أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالاله سطي - مسرحة السياسة: قراءة في المشهد الانتخابي المغربي















المزيد.....

مسرحة السياسة: قراءة في المشهد الانتخابي المغربي


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 2659 - 2009 / 5 / 27 - 04:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


قد يعجز المحلل للظاهرة السياسة في بلوغ غاياته العلمية واستنتاجاته الفكرية إذا اعتمد فقط على محددات وآليات علم السياسة. لماذا؟ لأن الفعل السياسي لا يمكن أن يفسر بالسياسة فقط، بل هناك مصوغات ومحددات أخرى تتدخل في صنع الظاهرة السياسية، اقتصادية منها واجتماعية وثقافية ونفسية كذلك، لذا يتطلب الأمر من عالم السياسة أن يكون حذرا كلما فكر في تفكيك ظاهرة سياسية معينة عابرة كانت أم قارة.
أردنا من هذا المدخل فقط أن نجعل من حديثنا في هذه المقالة حول المشهد الانتخابي في المغرب، محاولة لتغيير زاوية مقارعتنا لهذا الموضوع، بالاستعانة بأدوات خارج علم السياسة لدراسة موضوع في علم السياسة. وذلك ليس من قبيل التمرد على هذا العلم أو عجزه على التحليل، وإنما فقط لكون خصوصية المشهد السياسي المغربي الحالي أضحت تستدعي مقاربات نوعية من زاويات نظر أخرى غير المعتمدة تقليديا.
خصوصا إذا علمنا أن الفعل السياسي هو فعل كلي تتفاعل فيه بشكل رفيع كل أبعاد وعناصر الواقع الإنساني النفسية والاقتصادية والاجتماعية واللغوية ووجهها الواقعي واليوتوبي، لدرجة أن إخراج Mise en scène الفعل السياسي وكيفية تقديمه، ومراحل عرضه، ولغة طرحه أصبحت في حد ذاتها فنا خاصا كما يضيف الدكتور محمد سبيلا.
وهذا الفن الخاص تتجلى معالمه بشكل بارز من خلال قراءة ما يجري ويدور في خبايا وظواهر المشهد الانتخابي الحالي في المغرب، إذا اعترفنا جزافا أن زمنية المشهد الانتخابي تمتد قبيل وبعد العملية الانتخابية ليس بقليل من الزمن. حيث يمكن وصف صورة هذا الأخير بنوع من المسرحية السياسية بما تحمله من شروط ومقومات تدل فعلا على أنها مسرحية. مسرحية من نوع خاص ولديها جمهور خاص بممثلين خاصين، الشيء الذي يجعلنا أن نقول بأننا بدأنا نؤسس لنوع جديد من السياسة في المغرب، سياسة بدراما السينما وتراجيديا المسرح. وهذا ما يمكن إبرازه من خلال العناصر التالية:
1) بروز فاعل جديد على الساحة الحزبية متمثلا في حزب الأصالة والمعاصرة، يحمل مشروعا سياسيا قال عنه أصحابه أنه مشروع الملك ومشروع المغاربة جميعا. هذا الحزب من مؤسسيه البارزين أحد الوزراء السابقين بوزارة الداخلية، وأحد الأصدقاء المقربين للمك. مناسبة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو تعتبر أول خروج بارز له للمبارزة السياسية في المحك الانتخابي المغربي، مما أدى به إلى محاولة خلق خطاب يتميز بنوع من الحدة تجاه الأحزاب القائمة، خصوصا حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي التي نعتها بأحزاب ما فتئت تردد خطابا واحدا منذ 30 سنة، بمعنى أنها أحزاب غير مجددة وغير فاعلة، بالإضافة إلى مهاجمته لحزب العدالة والتنمية على اعتبار مرجعيته الإسلامية، التي يعتبرها حزب الأصالة والمعاصرة مرجعية الجميع ولا يحق أيا كان أن يحتكرها لنفسه. هذا وفي خطوة أخرى يصر الحزب على تبني التوجهات الملكية كتوجه رئيسي وفعلي وكاختيار لا مندوحة عنه. بطبيعة الحال أثارت هذه الخطوات حفيظة باقي المكونات الحزبية خصوصا حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، اللذان اعتبرا أنفسهما معنيان بشكل كبير بتصريحات أعضاء الحزب وتوجهاته، مما خلق بولميك سياسي بين هذه الأطراف لا زالت تداعياته تطفو على سطح المشهد الانتخابي المغربي.
2) من مشاهد العملية الانتخابية في المغرب هو العزل الذي طال أحد قيادي حزب العدالة والتنمية وعمدة مدينة مكناس قبيل العملية الانتخابية بقليل، نتيجة تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي أقر خروقات بإدارة هذا الأخير لمجلس مدينة مكناس. مما أدخل الحزب في نفق ضيق وأزمة ثقة لم يحسن تصريفها بالشكل الجيد، حيث لو كان تعرض لنفس الأمر أحد الأحزاب التقليدية الأخرى لما ترك العملية تمر بتلك البرودة التي واجه بها حزب العدالة والتنمية قرار وزارة الداخلية. مما يوحي بأن الحزب يعتبر الحلقة الأضعف خلال الانتخابات الجماعية ل12 يونيو 2009.
