أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله مشختى - عن اى فساد نتحدث ؟















المزيد.....


عن اى فساد نتحدث ؟


عبدالله مشختى

الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 07:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر ويكثر الحديث عن الفساد فى العراق اليوم ، ولكن اى فساد يحكى عنه ، هناك فساد سياسى وفساد ادارى ومالى واجتماعى وقانونى وحتى فساد علمى وخلقى فعن اى فساد نتحدث ؟ ان الحديث عن الفساد فى اى مجتمع ما يجب ان نحاول دراسة اوضاع ذلك المجتمع وما الت اله الامور كى نصل الى النتائج التى اودت للوصول الى الحد الذى وصلت اليه من انعدام كلى للقيم والميادئ والمفاهيم والتى تشكل البداية لكل انواع الفساد .
ان الفساد الذى استشرى فى جميع مفاصل المجتمع العراقى مرده الاول والاساسى يعود الى حقبة الايام الاخيرة للنظام البائد فبعد مغامراته المجنونة فى الحرب على ايران والكرد ومن ثم اجتياح الكويت وابادة الشعب العراقى برمته وخاصة الشيعة والكرد الذى ادى الى فرض حصار طويل الامد على العراق حيث منع من تصدير النفط المورد الرئيسى والاساسى للايرادات المالية ومنع الاستيراد لاية بضاعةالى وفق جداول خاصة خاضعة لرقابة وتفتيش المنظمة الدولية التى كانت تسيرها امريكا بالذات انذاك ، قد ادت تلك الاوضاع بالشعب العراقى الى الوقوع فى اوضاع مزرية من هبوط مستوياته المعيشية والحياتية والى فقدانه لروح الحماسة والمواطنة ، فمع تدنى قيمة العملة العراقية وارتفاع اسعار المواد والسلع الاستهلاكية ونفاذ الاحتياطى النقدى للبنك المركزى العراقى وانخفاض الرواتب الممنوحة لموظفى الدولة مقابل ارتفاع الاسعار فى السوق العراقية بشكل فظيع نتيجة توقف او ضعف الرقابة التجارية مما ادى الى ظهور تجار الحرب الذين وجدوا ملجأ خصبا لهم للاثراء على حساب الشعب الفقير والبائس من جهة ومحاولة العائلة العراقية على العيش تحت ظروف سيئة للغاية للتخلص من الموت جوعا وبؤسا ، وبعد استصدار قرار الامم المتحدة المرقم 986 عام 1996 قرار النفط مقابل الغذاء بدأت بوادر الفساد تظهر من خلال المنظمات الاجنبية التى كانت تعمل كوكالات للامم المتحدة حيث كانت تنهب او تتصرف ما تصل اليها من اموال عراقية بشكل غير مسؤول فاثرت مجموعات من كانت تتعامل معها من بعض العراقيين . ان الاموال العراقية التى كانت تأتى عن طريق النفط مقابل الغذاء قد حصل فيها تلاعب كبير سواء كان من قبل السلطة او تلك المنظمات ولم تصل الى الشعب المعدوم الا فئات فليلة من الغذاء الذى حاول عن طريقه العراقيين انقاذ عوائلهم من الجوع والموت والذى كان فى اغلبه مواد وسلع غذائية فاسدة ولم تكن تصلح كغذاء للمواطنين . مما ادى اوضاع الفقر والحرمان بالعديد من المواطنين الى الانحراف عن الطريق الاجتماعى الصحيح فكانت بدايات للفساد الاجتماعى والخلقى بشكل لم يروه الشعب العراقى منذ قرون ، فكثرت بيوت الدعارة واضطر العديد من العراقيين الى وسائل من الغش والخداع والربح الغير الشرعى فقط من اجل تدبير الامور الحياتية اليومية له ولعائلته . وامسى العديد او الاكثرية من الموظفين العراقيين ينهون معاملات رسمية مزورة واستصدار وثائق تتعلق بالجنسيات والجوازات مقابل الاموال ، بل اضطر البعض الى الاستعداد لبيع الوثائق السرية للدولة والمؤسسات العراقية وحتى لحزب البعث مقابل الاموال اما للاثراء او الاعاشة او التمكن لجمع مبلغ من المال للهروب به الى خارج العراق . وانتشر التهريب بكل انواعه الغير القانونى والغير الشرعى للمقتنيات الاثرية والقطع التاريخية العراقية وحتى المواد التى كانت تدخل فى صناعة الاسلحة السرية مثل مادة الزئبق وغيرها وعمليات سرقة السيارات وطبع العملات المزورة والاتجار بها . لان الفقر والعوز وشظف العيش يفعل العجائب والغرائب بالمجتمعات .
منذاك بدأ الفساد فى اوصال المجتمع العراقى ولم يكن تطورا جديدا حصل بعد عام 2003 ن بل اشتد اواره وانتقل الى بقية المفاصل الحيوية للمجتمع بعد انهيار النظام الدكتاتورى بسبب الفلتان الامنى وانهيار مؤسسات الدولة العراقية بعد 9 نيسان 2003 ودخول القوات الامركية الى العراق كقوة محتلة للبلد . بعد انهيار النظام وفقدان الدولة لسيطرتها على البلاد تعرضت كل مؤسسات الدولة العراقية للسلب والنهب بما فيها البنوك والمعسكرات وجميع مرافق الدولة حتى الانسانية لم تنجو منها كالمستشفيات والمختبرات العلمية والجامعات . وبدا شيئا فشيئا تتوسع هذه الظاهرة بعد السقوط لانعدام سلطة قوية فتبعتها انواع من الفساد مثل تزوير المستمسكات والشهادات العلمية والجوازات ومن ثم انتشار ظاهرة اختلاس اموال الدولة العراقية من الميزانيات للوزارات والمؤسسات اى الفساد المالى والذى رافقها الفساد الادارى المتمثل بمحاولة كل حزب سياسى ان يستفيد باكبر قدر ممكن من الناصب السيادية والمهمة لنفسه لضمان الحصول على اكبر قدر ممكن من الامتيازات المادية والنفوذ لتوسيع رصيده الجماهيرى عن طريق شراء الذمم واصوات المنتخبين من العراقيين الذين عانوا ما عانوه من مصائب قبل وبعد سقوط النظام الدكتاتورى .
والان وبعد مرور اكثر من 6 سنوات من العراق الجديد التى يسمونها بالعراق الديمقراطى نرى ان كل انواع الفساد لازالت تنخر فى الجسد العراقى وبحجم اكبر واشد ضراوة من السابق . كى يصل الامر برئيس الوزراء العراقى السيد المالكى ان يصرح وعلنا ( احدى المشاكل الكبرى التى تواجهه) وتصنيف العراق بالدرجة الثالثة الاخيرة فى تسلسل الدول التى تعانى من الفساد فمن مجموعة 180 دولة تعانى الفساد تأتى العراق فى المرتبة 178 من اشد الدول التى تعانى من الفساد بعد كل من الصومال وميانمار . وهناك يوميا وبشكل مستمر تظهر تقارير الى السطح عن عشرات من حالات الفساد المالى والادارى فى الوزارات والمؤسسات الدولة العراقية حسب تقارير هيئة النزاهة والمنظمات الدولية الاخرى والتى تراقب الاوضاع العراقية . فمن عشرات الالاف من الرواتب الوهمية التى تكتشف فى الوزارات وعشرات المليارات من الدولارات التى خسرها الشعب من عمليات تهريب النفط التى مارستها القوى والميليشيات والتى لازالت لها اليد الطولى فى العديد من عمليات الفساد المالى التى تجرى وتحدث بواسطة ممثليها فى السلطة اضافة لتعطيل العديد من القوانين التى انجزت وشرعت وبقيت بدون تنفيذ او متابعة والتى تجرى على ضوئها العشرات بل المئات من عمليات الفساد وعمليات الاختلاس وسرقة اموال الشعب والتىتعجز السلطات العليا من مجلس النواب وهيئة النزاهة والقضاء من معالجتها بسبب قوة ونفوذ هؤلاء الذين هم محميين من الاحزاب السياسية الكبيرة .
ام ظاهرة الفساد امست اليوم فى العراق ظاهرة عادية من اقصى جنوبه الى اقصى شماله حيث لايمكن للباحث ان يستثنى منها منطقة واحدة او محافظة واحدة او حتى مؤسسة او دائرة الا فى حالات قليلة جدا ، وهذه الظاهرة بقيت مستمرة وباقية الى الان كما اعتقد بسبب انتشار ظاهرة الفساد السياسى فى العراقى والتى ترجع اليها كل انواع الفساد الاخرى . اى ان الفساد عندما يظهر وينتشر فى المجتمع الاحزاب والقوى السياسية الحاكمة فى البلد هى التى تتحمل مسؤليتها ، فهى الحاكمة على قمة السلطة وعندما تكون هذه القوى السياسية الماسكة والمتشاركة فى الحكم لاتنظر الى مصالح البلد العليا وكل حزب او قوة تعمل من داخل السلطة لتقوية نفوذها وتمشية مصالحها على حساب تثبيت وتقوية مؤسسات الدولة وعلى حساب بؤس الطبقات الفقيرة فى المجتمع فكيف لها ان تحارب الفساد بانواعها المختلفة فالذى يقود السلطة فى العراق اليوم هم من ممثلى الاحزاب السياسية المختلفة ومن قياديى هذه الاحزاب على الاغلب وهدر اموال الشعب والفضائح المالية التى تحدث يكون من ظمن مؤسسات هؤلاء الممثلين للاحزاب سواء كانوا فى الوزارات او المؤسسات الاخرى من يكون ورائها اليس هؤلاء المسؤولين الذين يقفون على رأس هذه المؤسسات والوزارات والمديريات العامة والاجهزة الامنية ، وهم محميون بطبيعة الحال من المسائلة والعقاب بسبب دعم احزابهم لهم ، فالبرلمان العراقى لم يتمكن حتى الان من محاسبة اى وزير او مسؤول كون ممثلى احزابهم الجالسين تحت قبة البرلمان باسم الشعب وهم لايمثلون الشعب بطيعة الحال والواقع بل يمثلون الاحزاب التى ينتمون اليهم سيثيرون محاسبة شخص اخر من حزب اخر ارتكب الاخطاء نفسها فتظهر هنا المساومات والمزايديات ومن ثم التوافقات بين هذه الكتل ساعطيك هذا مقابل هذا وذاك وهكذا تجرى الامور ولحد اليوم . والان لنأتى ونجرى نظرة على مراكز المناصب الحساسة وهى جميعها مشغولة وموزعة على الاحزاب ويشغل هذه المراكز اناس ينتمون الى الاحزاب المشاركة فى السلطة والاحزاب دائما لاتولى المهام الى اناس تكنوقراطيين وخبراء فى القضايا المختلفة بل هى ايضا تراعى التقسيم والتكوين الاجتماعى فى داخل احزابها حسب طبيعة هذا الحزب اوذاك فهى تحاول دائما ايجاد توازن داخلى فى توزيع المناصب والمراكز للمحافظة على بقاء رصيده الجماهيرى وألا تنشطر او تخرج منها شريحة او جماعة ما فهذا ما يسمى بسياسة الترضية فى داخل الاحزاب وهذا هو ايضا عين الفساد فى هذه الاحزاب فهم لاينظرون الى الكفاءات والشخص المناسب فى المكان المناسب بل الشخص الحزبى المؤثر فى اوضاع حزبه الداخلية فى اى مكان ولو كان غير مناسب لذلك الشخص . كما يقول الله سبحانه وتعالى ( كل حزب بماليهم فرحون ) فهذه الاحزاب الشئ المهم الذى يريدونه هو ان يبقوا الى جانبهم اكبر قدر من الرصيد الجماهيرى كى لا يخسرروا امتيازاتهم التى منحتهم صناديق الاقتراع ، وقضايا التنمية للبلد وتقديم خدمات افضل لعامة الشعب لاتأتى فى سلم اولوياتهم ، بل المهم ان يبقوا فى السلطة باية وسيلة كان . فلو القى اى باحث نظرة الى الواقع الوظيفى فى مؤسسات الدولة لوجد ان اى شخص مسؤول فى اية مؤسسة لوجد قوائم اقرباء هولاء المسؤولين معظمهم يشغلون وظائف ولايرى البطالة بينهم كون الفساد السياسى اعطى كل الصلاحيات لهؤلاء المسؤولين ان يتصرفوا على اهوائهم ومزاجياتهم وهناك مسؤولين اعطوا وظائف لاقربائهم بالجملة كما يقال وبدرجات وظيفية وسطية وجيدة علما ان معظم هؤلاء قد لايجيدون حتى كتابة اسمائهم ولا يعرفون شعرة من تلك الوظائف التى اسندت اليهم ، الفساد يبدأ من هنا من الاحزاب السياسية ولكن للوجدان والضمير لا نقول بان كل الاحزاب العراقية تجمعهم هذه الصفة الان قد تكون البعض منها بريئة منها ولكنها صفة للاكثرية من الاحزاب العاملة على الساحة السياسية العراقية اليوم . الشهادات العلمية المزورة التى تمنح للبعض من اين تأتى اليس المسؤول الاول على علم ودراية بها نرى شخصا يفشل فى الدراسة وبعد عام يظهر وهو يحمل شهادة دكتوراه او ماستر فى جيبه ويتم التعامل معه على اساس هذه الشهادة العلمية اليس هذا تلاعب بالعلم ومقدساته ، اليست جريمة علمية وفساد فى عالم العلم هل تحققت الجهات المسؤولة فى الدولة يوما عن هؤلاء الحاملين بشهادات الدكتوراة والماستر وقالت لهم كيف حصلتهم على هذه الشهادات ؟ طبعا لا لانهم ينتمون الى احزاب واقربائهم فى مراكز مهمة فى تلك الاحزاب واصحاب نفوذ وقوة ومسؤولين فى الدولة العراقية . متى ما انهيى الفساد السياسى سيتم القضاء على الانواع الاخرى من الفساد فى جميع وزارات ومؤسسات الدولة العراقية . ولكن طالما بقيت الاحزاب السياسية العراقية تسير على هذا المنوال وهذه السياسات فالفساد سيبقى وسيزداد يوما بعد يوم . يتحدثون عن الرشوة فى الدوائر نعم موجود وبشكل فضيع وعلنى تقريبا لايخجل الموظف من اخذ الرشوة ، وعندما تسأله عن السبب فهو يرد اذا كان رئيس الدائرة او المدير يتصرف مزاجيا بميزانية الدائرة ومشاريعه واذا كان المهندس يضع كشوفات المشاريع وبالتنسيق مع رئيسه اضعاف تكلفة المشروع فلماذا اخجل ان اتقاضى رشوة ؟
الفساد افة و ظاهرة خطيرة تفكك اوصال المجتمع العراقى وتهدم البنيان والكيانات وتمحى القيم والمبادئ الاصيلة التى كانت يتمتع بها المجتمع العراقى عبر العصور ، اصبحت السرقة ظاهرة طبيعية لدى الذين يمارسونها ولا يخجلون ابدا عند مواجهتم بها او يبررونها تحت ذرائع الضغط الحياتى والمعيشى دولة مثل العراق بامكانياته الضخمة قادرة على اعالة شعب حتى لو وصل تعداده ضعفى سكان العراق الحالى ولايزال هناك شرائح فقيرة تدب فيهم الجوع والفقر والامية ، الخدمات الصحية امست تجارة رابحة للشريحة الطبية طبعا مع الاستثناء واعتنذر لكا الاطباء فالطبيب الذى يريد فى اليوم ان يواجه 60 اوز 70 مراجعا لمدة 4 اربع ساعات فقط اى بمعدل 4 دقائق لكل مراجع لا ادرى كيف يتمكن هذا الطبيب ان يشخص المرض الذى اصاب به هذا المواطن فى هذه الفترة الزمنية القصيرة ويأخذ منه 15000 دينار اى انه يتقاضى فى اليوم حوالى المليون دينار اى فى الشهر 30 مليون دينار وفى السنة 360 مليون دينار ، فكيف له ان يكون متحمسا للعمل فى المستشفيات الرسمية وكثيرو منهم عند مراجعة المواطن يوصونهم بزيارة عيادتهم فى اليوم التالى ويفرضون على المريض بمراجعة المختبر الفلانى والا فلن تكون هناك اهتمام به او شراء الادوية من الصيدلية الفلانية وبس لان ادوية هذه الصيدلية فعالة وهى منتجة فى معامل خاصة فى المريخ والبقية مصنوعة فى العكاشات او غيرها وهى غير مجدية . لماذا لان الاطباء اصبحوا تجارا ايضا وهم يملكون مختبرات وصيدليات يديروها اقربائهم وذويهم .
