أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصرعمران الموسوي - سطور من ثقافة الدم في العراق















المزيد.....

سطور من ثقافة الدم في العراق


ناصرعمران الموسوي

الحوار المتمدن-العدد: 2648 - 2009 / 5 / 16 - 09:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين كنا نقلب كتب التاريخ تحدونا الرغبة في محاولة لدراسة الإنسان وفهم كنهه، لم نجده متأ نسنا تحدوه الرحمة والشفقة ويكتمل سلوكه بالارتباط الحضاري وتقف المدنية والتمدن نبراسا لرؤاه ،بل وجدناه شرسا حيناً و خائر القوى في أحيان أخرى ،ثم يلجأ في أحايين كثيرة إلى المخاتلة والمخادعة لاصطياد فرائسه،وحدها الطبيعة من وضعته في خانة الانصياع عبر أسلحتها الخارقة المتمثلة بالصواعق والبراكين والفيضانات ،ومنذ مشاهدته لعنفوان وغضب الطبيعة راح ينحني مترجماً لها تذلله وخضوعه فكان تجذر عبوديته أمام القوى التي يقف عاجزا أمامها ،ولأنه يتلون مكتسبا من الحرباء طبائعه، فانه بمجرد أن يهدأ عنفوان الطبيعة يعود إلى روح تمرده وكأنما يمتلك بالفطرة روح الانقلاب والانفلات باحثا في خضم غليان رغباته عن مساحة يمنحها قدر كاف من التمتع بتلك الرغبات ،ولمجريات وتشابك الحياة واختلاف المصالح والمشارب والتكوينات البيئية والمجتمعية ،ترامى له أمام لحاض الطبائع الحيوانية في رحلة أنسنة الفرد والمجموع بعد أن اندلق بريق العقل في لحظة سكون الرغبة الحارقة،ليعم رؤى التمدن السلوكي الذي يحدوه ركب الإنسانية باتجاه تحقيق ذاتيتها المتمثلة بإيجاد رموز وشوا خص حضارية فكانت ملحمة الخلود لكلكامش العراقي ،ورغم إن الحضارة تتكالب في الإشارة الى بلاد وادي الرافدين مؤشرةً انبثاق حبو الحضارات الأولى ولما يزل التفاعل التاريخي عاجزا عن تحديد مرجعية نسبية للسومريين حتى من باب الافتراض ليؤكد إنهم الرقم الأول في نشوء الوجود الآدمي ، لقد اقترن حديث الدم وسلوكه وثقافته في حياة المجتمعات العراقية منذ حلم أمرائها وملوكها وآلهتها في الجلوس على عرش الملوكية والإلوهية وداعبهم غرورهم وطموحهم الذي تعدى لدى الكثيرين حدود معقوليته وكل ذلك على حساب أرواح ودماء البسطاء والفقراء فشكل مجموعه من الطغاة علامة فارقة في الطغيان والظلم ولعل نبوخذ نصر وصدام حسين الأبرز فيهم ،والشيء العجيب في العراق إن الطاغية حتى لو انتهى في مزابل التاريخ فان آثاره وتبعاته السيئة تكلف البلد الكثير من الدم وذلك واضح في التاريخ القديم والحديث ،ورغم إننا نتغنى بحضاراتنا التي وضعت البشرية على خط التمدن والتحضر وخُط فيها أول حرف إلا إن ذلك أنشأ مايشبه عقد التضخم العراقي لان حكامها وملوكها أقاموا منظومات عنفيه تؤدي إلى مثل هكذا تفكير وثقافة ،وهذا جزء من تقديس الأشخاص الذي أجاده العراقيون بشكل مذهل ،مما انسحب على تبعات مهمة كانت حوارات الدم حاضرة فيها ،ومنذ نشوء دولة المناذرة وجد ملكها النعمان بن المنذر يومي سعده وبؤسه حين أقدم في لحظة ماجنه على قتل نديميه ،وظل في كل يوم من ألسنه يتبع تسلسل القتل بقتل آخر،وكلنا نعرف إن هناك كثيرون راحوا ضحية العادة الدموية للنعمان وقد كان الشاعر الجاهلي عبيد بن الأبرص احد هم ، ولعل مثلَ (جزاء سنمار) هو صورة أخرى من مشاهد الدم حيث أقدم النعمان إلى إلقاء المعمار الجمالي الذي بنى قصري الخور نق والسد ير من أعلى احد القصرين إلى الأرض جثة هامده ، وبسبب تافه هو حتى لايقدم على تشييد بناء آخر يكون أجمل من قصري النعمان ،ويأبى النعمان ان يغادر الحياة وعلى ارض العراق بعد مقتله من قبل الملك الفارسي كسرى الا ليخلف بعده موقعه مشهورة يذكرها العراقيون وهي موقعة ذي قار التي انتصر فيها بني شيبان والقبائل المتجحفلة معها على جيوش كسرى ،ورغم الأسباب الوجيهة في الدفاع عن الكرامة والقيمة العربية المتجسدة بوضع حد لاستهتار الملك كسرى إلا إنها احتطبت الكثير من الأرواح ليزداد مشهد الدم العراقي وتصطبغ أرضه بلون الدم القاني ،ومرّ تاريخه يسير الهوينى بمراحله طويلة في ا لمعارك والحروب كان للجانب السياسي الحضور الابرزفيها ،حتى تتويج بغداد عاصمة وحاضرة لأكبر دولة إسلامية ولا غرابة إذا كان لقب أول خلفائها (بالسفاح) لكثرة إراقته للدماء ،ورغم ازدهار الفنون والآداب والعلوم في العصر العباسي الاول في الجانب الظاهر كان هناك في الخفاء وأحيانا في العلن ترتكب جرائم إبادة جماعية ضد العلويين والأمويين منفذيها الخلفاء انفسهم.
