القياديين للأحزاب نادرا ما تكون وراءها اختلافات إيديولوجية أو سياسية،إذ أنها في أغلب الأحيان ما تكون مجرد تنافس على الزعامة، و هذا ما شهده حزب التجمع الوطني للأحرار على اثر التحضير للمؤتمر الوطني الثالث حيث ظهرت مجموعة خلافات بين د.حدو شيكر، د. عبد الكامل الرغاي، حسن مطهر و عبد الرحمن الكوهن من جهة، و المكتب التنفيذي على رأسه أحمد عصمان أساسها- أي الخلافات- عدم التوافق حول كيفية التسيير و ليس حول الثوابت مما أدى إلى تأسيس حزب جديد اسمه الإصلاح و التنمية في 2001. و باقتراب موعد المؤتمر الوطني الرابع المزمع



تنظيمه في أواخر شهر مايو 2007، برزت في الأفق مشكلة الزعامة من جديد و ظهر منافسون جدد للرئيس على رأسهم رئيس مجلس المستشارين مصطفى عكاشة، و مصطفــى
المنصوري وزير التشغيل و محمد أوجار وزير حقوق الإنسان سابقا، الشيء الذي أدى إلى تنحي الرئيس و إعلانه عن عدم ترشحه للرئاسة في المؤتمر المقبل و الاكتفاء برئاسة شرفية.

و بالإضافة إلى هذه العوامل، يمكن إدراج مجموعة من العوامل التي تكون سببا في انقسام الأحزاب السياسية و إن اختلفت درجتها و أهميتها منها: اختلاف الآراء حول بعض القضايا الوطنية(كالموقف من المشاركة في الحكومة و حالة الاستثناء،المسألة الدستورية،و الموقف من النظام و الرغبة في الحصول على المقاعد البرلمانية).

فإذا كان الانشقاق من بين تناقضات الحزب،فان لعب الحزب لدور المعارضة يدخل كذلك في هذا الإطار، و هذا ما سنقوم بدراسته في المطلب الثاني من خلال التطرق إلى انشقاقات التجمع الوطني للأحرار عبر ولادة أحزاب جديدة و تيارات جديدة(الحزب الوطني الديمقراطي،الإصلاح و التنمية،الانقلاب الأبيض من أجل الزعامة) في الفقرة الثانية لنخصص قبل ذلك الفقرة الأولى لتكليف الحزب المعارضة.










المطلب الثاني: تناقضات الحزب

تنوعت تناقضات التجمع الوطني للأحرار بين تناقضين أساسيين،أولهما يتجلى من خلال الدور الذي لعبه الحزب كمعارض خلال الثمانينات، وثانيهما يتحدد من خلال الانشقاقات التي عرفها الحزب.

• الفقرة الأولى: تكليف الحزب بالمعارضة

على اثر تشكيل حكومة جديدة في 1981 برئاسة المعطي بوعبيد و حصول الحزب الوطني الديمقراطي على أربع حقائب فقد رفض أحمد عصمان المشاركة في الحكومة، هذا بالإضافة إلى أن هذه المرحلة عرفت إضافة سنتين إضافيتين لولاية مجلس النواب لتصبح ست سنوات، مما أدى إلى رفض نواب الاتحاد الاشتراكي لهذا التمديد ، هذا الرفض الذي اعتبره الملك غير دستوريا ، مما سيدفع الملك إلى دعوة التجمـــع الوطنـــي للأحــــرار
يوم 12 نونبر 1981 و تكليفه بالقيام بدور المعارضة داخل مجلس النواب طيلة السنتين المضافتين لولايته(1981-1983).

و من خلال هذه التجربة، استطاع الحزب أن يبتعد عن السلطة و إظهار استقلاليته عنها و الشروع في توجيه النقد للحكومة، و هذا ما أظهره مؤتمره الوطني الثاني المنعقد بالدار البيضاء أيام 1-2-3 ابريل 1983 حيث شكل المؤتمر لحظة ولادة حقيقية للحزب و ذلك من خلال تحديد هويته الإيديولوجية .






• الفقرة الثانية: انشقاقات الحزب

عرف الحزب انشقاقين: الحزب الوطني الديمقراطي سنة 1981 و الإصلاح و التنمية سنة 2001،كان من بين أهم أسبابهما الرئيسية على التوالي الفوارق الجهوية و غياب الديمقراطية.

أولا/ تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي سنة 1981

سببان رئيسيان كانا وراء تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي:أولهما سعي بعض العناصر التجمعية في الفريق البرلماني إلى الدفاع عن العالم القروي الذي يشكل %80 من المغرب، ونظرا لتشكل حزب التجمع الوطني للأحرار من فئات غير متجانسة و متضاربة من حيث المصالح، فإن المأمورية كانت سهلة لتشكيل فريق مناهض لأحمد عصمان. أما العامل الثاني الذي ساهم في انفجار الوضع فيتمثل في أحداث 1981، هذه الأحداث التي دفعت الحسن الثاني إلى القيام بنقد ذاتي ليقر أن سببها الأساسي هو الهجرة القروية.


و قد جاء تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي عبر ثلاث محطات أساسية:
- محاولة إبعاد أحمد عصمان عن الرئاسة و تعويضه ب" خلي هنا ولد رشيد" في شهر يونيو 1980،مما أدى إلى إبعاد أحد رموز الارستقراطية القروية (عبد الحميد القاسمي) عن رئاسة الفريق النيابي و استبداله ب "بن مسعود".
- انقسام الفريق النيابي للحزب أدى إلى تأسيس فريق نيابي جديد(الأحرار الديمقراطيون) برئاسة عبد الحميد القاسمي،بعدما ناصر حوالي 60 نائبا خلي هنا ولد رشيد في 12 نونبر 1980 .


- انسحاب 61 نائبا من التجمع و تشكيل فريق نيابي مستقل، و قد أتت عملية الانسحاب بعد فشل محاولة لمعالجة الوضع من قبل أحمد عصمان حيث تشكلت لجنة برلمانية من 14 عضوا اقتسمت فيها التمثيلية بين الطرفين المتصارعين في 13 ابريل 1981 .

بعد ذلك، انعقد المؤتمر الوطني الأول للحزب الوطني الديمقراطي أيام 11-12-13 يونيو 1982 تحت شعار" من أجل نمو عادل و متوازن في العالم الحضري و القروي" ليختتم أشغاله بتشكيل مكتب سياسي مكون من 15 عضوا يرأسهم أرسلان الجديدي ككاتب عام .

فإذا كان تفسير قادة الحزب الجديد في انفصالهم عن التجمع الوطني للأحرار بضرورة دفاعهم عن العالم القروي فليس من الصعب الكشف عن أسباب أخرى وراء هذا الانشقاق. فقد ضم الحزب-كما سبقت الإشارة- عند تأسيسه عددا كبيرا من أعضاء النخبة السياسية الذين كانوا ينتظرون من الحزب أن يعمل على تحقيق طموحاتهم السياسية، و بما أن المرشحين لمختلف المناصب و المسؤوليات المهمة داخل الحزب كان يتجاوز بكثير عدد المناصب و الإمكانات المتوفرة، فانه كان من الضروري أن يؤدي ذلك إلى ظهور عدد من الساخطين على هذه الوضعية ليشارك الحزب في انتخابات 1984 و يقترح في 1985 برنامج عمل للخروج من الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية التي تعيشها البلاد حيث شدد أن الأزمة هي أزمة مالية .





و إذا كان قادة الحزب يعلنون أنهم يدافعون عن سكان الأحياء الشعبية و الهامشية للمدن، فإنهم كانوا يرفضون انتماءهم لكل من اليمين و اليسار، في الوقت الذي يبقى برنامجهم غير واضح لمعالجة مختلف القضايا الاقتصادية و الاجتماعية .


إذا كان العامل الجهوي قد لعب دورا أساسيا في ظهور الحزب الوطني الديمقراطي، فان الضبابية الإيديولوجية كانت أقل حدة في ظهور هذا الفاعل السياسي ، إلا أن هناك عوامل أخرى أدت إلى انقسام ثاني و خصوصا سنة 2001.


