أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فدوى أحمد التكموتي - حوار بين الوجود واللاوجود















المزيد.....

حوار بين الوجود واللاوجود


فدوى أحمد التكموتي
شاعرة و كاتبة


الحوار المتمدن-العدد: 2668 - 2009 / 6 / 5 - 07:19
المحور: الادب والفن
    


ليال وأيام مضت على وجودها داخل قوقعة صنعها يد القدر , لقد كانت ولازالت تلك الأنشودة التي تتغى بها الطبيعة على ألسن الشعراء , لازلت أذكر أني كنت في حفل أقامه أهل الدير ليبارك البطرياق الأكبر ولادتها , التقينا صدفة , عندما كنا نشرب نخبها, فتصادفنا ومن ثم كان لقاؤنا , كانت سمراء البشرة, وشعرها حرير ملألأ بأكاليل من النرجس والزمهرير, عيانها تشع منهما نورا كأنه ظل الله في عينيها , عذبة الكلام , مليحة الوجه, ناعمة اليدين , مازلت أذكر أنها كانت ترتدي فستانا أبيضا مزكرشا بينابيع من اللؤلؤ والمرجان الإلاهي أحضرته لها الملائكة من فردوس الأرض والبحار والمحيطات , فكانت وسط ذاك الفستان الباهر عروسة ذاك الزمان , الكل يتبارك من ثوبها , فطوبى لمن لمسه أو حتى سمع منها كلمة رضى , فكأنه يلمس الحجر الأسود الذي يتبارك به أتباع نبي آخر الزمن في الوجود واللاوجود نبي أمة إقرأ , كان لقاؤنا, لقاء الصدفة , ولقاء الروح , كنت أسمع عنها الكثير ... ولكن لم تخطط لي ذاكرتي صورتها ولم ينسج لي خيالها هيئتها الراقية , تمشي كملاك في سماء المحبة , رسالتها أمن وسلام ورحمة , رافعة يدها اليمنى يد الله في السماء تدعو ربها في سر وكتمان , وفي يدها اليسرى العشق الطاهر السرمدي , تعلو بصوتها الشدي , وصراخها العميق , ودمعتها الكسلى الدفينة , تناجي طيف الملائكة , في سماء الأرواح والسلام والمحبة , تقول في سرها , هَلَّني أصلُ إلى مأربي , زادي عشقي جنوني , لأميري الوفي , حبي الطاهر السرمدي , الذي ما إن أجدهُ أكونُ له هدية وقربان الله للرضى في الوجود واللاوجود , هي راقية بكل معنى , هيئتها , شخصيتها , ضعفها الذي هو مكمن قوتها , لم تصور قط أن أمشي سويا مع أميرة , أميرة الحرف والكلمات , سكبتْ لي كأس خمر مقطرة من ماء الطهارة وقدمته لي فشكرتُ لها صنيعها , كان الكل عندما يراني أتحدث معها , ونسير معا , يتباركون بي , لم يدركني الفهم وقتها لمِ كل هذا التقديس , وهذه العبودية , ذهبنا إلى المحراب وبدأت تكرر كلمات الثالوث المقدس وختمت كلماتها بأعظم شيء سمعته في حياتي :


يا منصف الضعفاء , أنشر سلامك على أتباع نبي آخر الزمان, فأنت الرحمن , ومنك جاء الرحم والرحمة , فتولانا برحمتك وبغفرانك , وبقبول ثوبتنا إليك , فنحن جهلة ظلمة , ساقتنا دروب الأنا في خمرة الدنيا الدنئية, فرفقا بنا واهدينا إلى صراط المستقيم , فأنت السلام , ومنك جاء السلم والأمان , فارحمنا , واغفر لنا , وألف قلوبنا , واجمعنا فيما يرضيك , وفرقنا فيما يغضبك , اقبل ثوبة من دعاك , واغفر ذنوب من رجاك ...يا أرحم الراحمين , يا الله ...

وقفت مذهول الفكر شارده , كيف لقديسة تذكر الإلاه بهذا التصوف ... قلت في نفسي ... لله في عبادك الهداية , وإليك فيهم كل الأمن والسلام والرحمة ...

توجهت بي إلى حديقة الدير كانت تنظر إلي كأني مذنب وأريد أن يغتسل جسدي من نجاسة الأفكار , وأن أتوجه إلى البطرياق الأكبر , وأجلس على كرسي الاعتراف أمام الرب والثالوث المقدس , كنت أحس بتساؤلاتها الدفينة , وحيرتها الكثيرة , فبادرتها قائلا :


يا قديسة الراهبات , في ملكوت الحروف والكلمات , تتساءلين لماذا كنا في المحراب ولم أذكر الإلاه بأي شي من الدعاء , إني يا قديسة الكلمات , أقف عاجز أمام ربي في المحراب , ماذا عساني أن أقول له في حضرت جلاله وسلطانه و هو يعرف من أخفيه وما أعلنه , فما أردد من كلمات قد أكون لها متصنعا , وقد أكون لها أعمق دلالة , لكني أعجز تماما أمام ربي في المحراب ... لا أنطق ولكنه يسمعني ... لا أتحرك وهو يعرف سكناتي ... ولا أشكو وهو يعرف شجوني ...


