أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!















المزيد.....

عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 05:27
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


إيران، على ما قال نتنياهو وأعلن، في وضوح لم نرَ له مثيلاً من قبل، وفي لهجة الواثق المتأكِّد، هي "الخطر الإستراتيجي الداهم"، الذي "فاجأ" رئيس الوزراء الإسرائيلي لجهة قدرته، أي قدرة هذا "الخطر"، على توحيد الدول العربية (القَلِقَة منه) وإسرائيل في مواجهته؛ ولقد شاطره هذا الرأي، أو التقويم، مسؤول كبير في وزارة خارجية الولايات المتحدة هو جيفري فيلتمان إذ قال: "إنَّ القادة العرب يحدِّثوننا الآن، وعلى نحو لم نسمعه منهم من قبل، عن قلقهم من إيران وسياستها".

نتنياهو رأى في هذا القلق المشترَك (والمتزايد) بين إسرائيل وبعض الدول العربية من "الطموح النووي الإيراني" ظاهرة جديدة، تتيح "فرصة لتعاونٍ غير مسبوق بين الطرفين"، ملاحِظاً أنَّها المرة الأولى منذ قيام إسرائيل، أو في تاريخ الحركة الصهيونية، يَحْدُث اتِّفاق واسع بين الإسرائيليين والعرب على أنَّ إيران "خطر إستراتيجي"، يتهدَّدهم جميعاً.

أمَّا الاستنتاج (الذي يستنتجه نتنياهو من ذلك) فهو أنَّ وقف مساعي إيران لامتلاك أسلحة نووية هو أمرٌ أهم بكثير من السعي إلى "سلام مراوِغ خادِع مع الفلسطينيين"؛ ولا بدَّ، بالتالي، لحكومة نتنياهو من أن تظل مستمسكة برفضها تلبية طَلَب (بعضه عربي) أن تقبل مبدأ "حل الدولتين" أساساً لمفاوضات سياسية عاجلة مع السلطة الفلسطينية.

ليس بالتوافق مع نتنياهو، وإنَّما ضده، وضد سياسته، وضد إسرائيل، بصفة كونها العدو القومي الأوَّل للعرب، نقول إنَّنا نحن أيضاً قلقون من كثير ٍ من أوجه سياسة ونهج إيران، كما ظهرت وتأكَّدت في العراق على وجه الخصوص، فإيران "النووية"، و"المعادية لإسرائيل على طريقتها الخاصة"، هي أيضاً إيران التي لا تستطيع أن تزيد، وأن تُعظِّم، ثقلها الإقليمي إلاَّ بوسائل وطرائق وأساليب تُظْهِر وتؤكِّد من خلالها أنَّها في صراعٍ قومي فارسي مع "القومية العربية"، الضعيفة والمثخنة بالجراح، وأنَّها لا تتورَّع عن شحن هذا الصراع بما يساهِم في تمزيق الوحدة القومية للعرب، في العراق وغيره، بقوى التعصُّب الكريه، بوجهيها الشيعي والسني.

وإذا كُنَّا نحن "الضحية"، على ما نحاوِل أن نصوِّر أنفسنا، فإنَّ "الضحية" هي المسؤولة، في المقام الأوَّل، عمَّا حلَّ بها، وجعلها، بالتالي، على هذه الحال، أي على حال "الضحية"، فالعرب القلقون من هذا النهج الإيراني، وعواقبه، لم يسعوا في مواجهته، بدءاً من "الداخل العربي"، الذي هو كالمياه العكرة، تغري كل صيَّاد بالاصطياد فيها. إنَّها عكرة بفضلنا نحن أوَلاً؛ أمَّا الصيَّاد، أكان إسرائيل أم إيران، فيمكنه فحسب أن يزيدها تعكيراً، توصُّلاً إلى جعل الاصطياد فيها سهلاً يسيراً.