ثانيا/ ميلاد حزب الإصلاح و التنمية

أسسه عبد الرحمن الكوهن يوم 2 نونبر2001 عندما نظم جمعا تأسيسيا في منزله بمبادرة من أعضاء قياديين في الحزب على رأسهم حسن مطهر، و كان إنشاء الحزب نوعا من رفض سلطات أحمد عصمان على التجمع،و بذلك يأتي نتيجة رد فعل على ما أسموه ب"غياب الديمقراطية الداخلية" للتفاقم الخلافات حول التسيير، و هذا ما يقره حسن مطهر الأمين العام المساعد لحزب الإصلاح و التنمية " و كعضو للمكتب التنفيذي و بحكم الاحتكاك أكثر من السابق بالمجموعة المسيرة للحزب تبين لي أن هناك غيابا تاما للديمقراطية و أن هناك أحكاما للسيطرة على الحزب من طرف شخص أو شخصين...و بعد محاولات عدة مع بعض الإخوان لإصلاح مسار الحزب و إرجاع التجمع إلى الروح التي سادت عند إنشائه،أعنـي مشــاركة
الجميع في صنع اتخاذ القرار،تبين أن لا فائدة من ذلك فبدأ يتبلور أفق آخر في مسار الحزب."

فإذا كانت الديمقراطية الداخلية سببا في ميلاد الإصلاح و التنمية، فان أسبابا أخرى لعبت أدوارا و لو كانت ثانوية، و من بينها التضارب في المصالح السياسية، و كذلك البحث عن فرض الذات بالنسبة لهؤلاء المؤسسين خصوصا أن بعضهم كان يراودهم حلم تأسـيس حـزب

جديد قبل ذلك، و هذا هو شأن عبد الرحمن الكوهن حين سعى إلى تأسيس حزب "الإصلاح و الوحدة" سنة 1976 و انفصاله عن الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية برئاسة عبد الكريم الخطيب، و بذلك بقي سعيه مستمرا إلى حدود 2001، و هذا ما نلمسه جليا من خلال تسمية
الحزب و التي تتقارب مع تسمية العدالة و التنمية من جهة و الإصلاح و الوحدة من جهة ثانية، هذا فان جل الشعارات التي يرفعها الحزب تندرج في خانة الشعارات الإسلامية.

بعد أن عاش التجمع انشقاقين فانه كان قاب قوسين من انشقاق ثالث.

ثالثا / الانقلاب الأبيض 2006-2007

ظهرت بوادر انشقاق و السعي إلى تنحية الرئيس عن كرسيه الذي تربعه لمدة تناهز 30 سنة، منذ المؤتمر الثالث المنعقد بمكتب الصرف في الدار البيضاء سنة 2001 توالت المشاكل الداخلية للانتقال من الحقبة العصمانية إلى الحقبة الشابة ، و تمثلت من خلال أربع نقاط أساسية.

- أولا: تمثلت أولاها في قضية تمويل المؤتمر الثالث إذ لم يدل محمد بن الطالب بما يثبت صرفه 300 مليون سنتيم في إمداد المؤتمر.

- ثانيا: انتخاب المكتب التنفيذي حين اتهم العلمي التازي وزير التجارة و الصناعة الأسبق مجموعة بن الطالب بالتآمر عليه.

- ثالثا: انفجار أزمة تشكيل حكومة إدريس جطو، حيث حمل أحمد عصمان مسؤولية تكريس وزراء حكومة اليوسفي في موقعهم الشيء الذي أدي إلى إصدار بيان من طرف فريق

الحزب في مجلسي النواب و المستشارين يساندون فيه خطة جطو و ينددون خطة عصمان الشيء الذي أدى إلى دعوة العلمي التازي لإدريس جطو لرئاسة التجمع، لتستمر المعارك خصوصا بعد خروج محمد أوجار من وزارة حقوق الإنسان سنة 2004 ليحمل مسؤولية ذلك إلى مصطفى عكاشة و إدريس جطو، حتى انه كان على وشك تأسيس حزب جديد كان سيعطيه اسم "حزب المستقبل" لكن فشله في جمع 100 توقيع وطني جعله يبتعد عن الفكرة.


- رابعا: و تعد هذه هي المشكلة الكبرى التي يرد إليها الكثير سبب النزاع الحاصل في البيت التجمعي، و تتجلى في قضية مطابع الميثاق و تشريد 67 أسرة من اطر و مستخدمي الصحيفتين بعد إغلاق صحف الحزب و تحويل الملف إلى القضاء، مما دفع بعض أطر الحزب و على رأسهم مصطفى المنصوري إلى حل هذا المشكل حبيا، و إلا فان هذا الملف سيؤدي إلى حرمان الحزب من ولوجه للانتخابات إعمالا بمدونة التجارة و قانون الانتخابات ، لأن الذين يصفون مؤسسة ما قضائيا يفقدون أهلية تمثيل الأمة.

على اثر هذه المشاكل و في خضم التهيء للمؤتمر الوطني الرابع الذي عرف عدة تأجيلات، تحدد تاريخه في 25/26/27 ماي2007،و يظهر متنافسين لخلافة أحمد عصمان
الذي أعلن تخليه عن الترشيح للرئاسة مقابل الدخول في مقايضات إلا أن هذه المقايضات قد فندها مصطفى المنصوري باعتباره ممثلا للتيار العصماني .



إن هذا الصراع، و إن انتهى مبدئيا بتنحي الرئيس عن الرئاسة فانه سينتهي بعد انعقاد المؤتمر الوطني الرابع حيث سيفرز عن زعيم للحزب و الذي لن يخرج عن الثلاثي: محمد أوجار، مصطفى المنصوري، مصطفى عكاشة، و إن كانت هناك بوادر مساندة أوجار للمنصوري و رسم إستراتيجية من طرف احمد عصمان لبقاء الزعامة منتمية إلى المنطقة الشرقية. و هذا فعلا ما كان،و لحدود كتابة هذه الكلمات،فقد تم إعلان الرئيس الجديد للتجمع الوطني للأحرار و لم يكن سوى مصطفى المنصوري بعدما سانده (كما ذكرنا سابقا محمد أوجار) كذلك على اعتبار أن المنصوري ينتمي إلى نفس منطقة عصمان ، هذا في الوقت الذي
كان سيعرف المؤتمر ظهور حزب جديد في حالة عدم فوز المنصوري و أتباعه، مما قد يطرح مجموعة أسئلة:

- هل فوز المنصوري بالرئاسة هو تكريس لزعامة أحمد عصمان؟
- فشل مصطفى عكاشة هل سيؤدي به إلى التفكير في خلق حزب جديد ؟
- هل الحزب أصبح يندرج ضمن خانة الأحزاب الجهوية خصوصا أن الرئاسة لم تخرج عن المنطقة الشرقية ؟
هل الجيل الجديد قادر على إصلاح ما اقترفته الجيل العصماني من أخطاء أم انه سيسير في نفس المنحى خصوصا أن تأثير الرئيس السابق سيبقى حاضرا؟؟



المبحث الثاني:
حصيلة الحزب و علاقته بالمجتمع
في هذا المبحث سنتناول بالدراسة برنامج الحزب و ما يسفر عنه من نتائج في الانتخابات التشريعية(المطلب الأول)، لنخصص المطلب الثاني لتبيان علاقة الحزب بالمجتمع المدني.

المطلب الأول: برنامج و نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية.

إذا كانت نتائج الحزب المحصل عليها في الانتخابات تعكس مدى قدرة الحزب على إقناع الناخبين، فهي بالدرجة الأولى تعتبر مرآة لبرنامجه الانتخابي و قدرة أطر الحزب على صياغة أهداف و برامج تستجيب لطموحات الناخبين.

• الفقرة الأولى: قراءة في برنامجه الانتخابي.

غير حزب التجمع الوطني للأحرار برنامجه حسب الاستحقاقات، و عدله من وقت لآخر حسب المتغيرات الاجتماعية و ما تفرضه الوضعية السياسية المواكبة للانتخابات، و بذلك كان هدفه الأول و الأخير هو إظهار الحزب كحزب قوي يستند على إيديولوجية و مرجعية مذهبية تخول له المشاركة في الحكومة و في صنع القرار السياسي.

إذا كان تغيير البرنامج مرحليا، فإنه في جوهره يمكن القول أن التجمع الوطني للأحرار تبنى برنامجا واحدا يقوم ويدافع عن توابثه المذهبية و أساسها "الديمقراطية المجتمعية" التي تعتبر أرضية مذهبية استلهمها الحزب من القيم و مبادئ الثقافة الإسلامية و استرشادا بالتعاليم



الإسلامية الداعية إلى التآخي و الكرامة و العدالة الاجتماعية من أجل محاربة كل أشكال الانحراف و الفساد، هذا بالإضافة إلى إتيان الحزب ببعض التعديلات على برنامجه كاقتراحـه في انتخابات 2002 لتصور تدبير يقوم على مفهوم "التدبير القويم" أو ما يصطلح عليه بالحكامة الرشيدة أو الحكم الجيد، كما تم المناداة بميثاق للتعليم هذا بالإضافة إلى مطالبتهم بميثاق للفلاحة.

