أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الأحزاب المغربية وسؤال الإصلاح














المزيد.....

الأحزاب المغربية وسؤال الإصلاح


عبد الإله بوحمالة

الحوار المتمدن-العدد: 2654 - 2009 / 5 / 22 - 10:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما نطرح سؤال الإصلاح، على أرضية المشهد السياسي الحزبي وتعاقب التجارب منذ الاستقلال إلى الآن، يجب أن نصغي جيدا لما قدمه هذا المسار من أجوبة، مع ضرورة وضع الطبيعة الدستورية لنظام الحكم وإشكالية توزيع السلط ودرجة وضوح الاختصاصات والمسؤوليات والبنية المركبة للعلاقات المؤسساتية بين الأجهزة في الحسبان كعناصر تتحكم دائما في أي دينامية مفترضة للإصلاح.
ومع ضرورة تذكر أن الإصلاح، إلى جانب كونه تطبيقا عمليا يحتاج إلى فكر ورجال وتكلفة، يعتبر شعارا عريضا فضفاضا بوسع أي حزب كان رفعه وتوظيفه لغايات استقطابية أو انتخابية عابرة بطريقة لا تتجاوز، في الغالب، الخطاب إلى الواقع الملموس، ولا تترجم، في معظم الأحوال، الأقوال والنيات إلى أفعال وإنجازات.
والأجوبة التي نستخلصها من تجارب هذا المسار تقول أن:
ـ الإصلاح لا يمكن أن ينجز دون توفر الإرادة الجماعية لإنجازه:
إذ لا يمكن لأي حزب، مهما كانت قوته السياسية وعنفوانه التنظيمي وامتداده الجماهيري، أن يقدم على إصلاح حقيقي وعميق الأثر، وأن ينجح فيه، بشكل فردي وبمعزل تام عن باقي الفاعلين الآخرين وعلى رأسهم المؤسسة الملكية.
ـ الإصلاح لا يمكن يتم في غياب القدرة الفعلية على إنجازه:
وأبسط شروط هذه القدرة هي التمتع بسلطة كاملة غير منقوصة سياسيا أو دستوريا. وتوفر الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لخوض معركة الإصلاح والتي غالبا ما تكون شرسة وتحتاج إلى جرأة وتضحيات.
فقدرة أي حكومة للإصلاح، كما هو معلوم، تأتي من قدرة الحزب الذي يقودها، وقدرة هذا الأخير تنبع من الهياكل التي تنظمه والقوانين الديمقراطية التي تحكمه، ومن قدرة وكفاءات الأطر التي يتوفر عليها والتي ستؤول إليها في النهاية مهمة إنجاز مشاريع الإصلاح القطاعية والجزئية في إطار المشروع الإصلاحي العام.
يضاف إلى ذلك أنه لا يمكن لحزب ما أن ينجح في مشروعه الإصلاحي ما لم يكن قادرا على استئصال بؤر الفساد والتخلف ومواجهة صانعيه ومعاقله والمستفيدين منه، وتقويم الأوضاع المختلة على كل الصعد والمستويات، ثم أخيرا، وهذا هو الأهم، الإتيان بالبديل الجيد من خلال الحكم الجيد طبعا.
ـ الإصلاح لا يمكن أن يتم في غياب مصداقية القائمين به:
فلا يمكن لمشروع مهما اتضحت فلسفته ومبادؤها، ومهما دقت رؤيته الإصلاحية وحسنت نواياه، أن يرفع لواءه من قبل حزب فاسد لا مصداقية إصلاحية له، أو من طرف حزب يوجد بذمته عوالق فساد وسوابق سوء حكم وتدبير أو تلطخ سمعته تجارب فشل ذريع أو إخفاق سياسي واقتصادي واجتماعي بين، أي بعبارة أوضح، لا يمكن البناء بفكر هدام ولا بأدوات ورجال الهدم والعجز والفساد.
ـ الإصلاح لا يمكن يتم في غياب توفر المعرفة الكفيلة بإحداثه:
وهي المعرفة التي تقتضي وعيا عميقا بالواقع المراد تغييره وإصلاحه، كما تقتضي معرفة تحليلية بعيوبه وأعطابه واختلالاته، وإلماما شاملا بآليات اشتغال الفساد ومسببيه ومصادره والجيوب التي يتمركز فيها صناع الفساد، دون إغفال ضرورة التوفر على قدرة نظرية كفيلة بصياغة الأجوبة واقتراح الحلول، وقدرات عملية جماعية على تطبيقها، على أرض الواقع، بمنهجية ودقة وصرامة.
فالحزب الذي لا يعرف شكل وعمق وحدود ودرجة صعوبة الاختلالات التي يقترح مشروعه كعلاج لإصلاحها، حزب محكوم عليه بالفشل سلفا لأنه لا يقوم بالتشخيص الدقيق للوضع بل يكتفي بالأعراض وتقديم الوصفات الخارجية المؤقتة.
ـ الإصلاح لا يمكن يتم دون تحديد دقيق لزمنه وأجندته:
فلا يمكن إنجاز إصلاح ما إلا ضمن سقف زمني محدود ومحدد الإجراءات والخطوات، ولا يعتبر إصلاحا ما كان مفتوحا على المستقبل اللامحدود.
فالإصلاح تمرين متناه يجب أن تكون له بداية كما ينبغي أن تكون له نهاية، لأن الهدف الأسمى من الإصلاح هو تحققه النهائي حينما يصبح واقعا طبيعيا قائما، ولا قيمة للحظة الإنجاز إن لم تكن تقدما مضطردا وتراكما متوليا ينتهي بالاكتمال.
ـ الإصلاح لا يمكن يتم إلا وفق خيار واحد:
والخيارات المتعددة والمتناقضة ليست دائما دليلا على ثراء في الرؤى أو خصوبة في التصورات والاجتهادات، إذ غالبا ما تكون عنوانا لقصور في الفهم وتشوش في الرؤية وعجز عن الإحاطة الشاملة بالواقع المراد إصلاحه.
ـ الإصلاح لا يمكن يتم إلا من الداخل:
والإصلاح الفعال دائما هو الذي يطال، أول ما يطال، الأسس والقواعد والبنى الناظمة التي يهيمن عليها الاختلال ويعوقها.
ـ الإصلاح الحقيقي والشامل لا يمكن يتم إلا من خلال الديمقراطية:
ولأنه كل لا يتجزأ، فيه السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتكنولوجي...الخ، فإنه لا يتحقق إلا في إطار ديموقراطية حقيقية وشاملة. أما ديمقراطيات الواجهة فلا تصنع إلا إصلاحات شكلية أو مزيفة على سبيل الترميم والترقيع، كما أن الأنظمة الديكتاتورية والشمولية لا تحقق إلا إصلاحات جزئية وإلا ما كانت توصف بكونها أنظمة ديكتاتورية.
وخلاصة القول، إذن، أن الأحزاب، كأحزاب، لا يمكنها أن تصنع إصلاحا ولا تغييرا بالمعنى الحرفي للكلمة أي المعنى العمودي لتنزيله وفرضه من أعلى، بل إن دورها يجب ينصب على صياغة رؤية الإصلاح، وعلى تأطير وقيادة النخب والقوى الحية الفاعلة في المجتمع سياسيا وثقافيا لتعمل في اتجاه تنفيذ هذه الرؤية وحصول هذا الإصلاح وتسريع وتيرته بمطالبة الدولة والضغط عليها، وبإقناع المجتمع وتوعيته وتوجيهه.
ومع ذلك فإن التجربة الحزبية في المغرب، في ظل سياقاتها التاريخية المعروفة، لم يسبق لها أن استوفت مثل هذه الشروط حتى نستطيع أن نقول أنها كانت في فترة من الفترات تستشرف إمكانيات الإصلاح وأنه كان بإمكانها النجاح، وهو نفس الشيء بالنسبة للسياق السياسي الحالي.. أي أن الأحزاب لم تجب لحد الآن على سؤال الإصلاح، ولا يظهر أنها ستجيب عنه فيما قريب.



