أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين الحاج صالح - العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة














المزيد.....

العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 09:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"معاداة الإكليروس ليست بضاعة للتصدير الخارجي". هذه عبارة مشهورة لغامبيتا، السياسي الفرنسي من ثمانينات القرن التاسع عشر، أيام عز الاندفاع الامبريالي الفرنسي. بالعكس، في الخارج، أظهرت فرنسا أكثر من غيرها من القوى الاستعمارية الغربية وجها كاثوليكيا، يفيض خيرية وغيرية وغرورا. هذا بينما كانت أكثر من غيرها من القوى الغربية معاداة للإكليروس داخل فرنسا. وهي المعاداة التي بلغة ذروتها في إصدار قانون العلمانية عام 1905، القانون الذي ينسب إلى جهود السياسي الفرنسي جول فيري المعروف بالمناسبة بحماسته لاستعمار كل من مدغشقر وتونس وفيتنام، ف،"للأعراق العليا حق على الأعراق السفلى"، مثل السود في أفريقيا الاستوائية، التي "لم يكتب إعلان حقوق الإنسان لأجلها". بالمقابل أظهرت بريطانيا التي تبز فرنسا في السباق الاستعماري وجها براغماتيا في الخارج ووجها أقل تشددا ضد الدين في الداخل البريطاني.
هل يسوغ ذلك الاعتقاد بأن ثمة ترابطا جوهريا بين العلمانية والامبريالية على نحو ما يبدو أن المرحوم عبد الوهاب المسيري كان يؤكد عبر مفهومه لـ"العلمانية الشاملة"؟ ولعلنا لا نبعد عن مقاصد المسيري إن قلنا إنه يريد بالعلمانية الشاملة العلمانية التي تجمع بين النضالية والشمول، فتصبو أن تكون دينا ودولة. وإن كان ثمة بلد في العالم عرفها فهو فرنسا، ثم اقتبستها منها في منطقتنا تركيا الكمالية.
لا داعي للإجابة على السؤال، نطرحه مادة للتفكير فحسب. ونلاحظ في هذا السياق أن في أصل الامبريالية والعلمانية معا المبدأ القومي الذي أخذ في فرنسا شكلا ثوريا ورساليا وتوسعيا، بينما اقترنت القومية في انكلترا، وقد كانت توسعية واستعمارية أيضا، بدرجة أعلى من الاستمرارية التاريخية والبراغماتية والليبرالية.
لكن فيما وراء اختلاف شكلي الاستعمار والنظام السياسي الثقافي في البلدين، ثمة بلا شك تحول حاسم نحو علمنة السياسية والدولة والثقافة والقانون، اختلفت بينهما أشكاله وصيغه ونبراته فحسب. وهو ما ينطبق على بلدان أوربا الغربية الأخرى أيضا. لقد تحولت السيادة نحو الدولة القومية ونزعت من الدين. ويقتصر اختلاف البلدان الأوربية على موقع الدين الفاقد للسيادة: هل هو مفصول عن السياسة أيضا، و"مرمي" في "المجتمع المدني" ليقوم بأمر نفسه على نحو ما هو الحال في فرنسا، أم أنه يتدخل في السياسة ولكن تحت مظلة السيادة العلمانية على نحو ما هو الحال في الدول الأوربية الأخرى جميعا. في الحالين الفصل بين الدين والسيادة راسخ.
لكن أيا يكن شكل العلاقة بين الدولة والدين في الغرب، فإن القوى الاستعمارية جميعا شاركت غامبيتا والاستعمار الفرنسي مبدأ عدم تصدير معاداة الإكليروس. هذا إن لم نقل أنها كانت تصدر إلى الخارج بضاعة كانت ترفض عرضها في الداخل. بريطانيا هي الاستثناء في هذا الشأن الذي أظهرت فرنسا وإيطاليا بخاصة حماسة رسولية متميزة فيه.
في المنظار التاريخي العام إذن قد يمكن القول إن أوربا الغربية أضحت علمانية وقت صارت سلطتها عالمية، أي أن هناك ضربا من الاستمرارية بين تاريخها قبل القومي وقبل العلماني من جهة وتاريخها الاستعماري من جهة ثانية؛ بين ماضيها وخارجها. هل الاستمرارية هذه شرط للعلمنة في الداخل؟ هل إقصاء الماضي إلى الخارج شرط لتوحيد الداخل والحاضر في العلمانية؟ هذا أيضا سؤال للتفكير، وإن كان يتعين التشكك دوما في أية علاقات حتمية وأحادية الاتجاه بين الأمرين.