وعموما يمكن القول أن الحزب قد تبنى برنامجا قد يخول له التحالف مع أحزاب أخرى، و هو ما عبر عنه رئيس الحزب غير ما مرة، و من النقط التي يقوم عليها نذكر ما يلي:

- " العمل بفعالية من أجل إنهاء المشكل حول الصحراء المغربية، و ذلك عبر اعتماد الجهوية الكاملة في كل الجهات المغربية ليبقى من اختصاص السلطات المركزية ما يتعلق بالدفاع و الدبلوماسية و البنيات الأساسية،
- تكريس دولة الحق و القانون بما في ذلك احترام و صيانة حقوق الإنسان مثلما هي متعارف عليها عالميا، و تعزيز مكانة القضاء العادل و المستقل،
- تأهيل النسيج الاقتصادي ليكون مستوى المنافسة المفروضة عالميا،
- إعمال سياسة وطنية واضحة في مجال التربية و التكوين كرهان استراتيجي لخلق المواطن المنتج(...) و اقتراح اعتماد سياسة ثقافية و إعلامية فعالة تقوم على حسن استثمار التعدد و الغنى الموجود في حاضر و تاريخ الشعب المغربي، سياسة تدعو للحوار و تنبذ كل أشكال التعصب و الإقصاء و التهميش،




- تكريس الحضور المغربي على مستوى الساحة الدولية سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا من خلال دبلوماسية فعالة تستحضر التطور الذي تشهده عالميا آليات صناعة القرار، و التأثير الذي أصبح للرأي العام في مختلف السياسات الوطنية".

من خلال قراءة لبرنامج الحزب، لابد أن نبدي مجموعة من الملاحظات التي هي كالتالي:
- تبني الحزب لبرنامج نقدي للحكومات السابقة،
- تشديد الحزب على ضرورة تبني سياسة اجتماعية تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية و عدم تطرقه إلى التوجه الليبرالي الذي تدافع عنه الأحزاب "اليمينية" رغم أنه في ما بعد سيعترف بتوجهه الليبرالي،
- ارتكاز الحزب على الدين الإسلامي إذ أثار برنامجه أكثر من مرة على أنه يستلهم أفكاره من التعاليم الإسلامية.

كاستنتاج، يمكن القول أن برنامج الحزب يجعله يبدو و كأنه ينتمي إلى المعارضة، كما أن بعض انتقاداته للحكومة كانت أكثر ثقلا و قسوة من أحزاب المعارضة بالخصوص بالمقارنة مع حزب التقدم و الاشتراكية. و بالتالي فإنه يستلهم بعض المبادئ العامة التي سبق لحزب الاستقلال أن تبناها منذ بداية الاستقلال، كاستلهام برنامجه و سياسته من الدين الإسلامي و التركيز على البعد الاجتماعي للسياسة الحكومية، و الدعوة إلى اعتماد سياسة اقتصادية مختلطة يكون فيها للدولة دور هام إلى جانب القطاع الخاص.


إن الملاحظة و الاستنتاج الأساسيين يبينان أن الحزب شأنه في ذلك شأن الأحزاب السياسية الأخرى برنامجه فضفاض و عام، الشيء الذي يجعل برامج الأحزاب إلى حد ما متشابهة، و بذلك يجد الناخب نفسه تائها بين البرامج الانتخابية المتعددة للأحزاب، و هذا يظهر جليا عندما لا تقدم هذه البرامج حلولا ملموسة للمشاكل التي يعاني منها المغرب كعدم تعرضها إلى القيود المفروضة على ميزانية الدولة من طرف صندوق النقد الدولي و التي اصطلح عليها
ببرنامج التقويم الهيكلي مما يمكن القول أن جل هذه البرامج تكشف عن نوع من الترقيع الإيديولوجي le bricolage idéologique كما أن جل هذه الأحزاب لم تشر عند تقديمها لبرامجها الانتخابية إلى الهيئات الحزبية التي شاركت في إعداد هذه البرامج، فانه من المؤكد أن فئة معينة من أعضاء الحزب هي التي تضطلع بمهمة صياغتها و هذا ما أقره أحمد عصمان في أكثر من مناسبة.

إن تطرقنا لبرنامج الحزب يدفعنا بالضرورة إلى معرفة نتائج الحزب المحصل عليها في الانتخابات التشريعية لما بين البرنامج و النتائج من علاقة تفاعلية.






• الفقرة الثانية: قراءة في نتائجه عبر الانتخابات التشريعية.

* تعد أول مشاركة لحزب التجمع الوطني للأحرار لسنة 1977 التي تعتبر محطة الانطلاق التي تشكل من خلالها الحزب والتي حصل فيها هذا الحزب على 81 مقعدا في الانتخابات المباشرة ل 3يونيو 1977 لاختيار 3/2 أعضاء مجلس النواب المنتخبين بالاقتراع العام المباشر،وفي مرحلة ثانية تمت في 21 يونيو1977 لاختيار الثلث الباقي المنتخب بطريقة غير مباشرة طبقا للفصل 43 من دستور 1972 الذي جمع في مجلس واحد بين التمثيل السياسي و المهني و المحلي ، فاز ب 59 مقعدا و هي أغلبية مهمة بما مجموعه 141 مقعـدا
خولت للحزب تشكيل حكومة يطغى عليها التراضي نظرا لتوفرها على أغلبية مطلقة الشيء الذي أضفى على الأغلبية الجديدة صبغة ائتلاف يميني- وسطي واسع في الحكم.

* بعد هذه الانتخابات جاءت الانتخابات المباشرة 14 شتنبر1984 و غير المباشرة في 02أكتوبر 1984 و عرفت حصول التجمع الوطني للأحرار على 61 مقعدا أي في المرتبة الثانية بعد الاتحاد الدستوري الذي حصل على 84 مقعدا ، و رغم انه لم يكن الحزب الأول فقد اختير أحمد عصمان رئيسا لمجلس النواب طيلة الولاية التشريعية 84-90 إضافة إلى السنتين المضافتين لعمر هذه الولاية وفقا للاستفتاء الدستوري المجرى في شهر دجنبر 1989 حيث وافق الشعب المغربي على اقتراح ملكي لتمديد فترة انتداب البرلمان سنتين و ذلك لتمكين هيئة الأمم المتحدة من إجراء استفتاء بالصحراء داخل هذا الأجل و إلا أجرى المغرب انتخابات تشريعية في مجموع الأراضي المغربية بما فيها الأقاليم الصحراوية.

و كأهم ملاحظة يمكن تسجيلها هو أن الحزب رغم الانشقاق الذي عرفه اثر تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي بقي محافظا على مكانته في الساحة السياسية باحتلاله المرتبة الثانية إلا انه قد فقد أكثر من النصف فيما يخص عدد المقاعد المحصل عليها.




* بالنسبة لانتخابات 1993، فقد عرفت هذه الاستحقاقات أضعف نسبة مشاركة في الانتخابات منذ الاستقلال، فقد كانت نسبة المشاركة كالتالي:

- 1963 73.7 %
- 1977 82.36%
- 1984 67.43%
- 1993 62.75 %
و قد عرفت النتائج التالية (الانتخابات المباشرة):
الهيئة السياسية عدد المقاعد في المباشر عدد المقاعد في غير المباشر المجموع
الاتحاد الاشتراكي 48 04 52
حزب الاستقلال 43 07 50
التجمع الوطني للأحرار 28 13 41
الاتحاد الدستوري 27 27 54
الحزب الوطني الديمقراطي 14 10 24
الحركة الوطنية الشعبية 14 11 25
التقدم و الاشتراكية 06 05 11
حزب الشورى و الاستقلال 03 04 09
منظمة العمل.د.ش 02 ---- 02
حزب العمل 02 ---- 02
الحركة الشعبية 33 18 51
اللامنتمون 02 02 04



عرفت هذه الانتخابات حصول أحزاب المعارضة(الاتحاد الاشتراكي والاستقلال) على المرتبة الأولى و بالتالي على أكبر عدد من الأصوات و هي بذلك حققت تقدما كبيرا بالمقارنة مع انتخابات 1984، أما أحزاب الوفاق (الاتحاد الدستوري و الحركة الشعبية والحزب الوطني الديمقراطي) مع العلم أنها لم تكن تشكل آنذاك أي تحالف فيما بينها، فقد حصلت على ثلث المقاعد بما مجموعه 74 مقعدا و بذلك تكون هذه النتيجة بمثابة انتكاسة لهذه الأحزاب بالمقارنة مع الانتخابات السابقة حيث فازت ب 101 مقعدا أي أكثر من 50 %.

