أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟















المزيد.....

لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2652 - 2009 / 5 / 20 - 04:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تداعت المعارضة السورية على نحو مريع ومحزن، وخفت صوتها وانكفأت أذرعها الإعلامية إلى حدودها الأدنى، وفقدت شرعية وجودها مع تشذيب مخالب اليم المحافظ في واشنطن، وأفول الحقبة البوشية بقضها وقضيضها واندحار الشرق أوسطية، والتي كان من أبرز تداعياتها انهيار "همروجة" المحكمة الدولية على ذلك الشكل البائس، وكانت، في الواقع، القشة التي قصمت ظهر البعير. إذ ليس من المصادفة، البتة، أن تتزامن الإعلانات المتتالية عن الإفلاسات والإغلاقات والانسحابات و"الخناقات" وانقراط حبات المسبحات، وهمروجة التشويشات، أيضا وأيضاً، مع إسدال الستار النهائي على آخر الفصول التراجيكوميدية للمحكمة الدولية، وانتهاز آخر فرص الظهور لالتقاط صور الوداع التذكارية، وذلك قبل مشاهد الفجائع النهائية، وتماماً، كما كان يجري في المشاهد الأخيرة للملاحم والأساطير الإغريقية.

وبناء على ذلك، تم إغلاق أكثر من موقع ومنبر سوري معارض. ففي الحقيقة لم يعد لتلك المعارضة ما تقوله، اللهم باستثناء ما تنقله، قصاً ولصقاً ونسخاً، عن وسائل الإعلام السورية، كالثورة والبعث وتشرين ووكالة سانا، من تحقيقات وأخبار تتعلق بمكافحة الفساد، والتصدي للمخالفين، وتسليط الضوء على بعض أوجه الحياة اليومية العادية وإفرازاتها التي لا تخلو منها حتى الدول الاسكندينافية، كما بالنسبة لأوجه ونشاطات أخرى تتعلق بتفاعلات في عمق المجتمع السوري سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. فلقد تحول الناس في سوريا وخارجها، عن الكثير مما تزعمه تلك الأدوات الإعلامية المعارضة بعد انكشاف الخديعة الكبرى، والكذبة الفظيعة التي حاول البعض تسويقها وترويجها، وظهر لاحقاً أنها مجرد هراء وتهويل وتضليل لا أساس له من الصحة البتة، ولم يعد في واقع الأمر، بالنسبة للبعض ما يقوله، أو يقنع به مجرد طفل صغير بعد انكشاف مسلسل التلفيق والأكاذيب المكسيكي الطويل.

وطبعاً هذا الواقع الجديد، لم يستثن ما أفرزته الحقبة إياها من محطات فضائية حاولت أن تلعب، أيضاً، ذات الدور التضليلي والتشويهي، الذي لعبته موجة الجبهات والشخصيات والأحزاب والجماعات الدينية والإعلانات والمنابر وجمعيات عقوق الإنسان ( وكالعادة، لا يوجد خطأ إملائي هنا)، والذي طال أول ما طال وجه سوريا الحضاري الجميل ورسالته الحضارية والتنويرية عبر التاريخ وثراءه التعددي المميز الأصيل، ومن ثم محاولة التشويش على المواطن البسيط وبث روح التخاذل والاستسلام واليأس فيه، بغية جعل الوطن لقمة سائغة وسهلة في أنياب ونواجذ وفك المحافظين الجدد وتابعهم الإقليمي.

ومع الانهيار الشامل للبرنامج التضليلي واجهت تلك المحطات الفضائية ما واجهته المنابر الإليكترونية ومنصات التهريج الإعلامية الأرضية المختلفة، من حالة عجز ويأس وانكشاف مرعب فظيع، ولم تجد بداً من إقفال معظم تلك الدكاكين، وإلقاء شنط التهريب في أقرب برميل، وضب ولملمة تلك "البسطات" البائسة والفقيرة، التي افترشت بها وجه الفضاء، كما افترش الذين من قبلها أديم الأرض والخلاء، ولكن كان ينقصها العذر والتبرير المنطقي لذلك، وهي تعاني سكرات الإفلاس السياسي والأخلاقي والعقائدي والمالي القاتل المميت. ولذا بات يتردد لسماعنا اليوم، وبشكل اجتراري جنائزي ممجوح وفج لعين، كلاماً من غير محطة فضائية سورية، ومن مالكيها الذين يجمع فيما بينهم مشتركاً واحداً وهو المافيوزية والفساد المالي واللصوصية والسلطوية المريضة وتورم الأنا النفسي والنرجسي، عن عمليات تشويش أوقفت بث هذه المحطة أو تلك، والتي بالكاد يتابعها ثلاثة "أنفار" بمن فيهم المخرج والمصورين وعموم الكادر الفني.