#عبد_الإله_بوحمالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدونة السير: طريق السوط أصبح من اليوم سالكا
- منطق السلطة ودينامية الخطاب السياسي
- من المثقف الحزبي إلى المثقف الحزبائي
- سينما الخيال المريض
- لا حزب الله لا حزب الوطن.. لاحزب الملك
- العالم العربي: من الزعامة المصرية إلى زعامات أخرى
- أمريكا أم الأربعة والأربعين.. رئيسا
- رسالة.. إلى من لا يهمهم الأمر
- لَوْلاَ التَّشهُّدُ لكَانَتْ لاؤُهُمْ نَعَمُ
- صبْراً آلَ غزَّةَ.. فأُمُّ الجُبْنِ فِينَا مَا وَلَدَتْ غيْر ...
- إلا الأمن..(!)
- الأحزاب المغربية.. تراجيديا السقوط نحو قمة الحكومة
- انتخابات 2009 للجواب على رسالة الناخب الغاضب
- الهيبهوب ظاهرة صوتية.. لا غير
- أبا الخيزران.. إنهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- أبا الخيزران.. هاهم يطرقون الجدران فعلا (!)
- جرح العنوسة.. الطوق والأسئلة
- اللغة والمعنى.. القوالب التي تحكمنا
- القضية تهمنا أيضا
- الجار والمجرور والنكرة والمعرفة: درس في قواعد الاستوزار


المزيد.....




- في نطاق 7 بنايات وطريق محدد للمطار.. مصدر لـCNN: أمريكا ستقي ...
- المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي يستقيل ويعتبر أن -ل ...
- لجنة أممية تتهم إسرائيل بعرقلة تحقيقها في هجمات 7 أكتوبر
- فيديو: -اشتقتُ لك كثيرًا يا بابا-... عائلات فلسطينية غزة تبح ...
- برلين ـ إطلاق شبكة أوروبية جديدة لتوثيق معاداة السامية
- رئيسي: ردنا المقبل سيكون أقوى وأوسع
- نتنياهو: حرب غزة جزء من تهديد إيرن
- -حزب الله- يستهدف مقرات قيادة ومراقبة جوية للجيش الإسرائيلي ...
- الجيش الأردني يكثف طلعاته الجوية
- مناورات تركية أمريكية مشتركة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الإله بوحمالة - الأحزاب المغربية وسؤال الإصلاح