أما بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار فقد حصل على 34 مقعدا (في الانتخابات المباشرة و غير المباشرة) و بالتالي تعتبر هذه النتيجة تعبيرا عن الأزمة المزدوجة التي عاشها الحزب، أزمة بين مكوناته التي تضاربت خياراتها بين إمكانية الاقتراب من مساندة أحزاب الوفاق و إمكانية الاقتراب من معارضة أحزاب الكتلة الديمقراطية، و أزمة مع المحيط حيث كان الحزب يسعى إلى إقناع الآخرين بهويته الوسطية.

* في انتخابات 1997، شارك التجمع الوطني للأحرار في الاستحقاقات التشريعية بتاريخ 14نونبر 1997 و انتخابات 5 دجنبر من نفس السنة و حصل على النتائج التالية على التوالي 46 مقعدا و 42 مقعدا، هذه النتيجة التي خولت له المشاركة في حكومة التناوب التي تشكلت بتاريخ 14 مارس 1998 حيث أصبح حليفا رئيسيا و أوكلت إليه ست وزارات: وزارة النقل(مصطفى المنصوري) و وزارة الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري (عزيز الحسين)، وزارة التجارة و الصناعة و الصناعة التقليدية(العلمي التازي)، وزارة التعليم العالي و تكوين الأطر و البحث العلمي (نجيب الزروالي)، وزارة حقوق الإنسان(محمد أوجار)، الوزارةالمنتدبة لدى وزارة الخارجية المكلفة بالشؤون المغاربية و العالم العربي و الإسلامي(عبد السلام زنيند).

* تعتبر الانتخابات التشريعية ل27 شتنبر2002 آخر انتخابات تشريعية عرفها المغرب إلى حدود الآن، و قد عرفت هذه الانتخابات مشاركة 26 حزبا سياسيا و هي نسبة مرتفعة بالنسبة للاستحقاقات التشريعية السابقة، وقد عرفت النتائج التالية :


الهيئة السياسية الدوائر المغطاة المقاعد المحلية المقاعد الوطنية المجموع
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 91 45 5 50
حزب الاستقلال 91 44 4 48
حزب العدالة والتنمية 56 38 4 42
التجمع الوطني للأحرار 89 37 4 41
الحركة الشعبية 81 16 2 18
الحركة الوطنية الشعبية 81 16 2 18
الاتحاد الدستوري 75 14 2 16
الحزب الوطني الديمقراطي 82 10 2 12
جبهة القوى الديمقراطية 86 10 2 12
حزب التقدم والاشتراكية 86 9 2 11
الاتحاد الديمقراطي 87 9 1 10
الحركة الاجتماعية الديمقراطية 61 7 - 7
الحزب الاشتراكي الديمقراطي 77 6 - 6
حزب العهد 62 5 - 5
رابطة الحريات 55 4 - 4
اليسار الاشتراكي الموحد 77 3 - 3
الإصلاح والتنمية 66 3 - 3
الحزب الليبرالي المغربي 46 3 - 3
حزب القوات المواطنة 75 2 - 2
حزب الشورى والاستقلال 37 2 - 2
حزب البيئة والتنمية 51 2 - 2
المؤتمر الوطني الاتحادي 81 1 - 1
حزب مبادرة المواطنة والتنمية 37 0 - 0
حزب العمل 42 0 - 0
حزب التجديد والإنصاف 43 0 - 0
حزب الوسط الاجتماعي 35 0 - 0
المستقلون (خمس قوائم) 5 0 - 0

من خلال هذه النتائج يتبين أن حزبا الاستقلال و حزب العدالة كانا المستفيدان الأولان في هذه الانتخابات، أما بالنسبة للتجمع الوطني للأحرار فقد عرفت نتائجه استقرارا نسبيا بالمقارنة مع انتخابات 1997 (41 مقعدا بدل 46)، أي أنه خسر خمس مقاعد، و هذا الاستقرار مرده إلى بقاء الحزب قريبا من المرتبة التي كان يحتلها في السابق ضمن الأحزاب السياسية الأخرى.


فقد احتل التجمع المرتبة الثالثة في اقتراع 1997 بعد كل من الاتحاد الاشتراكي و الاتحاد الدستوري، أما في هذه الانتخابات فقد أصبح يحتل المرتبة الرابعة بعد كل من الاتحاد الاشتراكي و حزب الاستقلال و العدالة و التنمية، و بالتالي استطاع أن يحافظ على وضعــه
المستقر نسبيا في المشهد السياسي رغم تعرضه للانشقاق في 2001 حيث أسس عبد الرحمن الكوهن، أحد أطر الحزب حزبا جديدا هو حزب الإصلاح و التنمية. هذا بالإضافة إلى حصول الحزب في تمثيل النساء عبر اللوائح الوطنية مناصفة مع حزب الاستقلال و العدالة و التنمية على المرتبة الثانية بأربع مقاعد بعد الاتحاد الاشتراكي (5 مقاعد).


توزيع أعضاء مجلس النواب حسب الأحزاب 27-10-2002

هذه النتائج ساعدت على تشكيل حكومة شاركت فيها ست أحزاب سياسية، بالإضافة إلى التجمع شاركت فيها كل من الاتحاد الاشتراكي و حزب الاستقلال و جبهة القوى الديمقراطية و التقدم و الاشتراكية و الاتحاد الديمقراطي.

فإذا كان حزب التجمع الوطني للأحرار قد حصل على نتائج مشجعة خولت له المشاركة في العديد من الحكومات، فهل هذه النتائج تعكس فعلا هذه المكانة التي يحتلها في علاقته مع المجتمع المدني؟ وهل تعبر عن ثقة الناخبين فيه؟ عن هذه النقطة سندرسها في المطلب التالي.


المطلب 2: التجمع الوطني للأحرار و المجتمع المدني.

إن الحديث عن علاقة الحزب السياسي بالمجتمع المدني، يدفعنا بالضرورة إلى البحث عن تعريف لمفهوم المجتمع المدني و الذي ما زال يعرف تضاربا كبيرا في التحديد المفاهيمي حيث يبقى من المفاهيم الأكثر إثارة و ذلك لأن دلالة هذا المفهوم ليست محددة بنفس الشكل بالنسبة للجميع لما يعرفه من غموض، و لكن عند تحليلنا هذا، و بالرغم من التعريف الشائع الذي أعطي له، على أنه " مجموعة من المنظمات الاجتماعية التي تتمتع بدرجة من الاستقلالية تحفظ لها مكانا و سطا بين الدولة و من جهة، و المجتمع المدني من جهة أخرى.

فإذا كان الترابط مطلوبا بين الأحزاب السياسية و المجتمع المدني لتعزيز الديمقراطية، و تطوير ممارستها حتى العقود الأولى من القرن العشرين، فإن ثمة تغيرات أعادت طرح السؤال حول طبيعة هذا الترابط، و مضمونه و حدوده(...) فالحاصل أن التداول المكثف لمفهوم المجتمع المدني خلال الثمانينات و التسعينات دفع عديد الباحثين إلى التشديد على النظرة الجديدة التي يجب أن تؤسس علاقة الأحزاب السياسية بالمجتمع المدني لاسيما مع تكاثر منظمات هذا الأخير(...) فبقدر ما ترتبط الأحزاب السياسية بمنظمات المجتمع المدني و تتفاعل معها، بالقدر
نفسه هي مطالبة بالاعتراف بوجود مسافة محترمة بينهما، إذ بدون هذه الأخيرة، يفقد المجتمع المدني استقلاليته، أي جوهر هويته، ليصبح نتيجة ذلك متغيرا تابعا، و رافدا ملحقا بالعمل الحزبي ليس إلا، وفي ذلك إخلال بالديمقراطية، إلا أن النقطة التي تهمنا في هذا البحث علاقة الحزب بالمواطنين، أي هل هناك علاقة بين التجمع الوطني للأحرار بالمواطنين،و هل فعــلا

يقوم بأدواره المنوط بها و على رأسها تأطير المواطنين ؟و هل صدى الحزب عند المواطن يعبر فعلا عن مكانته في المجتمع أم أن هناك تفاوت بين النتائج التي يحصل عليها و بين تأثيره الاجتماعي؟و بذلك نكون قد تعسفنا على مفهوم المجتمع المدني و انتقينا ما سيخدم هذه الدراسة و ما له علاقة بالحزب السياسي ألا و هو المواطنون كفئة من فئات المجتمع المدني.

