أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس السابع في التربية الشيوعية














المزيد.....

الدرس السابع في التربية الشيوعية


حسب الله يحيى

الحوار المتمدن-العدد: 2660 - 2009 / 5 / 28 - 09:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا اعرف متى حل بيننا هذا الرجل الغريب،لكنني فتحت عيني ذات صباح وإذا برجل لم أره من قبل يجلس بيننا ويقاسمنا فطور الصباح.
سالت امي:
- من هذا الرجل؟
إكتفت بكلمة واحدة : - يونس.
أضاف أبي :- عمك يونس سيعيش معنا..كان مسافراً وعاد للعيش معنا..
ضحك العم يونس ودعاني للجلوس الى جانبه..قبلني بحرارة ..قال:
- أنت حسيب إذن..
قلت : نعم.
قال : ياحسيب،سوف نكون أصدقاء منذ الآن.
سألته : وهل ستبقى في البيت لنلعب معاً..الا تذهب للعمل؟
- لا .. سأبقى معك ، أنا عاطل عن العمل.
وبقيت لسنوات وفي علمي أن العم يونس .. عمي شقيق أبي ومن المألوف أن يعيش بيننا بوصفه واحداً من أفراد العائلة.
لكن ما أثار إنتباهي إن العم يونس كان يتكلم بضع كلمات مع ابي بلغة غريبة عرفت فيما بعد أنها اللغة الكوردية .. وقد حاول العم يونس أن يناديني بمفردات كوردية .. حتى أصبحت آنس لها وأحسها صميمية وان العم يونس لايستخدمها الا عندما يزداد شجنه وتتوطد صداقته معي .. ويعاملني كما لو انني كنت في عمره .. مع انني كنت في عمر صغير.
- كاكا حسيب .. تعال نقرأ هذه القصة..
- عمو .. هذه قصة طويلة لايمكن أن ننهيها لا اليوم ولا غداً.
يبتسم قائلا :
- فليكن .. ولو بعد شهر.
وأقرأ العنوان : (الأم) والى جانب الكلمة .. إسم غريب : مكسيم غوركي
- عمو ..
- قل لي كاكا ..
- ولكنك عمي .
- عمك وصديقك .. وأفضل أن نكون أصدقاء أولاً .. ما رأيك؟
- كما تحب عمو ..
يضحك من جديد.
- حسيب .. هذا الكتاب يتحدث عن أمهاتنا .. وقد كتب هذا الرجل عن أمه وإسمه مكسيم غوركي.
- ولكنني اعرف أمي.
- وكذلك أنا ..
- أخوك وعد الله يقول : من قلب أمهاتنا نعرف قلوب كل الامهات.
اعدت العبارة في داخلي حتى حفظتها.
- إذا عرفت أمي .. هل سأعرف أمك أيضاً؟
بالتاكيد .. كل الامهات يشتركن في صفة اساسية هي الحنان ..
- وإذا أختفى هذا الحنان من قلب الام؟
معنى هذا أنها لاتملك قلباً وبالتالي لم تعد أماً.
بهذا الحافز بدأت قراءة (الأم) مع العم ،عفواً / الصديق العزيز يونس.
وتوطدت العلاقة معه ، حتى وجدتني أتعامل واياه كما لو أنه في طفولتي التي لم تكن تميز الاعمار بشكل جيد.
وتنبه أبي الى الود العميق الذي يجمع بيني وبين يونس .. حتى وجدت نفسي أساله يوماً :
- عمو .. لماذا تخشى الابواب ، فتحها وغلقها .. لماذا تهرب من مواجهة أي ضيف يحل بيننا؟
- حسيب .. لقد كبرت ، وعليّ أن اصارحك واكون صادقاً معك .. انا صديق عمك ، رفيقه في الحزب الشيوعي .. الحكومة تطارد أعضاء الحزب وتريد إعتقالهم .. كما فعلت مع أخيك.
- أنت هارب إذن وفي حمايتنا .. إطمئن.
إحتضنني بقوة :
- حسيب .. أنت ذكي ، وتعرف ما أريد توضيحه .. أنت لاتكلفني اعباء الشرح والتوضيح .. وهذا يعني ..
قاطعته وقلت :
- يعني أن لايعرف أمر وجودك هنا .. أي إنسان.
- نعم .. عندما تعرف الحكومة أنني هنا ستعتقلني وربما تعدمني ..
حزبنا ممنوع ، وأنا عضو في هذا الحزب الممنوع.
- هذا يعني أنك ستبقى متخفياً لمدة طويلة؟
- هل يضجرك هذا .. سأغادر البيت إن كان ذلك يسعدك؟
