أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة















المزيد.....

قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2674 - 2009 / 6 / 11 - 09:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الجزء الأول
خطب أوباما في يوم الخميس الماضي الرابع من حزيران 2009 في جامعة القاهرة مخاطبا العالم الإسلامي من منطقة الشرق الأوسط ، وقد كان موفقا باختياره القاهرة لأسباب عديدة منها أن مصر تعتبر من دول الاعتدال العربية من وجهة النظر الأمريكية ، وأنها قرب بؤرة الصراع الأكبر في الشرق الأوسط ، ألا وهي قضية فلسطين ، إضافة لما لمصر من ثقل تأريخي وأدبي ومعنوي في المنطقة .
حاول الرئيس أوباما أن يقسم خطابه على مواضيع رئيسية تسبقها مقدمة عامة ، فكان أن قسم خطابه لسبع مواضيع اعتبرها نقاط خلاف مع العالم الإسلامي ، وختم خطابه بخاتمة تصالحيه ضاربا على أوتار حساسة وحاجات عامة تحتاجها شعوب العالم قاطبة .
كما نعلم جميعا أن لأوباما ملكة خطابية عالية ، وأن له كاريزما قلما وجدت لدى رؤساء أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية عدا استثناءات من مثل كندي ، وكلنا يعلم أيضا خطب الرئيس الأمريكي تمثل نوع من جس للنبض لما قد يحدث بقادم الأيام ، وأن الشعب في أمريكا مغرم بخطابات رؤسائه ، وهذا ما حاول كثير من رؤساء العرب استعارته لإثارة الجماهير وحشدهم خلفهم بمشاريعهم ، فمنهم من نجح بدرجة أو أخرى ، ومنهم من أضحك شعبه على عدم تمكنه من النطق الفصيح دون تلحين وأخطاء لغوية لا تغتفر .
عموما ملكة أوباما الخطابية لا تعفيه عن تغاضيه من عدم التطرق لأمور كان المستمع المسلم عامة والعربي خاصة ينتظر أن يتحدث عنها الرئيس ، وسأحاول أن أعرج عليها في المقالة أو بنهايتها .
نأتي للخطاب الذي انتظرته الملايين ، بدأه بالسلام والشكر والثناء على القاهرة ومصر عامة ، انتقل بعده مباشرة للكلام على التوتر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي ، وأعاد هذا الخلاف إلى جذور تاريخية ، ساد وقت حسن التعايش ، ووقت للحروب ، وفيما يلي نص ما قله :
اننا نلتقي في وقت يشوبه التوتر بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي وهو توتر تمتد جذوره الى قوى تاريخية تتجاوز أي نقاش سياسي راهن وتشمل العلاقة ما بين الاسلام والغرب قرونا سادها حسن التعايش والتعاون كما تشمل هذه العلاقة صراعات وحروبا دينية وساهم الاستعمار خلال العصر الحديث في تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق والفرص كما ساهم في ذلك الحرب الباردة التي عوملت فيها كثير من البلدان ذات الاغلبية المسلمة بلا حق كأنها مجرد دول وكيلة لا يجب مراعاة تطلعاتها الخاصة وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذي رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين الى اعتبار الغرب معاديا لتقاليد الاسلام. انتهى النقل .
هنا أخطأ الرئيس بجعله الولايات المتحدة الوريث للغرب ومشاكله السابقة مع العالم الإسلامي ، وهو تحميل خاطئ للتأريخ ، كذا هو جناية على أمريكا بتحميلها ما لم تفعله فقط للدفاع عن الغرب المسيحي ، بل هي أمريكا لم تكن موجودة بالأساس ، فأيام الحروب الصليبية لم يكن هناك شيء اسمه الولايات المتحدة أو العالم الحر ، ومقدار خطأ الرئيس ومستشاريه أنهم وضعوا أنفسهم بمكان ودفاعا عن حالة لم يكونوا بها ، أو من صانعيها ، أو موجديها ، كذا أخطأ الرئيس بأن وضع نفسه هنا ضمن العالم المسيحي ضمنيا والذي يعود ليرفضه بجزء آخر من مقاله عند كلامه أن أمريكا بلد إسلامي ، وطبعا تضمين كهذا يخالف أهم مبادئ الليبرالية بعدم التقوقع والدفاع عن طائفة بعينها .
