أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العبيدي - التقويم الجمالي ...... فخار سامراء ...















المزيد.....

التقويم الجمالي ...... فخار سامراء ...


محمد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 01:46
المحور: الادب والفن
    



5000 سنة قبل الميلاد...

في علم الجمال تمثل البديهيات مرتكزات أساسية، كونه يعطي للتقويم الجمالي تمثيل للظواهر والأشياء من منظور المثل الأعلى للفنان. فهو، بهذا المعنى تقويم ذاتي غير التقويم الذاتي الذي لا ينشأ بمعزل عما هو موضوعي في تلك الظواهر، بل انه ينشأ من خلال العلاقة بها، وعبر طبيعة التأثير الذي تخلفه في الذات التي لا تقوم، ولا تتأثر هي الأخرى بمعزل عن مثلها الأعلى وذوقها الجمالي.
ولان المثل الأعلى والذوق والوعي والحاجة ومكانه الظواهر بالنسبة للإنسان، هي بيئته الطبيعية فهي على الدوام تتغير، وتتغير معها التقويمات الجمالية والتي تبدو أمراً محتوماً بالنسبة للتغير، ولأنها نتاج لجوانب مجتمعة فلابد ان نشهد اختلافات في التقويمات الجمالية وخصوصاً من بيئة إلى أخرى، بل حتى من فرد إلى آخر وهذا يخص التقويمات الجزئية هذا التمهيد للحديث عن التقويم الجمالي، في فخار سامراء فأن مواضيعه الشكلية وحتى المضافة منها قد تتمخض عنها تقويمات جمالية مختلفة، بشكل واضح عن تلك التي تمخض عنها الفخار في أدواره السابقة وحتى اللاحقة منها والذي كان فخار سامراء جزء منها. وهذا ما يكون بطبيعة التقويم. أم بتنوعه وتعدده، أم بعلاقاته بكل من الموضوع والذات.
وغالباً ما تكون ((طبيعة حسية، فيما يتعلق بالظواهر الطبيعية وقد يظهر ذلك في الصور الفنية.))( ). ويرى الكاتب أن فخار سامراء غالباًُ ما يطرح قيم جمالية متعددة وهذا يعدد المواضيع الفنية معه، وما موجودة على سطوح أو آنية إلا دليلاً على هذا، فكل غرض يختص بقيمة محددة، فالجمال في التشكيل، والدراما في الموضوع المرسوم لشخوص وحيوانات مثلت حتى بطولات منها، كلها تداخلت هذه بتعدد معانيها وأعطت موضوع واحد، غير أنها قد تتعدد في النص الواحد، بشكل تراكمي، مع توالي الأغراض التقنية من جهة ثالثة، فأن التقويم في فخار سامراء – يجمع صفات ذات طابع اجتماعي ممثل بالطقوس والشعائر، وهذا يدفعها إلى المحاكاة فنياً والإخلاص في إنتاج الوحدات الجمالية، وقد ظهر ذلك في كثرة الصفات المشتركة لفخار سامراء وتنوع نتاجاته، هذا التتابع للفخار يحيل على موقف جمالي يرى ضرورة أن يكون محاكاة للموضوع الواقعي، الذي مثل الفعاليات الطقوسية من منظور فكري وتقني وأدائي.
ولقد طرح فخار سامراء تصور جديد للتقويم الجمالي، فأصبح ذا طبيعة تحمل عناصر حسية، مما انعكس في الصورة الفنية، ذات العناصر الحسية والإيحاء المعنوي، وانعكس أيضاً في التعامل الرمزي مع الأشياء، فبدت ذات طبيعة حدثت طرحها الموضوعي، أو أعطت صفات قد تم النظر إليها من خلال الموضوع وأثره، ومما أدى إلى تحسيس بالأمر المرتبط بالبيئة أولا وأخيراً.
طرح فخار سامراء مواضيع عدة، ولان التجربة تتداخل فيها الموضوعات والانفعالات والمشاعر والرؤى، فقد ظهرت التقويمات الجمالية في النص متداخلة ومتعددة ومتصارعة، ولهذا قلما نلاحظ نصاً أو موضوعاً مرسوماً أو منحوتاً على سطح الفخار دون أن يطرح قيمة جمالية واحدة، بل أن التدخل والتعدد والتصارع في التقويم من صفات فخار الرافدين، ولا نبالغ في القول بأن الفخار إذا انطوى على صورة فنية واحدة قلت التقويمات، وإذا تعددت الصور كثرت التقويمات وتصارعت فيما بينها ولا بأس من الإشارة في هذا المجال إلى أن ذلك يتلاءم والوظيفة الجمالية – المعرفية المزدوجة للصورة الفنية، في فخار سامراء أصبحت الصورة انعكاساً للتجربة ولابد للعاكس من أن يمثل المعكوس، بدرجة ما من الدقة والموضوعية، ولأجل أن يتطابق هذا لابد من عرض مواضيع الرسم على فخار سامراء، والتي أعطت القسم منها معاناة فكرية- فلسفية أو الاثنين معاً، ونلاحظ أن الذات تعاني بحثاً مريراً عن الفكرة المنشودة، وخصوصاً في الأشياء الغامضة، ونشير إلى بعض المواضيع في النساء الراقصات، فنرى الفكرة في بداياتها عارية مبعثرة، ولكن تراها راغبة في التجسد (الوصل)، في الانتشار الجميل. لحركة انسيابية الشعر ولكن تذوب الأفكار لأنها أضيفت لها بعض المفردات من الأشكال الحيوانية، هذا جسد به الفنان عناصر حسية ودلالات هذه العناصر ذات طبيعة معنوية، فالتركيب هنا يشمل حركة دوران انسيابية أي أن العملية تنظم الأفكار ذات التحسس المعنوي، ومن ثم إعطاء الحسي منحى معنوي في الوقت نفسه، هذا ربما يعطي نوع من التلاعب بعناصر الموضوع، أو غموض ويصل لرؤيا مأساوية، هو ليس فقط للنساء الراقصات، ولكن هناك رموز ولغة عالية حتى في الأشكال الهندسية كلها أعطت الجوهر العميق للأفكار ((فليس التلاعب باللغة أو الصور هو السر الكامن وراء هذا الغموض، وإنما هي الرؤيا المأساوية القائمة في جوهرها العميق.))( ).
أما باقي مواضيع سامراء، فتبدو أكثر تعقيداً، وهذا التعقيد هو أكثر غنى في الأفكار ولكن على صعيد المنطق الحداثي، من دون أن نعطي حكماً فنياً على بقية المواضيع، لان الصور الفنية تتوالى بأشكال تعطيك صور متلاحقة ومتزاحمة ومتناقضة، كلها تتمحور جميعاً حول تعميق الإحساس بأن فخار سامراء هو مجموعة مواضيع تتزاحم وتتناقص، أنها الكل الجميل الذي يقوم على هذا التناقض.
ويرى الكاتب وحسب قراءتنا التي لن تخلو مما هو ذاتي وواعي، والنقل للفتاة الراقصة، أو المرأة المنسدل شعرها على أكتافها، وهي مواضيع لفخار سامراء ينبغي أن نذكر، أن هنا الأساطير والحكايات تقدم من خلال الفنان وفق أفكار جميلة، وربما يكون الجمال في الحركة وفي اللون ومن ثم أفكار حيوية وحرية في الأداء.
النساء الراقصات=الحيوية=العفوية=الحرية.

