أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مع القراء مرة أخرى















المزيد.....


مع القراء مرة أخرى


كامل النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2649 - 2009 / 5 / 17 - 08:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد أن أقدم شكري إلى جميع القراء الذين أثنوا على مقالي الأخير، أود أن أعقب على بعض التعليقات التي تعرضت إلى نقد أو معارضة ما جاء في المقال، وبعض الردود التي قدم أصحابها أسئلة موجهة لي.
بعد تعليقة الأول المؤيد، وخارجاً عن مضمىن المقال يعلق الأخ إسماعيل الجبوري عن غياب المرأة في قائمة المعلقين، فيقول (ولكني أستغرب لم أر ولو امرأة واحدة ضمن هذا العدد من المعلقين ولا سيما وأن الكثير من بحوث ومقالات النجار تدافع عن مظلومية المرأة في الإسلام. ال هذا دليل علة أن المرأة المسلمة تقدس عبوديتها التي كرمها عليها دين محمد؟)
وفي الحقيقة قد علقت السيدة أم محمد ولم تبخل على شخصي بالثناء، وكذلك علقت السيدة جوليا روبرتس، وهي الأخرى كانت كريمة جداً بإلاطراء. وتبعتهما الشاعرة والناشطة في مجال حقوق الإنسان، السيدة بلقيس حميد حسن. ولكني عموماً أتفق كلياً مع الأخ الجبوري في غياب المرأة عن الإدلاء بالراي في المقالات التي تُنشر وفي المجالات الثقافية العديدة. وقد كتبت في مرة سابقة أن خمس وستين في المائة من عينة من نساء مصر في أحد الاستطلاعات الصحفية قلن إنهن لا يوافقن أن تكون المرأة رئيسة جمهورية. وهذا يثبت ما يقوله علماء النفس من أن الطفل إذا وُبخ كثيراً وكال من كان حوله عليه اللوم، يفقد ذلك الطفل ثقته بنفسه ويشكك في مقدرته على إنجاز أي شيء مفيد، ويصبح عنده ما يُسمى ب Low self esteem أي يصبح قليل الاعتزاز بالنفس. والمرأة المسلمة، بعد قرون من الاضطهاد واتهامها بنقصان العقل والدين أصبحت تعاني من قلة الاعتزاز بنفسها وببنات جنسها، بينما أصبحت المرأة الغربية رئيسة وزراء ورئيسة جمهورية ووزيرة دفاع ورائدة فضاء. وهذا هو تكريم الإسلام للمرأة.
السيد أحمد خيري يقول في تعليقه (ولكن دعنى سيدى اناقشك فى بعض مما تقوله فانت و كثير من الاصدقاء الملحدين دائمى الربط بين الاديان و الله و لا اعلم لماذا هذا الربط التعسفى فسمة ايمان لا دينى قائم على العقل فقط فالايمان باله مفارق لا يتدخل فى الكون وقوانينه تهدم الاسس الفلسفيه لنظريتك للاله و لكنى لا ادعوك للايمان بالله فقطعا انت حر فى قناعاتك و لكنى فقط اود ان تتخلى عن منطلقاتك الدوغمائيه و ان تطلق افاق عقلك لاعلى و ان تتجرد من اى ترهات ايدولوجيه و ان تتحلى بالموضوعيه فى النقد التى للاسف تغيب عنك رغم حسن نيتك التى احسبها كذلك) انتهى.
