أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - موقد الاحلام















المزيد.....

موقد الاحلام


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2651 - 2009 / 5 / 19 - 09:01
المحور: الادب والفن
    



كم وطأتني الاحلام .. وأنا أنوء بحملها .. أطنان .. أطنان من الاحلام .. تثقل كواهلي .. لكنني استمريء ذلك والوذ بألمه .. فأنا عاشق متيم بالحلم ..فحياتي صحراء قاحلة ليس لي فيها سوى حلم هو عبارة عن واحة خضراء وسط بحر من الرمال السافية .. حتى صار عندي الحلم كالروض في العام الارمل !! . بل صارت حياتي ماءاً راكدا أخشى ما أخشاه أن يأسن اذا ما ضيعت احلامي .. كأن حياتي وقوف في قلب الصحراء تنتظر السحابة ـ الحلم ـ : (( غيمة محلاة بالبرق في وسطها واطرافها تمطر بماء الورد من طل وطش .. وتنثر حصى الكافور كانه صغار البرد . )) .
بل رحت اعتقد بان نهاري بدون حلم كنهار لم تنضخه الشمس ولم تنديه السحب ، وليلي بدون حلم .. كليل لم تطرزه النجوم .. ولم يفضضه القمر . عدت ادراجي الى البيت تتقدمني خيول الاحلام الوردية .. واجر خلفي قطارات الاحلام الكسيحة .. وانا اترنم هياما بحلمي بقول الشاعر : ـ

يامن اياديه عندي غير واحدة ..
ومن مواهبه تنمو من العددِ
مانابني من زماني قط نائبـــة ..
الا وجدتك فيــها اخذاً بيدي

*****

ولكن ما ان داست قدماي عتبة الباب حتى لفحني ضرام أوار فتفصد عرقي ميزابا .. : أي اماه أبعث النمرود او نيرون ؟ فقالت : صه .. بل برد وسلام عليك .. هذه محرقة اوهامك واحلامك التي كادت تودي بك !! هات .. خيولك وعجل بقطاراتك الى هذا الموقد .. بحقي عليك .. ان عرفتك الا ابنا باراً مطيعا .. وهي تردد على مسامعي قول الحكيم : (( هلك من ليس له حكيم يرشده )) .. والحال اني ليس الى ردها مآل .. لان عاقبة العقوق اهوال كما كنت اعتقد .. فطأطأت دامعا ومرددا قول الشاعر :

ما حيلة العبد والاقدار جارية ..
عليه في كل حال ايها الرائي
القاه في اليم مكتوفا وقال لــه ..
أيـــاك أيـــاك ان تبتل بالماءِ

فقالت يابني لا عليك ، اني رايت اني احرق احلامك واوهامك .. بل انقيك منها كما اموص الثوب من الادران فانظر ما تقول ؟ ، فقلت يا اماه افعلي ما ترين ستجدينني ان شاء الله من الصابرين .
فقالت : بوركت ياولدي .. ، وقد تهللت اساريرها .. وترددت بين نور وجهها البهي الضاحك .. وبين السنة النيران التي تلحس صفحة السماء ولا تخلف الا رماد احلامي وفراشاتي المتهافتة على اللهيب .
ثم قالت : الحمد لله يابني الان وقد عدت الى ذاتك ونفسك وشخصك واهلك بعد ان رحلت مديدا وسافرت بعيدا في عالمك الغريب والعجيب .
فقلت لها : انما انا طوع امرك .
قالت : اذن هات يدك اليمنى .. لاضع فيها هذا السوار النحاسي الذي كلفني كثيرا لادخره لهذا اليوم .. فاياك اياك ان تنزعه من معصمك الايمن ولولبرهة واحدة لا في ليلك ولا في نهارك .. اتفهم يابني .
فقلت لها : لكن يااماه ! ..
فقالت : اياك اياك .. ان تفعل الا ما آمرك به ..
فتضرعت اليها بعد ان قبلت يدها .. وضمتني الى صدرها وقالت : لكن يابني حرارة دموعك .. قد حرقت قلبي .. ليس في اليد حيلة .. هذا قدرك .. وليس لك ان تفر من قضاء وقدر انت صريعهما .. لان هذا علاجك الوحيد من اوصابك المزمنة .. ليس امامك الا الكي بالنار وتزيين معصمك بهذا السوار .. وها انا فعلتهما ... !!
ثم اردفت قائلة : هذا السوار يفيدك في حياتك .. لبدنك ونفسك لحياتك وواقعك لكل شيء الا انه ليس له علاقة بقلبك قط .. فافهم كلامي واعرف مرامي .. يابني انا اشعر بضعف حالي واظني مفارقتكم عما قريب فاحفظ عني اثنتين وضعهما قرطين في اذنيك : الاولى ان لاتنزع هذا السوار من معصمك ابداً ، والثانية : حذار من ان ترتد الى عالمك الغريب عالم الاحلام والهلوسات .. لانك من المفروض ان تكون قد طلقته طلاقاً بائناً بينونة كبرى كما امرتك بذلك !! .
فقلت : يااماه لكن قلبي اصبح مطاف كل القلوب التي تدرك الجمال ..
فقالت : يابني اجعل من قلبك اركيلة .. امتص زائريه ثم انفثهم مع زفيرك واقتهي من فنجان سوارك النحاسي تعش سعيدا ما حييت ..
فتمتمت مع نفسي بقول الشاعر :