هذه المفاهيم كونت جمال متخيل، وهي الألفة المصحوبة ورسوخ مستعد في الحيوية والحرية ولهذا كانت قريبة من الفن السومري دون أن تذهب في ضياع أو توهان. هذه المفردات هي تقويم جمالي، أخذت فرحتين تقويميين معاً، وهو تعدد الصور الجزئية وهذه الصور لا تحاكي سامراء كمدينة بل رصدت التحريض الجمالي من خلال مفرداتها المرسومة أو أشكالها المنحوتة المضافة.
ومن اللافت للنظر أعمال فخار سامراء والتي وجدت في المعابد والتي أعيد توصيفها، في بعض تشكيلاتها لا وجود لأي عنصر معنوي، كون هذا العنصر تحدد في الإطار الشكلي ولم يدخل في تركيب الصورة الفنية، وهذا التركيب الشكلي كل عناصره مثلت الدافع النفسي والأدائي والتكويني، كوجود أشكال السمكة، والقنفذ إلى غيرها من الأشكال، هي معنوية من أساسياتها، ويتم النظر إليها حسياً (لأنها مثلت شكل الروح) وجودها في المعبد هي محاول لتحسسها ضمن عناصر وجودها، غير أن دلالات الصور هي معنوية، ولا يوجد للحسية إلا كإشارات، وأن تكمن هنا مفارقة فنية ولكن استطعنا أن نحصل على المعنوي مما هو حسي، ومن البديهي أن هذا لم يكن له أن يحدث لوجدت تلك النتاجات خارج المعبد. لأن وجودها أضاف لها التحريض الجمالي، الذي هو الأساس في التعبير.. فأثر الإحساس ليس بالضرورة حسياً فقط بل أن فيه بعد معنوي، وقد يكون الأثر المعنوي أوضح وأعمق من الأثر الحسي. ((ولهذا فأن الفن كأحد السجلات التعبيرية الإنسانية إنما يعاني من الخضوع للجدلية المتبادلة فيما بين كينونة ما يتحقق وكينونة الذات.))( ).
وفي فخار سامراء يشار أحياناً إلى ضرورة فهم الافتراضات، التي توصل إلى التقويم الجمالي وقيمه ومبادئه وذلك للوصول إلى الحالتين المتخالفتين، أما الوصول إلى تضاد جمالي، أو منسق جمالي وفي كلتا الحالتين فأن الوصف يكفي لبناء لغة متكاملة ضمن فنون بلاد الرافدين وهو اللغة التأطيرية لفهم التحول في كل ما يدور في ادوار الفخار الرافدينية، وعامل الزمن يعطي فرصة للتحقق يهدف من خلالها للوصول إلى معرفة حقيقية لكل الافتراضات، وحتى التي لا تنم عن المفاهيم والنظريات. وعندما نعمل ضمن البناء الجمالي الداخلي، وفق ارتباطات النسق، فنجد فخار سامراء هو ليس مجرد أشكال فخار متجاوزة أو متراكبة، حتى الموجود منها في المعابد، ونما هناك بناء عميق ومعقد من حيث موضوعات جمالية، بل الكثير منها يصل إلى مستوى التفكير، ينطلق من لغة التشكيل الإرشادي ليصل أحياناً إلى دلالات الصمت. وهذا يتعلق بالجانب الروحي والطقوسي في أكثر الأحيان ويمكن هنا أيضاً ضمن الديالتيك الجمالي مراوغات الشكل، وخصوصاً عندما يتسيد اللون سطح النتاج الفخاري فيعطي قيمة أكثر في منظمات علاقات العمل، ومحيطه الخارجي، وبالنظر إلى قدرته وطاقته على استيعاب وظائفية النتاج سواء في المعبد أو حتى ألاستعمالي منه، فهو مصدر غني فكري وأدائي، ومحطة برهنة للتحرر من التقليدية التي يمتاز بها الفخار في بداياته ليعطي فرصة كبيرة، لفخار سامراء بأن يوحي من الوجهة التعبيرية والأدائية وحتى وان كانت هناك خدع بصرية في الرسم، ولكنها لها قيمة مادية وشكلية، كون الفنان استخدم كافة الأبعاد والوحدات التشكيلية كأدوات التشكيل الفخار. وهذا الاختلاف في التعامل، لا يختلف في طبيعة التحريضات الجمالية له، ولكن حرص على انتقاء النمطية الواحدة أو الموحدة في الطرح الفني، فعلى الرغم من أن فخار سامراء ونتاجاته أعطى وعياً جمالياً موحداً، إلا انه الوحيد الذي تعددت فيه عدة أنماط بسبب وجود نواظم مشتركة ما بينه وما بين الأدوار السابقة، على الرغم من ان هناك فوارق ملحوظة، لاشك ان كل ذلك ينسجم ومفهوم الجمال الذي يشترط فيه التميز والحدية والحيوية بسبب الوعي الجمالي.



