أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التضامن من اجل بديل اشتراكي - تقرير عام: نتائج انتخابات 7شتنبر ومهام اليسار الجذري















المزيد.....



تقرير عام: نتائج انتخابات 7شتنبر ومهام اليسار الجذري


التضامن من اجل بديل اشتراكي

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


إن تحليل نتائج الانتخابات في المغرب يعني قبل كل شئ تحليل رهانات النظام واهدافه في كل مرحلة، ما دامت العملية الانتخابية برمتها ليست اكثرمن تجديد "لمؤسسات الواجهة الديمقراطية" واعادة ترميم خريطتها الحزبية، حسب حاجيات النظام الداخلية والخارجية. بهذا المعنى لا تكتسي الانتخابات في المغرب اهمية سياسية استثنائية ولا يترتب عنها نتائج مفاجئة او غير متوقعة. فهل شكلت انتخابات 7 شتنبر 2007 استثناء يخرج عن هذه القاعدة؟

التحكم المطلق في الاختيارات واليات تنفيدها
علاوة على تحكم الديوان الملكي في تحديد الاختيارات السياسية الكبرى، تتحكم وزارة الداخلية والسلطة الادارية عبر الاليات القانونية (القوانين المنظمة للاحزاب والنظام والتقطيع الانتخابيين) وغير القانونية (التاطير الاداري للسكان، التوجيه الاعلامي، شبكات اعيان واعوان السلطة، التزوير المباشر...) في صنع الخريطة السياسية والمؤسساتية المطلوبة لتطبيق هذه الاختيارات. وما دام الامر يتعلق باختيارات لا يمكن معارضتها، فان "المعارضة البرلمانية" هي الاخرى يجب ان تكون منسجمة مع هذه الاختيارات وعلى مقاس هندسة وزارة الداخلية. بهذا المعنى لم تخرج انتخابات انتخابات 7 شتنبر عن القاعدة ولم تكن نتائجها مفاحئة: اغلبية حكومية ومعارضة برلمانية على مقاس الاهداف السياسية المرحلية للنظام. لكن هل نجح النظام في تحقيق كل رهاناته خلال الانتخابات الاخيرة؟ هنا تكمن كل الدلالات السياسية لانتخابات 7 شتنبر2007.
رهانات النظام
تندرج انتخابات 7 شتنبر2007 ضمن مسلسل استكمال الاهداف السياسية الاستراتيجية للنظام خلال العقدين الاخيرين، والتي اطر شعار "التوافق" مرحلتها الاولى، ويؤطر شعار "الانتقال الديمقراطي" مرحلتها الثانية.
فمن اجل تعويض النزيف الحاد في قاعدته السياسية والاجتماعية ومشروعيته الشعبية كنتيجة مباشرة لمخططات التقويم الهيكلي (83-93) ولمواجهة مخاطر زعزعة الاستقرار السياسي والاجتماعي الهش اصلا، وعلى ضوء تقييم المؤسسات المالية الدولية لحصيلة سنوات "التقويم الهيكلي" اقتنع النظام في بداية عقد 90 من القرن الماضي، بضرورة اعادة صياغة عناصر واليات سياسته الهجومية.
ارتكزت هذه السياسة الجديدة على تجديد ادوات الضبط والمراقبة الاجتماعية المرافقة لادوات الضبط والمراقبة الامنية، والانتقال من تنائية القمع/الاحتواء الى تنائية الاحتواء/الدمج المؤسساتي.
اما الاهداف التي تتوخى هده السياسة الجديدة تحقيقها، فتتمثل في اجهاض ومنع تشكل اية معارضة سياسية او اجتماعية مستقلة عن النظام السياسي ومؤسساته، بغض النظر عن منطلقاتها المباشرة، سياسية او دينية او ثقافية او قومية.
وقد شكل شعار"التوافق" في نفس الان، مظلة سياسية لاحتواء المعارضة السياسية والاجتماعية التقليدية ومأسستها، ورافعة سياسية لتمرير السياسة الهجومية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والية مساعدة لتجديد الالة القمعية واعادة ترتيب وظائف اجهزتها.
وسيشكل شعار"الانتقال الديمقراطي" عنوان المرحلة الثانية، التي تتلخص اهدافها في استكمال الاندماج المؤسساتي للاحزاب السياسية والبيروقراطية النقابية وتنظيمات المجتمع، لتحقيق الهدف الاستراتيجي المتمثل في تحطيم كل معارضة سياسية واجتماعية والتحضير لمواجهة الانعكاسات السياسية والاجتماعية للاندماج في العولمة الراسمالية ومخططاتها الاستعمارية.
لكن هذه الاستراتيجية ستصطدم منذ البداية بمقاومة وميولات سياسية مضادة:
1- محاولات اعادة تشكيل "قطب سياسي" على قاعدة مطلب الاصلاح السياسي والدستوري والمؤسساتي، وهو ما يمثل رغم محدودية وتناقضات مكوناته وضبابية خطها السياسي الاصلاحي، نوعا من استمرارية "معارضة سياسية" غير مندمجة، بعد ان اعتقد النظام ان "التوافق" مع المعارضة التقليدية سيضع حدا لكل اشكال المعارضة السياسية.
