أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أبوبكر حسن خليفة - أخي .. صاحب الحمار !!















المزيد.....

أخي .. صاحب الحمار !!


أبوبكر حسن خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 2658 - 2009 / 5 / 26 - 09:35
المحور: كتابات ساخرة
    



بعد أن بلغ موج الأزرق المدى وأرعب سكان الشاطئ بدأ في الضمور والتقهقر مخلفا الجراح بدلا عن الأصداف واللآلئ . هكذا عهدناه منذ فجر التاريخ .. سيف ثائر ( معتدى في الأخذ والعطاء ) ولكنه سرعان ما يسكن غضبه ويدخل غمده و يتوارى خجلا من فعلته عند الأعتداء .. وكنا نكبر فيه هذا الحياء , في الوقت الذي لا يخجل شذاذ الآفاق من أقوالهم وأفعالهم .
وما أن يتوارى النهر حتى يغلق بيته عليه عاما أو عامين بل عقدا أو عقدين !!
غير أن النيل لم يفض هذه المرة إلا بعد ستة عشر عاما . بعد أن نمت الحشائش الطفيلية على ضفافه وثقلت أردافه , وقيدت حركته تلك القروض التي كانت تسمى (حسنة) ‍‍‍‍,‍‍‍‍ ولا أدري وجه الحسن فيها سوى أنها من كدح المزارعين الفقراء الذين ضاقت بهم السبل وأنكرتهم أرضهم اليباب فأصبحوا (حمالة الحطب) لتلك الجحيم التي ظن الأغنياء أنها أعُدت خصيصا لهؤلاء التربالة وأبناؤهم المقهورين . وتتواصل تراجيديا الإنكار.. فها هي الأشياء تنكر دورها الوجودي .. فالأرض ألقت ما فيها وتخلت ونيلنا لم يغضب زمنا طويلا ..
وتوقفت عجلات (كارو) أخونا عبد الله بعد أن أعلن حمارها الدخول في إضراب مفتوح .. لم تقف الدولة مكتوفة الأيدي فقد أصدرت المراسيم بإعلان حالة الطوارئ المعلنة سلفا منذ ستة عشر عاما ! وصدرت الأوامر باعتقال جميع الحمير بمدينة رفاعة .. ويبدأ الزبانية بالبحث الجاد عن السكرتير العام للحمير في منطقة البطانة , وهو حمار الأخ عبد الله الذي كشفت التقارير الأمنية والأجهزة الاستخباراتية أنه الداعي للإضراب والثورة ضد السياسات الضرائبية وأنه هو الذي فضح وثيقة أمن الدولة السرية ؟! يوم أن التقى به جمع كبير من الحمير وذلك في يوم وفاة زوجته التي قتلت في حادث مروري يقال أنه مدبر من قبل السلطات الأمنية . والجدير بالذكر أن حمار الأخ عبد الله قد قرأ هذه الوثيقة السرية على الملا بكل ذلك الغضب والاحتقان ! الاحتقان الذي أصابه من مرارة الأيام والقهر المفجع .. بل الفجيعة الكبرى بمقتل زوجته أمام عينيه !
ومما جاء في تلك الوثيقة :
أن لا يتم عقد قران حمار مع حماره إلا بعد موافقة السلطات المعنية !!
وأن لا يتم الإنجاب إلا بعلم السلطات وهي الجهة الوحيدة التي لها حق تحديد نسل الحمير .
كذلك يمنع منع بات تجوال الحمير في الحدائق والمقاهي ومن ثم شرب النراجيل التي هي بمثابة طلب الأجر أو أخذه بالدولار (الفاجر) عوضا عن الدينار ( الصابر ) فقد قررت السلطات ( المختصة ) حكم الإعدام فيما سبق ذكره ..
وقد استدركت الوثيقة في الختام خطر التجوال بعد صلاة العشاء .. فكل من كان في غير حظيرته بعد ذلك الوقت فقد دخل في المحظور شرعا وقانونا .. وكذا الذي يستخدم الجوال في هذا الوقت , فقد جنى وتعدى فلا يلومنّ إلا نفسه ! وهنا ( تنحنح ) جحش معزول في مؤخرة بيت العزاء مما أدى إلى الالتفات إليه وقد توجس الجمع منه بعد أن لم يتم التعرف عليه من قبل الحضور , وقد (غمز) أحد أقرباء حمار أخانا عبد الله لكي يفهم !! ولكن الخطيب المفجوع لم يعره أدنى اهتمام خصوصا أنه فقد اليوم شريكة حياته , وإن لم يكن كلاب الأمن يعيرونها أدنى اهتمام فكيف به أن يلقي لهم بالا ؟!
