أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي المصري - أوباما والأقباط بين حق السيادة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان















المزيد.....

أوباما والأقباط بين حق السيادة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان


سامي المصري

الحوار المتمدن-العدد: 2672 - 2009 / 6 / 9 - 08:12
المحور: حقوق الانسان
    


هناك فارق ضخم بين حق السيادة وبين المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فهناك معايير دولية خاصة بكل لا يمكن الخلط بينهما. لكن الخارجية المصرية التي تظن أنها بفهلوة خلط الأوراق تتخلص من المأزق السياسي الذي وقعت فيه الحكومة المصرية. وبذلك تتصور أنها نجحت في التغطية عن سياسة داخلية بوليسية خرقاء، وسياسة قائمة على التعصب الديني والتطرف تجاه الأقليات. إن غيبة القانون مع فساد أجهزة الأمن والقضاء المصري، شجع على ارتكاب جرائم ضد الشعب تعرضه للظلم وللقهر وافتقاد أمن الشارع المصري. وتتعرض الأقليات بشكل خاص لمظالم واستبداد أكثر من الجميع، خاصة الأقباط، بسبب تغييب القانون تحت ستار الشريعة الإسلامية التي لا تطبق أحكامها إلا على المسيحيين لتدمير أسرهم.

خطاب أوباما الجامع والذي ناقش فيه كل مشاكل المنطقة بكل شفافية قدم فيه اقتراحات وحلول في غابة من الاتزان والواقعية ترضي جميع الأطراف، ولكل مشاكل المنطقة. وبصفته رجل قانون على أعلى مستوى عالمي، أشار في خطابه للقانون الدولي الخاص بحق السيادة والذي لا يختلف عليه أحد. في نفس الوقت تعرض بشكل سريع لحقوق الأقباط، وبذلك فصل تماما بين خلط الحكومة المصرية المتعمد، بين حق سيادة الدولة على أراضيها، وحق الأقباط في الحياة الكريمة في بلادهم دون أن يتعرضوا لكل هذا القهر والظلم والتعصب تحت إشراف أجهزة الدولة بكل فروعها. وأن كانت إشارة أوباما خاطفة إلا أنها كانت قوية وحاسمة.

ومن العجيب أن رد الحكومة المصرية جاء سريعا جدا على هذه النقطة بالتحديد بشكل ملفت للنظر. ففي اليوم التالي للخطاب، أصدر المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير حسام زكي ردا قال فيه، إن مصر تختلف مع ما ذكره الرئيس الأمريكي في خطابه أمس وأكد أن الأقباط ليسوا أقلية ويمثلوا نسيجا مشتركا للشعب المصري. الرد المراوغ لم يشير هذه المرة لحق السيادة الذي كشف أوباما زيفه في خطابه الواضح، لكن السفير لجأ إلى التعتيم بدعوى النسيج الواحد!! فأول رد فعل رسمي من جانب مصر على مبادرة الرئيس الأمريكي جاء مخيبا للآمال بإصرار الحكومة المصرية على استمرار سياستها التعسفية ضد الأقباط. لقد أكد الرئيس الأمريكي في خطابه على ضرورة تعاون جميع الأطراف للوصول للأهداف المطروحة، فهو لا يمكنه تصحيح كل أوضاع المنطقة وحده دون تعاون المسئولين. ويعتبر رد الحكومة المصرية الأول هو رفض للتعاون من خلال التعتيم على قضية الأقباط.

موضوع حق السيادة الذي تتشدق به الخارجية المصرية في الآونة الأخيرة له تاريخ مع عبد الناصر، فعند تأميم قناة السويس اعتمد عبد الناصر على قانون حق السيادة الدولي بفاعلية وحنكة، أثمرت بنتائج دولية باهرة، واستثمر ذلك في معركة 1956. ترتب على كل ذلك أن أخذت مصر موقعا رياديا على مستوى دولي فصارت على قمة دول عدم الانحياز ودول الوحدة الأفريقية. عبد النصر كان يقارع القوة العالمية العظمى بكل ثقة وقوة، معتمدا على شعبية طاغية استطاع بها أن يقف أمام العالم، وعلى القوانين الدولية التي كان يعرف كيف يستخدمها هو ووزراء خارجيته الأساتذة بكل حنكة.