لكن الحقيقة، في الحقيقة، هي غير هذه أو تلك. ( وحقيقتنا حقيقية، طبعاً، وللتوضيح هي غير حقيقة المحكمة الدولية التي باتت معروفة للجميع). ولنا هنا أن نتساءل، بادئ ذي بدء، لماذا لم تشوش الولايات المتحدة، وهي تحتل العراق، على قنوات فضائية عراقية، بعينها، أقضـّت مضجع الأمريكي، وساهمت في مراكمة ضحاياه وخسائره بالشيء الكثير، إضافة لقنوات عربية، أخرى، متهمة بدعم، والترويج للقاعدة واستضافة أعضائها، وهي التي عندها ما عندها من إمكانيات وتقنيات استثنائية وقدرات فنية وهائلة في هذا المجال، وتتحكم بالفضاء بسهولة عجيبة. هذا وكانت قد سرت في زمن ما "همروجة"، أيضاً، عن رغبة بوش بقصف قناة عربية مشاغبة، بسبب عدم قدرته على التشويش عليها ووقف بثها؟ لماذا لا تقوم أمريكا بالتشويش على كل تلك القنوات التي تروج للإرهاب والقتل والحقد والكراهية، وترتاح وتريح، وهي معروفة بالنسبة لها، وعلماً بأنها تتحكم بكل الأقمار الصناعية وحتى الطبيعية في الفضاء اللامتناهي السحيق؟ وحين أزعجتها قناة عربية مقاومة أعلنت عن وقف بثها في الفضاء الأمريكي، رسمياً، وبأساليب تقنية تتعلق بالبث، ووقف البث، ولم تقم بالتشويش عليها، وكان الأمر سهلاً عليها دون أن تقحم نفسها في منازلات هي في غنى عنها، شكلياً على الأقل، وهي " الداعية والراعية للحريات والديمقراطية"، وبقية القصة معروفة للجميع؟ ولماذا لا تقوم إسرائيل، أيضاً، بالتشويش على قناة الأقصى، وقناة المنار، اللتين تشكلا صداعاً مزمناً لها، وحاولت قصفهما مراراً، ولكن عبثاً، ودونما أية جدوى تذكر؟ أليس التشويش هنا أيسر وأسهل من القصف و"لا من شاف ولا من درى"؟ ولماذا لم تقم سورية، نفسها، وفي أوج الاندفاعة والهجمة البوشية العدوانية الشرسة بالتشويش على تلك القنوات المعارضة وكان الأمر آنذاك، على الأقل، مبرراً، وأكثر من ضروري واستراتيجي بالنسبة للسوريين من الآن، وهي تشعر اليوم ما تشعر به، ونتلمسه جميعاً، من استقرار، واسترخاء على صعد مختلفة؟ وإذا كانت سوريا قد تفوقت وبحنكة واقتدار وتبصر، سياسياً ودبلوماسياً، في مواجهتها الصعبة تلك على قوى و"رؤوس"، إقليمية ودولية، وأكبر بكثير من هؤلاء الوكلاء الإقليميين الصغار و"الفراطة" المحليين، فهل يمكن لها أن تعتبر هؤلاء، وتحت أي حساب واعتبار، وفي أي ظرف، مجرد خصوم محتملين تعيرهم أي بال واهتمام؟ وإذا كانت وسائل الإعلام السورية الرسمية، نفسها، تقول ما تقول والكل يسمع ويرى ويتابع، وتتجاوز في طرحها النقدي، أحياناً، الجريء بعضاً مما لدى تلك المحطات من أقاويل، فما هو الداعي، وقتئذ، لمتابعة تلك القنوات الهجينة المعارضة بالنسبة للمتابع المحلي؟ وبنفس السياق، لماذا لم تشوش سوريا، أيضاً، إذا كانت بصدد ذلك وتعيره أي بال، على بعض المحطات الإقليمية المجاورة والقريبة جداً منها، والتي دأبت على سياسة "اقطوش وألحوش" الإعلامية المميزة، وبث الأراجيف والسخافات والفبركات والطرح العقيم التي ألفها، وصارت تبعاً لذلك محط تندر، الجميع؟ من تنطلي عليه، بعد ذلك كله، همروجة التشويش؟

