أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - حسن ناصر المحنّه - الرقابة الدستورية في قانون ادارة الدولة ودستور العراق لعام 2005















المزيد.....



الرقابة الدستورية في قانون ادارة الدولة ودستور العراق لعام 2005


حسن ناصر المحنّه

الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 04:39
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


المقدمّة:

بعد أن انتقل العراق في ظل دستور عام (2005) من دولة بسيطة إلى دولة اتحادية, وانتقل نظام الحكم من النظام الرئاسي إلى البرلماني وتم اعتماد مبدأ الفصل بين السلطات والتأكيد على احترام الحقوق والحريات الأساسية سواء في وثيقة قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية أو في وثيقة الدستور الحالي , كذلك نص على مبدأ استقلالية السلطة القضائية والضمانات التي يتمتع بها القضاة من خلال إعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى وجعله مستقل عن وزارة العدل , وعدم تدخل السلطتين التشريعية والتنفيذية في استقلال القضاء , وحفاظا" على صيانة الوثيقة الدستورية كان لابد من إنشاء محكمة عليا للحفاظ على سيادة القانون وتحقيق العدالة .
وأراد المشرع الدستوري أن يوضح معالم الدولة القانونية الجديدة من خلال النص على إنشاء محكمة اتحادية عليا تختص بالرقابة على دستورية القوانين إلى جانب اختصاصات أخرى مهمة .
ولغرض التعرف على الرقابة الدستورية في قانون إدارة الدولة ودستور العراق لعام 2005 , نقسم هذا البحث إلى مبحثين متتابعينٍ:
المبحث الأول: تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية
المبحث الثاني: اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا
المبحث الأول:
تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية
يختلف تكوين المحكمة الاتحادية العليا في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام (2004) عن تكوين المحكمة في دستور عام (2005) من حيث إجراءات تعين رئيس وأعضاء المحكمة كما أن الرقابة التي تمارسها المحكمة جمعت بين المزج بين طريقتي الدفع الفرعي والدعوى الأصلية , حسب ما قرره النظام الداخلي للمحكمة, والدعوى المباشرة (دعوى الإلغاء) في قانون المحكمة ولأهمية التعرف على تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية نتناول هذا المبحث في مطلبين متتاليين:
المطلب الأول : تكوين المحكمة الاتحادية العليا
المطلب الثاني : طرق ممارسة الرقابة الدستورية


المطلب الأول :
تكوين المحكمة الاتحادية العليا
أوكل قانون إدارة الدولة في المادة (39/ ج ) منه إصدار تعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا إلى مجلس الرئاسة , إذ نصت على انه (( يقوم مجلس الرئاسة كما هو مفصل في الباب السادس بتعين رئيس وأعضاء المحكمة العليا , بناء على توصية من مجلس القضاء الأعلى )) بينما نجد أن المادة (92 / ثانيا) من الدستور الدائم أحالت الاختيار إلى مجلس النواب .
و تتكون وفقا لقانون إدارة الدولة المحكمة الاتحادية العليا من تسعة أعضاء , وقام مجلس القضاء الأعلى أوليا" بالتشاور مع المجالس القضائية للأقاليم بترشيح ما لا يقل عن ثمانية عشر إلى سبعة وعشرين فردا" لغرض ملئ الشواغر في المحكمة المذكورة ويقوم بالطريقة نفسها فيما بعد بترشيح ثلاثة أعضاء لكل شاغر لاحق يحصل بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العزل , ويقوم مجلس الرئاسة بتعين أعضاء هذه المحكمة وتسمية أحدهم رئيسا" لها , وفي حالة رفض أي تعين يرشح مجلس القضاء الأعلى مجموعة جديدة من ثلاثة مرشحين(1)
وبعد التشاور مع المجالس القضائية في كردستان , ومن خلال عملية اقتراع سري وحر , خضعت أسماء المرشحين للتمحيص من قبل مجلس الرئاسة استمر سبعة أشهر اختير بعدها رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا , حيث صدر المرسوم الجمهوري المرقم (398 والمؤرخ في 30 /3 / 2005) بالتعين , وبعد إجراء انتخابات الجمعية الوطنية وتشكيل الحكومة أعيد تعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا بالقرار الجمهوري المرقم (2 الصادر من هيئة الرئاسة في 1/ 6/ 2005) (2)
ولعل هذه الطريقة بتعين رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية العليا سوف تختلف عما ورد بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وذلك أن دستور عام (2005) أسند إلى القانون اختيار أعضاء المحكمة بموافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب , والمحكمة لا تتكون من القضاة فقط بل أضاف الدستور إليها خبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون , كما نص على ذلك (( تتكون المحكمة الاتحادية العليا من عدد من القضاة وخبراء في الفقه الإسلامي وفقهاء القانون , يحدد عددهم وتنظيم طريقة اختيارهم وعمل المحكمة بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب )) (3)
ولكل من هذه العناوين صفات تختلف فيما يؤديه من عمل :
فالقضاء: هي الجهة التي تختص بفض المنازعات بمقتضى القانون سواء أكانت هذه المنازعات واقعة بين الأفراد أو بين الأفراد والحكومة , والقضاء في اللغة بمعنى الحكم والإلزام (4)
قال تعالى (( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا)) (5)
ويذهب فقهاء الشريعة في تعريف القضاء مذهبين الأول يرى أن القضاء صفة حكمية في القاضي توجب لموصوفها نفوذ حكمه الشرعي . والثاني يرى أن القضاء هو فعل يصدر عن القاضي فهو فض الخصومات وقطع المنازعات على وجه مخصوص (6)
أما في الاصطلاح فهو قول ملزم يصدر عن ولاية عامة وهو في حقيقة الإخبار عن حكم شرعي على سبيل الإلزام (7)


إن الغاية الأساسية للقضاء هي ضمان الحماية القانونية للناس كافة على سواء بينهم في ذلك (8)

أما خبراء الفقه الإسلامي : فهم أهل العلم والفضل وتؤخذ مشورتهم فيما يعرض من نزاع ما لمعرفة ماهية الحكم الشرعي المناسب , وهذه المشورة أمر مطلوب في عمل القاضي .
أما الخبرة القانونية : فهي استشارة فنية يستعين بها القاضي للوصول إلى معرفة علمية أو فنية فيما يتعلق بالواقعة المعروضة أمامه تنير الطريق ليبني حكمه على أساس سليم (9)
وجاء في قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل (( تتناول الخبرة الأمور العلمية والفنية وغيرها من الأمور اللازمة للفصل في الدعوى دون المسائل القانونية )) (10)
وتأسيسا على ذلك ذهبت المحكمة الاتحادية العليا في نظامها الداخلي على انه (( إذا اقتضى موضوع الدعوى الاستعانة برأي المستشارين لديها أو خبراء من خارجها فتقرر الاستعانة بهم ويكون رأيهم استشاريا" )) (11)

وفي خضم هذا الجدل بخصوص خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون انقسم رجال القانون والمختصين إلى فريقين :
الفريق الأول : يرى أن عمل المحكمة الاتحادية العليا وسواها من المحاكم الدستورية في العالم هو عمل قضائي بحت ويستمد هذا المبدأ أساسه من الدستور ذاته كما جاء في المادة (92 / أولا) (( المحكمة الاتحادية العليا هيئة قضائية مستقلة ماليا" وإداريا" ))
ويعني ذلك أن تفسير نصوص الدستور تلك المهمة الشاقة التي تجعل من قرار التفسير قوة النص الدستوري , وهو أيضا" عمل قضائي , والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات عمل قضائي , كما أن الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء , عمل قضائي إضافة إلى جميع الصلاحيات التي خول فيها الدستور المحكمة الاتحادية العليا موضوع المادة 93 منه هي أعمال قضائية لا يمكن الفصل فيها إلا
من قبل قاضي مؤهل لهذا العمل , والمحكمة ينحصر عملها في تطبيق القانون وقول كلمة العدالة , ولما كان الأمر كذلك فليس لغير القضاة الصلاحية لممارسة عمل خارج عن اختصاصهم , وان الخبراء والحالة هذه غير مؤهلين من الوجهة المهنية للفصل في قضاء لان تأهيلهم انحصر في مجال الخبرة حصرا" .
إن الخبرة والخبراء وحسب المفهوم اللغوي والفقهي والقانوني هو عمل استشاري لا يتعدى المشورة مطلقا" وان القول بخلاف ذلك يخرج الخبرة عن وصفها القانوني , ومما لاشك فيه أن خبراء الفقه الإسلامي هم أعضاء في المحكمة الاتحادية العليا لان الدستور وضعهم موضع الخبير الذي ليس له سوى إبداء المشورة(12)
أما الفريق الثاني: يرى عكس ما ذهب إلية الفريق الأول وسبب ذلك هو التخوف من الغموض الوارد في (م2 / أولا / أ) من الدستور التي جاء فيها (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام )) والبند (أولا / ب) من نفس المادة التي جاء فيها (( لا يجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية ))
وهذين النصين يبدو للوهلة الأولى أن هناك تناقضا" بينهما , وفي تصورهم أن مبادئ الديمقراطية ليس لها محددات وبالتالي ستكون بحاجة ملحة أن تكون هناك جهة لتفسير تلك المحددات , وعلى ضوء ذلك يرى الفريق الثاني لابد من مشاركة خبراء الفقه الإسلامي في اتخاذ القرار مع الهيئة القضائية(13)

ونرى أن التجربة الجديدة في العراق تثير المخاوف لدى البعض بضم خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون إلى عضوية المحكمة واعتبرها البعض مخالفة لاستقلالية القضاء وتدخلا" في عمل السلطة القضائية , وعدم جواز زج خبراء الفقه الإسلامي في عضوية المحكمة باعتبار العضوية أمرا" محصورا" بالقضاة فقط , وهي نظرة لا تخلو من القصور فمفردات الدستور واضحة في المادة 2 منه مما لا شك فيه أن سن قانون يخالف هذه الثوابت هو قانون غير دستوري وهنا يبرز دور
خبراء الفقه الإسلامي ليبينوا أن هذا القانون يخالف أو لا يخالف ثوابت أحكام الإسلام , فمن المعلوم أن القضاة لا يملكون ما يملكه خبراء الفقه الإسلامي , كما أن خبراء الفقه الإسلامي لا يملكون ما يملكه القضاة في حسم الدعاوى القضائية , وعليه يكون التميز بين خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون والقضاة , يحدده طبيعة الموضوع المراد حسمه أمام المحكمة , إذا كان الموضوع ذو طبيعة قضائية فان دور خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون لا يتعدى المشورة فقط دون التصويت , أما إذا كان الموضوع ذو طبيعة غير قضائية يتعلق بالمادة 2 من الدستور والمصادقة على نتائج الانتخابات أرى من الضروري أن يكون لهم حق التصويت , وبهذا نخلص إلى التمييز بين ما هو من الاختصاصات الحصرية للقضاء الذي يكون البت فيه للقضاة حصرا" مع مشورة خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون دون التصويت وذلك للتخلص من إشكالية الجدل الدائر حول خبراء الفقه الإسلامي وفقهاء القانون .
المطلب الثاني :
طرق ممارسة الرقابة الدستورية
نتطرق إلى طرق ممارسة الرقابة على دستورية القوانين التي يتبعها التنظيم القضائي العراقي مثل ( المزج بين طريقتي الدفع الفرع والدعوى الأصلية , وفي طريقة الدعوى المباشرة )

