أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حيدر الحيدر - حكايتي مع التذوق الموسيقي















المزيد.....

حكايتي مع التذوق الموسيقي


حيدر الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 09:50
المحور: سيرة ذاتية
    


حكايتي مع التذوق الموسيقي :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ربما ليس من قبيل الدعابة ما يقال : ان الجنين يتحرك وهو في رحم امه عند سماعه لإيقاعات موسيقية ،ومهما كان لذلك الـتاثير السحري من غرابة فهو يدل بلا شك على ان التذوق الموسيقي يبدأعند الانسان مع أول نبضة من نبضات قلبه .. ومنذ تلك اللحظة تبدأ رحلته مع الموسيقى .ومادام الأمر كذلك فليكن حديثي عن سيرتي الذاتية مع ذلك السحر العجيب
* * *
* فيروز كانت البداية :
أنا لا أدعي بأنني تأثرت بسمفونية لبيتهوفن او أحدٍ من رفاق دربه وانا في الايام الاولى من حياتي وطفولتي ولا أظن ان أحداً يمكنه ان يتذكر ذلك مهما كان خارقاً ولا اظنني سمعت السمفونية السابعة له وأنا في قماط الأسبوع السابع لولادتي كما يدعي بعض من يدعي .
لكنني استطيع أن أتذكر وأنا طفل في حدود السادسة من عمري، حين كنت استمع الى صوت فيروز في بعض اغنياتها فأحس بأن شيئاً ما يدفعني للبكاء دون أن افهم ما في تلك المقاطع الغنائية من تعبير .. وحتى لم أكن أعرف يومها من هي فيروز ومن هم الرحابنة ومن هو سيد درويش.
ان ما كان يدفعني للبكاء موجة عارمة من الحزن أو العاطفة أو الحنين أو الدفئ في تلك النبرات الملائكية على حد تعبير الموسيقار محمد عبد الوهاب في وصفها ( بصاحبة الصوت الملائكي ..!) كما علمت ذلك فيما بعد .
ورغم إني لم اكن أفهم ما تعنيه عبارة : ( تحت الرماني ... حبي حاكاني ) أو :
( طلعت يا محله نورها شمس الشموسه ) إلا ان تلك التأثيرات أو الإحساسات الساذجة الأولى التي كانت تنقلني لبكائية صامتة ما زالت تمتلك مفاتيح بوابات مدامعي بذلك التاثير نفسه وأنا على أبواب الخمسين من عمري ... ولا أعلم ما الذي يجعل عيني تترقرق بالدموع حين استمع لفيروز وهي تغني : ( حنا السكران ) أو: ( أنا وشادي ) على سبيل المثال ؟
ـ كلمات الاغنية ام حنجرة فيروز ام الحان الأخوين أم جميع تلك ( الظواهر الكونية ) مجتمعة
في زوبعة سحرية عاصفة .. ؟؟؟
أم لتراكم تأثيرات الطفولة دور في تحريك تلك المشاعر في الكبر ؟
* * *
* رمضان كريم :
لا يخفى ما لشهر رمضان من نكهة ٍ تميزه عن اخوانه من شهور الله ، فلهذا الشهر لون وطعم ورائحة وموسيقى روحية يهتز لها الكيان من الاعماق بتأثير ٍ سحريٍّ عجيب. وبالخصوص عند الاطفال في المدن التاريخية الفاتنة مثل بغداد ومحلاتها العريقة :
) باب الشيخ والصدرية والدهانة والقشل وصبابيغ الآل وابو السيفين والفضل والمهدية والشواكة والفحامة والجعيفر ودرابين الكاظمية)
اتذكر انني كنت انتظر اليوم الأول من رمضان بكل لهفة وتشوق لا من أجل حلويات الحاج جواد الشكرجي والحشود الرمضانية حول محله القريب من درب مدرستي .
بل أنتظر مدفع الإفطار حيث دقائق معدودة وتنطلق ( سلامة ) في أغنية ( ماجينه يا ماجينة ).
كم كنت أتلهف لسماع هذا اللحن الرمضاني الذي صيغ بأنامل الموسيقار الكبير ( علاء كامل )
فلا أشعر بنكهة رمضان إلا بقدسية ( ماجينه يا ماجينه .. حل الكيس وانطينه .... !)
أن ما احتواه هذا النداء الملائكي من سحر روحي رهيب ترك تاثيراً لا يمكن ان يزول مهما مرت السنون ومهما مضى قطار العمر سريعاً .
* * *