3) وزارة الداخلية لم تغب عن الكليشيهات السابقة للعملية الانتخابية، حيث سرعان ما أدينت من طرف حزب الأصالة والمعاصرة لما اعتبر هذا الأخير أنه مطارد من قبلها، خصوصا حينما راج خبر حول إمكانية إقدام وزارة الداخلية على منع البرلمانيين الرحل من الترشح في الانتخابات الجامعية بحكم ما تقضيه المادة 5 من قانون الأحزاب. كما اعتبرت وزارة الداخلة أيضا حاضرة من خلال قرارات العزل التي طالت مجموعة من رؤساء الجماعات أبرزها عمدة مدينة مكناس بلكورة. وأيضا من خلال استطلاع الرأي الذي أنجزته حول توجهات الناخبين، الذي خلص إلى إعطاء نسبة 10% من نسبة الأصوات إلى حزب الأصالة والمعاصرة ونسبة 4% إلى حزب العدالة والتنمية. نسبة اعتبره الكثير من المحللين تتجه في إرباك حزب المصباح، وإعطاء صورة الحظوة الشعبية لحزب الأصالة والمعاصرة.
4) قبيل العملية الانتخابية أثار الخروج الإعلامي للقيادي الاستقلالي حميد شباط حول الزعيم الاتحادي السابق المهدي بن بركة، ردود فعل قوية تجاه حليف حزب الاستقلال في الكتلة الاتحاد الاشتراكي، تصريحات تناولت بمجملها سبا وقدحا في مدى نزاهة العمل السياسي للمهدي بن بركة الذي لا يزال مجهول مصيره لحد الساعة. لم يتأخر رد فعل زعماء الاتحاد الاشتراكي حيث سرعان ما أدانوا تصريحات شباط وخرجاته الإعلامية التي لم يتوان أن يؤكد فيها هذا الأخير كلامه وتصريحاته.
كانت تلك جملة من العناصر التي تؤثث المشهد الانتخابي المغربي، عناصر تحتاج إلى وقفة تأمل بنظرات ليست سياسية فقط بل نفسية واجتماعية وسينمائية أيضا، مما يحيل على ثلاث ملاحظات:
الملاحظة الأولى: هي غرابة وبرانية مضمون الجدل السياسي الذي يدور ما بين الأحزاب المغربية، عن المضمون الحقيقي الذي كان يجب أن يكون محل جدال بين هذه الأخيرة، ففي الوقت الذي من المفروض أن تصارع هذه الأحزاب على صياغة برامج سياسية تكون محط نقاشاتها وصراعاته، نجدها تصنع الفرجة والاحتفالية الدرامية من خلال إما النبش في التاريخ، أو مهاجمة الآخرين بدون معيار وازن وحقيقي للنقد وبشكل متناقض في كثير من الأحيان. فمثلا حزب الأصالة والمعاصرة الذي روج خطابا معاديا للإسلام السياسي، سوف يرج في آخر تصريح له بمدينة مراكش للعدول عن هذا الخطاب حينما جاء على لسان زعيمه علي الهمة بأن حزب العدالة والتنمية لا يمكن نعته بالظلامي بل هو حزب منخرط في المشروع الحداثي الديمقراطي التنموي الذي ينهجه المغرب، ردود فعل حزب العدالة والتنمية على لسان أحد قيادييه الحسن الداودي، سوف يكون مرحبا للخطاب الجديد وهو الذي كان حتى وقت قريب يشكك في نوايا حزب الأصالة والمعاصرة.
الملاحظة الثانية: لا يمكن التكهن ولو جدلا بأن هناك حزب سياسي حقيقي في المغرب في ظل الوضعية التي يعرفها حاليا، فقط لأن وظيفة الحزب السياسي لا تقتصر على الرهان الانتخابي والمزايدة على الخصوم السياسيين، بل هي تتجاوز ذلك إلى التنشئة السياسية والتأطير الجمعوي القائم على ثقافة الديمقراطية، والحرية والمساواة والحداثة ومضامين الحكم الحكيم. كل ذلك نجده غائبا في الحزب المغربي الذي لا يحسن إلا لعب الأدوار التي تخلق الفرجة القادرة على جلب أكبر نسبة من الجمهور. لكن هذه النجومية المسرحية إن كانت فاعلة في مجال السينما والمسرح فهي ليست ذي فعالية في الجانب السياسي الذي يعتبر اللبنة الأساسية لتقوية الدولة أو إضعافها.
الملاحظة الثالثة: قبيل العملية الانتخابية راج في الصحف كلام حول ورود مذكرة وزارية عن وزارة الداخلية تمنع بموجبها البرلمانيين الرحل على الترشح بتفعيل المادة الخامسة من قانون الأحزاب، مما لاقا استياء كبيرا من قبل حزب الأصالة والمعاصرة الذي اعتبرها مذكرة موجهة لإضعاف الحزب بحكم أن تركيبة فريقه البرلماني تتكون من مزاييك من الرحل. بعد ذلك يتضح أن موضوع المذكرة شيء عال عن الصحة، في ذات الوقت تمنع العديد من مراكز استقبال الترشيحات ملفات النواب الذين غيروا جنسيتهم السياسية بعد أن كانوا قد فازوا بمقاعد برلمانية بألوان سياسية أخرى، قبل أن يتدخل القضاء الذي أنصف هؤلاء وسمح لهم بالترشح.
وعليه يخلص بنا الكلام في هذه المقالة إلى النتيجة التالية، أن السياسة في المغرب بدأت تماهي المسرح والسينما بكل ما يقتضي ذلك من مشاهدين وممثلين وحبكة نصية شيقة، وما تحمله من أدبيات النص المسرحي.
هذه التمثيلية لا يمكن الجزم بأنها ستدفع في اتجاه توطيد العمل السياسي وعقلنته، وبالتالي المصالحة مع الناخب المغربي والدفع به إلى صناديق الاختيار، وإن كان الهدف ليس دفع المواطنين إلى الذهاب إلى صناديق الاقتراع بكثافة بقدر ما يهدف إلى الدفع بهم للذهاب بكثافة واختيار ممثليهم بكل عقلانية وحرية وقناعة.
فما هي الشروط التي يجب توفيرها لنقل المشهد السياسي المغربي من مشهد مسرحي إلى مشهد عقلاني واقعي وديمقراطي صرف؟
كلام يحتاج لوجهات نظر أخرى من زاويا نظر أخرى....