• الفقرة الأولى: استمارة البحث(المضمون).

الاستمارة التي اعتمدناها في هذا البحث جاءت عبارة عن استمارة تسلم باليد من طرف المستجِوب إلى المستجوب،وتكمن ايجابياتها الأساسية في حصول التواصل المباشر، مما يضمن التأكد من توصل المستجوَب و كذا تحسيسه بأهمية المشاركة في الاستبيان. جاءت صياغة الأسئلة و كتابتها في صفحة واحدة و ذلك لغرض مهم هو تجنب الملل الذي قد يصيب المستجوَب من أول وهلة أو النفور من الإجابة عنها و بذلك اتجهنا نحو البحث عن القابلية لملء هذه الاستمارة رغم أننا واجهنا بعض الصعوبات سنتطرق إليها فيما بعد.

في البداية،تم وضع خانة لتسجيل مكان و تاريخ ملء الاستبيان حتى يمكننا أن نتعرف على مكان المستجوبين، بعد ذلك استهللنا الاستمارة بتقديم عبارة شكر وكذلك بتقديم يشرح للمستجوَب أهمية الأسئلة و الجواب عنها، و التي هي المساعدة في انجاز هذا البحث الجامعي، كما طلبنا من المستجوَبين الصراحة و المصداقية حتى تكون النتائج موضوعية بنسبة كبيرة.

بعد ذلك جاءت مجموعة من الأسئلة التمهيدية و ذلك من أجل التعرف على المستجوَب دون ذكر الاسم،و هذه الأسئلة مشكلة من ثلاث فئات:الفئة الأولى لتحديد الجنس(ذكر/أنثى)،الفئة
الثانية لتحديد المستوى الدراسي(ابتدائي،إعدادي،...)، أما الفئة الأخيرة فتهم تحديد الفئة العمرية على اعتبار أننا ركزنا على الأعمار ما فوق 18 سنة و هي الفئة التي يخول لها التصويت و المشاركة السياسية، هذا وقد اعتمدنا في هذه الأسئلة طريقة وضع العلامة((cocherأو الإحاطة


بخط مغلق.أما بالنسبة لتحديد الانتماء السوسيومهني فقد تم بصفة شفوية و مباشرة حتى لا يكون المستجوَب محرجا، و قد تم تدوين هذه المعلومة على ظهر الورقة و بعد انصراف المستجوب.

اعتمدنا في وضع الأسئلة على الوضوح و البساطة،و التركيز و قصر الأسئلة حتى لا يسقط المستجوَب في الملل و الضجر كما سبق أن ذكرنا، كما أن الأسئلة الطويلة غالبا ما تكون صعبة الفهم،مملة،ركيكة و بالتالي قد تؤدي إلى خلط في الفهم مما يجعل المستجوَب عاجزا عن إعطاء الإجابة أو تقديم أجوبة خاطئة.

و قد اعتمدنا في طرح الأسئلة على فئتين: الفئة الأولى تضم 18 سؤالا كلها جاءت مغلقة، أي أن جوابها يأتي محددا بنعم أم لا أو يأتي عبارة عن كلمة محددة.أما الفئة الثانية فهي عبارة عن سؤال واحد مفتوح و ذلك من أجل ترك الحرية للمستجوَب في الإجابة و إعطاء آراء جديدة و بالتالي فإنه يحس أن له رأي سيدلي به و هذا الرأي سوف يخدمنا بطبيعة الحال، كما أن ذلك المستجوَب من خلال إبداء رأيه قد يأتي بمعلومات قد لا تخطر على بالنا عند إعداد هذه الاستمارة و توجيه أسئلتها و أجوبتها المغلقة من خلال الجواب (بنعم) أو (لا).

هذا وقد تم اعتماد توزيع الاستمارات قبل تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني الرابع للحزب و الذي سينعقد أيام 25/26/27 مايو 2007 و ذلك تفاديا للوقوع في الغلط في النتائج المحصل عليها و التضارب في المعطيات.

أما بالنسبة للصعوبات التي واجهتنا في تعبئة هذه الاستمارة فتراوحت بين الذاتية و الموضوعية، منها رفض البعض لملء هذا الاستبيان دون أي مبرر، و عدم إعطاء معلومات صحيحة كالسن الحقيقي و المستوى الدراسي ، إلا أن هذه المعطيات لا تعد جد مهمة بالمقارنة

مع المعلومات المراد تحصيلها بخصوص الحزب، كما أن البعض طلب إعطائه مهلة للتفكير و مصاحبته للاستمارة إلى محل إقامته و بذلك لم تؤخذ بعين الاعتبار الاستمارات التي كانت في هذه الحالة لأن أصحابها اعتبروا الاستمارة اختبارا لهم و ربما قصدوا المراجع أو أقربائهم من أجل تعبئتها.

أما بخصوص للأماكن التي شملتهم الاستمارة فقد تراوحت بين آسفي و الدار البيضاء و مراكش هذا بالإضافة إلى إعطاء العالم القروي فرصة إبداء الرأي و حتى لا تقتصر الأسئلة على المجال الحضري، يتجلى ذلك من خلال مدينة الشماعية.

هذه قراءة تمهيدية للطرق العلمية التي اعتمدناها في وضع هذا الاستبيان، فماذا إذن عن محتوى الاستمارة؟

ان الاستمارة جاءت على الشكل التالي :



في ...................

أولا نشكركم على مساعدتنا في انجاز هذا البحث الجامعي, و ذلك بتعبئتكم لهذه الاستمارة التي نرجو أن تكون متميزة بالصراحة و المصداقية .
• الجنس:

• المستوى الدراسي: ( أحيط بخط الجواب المناسب)
ابتدائي - إعدادي - ثانوي - جامعي
• الفئة العمرية : ( 18 – 30 ) (31– 50 ) ( 51 – و ما فوق )
**********************************
1- هل أنتم منخرطون في أي هيئة سياسية (حزب سياسي ) ؟
2- هل سبق لكم أن ترشحتم للانتخابات (تشريعية أو جماعية ) ؟
3- إذا كان الجواب بنعم، باسم أي هيئة ؟
4- ما اسم الرئيس الحالي للتجمع الوطني للأحرار؟
5- متى تأسس التجمع الوطني للأحرار ؟.
6- كم من مؤتمر وطني نظمه الحزب إلى حدود 30/03/2007 ؟
7- ما هو تاريخ آخر مؤتمر وطني للحزب ؟

8- متى سيقام المؤتمر الوطني المقبل ؟
9- ما هي أهم نقطة سيتداولها المؤتمر المقبل؟
10- هل لديكم فكرة عن توجه الحزب ؟
11- إذا كان الجواب بنعم , ما هو توجهه / تموقعه ؟
12- ما هو برنامجه الانتخابي ؟
13- ما هو اللون الذي يتقدم به ؟
14- ما هو رمز الحزب ؟
15- هل سبق لكم أن تعرفتم على أحد مرشحي الحزب محليا ؟
16- كيف تم التعرف ؟
17- أذكر (5) خمسة أعضاء من اللجنة التنفيذية لحزب التجمع الوطني للأحرار.
18- أذكر (5) خمسة وزراء في الحكومات المغربية ينتمون للحزب .
19- في نظركم, ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الحزب في المحيط الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي محليا وطنيا؟
-----------------------------------------------------
فالعينة تم اختيارها عشوائيا و مكونة من82 فردا و قد أعطت التوزيع التالي:
*على مستوى الجنس :

- الذكور: 45 - الإناث:37

*على المستوى التعليمي :

النسبة المئوية العدد المستوى التعليمي
9,76% 8 الابتدائي
10,98% 9 الإعدادي
31,71% 26 الثانوي
47,56% 39 العالي
100% 82 المجموع


* على المستوى السوسيومهني :


النسبة المئوية
العدد
المهنة
29,27% 24 الموظفون
29,27% 24 الطلبة
9,76% 8 رجال التعليم
8,54% 7 العمال و المستخدمين
7,32% 6 الفلاحون
6,10% 5 أعمال حرة
4,88% 4 بدون
1,22% 1 الصحافة
1,21% 1 أطر متقاعدة
1,21% 1 الصحة
1,21% 1 المحاماة
100% 82 المجموع


















* على المستوى العمري:
النسبة المئوية العدد الفئة العمرية
47,56% 39 18-30
40,24% 33 31-50
12,20% 10 و ما فوق 50
100% 82 المجموع













• الفقرة الثانية: قراءة في النتائج المحصل عليها.