أنا لم أسمع ولا مرة واحدة بشخص لم يربط الدين بالآلهة، فالأديان لم تنشأ إلا بعد أن شعر الإنسان بالخوف من مظاهر الطبيعة التي لم يفهمها وأراد قوة ميتافيزيقية تحميه من تلك القوة الطبيعية التي تهدده بالموت والدمار. ثم أتت فكرة الخلود والحياة بعد الموت التي يطمح إليها الإنسان. وبالطبع إذا مات الإنسان فلا بد له من إله يحييه بعد الموت لينعم بالخلود بعد ذلك. فالأديان دائماً مرتبطة بالإله. ولكن العكس صحيح، فهناك من الفلاسفة من قال بوجود إله لكنه لم يبعث الرسل والأنبياء وهو لا يتدخل في حياة الناس. ولكن مثل هذا الإله لا معنى لوجوده، كما قال السيد مختار ملساوي في تعليقه. وإذا آمنا بمثل هذا الإله فيجب أن نسأل أنفسنا: لماذا إذاً خلق هذا الإله العالم والمخلوقات؟ هل كان قرار الخلق قراراً عشوائياً اتخذه الإله في ساعة سأم ثم نفض يده عن مخلوقاته، أم أنه خلق المخلوقات بقرار مدروس، ولكن بغرض التسلية فقط حتى يتفرج على مخلوقاته لقتل الوقت ومنع السأم؟ مثل هذا الإله يصعب على العقل تقبله.
السيد سلام الشمري يقول في تعليقه (ان التسمية التي يطلقها اعداء التنوير عليكم هو كلمة ملحدين وهم يقصدون بها ما معناه لاديني لكن هذه الكلمة تعني عموماً عدم الايمان بالاديان السماوية اي ان المتهم بها قد يكون وثنيا لكنه ليس بالضرورة غير مؤمن بمفاهيم الغيب والكلمة لاتغطي هذا الجانب بالضرورة وهي تعني فقط الانحراف عن الدين الحق
مالا افهمه هو قبولكم بهذه الصفة وتسمون انفسكم بها رغم عدم انطابقها على ماتريد ان تصف نفسك به وكلمة لاديني ايضا غير كافية فهي تشمل المارقين عن الدين عندا وليس بالضرورة اقتناعاً او من يحمل كراهية للدين لسبب ما ان افضل صفة وجدتها في اللغة تحمل معنى عدم الايمان بالغيب هي كلمة دهري (من الدهر) وقد استخدمها الجاحظ عدة مرات وتعني الايمان بأن الدهر(الزمن) والتربة(المادة) قديمان منذ الأزل ولم يوجدا بفعل مسبب او خالق اليست هذه الكلمةاصح بدل كلمة ملحد القبيحة) انتهى.
ومع احترامي الكثير لما قاله السيد سلام إلا أني لا أتفق تماماً معه. ففي الحقيقة أن كلمة "ملحد" مشتقة من الفعل "لحدَ" الذي له معاني كثيرة، منها "لحدَ الميت"، أي دفنه. واللحد هو الشق الذي يُحفر في جانب القبر لدفن الميت، وسُمي اللحد لأنه في جانب القبر وليس في وسطه، بمعنى آخر أن الشق حال عن الوسط أي تجنب الوسط. والعرب تقول: "لحد السهم"، إذا أخطأ هدفه أو حاد عنه. ولحد الإنسان عن الدين، مال وحاد عنه وطعن فيه. والملحد هو الكافر بالدين والمائل عنه. وكانت هناك فرقة اسمها "الملاحدة" وهم كفار بدين الإسلام، سموهم فيما بعد ب "الدهريين". وكلمة "الدين" تشمل كل معتقدات الإنسان. فالوثنية دين مثلها مثل دين الإسلام أو البوذية، لأن الوثني يؤمن بصنم أو طوطم أو بأرواح أحفاده التي يعتقد أنها تنفعه أو تضره. فكل اعتقاد هو دين، وكل دين يؤمن أتباعه بالغيب وبالمعجزات. ولذلك لا أرى غضاضة في أن يسمى الإنسان الذي لا يؤمن بالأديان "لا ديني" لأنه إذا رفض الأديان فهو يرفض مصدر الأديان، وهو الآلهة. والدهري الذي يؤمن بأن الدهر لا خالق له، يرفض الآلهة وبالتالي يرفض الأديان. فالكلمتان لا فرق بينهما في مفهومي. وكذلك لا أرى مانعاً من استعمال كلمة "ملحد" لنفس الشخص.