اليوم الموقف مختلف، فتوظيف القانون الدولي الخاص بحق السيادة في غير موقعه هو عملية ترقيع سياسي في الثوب المتهرئ للحكم في مصر، والنبيجة هو افتضاح قبح الثوب المُرقَّع. في حديث لمبارك عن التدخل الأمريكي في سياسة مصر الداخلية المطالب بالديمقراطية في زمن بوش، قال ما معناه أن حكومة مصر منذ عام 1956 تعرف حقها في السيادة على أراضيها ولا تسمح بالتدخل في سياستها الداخلية. وبذلك حاول مبارك أن يستأسد على حس عبد الناصر ومواقفه القومية. الفرق بين مبارك وعبد الناصر ضخم جدا فعبد الناصر كان يستخدم حق مصر في الدفاع والمطالبة بحقوق الشعب القومية، معتمدا على شعبية طاغية استطاع بها أن يقف أمام العالم خصوصا أمريكا. وقوف عبد الناصر أمام العالم استند بقوة على جبهة داخلية غاية في الصلابة تؤازره. أما مبارك وحكومته الذي يقف ضد حقوق الشعب وحقوق الإنسان لا يستطيع أن يستخدم قانون حق السيادة الذي هو أول من يخالفه، وهو لا يستند على أي شعبية مما يجعل موقفه المتهرئ أمام القوى العالمية غاية في الضعف. فحديثه المخادع لا يبلغ إلا لداخل مصر ليخدع شعب لا يعرف حقوقه، وتردد ذلك الخداع بغباء أجهزة الإعلام العميلة لتداري على الفشل الحكومي.

الحكومة المصرية تتستر خلف قانون حق السيادة عندما تواجه بالجرائم التي ترتكبها في حق شعبها من قوى خارجية. وإذا الشعب تشكى تتهمه مع أبواق إعلامها بالاستقواء بالخارج، أظن أن هذه اللعبة العبثية لن تستمر طويلا. فصدام حسين كان يضرب شعبه بالأسلحة الكيماوية الممنوعة دوليا، ومولوسوفتش ارتكب جرائم عديدة ضد شعبة، وعمر البشيرارتكب العديد من الجرائم القومية البشعة في دارفور وجنوب السودان. فهل القانون الدولي، وقانون حق السيادة، يحمي كل هؤلاء الطغاة ليعطيهم حق ارتكاب الجرائم ضد شعوبهم؟!!! وبالتالي فإن القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان لا يمكن أن تحمي الحكومة المصرية فيما ترتكبه من جرائم ضد الشعب المصري عموما، والأقباط خصوصا. السيد وزير الخارجية المعجب بنفسه جدا في تباهي وخيلاء، يتصور أنه عندما يردد عبارة حق السيادة، يحسب ذلك ذكاءً، يخول للحكومة المصرية ارتكاب كل المعاصي في حق الشعب دون حسيب.

قرار البرلمان الأوروبي حول حقوق الإنسان، وموقف وزير الخارجية المخادع، ثم قرارا مجلسا الشعب والشوري كل ذلك كان مخالفا للقوانين الدولية. وهذا الخداع ليس في صالح مصر بأي حال، فكل ذلك يسيء جدا لسمعة الحكومة المصرية على المستوى الدولي، كما لا يستطيع أن يُجمِّل صورتها أمام شعب بلغت معاناته الذرى. المشكلة أن الشعب الذي لا يدرك حقوقه لم يقف وقفة قوية أمام الحكومة التي تكسر القوانين والمواثيق الدولية لتدافع عن الفساد المستشري الذي يذبح الشعب. فكان على كل قوى الشعب والصحافة وأجهزة الإعلام أن تقف في وجه الطغيان الحكومي من أجل حقوق الإنسان في مصر!!!