الفرع الأول ": المزج بين طريقتي الدفع الفرعي و الدعوى الأصلية

إن طرق الرقابة القضائية على دستورية القوانين في الدول أما أن تتم بطريقة الدفع الفرعي وهي رقابة الامتناع عن تطبيق النص المخالف للدستور أو رقابة الدعوى المباشرة وتسمى أيضا" الدعوى الأصلية أو ( دعوى الإلغاء), أو بطريقة المزج بين الدعوى الأصلية المباشرة والدفع بعدم الدستورية ويتم الأسلوب الأخير بان يتقدم الأفراد بالطعن بعدم دستورية قانون ما أمام المحاكم , فان اقتنعت بجدية الطعن تقدمت به إلى المحكمة الدستورية
وهذه الطريقة تفترض وجود دعوى يراد فيها تطبيق قانون معين فيدفع أحد الخصوم بعدم دستورية هذا القانون , وفي هذه الحالة لا تفصل المحكمة في صحة الدفع بل تؤجل النظر في الدعوى وتحيل الطعن في دستورية القانون إلى المحكمة الدستورية التي يكون لحكمها حجية مطلقة تجاه الكافة .
ويبدو أن الرقابة التي تمارسها المحكمة الاتحادية العليا في العراق تتمثل أولا":
بأسلوب المزج بين طريقتي الدفع الفرعي والدعوى الأصلية ويتم الطعن في دستورية القوانين حسب هذا الطريق بأسلوبين :
1- أن يتم الطعن من خلال المحاكم بطلب من تلقاء نفسها أثناء نظرها دعوى ودون دفع من المتقاضيين ويتضح هذا من نص المادة 3 من النظام الداخلي للمحكمة حيث ورد : (( إذا طلبت إحدى المحاكم من تلقاء نفسها أثناء نظرها دعوى البت في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات يتعلق بتلك الدعوى فترسل الطلب معللا" إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت فيه ولا يخضع هذا الطلب إلى الرسم )) (14)

وهذا النص أعطى للمحاكم على اختلاف درجاتها أثناء نظرها دعوى مدنية أو جزائية , عندما تجد أن النص القانوني أو القرار أو التعليمات أو النظام واجب التطبيق على وقائع الدعوى مخالف للدستور فلها أن تطلب من تلقاء نفسها البت في شرعية النص وترسل طلبا" معللا" إلى المحكمة الاتحادية العليا غير خاضع للرسم , وهنا فان محكمة الموضوع لا تلغي النص وإنما تحيله إلى المحكمة الاتحادية العليا التي تقوم بدورها التحقق من دستورية أو عدم دستورية النص المحال إليها من محكمة الموضوع , والإلغاء يكون من اختصاص المحكمة الاتحادية العليا دون غيرها .
ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا على ضوء المادة (3) من النظام الداخلي للمحكمة في الدعوى : 10 / اتحادية / 2006 التاريخ : 29 / 5 / 2006 الخاص بطلب محكمة التمييز الاتحادية بمدى دستورية نص المادة ( 20 / أولا – ثانيا ) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 ولأهمية القرار ووقائعه ارتأينا ايرادة كاملا" :
( طلبت محكمة التمييز الاتحادية بموجب كتابها المرقم 52 / 53 / 71 / الهيئة العامة / 2006 والمؤرخ في 11 / 4 / 2006 النظر في دستورية نص المادة (20/ أولا – ثالثا ) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 والبت في شرعيته والتي نصت على انه ( للمعترض وللمعترض عليه أن يميز قرار لجنة