القاريء جاسم والقاريء محمد عبد القادر الفار لفت نظرهما قولي (لو قررت في يوم من الأيام أن أعتنق ديناً فسوف يشرفني أن أنتمي إلى الأقباط). يقول السيد جاسم: (أنت حر فيما تعتنق لكن أليس هذا فخ وقعت به؟ ثم يضيف: ولا أعرف من أين جاء بالدليل على انتشار اللواط بسلطنة عمان.) انهى
أولا: الحرف "لو" هو حرف امتناعٍ لامتناع، أي بمعنى آخر، امتنعت النتيجة لامتناع الفعل. ونجد في القرآن (يود أحدهم لو يُعمّر ألف سنة) (البقرة 96). وكذلك (وقال الذين كفروا لو أنّ لنا كرةً فنتبرأ منهم) (البقرة 167). فالحرف "لو" أُستعمل هنا للمستحيل، فلا يمكن أن يُعمر الإنسان ألف سنة، ولا يمكن أن تكون لهم كرةٌ أخرى بعد الموت.ويمكنني أن أقول: لو كنتُ الله لما خلقت الإنسان. وطبعاً يستحيل أن أكون الله (لأنه لا وجود له). وبالتالي عندما قلت: لو قررت أن أعتنق دينا، فهذا يعني أنه ليس في نيتي أن اعتنق ديناً. فليس هناك أي فخ لأقع فيه. ولكني اعتقد أن المسيحية أفضل من الإسلام للذين يعتنقون الأديان لأن نصوصها المقدسة لا تشجع على العنف بينما الإسلام يحض عليه. أما بالنسبة لموضوع اللواط في السلطنة فيكفي السيد جاسم ظاهرة "أولاد السلطان" المعروفة بمسقط. وإذا أراد دليلاً آخراً فنسوق له الآتي: (والانحراف الجنسي موجود اليوم بابشع صوره في سواحل الخليج الفارسي في جهتيه الايرانية والعربية. وتعد مسقط مركز هذا الانحراف. وهناك يجوز لرجل ان يتزوج رجلاً آخر ويعاشره معاشرة الازواج. ويقال عن الرجل المزفزف انه " إنستر".) (علي الوردي، مهزلة العقل البشري، ص 10).
أما السيد محمد عبد القادر الفار يضيف (ولكن أن يتشرف بأن يكون مسيحياً وهو يقول بأنه لاديني ،، لا بل وأن يثني على إنسانية المسيحية ونصوصها ،، فهذه تضع علامة استفهام كبيرة جداً على لا دينيته !! المسيح -بفرض وجوده- لو كان فعلاً إنسانياً كما قلت وكان ممتثلاً لادعائه عن الخدود والاتجاهات -والذي لا تخلو سيرة محمد نفسه من مثيلاتها من المزينات- لكفر أول ما كفر بالعهد القديم الإجرامي ودعا إلى الكفر به ،،، لكنه بفرض وجوده كان إما منافقاً أو جباناً لا يتشرف إنسان يقدس اللاعنف وحقوق الإنسان باتباعه -هذا أصلاً إذا قبل الإنسان اللاديني الذي يفترض أنه حر ومتحرر بأن يكون من القطعان المتبعة لرعاة القطعان) انتهى.