القانون الدولي يعطي لحكومات الدول حق السيادة على أرضها ويمنع تدخل أي دولة في الشئون الداخلية لدولة أخرى. فكل حكومة لها الحق في أن تختار شكل الحكم وسن القوانين وصك النقود وعمل التنظيمات لقيام حكم متوازن فوق أرض الوطن بالتوافق مع شعبها دون أن يفرض عليها أي نظام للحكم من أي دولة أجنبية. ليس معنى هذا أن الشعب صار ملكا للحكومة تفترسه كما شاءت وكلما شاءت دون حسيب. لذلك صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 ليحمي الشعوب من طغيان الحكام. وهذه المواثيق لا تتعارض بأي حال مع القوانين الدولية الخاصة بحق السيادة. ووقَّعت مصر على هذه المواثيق وكان عليها أن تحترم توقيعها. ولذلك فمن حق دول العالم أن تحاسب مصر على عدم التزامها بالمواثيق الدولية دون أن يتعارض ذلك مع حق السيادة كما تدعي الخارجية المصرية افتئاتا على الحق. إذا كانت الحكومة المصرية اعتادت على مثل هذه المغالطات مع شعبها الذي يجهل القانون، فهل تتوقع من دول العالم الحر أن تتقبل مثل هذه البلطجة السياسية؟!!

والعجيب انه عندما يواجه المستبد باستبداده فبدلا من أن يخفض رأسه خجلا يزداد في المكابرة. فالتصريحات التاريخية لوزير الخارجية المفوه ردا على قرار البرلمان الأوروبي حول حقوق الإنسان قال، "أن مصر لا تحتاج إلي تلقي دروس من أي طرف‏,‏ وبالذات إذا اتصف هذا الطرف بقدر عال من العنجهية المشوبة بالجهل‏." أي عنجهية وأي جهل تتكلم عنهما يا سيادة الوزير؟!!! هل انعدمت القدرة على الخجل إلى هذه الدرجة؟!!!

إن خطاب أوباما المتكامل الذي وضع فيه النقاط فوق الحروف يعطي الفرصة لبدء جديد لشعب مصر المطحون والشعب القبطي الذي بلغت آلامه الذرى. ليقف بقوة في وجه الطغيان الحكومي المدعم بالفساد. إن أوباما لا يستطيع أن يقدم شيء نافعا ما لم يعمل الشعب من أجل حقوقه. إن قيام الشعب بالمطالبة بحقوقه المشروعة ليس استقواء بالخارج كما يحلو لخونة الشعب أن يسموه، ليتستروا على الجرائم القومية، ويحبطوا العمل الوطني ضد الطغيان الحكومي.







#سامي_المصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتوراه الخامسة في النفاق... وبطريرك
- حرب إبادة الخنازير جريمة قومية
- غيبة العقل القبطي وعودة الأقباط إلى الساحة
- الأنبا شنودة وحافة الكارثة
- أربعون عاما على استشهاد البطل عبد المنعم رياض
- «أقباط المهجر»... 2- والوطنية المصرية
- «أقباط المهجر» 1- ووائل الأبراشي!!!
- خسرت إسرائيل هذه المعركة
- حسنين هيكل يؤيد حماس في قناة الجزيرة
- معبر رفح ومخلب القط
- قطنة بزيت
- الاستعمار - وأخلاق العبيد - والنقاء الوطني -1
- صراع على الساحة القبطية بين الحق والباطل - 2
- صراع على الساحة القبطية بين الحق والباطل
- الفوضى الخلاقة هل تجتاح مصر اليوم للخراب كما اجتاحت العراق؟
- النكسة 1- بكاء على النكسة بعد 41 عاما
- العلاوة الجديدة مخدر لمريض بالسرطان
- صرخة من أجل مصر
- جيل أكتوبر لم يعرف التفاح والياميش
- الحوار المتمدن اسم على مسمى


المزيد.....




- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...
- الفيتو الأمريكي.. ورقة إسرائيل ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحد ...
- -فيتو-أمريكي ضد الطلب الفلسطيني للحصول على عضوية كاملة بالأم ...
- فيتو أمريكي يفشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة بالأ ...
- فشل مشروع قرار لمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة ...
- فيتو أمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- الرئاسة الفلسطينية تدين استخدام واشنطن -الفيتو- لمنع حصول فل ...
- فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سامي المصري - أوباما والأقباط بين حق السيادة والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان