أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - أفصحي، أنت أيتها الجمجمة !














المزيد.....

أفصحي، أنت أيتها الجمجمة !


أدونيس

الحوار المتمدن-العدد: 2661 - 2009 / 5 / 29 - 08:48
المحور: الادب والفن
    



شَحْمُ هذي السّماءِ كثيفٌ، وأزرارُها
تتفكّكُ في غابةٍ مِن شظايا.
أذرعٌ يتخاصمُ فُولاذُها وَإسمنتُها،
والعناصِرُ مخبولة تتخبّطُ ـ ما هَذهِ اللغةُ المُبهمهْ!
أفصحي أنتِ، يا هذهِ الجُمجمهْ.

شاشة لقياس التوحش عندَ الملائكِ، بَعدَ
السقوطِ إلي عالَم يدبُ علي بطنِهِ.
لازوردُ السماءِ وطينُ البَشرْ
مَسرَحٌ لهباءِ الصورْ .
للغُبارِ الذي سنسميهِ ضوءا وللصورةِ الآدميّهْ
لَبستْ أنجمُ اللهِ في ليلها البَدويّ
سَراويلَ أعراسِها :
عَضَلُ الأرضِ مُستنفرٌ
والغرائزُ في نشوَةٍ كوكبية.

** ** **
نصفُ ثَورٍ ونصفُ حِصانٍ
يَرضعانِ معًا ثَدي تُفاحةٍ
ـ (ربما ذكّرت بعضَهم
بغواية حوّاء) ـ حواءُ مُذاكَ في رِحْلةٍ
لم تعدْ بعد منها. سياجٌ

قَفزَ العَصْرُ مِن فوقهِ. يتحدّثُ مع نفسهِ
مع قبائِلَ ـ كُل تُسمي
نفَسها بَيضَة. وكلّ
تَنْتَمي، كلّ يومٍ، إلي حُفرةٍ، ـ
حُفْرَة تَتَنَزّلُ فيها
جُثَثُ المارقينْ،
حُفْرةُ السّائلينْ ـ
يُخْنَقون بِصمْتٍ.
حُفْرةُ الفقراء يَسُوسُونَ أرضَ الطّغاةِ بأشْلائِهمْ.
حُفْرةُ العائِدينْ
مِن لقاءٍ يُصالِحُ بين الجِراح وسِكينها،
ويقولُ لهذي القبائلِ قسمْتُ جسمي كما شِئْتِ،
مِثْلَ الحقيقةِ في هذه الأرْضِ نِصفين:
صَوْتاً
وسَوْطاً ـ
جَسداً واحداً.

** ** **

غَسَقُ الكَوْنِ، ـ أوّلُ ما تقرأ الشمسُ منه ـ انتشرْ حول أهدابهِ
مِثلَ كُحْلٍ، وكُنْ عِطْرَ أحزانهِ.
أوّل الليلِ جُرح. ما تبقي بذارٌ
لعِبٌ جامحٌ لطفولةِ هذا الفضاءْ.

هل تريدُ الحياة انسياقا كمثل الحكايةِ؟
خذها بذرة ً واحتضِنْها
طِفلة تكتبُ الشّعر. خُذها
مِثْلَ فَجْرٍ ـ لِقاحاً
لحقولِ الهواءْ.

خاتَمُ الموت يَمْهرُ أجسادَنا
فَاقتَلعْنا
مِن أروماتِنا.
وَمُرْ الريحَ أن تتعهّد أشلاءَنا. وهذي
أرضُنا تتعفّنُ، يا سيّد الحَرْبِ: هَا لَحْمُ أجدادِنا
وآبائِنا، وأبنائِنا
يتَفَسّخُ في مَطبخ الكونِ، والنّاسُ في شُغلٍ فاكهونُ .
قُلْ لهم: هكذا
يرفع القاتلونْ
راية القَتْلِ تَيّاههْ عاليهْ.

** ** **
مُدُنٌ، أمْ مَسارحُ للهَوْلِ والموتِ؟ ماذا؟
رأسُ جرّافَةٍ؟
صبغَت وَجْهها
صَبغت كتفيْها
صَبغت صدرَها
بِدَمٍ أحمرٍ ـ أسْودٍ. أهذي
مُدنٌ أمْ مَسارِحٌ للهَولِ والموتِ؟

زَهَرٌ يابِسٌ يقاسِمُ غاباتِنا حُزْنها،
والطرائدُ مِن كلّ نَوْعٍ
تتزاحَمُ فيها، تُرتل أوجاعَها.
هَلْ تقولُ لِفَجرِ أغانيكَ، يا شِعْرُ،
أن يَنْشُرَ الآنَ مِنْديلَهُ؟
أتُراهُ يُغطي
مَا تآكَلَ مِن جَسَدِ الأرضِ، أو ما يُمزّقُ مِنهُ؟
وبِماذا. وكيف سَيَرتقُ أعضاءَ هذا الزّمانِ،
وأيّ المياهِ ستغسلُ أدرانَهُ؟

** ** **

كلّ شيءٍ يقولُ: ودَاعاً
لِمدائنِ أيّامِنا
لدفاترِ أطفالها
لمحابرِ أقلامِهمْ
لأقلامهم
لِلأسرّةِ مَفروشة ً بأحلامهم.

مَا لِوَجْهِ الحَجرْ
بين زيتونِنا وشُطآنهِ،
يَتَغضّنُ؟ ماذا؟
كَبدُ الأبْجديةِ َمقروحَة؟
أمْ أزاميلُها
تَتَكسّرُ مَنبوذَة؟
صَوْتُ ناي بَعيدٍ
يَتَصاعَدُ مِن جُرحِنا
عَبَقا ضائِعاً في ثيابِ الشّجَرْ.

** ** **

شَهَواتي تُجَنّ،
وَمِن أين يأتي لِروحي هذا الشّقاءْ؟
وأنا مِنكُما،
أيّها العالَمانِ، وألبُس ما تَلبسانِ ـ

مَا الذي يُولمُ العقْلَ للقتْلِ في شَرْقهِ المتوسّطِ،
في القُدسِ، بين جنائن بغدادَ،
أو في دِمشقٍ وبيروتَ والقاهِرهْ؟
ما الذي يتبقى، مَا الذي يتلاشى، ما الذي
يتقطر من هذه الذاكرهْ؟
مَنْ سَيَجرُؤ في هذه اللحظةِ الغَسقيةِ،
في هذه اللحظةِ ـ المُفترَقْ،
أنْ يُجاهِرَ: كلا،
لم يكن ضَوْؤنا
غيرَ وَهْمٍ، ولسنا سِوي بَشَرٍ مِنْ وَرَقْ.

أدونيس برلين 2002



#أدونيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغائب قبل الوقت
- أغاني مهيار الدمشقي (مختارات)
- حجاب الحاضر، حجابٌ على المستقبل
- لماذا أثارت زيارتي إلى إقليم كردستان العراق (14 - 24 نيسان - ...
- عشرون قصيدة ليانيس ريتسوس
- سبع قصائد ليانيس ريتسوس
- انظرْ الى سيف الطّاغية كيف يُشحذُ وإلى الأعناق كيف تُهيّأُ ل ...


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أدونيس - أفصحي، أنت أيتها الجمجمة !