أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين الفهمين الماركسي والليبرالي














المزيد.....

المجتمع المدني بين الفهمين الماركسي والليبرالي


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 02:30
المحور: المجتمع المدني
    


يمكن القول إن المجتمع المدني مرّ بأربع مراحل:

الأولى، بدأت من القرن الثامن عشر والتاسع عشر: أي مرحلة التأسيس والانطلاق.

الثانية، ويمكن وصفها بمرحلة الذبول، وشملت نهايات القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حتى الثلث الأخير منه، مع مرحلة وسيطة ما بين الحربين العالميتين.

الثالثة، وتشمل مرحلة أواسط القرن العشرين وبخاصة بعد تطويرات وإضاءات المفكر الإيطالي انطونيو غرامشي: وتمثل هذه الفترة مرحلة الانتعاش والعودة الجديدة، خصوصاً باتساع وتعمق المفهوم، والدور الذي لعبته الأمم المتحدة على صعيد تشجيع مؤسسات المجتمع المدني منذ تأسيسها عام 1945 في مؤتمر سان فرانسيسكو.

الرابعة، هي المرحلة التي بدأت قبيل نهاية الحرب الباردة وخصوصاً في فترة الوفاق الدولي في أواخر السبعينات وبداية الثمانينات، والتي توّجت في أواسط الثمانينات وما بعدها وبخاصة في التسعينات، وذلك بعد انتهاء نظام القطبية الثنائية وتحوّل الصراع الإيديولوجي العالمي من شكل إلى شكل آخر، مع بروز قوة دولية مؤثرة ومهيمنة على العلاقات الدولية، ومؤشر صعود فكرة المجتمع المدني هو تمرد نقابة تضامن البولونية وبعض الأنشطة والتحركات ضد وحدانية الحزب والدولة البيروقراطية الاشتراكية.

في سياق الحرب الباردة والاستقطاب الثنائي العالمي وسباق التسلح، غالت الدول بأهمية الأمن القومي، وازدادت سلطاتها واتّسع مجالها على حساب المجتمع المدني، سواء في الشرق أو في الغرب، إضافة إلى البلدان النامية أو ما يطلق عليها “العالم الثالث”. وقد برز خطاب المجتمع المدني في مطلع الثمانينات وبخاصة في دول أمريكا اللاتينية وفي أوروبا الشرقية فيما بعد، حيث شهدت بعض المؤسسات نمواً كبيراً.

لعل مفهوم المجتمع المدني يستمد أصوله من فلسفتين مختلفتين هما: الليبرالية والماركسية، لكن هناك مشتركات للمنظورين، فكلاهما يعتقد بوجود تمايز بين الدولة والمجتمع، فالليبرالية تعتقد أنه ينبغي على الدولة أن تبقى حيادية، إزاء الجماعات الاجتماعية المختلفة، وهي تتجاوب مع الإرادة العامة من خلال الانتخابات، وبالتالي فهي حَكَمٌ يفصل بين المصالح المتضاربة والمتنافسة للجماعات المختلفة.

مثل هذا المفهوم لقي رفضاً في البلدان النامية، ومنها عالمنا العربي، وبخاصة خلال “مرحلة التحرر الوطني” في الستينات، تأثراً بالنموذج الاشتراكي “الماركسي”، لكنه عاد كخيار للتحول من مجتمع تقليدي استبدادي “اشتراكي” شمولي، إلى مجتمع يتجه نحو الديمقراطية والتعددية في إطار اقتصاد السوق، خصوصاً في البلدان التي حاولت تقليد النموذج “الأصل” بنماذج “فرعية” ترافقت فيها القسوة والتسلط مع التخلّف.

إن الاقتراب أو الابتعاد من الحرية، هو الذي يعطي صفة الحركية أو الركود للمجتمع، فحيث تتمتع المجتمعات بالحرية، نجد منظمات مدنية طوعية حرة، نقابية أو حزبية ضاغطة. والعكس صحيح فالابتعاد عن الحرية يجعل المجتمعات المدنية سكونية أو راكدة.

وتعتبر الحرية من القيم الأساسية بالنسبة للمجتمع المدني مثلما هي استقلاليته عن السلطات، والأكثر من ذلك، فهي ضمانة لفاعليته، وتبقى العلاقة جدلية بين المجتمع المدني والحكومة، فكلّما كان المجتمع المدني قوياً ومؤثراً ازدادت إمكانيته للاحتجاج والاقتراح والدعوة إلى الإصلاح والتغيير. والمسألة طردية أي أن استجابة الحكومة ستكون أكبر والعكس صحيح. وحسب روسو، فالحرية هي تأمين الإمكانية لكل إنسان في أن يحصل على سعادته بطريقته الخاصة، وبحماية من الإرادة العامة وقوانينها.