تدقيق قضايا المتقاعدين لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ستين يوما من تاريخ تبليغه بقرار اللجنة المذكورة ويكون قرار الهيئة العامة الصادر بذلك قطعيا ) حيث ترى الهيئة العامة وبرأي أكثرية أعضائها بان النص المذكور غير دستوري للأسباب الواردة في قرارها المرقم 52 / الهيئة العامة / 2005 والمؤرخ في 29 / 3 / 2006 والمتضمن بان المادة 47 من دستور جمهورية العراق نصت بان تكون السلطات الاتحادية من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تمارس اختصاصاتها ومهماتها على أساس مبدأ الفصل بين السلطات
وحيث أن مجلس شورى الدولة يرتبط بوزارة العدل ولا يعد من أجهزة السلطة القضائية فهو تابع للسلطة التنفيذية ويتكون من رئيس وأعضاء غالبيتهم المطلقة من غير القضاة وبالتالي فان نظر الطعون من قبل المجلس المذكور يخل بمبدأ الفصل بين السلطات وان المادة 29 من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 نصت بان تسري ولاية المحاكم المدنية على جميع الأشخاص الطبيعية والمعنوية بما في ذلك الحكومة وتختص بالفصل في كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص وان التشريع المذكور من شانه الإخلال بهذا المبدأ خاصة وان الدستور الدائم وقبله قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية نص على استقلالية القضاء سيما وان المشرع أوجب أن يرأس هيئة قضايا المتقاعدين قاضي منتدب من مجلس القضاء وأعضاء آخرين فلا يجوز النظر تميزا" في القرارات الصادرة منها من قبل هيئة قضائية ولأسباب أخرى المسرودة في القرار المذكور ولدى ورود طلب محكمة التمييز الاتحادية تم تسجيله لدى هذه المحكمة وأشعرت المحكمة وزارة المالية بيان رأيها بشان الموضوع خلال خمسة عشر يوما" وإنها أوضحت رأيها في الموضوع بموجب كتابها المرقم / القانونية / الوظيفة العامة / القسم 802 / 14 وبعدد 16486 في 15 /5 / 2006 والمتضمن بان لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين تشكل برئاسة قاضي من الصنف الثاني وعضوين من الموظفين القانونيين من وزارة المالية وآخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالأكثرية وهي لجنة مشكلة بموجب قانون التقاعد الموحد , وهو قانون يختص بتنظيم شؤون المتقاعدين من موظفي الدولة من حيث الحقوق التقاعدية لذا فإنها تعتبر لجنة إدارية وان القرارات التي تصدرها هي قرارات إدارية وليست قضائية وحيث أن الفقرة ( ثالثا" من البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد ) قد نصت بأنه ( للمعترض وللمعترض عليه أن يميز قرار لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين لدى الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة خلال ستين يوما" من تاريخ تبليغه بقرار اللجنة ويكون قرار الهيئة العامة الصادر بذلك قطعيا ) لذا فان الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة هي المختصة للنظر في الطعون التميزية بقرارات لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين وبعد الاطلاع على إجابة وزارة المالية حددت المحكمة موعدا للنظر في القرار.)
وقد خلصت المحكمة إلى قرارا ورد فيه ( لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد أن الفقرة (أ) من البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 نصت بتشكيل لجنة تسمى ( لجنة تدقيق قضايا المتقاعدين ) برئاسة قاضي من الصنف الثاني ينتدبه مجلس القضاء وعضوين من الموظفين القانونيين لا تقل درجتهما عن مدير احدهما من وزارة المالية والآخر من وزارة الدفاع تتخذ قراراتها بالأكثرية وينظر في جميع قضايا التقاعد المعترض عليها الناشئة من تطبيق أحكام القانون المذكور , لذا تجد هذه المحكمة أن هذه اللجنة هي لجنة خاصة شكلت بموجب قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 للنظر في شؤون المتقاعدين من موظفي الدولة من حيث الحقوق التقاعدية وان القرارات التي تصدرها هي قرارات إدارية ذات طبيعة خاصة تغلب عليها
الصفة الإدارية وليست قرارات قضائية صرفة بالرغم من أن اللجنة يترأسها قاضي ينتدبه مجلس القضاء لذا فان القرارات التي تصدرها تعتبر قرارات ذات طبيعة خاصة وحيث أن البند أولا" من المادة 20 من قانون التقاعد الموحد عين مرجع الطعن في القرارات التي تصدرها اللجنة المذكورة لدى الهيئة العامة لذا للأسباب المتقدمة فان النص المتقدم المنصوص عليه في البند ثالثا" من المادة (20) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 لا يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء والتدخل في شؤون السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية ويكون طلب الهيئة العامة لمحكمة التميز المشار إليه أعلاه غير وارد , لذا قرر رد الطلب )(15)
2- أن يدفع احد الخصوم في دعوى تنظرها احد المحاكم بان النص القانوني أو القرار المراد تطبيقه علية غير دستوري فيكلف الخصم بتقديم هذا الدفع بدعوى فتبت هي في قبول الدعوى فإذا قبلتها ترسلها مع المستندات إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم الشرعية وفق تفصيل أوردته المادة 4 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا التي جاء فيها (( إذا طلبت إحدى المحاكم الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو تعليمات أو أمر بناء" على دفع احد الخصوم بعدم الشرعية فيكلف الخصم بتقديم هذا الدفع بدعوى , وبعد استيفاء
الرسم عنها تبت في قبول الدعوى فإذا قبلتها ترسلها مع المستندات إلى المحكمة الاتحادية العليا للبت بعدم الشرعية وتتخذ قرارا" باستئخار الدعوى الأصلية للنتيجة , أما إذا رفضت الدفع فيكون قرارها بالرفض قابلا" للطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا)) (16)
نجد أن هذا النص جاء خاليا" من تحديد مدة للخصم في رفع الدعوى هذا لان تحديد المدة يعطي رؤية للمحكمة للتحقق من أن رغبة الطاعن أمامها جدية وليس مجرد كسب الوقت أو إضاعته , وهنا يبدو الخلل في عدم تحديد مدة محددة وعليه يجب معالجة هذه المسألة .
هذا وتقرر المحكمة استئخار الدعوى التي تنظرها أصلا إلى حين البت من المحكمة الاتحادية العليا في دستورية القانون المراد تطبيقه من عدمه استنادا" إلى أحكام (م 83 / 1) من قانون المرافعات المدنية رقم(83 لسنة 1969) بقولها (( إذا رأت المحكمة أن الحكم يتوقف على الفصل في موضوع آخر قررت إيقاف المرافعة واعتبار الدعوى مستأخرة حتى يتم الفصل في ذلك الموضوع وعندئذ تستأنف المحكمة السير في الدعوى من النقطة التي وقفت عندها ويجوز الطعن في هذا القرار بطريق التمييز ))
الفرع الثاني ": طريقة الدعوى المباشرة ( دعوى الإلغاء )
الأسلوب الأخر الذي اتبعته المحكمة الاتحادية العليا للرقابة على دستورية القوانين هو طريق الدعوى الأصلية أو المباشرة , وهو ما يتبين من نص المادة الخامسة من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا حيث جاء في النص أنه (( إذا طلبت إحدى الجهات الرسمية بمناسبة منازعة قائمة بينها وبين جهة أخرى الفصل في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر فترسل الطلب بدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا معللا" مع أسانيده وذلك بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة )) .
وهذه المادة تطرقت إلى المنازعات التي قد تنشأ بين جهة رسمية و جهة أخرى سواء أكانت تلك الجهة رسمية أو غير رسمية .
ومن ثم فان إقامة الدعوى من تلك الجهة يفترض وجود منازعة قائمة و أن تقدم الأسباب بكتاب موقع من الوزير إذا كانت جهة رسمية مرتبطة بوزارة , أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة ويطلق على هذه الدعوى بالدعوى المباشرة أو دعوى الإلغاء .
و تستند المحكمة الاتحادية العليا في اختصاصها هذا إلى نص المادة (4 / ثانيا") من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ( 30 لسنة 2005) التي نصت على انه ((الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ويكون ذلك بناءا" على طلب من محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة )) .
ومن الجدير بالذكر أن هذا النص يسمح لكل مدع بمصلحة بما في ذلك الأفراد أن يرفع الدعوى أمام المحكمة الاتحادية العليا للنظر بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام الدستور .
ومن التطبيقات القضائية لدعوى الإلغاء قرار المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية المادة 15 / ثانيا" من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 ذي العدد15 / ت / 2006 بتاريخ 26 / 4 / 2007 والذي ادعى فيه وكلاء المدعية أمام هذه المحكمة بأن الجمعية الوطنية العراقية أصدرت بتاريخ 5 /10 / 2005 قانون انتخابات رقم 16 لسنة 2005 والذي حل بديلا" لقانون الانتخابات السابق رقم 96 لسنة 2004 وقد جاء في المادة 15 /ثانيا" منه بأن تكون كل محافظة وفقا" للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية تختص بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين المسجلين في المحافظة حسب انتخابات ( 30 / كانون الثاني/ 2005 ) المعتمد على نظام البطاقة التموينية أي أن القانون اعتمد معيار الناخبين المسجلين في حين أن دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وفي المادة (49 / ثانيا") منه قد نص على أن يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة 1 لكل مائة ألف نسمة من نفوس العراق أي أن الدستور اعتمد معيار عدد النفوس الكلي لذا يكون نص المادة (15 / ثانيا") من قانون انتخابات رقم 16 لسنة 2005 مخالفا" لنص صريح في الدستور في المادة (49 / ثانيا") منه إضافة إلى ما يترتب على هذه المخالفة الدستورية من ضرر وحيف سيلحق عددا" من المحافظات ( نينوى وصلاح الدين وديالى وبابل ) لأنها ستفقد عددا" من المقاعد في الجمعية الوطنية العراقية هي من استحقاقها فيما إذا اعتمد المعيار الوارد في الدستور , لذا فإنهم بادروا بالطعن بعدم دستورية نص المادة (15 / ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لذا طلبوا بعد إجراء اللازم الحكم بعدم دستورية نص المادة (15 / ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 وإلغاء كافة الأنظمة والتعليمات التي صدرت استنادا" إلى هذه المادة وذلك استنادا" لنص المادة ( 13 / أولا" وثانيا" ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 وذلك بسبب مخالفتها لنص صريح في الدستور تمثل في المادة 49 منه .
وبعد تسجيل الدعوى وفقا" للفقرة ثالثا" من المادة 1 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا واستكمال الإجراءات المطلوبة وفق الفقرة ثانيا" من المادة 2 من النظام المذكور تم تعين موعدا" للمرافعة ... وقد تبين بان وكلاء المدعي وقبل حلول الجلسة كانوا قد قدموا لائحة توضيحية إلى هذه المحكمة مؤرخة في 11 / 9 / 2006 طلبوا فيها اعتبار المدعى عليه هو رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته وهو الخصم الحقيقي بدلا" من رئيس الجمعية الوطنية / إضافة لوظيفته وقد استجابت المحكمة طلبهم وقررت اعتبار المدعى عليه هو رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته بدلا" من رئيس الجمعية الوطنية العراقية وقرر اتخاذ الإجراءات القضائية في الدعوى تبعا" لذلك وقد أوضح وكلاء المدعية : أن القانون الذي جرت الانتخابات في ظله هو قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وان نص المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 جاءت مخالفة لروح ونص المادة ( 31 / أ ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية للأسباب التي أوضحوها في لوائحهم وقد اطلعت المحكمة عليها كما اطلعت على اللوائح المقدمة من وكيل المدعى عليه ... والذي طلب فيها رد الدعوى مع تحميل المدعية المصاريف والأتعاب لان الدعوى غير مستوفية للشرط الخامس من المادة 6 من النظام الداخلي رقم 1 لسنة 2005 أجار سير العمل في المحكمة الاتحادية العليا . وان نص المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات جاء متفقا" مع نص المادة 49 من الدستور في الموضوع ولغيرها من الأسباب التي وردت فيها.
وبعد ذلك خلصت المحكمة إلى قرارها المتضمن (أن الانتخابات التي جرت في العراق لانتخابات أعضاء مجلس النواب قد جرت في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية وان الفقرة ثانيا" من المادة 15 من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 نصت بأن تكون كل محافظة وفقا" للحدود الإدارية الرسمية دائرة انتخابية تختص بعدد من المقاعد يتناسب مع عدد الناخبين المسجلين في المحافظة حسب انتخابات ( 30/ كانون الثاني / 2005) (المعتمد على نظام البطاقة التموينية ) يتضح مما تقدم آنفا" أن المادة (31 /أ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لم تعتمد معيار عدد نفوس العراق عند توزيع مقاعد مجلس النواب ولم تتطرق إلى ذلك وإنما سكتت عنها وان المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات المشار إليه أعلاه اعتمدت عدد الناخبين المسجلين في كل محافظة حسب انتخابات (30/ كانون الثاني/ 2005) المعتمد على نظام البطاقة التموينية لذا فليس هناك ثمة تعارض بين نص المادة (15/ ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 وبين نص المادة (31/أ) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لذا يكون طلب وكلاء المدعية بالحكم بعدم دستورية المادة ( 15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لا يستند على أساس قانوني سليم مما يقضي رده لذا قرر رده ,أما بخصوص طلبهم الوارد في عريضة الدعوى المتضمنة طلب الحكم بعدم دستورية المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لمخالفتها المادة 49 من الدستور النافذ فقد وجد أن المادة ( 49/أولا") من الدستور نصت ( بأنه يتكون مجلس النواب من عدد من الأعضاء بنسبة مقعد واحد لكل مائة ألف من نفوس العراق يمثلون الشعب العراقي بأكمله يتم انتخابهم بطريق الاقتراع العام السري المباشر ويراعى تمثيل سائر مكونات الشعب فيه ) وحيث أن المادة (49/أولا") من الدستور اعتمدت معيار عدد نفوس العراق في الانتخابات بنسبة واحد لكل مائة ألف نسمة من سكان العراق
بخلاف المعيار المعتمد في المادة ( 15/ ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 حيث اعتمدت معيار عدد الناخبين المسجلين في السجلات في كل محافظة وفقا" لما ذكر آنفا" لذا فان نص المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات أصبح متعارضا" مع نص المادة (49/أولا") من الدستور وحيث أن المادة (13/ثانيا") من
الدستور نصت على انه ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلا" كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو أي نص قانوني آخر يتعارض معه ) وان الفقرة (أولا") من المادة نفسها نصت بأنه ( يعد هذا الدستور القانون الأسمى والأعلى في العراق ويكون ملزما" في أنحائه كافة وبدون استثناء ) لذا ولما تقدم أعلاه قررت المحكمة الحكم بعدم دستورية المادة (15/ثانيا") من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لتعارضها مع أحكام المادة (49/ أولا") من الدستور وللسلطة التشريعية تشريع نص جديد يكون موافقا" لأحكام المادة (49/أولا") من الدستور على أن لا يمس الإجراءات التي جرت بموجبها انتخابات المجلس النيابي الحالي في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية )(17)
المبحث الثاني :
اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا
تباينت اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ودستور العراق لعام 2005 حيث أن اختصاصات المحكمة في الدستور جاءت أوسع مما وردت في قانون أدارة الدولة وأوسع من قانون المحكمة النافذ حيث أضاف الدستور إليها تفسير النصوص الدستورية , والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزراء , والمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب .
ولغرض بيان اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا نقسم هذا المبحث إلى مطلبين متتابعين :
المطلب الأول : اختصاصات المحكمة في قانون إدارة الدولة
المطلب الثاني : اختصاصات المحكمة في دستور العراق لعام 2005