كذا أخطأ بإدخال أمريكا بموضوع الاستعمار الحديث ، حيث كلنا يعلم أن أمريكا لم تستعمر بلدا استعمارا مباشرا كما فعلت بريطانيا أو اسبانيا أو هولندا أو ايطاليا أو البرتغال ، عدا حالتها في فيتنام أو غواتيمالا أو غيرها ، وكلها حالات لم تحدث في العالم الإسلامي .
يعود الرئيس ليقول التالي :
لقد استغل المتطرفون الذين يمارسون العنف هذه التوترات في قطاع صغير من العالم الاسلامي بشكل فعال ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 واستمر هؤلاء المتطرفون في مساعيهم الرامية الى ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين الامر الذي حدا بالبعض في بلدي الى اعتبار الاسلام معاديا لا محالة ليس فقط لأمريكا وللبلدان الغربية وانما أيضا لحقوق الانسان ونتج عن ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة. هذا وما لم نتوقف عن تحديد مفهوم علاقاتنا المشتركة من خلال أوجه الاختلاف في ما بيننا، فإننا سنساهم في تمكين أولئك الذين يزرعون الكراهية ويرجحونها على السلام ويروجون للصراعات ويرجحونها على التعاون الذي من شأنه أن يساعد شعوبنا على تحقيق الازدهار هذه هي دائرة الارتياب والشقاق التي يجب علينا انهاؤها . انتهى النقل .
وهذا تبسيط رهيب للأسباب الداعية لأحداث 11 سبتمبر ، فلم يكن التطرف بهذه الدرجة في أربعينات وخمسينات القرن الماضي بالرغم من بدايات أزمة فلسطين ، ولكن ما عزز التطرف هو ترك الوهابية حاضنة الإرهاب ودولتها السعودية الشريك الأساسي والرئيسي لأمريكا أن تولد وتفرخ الخلايا الإرهابية ، وان ترسلها على شكل أحزاب إخوان مسلمين ، أو قاعدة ، أو منظمات جهادية أخرى .
كذا عدم ذكره لسبب رئيسي جدا هو استخدام الولايات المتحدة نفسها للمجاهدين في أفغانستان لإغراق الاتحاد السوفيتي في المستنقع الأفغاني ، ومن ثم تهورات صدام ومليارات الكويت والسعودية ، ومنابع النفط .
ثم ينتقل الرئيس ليبرر وجوده بالقاهرة لبحثه عن بداية جديدة بين أمريكا والعالم الإسلامي ، حيث يقول التالي :
لقد أتيت الى هنا للبحث عن بداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي استنادا الى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكا والاسلام لا تعارضان بعضها البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما بل ولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها ألا وهي مبادئ العدالة والتقدم والتسامح وكرامة كل انسان . انتهى النقل .
وهنا أخطأ الرئيس أيضا ، فالإسلام شيء ، والتطبيق شيء ، والدول الإسلامية أو العالم الإسلامي شيء ثالث ، فأن قصد الدين الإسلامي كنص ، فنعم الدين الإسلامي يركز على قيم عديدة من أهمها العدل والسلام والتسامح ، ولكن التطبيق مختلف باختلاف المفسر للنص الديني أو بما نسميه المذهب ، كذا نرى نفس الدول التي تتبع مذهب واحد بعينه هي غير متفقة فيما بينها ، بل هناك من التباين والاختلاف حتى لتظنها لا تنتمي لنفس الدين ، فأن يجمع الرئيس العالم الإسلامي كله تحت عباءة واحدة لهو نوع من التبسيط الشديد ، ثم من من المسلمين المتشددين سينظر إلى المصلحة المشتركة ، أو يظن الرئيس أن الذي يريد أن يفجر نفسه في موكب عزاء شيعي سيستمع لخطابه حول المصلحة المشتركة ، ثم أولم يسمع الرئيس بأن الكثيرين كفروه وطالبوا بحد الردة عليه لأنه اختار المسيحية دين والدته تاركا الإسلام دين والده !!