أقول للسيد عبد القادر الفار: إذا كان هناك شيء جميل في أي معتقد ديني أو فلسفي يجب علينا الاعتراف به حتى وإن لم نكن من أتباع ذلك المعتقد. المسيح جاء في قوم كانوا يعتنقون اليهودية، وتربي كيهودي بينهم، فلم يكن من الممكن له أن يهاجم اليهودية إذا كان في نيته كسب الناس إلى دينه الجديد، تماماً كما فعل محمد عندما اعترف بكل الأنبياء وقال إن قرآنه أتى ليكمل ما سبقه من الكتب. ولكن رغم ذلك قال المسيح لأتباعه (سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. 39 وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40 وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41 وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ. 42 مَنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَقْتَرِضَ مِنْكَ فَلاَ تَرُدَّهُ.) (إنجيل متى، الإصحاح الخامس). فالمسيح هنا رفض مفهوم العين بالعين والسن بالسن لاحتوائه على عنف غير مبرر، ورفض كل حروب وغزوات أنبياء اليهودية بدعوته وممارسته للسلم، وهو بالتالي قد رفض تعاليم التوراة. والسيد المسيح لم يكتب الأناجيل ولم يضف العهد القديم إلى كتاب الأناجيل، وإنما فعل ذلك أتباعه.
ثم يستمر ويقول (كشخص لاديني ،،،إذا اضطررت أن أتبع ديانة ما فلا بد أنني سأنأى بنفسي أول ما أنأى عن كل الديانات الإبراهيمية وفروعها وأي شيء يمت لها باي صلة ،، ولن أجد أفضل من وصايا الملحد النبيل بوذا ،، مع تحفظي على اعتبار البوذية ديانة أصلاً) انتهى. ونسأل السيد عبد القادر الفار: كيف يكون بوذا ملحداً وهو يدعو إلى دين قد اعتنقه أكثر ممن اعتنق الإسلام وهو نفسه أصبح إلهاً للبوذيين؟ والشخص إذا أُضطر تحت تهديد الموت فسوف يعتنق أي ديانة تُفرض عليه، سواء أكانت إبراهيمية أو فلسفية. أما أنا فلن أختار الديانات الإبراهيمية ولا البوذية.
ويسأل السيد عبد القادر الفار (هل رأى أي منكم بوذياً يفجر نفسه في الجيش الصيني عند احتلال الصين للتبت ؟؟ هل يستطيع بوذي أن يقتل ثم يقول أن قتلت لأنني أحب بوذا وبدافع حبي له واتباعي له قتلت ... لقد كان بوذا مخلصاً بشكل تام لنهج اللاعنف وكان عنده أولوية لا أولوية قبلها ... فاستحق لقب النبيل ... أما المسيحية فحدث عنها ولا حرج !!) انتهى.
وأنا اتفق معه أن الديانة البوذية ديانة مسالمة في الغالب، ولكن لكل قاعدة شواذ، فقد أطلقت جماعة شوكو أوساكارا البوذية الغاز السام في قطارات طوكيو في فبرائر 2004 وقتلوا اثني عشر شخصاً وأصابوا 5500 آخرين، وحكم على زعيمهم بالإعدام (الشرق الأوسط 16/9/2006). وإذا كان بوذا مسالماً فكذلك كان المسيح، بعكس محمد الذي كان يملك تسعة سيوف وعدداً من الدروع والحراب.
وبدون أي اقتباس من مقالي الذي كان للتعريف بنفسي، يقول السيد عبد القادر (أما التكرار المعتاد للبرهان الطفولي عن أن الغرب طالما كان متحضرا وكان الشرق متخلفا فلا بد أن عقيدة الغرب الدينية هي السبب وعقيدة الشرق الدينية هي السبب (مع اشمئزازي من العقيدتين) فهو أسلوب يتجاهل كافة البنى التحتية للمجتمعات والتي قد ينتج عنها في ما ينتج ما يجعل هذا راقياً لطيفاً وذاك جافاً غليظاً ... ولا يصلح كدراسة علمية بل كوعظ في كنيس أو كنيسة أو مسجد أو حسينية أو أي صومعة من صوامع الكذب والزيف المنتشرة في أنحاء العالم ) انتهى.