- لا .. لا عمو يونس انت واحد منا .. أنت العم والصديق ..أنت صديقي وصديق أخي وأبي وواحد من أفراد العائلة.
ومضت اعوام والعم يونس .. لم يغادر عمومته في قلبي مثلما لم تغادر صداقته وألفته التي تجعلني أحس بالغبطة ..
كنت أتبين عمق الصداقة والثقة التي تجمع بين أخي وهذا الرجل..
مثلما كنت ادرك طبيعة التغيرات التي جعلت من هذا الشيوعي الكوردي أثيراً لدى كل فرد من أفراد العائلة..
وعندما حانت ساعة الولادة لأمي الحامل .. قرر أبي أن يقوم العم يونس بنفسه بتسمية المولود الجديد إكراماً له .. فأطلق على اخي الذي أطل على الدنيا إسم (باسم) فرضينا بالاسم فرحين مستبشرين.
وسألته :
- عمو يونس .. لماذا إخترت هذا الاسم؟
- حسيب عزيزي .. لابد أن نبتسم للمستقبل ونعد انفسنا لاستقباله.
اذا لم نبتسم فان الامل سينصرف ويغادر هذا البيت الى الابد.
- وهل سيرضى وعد الله بهذا الاسم ؟
- بالتاكيد .. لأنه متفائل بالحياة أن تزهو يوماً ، وان الشمس لابد أن تضيء ذات الصباح.
وابتسمت ليونس .. وسألته :
- ألا تعتقد بأنك سجين هنا .. واخي سجين هناك .. ما الفرق؟
- الفرق .. انني لا أضع مصيري بيد الحكومة ..
- وهل وضعها أخي؟
- مضطراً .. لو أفلح بالهروب من سجن الحكومة لكن ذلك أفضل بكثير .. ومع ذلك .. هو يعمل من داخل السجن وأنا اعمل من خارجه .. كلانا نعمل بالطريقة والوسيلة المناسبة من اجل الوصول الى حياة أفضل ..
- وماذا تعني الحياة الافضل ياعم يونس؟
- ان نضمن رغيفنا ، وأن نقول رأينا بلا خوف ، وأن نطمئن على مستقبلنا ومستقبل أبنائنا ، وأن يسود العدل بيننا ، وأن نتساوى في الحقوق والواجبات ، وأن ...وأن..
- عمو .. هل تعلمت الحياة الافضل من أخي وعد الله ؟
- تعلمناها معاً من الحزب.
- من هو الحزب ؟
- أخوك وأنا وأنت – إذا رغبت – وكل من يسعى لتحقيق الحياة الافضل لنفسه وللآخرين..
تأملت وجهه ، وسألته :
- ولكن الواحد منكم يدفع حياته ثمناً لهذا الهدف .. هل تستحق الحياة كل هذه التضحية..
- نعم .. الحياة كما نريدها .. نقية مزدهرة ، وتستأهل التضحية.
تنبهت الى عينيه وهما ترصدان وجهي .. وتبحثان عن جواب كان واضحا في معالم وجهي ..
- حسيب .. هل تحب وعد الله ؟
- ومن لايحب أخاه .. ولكنني اخشى عليه وهو يضع نفسه في التهلكة !
- إذا كنت تحبه حقا ..إعمل على ان تحب الحياة مثله ..
- وإذا فقدته ؟
- لن تفقده ..أنه في قلب الحياة .






#حسب_الله_يحيى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس الثامن في التربية الشيوعية
- الشهيد وعد الله النجار .. علمني كيف يحب بعقله!
- الدرس الرابع في التربية الشيوعية
- الدرس الثالث في التربية الشيوعية
- الدرس الثاني في التربية الشيوعية
- النقد في منظورين : الجفاء والوفاء
- الدرس الاول في التربية الشيوعية
- للكوارث في العراق الراهن..تسلسل خاص.
- الاعلام العراقي في شبكة
- نهار المدى .. شارع وحياة
- في ثقافة المصالحة والتسامح
- إعدام حلم
- الزعيم يختار الخراف الرشيقة
- الموجة تعشق البحر
- البراعة في احتمال الأذى
- سادة الانتخابات
- الأفاق الاجتماعية للكورد
- بيان في المسرح التجريبي
- في جامعة بغداد :الدراسات العليا بين الجد والمزاج
- غابرييل غارسيا ماركيز: الواقع وأبعاده


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسب الله يحيى - الدرس السابع في التربية الشيوعية