* الأعياد والمربعات :
عندما كان يطل العيد علينا بكرنفاله الطفولي الجميل نخرج مبتهجين من ضحى ذلك اليوم السعيد الى( بارك السعدون ) وحديقة (غازي ) التي تحول اسمها الى حديقة الأمة بعد اجراء تغيرات وتعديلات جوهرية عليها أوائل ثورة 14 تموز 1958
نعود لأزمنة تلك الأماكن إذ كنا نستمع للفرق الشعبية البغدادية من ( الفضل وفضوة عرب) كانت هذه الجماعات تغني المربعات البغدادية مجاناً … فكان لهذه المربعات وطريقة ادائها تاثير في حبي لهذا النوع من الغناء .
وحين اسرعت السنوات وجاء العهد الجمهوري كانت لمنلوجات :
( فاضل رشيد وعلي الدبو وحسين علي ) تأثيراً على اذواق جمهرة من الناس في ذلك الحين من الزمن .. فلا بد ان تكون قد اثرت في نفسي وما زالت ذاكرتي تحتفظ بشيئ ٍ من كلمات تلك المنلوجات الى يومنا هذا .( يواش يواش .. بالله يواش ... هذي القصور .. هذي الحواش ..
هذي المكائن انتر ناش .. كلها من هذا المعاش ــــــــ المنلوجست علي الدبو 1958 )
كما كان لقدوم بعض فناني البادية الى مناطق عدة من بغداد في ايام الاعياد والمناسبات الوطنية كذكرى تتويج الملك ويوم الجيش ، وما يعزفه( المطبج ) المرافق لإيقاعات سيوفهم في دبكات الجوبي البدوية الجميلة في ( وكفة باب الشيخ وقرب مقبرة اليهود في بغداد )
او في سلمان باك حيث حلقات النزهة تتجه الى هناك وما زلت اتذكر تلك الكلمات من لحن الجوبي في العهد الملكي إذ كنت انشدها وانا صغير دون ان اعي معانيها : (فيصل قائدنه وسور إلنهْ .. مطر اللوز إحنهْ يلوك إلنه ) والمقصود بمطر اللوز ( البندقية حتماً )
ويجدر بي في هذه الذكريات ان أتحدث عن أغنيات العيد أيام زمان منها ما قدمته الفنانة
عفيفة إسكندر: ( جاني الحلو طالع حلو صبحية العيد.. طالع ورد شايل ورد والحنه بالإيد )
والتي غنتها للملك فيصل الثاني وبحضوره في يوم من الايام ، ان لهذه الأغنية طعماً لاينسى .
* * *
* في دَور المراهقة :
لعبت أغنيات عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وصباح وشاديه ونجاة الصغيرة ووردة الجزائرية .. بل وأم كلثوم واسمهان وليلى مراد ... دوراً بارزاً في التأثير النفسي على
جمهرة من الشباب في دور المراهقة وأنا منهم بالتأكيد .
فكنت أشعر ان عبد الحليم يعبر عن لساني وهو يغني:(أسمر يااسمراني /أبو عيون جريئه )
وغيرها من الأغنيات في تلك المرحلة ، وربما كانت للأفلام المصرية التي تخللتها تلك الألحان الشجية تأثير غير محسودٍ في تأجيج ذلك الإحساس اللا شعوري في أغلب الأحيان .
فيا لها من ذكريات لا يمكن نسيان الحانها التي تجذرت في خاطري منذ فترة ستينيات القرن الماضي ، وتركت إنطباعاًًً جميلاً ظل خالداً في ذاكرتي .
* * *
* في فترة الشباب وما تليها :
لا أخفي أني في هذه الفترة أخذت اتحسس الألحان وأتذوقها وأميز بينها بالفطرة لا عن دراسة
ودراية تذكر بالمرة .. كما كانت لألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب دور منفرد في تذوقي للغناء ،كذلك كان لصوت أم كلثوم وادوارها الغنائية ما ينعش نفوس الشباب. وخاصة الطقاطيق منها : ( كلي ولا تخبيش يا زين ... إش تكول العين للعين .. )