نعود لخطاب الرئيس أوباما حيث يقول التالي :
انني أقوم بذلك ادراكا مني بأن التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها ولا يمكن لخطاب واحد أن يلغي سنوات من عدم الثقة كما لا يمكنني أن أقدم الاجابة عن كل المسائل المعقدة التي أدت بنا الى هذه النقطة غير أنني على يقين من أنه يجب علينا من أجل المضي قدما أن نعبر بصراحة عما هو في قلوبنا وعما هو لا يقال الا وراء الابواب المغلقة كما يجب أن يتم بذل جهود مستديمة للاستماع الى بعضنا البعض وللتعلم من بعضنا البعض والاحترام المتبادل والبحث عن أرضية مشتركة وينص القرآن الكريم على ما يلي "اتقوا الله وقولوا قولا سديدا"، وهذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن أفعله وأن أقول الحقيقة بكل تواضع أمام المهمة التي نحن بصددها اعتقادا مني كل الاعتقاد أن المصالح المشتركة بيننا كبشر هي أقوى بكثير من القوى الفاصلة بيننا. انتهى النقل .
فهل يصدق الرئيس بقول ما يقال ويتفق عليه خلف الأبواب المغلقة ، طيب وما الداعي للأبواب المغلقة ، فلتكن كل الاجتماعات مفتوحة ومنقولة علنيا للعامة ، على الأقل ما يخص العالم الإسلامي ، فلنجرب فقط تجربة واحدة ولقاء واحد مع أي رئيس يختاره حتى ولو كان رئيس جزر القمر ، ولتكن كل الاجتماعات حتى الممازحات منقولة مباشرة ولنرى الصدق من الضحك على الذقون .
ثم يقول التالي :
يعود جزء من اعتقادي هذا الى تجربتي الشخصية انني مسيحي بينما كان والدي من أسرة كينية تشمل أجيالا من المسلمين، ولما كنت صبيا قضيت عدة سنوات في اندونيسيا واستمعت الى الاذان ساعات الفجر والمغرب ولما كنت شابا عملت في المجتمعات المحلية بمدينة شيكاغو، حيث وجد الكثير من المسلمين في عقيدتهم روح الكرامة والسلام. انتهى النقل .
وهنا كذلك استعارة فاشلة لموضوع الآذان ، فكأنه يظن أن المسلمين البسطاء عامة ، والمتطرفين خاصة ، سيفرحون بأنه يستمع للآذان بعد أن ترك دينه لدين آخر ، هذا الكلام يصلح لمخاطبة أطفال الروضة أو طالب ابتدائي ، وليس لمخاطبة مفكرين وطلاب جامعة وعالم إسلامي يزيد تعداده على المليار ، أخطأ مستشاريك يا أوباما .
ثم يقول :
انني أدرك بحكم دارستي للتاريخ أن الحضارة مدينة للاسلام الذي حمل معه في أماكن مثل جامعة الازهر نور العلم عبر قرون عدة الامر الذي مهد الطريق أمام النهضة الاوروبية وعصر التنوير ونجد روح الابتكار الذي ساد المجتمعات الاسلامية وراء تطوير علم الجبر وكذلك البوصلة المغناطسية وأدوات الملاحة وفن الاقلام والطباعة بالاضافة الى فهمنا لانتشار الامراض وتوفير العلاج المناسب لها حصلنا بفضل الثقافة الاسلامية على أروقة عظيمة وقمم مستدقة عالية الارتفاع وكذلك على أشعار وموسيقى خالدة الذكر وفن الخط الراقي وأماكن التأمل السلمي وأظهر الاسلام على مدى التاريخ قلبا وقالبا الفرص الكامنة في التسامح الديني والمساواة ما بين الاعراق . انتهى النقل .
وهنا كان قد أصاب كثيرا ، فهذا ما يريد سماعه كثير من المسلمين بفضلهم على العالم من علوم وتقدم نقل عنهم في وقت كانت تعيش فيه أوربا عصور الظلام ، وطبعا لم تولد لحد وقتها أمريكا .
انتهى الجزء الأول



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق
- الطقس الديني وسيلة لغسل الدماغ الجمعي ، الليبرالية - الجزء ا ...
- التترس والدماء الرخيصة
- أحمد السيد عبد السلام الشافعي ...والثور الأبيض
- عادل إمام و النصر
- الليبرالية - الجزء الثاني
- كتل كونكريتية وكتل سياسية
- اللّيبرالية - الجزء الأول
- الليبرالية – الجزء الرابع
- الليبرالية ...الجزء الثالث فصل الدين عن الدولة
- الشعب في غزة بين كماشتي مٌجرِمَي الحرب ... إسرائيل وحماس
- غزة ... الضفة ... وصراع السلطة
- الماسونية
- نموذج جديد من أجل بناء الدولة لمواطني العراق
- الإستبداد الشرقي الضعيف


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الحداد - قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة