أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - اقتصاد المعرفة: سلاح الأغنياء وأمل الفقراء (2)















المزيد.....

اقتصاد المعرفة: سلاح الأغنياء وأمل الفقراء (2)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2666 - 2009 / 6 / 3 - 09:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رأينا في مقالنا السابق أن هناك ما يشبه الإجماع بين المراجع المعنية علي أن نظام التعليم العصري، الذي يحفز التفكير النقدي ويشجع علي الابتكار والابداع، هو أحد الدعائم الأربع الرئيسية لما أصبح يعرف باسم »اقتصاد المعرفة«، أي الاقتصاد الذي يعتمد في المقام الأول علي المعرفة علي عكس الاقتصاد الرأسمالي الذي يعتمد أساساً علي الموارد الطبيعية.
وبعبارة أخري فإنه اذا كان الاقتصاد المبني علي الموارد الطبيعية هو ابن الثورة الصناعية، فإن اقتصاد المعرفة هو ابن الثورة المعلوماتية.
وبالتالي فإن الانتقال إلي اقتصاد المعرفة ليس »اختياراً أيديولوجيا« وإنما هو ضروة بقاء في ظل هذا التحول الموضوعي الذي تشهده البشرية في مطلع الألفية الثالثة.
وكان هذا هو موضوع ورشة العمل التي نظمتها مكتبة الإسكندرية في الفترة من 17 إلي 21 مايو الماضي عن »تطوير استراتيجيات اقتصاد المعرفة لتحسين التنافسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا«، بمشاركة منتدي الاصلاح العربي ومنتدي البحوث الاقتصادية ومعهد البنك الدولي والمدرسة الكورية الجنوبية للسياسة العامة والإدارة والمجلس الوطني المصري للتنافسية.
فما هو وضع مصر فيما يتعلق بهذه الأعمدة الأربعة التي لا يقوم اقتصاد المعرفة بدونها مجتمعة؟
»التعليم« كان الكلمة الأكثر تردداً في كل الجلسات وجميع المناقشات، باعتبارها »كلمة السر« التي تفتح جميع الأبواب الموصدة في وجوهنا والتي تمنعنا من ملاحقة تطورات عصر ما بعد الصناعة.
وشدد جميع المشاركين - أجانب وعرباً - علي الأهمية القصوي لمنظومة تعليمية عصرية مصرية.
ولم يشذ المصريون عن هذا المنهج رغم اختلاف وتنوع مدارسهم الفكرية وتوجهاتهم السياسية.
وكان من اللافت للنظر بهذا الصدد أن هذه القضية هي نقطة التقاء بين جميع المفكرين والخبراء المصريين بصرف النظر عن انتماءاتهم إلي »الموالاة« أو »المعارضة«.
وعلي سبيل المثال فإن الدكتور شريف عمر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب، وأحد أبرز قيادات الحزب الوطني الحاكم، لم يتردد في أن يضع يده علي مواطن الداء، مؤكداً - دون لف أو دوران - أن »ترتيب مصر قد انخفض وفقاً للمؤشر العالمي للقدرة التنافسية لهذا العام وتراجع مركزها بين الدول لتحتل المركز 77 مقارنة بالمرتبة 71 في العام الماضي ويرجع ذلك إلي تراجع مؤشرات رأس المال البشري وتراجع مرتبة مصر بالنسبة لمؤشرات التعليم الأساسي، ويعود التراجع في ترتيب مصر بالنسبة لمؤشرات التعليم إلي سوء عمليات تقييم جودة المدارس الابتدائية، وقد تدني ترتيب مصر في مكون التعليم الأساسي بنحو خمسة وستين مركزاً، أي من المركز 39 إلي 94 ومرجع ذلك بصفة أساسية إلي سوء مستوي المدارس الابتدائية وهو مؤشر جديد لقياس جودة التعليم الابتدائي«.
وقال الدكتور شريف عمر، بعد هذه التفاصيل المفزعة، أنه لم يكن غريبا والحال كذلك أن احتلت مصر أسوأ المراكز بين البلاد التي شملها الاستقصاء إذ إنها تحتل المركز 129 بين 131 بلداً«!.
وليس الحال أفضل بالنسبة للتعليم العالي، حيث يرصد الدكتور شريف عمر تراجع ترتيب مصر أيضا فيما يتعلق بجودة وكم التعليم العالي والتدريب، »وتمثل الجودة أكبر نقاط الضعف لتحتل المركز ،102 وأيضا تدني وضع التعليم العالي حيث تراجعت مصر بمقدار 11 مركزاً، أي من المركز 69 عام 2007 إلي المراكز 80 عام ،2008 وتراجع مؤشر التدريب العملي من 68 إلي 82 خلال ذات الفترة«.
كما أن الوضع »لايزال متدنياً بالنسبة للإنفاق علي التعليم من إجمالي الناتج المحلي«.
وقبل محنة التعليم الابتدائي وكارثة التعليم الجامعي توجد وصمة الأمية، والأرقام التي أوردها الدكتور شريف عمر مخجلة جداً حيث تقول إن معدل الأمية في عام 2003 كان 17% بين الذكور و6.40% للإناث في حين أنها 3.15% من الذكور و30% من الإناث في الدول العربية، وهي 3.6% من الذكور و6.11% بين الإناث في جنوب شرق آسيا و5.6% من الذكور و3.9% من الإناث في دول أمريكا اللاتينية«.
وهذه الأرقام تقول إننا الأسوأ علي الاطلاق فيما يتعلق بمعدل الأمية!!
ويستنتج الدكتور شريف عمر من هذه الصورة القبيحة أنه »إذا لم يتم علي الفور إدخال تعديلات جوهرية علي السياسة التعليمية والتدريبية ستصبح مشكلة عدم المواءمة بين مخرجات التعليم والتدريب ومتطلبات سوق العمل عرضة للتفاقم في المستقبل القريب«.
أي أن هذه السياسة التعليمية والتدريبية الحالية تنذر بأن ينزلق اقتصادنا إلي أوضاع اسوأ، بدلاً من أن تدفعنا إلي التطلع إلي آفاق اقتصاد المعرفة.
ويلفت النظر في استنتاج الدكتور شريف عمر استخدامه عبارة »علي الفور« عندما تحدث ضرورة »إدخال تعديلات جوهرية« علي السياسة التعليمية.
هذه العبارة تنقلنا مباشرة إلي الدكتور سمير رضوان، الخبير الاقتصادي المرموق، والمحاضر السابق في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، ومعهد الاقتصاد والاحصاء بجامعة أوكسفورد، وصاحب الخبرات العريضة التي أهلته للعمل كاستشاري لمنظمة العمل الدولية والأمم المتحدة والبنك الدولي ومنظمة الغذاء والزراعة »الفاو« ومنظمة العمل العربية وغيرها من مراكز البحوث والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية فضلا عن عمله حاليا كمستشار لوزير الاستثمار.
الدكتور سمير رضوان بهذه الخلفية الثرية من الخبرات ـ قدم ورقة مهمة جدا عن »ربط سياسات التعليم بمتطلبات سوق العمل«.
والورقة مليئة بالأرقام التي توضح حجم المشكلة مع مقارنات جدا مع بلدان أخري مثل ماليزيا وسنغافورة وألمانيا.
لكن الأهم من هذه الأرقام ـ التي يمكن الرجوع إليها في وقت لاحق هو أن الدكتور سمير رضوان بدأت مساهمته المهمة في هذا الملتقي الفكري بلفت الانتباه إلي أنه »لا يوجد جديد يمكن قوله« مضيفا »أنا أتحدث عن هذه المشكلة منذ ثلاثين عاما«.
وأظن أن فترة الثلاثين عاما التي تحدث عنها الدكتور سمير رضوان تأتي علي طرفي نقيض مع عبارة »علي الفور« التي طالب بها الدكتور شريف عمر.
ومع ذلك فإن الدكتور سمير رضوان لم يرفع الراية البيضاء بل مازال يراوده بصيص من الأمل جعله يطالب بضرورة إحداث »تغيير شامل في نظام التعليم«.
ورغم اختلاف اللهجة واختلاف المنهج وزاوية الرؤية، نجد خبيرا مرموقا ثالثا يصل إلي نفس الاستنتاج تقريبا رغم اختلاف بعض المقدمات.
الدكتور أحمد جلال مدير منتدي البحوث الاقتصادية حاليا وأحد القيادات المرموقة للبنك الدولي سابقا علي مدار 18 عاما متصلة من 1984 إلي ،2006 رصد في ورقته المهمة حقائق مريرة عديدة، من بينها أن التعليم في الشرق الأوسط رغم ما تم بذله من مجهودات ـ »لا يبدوأنه قد أسهم بصورة كافية في تحقيق نمو اقتصادي أعلي أو خلق فرص عمل«.
كما »لا يبدو أنه قد أسهم في تحسين توزيع الدخل«.
وحتي إذا ما اعتبر البعض أن عائد الاستثمار في التعليم في المنطقة كان مرتفعا في الماضي، فإن الشرق الأوسط يواجه الآن ثلاثة تحديات جديدة يجب التعامل معها:
* العولمة والتشديد المتزايد علي المعرفة في التنمية.
* تضخم الجزء الشاب من مجتمعات الشرق الأوسط.
وشمال افريقيا »مقارنة بالتركيب السكاني للمجتمعات الأوروبية مثلا«
* القيود المالية المتزايدة.
وفي مواجهة هذه التحديات سيتعين علي المنطقة أن تنتج وتطور مهارات وخبرات مختلفة تماما عن تلك التي كانت تلائم سياسات التوظيف والتشغيل الحكومية وفي القطاع العام.
ويجب عليها أن تسير في طريق جديد تماما يضمن في وقت واحد:
* تحولا في المدخل إلي اصلاح التعليم بحيث يتضمن مزيدا من التركيز علي »الحوافز« و»المحاسبية.
* مزيدا من الاصلاحات لتعزيز الطلب علي »العمل الماهر« محليا واقليميا.
الدكتور حسام بدراوي رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري لا يري نقصا في خطط أو استراتيجيات الاصلاح للنظام التعليمي، فمثل هذه الخطط موجودة بوفرة، المشكلة هي أنها لا تري طريقها إلي التنفيذ والتطبيق.
إذن.. تختلف المسارات لكن النتيجة واحدة حيث نجد أنفسنا أمام »اجماع« بين »كل« الخبراء والمراجع الموثوقة علي ضرورة نسف النظام التعليمي البالي الراهن وإقامة نظام جديد عصري كشرط أول لا يمكن الاستغناء عنه إذا كنا نريد أن نجد لأنفسنام وطء قدم في المنافسة المحمومة بالمنطقة، وهي المنافسة التي سيحسمها تبني الاستراتيجية الأكثر فاعلية لتطوير اقتصاد المعرفة.
العجيب والغريب وغير المفهوم بالمرة.. هو أنه رغم هذا »الاجماع« الوطني.. لا شيء يتغير في منظومتنا التعليمية المتخلفة والمسئولة عن معظم التشوهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تثقل كواهلنا وتعطل تقدمنا وتشدنا إلي الوراء.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- »الخصخصة« و»الفلفصة« »1«
- -استثمار- الموت
- دورة الزمان: من ترومان إلى أوباما!
- مصريون -مع- التمييز!
- مصريون ضد التمييز
- نبيل العزبى وجمال أسعد.. ثنائية النجاح فى عيد أسيوط القومى
- الطوفان.. قادم
- وهابيون.. حتي في الكنيسة القبطية
- -الست هدى- .. مرأة حديدية أقوى من فاروق حسنى!
- أدب السجون: كتابات تقشعر لها الأبدان!!
- عبدالملك خليل
- إعطنى هذا الدواء
- إمسك .. بهائى!
- سيادة النائب العام.. شكرًا
- هل نحتاج إلي قانون جديد لمكافحة الارهاب؟!
- انتبهوا أيها السادة: نتيجة امتحاننا في »النزاهة«.. ضعيف جدا
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة . ...
- بعد رائعة نجيب محفوظ -القاهرة 30- .. رواية الموسم: القاهرة 5 ...
- حلم .. ولاّ علم؟!
- من يشعل النار فى قلب القاهرة الخديوية؟!


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - اقتصاد المعرفة: سلاح الأغنياء وأمل الفقراء (2)