فيما يخص النتائج التي آلت إليها الاستمارة فكانت على الشكل التالي:

* الفئة الأولى: مكونة من 8 أفراد مستواها التعليمي لا يتعدى المستوى الابتدائي، تمثل نسبة 9.76% من العينة ككل، و منها حوالي%87.50 أي 7 أشخاص تفوق أعمارهم 31 سنة، و %75 منهم ينتمون للعالم القروي، وشكلت نسبة الرجال من هذه العينة % 100.

بالنسبة لهذه الفئة فإن الانخراط في الحياة السياسية عبر الانتماء السياسي أو الترشيح في الانتخابات يعد مستبعدا. أي أن % 37.50 منهم من ينتمون حزبيا أو سترشحون للانتخابات.

أما بالنسبة للتعرف على الحزب من خلال لونه أو رمزه الانتخابي فإن 6 أشخاص تعرفوا على رمز الحزب الانتخابي أي بنسبة % 66.66 و هي نسبة مهمة إذا ما قارناها مع المستوى التعليمي المتدني و المحيط الاجتماعي لهذه الفئة خصوصا أن أغلبهم ينتمون إلى العالم القروي، هذا و قد تم التعرف على لون الحزب من خلال الحملة الانتخابية، في حين يعد التعرف على برنامج الحزب أو توجهه أو حتى النقاط المتعلقة بمؤتمراته الوطنية من قبيل المستحيلات.

أما بخصوص الأدوار التي يمكن أن يلعبها الحزب السياسي عامة في المحيط الاجتماعي و الاقتصادي محليا و وطنيا فان الإجابات كانت منعدمة باستثناء إجابتين اثنتين، أحدهما جاءت بعبارة"العالم القروي" و الثانية جاءت كالتالي " يتهلاو فينا".

* الفئة الثانية: فتمثل المستوى الإعدادي، و شملت 9 مستجوبين أي بنسبة %10.97 من مجموع المستجوبين، و يمثل فيها العنصر النسوي حوالي% 77.7 من تشكيل هذه العينة، و منها % 66.6 تفوق أعمارهم 31 سنة.



هؤلاء الأشخاص لا ينتمون إلى أية هيئة سياسية و لم يسبق لها الترشيح في الانتخابات. أما بخصوص التعرف على الحزب، فإنه اقتصر على اسم الرئيس بنسبة 11.11% (أي فرد واحد) و نفس الرقم بالنسبة للون و رمز الحزب و حتى التعرف على أحد المرشحين، لتبقى الوسيلة التي تم بها الاتصال أو التعرف على المرشح هي الحملة الانتخابية.

أما بخصوص الأدوار التي يمكن أن يلعبها الحزب السياسي فقد اقتصرت الأجوبة على ثلث هذه الفئة، في الوقت الذي امتنع الثلثان عن إبداء الرأي و تمثلت هذه الأدوار في الدفاع عن حقوق المواطنين و الحفاظ على مصالح الحزب الخاصة، هذا في الوقت الذي جاء جواب منهم على الشكل التالي " الجواب في مكمون السؤال". أما بالنسبة لباقي الأسئلة فلم تعرف أي أجوبة.

* الفئة الثالثة: فهي تتشكل من ذوي المستوى الثانوي، و بلغ عدد المستجوبين 26 شخصا أي بنسبة %31.70 من عدد المستجوبين ككل، و تمثل الفئة العمرية ما فوق 31 سنة % 61.53، و كانت نسبة النساء منها %53.84 أي 14 أنثى، و يشكلون الموظفون أكبر نسبة من المستجوبين في هذه الفئة بمعدل %34.61 .

قراءة أولية للنتائج، تبين لنا أن هذه الفئة أكثر انتماء للأحزاب السياسية و مشاركة في الحياة السياسية من الفئتين السابقتين، إذ أن 5 أشخاص من مجموع 26 شخصا ينتمون لأحزاب سياسية و 4 سبق لهم الترشح في الانتخابات باسم أحزاب الاتحاد الاشتراكي و الحزب الوطني الديمقراطي و الاتحاد الدستوري و حزب العمل، أي بنسبة %15.38 .

أما بالنسبة للتعرف على التجمع الوطني للأحرار، فان 12 مستجوبا تعرفوا على رئيسه أي بنسبة % 46.15، في حين تبقى مسألة تاريخ تأسيس الحزب و توجهه مبهمة إذا ما استثنينا شخصا واحدا الذي استطاع التعرف عليهما.



فيما يخص المؤتمرات فإن الإجابات اقتصرت على عدد المؤتمرات و تمثلت في إجابتين فقط بنسبة % 7.69 ،و معرفة تاريخ المؤتمر المقبل من خلال خمس أجوبة من أصل 26 أي بنسبة % 19.23 و لكن تبقى الإجابات غير محددة(الشهر المقبل، شهر ماي....)، أما بخصوص أهم نقطة سيتداولها المؤتمر المقبل فإن 6 أشخاص فقط توصلوا إلى الإجابة الصحيحة أي بنسبة % 23.07 .

هذا في الوقت الذي عرف لون الحزب نسبة مهمة أي% 42.30 في حين أن رمزه و التعرف على أحد المرشحين فقد شكلا لكل منهما نسبة % 34.61، هذا و تبقى الحملة الانتخابية الوسيلة الأكثر شيوعا و تأثيرا على المستجوبين للتعرف على مرشحي الحزب بالإضافة إلى عوامل القرابة و الصداقة، أو عبر المجالس المنتخبة أو المناصب الحكومية.

فيما يخص السؤال المرتبط بإعطاء أسماء لأعضاء اللجنة التنفيذية للحزب و كذا أسماء الوزراء التجمعيين في الحكومات المغربية، فان الأجوبة اقتصرت على 11 جوابا غير كامل، أي أن أغلب الأجوبة لم تتعد الاسمين أو الثلاثة.

أما بخصوص التعرف على آراء المستجوبين، فان 21 مستجوبا عبر بالعبارة التالية"لا اعرف" أي بنسبة % 80.76 ، في حين الباقي جاءت اقتراحاته تتراوح بين الدفاع عن قضايا المواطن و حقوقهم السياسية و تأطير الشباب من جهة و حقوق الإنسان و الوحدة الترابية و الفقر و الاهتمام بالشأن اليومي للمواطن الفقير من جهة ثانية.

*الفئة الرابعة: وهي تمثل ذوي المستوى التعليمي العالي/الجامعي، و تشكل نسبة 47,56% من مجموع المستجوبين، أي بما مجموعه 39 شخصا، توزعوا على الشكل التالي :الذكور وبلغت نسبتهم % 56,41 بما مجموعه 22 ذكرا، و 17 أنثى بنسبة 43,58% ، و يشكل الطلبة منهم % 38,46 وأغلبهم في شعبة العلوم السياسية،على أساس أن أعمارهم تتراوح بين 18 و 30 إذ يشكلون نسبة % 61,53 من هذه الفئة.


ضمن هذه الفئة فإن 6 أشخاص فقط أي بنسبة % 15,38 هم من ينتمون إلى الأحزاب السياسية و 3 منهم سبق لهم الترشيح في إحدى الاستحقاقات الوطنية. هذا فإن هؤلاء يشكلون طبقة الموظفين، أما بخصوص الطلبة فهم غير منتمين سياسيا و لم يسبق لهم الترشيح في إحدى الاستحقاقات.

بالنسبة للسؤال المتعلق برئيس الحزب، فان 20 مستجوبا استطاعوا أن يجيبوا بطريقة مضبوطة أي بنسبة% 51,28 في الوقت الذي تبقى فيه سنة التأسيس غير معروفة بالنسبة للأغلبية، إذ لم يجب عن هذا السؤال سوى شخصان أي بنسبة % 5,12.

أما بخصوص الأسئلة المتعلقة بالمؤتمرات فالأغلبية أجابت عن المؤتمر المقبل (9أشخاص)، و عن أهم نقطة سيتداولها هذا المؤتمر و التي تمثل الرئاسة نقطتها المحورية بنسبة%30,76. هذا و يبقى برنامج الحزب مبهما و غير معروف، حيث جاءت بعض الأجوبة على الشكل التالي: مبهم- لا فكرة – لا أعلم – لا علم لنا.
و عن أسئلة لون الحزب و رمزه و ما مدى تعرف المستجوَبين على أحد مرشحي الحزب، فان الأجوبة جاءت على الشكل التالي:

بالنسبة للون الحزب فان 16 مستجوبا أجابوا (اللون الأزرق) بنسبة %41,02، وبخصوص رمزه المتمثل في الحمامة فان نسبة %25,64 هم من أعطوا الجواب الصحيح، هذا و يبقى التعرف على المرشحين رهينا بنسبة كبيرة بالحملة الانتخابية بنسبة 41,02%، بالإضافة إلى عامل القرابة،العضوية في نفس الحزب...

بخصوص السؤال المتعلق بأعضاء اللجنة التنفيذية فان 11 مستجوَبا أعطوا أجوبة صحيحة بنسبة %28,20 منهم 6 أشخاص قدموا أجوبة صحيحة و كاملة(أي 5 أسماء)، أما بالنسبة للوزراء فان 3/1 المستجوبين قدموا أسماء الوزراء في حين 7 مستجوبين منهم أعطوا أجوبة كاملة و صحيحة.



فيما يخص السؤال المفتوح و المتعلق بأدوار الحزب السياسي،فقد تعددت الأجوبة و كانت غزيرة، و اختلفت الآراء بين متفائلين و ساخطين ، و من بين الأمثلة نذكر:لا دور لهم – ليس لدي أي فكرة – لقد أصيب الحزب بالسكتة القلبية – لا يمكن الحديث عن الأدوار لأن البرامج متشابهة – لا يلعب الحزب دوره في المغرب – الأحزاب تلعب دورا من السخرة للمؤسسة الملكية - انتهازية البرامج و ظهورها في المناسبات الانتخابية....

• الفقرة الثالثة: محاولة للفهم و التفسير
من خلال تحليل النتائج المحصل عليها يمكن القول المتغير التعليمي يلعب دورا مهما في الانفتاح السياسي و بالخصوص التعرف على الأحزاب السياسية.و لهذا السبب ارتأينا أن نقوم بمقارنة هذه النتائج في علاقتها بالمتغير الثقافي من خلال تقسيم الأسئلة المطروحة إلى ست مجموعات حتى يمكننا إعطاء مجموعة من الملاحظات.

- الفئة الأولى: المشاركة السياسية ( الأسئلة 1-2-3 )

النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
37.5% 3 الابتدائي
0% 0 الإعدادي
19.23% 5 الثانوي
15.38% 6 الجامعي
17.07% 14 المجموع

النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
37.5% 3 الابتدائي
11.11% 1 الإعدادي
46.15% 12 الثانوي
51.28% 20 الجامعي
43,9% 36 المجموع
- الفئة الثانية : معرفة اسم الرئيس و تاريخ التأسيس(4-5)


- الفئة الثالثة: معرفة المؤتمرات و تواريخها و أهم النقاط التي سيتم تداولها:(6-7-8-9 )
النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
0% 0 الابتدائي
0% 0 الإعدادي
23.07% 6 الثانوي
30.76% 12 الجامعي
21,95% 18 المجموع

- الفئة الرابعة: توجه و برنامج الحزب(10-11-12)

النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
0% 0 الابتدائي
0% 0 الإعدادي
3.48% 1 الثانوي
30.76% 12 الجامعي
15,85% 13 المجموع


- الفئة الخامسة: لون الحزب و رمزه(13-14-15-16 )
النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
75% 6 الابتدائي
11.11% 1 الإعدادي
42.30% 11 الثانوي
41.02% 16 الجامعي
41,46% 34 المجموع




- الفئة السادسة: أعضاء اللجنة التنفيذية و الوزراء التجمعيين(17-18)

النسبة عدد الأجوبة الصحيحة المستوى التعليمي
50% 4 الابتدائي
44.44% 4 الإعدادي
42.30% 11 الثانوي
33.33% 13 الجامعي
31.02% 32 المجموع



يمكن اعتبار المستوى التعليمي أهم المتغيرات التي تؤثر في المشاركة السياسية بالإضافة إلى متغيرات أخرى و من بينها متغير الجنس و المتغير السوسيومهني و العمري و أخيرا متغير الإقامة. لذا تم اعتماده من أجل تحليل هذه المعطيات، على اعتبار أن ظاهرة المشاركة السياسية عموما ترتكز على هذا العامل بشكل كبير.

فرغم أن المجتمع المغربي تطغى عليه ظاهرة الأمية، فان نسبة الناخبين الحاصلين على شواهد عليا يشكلون 4.53% بينما يشكل الأميون نسبة %66 من مجموع الناخبين حسب انتخابات 1993، مما يعطي افتراضية أن الناخبين مؤهلون أكثر من غيرهم للقيام بالعملية الانتخابية بشكل أكثر عقلانية من الفئات الأخرى و هذا ما يفسر ابتعاد هذه الفئة عن المشاركة السياسية .

فمن خلال الأسئلة المطروحة في الاستمارة، تبين من أول وهلة أن الأسئلة تباينت من حيث أهميتها، و بالتالي فالأسئلة التي تهم المشاركة السياسية أثبتت ابتعاد ذوي التعليم العالي عنها و هذا ما تفسره النسب المحصل عليها، حيث أن نسبة مشاركة ذوي التعليم الابتدائي وصلت إلى %37.5 في حين تأتي فئة التعليم العالي في المرتبة قبل الأخيرة بنسبة% 15.38


و يمكن أن نرجع هذا العزوف لعدة أسباب منها انه كلما ازداد مستوى التعليم عند المواطن إلا و تعمق لديه الإحساس بعدم قدرته على التأثير في السياسات من جهة، و علمه المسبق بعدم

فعالية الانتخابات من جهة ثانية،على العكس ما هو متعارف عليه في الدراسات النظرية للمشاركة السياسية، حين وجود علاقة ايجابية بين التعلم و درجة المشاركة و هذا ما يمكن تفسيره من جانبين:
- كلما زادت درجة المعرفة السياسية و ما يطبع العملية الانتخابية من تدخل إداري وما إلى ذلك من عمليات تدليسية، كلما زاد اقتناع المتعلمين بعد جدوى مشاركتهم في الحياة السياسية.

- انخفاض نسبة المشاركة في الحياة السياسية ينم عن موقف سياسي رافض للممارسة الانتخابية بصورتها الحالية، و بالتالي فهم يشاركون بطريقة أو أخرى.

و كخلاصة ثانية،فان أغلي هؤلاء المتعلمين ينتمون إلى العالم الحضري،و هذه المدن كلها جامعية(آسفي،مراكش،الدار البيضاء) و بالتالي حسب الدراسات النظرية فان الأفراد في المدن الجامعية غالبا ما يبتعدون عن الحياة السياسية، و هذا ما تبين لنا من خلال استمارتنا هذه، و من جهة أخرى فقد شكلت نسبة التعليم الابتدائي أعلى نسبة مع الإشارة إلى أن أغلب هؤلاء ينتمون للعالم القروي، و بالتالي يمكن القول انه كلما قل المستوى التعليمي للفرد و انحدر من البوادي المغربية إلا و ازدادت مشاركته في الحياة السياسية، عكس الفرد ذو المستوى التعليمي العالي و الذي ينتمي إلى المدينة.

فيما يخص فئة الأسئلة الخاصة باسم الرئيس وتاريخ تأسيس الحزب،فان أغلب الأجوبة الصحيحة اتجهت نحو اسم الرئيس في حين أن الأغلبية تجهل تاريخ تأسيس الحزب و بالتالي ظروف نشأته. أما بخصوص النسب العامة، فقد كانت الإجابات متقاربة بين الفئات التعليمية مع تقدم طفيف للفئة الجامعية، و يمكن رد ذلك إلى الوزن السياسي الذي يتمتع به الرجل على


الساحة الوطنية و السياسية، إلا أن هذه النسبة تعتبر ضعيفة إذ أن% 43.9 من المستجوبين فقط هم من تمكنوا من الوصول إلى اسم رئيس التجمع الوطني للأحرار.