ولزوماً عليَّ ان أشيد بدور بعض ملحنينا الرواد من أمثال احمد الخليل ورضا علي ووديع خنده وعباس جميل وعلاء كامل ويحيى حمدي ومحمود عبد الحميد ومحمد عبد المحسن وآخرون ..
فقد تركوا جميعاً بصمات فنية على التذوق الموسيقي والغنائي أغنت تلك المرحلة بجماليتها ..
أما بالنسبة للموسيقى الصادقة الأصيلة فلا ننكر دور ( رباعي بغداد الوتري ) ومدرسة الشريف محي الدين حيدر التي تخرج منها سلمان شكر ومنير بشير وجميل بشير وعلاء كامل ، فقد أسعدوا مسامعنا بالشئ الجميل من الفن الموسيقي الأصيل
أما أصوات محمد القبانجي ووديع الصافي وناظم الغزالي ويوسف عمر ومائده نزهت ....
كذلك صباح فخري (بقدوده الحلبية المشهورة ) فكانت تسحرنا وتسكرنا وتركت بدورها تأثيراً ومذاقاً خاصاً في نفوسنا .
* * *
* خاتمة الحديث :
كم كنت أتمنى منذ مراحل بعيدة تعلّم العزف على آلة العود بالذات ، إلا انني لم أجد الفرصة لتحقيق تلك الأمنية أو ربما لم أجهد نفسي لخلق تلك الفرصة .
في أوائل السبعينيات ملكتني رغبة في دخول فرع الموسيقى بمعهد اعداد المعلمين وكان المعهد يومها في الطابق الرابع من بناية جامعة المستنصرية .. لكن أحد أصدقائي حَوََّلَ مسار رغبتي الى فرع الرسم ، فكانت المحصلة ان أتعلم أصول تدريس الرسم ولم أتمكن من تحقيق
رغبتي في تعلم أوليات الموسيقى فصرت معلماً للغة العربية ... ! وحتى بعيداً عن الرسم وما رسمت له في المعهد المذكور ... ! فتصور ... !
وتمضي الأيام لأمارس هواية التمثيل في احدى الفرق المسرحية البغدادية العريقة في السبعينيات .. إذ كنت أنتهز فرصة تأخر أحد أصحابي من أعضائها
وكان شاعراً غنائياً وملحناً يمتلك آلة عود ٍ يتركها في مقر الفرقة فأستغل تلك اللحظات لأقوم بالعزف العشوائي على أوتار ذلك العود ( المسكين ) وكانت معلوماتي عن النوتة الموسيقية
لا تتعدى ( دو .. ري.. مي .. ) فصار يغضب ويثور حين يراني أتلاعب بأوتار عوده الثمين .
ولكم وكم كانت رغبتي شديدة في تعلم العزف على تلك الآلة العجيبة ،
ولكن ( تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حيدر الحيدر ـــ 2001
كتبت بطلب من استاذنا الكبيرالدكتور طارق حسون فريـد
يوم كنت في المرحلةالأخيرة / كلية الفنون ـ قسم المسرح
وكان الدكتور طارق يقوم بتدريسنا ( التذوق الموسيقي )



#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصحاب الطرابيش / مسرحية
- اعادة نصب الجندي المجهول
- آخر مغامرات السندباد
- عثرت على البرهان
- إيقاعات تغازل دموع الفرح
- ليلة القبض على حمورابي
- لا... انها ليست كفي !
- ما قيل عن فراسة المارشال
- الزائر الغريب ما عاد غريباَ
- العجوز لمْ تمت بعد /قصة قصيرة
- ما زلت بيننا يا عادل كوركيس
- قصص قصيرة جداً
- البحث عن الحقيبة الضائعة
- اسم الوليد القادم ابوذر
- الغراب وبيض العصافير
- رحلة الصعود / قصة قصيرة
- نابو / مسرحية
- الوردة البيضاء تغني / قصة قصيرة
- ماء يتدفق من بئر بترول
- النبع العظيم في الارض الطيبة / مسرحية للأطفال


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - حيدر الحيدر - حكايتي مع التذوق الموسيقي