ما هي البني التحتحية التي أدت إلى تخلف الشرق غير الدين الإسلامي الذي ألغى العقل وحصر التفكير في الحيض والنفاس والوضوء والفتاوى؟ هل يستطيع السيد عبد القادر أن يأتينا بسبب آخر غير ما يزعمه الإسلاميون من أن الاستعمار هو الذي خلّفهم، مع أن الاستعمار لم يحدث إلا في القرن التاسع عشر بينما هم متخلفون منذ أن غزاهم الإسلام؟ ثم أن الغرب لم يتقدم بسبب عقيدته الدينية، ولم يقل أي أحد بذلك، بل بالعكس فهو لم يتقدم إلا بعد أن فصل الدين عن الدولة. أما "التكرار المعتاد للبرهان الطفولي" الذي قال به السيد عبد القادر فلا بد أنه من ممارساته هو إذ أنا لم أكرر أي برهان طفولي، ولم أقل إن الغرب قد تقدم بسبب معتقداته.
السيد أحمد خيري يعود مرة أخرى ليرد على الأخ مختار ملساوي الذي قال له إن وجود إله لا يتدخل في مشاكل العالم يعني أن هذا الإله وجوده مثل عدمه، فرد السيد أحمد خيري بقوله (هذه ليست بالفكرة الجديدة فسبق أن طرحها المعري والرازي والراوندي وفولتير وروسو والربيون عموماً) انتهى.
أولاً: المعري لم يقل إن السماء تحتوي على إله محايد لا يتدخل في شؤون الكون. المعري أنكر وجود الإله بالمرة عندما قال:
ضحكنا وكان الضحكُ منا سفاهةً *** وحقَّ لسكان البسيطة أن يبكوا
تحطمنا الأيام كأننا زجاجٌ *** ولكن لا يُعادُ لنا سبكُ
وقال كذلك:
أفيقوا أفيقوا يا غواةُ فإنما **** ديانتكم مكرٌ من القدماء
فهو هنا يقول إنه لا يوجد إله ليسبكنا بعد الموت كما يسبك الزجاج المكسور وإن الديانات ليست من السماء. فهو لم يذكر إلهاً محايداً لا يتدخل في شؤون العالم. أما ابن الراوندي فلم تصلنا إلا مقتطفات من كتبه الثلاثة: "الزمرد" الذي انكر فيه النبوة، و "الدامغ" الذي انتقد فيه القرآن، وكتاب "فضيحة المعتزلة" بعد أن تخلى عن الاعتزال. وهو لم يناقش وجود الإله بتاتاً في هذه الكتب وإنما أنكر الرسل والأنبياء حينما قال: (إنْ الرسول أتى بما كان منافراً للعقول مثل الصلاة وغسل الجنابة ورمي الحجارة والطواف حول بيت لا يسمع ولا يبصر، والعدو بين حجرين لا ينفعان ولا يضران، وهذا كله مما لا يقتضيه عقلٌ، فما الفرق بين الصفا والمروة إلا كالفرق بين أبي قبيس وحرى، وما الطواف على البيت إلا كالطواف على غيره من البيوت) (تاريخ الإلحاد للدكتور عبد الرحمن بدوي). واعتقد أن ابن الراوندي كان إلهه عقله فقط، ولا إله فوقه.
أما السيد محمد الخليفة الذي ركب الطائرة من الرياض إلى لندن ليقتني كتبي، فلا أستطيع أن أقول له غير "كل مشقة في سبيل العلم هي جهاد بالقلم لنشر نور العقل بدل نشر دين الإسلام بالسيف. وجزاء الجهاد العلمي هو دخول جنة العقل اللا متناهية.) أشكرك على جهادك الكبير وأتمنى لو أني عرفت قبل سفرك لأرسلت لك الكتابين إلى عنوانك بالرياض (إذا سلما من مقص الرقيب على صناديق البريد).