قراءة متأنية لنتائج المجموعتين التاليتين من الأسئلة، و المتعلقتان بالمؤتمرات الوطنية و كذا توجه الحزب و برنامجه، يلاحظ أن الفئة التي تمكنت من التعرف على هذه المعلومات هي فئة التعليم العالي بنسبة %30.76 ، و يمكن أن نرجع ذلك إلى الوعي السياسي لهذه الفئة،
و تتبعها للأحداث الوطنية و السياسية إلى حد ما، فإذا ما قارناها مع النسبة العامة، فإنها تبقى ضعيفة ، هذا في الوقت الذي تبقى فيه معرفة هذه التفاصيل منعدمة عند ذوي التعليم الابتدائي و الإعدادي، و بالتالي فان هذه الفئة من الأفراد لا تستطيع الخوض في برنامج الحزب لأنها لا تكتسب الآليات الأساسية التي تمكنها من التحليل مما يجعلها تكتفي بما هو سهـل قبيل لـون
الحزب و رمزه،هذا من جهة، و من جهة ثانية يتبين أن الحزب يعجز عن إيصال برنامجه و توجهه إلى هذه النخبة أو تلك .

فيما يخص الأسئلة التي تهم لون الحزب و رمزه فقد نالت القسط الأوفر من الأجوبة الصحيحة إلى جانب الأسئلة المتعلقة بالرئيس كما عاينا سابقا، إلا أن الملاحظة الأساسية هي المتعلقة بالنسبة التي حصل عليها ذوو التعليم الابتدائي و التي وصلت إلى %75 الشيء الذي يفسر ارتباط هذه الفئة بالألوان و الرموز، مما يجعلنا نقر أن علم هؤلاء الأشخاص بالحزب يرتبط أساسا بفترة الانتخابات، خصوصا و أن جل المستجوبين تعرفوا على مرشحي الحزب بنسبة كبيرة عبر الحملة الانتخابية أو عن طريق العمل أو القرابة.

إلا أن المفارقة التي يمكن تسجيلها هي معرفة جميع الفئات لبعض أعضاء اللجنة التنفيذية و بعض الوزراء و يمكن تفسير ذلك إلى أن جل إن لم نقل كل هؤلاء الأعضاء كانوا قد شاركوا إما في الانتخابات و بالتالي تم التعرف عليهم عن طريق الحملة الدعائية و إما عبر مشاركتهم في الحكومات السابقة و بالتالي يمكن أن نقول أن وسائل الإعلام هنا لعبت دور الوسيط بين مكونات الحزب و المواطن .



و عموما يمكن القول أن حزب التجمع الوطني للأحرار، يعرف طريقه إلى المواطنين إلا عبر الحملات الانتخابية من جهة، و وسائل الإعلام من جهة ثانية، في الوقت الذي يبقى برنامجه و توجهه نقطة استفهام عند الأغلبية الساحقة،مما يبين أن الحزب يسعى -شأنه في ذلك شأن جميع الأحزاب السياسية- إلى الوصول إلى السلطة ولو على حساب إيديولوجيته و توجهه، و التالي يبقى الحزب كمثيلته من الأحزاب تنشط أساسا فـي فتــرة الانتخابــات
ولا يهمها القيام بالوظائف الكلاسيكية المنوطة بها و على رأسها تأطير المواطنين، مما قد ينتج عنه هوة بين المجتمع المغربي و حزب التجمع الوطني للأحرار، و الأحزاب عامة.

و على العموم، فان جل الإجابات التي جاءت عبر الاستمارة اتجهت نحو العامل الذاتي أو الشخصي،في حين الأسئلة الموضوعية عرفت بعض الجهل من طرف المستجوبين، و هذا ما يبينه المبيان الآتي:

النسبة عدد الأجوبة نوع الأسئلة
9,52% 14 المشاركة السياسية
24,49% 36 الرئيس و تاريخ التأسيس
12,24% 18 المؤتمرات و تواريخها
8,84% 13 توجه و برنامج الحزب
23,13% 34 لون ورمز و مرشحي الحزب
21,77% 32 أعضاء ووزراء الحزب





من خلال هذه المعلومات يتبين أن الأجوبة اتجهت نحو الرئيس و مرشحي الحزب و لونه،و كذلك أعضاء و وزراء الحزب بنسب %24.49 و %23.13 و%21.77 على التوالي في حين حصلت الأجوبة المتعلقة بالمشاركة السياسية و توجه الحزب و برنامجه على نسب ضعيفة تراوحت بين %8 و %12 الشيء الذي يفسر فشل الحزب في تأطير المواطنين، وعدم قيامه بحملات تحسيسية من أجل التعريف بأهمية المشاركة السياسية و تشجيع المواطنين عليها و خصوصا الشباب من جهة،و التعريف ببرنامجه و توجهه من جهة ثانية، في الوقت الذي يهتم فيه بالفترات الانتخابية عبر ترشيح أشخاص يتوفرون على أرصدة ماليـة و ثقافيـة
و اجتماعية تخول لهم الحصول على أصوات المواطنين رغم عدم انتمائهم الإيديولوجي للحزب، و هذا ما نلحظه جليا من خلال نتائج الحزب في الانتخابات التشريعية.و بالتالي فان سؤالا جوهريا يطرح نفسه، و هو كيف يحصل حزب يفتقد لشعبية جماهيرية في المجتمع المغربي على نتائج جد مهمة في الانتخابات تخول له المشاركة في الحكومة؟( حصول حزب التجمع الوطني للأحرار على المركز الثالث في انتخابات 1997 ب 46 مقعدا و الرابع في استحقاقات 2002 ب 41 مقعدا ).



خــاتمـــة :


إن دراسة ظاهرة الأحزاب السياسية بالمغرب،تعد مهمة صعبة نظرا لصعوبة تحديد هذا الجسم السياسي من كل الجوانب، نظرا لأن أغلب الأحزاب السياسية بالمغرب تتميز بالدينامية و الحركية مما يعطيها صفة الحربائية، فهي قد تغير من نهجها و إيديولوجيتها مع الاحتفاظ بمبادئها في أية لحظة و خصوصا مع اقتراب الاستحقاقات الوطنية الشيء الذي يجعلها تنحى عن وظائفها المحددة عند الفقهاء القانونيين أو تلك التي ينص عليها الدستور المغربي أو قانون الأحزاب المغربي أو حتى توجيهات ملك البلاد، ليبقى سعيها بارغماتيا بالدرجة الأولى، فالوصول إلى قبة البرلمان و الحصول على حقائب وزارية يعدان الهدف الرئيس لتلك الأحزاب في الوقت الذي تزداد فيه الهوة مع المواطن المغلوب على أمره مما يؤدي إلى نتائج تعاني منها البلاد كقلة المشاركة السياسية و السخط السياسي...

إن انتهاء الحقبة العصمانية بما عرفته من مميزات كإرساء قواعد الحزب، يعتبر بداية مرحلة جديدة، يمكن أن نسميها بالحقبة المنصورية، التي دشنت و لأول مرة في تاريخ الحزب بتولي رئيس جديد قيادة الحزب خلفا لأحمد عصمان عبر الاقتراع السري. و على اثر هذا التحول الذي عرفه الحزب، و في خضم الانتخابات التشريعية، يقع الحزب في امتحان عسير،اختبار للقيادة الجديدة من أجل تنظيم البيت التجمعي ، و اختبار ثاني تجاه الأحزاب السياسية الأخرى من أجل تثبيت المكانة التي يحتلها في الساحة السياسية و المحافظة عليها، و بالتالي قد تطرح عدة أسئلة:
- هل إستراتيجية الحزب ستتغير مع تغير الرئيس أم سيبقى نفس النهج المعتمد من قبل الرئاسة السابقة؟
- إذا كان الحزب على عهد القيادة القديمة يسير في اتجاه الحصول على أكبر عدد من المقاعد البرلمانية على حساب الاهتمام بالمواطنين، فهل ستغير الرئاسة الجديدة من هذا النهج؟
- إذا كان التجمع الوطني للأحرار يشكل نموذجا من الأحزاب السياسية المغربية، فإلى أي حد تستطيع الأحزاب جميعها القيام بأدوارها الحقيقية؟ و ما هي الشروط اللازم توفيرها من أجل الحصول على حزب سياسي نموذجي؟


نرجو أن نكون بمحاولتنا هذه قد جانبنا الاعتبارات الذاتية
و عانقنا الاعتبارات الموضوعية



#سليم_اللويزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم اللويزي - الظاهرة الحزبية بالمغرب:التجمع الوطني للأحرار نموذجا