محمد العبيدي




#محمد_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموضوع الفني ..... فخار سامراء .
- شرحبيل ، رائد ، يا سين .... نوافذ للنزهة
- زمري لم ..... ومدينة ماري.
- عبد الرحمن سليمان...وظائف الخطاب في اللوحة...
- احمد البار ..... حدود الرسم .
- ليلى جوهر ..... لوحات مرسومة ... واختزالات مرئية.
- أكرم شكري ...... طريقة التنقيطيين الجدد، في الرسم.
- عاصم عبد الأمير...لوحات تشكيلية والنسق الدلالي الشامل
- وليد شيت..... استعارات الجذور في اللوحة التشكيلية.
- الترباس .... وبيت الترباس.. ومحمود أبو العباس..
- نجوى عبد الله ياسين.. الشعر والمضمون الجمالي
- الأزياء السومرية ...... خلود الأثر الفني.
- إخلاص الطيار ..... والعشاء الأخير
- الإناء النذري (( الوركاء))
- الثور المجنح .... وخصوصية النحت المجسم
- دلالة التكوين الفني في العربة الآشورية..
- قاسم حمزة : فن الخزف والخطاب البصري
- الالهه عشتار....تبارك التنصيب الملكي.
- أهوار العراق.....والهجرة إلى الشمال.
- زينب حفني ... افروديته....


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العبيدي - التقويم الجمالي ...... فخار سامراء ...