لو كنت اشرح ما القـــاه من حرق ..
من سقام ومن وجد ومن قلق
لم يبق في الارض قرطاس ولا قلم ..
ولا مداد ولا شيء من الـورق

*****

فهلت دموعي مطراً .. في أرضي السبخة منذ اليوم .. والذي يبدو أنها لاتروي نبتة .. في هذه الفلاة ، بينما كانت أحلامي نهراً رقراقاً يجري في روحي ووجداني ..!!..
كنت فرط الام أحلامي أئن .. وفي لظى الشوق أحترق .. رغم أني ملزم بواقع يضرب بطنانه عليّ بكل قساوة العهود .. وصلابة الأعراف .. وقداسة الطاعة ، لكنني كلما تأملته مليا ًوجدته مجرد خال في وجنة أحلامي غير المباحة ..ولكم بدت شبابيك مراودة أحلامي متهتكة المصاريع .. وكلما حاولت تلك الأحلام النفاذ من الأبواب حرة .. سارعت الى إيصادها وأحكام إغلاقها .. لكنها تنفذ من الشبابيك مضطرة وتشعل تنور قلبي مرغماً .. لكنني أخشى أن يسلخ جلدي سلخاً .. لذلك قمت بإخاطة شفتي حتى لاتنبس او تهمس فيراق دمي الفوّار بمحبة أحلامي .. قطرات دمي تضاجع الأحلام بلسان صدق رقيق الكلمات ليس بألفاظه وتعبيراته بل بدموع صيرت ظهري صخرة توجع سياط جلاديها ..
وفي غفلة من غفلات الواقع كلما عثرت بحلم رأيت على خده لون سنابل القمح الباسقة تحت لهيب شمس اوجاع ظهري المحدودب من الصباح الى المساء .. وفي ظل اثمي هذا وشعوري بالذنب .. تحكي لحاظ هذا الحلم أسرار النجوم .. نجوم سماء السواد التي تطوي درب أوهامي .. وتغسل مقلها في موقد أحلامي .. أحلام وأحلام عثرت بها .. أعرف انها محرمة .. وأعرف أن عثراتي غير محسوبة .. وأعرف أنها تراودني عن نفسي من حيث لاأحتسب .. لكنني بريء من مداعبتها أو منادمتها براءة الذئب من دم يوسف !! .

