أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جمال حسين - طالبان حظرت بيع حبوب منع الحمل والموانع الرجالية وقادتها تاجروا بها - مأذون زواج المتعة يتنقل في أحياء كابول - ودكاكين العاصمة تتحول الي معارض لبضائع جنسية















المزيد.....


طالبان حظرت بيع حبوب منع الحمل والموانع الرجالية وقادتها تاجروا بها - مأذون زواج المتعة يتنقل في أحياء كابول - ودكاكين العاصمة تتحول الي معارض لبضائع جنسية


جمال حسين

الحوار المتمدن-العدد: 161 - 2002 / 6 / 15 - 07:57
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


مثل هذه المواضيع لا يمكن أن تقرأها في كتاب أو جريدة، ولا تستطيع أن تعد لها ما استطعت من مكر وحنكة. ووقائعه قد لا تساوي شيئا وليس بالضرورة أن تحمل أهدافا يسيرة كانت أم عسيرة. لا الأرقام هنا ذات قيمة ولا الأوزان.. وفي بلد أطلق من الرصاص ما تجاوز حبات المطر المسترسلة علي قصته، لا حديث عن مسببات السقوط الإنساني حيث تنجب كل رصاصة عاهرة... بلا أسماء ولا وجوه: النائحات واليتامي، غارزات الدموع في إبر الأشجار، ذوات الأجساد الرطبة الراعشة في ثلوج كأنها تمائم، غزالات البلاد المصطفات المستويات حشرات قاتمة، الهابطات علي صبية أسسهم الجوع وفقا لجرح طويل وعميق.
في مثل هذه المواضيع الدامعة تتراءي شبكة من المهزومين والمسحوقين، قصاصات الورق العالقة بها الكلمات الدنيئة. المحكومين بالسقوط مدي الحياة، تصغر الكلمات عند وصفهم وتتضاءل
عندما حلقت طالبان علي جناح السلطة كانت البلاد قد وصلت الي حالة من الفوضي الاجتماعية والسياسية والأمنية لم يقدر أحد تدوينها بسجل أو أرشيف. وارتضي كل من سولت له نفسه البقاء في الوطن التظاهر بأي شيء عدا الحقيقة. ولأن طبيعة الحياة فرضت نظامها المعروف من أجل البقاء، فإن أصحاب مهنة هذا الموضوع ارتدوا حرباءهم هم أيضا حالهم كباقي الخلق ليحافظوا علي وجودهم الفزيائي بانتظار اللحظة الفاصلة.
وكانت الدعارة في أفغانستان من المهن التي بدا وكأن طالبان أغرقت نفسها في محاربتها كما تظاهرت في مكافحة زراعة المخدرات والاتجار بها وزراعة العنب وصناعة الخمور.
إذا كان أهل المخدرات قد نجوا بجلدهم وبضاعتهم لأسباب يعرفها وزير مالية طالبان، وصناع الخمور تلقوا ضربة العصر حيث اقتلعتهم الحركة من جذورهم واطاحتهم بلا شفقة، فإن عاهرات البلاد تحولن الي حمامات مرفرفة علي الدوام. لم يسبين كما حملت لنا الأنباء، ولم يجرجرن من شعورهن الي ملعب المدينة كما تتحدث الصورة الوحيدة لإعدام امرأة فريدة، ولم يحرقن علي مذبح الطهارة. وجدن أفضل الحلول الشرعية والإنسانية، فالسيف لا ينهي النشوة ويمكن للباب أن يفتح لمن يريد الجسد المفقود من قمة الرأس الي أخمص القدم، ولكن بالخلوة الشرعية، التي ما أن تنقضي، حتي يأتي النهار بسننه وقوانينه.