عبد الإله سطي/ باحث في العلوم السياسية







#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الانتخابات الجماعية في المغرب
- مستقبل النضال السياسي في المغرب؟
- أما بعد، ورقة للمراجعة والنقد الذاتي؟
- محنة الرأسمالية ونكبة الاشتراكية: ما العمل؟
- في أمريكا يتغير كل شيء من أجل أن لا يتغير أي شيء
- الاتحاد الاشتراكي المغربي: عن أية اشتراكية تتحدثون؟
- استئناف القول حول -حركة لكل الديمقراطيين-
- حركة لكل الديمقراطيين: في ميزان المسائلة العلمية؟
- إشكالية التحليل السياسي العلمي
- أي دور؟ لأي مثقف؟
- اليسار المغربي : واقع و آفاق ؟
- نهاية التاريخ العربي
- سؤال التغيير السياسي في المغرب
- إلى أين يسير المغرب؟
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية3
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية2
- المغرب وحالة استعطاف الديمقراطية
- ريش الطير لا يطير...
- خمس أطروحات حول انتخابات 7 شتنبر 2007
- الدستور المغربي لا يمنح للملك السلطة المطلقة في تعيين الوزير ...


المزيد.....




- حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر ...
- باريس تعلق على طرد بوركينا فاسو لـ3 دبلوماسيين فرنسيين
- أولمبياد باريس 2024: كيف غيرت مدينة الأضواء الأولمبياد بعد 1 ...
- لم يخلف خسائر بشرية.. زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب جزيرة شيكوكو ...
- -اليونيفيل-: نقل عائلاتنا تدبير احترازي ولا انسحاب من مراكزن ...
- الأسباب الرئيسية لطنين الأذن
- السلطات الألمانية تفضح كذب نظام كييف حول الأطفال الذين زعم - ...
- بن غفير في تصريح غامض: الهجوم الإيراني دمر قاعدتين عسكريتين ...
- الجيش الروسي يعلن تقدمه على محاور رئيسية وتكبيده القوات الأو ...
- السلطة وركب غزة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - عبدالاله سطي - مسرحة السياسة: قراءة في المشهد الانتخابي المغربي