2- بروز تيار اسلامي متطرف كقوة سياسية كامنة من خلال خلاياه النائمة في الاوساط الشعبية. وهو معطى يشكل بالنسبة للنظام، تهديدا لاحد الاسس الايديولوجية والرمزية ("امارة المؤمنين") التي يرتكز عليها لتبرير سلطات الملك المطلقة، وتعبيرا عن الفشل في احتواء موجة التجذر الديني من خلال تشجيع تشكيل "حزب اسلامي شرعي" مندمج في المؤسسات السياسية. يمثل هذا المعطى تحديا بالنسبة لنظام يسعى الى اعادة تموقعه في الخريطة السياسية الاقليمية عبر تسويق نمط حكمه كنمودج مستوفي لكل الشروط والمواصفات التي يجب توفرها في حليف اقليمي للامبريالية.
3- نهوض جديد في حركة الصراع الاجتماعي وبداية الخروج من "حالة الانتظارية" التي رافقت فترة "حكومة التوافق" (97 – 2002).
فقد عرفت السنوات الاخيرة تصاعدا مستمرا لموجة الاحتجاجات الشعبية واستعادة النضالات الاجتماعية لديناميتها. كما تميزت ببروز حركة حقوقية معارضة لتبرئة النظام من مسؤلية الجرائم السياسية ضد المعارضة، ومن جهة اخرى بروز تيار امازيغي معارض، يربط بين المطالب الثقافية ومطلب الاصلاح السياسي والدستوري والمؤسساتي...
كل هذه العوامل تعبر عن وجود مقاومة اجتماعية وسياسية مضادة لاستراتيجية النظام.
كما ان الانطلاقة الجديدة للنضالات وبداية تشكل حركات شعبية على قاعدة مطالب اجتماعية شرعية تطعن في صدقية الخطاب الاجتماعي للنظام هي اكثر من مؤشر على فشل رهان الادماج الكلي والدائم للقوى والحركات الاجتماعية، اي فشل احد اهم الاهداف الاستراتيجية للنظام خلال هذه المرحلة.
4- لكن العامل الاكبر الذي اصطدمت به استراتيجية النظام تمثل في بروز حركة اجتماعية (وليس عسكرية) في الاقاليم الصحراوية، حركة تدمج بين مطالب اجتماعية وديمقراطية شرعية ومطلب استقلال سكان الصحراء عن المملكة. وقد شكل هذا المعطى تحديا بالنسبة لنظام بنى جزء من شرعيته على اطروحة مغربية الصحراء. كما شكل تحديا بالنسبة للاحزاب السياسية الملتفة حول النظام باسم "التوافق" و"الانتقال الديمقراطي"، لكنها عاجزة عن تلبية اكثر المطالب الاجتماعية بساطة وجزئية.
لقد مثل هذا العامل مؤشرا اخرعلى فشل سياسة ارشاء الاعيان واستقطاب المنشقين عن جبهة البوليساريو، تمهيدا لاطروحة اقامة "حكم ذاتي في الصحراء".
وقد راهن النظام على انتخابات 7 شتنبر 2007 كمحطة لتجديد النخبة الموالية له من الاعيان واستقطاب مناصرين لاطروحته حول "الحكم الذاتي في الصحراء".
هذا ما يفسرعدم تردد وزارة الداخلية في الاعلان عن "الاقبال الواسع لسكان الصحراء على مكاتب التصويت" وفي الاعلان عن نسبة مشاركة تفوق 50 بالمائة بهذه الاقاليم، وهي ترجمة رقمية غير صحيحة لرهان سياسي لم يتحقق في انتخابات 7 شتنبر، حيث بلغت نسبة مقاطعة سكان الصحراء للانتخابات 90 بالمائة وهو مؤشر ليس فقط عن فشل الرهان السابق حول "الاستفتاء التأكيدي" بل ايضا، على فشل رهان موافقة حد ادنى من سكان الصحراء على اطروحة "الحكم الداتي".
ان حصيلة انتخابات 7 شتنبر في منطقة الصحراء تشكل ضربة قوية عبر اضعف حلقة في استراتيجية النظام خلاله هذه المرحلة.
اضافة الى هذه الميولات المضادة، ستصطدم استراتيجية النظام، بتناقضات اجتماعية وسياسية تحتد تدريجيا، وبوضع اقليمي ودولي لا يسمح بغير الانصياع لمخططات استعمارية مقابل نيل دعم الامبريالية.
كل هذه العوامل مجتمعة ستسرع من دوبان الطلاء الاجتماعي والديمقراطي لملكية العهد الجديد لينكشف من جديد وجهها الدكتاوري والاستبدادي.
لقد راهن النظام على انتخابات 7 شتنبر من اجل التعويض عن انخفاض منسوب "المشروعية الاجتماعية" بزيادة منسوب "المشروعية الديمقراطية". ولعل هذا ما يفسر تدخل الملك نفسه في الحملة الانتخابية لحث "رعاياه" على "المشاركة الواسعة والمسؤلة"، لكن دون جدوى...