السيد حسين عبد الله نور الدين يسألني إن كنت أعتقد أن أغنية "لا تكذبي" لكامل الشناوي كانت تلميحاً لقصة عائشة في حادثة الإفك. ورغم تشابه مضمون القصتين إلا أني اعتقد أن القصيدة لا تنطبق على عائشة لأن عائشة سرحت في الخلاء ليلاً لقضاء حاجتها ولم يكن القمر بازغاً وقتها ولم يكن أديسون قد اكتشف المصباح الكهربائي وقتها، ولذلك لا أعتقد أن محمد قد رآها وعيناها في عينيه، في، خدية، في شفتيه، الخ.
أما السيد نادر قريط فيقول في الثناء على محمد عبد القادر الفار (فرغم شبابه اليافع إلا أنه برهن على تجربة عظيمة غنية تفوق بعض – عواجيز – الكتابة ومن قلعوا أضراسهم). ولن أعلق على مثل هذه الفقرة وأترك الحكم للقاريء.
وفي الحقيقة فإن الفقرة الوحيدة في تعليقة التي تستحق تعليقي عليها هي قوله (سأكون شاكرا لو دلني الكاتب على وثيقة واحدة معاصرة لعمر بن العاص .. أو الوالي الأموي عبدالعزيز بن عبدالملك .. لكني أظن أن روايته وكل معلوماته تنضح من نفس الإناء الذي يشرب منه الأصوليون ومن نفس المجلدات الأسطورية لحدثنا فلان عن فلان ..وهذا الأمر لاتنفع معه رواية الشافعي سواء مدّ رجله أو وضعها على رأسه) انتهى.
أولاً أعراب الصحراء الذين رافقوا عمرو بن العاص إلى مصر المحروسة كانوا أميين لا يعرفون تدوين التاريخ، ولذلك يصعب وجود وثيقة معاصرة له من مصدر عربي، ولكن هناك وثيقة كتبها القس جون، أسقف كنيسة "نيكيو" واسمها Chronicle of John كُتبت بين عامي 693م و700م، يقول فيها (إن نير المسلمين أثقل من النير الذي وضعه فرعون على رقاب بني إسرائيل. فعندما تقدم عمرو بن العاص في مصر احتل مدينة بهنسة بالقرب من الفيوم وقضى على كل سكانها. كل من سلّم نفسه لهم قتلوه، ولم يستثنوا العجزة ولا النساء ولا الأطفال. وكان مصير الفيوم هو نفس مصير بهنسة. وفي "نيكيو" فإن كل السكان وضعوا للسيف.) (Bat Ye’or: Les Chrétientés d’ Orient entre Jihad et Dhimmitude, VII-XX siècle. Paris, 1991 نقلاً عن ابن الوراق (لماذا أنا لست مسلماً، ص 220).
ولا أعلم ما هو دخل الوالي الأموي عبد العزيز بن عبد الملك في هذه القصة. فعمرو بن العاص فتح مصر سنة عشرين هجرية، وأصبح واليها حتى عزله عثمان بن عفان سنة 25 بعد أن اقتحم عمرو الإسكندرية بحجة أنهم تمردوا عليه وقتل ونهب ما استطاع، ولكن الخليفة عثمان لم يصدقه فعزله. وتبعه ولاة آخرون، ثم رجع عمرو والياً على مصر لفترة ثانية في عام 39 هجرية. أما عبد العزيز بن عبد الملك فلم يتول شؤون مصر إطلاقاً، إنما تولاها عبد العزيز بن مروان سنة 75 هجرية، أي بعد أكثر من خمسين عاماً من فتحها، وكان وقتها قد انتهى القتل والدمار الذي سببه عمرو بن العاص.