فقالت لي تلك الأميرة , التي مهما وصفت لم تدركني مخيلتي إلى تصويرها بتلك القدسية الرهيبة , قالت لي وهي تمشي بضع خطوات في اتجاه بئر حديقة الدير...

هو طريق الهداية والتقوى , فهو بشرى لنا , ولمن قبلنا ومن سيأتي بعدنا طريق نوره دائم , في الأرواح , منقوشة على الصدور , لكل الكائنات , ما علينا إلا أن نختار الشكر والهداية أم السخط و العصيان كنتُ في بحر عميق جدا , بنات أفكاري أبخرة أعمال واهية , صنعها لي القدر , من هيكل الأوجاع والأحزان ,وكنت والعذاب رفيقان , أتلذذ به كهوائي الذي أتنفس به في رئتي , وذات زمان في مكان بعيد حيث يوجد ظل الله في ذاتي العاشقة للسرمدي المطلق في الوجود واللاوجود , هناك قابلتُ وجه الله, فاتخذتُ من موقع الدير أفرشة تراب أغطي به لحمة جسدي , ومن ماء بئره أنقي به تلوث جسدي من أتربة سيئاتي , ومن الخمرة المقدسة من الماء الطاهر أشربه لكي أشبع ظمأي في عشقي الجنوني السرمدي المطلق في الوجود واللاوجود , من هذا المقام اتخذتُ سكناي , حياتي كلها هنا , بين جناح ظل وظلال الله , إني أحس بيد الله نحوي , تلمسني بطهارة نفس كنت أتشوق إليها في لحظات سكون قاتل مع ذاتي , ووحدة مميتة مع عقلي , الذي لست أدري أهو لعنتي الأبدية أم نعمتي الأبدية على نفسي , على ذاتي ولما رآني الناس وسكوني في هذا المقام , بدأوا يتبركون بي , كأني قديسة راهبة , عندي فقط الحب والسلام أنشره في حدائق النفوس المرهفة , ولم يلوث نفسي غبار الحقد والكره , لم يعرفوا أني إنسان , ومن صفاته النقصان يريدون مني التقرب إلى ذات الله , الذي تسكن ذاتي وروحي , قربانهم طقوس رضاي , كل رضاي , كأني لهم مفاتيح جنة الفردوس , بابها مغلق بيدي وبرضاي تفتح لهم روائح العطر المقدس الإلاهي ... ...


زار الصمت ألسنتنا , في ضباب الكلمات التي قالتها لي تلك الأميرة الحسناء , وذهبت نفسي تتساءل أهي قديسة من البشر , أم ملاك روحي من السماء , جرأتها غير ذي جرأة في الوجود , أهي روح الله في هذا المحراب , أم هي ظل الله في روحي ... لست ُ أدري ...؟؟؟

رجعتُ بفكري إلى الميتافيزيقا , ما بعد الشقاء وما بعد التعاسة , ما بعد الوجود في الأزل , وبين اللاوجود في الحياة , وذهب فكري يتساءل هل نحن ذواتٌ وذاتنا ذات الله في ظل ذوانتا ؟؟؟ ونور الله وشعاعه في الأزل منذ وجودنا ؟؟؟؟أم نحن ذواتٌ في كهنوت الذات, بؤرة الخير والشر فيها تتسارعان في الوجود واللاوجود ؟؟؟؟
وهناك جاءني الجواب , من ملائكة السماء , تطوف تجول في الفضاء , فضاء عقلي الذي لا أدري أهو نقمة علي أم نعمة لي تقول :

طوبى لمن يتساءلُ عن الوجود , في اللاوجود بين المرئي والسمعي , الزمان والمكان اللاخلود , إن سؤالك جوابه هناك في ماوراء هذا الوجود فهلاَّ عرفتهُ يا كاهن الذات , إنه ظل نور الله في ذاتك الدائمة السؤال , والحائرة الجواب , إن جوابك عندي في السرمدي فابحث عنه مادمت قد اخترت طريق البحث دربك , فحتما ستصله قد يكون في الأزل وقد يكون في الوجود واللاوجود ...



#فدوى_أحمد_التكموتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جراح مرير *جلدالذات * الجلدة الأولى
- فن الممكن في لغة العرب
- سرقة المنتوج الفكري للكتاب * وأنا واحدة منهم *
- قهر مرير ........ واقتهار أمر * رقصة الحزن *
- قهر مرير ........ واقتهار أمر
- بصمات على جدار صمامات قلبين جريحين
- ملحمة حزينة
- افتخار وكبرياء
- تاج محل قلبي * حبيبي الذي لم ولن أحب سواه *
- كبرياء أنثى
- آخر رسالة إلى من يهمها الأمر.... ولن تكون الأخيرة...
- فودي ... فدوى ...وعشقها ... ورسالة غفران
- الرؤيا السيوسيوفكرية للشعب العربي من منطلق الفكر العربي في م ...
- حديث الروح بين جسدين * الوصلة الثانية *
- ليلة العرس
- استغاثة الكتاب العربي بلسان قارئة عربية
- نظام الشبكة والأخطبوط
- بين الفلسفة والسياسة
- ثورة مداد عربي
- أرض النقاء *غزة *


المزيد.....




- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...
- الجامعة العربية تشهد انطلاق مؤتمر الثقافة الإعلامية والمعلوم ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة 67 مترجمة على موقع قصة عشق.. تردد ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فدوى أحمد التكموتي - حوار بين الوجود واللاوجود