فشل رهان المشاركة الشعبية
لم تتجاوز نسبة المشاركة20 بالمائة. واذا ما اخدنا بعين الاعتبار حالات التزوير وشراء الاصوات والضغط المباشر وغيرالمباشر وعدد الاصوات الملغاة (1مليون صوت) يتضح ان هذه الانتخابات لا رهان حولها بالنسبة لاغلبية الشعب.
ومن خلال قراءة في الارقام يتبين ان الشغيلة والجماهير الشعبية والشرائح الوسطى الحضرية لم تشارك في عملية التصويت، وان نسبة المشاركة في الاحياء الشعبية جد ضعيفة. وحدها القرى عرفت مشاركة نسبية للسكان القرويي لكن بنسب اقل من الماضي.
من بين عوامل عدم المشاركة عدم التمييز بين الاحزاب (كلهم بحال بحال) بسبب غياب اي مشروع سياسي مستقل عن "توجيهات الملك" التي تشكل البرنامج السياسي المشترك لجبهة الاحزاب الملكية. كما ان التعاطي الانتهازي والزبوني للمرشحين مع السكان باعتبارهم اصوات وزبناء وليس باعتبارهم مواطنين، سيقلص دائرة المشاركة في حدود شبكة العلاقات الزبونية والعائلية والقبلية في العالم القروي.
لكن رفض المشاركة في التصويت هوايضا تعبير واعي استجابة لدعوة المقاطعة التي دعت اليها جماعات اليسار الجذري المعارض (النهج الديمقراطي، الماركسيين الثوريين التيار القاعدي والتيار الامازيغي والصحراوي...) وتعبير عفوي عن "مقاومة شعبية" لعلاقة الاستغلال السياسي بين الطبقة السياسية والشعب ورفض للنظرة الاحتقارية بين السلطة والشعب. ان الخطاب التكفيري المتشدد على طريقة المحافظين الجدد (معي او ضدي) للضغط على السلوك السياسي للمواطنين وتقسيمهم الى خندقين: خندق "المشاركة المسؤلة" وخندق "العدمية اللامسؤولة" سيؤدي الى نتائج عكسية: تحدي صريح للسلطة الحاكمة.
ان المقاطعة الشعبية الواسعة هي بهذا المعنى تعبير عن بداية تشكل ارادة شعبية مستقلة.
وسواء بلغة الارقام (80 بالمائة) اوبدلالتها السياسية، فقد متلث هذه الانتخابات "استفتاء شعبيا" يكشف عن محدودية القاعدة الاجتماعية وضعف المصداقية الشعبية التي يرتكز عليها نظام سياسي بكل مكوناته، ملكية ومؤسسات واحزاب سياسية.
لهذا نعتبر ان المقاطعة الشعبية الواسعة شكلت اهم حدث سياسي في انتخابات 7 شتنبر، ومن هذه الزاوية يمكن الحديث عن فشل النظام في استغلال العملية الانتخابية لاضفاء شرعية ديمقراطية على مؤسسات العهد الجديد.
العودة الى حزب الاستقلال والكيانات الحزبية الادارية
يمثل "فوز" حزب الاستقلال وعودة احزاب الحركة الشعبية والاحرار وجها اخر لفشل احد الرهانات الاستراتيجية للنظام خلال العقدين الاخيرين: رهان تجديد النخب وتوسيع القاعدة السياسية. فالعودة الى حزب الاستقلال والكيانات الحزبية المصطنعة وتعيين صاحب فضيحة النجاة كوزير اول هو اكبر مؤشر على هذا الفشل، وتقدم صورة كاريكاتورية لشعار"الانتقال الديمقراطي" وتكشف عن عمق الازمة السياسية التي يتخبط فيها نظام الحكم.
ان الاساسي في هذه الانتخابات يجب البحث عنه خارج توزيع المقاعد البرلمانية والحقائب الوزارية بين الكيانات السياسية الحكومية وخارج موقعها الوظيفي (ضمن الاغلبية او المعارضة) فهي كيانات من نفس الصنف الصالح في نفس الان للحكومة والمعارضة. ولعل نسبة الاصوات الملغاة اوضح تعبيرعن استحالة التمييز بينها حتى في صفوف القاعدة الانتخابية المشاركة.
التشجيع المتحكم فيه للتيار الاسلامي الليبرالي
خاض حزب العدالة والتنمية حملته الانتخابية مركزا على شعار محاربة الفساد، مقدما نفسه كحزب يحترم التزاماته وكحزب جديد حامل للتجديد. لكن ذلك لا يمكن ان يخفي انضباط قيادة الحزب لقواعد اللعبة (التي تشكل في حد ذاتها الية لحماية الفساد) واستعدادها للمشاركة في تسيير شؤون الطبقات السائدة على حساب الاصلاح الاجتماعي والديمقراطي. لم يكتسح الاسلاميون الساحة، عكس ما ادعته استطلاعات الراي التابعة للمراكز الامبريالية، فنسبة الاصوات التي حصل عليها الحزب الاسلامي تكشف ضعف قاعدته وشرعيته الشعبية. واذا احتل المرتبة الاولى من حيث عدد الاصوات والمرتبة الثانية من حيث المقاعد فان هذه هي النتيجة يمكن تفسيرها بعاملين رئيسيين:
1- انهيار احزاب المعارضة الوطنية التقليدية وتفكك روابطها الشعبية، وهو ما سمح لهدا الحزب بالبروز كحزب معارض جديد وتعزيز انغراسه في صفوف قاعدة اجتماعية (الفئات الوسطى) شكلت دوما القاعدة الاجتماعية التقليدية لاحزاب المعارضة البرلمانية.