مأذون بالأجرة
كل ما يحتاجه الباحث عن الجسد المفقود ليخرج نهارا كما دخل ليلا بلحمه وشحمه سيارة تكسي ومأذون شرعي. وهؤلاء كالمترجمين أيام الحرب الأمريكية العظمي ضد الإرهاب، لا يمشون خطوة من دون تكسي. وهم من الكثرة بحيث ازدحمت بهم أروقة وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت تمنحهم إجازات رسمية لتحرير عقود الزواج. وكانت هذه العقود تحرر كل يوم كما يحرر طبيب منفرد وصفات الأدوية في قرية أصابها وباء.
والأكثر طرافة أن الراغبين في الخلوة الشرعية لا يكلفون أنفسهم ويبحثون بين براقع النساء ومن خلال المعارف وسجلات النهي عن المنكر السرية أو شرطة الآداب كما تسميها الدول العلمانية الكافرة ، بل يلتجئون مباشرة الي حضرة المأذون الشرعي (وهم أكثر عددا من سواق التكسي المسجلين بالمناسبة في سجلات وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) (ليعطيهم قائمة بالمتيمات والمنتظرات السيد الزوج، زوج الليلة الواحدة !! ومع القائمة الأسعار: الزواج لليلة واحدة، لاثنتين، لأسبوع...الخ وكذلك العمر ( يضرب الأسعار أضعافا لو كانت عذراء... الطول... لون البشرة...الوزن (!!!)
ولكل فقرة سعرها بالطبع.
ينتهي الأمر بعد ليلة أو اثنتين حسب بنود العقد ليذهب السيد الزوج الي المأذون الشرعي ثانية ليعلن أمامه إخلاءه المكان أو تحريره للسلعة أو ما يسمونه شرعا الطلاق .
والدفع، في حالتنا هذه يدفع الزبون مباشرة قبل إتمام العقد للمأذون الشرعي!!

دولاب المأذون
ولأن الزوجة تستقبل في الشهر كذا عدد من الأزواج ولأن أغلبهم يجهلون أي شيء من المصطلح الذي اخترعه النفسيون الثقافة الجنسية ، فإن للمأذون الشرعي دوراً في تثقيف الأزواج الجدد علي الشغلة بضرورة استخدام الموانع الرجالية. ولو يتطلب الأمر يعرضها عليهم ولو تصوروها علكا أو نفاخة يمكنه حتي تجربتها أمامهم.
ولم لا، فدكان المأذون فيه دولاب خاص يبيع فيه ما يشاء من البضاعة الممنوعة في الصيدليات: حبوب منع الحمل، موانع رجالية، مقويات جنسية... هو الوحيد الذي باستطاعته ملأ سراويل الرجال بكل ما طاب، فلا حرج، طالما أن كل شيء يجري بالمعروف!!

الجروح الظافرة
وتخلف هذه المهنة الشرعية جروحا ليست في النفس، فهذا الأمر لا يقلق أحد علي ما يبدو في البلاد الرمادية. جروح في بطون النساء. فأغلب الرجال وخاصة المبتدئين يفترسون ضحاياهم بلا رحمة حتي لو أعاد لهم المأذون عملية ارتداء الواقي عشرات المرات.
وفي النتيجة تنتفخ بطن إحداهن بطفل من زوج لا تعرفه حتي لو أعادت حساباتها مع المأذون، لأن أغلبهم وببساطة مقاتلون رحّل: اليوم كانوا هنا وغدا... حتي الشيطان لا يعرف لهم مستقرا.
تحمل الضحية الشقية جرحها لوحدها بعد أن يتفرق عنها الجميع، وفي أحسن الأحوال وأنبلها يتركونها في حالها تسترزق من عطايا الزوار الجدد. أما في الغالب فيلقون بها كاللحم الفاسد الي أقرب مزبلة خوفا من متاعب لا حصر لها.
وقد أزيلت الغمة ورحل المأذونون وأغلقت دكاكينهم التي تشبه الي حد كبير في البلدان المتحضرة شركات التعارف. فلا يوجد ما يمنع من خروج المهنة الي العلن. ناهيك عن أن هذه المسألة لم تعد تهدد الأمن القومي للبلاد وخارجة عن نطاق اهتمام القادة الجدد المنشغلين بمصائب أكثر جسارة. فكيف انتقمن من تلك الليالي السوداء؟

دستور جديد
ألفن دستورهن الجديد الذي بموجبه لا تستطيع أية قوة في أفغانستان السيطرة عليه حتي لو تدخلت القوات الدولية. وعقدن حلفا استراتيجيا مع أهل الأمن والمخابرات والبوليس المحلي تحت شعارات اتفق عليها شيلني وأشيلك و لكم شغلكم ولنا شغلنا مع الأخذ في الاعتبار احترام مصالح كل طرف.
والمثير جدا في الأمر، أن من يقود عملية بيريسترويكا بيزنيس الدعارة في أفغانستان وغلاسنوست التسعيرة الجديدة هم المأذونون الشرعيون الكبار، أي الذين كانوا يشرفون عمليا علي بيزنيس زواج المتعة في البلاد. فهؤلاء يمتلكون كل مقومات استلام الراية، فلديهم كل العناوين والخيوط والشبكات، وبـ حوزتهم كل أسرار المهنة ويقف وراءهم جيش لا حصر له من المنتجين والمستهلكين . تحت سيطرتهم كل تجارة الجنس في الإقليم ولديهم وكالاتهم الرسمية وشركاتهم التي تستورد كل البضائع الجنسية والحبوب والأدوية. هم في المفهوم المعاصر قادة مافيا الجنس في المنطقة، المستوردون والمصدرون، الأبرار في عمل المعروف السابقون وبناة الحياة المعاصرة الحديثة.