المطلب الأول :
اختصاصات المحكمة في قانون إدارة الدولة
بعد انتقال العراق إلى مرحلة جديدة وتبني الفدرالية كشكل للدولة وإقرار واقع إقليم كردستان في الوثيقة الدستورية المتمثلة بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية التي نصت مبادئها على الحقوق والحريات الأساسية , ولأجل ضمان عدم التجاوز على تلك الحقوق والنظر فيما يحصل من منازعات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان أو الأقاليم الأخرى والمحافظات والإدارات المحلية كان لابد من جهة تتولى مهمة الرقابة على شرعية القوانين وإلغاء ما يتعارض منها مع قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية (18)
لذلك حدد قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية الصادر عام 2004 اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا في المادة 44 حيث نصت على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا :
1- الاختصاص ألحصري والأصيل في الدعاوى بين الحكومة العراقية الانتقالية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية .
2- الاختصاص ألحصري والأصيل , بناء" على دعوى من مدع أو بناء" على إحالة من محكمة أخرى في دعاوى بأن قانونا" أو نظاما" أو تعليمات صادرة عن الحكومة الاتحادية أو الحكومات الإقليمية أو إدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية لا تتفق مع هذا القانون.
3- تحديد الصلاحيات الاستئنافية التقديرية للمحكمة العليا الاتحادية بقانون اتحادي
وقد أضاف النص انه إذا قررت المحكمة العليا أن قانونا" أو نظاما" أو تعليمات أو إجراء جرى الطعن به غير متفق مع هذا القانون فيعتبر ملغيا" .
وقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية في هذه الحالة أخذ بدعوى الإلغاء , ومن خلال التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا إنها لم تلغ النص المخالف للدستور بأثر رجعي وإنما من تاريخ صدور الحكم كما في حكمها بعدم دستورية المادة (15 / ثانيا" ) من قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 لتعارضها مع أحكام المادة (49 / أولا") من دستور عام 2005 .
هذا و تضع المحكمة الاتحادية العليا نظاما" لها بالإجراءات اللازمة لرفع الدعوى وللسماح للمحامين بالترافع أمامها وتقوم بنشره وتتخذ قراراتها بالأغلبية البسيطة ما عدا القرارات بخصوص الدعاوى المنصوص عليها في المادة (44/ب/1) التي يجب أن تكون بأغلبية الثلثين وتكون ملزمة ولها مطلق السلطة بتنفيذ قراراتها بضمن ذلك إصدار قرار بازدراء المحكمة وما يترتب على ذلك من إجراء.
وعلى ذلك فان المحكمة تصدر قراراتها في الدعاوى الناشئة بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم وإدارات المحافظات والبلديات والإدارات المحلية , حيث تصدر المحكمة قراراتها بأغلبية خاصة وهي الثلثين استثناءا.
واستنادا" للمادة 44 من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية والقسم الثاني من ملحقه وبناءا" على موافقة مجلس الرئاسة أصدر مجلس الوزراء قانون
المحكمة الاتحادية العليا رقم (30 لسنة 2005) وعلى ضوء المادة 9 من قانون المحكمة الذي جاء فيه (( تصدر المحكمة الاتحادية العليا نظاما" داخليا" تحدد فيه الإجراءات التي تنظم سير العمل في المحكمة وكيفية قبول طلبات وإجراءات الترافع وما يسهل تنفيذ أحكام هذا القانون... ))
وقد نص في المادة الرابعة من قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005)على اختصاصات المحكمة وهي :
أولا" : الفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية .
ثانيا" : الفصل في المنازعات المتعلقة بشرعية القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والأوامر الصادرة من أية جهة تملك حق إصدارها وإلغاء التي تتعارض منها مع أحكام قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية ويكون ذلك بناء" على طلب من محكمة أو جهة رسمية أو من مدع بمصلحة .
ثالثا" : النظر في الطعون المقدمة على الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة القضاء الإداري .
رابعا" : النظر بالدعاوى المقامة أمامها بصفة استئنافية وينظم اختصاصها بقانون اتحادي .
إن المحكمة الاتحادية العليا علاوة على ممارستها لاختصاصاتها التي حددت بالرقابة على دستورية القوانين والفصل في المنازعات بين الحكومة الاتحادية والأقاليم أو بين الأقاليم فيما بينها أو بينها وبين المحافظات , فقد أنيط بها اختصاص آخر يتعلق بالطعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة القضاء الإداري والتي تخضع للطعن أمام الهيئة التمييزية في مجلس شورى الدولة قبل صدور قانون المحكمة الاتحادية العليا بالأمر رقم (30 لسنة 2005) فالمحكمة الاتحادية العليا تمارس اختصاص محكمة التمييز بالنسبة للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري , ويقدم الطعن في الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة القضاء الإداري بواسطة رئيس محكمة القضاء الإداري بعد استيفاء الرسم القانوني عنها وتسجل الدعوى حسب أسبقية ورودها في سجل خاص للقضايا التمييزية التي تخص القضاء الإداري , وتنظر المحكمة الاتحادية العليا بالطعن ويجوز لها عند الاقتضاء دعوة الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي تروم الاستيضاح عنها .
المطلب الثاني :
اختصاصات المحكمة في دستور عام 2005
أورد دستور العراق لسنة (2005) اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا بشكل أوسع مما جاء في قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 كما إن الاختصاص المتعلق بالنظر في الدعاوى المقامة أمام المحكمة بصفة استئنافية والواردة في المادة (4 / رابعا") من قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005) استبعد من اختصاصات المحكمة في ظل الدستور .
والاختصاصات التي نص عليها الدستور في المادة 93 مايلي :

أولا" : الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة .

والمحكمة هنا تنظر في شرعية القوانين والأنظمة النافذة , وتكون رقابتها لاحقة ولا تنظر في مشروعات أو مقترحات القوانين قبل صدورها .
وعلى ذلك فقد رفضت المحكمة اختصاصها في النظر بصحة التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق على الرغم من استناد المدعين الى نص المادة ( 52 /ثانيا" ) من الدستور التي نصت على انه (( يجوز الطعن في قرار المجلس أمام المحكمة الاتحادية العليا خلال ثلاثين يوما" من تاريخ صدوره )) في الواقع هذا البند متعلق بصحة عضوية أعضاء مجلس النواب ولا دخل له بإجراءات التصويت في مجلس النواب على مشاريع قوانين وفي ذلك ورد في الدعوى عدد (18 / اتحادية / 2006) بتاريخ (5 / 3 /2007) ( ادعى المدعي لدى المحكمة الاتحادية العليا أن مجلس النواب العراقي عقد جلسته الاعتيادية بتاريخ (11/ 10 /2006) وكان مدرجا" على جدول أعماله طرح مقترح مشروع ( قانون الأقاليم ) للتصويت عليه عملا" بنص المادة (118) من الدستور , وأن هيئة رئاسة مجلس النواب خالفت أحكام النظام الداخلي للمجلس بالمادة (24) منه وبدلالة المادة (23)ولم تلتزم بالآلية الواجب إتباعها عند عرض مقترحات مشاريع القوانين المطلوب التصويت عليها وفض النزاع بها من خلال أخذ رأي أعضاء المجلس بالتصويت , وهذه المخالفة سبقتها مخالفات أخرى منها تحديد حالة الطوارئ حين لم يتوفر النصاب القانوني للتصويت عليه , وان صيغة مقترح مشروع القانون المقدم للتصويت عليه بهذه الجلسة كان من الخطورة بمكان بحيث يوجب على هيئة الرئاسة أن تلتزم وبدقة بما ورد بأحكام النظام الداخلي للمجلس خاصة وان هذا المشروع قد أثير حوله جدل كثير وصاحبته معارضة من الكتل النيابية وذلك من طبيعة الإجراءات التي اتبعت لتبرير هذا القانون . وكان هنالك خرق آخر للمادة (136 ) من النظام الداخلي عندما تصرفت هيئة الرئاسة بتعدي منها على مشروع قانون تشكيل الأقاليم للتصويت عليه قبل يومين من المدة القانونية المنصوص عليها في المادة (136) من النظام الداخلي لمجلس النواب لان مدة الأربعة أيام التي نصت عليها المشار إليها تمثل الحد الأدنى لدمج المقترحات التي يتقدم بها أعضاء المجلس أثناء فترة المناقشة وهذه المدة تحتسب من تاريخ غلق النقاش على مقترح مشروع القانون وان هيئة الرئاسة قلصت هذه المدة ليومين خلافا" للنظام . وعليه والاختصاص ألحصري للمحكمة الاتحادية العليا للنظر بدستورية القوانين والأنظمة والإجراءات المتبعة في مجلس النواب طلب إلغاء وإبطال إجراءات التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق لان المبني على باطل فهو باطل علما" أن نصاب مجلس النواب من الحضور متوفرة فيه الأغلبية النسبية وهي ( النصف + 1 ) أي ( 138 + عضو واحد ) في حين أن الأغلبية المطلقة هي ( 184 + عضو واحد ) ومن ثم تحميل المدعى عليه بالإضافة لوظيفته الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة . بعد أن اتبعت المحكمة الإجراءات المنصوص عليها في الفقرة ( ثالثا") من المادة 1 والفقرة ( ثانيا") من المادة 2 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 أجرت المرافعة واستمعت لأقوال الطرفين وطلباتهم وأفهمت ختام المرافعة . دققت المحكمة الاتحادية العليا عريضة الدعوى والطلبات الواردة فيها واللوائح المتبادلة بين الطرفين ومستندات الدعوى فوجدت أن المدعي يطلب في عريضة الدعوى إبطال إجراءات التصويت على مشروع قانون تشكيل الأقاليم في العراق وقد أيد وكيل المدعي هذا الطلب بما ورد بلائحته المؤرخة 13/12/2006 والتي بين فيها انه يطعن بالآلية التي تم فيها إحصاء عدد الأصوات وأكد على ذلك بلائحته المؤرخة 5/ 3 / 2006 حيث بين أن طريقة عد الأصوات كان غير دقيق . وإذ أن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا محددة بأحكام المادة 4 من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 والمادة 93 من الدستور ولم يكن من بين هذه الأحكام صلاحية النظر في صحة التصويت والمبينة في البرلمان العراقي . وان ما أشار إليه وكيل المدعي بلائحته المؤرخة 5 / 2 / 2006 في ثانيا" منها من أن المحكمة الاتحادية العليا مختصة بموجب أحكام المادة (52 / ثانيا") من الدستور فان ما ذهب إليه غير صحيح إذ أن أحكام هذه المادة تتعلق بصحة عضوية أعضاء مجلس النواب وبينت في الفقرة أولا" منها أن مجلس النواب يبت في صحة عضوية أعضائه خلال ثلاثين يوما" وفي الفقرة ثانيا" منها بينت انه يجوز الطعن على هذا القرار ( أي قرار صحة العضوية من عدمها ) لدى المحكمة الاتحادية العليا وهذا لا يعني أن هذه المحكمة لها صلاحية النظر على صحة التصويت في مجلس النواب . ومن كل ما تقدم نجد هذه المحكمة أنها غير مختصة بنظر الدعاوى وان دعوى المدعي إضافة لوظيفته لا سند لها من القانون باختصاص هذه المحكمة بنظرها . فقرر رد دعوى المدعي إضافة لوظيفته وتحميله الرسوم(19)
ثانيا": تفسير نصوص الدستور:
لم يكن من بين اختصاصات المحكمة الاتحادية بموجب قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية , ولا في قانون المحكمة رقم 30 لسنة 2005 تفسير النصوص الدستورية , إلا أن الدستور الدائم في المادة 93 / ثانيا" منه أضاف هذا الاختصاص إلى اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا , وحسنا" فعل المشرع الدستوري عندما أضاف هذا الاختصاص إلى المحكمة وذلك تلافيا" لما قد يحدث من جدل حول تفسير نصوص الدستور , كما وان المادة 2 من الدستور المتعلقة بثوابت أحكام الإسلام , وتلك المتعلقة بالديمقراطية تحتاج إلى أن يناط بالمحكمة هذا الاختصاص , إضافة إلى ما يحدث مستقبلا" بشأن تنازع القوانين بين الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم وتوزيع إيرادات مصادر الثروات الطبيعية , كذلك فيما يتعلق بالحقوق والحريات , وخير من يقوم بهذه المهمة المحكمة الاتحادية العليا خصوصا" إذا كان الدستور اتحادي يمنح الحق إلى الأقاليم بتشكيل سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية , كما أن الدستور منح الأقاليم اختصاصات واسعة منها كما جاء في المادة ( 121 / ثانيا" ) حيث ورد (( يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم , في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية )) وهذا البند يكاد أن يكون فريدا" من نوعه في الدول الفدرالية حيث يغلّب قانون الإقليم على القانون الاتحادي .
وعلى ضوء هذا البند الخاص بتفسير نصوص الدستور وبعد أن انتهى العمل بقانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 يجب أن يعدّل قانون المحكمة وكذلك النظام الداخلي للمحكمة تماشيا" مع ما قرره الدستور الدائم لعام 2005 , وهنا تقع مهمة تعديل القانون أو سن قانون جديد على عاتق مجلس النواب استنادا" إلى أحكام المادة 92 / ثانيا" من الدستور , وبما أن الدستور لم يكشف من له الحق طلب التفسير فقد أخذت طلبات التفسير تصل إلى المحكمة الاتحادية العليا من السلطات الدستورية , التشريعية والتنفيذية والقضائية , والمحكمة تستند في تفسيرها لنصوص الدستور إلى أحكام المادة 93 / ثانيا" منه .
ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا على ضوء المادة 93 / ثانيا" من دستور عام 2005 , قرار المحكمة رقم 227 / ت / 2006 بتاريخ 9 / 10 / 2006 بشأن طلب تفسير من مجلس النواب مفاده (هل يمكن إضافة كلمة ( العامة) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة ( 102) من الدستور , في قانون الهيئة و ما هي صلاحيات هيئة النزاهة وهل من بينها السلطة القضائية . واستنادا" إلى أحكام المادة ( 93 / ثانيا" ) من الدستور وضعت المحكمة الاتحادية العليا الاستفسار موضع التدقيق والمداولة وتوصلت إلى الرأي الآتي :
(أولا"- لا يمكن إضافة كلمة ( العامة ) إلى نهاية عبارة هيئة النزاهة الواردة في المادة ( 102) من الدستور وذلك إلى قانون هيئة النزاهة عند تشريعه , لان نص المادة ( 102 ) من الدستور قد حدد الاسم ابتداء" ولا يجوز مخالفته ولان إضافة (العامة ) إليه يشعر بوجود هيئتين ( هيئة النزاهة ) و ( هيئة النزاهة العامة ) .
ثانيا"- حدد أمر تشكيل ( المفوضية العراقية المعنية بالنزاهة العامة ) رقم 55 لسنة 2004 اختصاصاتها وصلاحياتها وليس من بينها الصلاحيات التي تمس صلاحيات السلطة القضائية أو ممارسة اختصاصاتها ذلك أن السلطة القضائية مستقلة بموجب المادة ( 87) من الدستور وتدار من ( مجلس القضاء الأعلى ) كما هو منصوص عليه في المادة ( 90 ) من الدستور ولا يجوز لأية جهة التدخل في شؤونها استنادا" إلى أحكام المادة ( 88 ) من الدستور وأن هذه السلطة تدير نفسها بنفسها وفقا" للقانون , فإذا ما حاد أحد منتسبيها عن أداء مهامه فأن طرق الطعن القانونية في الأحكام والقرارات كفيلة بمعالجة ذلك , وبالإضافة لذلك تتولى الجهات الرقابية المرتبطة بمجلس القضاء الأعلى تشخيص أي خلل وتقديم مرتكبه إلى اللجان الانضباطية وإذا ما شكل هذا الخلل جريمة فانه يقدم إلى المحاكم الجزائية لينال عقابه وفي مقدمة هذه الجهات جهاز الادعاء العام وهيئة الإشراف القضائي لذا لا يجوز لأي جهة أخرى وبضمنها هيئة النزاهة بسط صلاحياتها على السلطة القضائية لان ذلك يخل بمبدأ فصل السلطات الذي تبناه الدستور في المادة ( 47 ) منه ويصادر استقلال القضاء ويخل بحياده ويجعله رهين الجهة التي تريد بسط صلاحياتها عليه. ) (20)
ولابد لطلب التفسير من ضوابط تحدده بأن يكون النص المطلوب تفسيره قد أثار خلافا" في التطبيق وان يكون ذا أهمية تستدعي تفسيره تفسيرا" واحدا" تحقيقا" لوحدة تطبيقه وعليه يجب التقيد بضوابط التفسير ومراعاتها عند طلب تفسير نص دستوري وأهم هذه الضوابط (21)
1- عدم جواز تقديم طلب التفسير بمناسبة منازعة مطروحة أمام القضاء لان ذلك يعد نزع للخصومة من قاضيها الطبيعي ومنع الخصوم من الدفاع عن وجهة نظرهم إذا تم التفسير في غيابهم حيث أن مثل هذا الطلب سيقوم من السلطة القضائية عند طلب المحكمة المختصة ذلك.
2- أن يكون النص قد أثار خلافا" فعليا" في التطبيق وظهرت بصدده وجهات نظر متباينة.
ولا يقتصر تفسير المحكمة الاتحادية العليا لنصوص الدستور فقط وإنما تعدى ذلك إلى تفسير نصوص القانون العادي وان كان تفسير نصوص القوانين والأنظمة الداخلية لا يدخل في اختصاص المحكمة ذلك لان الدستور حدد اختصاصاتها حصريا", وليس من بينها تفسير القوانين , لكنها اجتهدت في ذلك عندما فسرت قانون التقاعد رقم 27 لسنة 2006 , وفي حالات أخرى تراجعت عن تفسير القوانين وقضت بعدم اختصاصها , ذلك ان تفسير القوانين مناط بمجلس شورى الدولة وهو صاحب الاختصاص في ذلك , ولعل تفسير المحكمة لقانون التقاعد جاء بالاستناد إلى العرف القضائي كونها أعلى محكمة ولها اختصاص تفسير الدستور وربما قاست على ذلك في تفسير قانون التقاعد , هذا من جانب , ومن الجانب الآخر ربما تكون التجربة القصيرة للمحكمة الاتحادية العليا في القضاء الدستوري هي التي جعلت منها أن تتجاوز اختصاصاتها , وتستعجل في تفسير القانون الذي هو من اختصاص مجلس شورى الدولة , وبما أن المحكمة الاتحادية لم تؤكد اختصاص مجلس شورى الدولة في تفسير القانون ابتداء" لعل ذلك راجع إلى أن مجلس شورى الدولة لم يكن من بين السلطة القضائية التي نصت عليها المادة (89) من الدستور والتي جاء فيها (( تتكون السلطة القضائية الاتحادية من مجلس القضاء الأعلى , والمحكمة الاتحادية العليا , ومحكمة التمييز الاتحادية وجهاز الادعاء العام , وهيئة الإشراف القضائي , والمحاكم الاتحادية الأخرى التي تنظم بقانون)) ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا تفسير المادة (1/ سادسا" ) من قانون التقاعد رقم 27 لسنة 2006 طالب التفسير المقدم مجلس القضاء الأعلى عدد 67 / ت / 2006 بتاريخ 3 /5 / 2006.
والذي جاء في رأي المحكمة (عرض مجلس القضاء الأعلى نص الفقرة ( سادسا" ) من المادة 1 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 التي تنص ( يحال الموظف المعين بمرسوم جمهوري أو بأمر من مجلس الوزراء على التقاعد بالكيفية التي تم تعينه فيها ) وطلب الرأي فيما إذا كانت هذه الفقرة تعطل أحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ( 498 ) في 12 / 7 / 1987 حيث خولت الفقرة ( أولا") منه( للوزير المختص ومن هو بدرجته إحالة أصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامون ومن هم بدرجتهم والموظفون الآخرون ممن يتم تعينهم بمرسوم جمهوري عدا ضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي عند إكمالهم السن القانونية للإحالة على التقاعد , وفيما إذا كانت تعطل أحكام الفقرة ( خامسا") من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم ( 691) في 1 /9 / 1987 التي خولت الوزير المختص ومن هو بدرجته صلاحية إحالة ممن ذكروا في الفقرة (أولا") من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم ( 498 ) في 12 / 7 / 1978 على التقاعد بسبب عدم الصلاحية للخدمة المؤيدة بتقرير اللجنة الطبية المختصة .
وفي الجلسة المنعقدة بتاريخ 30 / 4 / 2006 ناقشت المحكمة الاتحادية العليا الطلب ورجعت إلى النصوص المتقدم ذكرها وتوصلت إلى مايأتي :
أن نص الفقرة سادسا" من المادة 1 من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006 ينصرف إلى حالات الإحالة على التقاعد في غير حالتي إكمال السن القانونية للإحالة على التقاعد وعدم صلاحية الموظف للخدمة المؤيدة بتقرير اللجنة المختصة من الحالات التي تلزم بإحالة الموظف على التقاعد بحكم القانون وبخلافه يستلزم الأمر اتخاذ إجراءات طويلة ومعقدة وبالتالي فان الفقرة ( سادسا") من المادة الأولى من قانون التقاعد الموحد لا تنصرف إلى هاتين الحالتين وتبقى صلاحية الإحالة على التقاعد بموجبهما للوزير المختص ولرئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة واتخذ القرار بالاتفاق )(22)
ومن التطبيقات القضائية للمحكمة الاتحادية العليا التي قضت بعدم اختصاصها في تفسير القوانين قرارها رقم : 5/ اتحادية / في 4/ 2/ 2009 م
طلب مجلس محافظة بابل/اللجنة القانونية بكتابه المرقم 4/3 في 18/1/2009 من المحكمة الاتحادية العليا بيان الرأي فيما يتعلق بنص المادة (55) من قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة 2008 وفي فقرتها الأولى (ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية ولا تسري أحكامه على المحافظات غير المنتظمة في إقليم إلا بعد أجراء انتخابات المجالس القادمة باستثناء ... الخ) وأن لفظ المجالس ورد في المادة (1) لتشمل مجالس المحافظات ومجالس الأقضية والنواحي وأن قانون الانتخابات رقم (36) لسنة 2008 نص في المادة (6) أولاً : تجري انتخابات مجالس المحافظات في مرحلة أولى على أن تجري انتخابات مجالس الأقضية والنواحي في مرحلة ثانية وخلال ستة أشهر من تاريخ إجراء انتخابات المرحلة الأولى , ويستفسر مجلس المحافظة عن القانون الذي ستعمل بموجبه مجالس الأقضية والنواحي بعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات ونفاذ قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 وإلغاء الأمر (71) بنص القانون آنف الذكر من المادة (53) منه.
وضع الطلب موضع التدقيق والمداولة في جلسة المحكمة الاتحادية العليا المنعقدة في 4/2/2009 وتوصلت المحكمة بالاتفاق إلى ما يأتي.
حيث أن المادة (93) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 قد حددتا اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وليس من بين هذه الاختصاصات أعطاء الرأي في
المسألة المعروضة , لأن ذلك يدخل ضمن اختصاص مجلس شورى الدولة بموجب أحكام المادة (6) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 عليه يكون طلب مجلس محافظة بابل خارج اختصاص المحكمة الاتحادية العليا لعدم تعلقه بتفسير نص من نصوص الدستور (23)
ثالثا: حجية الأحكام الدستورية
إن أحكام المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى الدستورية وقراراتها ملزمة لكافة سلطات الدولة كما ورد في المادة ( 94) من الدستور التي نصت على أن((قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة )).
ولكن الإشكالية في تعارض نصوص الدستور التي تتقاطع فيما بينها خصوصا" المادة (61 / سادسا" / ب ) التي ذكرت إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية:
1- الحنث في اليمين الدستورية
2- انتهاك الدستور
3- الخيانة العظمى
وهنا نورد بعض الملاحظات التي يجب الالتفات إليها :
أولا" : إن هذا البند لا يتفق مع ما ذكرته المادة 94 من الدستور , والسؤال هنا كيف تكون قرارات المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة إذا كان إعفاء رئيس الجمهورية بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا يخضع لتصويت أعضاء مجلس النواب ؟
ففي هذه الحالة لا تكون قرارات المحكمة ملزمة للسلطات كافة في الدولة , وعليه على المشرع أن يزيل هذا التعارض بين المادة ( 61 / سادسا" / ب ) والمادة 94 من الدستور , وفي حالة إبقاء النص على ما هو عليه يكون لمجلس النواب سلطة إلغاء الأحكام التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا وهذا مخالف لأحكام المادة 94 من الدستور.
ثانيا" : ورد في المادة ( 121 / ثانيا" ) من الدستور التي نصت على انه (( يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم , في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية )) .
وهنا نجد عبارة تعديل تطبيق القانون الاتحادي تعني الإلغاء جزئيا" أو كليا", وان ممارسة سلطة الإلغاء منوط بالمحكمة الاتحادية العليا دون غيرها حيث تتولى
الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية كما نصت عليه المادة (93/ ثالثا") من الدستور , وبما أن القانون الاتحادي أعلى مرتبة من قانون الإقليم استنادا" إلى مبدأ تدرج التشريع في الفقه الدستوري والتنازع الذي يحصل بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم تفصل فيه المحكمة الاتحادية العليا وليس سلطة الإقليم , وفي هذه الحالة سنكون أمام تجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وعلى قاعدة مبدأ تدرج التشريع وعليه لابد للمشرع أن يعالج هذه المسألة التي تضعف من سلطة الحكومة الاتحادية وتتجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا .
إذ أن المادة ( 121 / ثانيا" ) تتجه نحو الكونفدرالية أكثر منها إلى الفدرالية , ومن الضرورات أن يلغى البند ثانيا" من المادة (121) من الدستور لسببين , السبب الأول لتقوية سلطة الحكومة الاتحادية , والثاني عدم التجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا.
فان بقاء هذه النصوص على حالها سوف تثير الجدل في القضاء الدستوري العراقي مستقبلا" حول حجية الأحكام الدستورية التي لا يجوز الطعن بها أو نقضها بأي حال من الأحوال , وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الاتحادية العليا في المادة ( 5 / ثانيا" ) من قانونها رقم 30 لسنة 2005 التي نصت على أنه((الأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة الاتحادية العليا باتة ))
المطلب الثالث :
إجراءات رفع الدعوى الدستورية وشروطها