لكن هذه النتيجة كان بامكان السلطة السياسية والادارية التاثير فيها، خاصة وان قيادة الحزب تتمتع بقدر كبيرمن المرونة والانتهازية للقبول بحصة وحجم اقل. فهي تدرك، قبل قاعدتها الانتخابية، ان مصدر التفوق الانتخابي هو السلطة وليس صناديق الاقتراع.
2- الارادة المشتركة بين النظام والولايات المتحدة الامريكية (ولاهداف ومصالح قد تكون مختلفة) في رؤية "حزب اسلامي معتدل" يحتل موقعا متقدما في الخريطة السياسية، لنظام يسير في طريق الانتقال الديمقراطي. ويجب التذكير بان "النمودج الديمقراطي" الذي تسعى واشنطن والرباط لتسويقه في منطقة الشرق الاوسط الكبير، لا يمكن ان يستقيم الا بوجود حزب اسلامي معتدل ضمن الخريطة السياسية.
ان مرتبة حزب العدالة والتنمية سبق وتنبات به وكالات "استطلاعات" الراي و"توقعات" السفارة و"مركز دعم الديمقراطية" الامريكيين. لكن هذا التقدم المتحكم فيه لحزب العدالة والتنمية لم تتوفر بعد كل الشروط السياسية المحلية والاقليمية للانتقال به من المعارضة الى المشاركة في التسيير الحكومي. خاصة في سياق دولي واقليمي يتميز باصطدام هذه الاستراتيجية بتناقض يتمثل في تشجيع الاندماج المؤسساتي للتيارات الاسلامية المعتدلة من جهة، وعدم الاعتراف بفوزها الانتخابي وعزلها، من جهة اخرى، ان هي حاولت نهج سياسة مستقلة او اقامة تحالفات وطنية او اقليمية مناوئة للتحالفات الامبريالية.
انتكاسةاليسار الليبرالي
صحيح ان معظم قادة احزاب اليسار البرلماني لم يحضوا بثقة الناخبين، وان عدد الاصوات المحصل عليها من قبل هذه الاحزاب قد تراجع، كما تراجع وزنها في المناطق والمدن التي كانت تشكل قاعدتها التقليدية. لكن حصة المقاعد المخصصة لهذه الاحزاب وخاصة حزب الاتحاد الاشتراكي، يجب البحث عن تفسير دلالتها السياسية من خارج صناديق الاقتراع.
فبالاضافة الى انفصال هذه الاحزاب عن الطبقات الشعبية هناك ايضا عامل تغير السياق والظرفية السياسية وتغير اهداف النظام خلال هذه المرحلة:
ويمكن ان نسوق عدة عوامل لتفسير تراجع موقع اليسار التقليدي وعلى راسه الاتحاد الاشتراكي:
1- فقدان الاتحاد الاشتراكي لبريقه بفقدان الليبرالية الاجتماعية لمصداقيتها وبريقها.
2- التغيرات في السياق الدولي، فالاتحاد الاشتراكي "الحكومي" ارتبط بمشروع "الشراكة الاورومتوسطية" وعهد صعود الاشتراكية الديمقراطية الى الحكم في اغلب الدول الاوربية. بينما يهيمن حاليا على المنطقة المشروع الامريكي لادماجها سياسيا واقتصاديا وعسكريا في مشروع "الشرق الاوسط الكبير".
كما ان الاستراتيجية الامريكية في المنطقة لا تراهن في المستقبل، على الليبرليين العرب، بل على "الاسلاميين المعتدلين" كحائط دفاعي ضد القوى المعادية للمصالح الامريكية سواء كانت هذه القوى وطنية ديمقراطية او يمينية دينية.
3- وعلى مستوى داخلي لم يعد القصر الملكي وبيروقراطية الدولة ورجال الاعمال في حاجة الى خدمات حزب "اشتراكي" لاحتواء الحركة الاجتماعية وكاداة لتمرير سياسات لاشعبية وكمظلة لاضفاء شرعية سياسية على المخططات الاستعمارية الجديدة.
كما ان الاتحاد الاشتراكي من جهته، فقد الكثير من شعبيته ومصداقيته بفعل مشاركته وقيادته لمسلسل تطبيق السياسات الليبرالية المتوحشة.
كما لا يجب اغفال ان المافيا السياسية والادارية والاقتصادية لم تتوقف عن التعبير عن رفضها و"مقاومتها" لكل اصلاح سياسي او اداري ولو في حدوده الليبرالية.
كل هذه العوامل، اضافة الى ازمة الهوية السياسية والتفكك التنظيمي، لا تمنح الاتحاد الاشتراكي دورا مركزيا في تاتيث الواجهة الديمقراطية سواء على المستوى الداخلي والخارجي.