التسعيرة الظريفة
تأخذ التسعيرة الجديدة في نظر الاعتبار عوامل كثيرة منها نوعية المستهلك (الزبون) ووضعه المادي ومنزلته وموقعه ومنصبه. والمكان (عندهم أو عنده). والزمان الذي يبتدأ بساعة وينتهي الي إشعار يحدده الطالب. عمر البضاعة وإذا كانت مستخدمة أم لا؟ وزنها بالكيلو وطولها بالسنتمترات.
ولم تفت القائمة الإشارة الي ما يمكن تسميته الجنس الطفيف (ليس اللطيف). وهذا النوع ينتشر عندما تتجول البضاعة بنفسها وتزور الراغبين في المحلات العامة وزواياها الخفية وفي غرف المطاعم السرية.وهذا يمكن التوقف عنده بمزيد من الأرقام التي عرضت علينا بشكل مباشر ومن دون مواربة: قضاء ساعة مع الاحتفاظ بوقار الملابس ما يعادل 5 دولارات. مداعبة الصدر 10 دولارات. طريقة مونيكا 20 دولاراً. الممارسة الكاملة لمرة واحدة 30 ــ 40 دولاراً حسب العوامل المذكورة أعلاه. طبعا الأسعار مرتفعة وتعادل الأسعار في موسكو تقريبا. وكما قيل لنا فالمهنة ما زالت في طور إعادة البناء وتعتمد الأسعار علي العرض والطلب الذي ما زال شحيحا. وربما كانت هذه الأسعار مخصصة للأجانب فقط.
ويشبه أسلوب الدعارة في أفغانستان الأساليب المتبعة في كل الدنيا، فهناك البيوت السرية التي يؤخذ إليها الزبون أخذا من دون أن يعلم العنوان مسبقا. حيث يتم الاتفاق علي استخدام تكسي خاص يقوم بهذه المهمة.
وأحيانا يجلسن في التكسي لتبدأ العملة والاتفاق والاختيار. وتقوم باختيار الزبون الكبيرة أو الماما حسب التعبير الدارج والتي تكون قد اصطادته في السوق أو المحال المعروفة أو عن طريق معارف موثوق بهم.
و الماما غالبا ما تتعاطي هذا الأمر أيضا فأغلبهن في منتصف العمر، والغريب أنهن يفرضن أسعارا أعلي من رعيتهن ويحلو لهن ترديد عبارة: لم أعمل منذ زمان طويل وهذه المرة وافقت من أجلك فقط لكي تخور ممانعتك وتوافق من دون قيد أو شرط.
أصبح كل شيء واضحا الآن. ولا داعي لاقتحام هذه الأوكار، طالما تتبعنا مسيرها، فولوجها أصعب بكثير من اجتياز حقل ألغام. فالحقائق اجتازت المعبر ولا بد من التوقف عن استرجاع كل هذه المهانة لاستعادة القدرة علي الكتابة علي الأقل.

كيف يصنع الأفغان الفرح؟
لا تزال وسائل الترفيه رجالية ، غير أن للنساء وسائلهن أيضا!
ظهور أول العشاق بلا ضجة وسط الحدائق أو في زوايا الجامعة ولقاءاتهم قصص بوليسية. الفرح هو القلب النابض لأي مدينة وشعب. ومن دونه ستتخلي المخلوقات عن التفكير بالحياة وبوجوده يكون المرء خليقاً بالحب والمسير والرضا. هو الكفيل بانتزاع الأفئدة من التحجر وملك البهجة وزائر النشوة ولا يكلف أكثر من معرفته والاحتفال بقدومه ليتهادي ماسحاً احمرار الحروب وزرقة الأحزان.
يضرب كابول الفرح برائحة ساخنة تلاطمت أمواجه في بادئ الأمر بشكل متطرف وكنكاية بسارقي السعادة. ومثل نار تتلظي هدأ الاحتفال بالتدريج ليتخذ له مستقرا ولو كان يمر من ثقب أبره.
والفرح في كابول كما في أي مكان ، يفتح ويغلق ويتوزع حسب الأعمار والرغبات والاهتمامات ، ولعله يطل علي الناس ولو كمشهد يتلو الآخر وليس دفعة واحدة. فالقلوب التي خطفتها تعاليم الرجال الجوف بقيت وفية للارتجاف والسمر والاختلاج.