لا بد من الإشارة هنا إلى أن فكرة المجتمع المدني ولدت ومشكلتها معها، خصوصاً علاقته بالسياسة، ولعل أهمية ذلك تكمن في أن حل التناقضات بين الجماعات يأتي من خلال الضغط السلمي، التراكمي، التدرّجي، وليس بالسعي للاستحواذ على السلطة وقهر الآخر، مثلما هي وظيفة كل حزب سياسي يسعى للوصول إلى السلطة باستخدام وسائل شتى.

إن شرعية وجود المجتمع المدني مهمة من حيث وظيفتها الاعتراضية السلمية، ذلك أن توسّع فكرة المجتمع المدني، فتح باباً لدخول شركاء جدد في الحياة العامة لا يشكّلون خطراً على الأنظمة القائمة، لكنهم يرصدون ويراقبون ويحتجون ويعترضون ويقترحون بدائل عما هو قائم، لدرجة أن بعض أطراف الحكومات أو أقطابها أحياناً تراه يصفق لهم بحرارة في فنادق الدرجة الأولى، لأن الأمر بتراكمه أنشأ فهماً مشتركاً وإن لم يتبلور بعد، من أن المجتمع المدني هو موّجه في إطار ما هو قائم، ولا يريد التدخل في السياسة أو إحداث تغييرات بالقوة، لكنه لا يلين بالدعوة إلى الإصلاح والتغيير، ويعتقد البعض أن دوره أقرب إلى دور الهيئات الأهلية في المجالات التطوعية، من أعمال خيرية وتربوية ومهنية ونقابية وغير ذلك.

أما بخصوص فكرة وجود مجتمع مدني عربي، فهناك من يشكّك في وجوده، وإن وجِدَ فهو غير قادر على فرض إرادته أو رغباته أو تأثيراته على قرارات الدولة، كما هي حالة أوروبا الغربية والشرقية، أو حالة بعض أقطار شرق آسيا أو أمريكا اللاتينية. بمعنى آخر حسب قول الدكتور باقر النجار “من الصعب أن تجد مجتمعاً مدنياً في المنطقة العربية مستقلاً عن الدولة وقادراً على التأثير فيها”، ولكنه يقبل بفكرة وجود منظمات غير حكومية أهلية مستقلة عن الدولة في بعض البلدان العربية مثل: مصر، المغرب، لبنان، الكويت والبحرين، في حين أن الأقطار الأخرى لا تبدو فيها هذه المنظمات موجودة وإن كان الأمر بدرجات متفاوتة.

إن الهدف من مناقشة مفهوم المجتمع المدني هو إخراج المصطلح من التأييد والرضا واليقينية حد التقديس عند البعض، ومن السخط والتنديد والاتهام حد التدنيس عند البعض الآخر، وتحويله إلى أمر تاريخي اجتماعي ديناميكي ومتحرك، يمثل الطاقة الكامنة لدى فئات اجتماعية ومهنية واسعة للإسهام في صنع المستقبل السياسي والمشاركة في رسم السياسات من خلال نقد الخطاب السائد بين السلطة والمعارضة أحياناً، عبر حقل ثالث، يمثل خياراً مجتمعياً لتفعيل المشاركة وضمان الحقوق الإنسانية وتأمين الحريات العامة والخاصة.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك من مستقبل للقضية الفلسطينية؟
- الالتباس في مفهوم المجتمع المدني
- المجتمع المدني بين نارين
- الحق في الصحة
- الإيهام بالغرق: أهي لعبة رومانسية!؟
- الفقه القانوني -الإسرائيلي-: التذاكي والحقيقة
- -التمرد الثاني- المسكوت عنه في العراق
- مغزى علاقة التنمية بالمجتمع المدني
- إشكالية الهوية والمواطنة في العراق
- في ثقافة المواطنة
- المستقبل العراقي: الأسئلة الأكاديمية الحارقة!!
- سعد صالح: الاستثناء في الحق!!
- من المسؤول عن تشويه صورة الاسلام؟
- تنميط الإسلام: الصورة الصهيونية
- تحطيم المرايا: في ضرورة منهاجية نقدية لتجاوز الانغلاق للذات ...
- الدكتور شعبان يحطم مراياه
- في الطريق إلى ديربن: ماذا تعلمت إسرائيل وماذا تعلّم العرب؟
- المرأة والسياسة والإبداع في حياة الجواهري
- فشل المشروع الأمريكي سياسيا في العراق دعا أوباما الى الانسحا ...
- العرب والعراق.. ماذا يريدون منه وماذا يريد منهم؟


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الحسين شعبان - المجتمع المدني بين الفهمين الماركسي والليبرالي