يقول السيد قريط (وهناك دلالات على أن زوجة هرقل الوصية على العرش البيزنطي بعد وفاة زوجها حوالي 640 قامت بتسليم مصر لأمراء دمشقيين ـ أمويين .. بدون قتال) انتهى
أولاً نقول للسيد قريط أن مصر فتحها عمرو سنة 20 هجرية، الموافقة لسنة 640 ميلادية في خلافة عمر بن الخطاب، ولم أسمع عن أي مؤرخ قال بغير ذلك. وإذا كانت زوجة هرقل قد أعطت أمراء دمشق مصر فلا بد أنها كانت في مقابل أن لا يهاجم العرب القسطمطينية. وإذا كان هذا هو الحال فلا بد أن الجانبين كتبا معاهدة بذلك. ونحن نعلم أن القسطنطينية كان بها جامعة وأساتذة منذ نشأتها سنة 350 ميلادية. ونحن نعلم كذلك أن حصار المسلمين للقسطنطينية بدأ عام 671م، أي في ظرف ثلاثين سنة فقط من منحهم مصر. فلو صحّت الرواية التي يقول بها السيد قريط، يكون المسلمون قد خانوا عهدهم مع زوجة هرقل. هل يا تُرى عجز طلاب وأساتذة تلك الجامعة في القسطنطينية عن تدوين أحداث بهذه الأهمية؟ وكنت أتوقع من الكاتب أن يذكر لنا مصادره عن هذه المعلومة، خاصةً وهو كان قد طلب مني وثيقة تثبت أن عمرو بن العاص قد قتل وسبى الأقباط.
وبدون أي دليل يقول الكاتب (لقد كشف الكاتب من خلال جملة واحدة كتبها: جورج جلوي صديق الفلسطينين وصدام المقبور (إنتهى) عن عداء وإحتقار لصداقة الفلسطينين وإعتبارها مثلبة تستحق الإدانة، وهذا برأيي عداء لمبادئ وقيم الضمير) انتهى.
وأظن أن السيد قريط قد حمّل الجملة أكثر مما تحتمل. أنا قلت إن الإسلاميين اقتحموا اجتماع السيد جالوي صديق الفلسطينيين، وصديق المقبور صدام. وصدام قد مات، وكل ميت يُقبر. فما هي الصفة التي يريدني أن أسبغها على صدام؟ هل أقول المرحوم صدام؟ وهو حتماً غير مرحوم بسبب المقابر الجماعية العديدة التي ما زال الشعب العراقي يكتشف المزيد منها. فلو أصبح صدام مرحوماً، وهذا يعني أن الإله قد غفر له، يجب على الناس قبر هذا الإله. كل ما تعنيه الجملة السابقة هو أن جورج جالوي صديق للفلسطينيين ويدافع عنهم وكذلك كان صدام صديقاً لهم، ومع ذلك اقتحم الإسلاميون الاجتماع بدل أن يقدروا صداقة جالوي للفلسطينيين ولصدام صديق الفلسطينيين. وهذه الجملة ليس بها أي عداء للشعب الفلسطيني، ولا لمباديء وقيم الضمير، ولكن بعض الناس يصتادون في الماء العكر. وأرجو أن يكون الكُتاب الذين خلعوا أضراسهم قد أبانوا بعض الحقائق لمن يصغرهم سناً. وأعتذر لطول المقال.



#كامل_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من هو كامل النجار
- لندنستان والإخوان 2-2
- لندنستان والإخوان 1-2
- تعقيبات القراء على الرسل والأنبياء
- الرسل والأنبياء مضيعةٌ للوقت- كما يقول القرآن
- نظرة جديدة على -مجمع البحرين- القرآني
- زغلول النجار وزرقاء اليمامة
- الذين يكرهون الحياة
- الصلاة ليست إيحاءً إلهياً
- الأديان تجرد الإنسان من إرادته
- نشر الإسلام على حساب الأيتام
- رسالة مفتوحة إلى رب السماء
- نقد الأديان والتعصب
- إله السماء مهندس فاشل
- ثورة الحسين والتجارة التي لا تبور
- إله السماء لا يعلم شيئاً
- القضاء الإسلامي مكانه المتحف - السعودية مثالاً
- تحريف الكتب -المقدسة-
- آيات تُثبت عدم وجود الله
- قد أخطأ الذين دافعوا عن السعودية


المزيد.....




- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - كامل النجار - مع القراء مرة أخرى