مازق اليسارالديمقراطي الاصلاحي
لم يحصل "تحالف اليسار" الا على 6 مقاعد، وحتى باضافة مقاعد الحزب الاشتراكي (2 مقاعد) نكون امام اضعف نسبة حصل عليها اليسار الاصلاحي في المغرب عبر كل المحطات الانتخابية. وهي حصيلة، لا تعكس ضعف قاعدة احزاب اليسار الديمقراطي ووزنه السياسي فقط، بل تطرح السؤال حول استراتيجيته السياسية. هذه الاسترتيجية نفسها التي قادت بعد اكثر من 20 سنة الى انهيار وتفكك اليسار التقليدي.
ويجب ان نضيف ان "تحالف اليسار" وعلى خلاف اليسار التقليدي في مرحلة "الصراع" من اجل تحسين موقعه ووزنه داخل المؤسسات، لم يضع اي شرط لمشاركته في الانتخابات. فبعد المعارضة الشكلية للتقطيع والقانون الانتخابيين، انتهى الى القبول بجوهر مشروع وزارة الداخلية والتخلي عن ابسط مطلب للنضال من اجل انتخابات تحضى بحد ادنى من المصداقية، ولو في اطار مؤسسات ونظام سياسي يتعارضان مع قيام انتخابات حرة ونزيهة، وهو مطلب هيئة مستقلة للاشراف على العملية الانتخابية.
لقد كانت المشاركة غير المشروطة كافية لتحجيم القاعدة الانتخابية لتحالف اليسار واضعاف مصداقيته الشعبية الضعيفة اصلا.
واذا كان اليسار التقليدي قد انتهى بعد 20 سنة من "النضال الديمقراطي" الى الاستسلام والخضوع لمنطق المؤسسات فان تحالف اليسار الذي يدعي تشكيل بديل نقدي لتجربة اليسارالتقليدي، قد دشن تجربته الانتخابية بالتخلي حتى عن المطالب السياسية والاجتماعية لليسار التقليدي قبل اندماجه في النظام السياسي: اصلاحات سياسية واقتصادية، اصلاح زراعي، تحسين الوضع الاجتماعي للطبقات الشعبية، تدابير للحد من التبعية والهيمنة الامبريالية..
وعلى عكس اليسار التقليدي، لم تسع احزاب تحالف اليسار الى الارتكاز ولو بشكل محدود، لفرض تموقعها السياسي داخل المؤسسات.
واذا كانت تيارات اليسار الديمقراطي الاصلاحي قد ادركت ان المشاركة في تسيير الازمة وفي تطبيق السياسات الليبرالية، في غياب تنازلات ديمقراطية من قبل النظام قد ادى الى تسريع انهيار اليسار التقليدي وتعميق الهوة بينه وبين قاعدته الاجتماعية، فانها عاجزة عن ادراك ان المشاركة في المؤسسات من موقع المعارضة والمشاركة في تدبير الازمة من موقع الحكومة، هما وجهان لنفس الاستراتيجية السياسية. لهذا ترفض احزاب "تحالف اليسار" القطع، ولو بشكل محدود، مع استراتيجية المشاركة في المؤسسات متوهمة امكانية اعادة تشكيل قوة سياسية اصلاحية جديدة تسمح في نفس الان، بملئ الفراغ السياسي الذي خلفه انهيار اليسار التقليدي وبالحيلولة دون تشكل معارضة ديمقراطية جدرية من خارج المؤسسات.
لكن الحصيلة الانتخابية لتحالف اليسار الاصلاحي هي تعبير عن فشل مزدوج: فشل في تحقيق اختراق انتخابي يسمح لها بتعويض اليسار التقليدي وفشل في تحقيق اختراق شعبي يسمح لها بتعبئة القاعدة الاجتماعية الموضوعية لقوة ديمقراطية جذرية.
هذا الفشل على مستوى المؤسسات وعلى المستوى الشعبي هو تعبير واضح عن مازق الافق الاستراتيجي لمشروع اليسار الديمقراطي الاصلاحي: مازق مشروع بناء قوة سياسية اصلاحية بواسطة استراتيجية سياسية انتخابية في غياب اصلاحات ديمقراطية فعلية، مازق "الاصلاحية دون اصلاحات".
ازمة اليسارالجذري
يمكن ان تشكل نسبة المقاطعة المرتفعة والرفض الشعبي للمؤسسات وعدم الثقة في الطبقة السياسية، عوامل ارتياح بالنسبة لجماعات اليسار الجذري. لكن الامر ليس كذلك للاسف، فقد اعادت هذه الانتخابات التاكيد على ضعف اليسار الجذري كما كشفت عن تخبطه في ازمة عميقة يمكن ان يترتب عنها احباط عام في صفوفه.
1- حزب الطليعة
بالرغم من كونه ليس تيارا معاديا للراسمالية، رغم مزاعمه الاشتراكية، فان تشكله على قاعدة رفض "المسلسل الديمقراطي" (على الاقل كما تعاطت معه المعارضة التقليدية) وتموقعه خارج المؤسسات ومقاطعته للمسلسل الانتخابي لمدة 20سنة، جعله يعكس حالة تجذر نسبي في الحركة التقدمية المغربية، مقارنة مع التطور اليميني لليسار الانتخابي.