ترى إلى أي حد تسوغ لنا الاستمرارية المشار إليها صوغ مبدأ عام يقضي بأن المراكز الحضارية الدينامية تقصي إشكال تطورها الفائتة أو المتجاوزة إلى خارجها، ما يوفر لها شبابا متجددا وداخلا فسيحا متسعا؟ إن الدينامية هي في آن طاقة فتح وتوسع واختراق وتجاوز و"تدمير خلاق" (جوزف شومبيتر) و"رفع" و"نسخ" و"تركيب" (بالمعنى الهيغلي للكلمات الثلاثة الأخيرة)، وصيغة توازن (متحرك وقلق) يقوم عليه استقرار المجتمعات المعنية ورفاهها وتقدمها. وهي سمة جوهرية للرأسمالية حيث يلتقي التوسع على حساب الطبيعة مع إرادة السيطرة على مجتمعات وثقافات غريبة. فإذا صح أن الغرب الفاوستي الحيوي النشط يسلخ أشكال تطوره السياسية والفكرية الماضية نحو خارجه على نحو ما تسلخ الحية جلدها كي تثابر على نموها "وتقدمها"، جاز لنا أن نتساءل عن موقع كل الماضي والخارج في تكوين الغرب والثقافة الغربية: هل يفر الغرب من ماضيه بسعيه للسيطرة على العالم، أم هو بالأحرى يسعى إلى لقائه؟ وهل تكون علوم "إنسانية" غربية كثيرة، الإثنولوجيا والدين المقارن، فضلا عن "الاستشراق"، وفنون وآداب وبنية للشخصية..، ممكنة لولا "الامبراطورية" إذن؟ نتساءل ولا نجيب. نعرف إجابة إدوارد سعيد.
لكن إذا كان تصدير الماضي إلى الخارج أحد شروط التقدم الغربي أو تعريفا لتاريخيته، ماذا يكون تأثير استقبال ماضي الآخرين على بلدان (كانت) تشغل الوقع الأضعف في العلاقة الاستعمارية؟ هل تعيش حاضرا مستمرا هو مقلوب التاريخ التقدمي للبلدان الأقوى؟ هذه تتعرى من الدين ونسفر إلى العالم والمستقبل، وتلك تسير القهقرى نحو الماضي والدين؟ وبقدر ما إن الاستعمار حالة انكشاف تام وتدهور غير معدل للسيطرة على المصير، هل يكون التدثر بالدين حصيلة له، وجهدا لاستعادة السيطرة على المصير؟ أعني محاولة للإمساك بالنفس والسيطرة على شروط الحياة المنفلتة من الأيدي والعقول؟ جهدا للتغلب على الاغتراب في تاريخ نجدنا منه منفيين؟ ألا يقوض ذلك إن صح فرص العلمنة؟ أو ألا تحتاج العلمنة في مثل هذه الشروط إلى معجزة؟ نتساءل أيضا ولا نضمر إجابة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظريتان في الطائفية.. بلا نظر
- الكتابة العمومية كسياسة كتابة
- نظرية الحتمية الثقافية في الثقافة السورية مقالة ضد العناد
- الفكرة القومية العربية (والإسلامية) كإيديولوجيتي حرب أهلية
- مسار حرج لتطور الوضع الكردي السوري
- في ذهنية المنفعة ونقد الثقافة
- العلم والفتوى و..الفوضى
- كيف نتقدم؟ أبالثقافة أولا؟
- مفهوم سيادة الدولة كأساس لحرية الاعتقاد الديني
- عولمة التقدم وانبعاث التخلف
- في عالم -الخطيئة الأصلية-
- أي رصيد للقوة بحوزة حركات المعارضة -العلمانية- العربية؟
- من يصغر مصر الكبيرة؟
- الصعود الإسلامي وأزمة التقدم العربي
- في السياسة والثقافة وأزمة العام الوطني
- انفصال الإخوان المسلمين السوريين عن جبهة الخلاص.. ماذا بعد؟
- في نقد الأصولية
- ليس الدولة أن تفهم غير لغة القوة
- بصدد التبعات الاجتماعية والسياسية المحتملة لتحرير الاقتصاد ف ...
- الثقافة العربية وغياب الموضوع


المزيد.....




- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسين الحاج صالح - العلمانية والقومية والامبريالية.. أسئلة مفتوحة