الساعات تتحرك
ولتكن البداية كما قررتها الطبيعة ، للأطفال التي بدأت أيامهم تتحرك وساعات عمرهم آخذة بالتوافد في مدينة أرخت وجعها ونحّته في وعاء مهمل.
وطالما الحديث عن الفرح ، هل توجد ضرورة للتوقف عند أطفال الجبال الذين يعرفون اللحظة التي يعطش بها الحمار ، ذوي الأيادي المتشققة قبل أن تنمو من قلعهم النباتات البرية القاسية، أصحاب الظهور الصلبة من حمل قطع الأشجار، أو أصابع الندي العاملة في مرائب تصليح السيارات وتبديل الإطارات. الذين يمسحون لك زجاج سيارتك بقماش وسخ، الشحاذون المهرة وطاردو الذباب من المقاهي ومحال الكباب، الحمالون المتطوعون والحاملون وطأة الآباء الغائبين. ولجمهرة أطفال حصلوا علي كرة فرصة رفسها في ملعب اخترعوه علي ناصية مقبرة أو ساحة أعدم بها بعض وجهاء الحي. أو الجلوس عند شمس متاحة والنظر الي المارة والتلذذ بزعيق السيارات. والأكثر همة يمارسون سعادتهم بصنع طائرات ورقية معدنها بقايا أكياس وعلب فارغة يستخدمونها كهاتف. وربما تكون ممارسة التزحلق علي قشور الرقي ، الأكثر حركة من الترامي بالحجارة وسط البيوت الخربة.
وكلما تقترب المسافات الي مركز كابول، يدنو الصغار الي طفولتهم أكثر. هناك باستطاعتهم التجول في حديقة الحيوانات. وبالمناسبة اعتبرت حديقة حيوانات كابول بشهادة منظمات دولية مرموقة في يوم ما واحدة من أربع حدائق شهرة وسعة وتنوعا في آسيا.
غير أن الحثالة التي حكمت البلاد غارت من شعبية هذه الحيوانات فقامت بتصفيتها بطرق لا يستطيع أي حيوان ابتكارها : فهذا الذي يلهو بقنبلة يدوية مع أسد، وذاك الذي يعدم قرداً لأن صديقه قال له بأنه أجمل منه وآخر يجرب السم بغزال نادر ورابع عجبه منظر ببغاء فأخذه لبيته ووجيه حلف بالطلاق إن لم يتعش رفاقه بلحم الجمل الوحيد في الحديقة ...

مات الأسد وبقيت القردة
وهكذا اختفت كل الحيوانات في واحدة من أكبر الحدائق في آسيا ولعلها أسدلت الستار عن سمعتها بشكل نهائي بعد وفاة أسد كابول في 26 كانون الثاني (يناير) الماضي لتأثره بجراح إثر تطفل (مجاهد) أشوس داعبه بقنبلة يدوية.
بكي صديقه ومربيه كما لم يبك أبدا. وأقام لحضرة الأسد مجلس فاتحة داخل حديقة الحيوانات في الساعة الثانية ظهر 27 يناير بعد إتمام مراسم الدفن. حضرنا مجلس فاتحة الأسد الأخير وأدينا الواجبات بحضور أرق رجال المدينة وأكثرهم دفئا : مدير الحديقة التي لم يغادرها منذ 14 سنة ومربي الأسد الذي قال بأن عشرته معه كانت تبطل أحزانه وتزيل عنه ضجر الأيام.
قال مدير الحديقة وهو طبيب بيطري عريق بأنه يأمل في تطوير هذه المتعة الأكثر شعبية وأهمية لأطفال العاصمة والزائرين. وذكر وعد قدمته الأمم المتحدة لتطوير هذا المجال قدره نصف مليون دولار. ولأطفال كابول وكبارها أيضا فسحة للهو في ما يطلقون عليه صالات الفيديو. وبصراحة فإن هذه الصالات لا تعدو كونها دكاكين تزهو بثمانية أمتار مربعة فيها غالبا، كرسيان أو ثلاثة ومنضدة عتيقة ينتصب عليها تلفزيون وفيديو لا يستطيع أي مخلوق مسّهما. والسعداء فقط يمكنهم الحصول علي موقع في الكراسي الاستراتيجية ، أما الآخرون فتتزاحم أعناقهم أمام الشاشة العجيبة التي تعرض أفلام الكاراتيه والأفلام الهندية. أما الألوان فتعتمد علي نصاحة التلفزيون ، فهناك الأحمر والأبيض أو الأخضر والأبيض وفي أحسن الأحوال تظهر الألوان وتختفي مع حدة معارك الفيلم.
وللذين لم يستطيعوا دفع فاتورة الفيلم يمكنهم الجلوس علي ناصية الدكان والاستماع لحوادثه الشيقة.
وتتطور صالات الفيديو مع الاقتراب من الأحياء الراقية في المدينة حيث تصطف فيها الكنبات بشكل متواز علي طريقة المقاهي ، حيث باستطاعة المشاهد التهام الحَب واحتساء الشاي وغير ذلك.
وأطرف ما رأيناه في صالات الفيديو كان في مزار شريف وليس في كابول: فخلافاً للرقابة في بلداننا التي يعمل بها المحظوظون وتعلو بناياتها أكثر من صناع السينما والفنون الأخري ، يجلس الرقيب عندهم ممسكا بالريموت كنترول متحفزا حال ظهور لقطة فاحشة. ولا يقوم هذا الرقيب (الأعور دائما)، بوقف تشغيل الجهاز، بل يسرّع اللقطة. ويمكن فقط تصور تلك اللقطات الفاحشة خلال تسريع حركتها!