لكن التحاقه بالخط الانتهازي وقبوله بالوحدة مع التيارات المنحدرة من الاتحاد الاشتراكي ومنظمة العمل على قاعدة اصلاحية، يمثل انعطافا في المسار السياسي لهذا الحزب.
يمكن تفسير هذا الانعطاف بعدة اسباب، بعضها يجد جذوره في التصورات التقليدية لهذا الحزب (بناء جبهة وطنية ديمقراطية مع تيارات المعارضة المستقلة عن الاتحاد الاشتراكي) والبعض الاخر يجد تفسيره في ازمة تموقعه السياسي. فعلى يساره يقف تيار النهج الديمقراطي، الاكثر مصداقية وكفاحية والاكثر ارتباطا منه بالنضالات وبمجموعات اليسار الجذري الاخرى. وعلى يمينه يقف الحزب الاشتراكي الموحد وحزب المؤتمر الوطني الاكثر ارتباطا باليسار البرلماني والافضل تموقعا منه في الساحة السياسية والاكثر استعدادا للتعبير عن خط سياسي اصلاحي لمعارضة برلمانية.
بالاضافة الى هذه الاسباب، هناك عوامل ذاتية داخلية تتمثل في توقف هذا الحزب عن تجديد صفوفه واندماج العديد من اطره، من موقع بيروقراطي، في اجهزة الجمعيات والنقابات، وتربع قيادة انهزامية على راس الحزب.
سرعت هذه العوامل مجتمعة، من تاكل الحزب وانضجت كل شروط استسلام قواعده لضغط الميولات اليمينية المهيمنة على الساحة السياسية والتي لم تجد مناعة داخلية لاختراق صفوفه.
ان الحصيلة السياسية لهذا الحزب في اول تجربة انتخابية له تضع السؤال، ليس حول اتجاهات تطوره، بل حول امكانيات الحفاظ على استمرار وجوده ككيان سياسي مستقل.
2- النهج الديمقراطي
رغم تحليله الصائب للمسلسل الديمقراطي والانتخابي ورفضه تزكية هذا المسلسل، لاسباب نتفق معه في مجملها، الا ان هذا التحليل والتموقع خارج المؤسسات هو نفسه يضع الخط السياسي الاستراتيجيي لحركة النهج الديمقراطي موضع نقاش.
لقد دافع تيار النهج الديمقراطي منذ تشكله على خطين سياسيين لبناء بديل ديمقراطي:
1-مشروع القطب الديمقراطي الجذري ومشروع حزب الطبقة العاملة وعموم الكادحين.
وليست محاولة الربط بين المشروعين سوى تعبير عن الغموض الذي يلف كلا المشروعين وافاق بنائهما. وبسبب من هذا الغموض (اضافة الى عوامل اخرى موضوعية) لم يتقدم تيار النهج الديمقراطي في تحقيق تقدم في اي من الاتجاهين.
فامام اول امتحان، وجد تيار النهج الديمقراطي نفسه خارج "قطبه الديمقراطي" وفي حالة طلاق سياسي مع "حليفه الاشتراكي". فبسبب من عدم وضوح مشروعه السياسي وبسبب التدبدب بين خيارين، لم يتمكن تيار النهج الديمقراطي من التاثير داخل تجمع اليسار الديمقراطي لفرز قوى جذرية لصالح اختياره التكتيكي القاضي بمقاطعة الانتخابات.
ان الاختلاف بين تيار النهج الديمقراطي وباقي مكونات تجمع اليسار الديمقراطي في مسالة الانتخابات ليست مجرد اختلاف في التكتيك والتقديرات، بل هو تعبير عن تعارض بين خطين سياسيين: خط سياسي ليسار اصلاحي برلماني، وخط سياسي ديمقراطي ليسارجذري.
وقد سبق ان تطرقنا بتفصيل في عدد من نشرة "البديل الاشتراكي" الخاص بمؤتمر النهج الديمقراطي، لتناقضات الخط السياسي لهذا التيار. وسنقتصر هنا على اعادة التذكير باحد تجليات هذه التناقضات: الخلط بين المعركة من اجل الوحدة النضالية لقوى اليسار السياسي والاجتماعي (مشروع جبهة سياسية-اجتماعية) على قاعدة مطالب ديمقراطية واجتماعية ملموسة، وبين معركة بناء بديل ديمقراطي جذري (مشروع قطب معادي للراسمالية).
ان الالتقاء حول مشروع بناء بديل ديمقراطي جذري يفترض على الاقل، الاتفاق حول المسالة التالية: الاستقلالية ازاء مؤسسات الدولة، وهو ما يعني رفض المشاركة في مؤسسات وسياسات تدبير الازمة السياسية والاجتماعية.
لو كان هذا الاتفاق حاصلا مع مكونات تجمع اليسار الديمقراطي لاتخد النقاش حول مسالة الانتخابات مسارا اخر: ما هو التكتيك الدي تسمح به الشروط السياسية الملموسة؟ المقاطعة ام المشاركة؟ اية علاقة يجب ان تكون بين هذا التكتيك (المشاركة/المقاطعة) وهدف تطوير نضال سياسي جماهيري مستقل؟.