بينا إن التنظيم الدستوري للرقابة على دستورية القوانين في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004 ودستور العراق لعام 2005 مورست بطريقة الدعوى المباشرة ( دعوى الإلغاء ) وطريقة المزج بين طريقة الدفع الفرعي والدعوى الأصلية أو المباشرة.
وعلى الرغم من أن تجربة القضاء الدستوري العراقي تجربة قصيرة إلا أنها غنية بقضائها وقضاتها الذين لهم باع طويل في القضاء العراقي .
وبعد أن بينا تكوين المحكمة الاتحادية العليا وطرق ممارسة الرقابة الدستورية واختصاصاتها , يتعين علينا أن نتعرف على إجراءات رفع الدعوى الدستورية أمام المحكمة الاتحادية العليا .
فقد أجاز النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005 حق التقدم بالدعاوى إلى ثلاث جهات ( الخصم أمام محكمة الموضوع , والجهات الرسمية, والأفراد الطبيعية والمعنوية ) .
ولغرض التعرف على إجراءات رفع الدعوى في النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا نتناول هذا المطلب في ثلاث فروع نتناول في الفرع الأول: إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع والفرع الثاني: شروط الطعن أمام المحكمة, وأخيرا" إجراءات الفصل في الطلبات والطعون .

الفرع الأول :
إجراءات رفع الدعوى أمام محكمة الموضوع

لابد للطعن أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نص من توفر الشروط التالية :
أولا": أن تكون هناك دعاوى قائمة ومعروضة أمام محكمة الموضوع والمقصود بمحكمة الموضوع ( أي من المحاكم العراقية على اختلاف أنواعها ودرجاتها عدا محكمة التمييز وذلك لأنها تنحصر في الإجراءات التدقيقية لأوراق الدعوى دون حضور الخصوم إلا للاستيضاح دون المرافعة )
ثانيا": أن يدفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى بعدم شرعية النص دستوريا" الذي سيطبق على واقعة الدعوى .
ثالثا : تقدم الدعوى من قبل الخصوم بناءا" على تكليف محكمة الموضوع له.
رابعا": أن تقدم الدعوى بواسطة محام ذي صلاحية مطلقة.
خامسا": أن يدفع الرسم القانوني المقرر وفق قانون الرسوم العدلية.
سادسا": أن يبين الخصم النص التشريعي المطعون بمخالفته للدستور ونص الدستور المدعي لمخالفته.(24)
ويقدم موضوع المنازعة بدعوى وفق الإجراءات التالية :
أولا" : على المدعي عند تقديم عريضة دعواه أن يرفق بها نسخا" بقدر عدد المدعى عليهم وقائمة بالمستندات ويجب عليه أن يوقع هو أو وكيله على كل ورقة من الأوراق المقدمة مع إقراره بمطابقتها للأصل .
ثانيا" : لا تقبل عريضة الدعوى إذا لم ترفق بها المستندات المنصوص عليها في الفقرة أولا" من المادة (15) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا
ثالثا" : تؤشر عريضة الدعوى من رئيس المحكمة أو من يخوله ويستوفي الرسم عنها وتسجل في السجل الخاص وفقا" لأسبقية تقديمها ويوضع عليها ختم المحكمة وتاريخ التسجيل ويعطى المدعي وصلا" موقعا" عليه من الموظف المختص يبين فيه رقم الدعوى وتسجيلها .
وعند إكمال إجراءات دعوى المدعي:
أولا" : تبلغ عريضة الدعوى ومستنداتها إلى الخصم ويلزم الإجابة عليها تحريريا" خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوما" من تاريخ التبليغ.
ثانيا" : لا يعين موعد للمرافعة في الدعوى إلا بعد إكمال التبليغات وإجابة الخصم عليها أو مضي المدة المنصوص عليها في الفقرة أولا" من المادة 2 وفي هذه الحالة لا يقبل من الخصم طلب تأجيل الدعوى لغرض الإجابة .
وأجاز النظام الداخلي للمحكمة إجراء التبليغات في مجال اختصاصها بوساطة البريد الالكتروني والفاكس والتلكس إضافة لوسائل التبليغ الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية .(25)
ومن الجدير بالذكر أن النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم (1 لسنة 2005) قد نص على أن يطبق قانون المرافعات المدنية إذا لم يرد نص خاص في قانون المحكمة وفي نظامها الداخلي فقد جاء في نص المادة (19) من النظام الداخلي للمحكمة (( تطبق أحكام قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969) وقانون الإثبات رقم (107 لسنة 1979) فيما لم يرد نص خاص في قانون المحكمة الاتحادية العليا في هذا النظام ))
وذكرت المادة 6 من النظام الداخلي (( إذا طلب مدع الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي في نظام أو تعليمات أو أمر فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47 ) من قانون المرافعات المدنية ...)) ومن هذه الشروط ما ورد في المادة 44 من قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969) التي تنص على مايلي:
1- كل دعوى يجب أن تقام بعريضة.
2- يجوز الادعاء بعريضة واحدة بحق عيني على عدة عقارات إذا اتحد السبب والخصوم .
3- يجوز الادعاء بعريضة واحدة بعدة حقوق شخصية وعينية منقولة .
4- يجوز أن تتضمن الطلبات المكملة للدعوى أو المترتبة عليها أو المتفرعة منها
5- إذا تعدد المدعون وكان في ادعائهم اشتراك أو ارتباط جاز لهم إقامة الدعوى بعريضة واحدة .
6- إذا تعدد المدعى عليهم واتحد سبب الادعاء أو كان الادعاء مرتبطا" جاز إقامة الدعوى عليهم بعريضة واحدة.
في حين أوضحت المادة (46) البيانات التي اشترطت توفرها في عريضة الدعوى من شأنها أن تجعل الخصم في الدعوى على بينة كافية بكل ما يتعلق بالنزاع
المنظور من قبل المحكمة التي رفعت الدعوى إليها وأن كانت هذه البيانات من البيانات الشكلية وان أي نقص أو غموض فيها , يلزم المدعي بإكماله خلال مدة مناسبة وإلا تبطل الدعوى بقرار من المحكمة إذا كان هذا النقص أو الغموض من شأنه أن يجهل المدعى به أو المدعى عليه أو المحل أو المختار لغرض التبليغ وهي كما ورد النص .
1- اسم المحكمة التي تقام الدعوى أمامها .
2- تاريخ تحرير العريضة .
3- اسم وكيل من المدعي والمدعى عليه ولقبه ومهنته ومحل إقامته , فان لم يكن للمدعى عليه محل إقامة معلوم فآخر محل كان فيه .
4- بيان المحل الذي يختاره المدعي لغرض التبليغ .
5- بيان موضوع الدعوى فان كان منقولا" ذكر جنسه ونوعه وقيمته وأوصافه وان كان عقارا" ذكر موقعه وحدوده ورقمه أو تسلسله .
6- وقائع الدعوى وأدلتها وطلبات المدعي وأسانيده .
7- توقيع المدعي أو وكيله إذا كان الوكيل مفوضا" بسند مصدق عليه من جهة مختصة .
الفرع الثاني :
شروط الطعن أمام المحكمة
تختلف شروط رفع الدعوى أمام المحكمة الاتحادية عند الطعن في دستورية القوانين حسب الجهة الطاعنة ووفقا لما يلي :
أولا" : الطعن من قبل الجهات الرسمية
إذا طلبت إحدى الجهات الرسمية , بمناسبة منازعة قائمة بينها وبين جهة أخرى , الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي أو نظام أو تعليمات أو أمر, فترسل الطلب بدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا , معللا" مع أسانيده , وذلك بكتاب بتوقيع الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة .(26)
يجب أن تتوفر الشروط التالية في الدعوى التي تقدمها الجهات الرسمية ضد أي جهة أخرى والتي قد تكون رسمية أو غير رسمية :
1- أن يكون هناك منازعة قائمة بين الجهات الرسمية المدعية وبين الجهة الأخرى .
2-يجب أن تكون الدعوى معللة بالأسانيد أي ذكر النص التشريعي المطعون بمخالفته للدستور والنص الدستوري المدعي بمخالفته معززا" بالأسانيد .
3- أن ترسل الدعوى بكتاب موقع من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة.
4- أن تكون الدعوى مستوفية للشروط الواردة في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47) من قانون المرافعات المدنية رقم (83 لسنة 1969)
5- أن تقدم الدعوى من قبل محام بموجب وكالة أو من قبل الممثل القانوني للجهة الرسمية على أن لا تقل درجته الوظيفية عن مدير .
وعليه يجب أن تكون الوكالة المعطاة من المستدعي تخوله صراحة مخاصمة الجهة الإدارية التي أصدرت القرار وإلا فان الدعوى تكون مستوجبة الرد شكلا" وفي ذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا برد دعوى تقدم بها ممثل رئيس ديوان الوقف السني إضافة لوظيفته لان عريضة الدعوى موقعة من شخص لا صفة قانونية له بتوقيعها فورد في حكمها عدد 14 / اتحادية / 2006 بتاريخ 11/ 10/ 2006 ( لدى التدقيق والمداولة من المحكمة الاتحادية العليا وجد إن التوقيع المنسوب إلى المدعي في عريضة الدعوى يختلف عن التوقيع المنسوب إليه في الوكالة العامة المرقمة ( 5/4/ 2439) في 9/8/ 2006 الصادرة من رئاسة ديوان الوقف السني / الدائرة القانونية / الموقعة من قبل رئيس الديوان وحيث إن وكيل المدعي أوضح للمحكمة بان السبب يعود إلى التوقيع المذيل في عريضة الدعوى المنسوب إلى المدعي موقع من قبل معاون رئيس ديوان الوقف السني (ي.ع) وعليه وحيث إن عريضة الدعوى موقعة من شخص لا صفة قانونية له بتوقيعها فتكون الدعوى مقامة من شخص لا يملك حق إقامتها وتكون خصومته غير موجهة وإذا كانت الخصومة غير موجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد عريضة الدعوى قبل الدخول في أساسها وذلك عملا" بالمادة ( 80/1) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل لذا قررت المحكمة الحكم برد الدعوى مع تحميل المدعي إضافة لوظيفته كافة مصاريفها )(27)