بالطبع لم تترك السلطات الأمنية مساحة لهذا الحزن أن يتفرغ سدا فقد قررت مزجه مع ( رقصات البالـمـبو ) و ( كمال كيلا ) حتى يتم تحنيطه والاحتفاظ به في متحف التاريخ الطبيعي ..
تم القبض على حمار الأخ عبد الله وكل ما يتعلق به ..!!
بالطبع كان الأخ عبد الله أول تلك المتعلقات ..
وجرى التحري على هذا النحو :
ـ ما هو الاسم ؟ وما هي الدوافع الحقيقية لهذه التسمية ؟ وصف الحالة الوجدانية لأبيك وهو يقرر لك هذا الاسم ؟!
ـ وأين ينتهي نسبك ؟! وهل صحيح أن أجدادك هم الذين أثاروا الفتنة وقتلوا عثمان ؟!!
ـ وما موقفك من علي ومعاوية وأين كنتم يوم واقعة الجمل ؟‍!
ـ تاريخ الميلاد منذ متى ولدت .. ولماذا .. هذا العام والشهر واليوم بالذات ؟!
ـ ما هي الجنسية التي تحملها ؟ وهل توجد أخرى وأي البلاد سافرت ؟ وهل تلقيت أي تدريب عسكري في الخارج ؟!
ـ والمهنة !! هل لديك رخصة عمل , وشهادة خلو طرف من الضرائب والجزية أو الزكاة ؟!
ـ هل سبق لك أن استشهدت ؟؟!!
وأختلط الأمر لدى أخي عبد الله وأصابه الدوار .. ثم سئل نفسه هل هو المعني بهذه الأسئلة أم الحمار ؟! ثم بدأت هواجس نفسه تجيب : .. ولكن هذه الأسئلة طرحت لي مباشرة ولم يكن بيننا الحمار ؟! يجب أن أجهر بالقول أنني لست مذنب .. قبل أن يأتي ذلك الحمار .. الذي أدخلني في البرك الآسنة والمضايق والمزالق أكثر من مرة !
ففي العام الماضي قضم مؤخرة ضابط شرطة ومزق سرواله حتى أضحك عليه الصبية والفتيات بموقف الحافلات الرئيسي برفاعة .. مما كلفني المبيت ثلاثة أيام بلياليها في الحبس ! ومن حسن الحظ أنه قبل أيام عندما أسقط أبوبكر " ابن القاضي" على الأرض لم يكن هنالك شخص يلقي النظر فيضحك .. فأتحمل المسئولية أنا وحدي .. وقتها تشاغلت عن هذا الطفل حتى لا يعتقد أنني رأيت سقوطه المريع من على ظهر الحمار (الكارثة) !
نعم يجب أن أصيح أنني غير مذنب !! .. وينعقد لساني مرة أخرى عندما يسألني المتحري .. لماذا كنت تضع سريرك بالقرب من مربط الحمار وما هي الكلمات التي كنت تجهر بها في الدعاء في جوف الليل ؟! ولماذا هذا الكره للنظام ؟! وهل أنت منظم .. وهل حمارك منظم ؟! بمعنى كم مرة حملت على ظهره الكتب والمناشير ؟!
ولماذا تسعون في فساد الذوق العام للحمير ؟!
ثم يردف المتحري قائلا : أفيد لك أن تعترف ..
هل هذا الحمار منظم أم هو ( م . ع ) فقط ؟!
أما بالنسبة إليك فأنت مفروغ من أمرك ..
فقد بكيت خالك عثمان البطري بالدمع السخين مرتين .. يوم طرده من السكة حديد عطبره ويوم رحيله (مغبون) من هذه الفانية , وهو يلعن الأشباح المنسلة من أضابير الكهوف المنسية يوم سطت على سدة الحكم ..
وسرعان ما أنتبه المتحري لنفسه ! وانتفض قائماً وقال: لماذا هذا الشغب ‍‍؟!
ألم تسمع بالقول المأثور أسمع وأطيع وإن جلد ظهرك وأخذ حمارك ؟؟
كان المتحري يلقي الأسئلة بغير اكتراث , لم يفطن إلى أن أخي هو أيضا قد طرد بعد عشرين عام من الخدمة المدنية بغير حقوق , وذلك لأنه رفض أن يكون ذلك القطران لتلك النار المقدسة التي لم يكن من المؤمنين بها في يوم من الأيام على الإطلاق . ولأنه رفض أن يموت فيستشهد فيعود مرة أخرى .. كان دوما يقول : وما حاجتي للعودة لتلك الحياة مرة أخرى ؟؟؟!!!



#أبوبكر_حسن_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يموت الكاهن ..!!
- فن الحوار وجدلية موت الحق !!


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أبوبكر حسن خليفة - أخي .. صاحب الحمار !!