سينما للجميع
حسب الإحصائيات غير الرسمية كانت تعمل في كابول وحدها نحو 30 دار عرض سينمائي في السبعينيات. وتقلص هذا الرقم ليصل الي 11 أيام حكم المجاهدين. وما أن وصل الطلاب حتي كان مصير هذه الدور معروف للجميع ومنها سينما شهرنو وسينما بارك وسينما ميللي وبري كود وجو بارك وخالد وغيرها: دمر بعض لأسباب بيئية، فالطلاب يفهمون أيضا في هذه الأمور، وحولوا القسم الآخر الي مطاعم وكل هذه الأمور مهضومة. ولكن أن يبنوا حائطا بطابوق الشعب علي بوابة سينما فهذا لم يتصوره السابقون ولا يصدقه اللاحقون. فحتي لو فكرنا بطريقتهم ، أليس من الأجدر بدلا من إغلاق مدخل السينما بحائط ، تحويلها مثلا الي صالة لإلقاء المحاضرات الدينية أو المواعظ أو تجميع الناس بها للهتاف بالموت لأمريكا أو في أسوأ الأحوال تحويلها لإسطبل للحمير السائبة أو مهجع للنوم أو أية مصيبة أخري. أي خلايا يحمل دماغ من ابتكر إغلاق مدخل بناية بحائط؟!
في كل الأحوال، ثمة داران للعرض الآن في كابول تتخصص الأولي في الأفلام الهندية والثانية بأفلام الكاراتيه والبوليسية والحربية وغيرها.
أما الزحام فخف كثيرا عن الأسبوع الأول من العودة الي هذا الفن. والتذاكر متاحة لمن لديه 5 آلاف أفغاني (نحو 15 سنتا).

معركة البوزكاشي
البوزكاشي مباراة للخيول يحبها الأفغان جدا. وتغص مدرجات الملعب عصر كل يوم جمعة بشكل يصعب العثور علي محط لقدم مستقرة. ويمكن تعداد الدرجات الهوائية المصطفة بتوافق مذهل عند بوابة الملعب لمعرفة عدد المشاهدين الذين يقطعون مسافات طويلة للاستمتاع بمشاهدة هذه اللعبة التي حرمها طالبان لسبب غير معروف ، ربما يكون لمنع المراهنات مثلا. ويوم البوزكاشي عصيب علي القوات الدولية. فهم ليسوا بحمل تجمع جماهيري كبير كل جمعة. لذلك يوضعون هذا اليوم في حالة تأهب قصوي خشية من استغلال مجموعة من المتفرجين الجمع للتعبير عن احتجاج ما أو افتعال أعمال شغب. وجمهور البوزكاشي في الغالب من الرجال الذين تعدوا الثلاثين ، ويدل ذلك علي انتشار اللعبة في أوقات صباهم.
أما الفرق المتبارية فلا علاقة للحكومة المؤقتة بتشكيلها ، فهي تضم الفرسان الأكثر مهارة والذين يتجمعون في فريق واحد علي أساس قبلي أو مناطقي وأحيان أخري لأصدقاء يجمعهم اهتمام مشترك.
ولهذا السبب الذي قد يكون تكثيف وجود القوات الدولية مرتبط به، يلاحظ التعصب المبالغ به لدي المشجعين، الأمر الذي قد يؤدي في أية لحظة الي مصادمات بين المشجعين في ما بينهم أو بين اللاعبين أو الجميع ضد الجميع فالخسارة عندهم في هذه اللعبة تشويه لسمعة القبيلة وتقليل لمهر نسائها ووصمة تاريخية تلحق بها. ونعتقد بأن حكم المباراة اختار لنفسه لمواجهة أي صدام محتمل أسرع فرس للهرب من ساحة المعركة في حالة اعتراض أي بوزكاشي علي قراراته.