ولاينته المظهرين بالاحتراب القوي والكبير بين الأخوين من أبناء الرشيد الذي ينجلي عن مقتل الأمين واستلام المأمون للخلافة لتمر الأمور بسلسلة طويلة من المؤامرات في جانب والنكبات في جانب آخر وقتال ودم لم تكن ارض الرافدين بعيدة عنه ،وشهدت أبشع أنواع التعذيب والاغتيالات السياسية بوحشية إبان العصور المتأخرة من خلافة بني العباس حتى سقوط بغداد في 656 للهجرة على يد المغول ولنا أن نقدر مظاهر الرعب والعنف والوحشية التي عاشها العراق ،وحين نمر بعجالة على تاريخ الاحتلال العثماني للعراق وسيادة الاستغلال الديني للسلطة في اسطنبول باسم الخلافة الإسلامية ومظاهر التخلف الذي أبدع فيه العثمانيون إضافة إلى ظلم ولاتهم وغطرستهم وجبروتهم،لم ينجلِ الأمر إلى بمجازر للاحتلال البريطاني في العراق وسقوط بغداد في 1917 إضافة لما عاناه العراق من ضغط الحرب الكونية الأولى،ولم يكن تاريخ تأسيس الدولة العراقية خارج مديات العنف وإن كان اخف كثيراً في غلواءه ألعنفي اذا ما استثنينا الانتفاضة الثائرة في عشرينيات القرن ،ورغم إن الدولة العراقية توسمت بدستور وملك عربيا وضعته بريطانية كخط متعادل وربما كانت تعول عليه كثير في لعب دور مهم ومسك العصى من الوسط وللحقيقة إن مرحلة الملكية وإن شهدت صورة عسكرتارية لخريجي اسطنبول إلا أنها هيأت لدخول المد اليساري والليبرالي وإن جاء بعد مرحلة اغتيال الملك غازي وهو ربما قدر التأسيس الديمقراطي في العراق كما شهد الاحتراب السياسي مدياته التي خرجت من ربقة الأجندات والبرامج السياسية إلى ثقافة الجر بالحبال والقتل والاغتيال حتى وصول العسكر بمجزرة قصر الرحاب المجزرة التي يندى لها جبين الإنسانية والتي تذكر بان العراق هو كربلاء مستمرة ما انتهت بمقتل الحسين الثائر الكبير ضد الظلم والطغيان الا ويعاد مشهد قتل الأطفال وترويع النساء،وما كانت الجمهورية بأحسن حالا بل كانت أسوء بكثير فبعد الانقلاب على عسكرة الجمهورية وإحداث 1959 التي لعبت يد الرئيس جمال عبد الناصر دورها في تأليب الشارع على حكومة الزعيم والإحداث التي ترجم فيها الدم أيضا والعنف صوره واخذ متسعا في مدياته ،انتهت الجمهورية القاسمية لتحل جمهوريات آل عارف بعد ان اكتسى شباط سواده ،ولنا إن نقدر بناء عنفي ما ذا سينتج للعراق ،إلا أن استلم البعث بانقلاباته السلطة بقيادتيه البكرية ثم الأبشع والأعنف وهي الصدامية ،وما دامت فرحت العراقيين كثيرا وهي ترى تمثال صنم بغداد يتهاوى في ساحة الاحتفالات حتى كان لها مشاهد قانية في الاحتراب مع التنظيمات الإرهابية والفكر الديني المتشدد وتكفير القاعدة وظهرت للساحة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ووصل العراق إلى مرحلة الموت بالمجا ن وفي الشوارع والساحات والقتل على الهوية وهجرة مكوناته وبدأت سلسلة من إبادة للشعب يتوجها أخطاء الاحتلال الأمريكي في سياساته وتصرفات مدير سلطته المدنية بريمر ،ورغم كل هذه الألوان فان الديمقراطية في العراق تظل صغيرة تتدلل بجمالها وتمارس العصيان على الزمن وعرباته ،لقد امتلأت بلون الدم وقدر هذه الأرض أن تكون ثقافتها وديمقراطيتها وحياتها موسمه بلون الدم . حتى إنك لايمكن أن تمر ولو بعجالة على تاريخ العراق إلا وتجد لون الدم طاغيا صارخاً على صفحات سطوره .