*****

هاتف نزع الكرى .. من جوانح افلجها الجوى .. بل هاتف فاقم الوجيب .. ليتني لي ان اجيب ، الّح الهاتف : انك عثرت بحلمك الجديد حتى كبوت على ناصيتك اما ترى الى قولك :
مأملتي بالبوح .. واللوم اوله
عاذلتي بالصمت .. والدمع يجلله
فإنسابت على شفتي كلمات .. (( ان سر خلودنا في المحبة )) ..
وقلت وكان حلمي يردد معي قول الشاعر :
سلام من خزائن لطف ربي .. على من عندها روحي وقلبي
لكنني لم اذق عسيلة حلمي .. ولم اطعم شهده إلاّ لماما .... وماهو الا كلمح البصر حتى اخذ الحلم منحى آخر ........................................................ : (( كل ما اعرفه انني وجدت في ما املك سوارا بلوريا ظاهره كباطنه يسر الناظرين ، فزينت به معصم يدي اليسرى .. وكنت ارتدي قميصا ذا اكمال طويلة .. فما راعني الا والسوار قد ادمى معصمي بدم عبيط .. وبلل كم القميص فجعله قانيا .. فوجدتني اهرع الى الطبيبة وكانت جارتنا لكنني لم اتذكر من الذي انتزع السوار من يدي انا ام الطبيبة !! ..
قامت الطبيبة بواجبها على اكمل صورة فنظفت الجروح وعقمتها وكتبت لي وصفة طبية قائلة : هذا علاجك الوحيد .. ، وكانت مادة دوائية واحدة .. بعدها ذهبت الى الصيدلية لاقتناء الدواء .. ففوجئت بالصيدلاني وهو يناولني حقيبتين ملئتا بتلك المادة الدوائية ..
وقال : لابد من تناول هذه المادة وبكل هذه الكميات وبحسب الجرعات اليومية الصغيرة .. وفي هذه اللحظات حضر شخص من اقاربي وقام بحمل الحقيبتين واخذني الى بيتي .. )) .

*****

وعندما استيقظت باكرا وليت شطري الى العرافة .. فلما عرفتني صاحت بي : واخيرا اصبحت من زبائني .. فقلت لها : لي اليك حاجة ان لاتفشي سري ، على ان تكون هذه الزيارة الاولى والاخيرة .. فقالت : لك ذلك لوصدقت الاماني !! .. فقلت لها هات بصريني بعد ان تلوت عليك من رؤياي ماسمعت ، فقالت : اما السوار فانت تعرف تفسيره واما كونه بلوريا مزججا فلانه يشي بحسن طوية المكنى وسريرته شفيفة .. وقد زينت به معصمك بوله وهذا يعني صدق نواياكما معا ..
واما تزيينك لمعصمك بذياك السوار .. فهذا يعني رغبات متبادلة بين الاثنين ،
فقلت لها : لكنه ادمى معصمي .. اتنسبين السبب الى المعصم ام الى السوار؟ ، فقالت يابني لعله حدث كون للسوار ثم رددت قول الشاعر:
فكان ما كان مما لست اذكــره
فظن خيرا ولا تسال عن الخبر
وقالت : ولعلّ السوار سيخبرك بالامر لانه لايكتمك سرا ......!.
ثم اردفت : اما من انتزع السوار من معصمك فانك لاشعوريا تريد ان ترمي الطبيبة بهذه الجريرة ! .. وسوف تبقى ندوب الجروح ماثلة على معصمك ما حييت ! .. وتشير الحقيبتان من الادوية الى ان شفاءك سيستغرق سنين طوال ، فقلت لها : وهل لي امل في الشفاء ؟ . فقالت :ـ تلمس اذنيك .. ففعلت ، لكنني ارتعدت وصرخت موليا : سابحث عن قرطي المفقود ! فصاحت بي : ليس لك امل في الشفاء مالم تحافظ على قرطيك والا فانتظر حتوفك كما تنبأت لك قارئة الكف من قبل ! وبينما انا ابحث عن القرط التفت الى معصمي الايمن فاذا بالقرط معلق بالسوار النحاسي !!! .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوح
- عيادات ايقاف التدخين
- طائر الشوق
- الصمت الخافق
- السلطان محك الانسان
- الاسلاموفوبيا
- الديمقراطية في العصور القديمة
- نزيف الصمت
- أسرار المواهب
- الابداع/ تشفير النص .. ومفاتيح المتلقي
- التربية .. وآفاق المستقبل
- مستلهم الاوجاع وحكواتي الامتاع
- الثقافة العربية وكراهية الحداثة
- رهاب المرأة
- العرب والديمقراطية
- الدين والسياسة
- نحن والحداثة
- عين السمكة
- النقد الادبي واشكالية المعنى
- تصفية العلماء والكفاءات


المزيد.....




- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- صدور ديوان الغُرنوقُ الدَّنِف للشاعر الراحل عبداللطيف خطاب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - موقد الاحلام