إنَّنا قلقون ممَّا تفعله، وليس ممَّا تقوله، إيران؛ ولكنَّ قلقنا هذا لن يكون وجيهاً ومحقَّاً إذا لم يجعل لنا مصلحة حقيقية وكبرى في أن نتغيَّر من الداخل بما يجعلنا صخرة لا تهزها ريح خارجية مهما عنفت واشتدت، فما نراه الآن إنَّما يُظْهِر ويؤكِّد أنَّنا لا نملك من السياسة الحيوية والدينامية والقوية، ومن المصالح الحقيقية التي تؤلِّف بنية تحتية لتلك السياسة، إلاَّ ما يجعلنا في مواجهة "هذا الذي يقلقنا" كمثل كاهنٍ في مواجهة صاعقة انقضت عليه.

بدلاً من أن نتغيَّر من الداخل، ونزيل بأنفسنا، ولأنفسنا، الأسباب الذاتية لارتفاع منسوب قلقنا وخوفنا من ذاك الوجه لسياسة إيران، ونهجها، وإستراتيجيتها، قُلْنا وفَعَلْنا ما سمح لإسرائيل، التي تحكمها حكومة هي الأسوأ من وجهة نظر المصالح الحقيقية، لا الوهمية، للعرب، بأن تدَّعي بأنَّها ونحن في وحدة نادرة في مواجهة "الخطر الإستراتيجي" الإيراني، الذي يتهدَّدنا كما يتهدَّدها، وكأنَّ إسرائيل، التي ما زالت قوَّة احتلال في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، وفي الجولان، ومزارع شبعا، والتي تتسلَّح ضدَّنا بنحو 200 رأس نووي، وتسعى لـ "السلام المجَّاني" مع العرب، هي التي يمكن أن تكون لنا السند والحليف في مواجهة هذا "الخطر الإيراني الإستراتيجي"، والذي يكفي أن ننضم إليها في المغالاة فيه حتى يسهل عليها إقناعنا بضرورة وأهمية أن نضرب صفحاً عن "السلام المراوِغ الخادِع"، لنولِّي وجوهنا معها شطر هذا "الخطر المشترَك"!

إيران "تلك"، أي إيران "السيئة الشرِّيرة" التي تخيفنا وتقلقنا، يمكننا، وينبغي لنا، مواجهتها من داخلنا، أي بما "يُقْنِعها"، في آخر المطاف، بأنَّنا أكثر قوَّةً ومنعةً، وبأنَّ كل ما سعت إليه من قبل، وأثار قلقنا وخوفنا، ينزل الآن علينا برداً وسلاماً؛ فهذا "الوجه الشرِّير" من قوَّة إيران إنَّما هو ذاته وجه من وجوه الضعف القومي (والديمقراطي) الداخلي للعرب بـ "معتدليهم" و"ممانعيهم".

أمَّا إيران الطامحة نووياً، والتي تقول (وتعمل) بما يجعلها في عداء متبادل مع عدوِّنا القومي الأوَّل، وهو إسرائيل، فيجب أن تحظى بدعمنا وتأييدنا، وأن تكون لنا مثلاً أعلى ليس في كل شيء، وإنِّما في شيئين فحسب هما مخاصمتها للولايات المتحدة بما خلق للقوَّة العظمى في العالم مصلحة حقيقية في الحوار (الإستراتيجي) معها، وحشدها لقواها الذاتية (الأقل من القوى الذاتية للعرب) في صراعها من أجل التحوُّل إلى قوَّة إقليمية يُحْسَب لها ألف حساب.

لقد صادَقْنا الولايات المتحدة بما أفْقَدَنا كل تأثير حقيقي يعتدُّ به في سياستها، وكأنَّنا لم نصادقها إلاَّ لإغرائها بالتمادي في إظهار العداء لنا، ولمصالحنا وقضايانا؛ أمَّا إيران فخاصَمَتْها بما أغراها أخيراً بالسعي إلى خطب ودها، مع أنَّ بعضاً من النتائج والعواقب المحتملة لهذا السعي، الذي ما زال حَذِراً، وبين أخذٍ وردٍّ، يمكن أن يلحق بنا الضرر.

لِنُصَدِّق تلك الكذبة الإسرائيلية الكبرى وهي أنَّ إيران "خطرٌ إستراتيجي" على العرب مثلما هي على إسرائيل، فهل يترتَّب على ذلك أن يسعى العرب إلى التحوَّل إلى "قوَّة نووية"، من النمط الإسرائيلي، أو من النمط الإيراني، وأن تتقبَّل إسرائيل، وتتفهَّم، هذا السعي؟!