#ناصرعمران_الموسوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خارجاً إليكِ بالهفه....!
- الصابئة المندائيون ألوان الذهب في نسيج المكون العراقي ..لماذ ...
- المشروع الثقافي لمرحلة مابعد التغيير في العراق وجدلية الانتم ...
- المشروع الثقافي العراقي في مرحلة مابعد التغيير وجدلية الانتم ...
- قصائد لليلنا الطويل.....!
- الثقافة التجزيئية في النظرة الى حقوق المراة ....!
- قراءة في ذاكرة ا لمكان .. (رحلة مدريدية بعبق عراقي)
- نشيدعلى أوراق العتمه...!
- ثقافة ألاستقالة في العراق الديمقراطي وكيفية التعامل معها .. ...
- ودائع الغروب
- أوراق من نافذة ليلي...!
- مالم أقلهُ لحبيبة راحلة ....!
- العراق المتأرجح بين إدارة بوش السابقة وإدارة أوباما الجديدة ...
- ثقافة الأنتخاب بين التنظير والممارسة...!
- هذيانات معقلنه...!
- حظوظ المرأة إنتخابياً...!
- حظوظ المرأة في إنتخابات مجالس المحافظات العراقي...!
- العام الجديد واماني العباس بن الاحنف...!
- الحديث عن الديمقراطية في العراق ..هل غادر الهمس الى الضجيج.. ...
- الحسين ألثائر النبيل.....!


المزيد.....




- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناصرعمران الموسوي - سطور من ثقافة الدم في العراق