ان طبيعة التحالف (على قاعدة برنامج حد ادنى) الذي اقامه تيار النهج الديمقراطي مع تيارات اليسار الاصلاحي، لم يسمح، لا بالتقدم في بناء قطب ديمقراطي يتمتع بمصداقية شعبية، ولا بالانغراس في صفوف الجماهير الشعبية لمراكمة القوى لبناء حزب سياسي مستقل للعمال والكادحين. ان التحالفات الخاطئة قادت على الدوام اما الى تعزيز القوى الاصلاحية والميولات اليمنية واما الى تعزيز الاتجاهات اليسراوية وتغدية الميولات العصبوية.
هل سيتمكن تيار النهج الديمقراطي من حسم مشروعه السياسي وتدقيق تحالفاته، على ضوء ما كشفت عنه انتخابات 7 شتنبر؟ هذا ما نتوخاه وننتظره، لان من شان ذلك ان يفتح افاق جديدة امام اعادة توحيد قوى اليسار الجذري.
3- جماعة المناضل(ة)
اذا ما تركنا جانبا الاتفاق العام مع الرفاق في جريدة المناضل (ة) حول استحالة اي تغيير حقيقي بدون نضالات شعبية وبناء حزب ثوري، وبان كل الاحزاب المتنافسة في انتخابات 7 شتنبر هي وجه لحزب واحد في خدمة الاستغلال والامبريالية، فان قراءة البيانات والمقالات الصادرة عن الجريدة تطرح عدة اسئلة. فقد دافع الرفاق اكثر من مرة على امكانية المشاركة في الانتخابات وانتقدوا بشدة المواقف الداعية لمقاطعتها، بحجة ضرورة استعمال الانتخابات والمؤسسات البرلمانية في مرحلة التراجع كمنبر للتشهير والتحريض والدعاية للافكار الاشتراكية، ومقاطعتها في مراحل النهوض الثوري لاسقاطها واستبدالها بالمجالس العمالية. دليلهم المرجعي في ذلك هو نجاح البلاشفة الروس في بداية القرن الماضي في تطبيق هذا التكتيك.
بالتاكيد ان الموقف من الانتخابات هو مسالة تكتيكية (وتيار النهج الديمقراطي والتضامن وكل الجماعات اليسارية التي دعت لمقاطعة الانتخابات لا تقول بعكس ذلك). وصحيح ايضا ان المقاطعة لا تعني فقط دعوة الجماهير الى عدم التصويت، بل تعني القيام بحملات تعبئة جماهيرية حول مطالب وتدابير سياسية بديلة. لكن النظام السياسي في المغرب ليس هو النظام القيصري في روسيا بداية االقرن الماضي، وبنية ووظيفة مؤسسات النظام الملكي في المغرب، ليست هي نفسها بنية ووظيفة الدوما القيصرية. كما ان السياق التاريخي والسياسي في الحالتين مختلف جذريا.
ان الدفاع عن تكتيك المشاركة في الانتخابات اسابيع قبل موعدها والدعوة لمقاطعتها ايام معدودة على تاريخ اجرائها، هو تعبيرعن تخبط مصدره الغموض حول طبيعة المرحلة وغياب اي تدقيق للمهام السياسية المرحلية، وهذا حال اغلب الجماعات اليسارية الاخرى. وهذا ما سنركز عليه في نقاشنا مع هذه الجماعات.
مهام التيارات الجذرية
ان السمات العامة المميزة للمرحلة الراهنة على مستوى الحركة العمالية والديمقراطية تتمظهر في:
1- تعميق ازمة الطبقة العاملة وحلفائها: لم تعد ازمة الحركة العمالية محصورة في ازمة اختيارات سياسية مهيمنة وقيادات بيروقراطية متسلطة تعيق تجذر وتطور الحركة، بل اصبحت الازمة تطال كل اشكال التنظيم والنضال والوعي. وهي ازمة تتغدى من اختلال موازين القوى الاجتماعية، بفعل حصيلة الهزائم المتتالية للعمال والجماهير الشعبية في نضالاتها اليومية، كما تتغدى من اختلال موازين القوى السياسية، بفعل اندماج اليسار التقليدي في النظام السياسي وضغط الميولات اليمينية داخل اليسار الديمقراطي واصطفاف القيادات النقابية الى جانب النظام وارباب العمل، وتنامي تاثير وانغراس التيارات الاسلامية في الاوساط الشعبية.
2- تعميق الهوة الفاصلة بين الاجيال الجديدة وبين المعركة التاريخية لليسار والحركة العمالية بشكل عام.
وهي ازمة تتغدى من (وتغدي) ازمة الحركة العمالية والديمقراطية. فالاجيال الجديدة التي تصعد لاول مرة مسرح النضال الاجتماعي والسياسي، لم تعد مشدودة بروابط تاريخية او سياسية او ايديولوجية للتجربة التاريخية لليسار وتاريخ الحركة العمالية ولا تشكل هذه الحركات مرجعية لها في تبني اشكال التنظيم والنضال والتعبير.
3- بداية طور جديد من النضالات الاجتماعية والشعبية وبروزاشكال جنينية للمقاومة. لكن هذه السيرورة يحد من وتيرة تطورها تقل حصيلة التجارب الماضية من جهة، وعنف الهجوم السياسي والاقتصادي لطبقات السائدة.