لو فعلها العرب، أو لو أبدوا عزماً حقيقياً على فعلها، لرأينا إسرائيل تتحالف مع "الشيطان" ضدَّهم، ولَظَهَر العرب، عندئذٍ، على أنَّهم الخطر الإستراتيجي الأوَّل الذي يتهدَّد الدولة اليهودية، فهذه الدولة تريد للعرب أن يعادوا إيران؛ ولكن من غير أن يسلِّحوا، أو يفكِّروا في تسليح، عدائهم لها بما يشبه البرنامج النووي الإيراني، أو بترسانة نووية، ولو أقل حجماً من الترسانة النووية الإسرائيلية.

ولو أنَّ العرب قَوُّوا أنفسهم بأنفسهم (قومياً وديمقراطياً) وبما يمكِّنهم من أن يدرأوا عنهم تلك "المخاطِر الإيرانية"، ويقنعوا إيران بالتالي بأنَّ تَعْدِل عن سياستها السيئة عربياً، لأصبح "المثل النووي الإيراني" في متناولهم، بصراً وبصيرةً ويداً، فإيران، وعلى ما كشف البرادعي وأوضح، هي نمط ثالث من القوى النووية في العالم، فإذا كان النمط الأوَّل هو تلك الدول التي تملك أسلحة نووية، والنمط الثاني هو الدول التي في مقدورها الإفادة السلمية والمدنية من الطاقة النووية؛ ولكن من غير أن تُخِلَّ بالتزاماتها المنصوص عليها في معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، فإنَّ النمط الثالث، الذي هو إيرانيٌّ حتى الآن، هو الدول التي تُطوِّر قدراتها النووية بما يوافِق التزاماتها في تلك المعاهدة؛ ولكن بما يجعلها، في الوقت نفسه، قادرة على صنع السلاح النووي سريعاً، وعندما تريد.

هل نقول إنَّه "الوهم" غشي الأبصار، فَجَعَلَنا نرى إيران كما تراها إسرائيل، "خطراً إستراتيجياً، علينا وعليها معاً؟

لو قُلْنا ذلك، أو بذلك، لكُنَّا أوَّل الواهمين، فـ "المصالح"، التي ليست بمصالح عربية حقيقية، هي وحدها التي زيَّنت لنا أن نرى إيران كما تراها إسرائيل!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لعبة ضارة تدعى -التدليس اللغوي-!
- مُثَلَّث أوباما!
- -عباريم- تَحُدُّه -الأوهام- غرباً و-الحقائق- شرقاً!
- ردٌّ من جواد البشيتي على ما نُشِر من تعليقات على مقالته -ويس ...
- ويسألونكَ عن -الجاذبية-..!
- أغْمَضوا أعينهم فرأوا -غموض- نتنياهو!
- ثقافة -الانحطاط الثقافي-!
- صحافتنا مصابة ب -أنفلونزا الرقابة الذاتية-!
- -أنفلونزا الخنازير- أم -أنفلونزا الرأسمالية-؟!
- -الشيزوفرينيا السياسية الفلسطينية-.. داء أم دواء؟!
- قنبلة صوتية من نوع -سيداو-!
- في فِقْه -السلام الاقتصادي-!
- نتنياهو في منتصف الطريق بين -لا- و-نعم-!
- حتى لا يتحوَّل العرب إلى -أقلية قومية-!
- شرط نتنياهو لقبول -حل الدولتين-!
- اكتشاف فلكي يُزَلْزِل -العقل السليم-!
- هذا -الإفراط القانوني- في تنظيم -حرِّية الصحافة-!
- عندما يختلف نتنياهو وأوباما -لغوياً-!
- لا تجريم لإسرائيل حتى تعترف هي بجرائمها!
- فتاوى تَعْظُم فيها الصغائر وتَصْغُر العظائم!


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جواد البشيتي - عندما نتبادل مع إسرائيل القلق من إيران!