كرة الرجل
كان طالبان يعلنون للناس عن مباراة لكرة القدم في استاد كابول. وما أن يتجمهر الخلق لرؤية المباراة المزعومة، حتي يطل أحد الخطباء لإلقاء خطاب لساعتين تعقبه حفلة إعدام وينتهي كل شيء.
هكذا بكل وقاحة يكذبون علي الناس. والغريب أن هؤلاء الناس يتوجهون الي الملعب علي الرغم من تكرار هذه المقالب بهم. ناهيك عن أن كل اللاعبين والفرق معروفة وغير خفية ، فيمكن التحقق من وجود مباراة أو عدمها من اللاعبين أنفسهم أو فرقهم. بمنطق آخر ؛ أن الناس الذين كانوا يحضرون حفلات الإعدام طواعية يتحملون قسطا من الذنب لتشجيعهم طالبان علي الاستمرار في هذا الأمر.
ولأن الكرة الأفغانية أساسا لم يكن لها باع يذكر في هذا المجال، إضافة لما حصل لهذه الرياضة، فيمكن تصور المستوي العام لكرة القدم في البلاد. وفي كل الأحوال لا تزال تتمتع بشعبية كبيرة، ولنقل، إنها من وسائل الترفيه وامتصاص ضجر الناس.
إمكانات الفرق متواضعة للغاية وتذكرنا بالفرق الشعبية عندنا، بل حتي أقل من ناحية المظهر. والطريف أن اللاعبين يصوبون أقدامهم دائما علي أرجل المتنافسين وليس علي الكرة. ويكاد صوت ارتطام الأرجل مع بعضها يسمع حتي المدرجات. والأغرب من ذلك كله، أن التكسير قائم علي قدم وساق بين الفريقين، من دون أن يسقط أحد أو يتلوي أو يقول آخ يا رجلي كما يفعل أصحاب الملايين من اللاعبين!

تبادل أطراف الحديث
الشبان المتنورون يتزاحمون في الغالب عند مراكز تعلم الكمبيوتر وتطوير اللغة الإنكليزية. وقد تكون هذه الأماكن الوحيدة مما ذكرنا التي يقترب منها الجنسان من بعضهما بعضاً.
ربما تشعر أن عدد الفتيات أكثر في هذه المراكز من الشباب. ويحلو لجميع الأطراف التجمع عند بوابة هذه المراكز بالعشرات يوميا لتبادل أطراف الحديث والتحرش والتعارف والتواعد. ولا يوجد حرج، طالما أنهن مبرقعات ويصعب علي جار أو فتان أو فضولي ثرثار التعرف عليهن. فلهذا يأخذن راحتهن في التسامر مع الشباب الذين يعدون هذا اللقاءات هي الأكثر ترفيها للنفس من ممارسة أية هواية أخري. ويتطور الأمر أحيانا كثيرة حتي الابتعاد عن الجمهرة المحيطة بمراكز التعليم والانزواء بشكل بوليسي في حديقة مجاورة ، خاصة في تلك المراحل التي يتطور فيها اللقاء العادي الي عشق متبادل.
وهكذا ظهر أول العشاق في كابول بعد طول انطفاء بفضل الكمبيوتر واللغة الإنكليزية وافتتاح جامعة كابول وهم الأجمل كما في كل زمان ومكان.

جريدة (الزمان) العدد 1235 التاريخ 2002 - 6 - 15




#جمال_حسين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - جمال حسين - طالبان حظرت بيع حبوب منع الحمل والموانع الرجالية وقادتها تاجروا بها - مأذون زواج المتعة يتنقل في أحياء كابول - ودكاكين العاصمة تتحول الي معارض لبضائع جنسية