4-احتداد التناقضات الاجتماعية والسياسية بالموازاة مع تعميق ازمة المسلسل الديمقراطي وازمة مؤسسات التعاون الطبقي.
هدا التطورالمتفاوت والمركب للازمة الاجتماعية وازمة المسلسل الديمقراطي ومؤسسات واحزاب ونقابات التعاون الطبقي، يطرح امكانية موضوعية لنضج أزمة سياسية شاملة.
في ظل هذه الشروط مجتمعة، تطرح على قوى اليسار الجذري مهام سياسية واجتماعية يمكن تركيزها في:
اعادة البناء من اجل البناء
1- اعادة بناء حركة عمالية وشعبية مستقلة، من اجل بناء معارضة سياسية واجتماعية على اسس طبقية لنضال ديمقراطي جذري ومعادي للراسمالية.
2-اعادة بناء استراتيجية سياسية بديلة من اجل بناء ميزان قوى سياسي واجتماعي لصالح مشروع التغيير الديمقراطي الجذري.
3- اعادة بناء اليسارالجذري المعادي للراسمالية من اجل بناء الادوات السياسية المستقلة للعمال والكادحين والمضطهدين.
لكن التقدم بشكل ملموس في تحقيق هذه المهام، غير ممكن في ظل وضعية دفاعية وفي ظل اختلال فضيع لموازين القوى.
بل ان التقدم في تحقيق هذه المهام يتوقف الى حد كبير على تحفيز وتطوير تعبئة اجتماعية وسياسية واسعة تسمح باعادة تسييس واسعة في صفوف الشغيلة والجماهير الشعبية، وخصوصا الاجيال الجديدة، وباستعادة الثقة في النضال والتنظيم وبناء وعي جماعي بالمصالح المشتركة للمضطهدين والايمان بامكانية تغيير جذري، ديمقراطي ومعادي للراسمالية.
ان تحديات من هذا الحجم تفترض تجاوز العوائق التالية:
1- عائق تشتت وانقسام قوى اليسار الجذري:
لا احد يمكنه اليوم ادعاء احتكار مشروع بديل ديقراطي، ولا احد يمكنه ادعاء توفره على القوى والوضوح السياسي الكافيين لتحفيز وتجميع وتوحيد النضالات الشعبية. ولا احد يمكنه ادعاء القدرة على اعطاء قاعدة جماهيرية لادوات النضال. ولا احد يمكنه اليوم ادعاء تشكيل "النواة الصلبة" التي ستتجمع حولها القوى الضرورية لبناء الحزب الثوري المنشود....
بمعنى اخر لا احد يمكنه اليوم الدفاع عن مبررات مقنعة لتفسير انقسام قوى اليسار الجذري المعادي للرسمالية، واقناع الجماهير الواسعة بان هذا الانقسام هو في مصلحة معركة التحرالاجتماعي والديمقراطي، الذي هو في نهاية المطاف من صنع الجماهير نفسها.
ان التعصب الدغمائي والانغلاق العقائدي حول "ماركسية لينينة" او "تروتسكية" او غيرها من الاجسام الايديولوجية المحنطة، لا يمكنه ان يمنح شرعية سياسية للانقسامات الحالية.
ان "اعادة تجميع" قوى اليسارالجذري تقودنا الى العائق الثاني الذي يجب العمل على تجاوزه.
2- عائق العلاقة مع التيارات الاصلاحية (ليبرالية وديمقراطية):
علينا في نفس الان تصحيح خطأ اعتبار تيارات اليسار الديمقراطي الاصلاحي شركاء لبناء بديل ديمقراطي واجتماعي جذري وخطأ اعتبارها نسخة طبق الاصل لاحزاب اليسار الليبرالي، والتي لم تعد تشكل في اية واجهة نضالية حليفا ولو بمعناه التكتيكي.
صحيح ان قيادات اليسار الديمقراطي عاجزة عن قطع حبل الصرة مع اليسار الليبرالي واستراتيجية النضال الديمقراطي، وصحيح ايضا ان هذه الاحزاب والتيارات تعيش انحدارا سياسيا وايديولوجيا في ظل مرحلة مثقلة بالتحديات السياسية والايديولوجية، لكن هذا لا يعني اعتبارها "عدوا" او انكار وجود قوى مناضلة داخلها.
ان معركتنا اتجاه التيارات الديمقراطية الاصلاحية (سياسية واجتماعية) هي معركة النضال المشترك والوحدوي على قاعدة مطالب واهداف موحدة ومحددة تسمح بحشد القوى لمواجهة عدو مشترك.



#التضامن_من_اجل_بديل_اشتراكي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعريف تيار التضامن من اجل بديل اشتراكي
- وحدة اليسار الجذري خطوة ملموسة نحو حزب مستقل للشغيلة والجماه ...
- إعادة بناء مشروع نقابي ديمقراطي وكفاحي خطوة نحو بناء حركة عم ...
- انتفاضة سكان سيدي افني ايت باعمران: تحديات مسلسل نضالي جديد
- يوم 21 ماي بداية الإضراب العام وليس نهايته


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التضامن من اجل بديل اشتراكي - تقرير عام: نتائج انتخابات 7شتنبر ومهام اليسار الجذري