ثانيا :الطعن من قبل الأشخاص الطبيعية والمعنوية :

إذا طلب مدع الفصل في شرعية نص في قانون أو قرار تشريعي في نظام أو تعليمات أو أمر فيقدم الطلب بدعوى مستوفية للشروط المنصوص عليها في المواد ( 44 و 45 و 46 و 47 ) من قانون المرافعات المدنية ويلزم أن تقدم الدعوى بوساطة محام ذي صلاحية مطلقة وأن تتوفر في الدعوى الشروط الآتية :
1- الاستعانة بمحام : اشترط المشرع العراقي لقبول دعوى إلغاء قانون غير دستوري توقيعها من محام لضمان جدية الطعن الدستوري وموضوعيته وعدم إشغال المحكمة بطعون غير موضوعية وان تكون صلاحية هذا المحامي مطلقة.
2- اسم الشخص و مركزه القانوني أو المالي أو الاجتماعي . وصفته ومحل إقامته سواء أكان الطاعن فردا" أو شخصا" من أشخاص القانون الخاص , ويجوز أن يقدم مجموعة من الأفراد أو الأشخاص طلبا" في دعوى واحدة إذا كان هناك صلة في الموضوع .
3- أن يقدم المدعي الدليل على أن ضررا" واقعيا" قد لحق به من جراء التشريع المطلوب إلغاؤه . موضوع الطلب وبيانا" بالمستندات الخطية التي يستند إليها المستدعي في إثبات دعواه , والمصلحة هي شرط لقبول أي دعوى قضائية حيث أن من المبادئ الرئيسية للتقاضي انه لا دعوى بلا مصلحة , ولما كانت دعوى الإلغاء في الوقت الحاضر هي دعوى قضائية خالصة فأنه يشترط لقبولها أن يكون للمدعي فيها مصلحة في إقامتها مع اختلاف درجة المصلحة في دعوى الإلغاء عنها في سائر الدعاوى الأخرى إدارية كانت أو مدنية .
وهكذا فان مجلس الدولة الفرنسي ومنذ تحوله إلى جهة قضائية وبالرغم من عدم وجود نصوص تشريعية تتعلق بالمصلحة فانه يعتبرها شرط أساسي لقبول الدعوى غير أن المشرع العراقي لم يستلزم المصلحة وحدها كأساس للدعوى وإنما تطلب أن يصاب الطاعن بضرر واقعي وأن يكون الضرر مباشرا" مستقلا" بعناصره ويمكن إزالته إذا ما صدر حكم بعدم شرعية التشريع المطلوب إلغاؤه , وأن لا يكون الضرر نظريا" أو مستقبليا" أو مجهولا" , والمصلحة المباشرة يقصد بها أن تكون محسوسة وقائمة أي أن يؤثر فيها القرار تأثيرا" مباشرا".
4- أن لا يكون المدعي قد استفاد بجانب من النص المطلوب إلغاؤه .
ولا نرى إن هذا الشرط سليم أو منطقي فقد يوفر القانون في جانب منه بعض المزايا غير أنه يبقى مع ذلك مخالفا" للدستور , ومن المصلحة العامة إلغاؤه.
5- أن يكون النص المطلوب إلغاؤه قد طبق على المدعي فعلا" أو يراد تطبيقه عليه .(28)
الفرع الثالث :
إجراءات الفصل في الطلبات والطعون
تتميز إجراءات رفع دعوى إلغاء القوانين غير الدستورية بأنها مستقلة عن إجراءات رفع الدعاوى الأخرى المنصوص عليها في قانون المرافعات وهي بهذا لا تشكل استثناء" عن هذه الإجراءات بقدر ما تمثل نظاما" مستقلا" وأساسيا" لا يعتد فيه القاضي بضرورة الرجوع إلى قانون المرافعات إلا في حالة عدم وجود النص ويستمد القاضي سلطته هذه من طبيعة المنازعات الدستورية .
تحضير الدعوى:
بعد اكتمال التبليغات تعين المحكمة موعدا" للمرافعة وتهيئة الدعاوى إلي ترسل إليها ((... من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الاتحادية العليا بواسطة رئيس محكمة القضاء الإداري الذي يقوم بالتأشير عليه واستيفاء الرسم القانوني عنه ويرفعه مع اضبارة الدعوى إلى المحكمة الاتحادية العليا ))(29)
أما بالنسبة للدعاوى التي ترفع أمام المحكمة بدعوى مباشرة فإنها (( تسجل حسب أسبقية ورودها ...)) (30)
يدعو رئيس المحكمة أعضائها للانعقاد قبل الموعد المحدد بمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما" إلا في الحالات المستعجلة وحسب تقدير رئيسها .ويرفق بكتاب الدعوى جدول الأعمال وما يتعلق به من وثائق .(31)
هذا و تنظر المحكمة في المنازعة ولو لم يحضر الخصوم بعد أن تتحقق من صحة تبلغهم بموعد المرافعة وتنظر المحكمة المنازعات في جلسة علنية إلا إذا قررت أن تكون الجلسة سرية إذا كان ذلك ضروريا" مراعاة المصلحة العامة أو النظام العام أو الآداب العامة وبقرار من رئيسها , أما إذا كانت المحكمة تنظر الطعن بأحكام وقرارات محكمة القضاء الإداري بإجراء التدقيقات لأوراق الدعوى دون أن تجمع الطرفين ولها عند الاقتضاء دعوة الخصوم للاستيضاح منهم عن بعض النقاط التي تروم الاستيضاح عنها .
وللمحكمة أن تجري ما تراه من تحقيقات في المنازعات المعروضة عليها أو تندب لذلك أحد أعضائها ولها طلب أوراق أو بيانات من الحكومة أو أية جهة أخرى للاطلاع عليها ولها عند الضرورة أن تأمر بموافاتها بهذه الأوراق أو صورها الرسمية حتى لو كانت القوانين والأنظمة لا تسمح بالاطلاع عليها أو تسليمها(32)
هذا و للمحكمة أن تكلف الادعاء العام بإبداء الرأي في موضوع معروض أمامها وعلى الادعاء العام إبداء رأيه تحريريا" خلال المدة التي تحددها المحكمة .
وعند النطق بالحكم أو القرار يجب أن تودع مسودته في اضبارة الدعوى بعد التوقيع عليها , ويلزم أن يكون الحكم والقرار مشتملا" على أسبابه (*) , فأن لم يكن بالإجماع أرفق الرأي المخالف مع أسبابه . والأحكام والقرارات التي تصدرها المحكمة باتة لا تقبل أي طريق من طرق الطعن.(33)

الخاتمة

في خاتمة هذا البحث الذي سلطنا فيه الضوء على واقع حال الرقابة الدستورية في قانون إدارة الدولة ودستور العراق لعام 2005 خلصنا إلى ما يلي :
أولا" : ورد في المادة (94) من الدستور أن قرارات المحكمة الاتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ومن ثم فان أحكام المحكمة الاتحادية العليا في الدعوى الدستورية وقراراتها ملزمة لكافة سلطات الدولة, غير إن ذلك يتعارض مع نصوص أخرى للدستور ومن ذلك نص المادة (61 / سادسا" / ب) التي تتعلق بإعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات الآتية:
1- الحنث في اليمين الدستورية
2- انتهاك الدستور
3- الخيانة العظمى
إن هذا البند لا يتفق مع ما ذكرته المادة (94) من الدستور , إذ كيف تكون قرارات المحكمة باتة وملزمة للسلطات كافة إذا كان إعفاء رئيس الجمهورية بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا يخضع لتصويت أعضاء مجلس النواب , ففي هذه الحالة لا تكون قرارات المحكمة ملزمة للسلطات كافة , وتأسيسا" على ذلك على المشرع أن يزيل هذا التعارض بين المادة ( 61/سادسا"/ ب ) والمادة (94) من الدستور .