ليس ذنب السوريين، أبداً، إذا كان البعض قد انهزم، واندحر وانكشف وهزل وبان عجافه، وأصيب، ويا حسرتاه، ويا ويلتاه، بآفة قصر النظر السياسي العضال، وفقد كل شيء، وأفلس، بالتالي، سياسياً، ومالياً، وربما خلقياً. إذن، ونصيحة بالمجان ولوجهه تعالى وتبارك، لا داعي لتحميل الآخرين الفشل والإخفاق الذاتي، ولا مكسب من عزو ذلك لهمروجة التشويش التي، بحسب خبراتنا التقنية المتواضعة، غير ممكنة، بالمطلق، وإلا لصارت الأمور سداحاً مداحاً، و"شوريا، وخبيصة"، وصار بإمكان أي كان، يزعجه عندها، أي كان، أن يشوش عليه، ويقضي عليه، وكفى الله المعارضين شر البث الفضائي و"بلاويه"؟

باعتقادنا الراسخ، لا أحد يشوش على أحد، وليس بمقدور أحد فعل ذلك، من حيث المبدأ، وهناك سبل عدة متوفرة للتهرب من التشويش، كما هو الحال بالنسبة للحجب والتشفير، ولكن الخواء، والانهزام، والإفلاس العام والنهائي، وبمختلف وجوهه السياسي والمالي والعقائدي، والأخلاقي، وهو الأهم، هو وراء كل ما يشاع عن وقف بث وتشويش. لكن نتوسل أن تسمحوا لنا بالاعتراف بحقيقة وجود تشويش داخلي فعلاً، وفي داخل البعض، حصراً، يمنعهم من التقاط الحقائق والمتغيرات الجذرية والإشارات الجيو- ستراتيجية التي يعج بها الفضاء السياسي، ويعزون كل ذاك التعامي وعدم الوضوح بالرؤية، وما يجلبونه لأنفسهم من فضائح وإخفاقات وهزائم مجلجلة نكراء، وبالجملة، إلى "همروجة" التشويش.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصحوة الكويتية: لا للإسلاميين ونعم للمرأة
- ثورة البراقع اللامرئية
- -أماه: أني أرى الأنشوطة تقترب من عنقي-: القصة الكاملة لإعدام ...
- إفلاس المعارضة السورية
- الحرب على الفئران والخنازير
- من قتل الحريري إذن؟
- انهيار النظام القضائي العربي
- الخنازير وأمراضها
- العدالة المأجورة
- العرب والتخلف الإليكتروني
- تحوّلات إيران الكبرى: هل تعترف إيران بإسرائيل؟
- استقبال الفاتحين الأبطال: عودة نجاد وأردوغان!!!
- أيُ الوصفات تفيد؟
- هل دماء ابن لادن شيعية؟
- فقه الجنس: برامج إباحية، أم وعظية؟
- اعترافات مصريّة خطيرة
- القاهرة وحزب الله: من يتهم من؟
- المطلوب من إخوان سوريا
- سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات
- من الوحدة والتضامن إلى إدارة الخلافات العربية


المزيد.....




- عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر
- واشنطن: سعي إسرائيل لشرعنة مستوطنات في الضفة الغربية -خطير و ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من استهدافه دبابة إسرائيلية في موقع ال ...
- هل أفشلت صواريخ ومسيرات الحوثيين التحالف البحري الأمريكي؟
- اليمن.. انفجار عبوة ناسفة جرفتها السيول يوقع إصابات (فيديو) ...
- أعراض غير اعتيادية للحساسية
- دراجات نارية رباعية الدفع في خدمة المظليين الروس (فيديو)
- مصر.. التحقيقات تكشف تفاصيل اتهام الـ-بلوغر- نادين طارق بنشر ...
- ابتكار -ذكاء اصطناعي سام- لوقف خطر روبوتات الدردشة
- الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على جنوب لبنان


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نضال نعيسة - لماذا تشوش سوريا على فضائيات المعارضين؟