ثانيا" : ورد في المادة ( 121 / ثانيا") من الدستور انه يحق لسلطة الأقاليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الإقليم في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم بخصوص مسألة لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية , وعبارة تعديل تطبيق القانون الاتحادي قد تعني الإلغاء جزئيا أو كليا , ولا يخفى أن ممارسة سلطة الإلغاء منوط بالمحكمة الاتحادية العليا دون غيرها حيث تتولى الفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية , كما نصت عليه المادة ( 93 / ثالثا") والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية , وبما أن القانون الاتحادي أعلى مرتبة من قانون الإقليم استنادا" إلى مبدأ تدرج التشريع في القانون الدستوري .
والتنازع الذي يحصل بين القانون الاتحادي وقانون الإقليم تفصل فيه المحكمة الاتحادية العليا , وعليه لابد للمشرع أثناء تعديله لنصوص الدستور أن يعالج هذه المسألة التي تضعف من سلطة الحكومة الاتحادية وتجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا .
ومن المهم أن يعاد النظر في البند ثانيا" من المادة (121) لسببين , السبب الأول تقوية سلطة الحكومة الاتحادية , إما الثاني فيتمثل في عدم التجاوز على اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا , وإذا بقيت هذه النصوص على حالها ستؤدي إلى إشغال القضاء الدستوري العراقي بالكثير من القضايا مستقبلا .

ثالثا" : بصدور دستور عام( 2005) تمت إضافة اختصاصات إلى المحكمة الاتحادية العليا استنادا" لحكم المادة (93) من الدستور وحذفت اختصاصات أخرى مما يقتضي تعديل قانون المحكمة رقم (30 لسنة 2005) ونظامها الداخلي رقم (1 لسنة 2005) الذي صدر في ظل قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام( 2004) وأصبح من اللازم إعادة النظر فيه بانتهاء العمل بالقانون المذكور .



الهوامش

(1) المادة 44/ هاء / من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية لعام 2004

(2) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق , دار الضياء للطباعة والتصميم , النجف الاشرف, ط1 ص 39 – 40
(3) المادة 92 / ثانيا من دستور العراق لعام 2005
(4) فاروق الكيلاني – استقلال القضاء , دار النهضة العربية , القاهرة , ط1 ص 15
(5) سورة الإسراء – آية 23
(6) فاروق الكيلاني – نفس المرجع – ص 15
(7) د. عدنان عاجل عبيد – أثر استقلال القضاء عن الحكومة في دولة القانون , أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الحقوق , جامعة النهرين , 2007 ص 34
(8) الأسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل
(9) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 127
(10) المادة 132 من قانون الإثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل
(11) المادة 14 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(12) هادي عزيز علي – خبراء الفقه الإسلامي وعضوية المحكمة الاتحادية العليا – دراسة منشورة في الموقع الالكتروني لصحيفة المدى http://www.almadah paper.com
(13) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 128 – 129
(14) المادة 3 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(15) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى رقم 10 / اتحادية / في 29 /5/ 2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html
(16) المادة 4 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(17) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى 15 / ت / 2006 الصادر بتاريخ 26 / 4 / 2007 المنشور في الموقع الالكتروني http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.html
(18) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 37

(19) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية في الدعوى 18 / اتحادية / 2006 الصادر بتاريخ 5 / 3/ 2007 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://iraqijudicature.org/fedraljud.html
(20) تفسير المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 227 / ت / 2006 الصادر بتاريخ 9/10/2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://iraqijudicature.org/fedraljud.html
(21) مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 85 – 86
(22) تفسير المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 67 / ت / 2006 الصادر بتاريخ 3 / 5 /2006 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://www.iraqijudicature.org/fedraljud.ht
23)) تفسير المحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 5 / اتحادية / الصادر بتاريخ 4/2/2009 المنشور في الموقع الالكتروني للمحكمة http://iraqijudicature.org/fedraljud.html
(24)مكي ناجي – المحكمة الاتحادية العليا في العراق – مرجع سابق ص 103 – 104
(25) المواد ( 1 و2 و 21 ) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(26) المادة 5 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 1 لسنة 2005
(27) قرار المحكمة الاتحادية العليا العراقية عدد 14/ اتحادية / بتاريخ 11 / 10 / 2006 على الموقع الالكتروني http//www.iraqijudicature.org/fedraljud.html
(28) للمزيد مراجعة المادة 6 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا العراقية رقم 1 لسنة 2005
(29) المادة 7 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(30) المادة 8 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(31) المادة 9 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005
(32) المواد 10 - 13 من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005



( *) بعد أن تستكمل الدعوى الدستورية شرائطها الشكلية أمام المحكمة ,
تتصدى بعدها لموضوع الدعوى وتنحصر سلطتها في بحث مشروعية القانون ودستوريته لتنتهي بالنتيجة أما إلى إلغاء قانون غير دستوري أو لا, ويترتب على الحكم بإلغاء القانون آثار معينة منها ما يتعلق بحجية الحكم بالإلغاء , ومنها ما يتعلق بتنفيذ حكم الإلغاء , وتنطوي حجية الحكم بالإلغاء على دعوى حيازة حكم الإلغاء حجية الشئ المحكوم فيه من ناحية , وعلى قوة هذه الحجية وهل إنها حجية مطلقة أو نسبية من ناحية أخرى , وتتصل من ناحية ثالثة بنطاق الإلغاء وهل يتناول القانون بأكمله أم يتناول الأجزاء المعيبة فقط دون الأجزاء السليمة .
1- الأحكام الصادرة في الدعوى الدستورية تتمتع بقوة الشئ المقضي به:
تحوز الأحكام الصادرة من المحكمة الاتحادية العليا على حجية الشئ المقضي به كسائر الأحكام القطعية , وتكون حجة في ما قضت به وهذه الخاصية لا تتناول الأحكام الصادرة بالإلغاء فحسب وإنما تشمل الأحكام الصادرة برفض الدعوى وتلك التي تتعلق بالاختصاص والقبول , فان الأحكام الصادرة في الدعوى تعد عنوانا" للحقيقة , فما تضمنه الحكم يعد قرينة غير قابلة لإثبات العكس , فلا يجوز عرض النزاع مرة أخرى على أي محكمة .
ويشترط للتمسك بحجية الحكم وسبق الفصل في الدعوى أن يكون هناك حكما" قضائيا" قطعيا" وأن تثبت الحجية لمنطوقه دون أسبابه , لان المنطوق هو الذي يشتمل ارتباطا" وثيقا" بالمنطوق , إذ تكتسب الحجية حالها حال المنطوق , ويشترط للتمسك بالحجية أيضا" اتحاد الخصوم والموضوع والسبب.
2- الحكم بالإلغاء يتمتع بحجية مطلقة
الأحكام الصادرة بإلغاء القانون غير الدستوري حجة على الكافة فحكم الإلغاء يسري على الجميع سواء" كانوا أطرافا" في الدعوى أم لم يكونوا , فيمتنع على من لم يكن طرفا" في الدعوى الاستناد إلى القانون الذي قضى بإلغائه , كما يستفيد من آثار الإلغاء من كان طرفا" في الدعوى الاستناد إلى القانون الذي قضى بإلغائه , كما يستفيد من آثار الإلغاء من كان طرفا" في دعوى أخرى تستند إلى القانون الذي تم إلغاؤه ومن لم يكن طرفا" فيها بحكم إطلاق حجية حكم الإلغاء , فللأحكام الصادرة بالإلغاء حجة على الكافة وحجيتها من النظام العام , فإذا ما تقرر إلغاء قانون ما توجب على الإدارة المستندة إليه الالتزام بإعادة الحال إلى ما كان عليه كما لو لم يصدر القانون الملغي .
وتعد الحجية المطلقة المقررة للأحكام الصادرة بإلغاء القانون غير الدستوري استثناء من القاعدة العامة المقررة لجميع الأحكام القضائية وهي نسبية حجتها , أي اقتصار آثار الحكم على أطراف الدعوى دون سواهم , والعلة في ذلك ترجع إلى انتماء هذه الدعوى إلى طائفة القضاء الموضوعي أو العيني في إطاره توجه الخصومة إلى قانون وليس إلى أشخاص , فإلغاؤه يعني تصحيح اللامشروعية التي وصم بها القانون , ومن المنطقي أن يسري هذا التصحيح في مواجهة الكافة
3- الإلغاء الكلي والإلغاء الجزئي
إذا كان الحكم القضائي بإلغاء القانون يكتسب حجية مطلقة بمعنى أنه يزيل كل أثر للقانون في مواجهة الكافة , إلا أن مدى الإلغاء ونطاقه أمر تحدده المحكمة وما تنتهي إليه في قضائها بتحديد مدى مخالفة القانون للدستور لضمان احترام مضامين الدستور وترسيخ مبدأ سيادة القانون والحيلولة دون قيام السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية بمخالفة المبادئ الأساسية له , فقد يتناول الحكم بالإلغاء القانون بأكمله فيزيل آثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الكلي , وقد يتناول بعض أجزاء القانون دون الأخرى فيزيل بعض آثاره وهو ما يسمى بالإلغاء الجزئي .
(33) المواد 16- 19من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا رقم 1 لسنة 2005



#حسن_ناصر_المحنّه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حل النزاعات لناشطي المجتمع المدني
- دراسة في مناقشة المادة 46من دستور العراق لعام 2005
- دراسة قانونية نقدية في مناقشة مشروع قانون المنظمات غير الحكو ...


المزيد.....




- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - حسن ناصر المحنّه - الرقابة الدستورية في قانون ادارة الدولة ودستور العراق لعام 2005