فى كل الامور وحتى فى الشارع فشرطة المرور الذى يقف فى الحر والبرد وفى كل الفصول فى الشارع لخدمة الشعب والحرص على سلامتهم من الحوادث لن يتمكن من تطبيق قانونه الا على الفقراء المساكين الذين لاحول لهم ولاقوة اما سيارات المسؤولين فى الدولة والاحزاب فلا تشملهم القانون ولن يتمكن شرطى المرور من تطبيق القانون عليه ، السيارة واقفة فى مكان غير مسموح لمدة ساعة او اكثر ولا احد ينذره لانها سيارة مسؤول او احد ذوى المسؤول وعندما تقف سيارة اخرى لانسان عادى هناك ستدق له عشرات الصافرات من شرطة المرور فى تلك المنطقة وعندما يسأله الفقير عن السيارة الاخرى المركونة يقول بكل صراحة لا اقدر عليه انه مسؤول . هذه هى دولة العراق الديمقراطية الجديدة وهذا هو الفساد الذى دب فى المجتمع ووصل الى النخاع ولايمكن استأصاله بسهولة . الموظف الجالس فى المكتب الوظيفى والذى يجلس مدة 7 ساعات وليس له عمل سوى شرب الجاى او القهوة او المثلجات وهو عاطل لايملك معاملة لانجازها اليس فسادا ؟ واذا ما شاءت الاقدار ان اتته معاملة لمواطن فانه يتعامل مع هذا المواطن معاملة متعجرفة وكأنه اتى من مجتمع اخر وليس من بنى قومه او مدينته او قريته وهو يتعامل مع هذا المواطن بذل وهوان وكأنه من السماء والمواطن الفقير قادم من الكهوف ويتعالى عليه وقد يؤخره من اجل هامش او توقيع مدة ساعات ، او السادة مدراء الدوائر حتى الدنيا عدا الاعلى فهذا مقدس ولا يمكن التحدث عنهم اذا ما تم مراجعته من قبل مواطن عادى ولايعرفه يطلب من سكرتيره او سكرتيرته الشقراء الباسمة ابلغه انا فى اجتماع وليأتى يوما اخر علما قد يكون يجالس صديقا له ويشربون الجاى ولايريد لاحد ان يعكر له صفو جلسته . وهذا عكس انسان اخر يعرفه فانه يستقبله على الفور وينادى على موظفيه ويطلب منهم انجاز معاملته فورا ويبقيه معه فى غرفته ويؤانسه كى لايصيب صديقه او صاحبه الملل او الضجر ، هاهو عراقنا اليوم وها هى ديمقراطيتنا الجديدة سواء كانت توافقية او انسجامية او ديمقراطية محاصصة كما يسمونها يساسيونا .
قبل ايام زارت كامرة قناة فضائية عراقية اسر فقيرة وعدومة تسكن معسكر تدريب الجيش العراقى سابقا فى محافظة النجف او كربلاء بعد تدمير المعسكر بعد الاحتلال الامريكى للعراق ومجموعها حسبما اعتقد 63 عائلة محرومة من كل سبل الحياة العصرية ، قالوا بان مكتب الوقف الشيعى قد ابلغونا بترك هذه الخرائب مدة 10 ايام لتحويلها الى مدرسة للحوزة العلمية الدينية مثل الحوزة العلمية فى قم الايرانية وغيرها واشتكوا من امرهم وطلبوا من الحكومة ان تراعى اوضاعهم فاين يمكنهم ان يذهبوا وليس لهم مأوى ولا ارض ولاشئ وهم من ابناء العراق الفقراء . ومن خلال متابعتهم للجهات المعنية تبين ان مجلس الوزراء وبالذات السيد رئيس الوزراء نورى المالكى وافق على منح هذه الاراضى التى تبلغ 180 دونما للوقف الشيعى كى تبنى عليها مدرسة للحوزة العلمية وهذه خطوة جيدة من مجلس الوزراء فى حملتها من اكثار دور ومعاهد العلوم الدينية والعلمية والانسانية وغيرها للنهوض بالواقع العلمى فى شتى المجالات . ولكن الامر المثير فى الموضوع ان مدير مكتب الوقف الشيعى قال بالحرف الواحد نحن جهة لايعنينا مشكلة هذه العوائل ولسنا معنيين بتعويضهم او ايجاد علاج لهم ، اما جواب رئيس البلدية على هذا السؤال كان عندما كانت الاراضى مسجلة لنا كانت عائدة لنا ولكن الان لقد سجلت باسم مكتب الوقف الشيعى وليس لنا علاقة بامر هذه الاراضى والمقيمين عليها . فالسؤال الان لمن يعود امر تقرير مصير 63 عائلة محرومة وفقيرة هل من الانصاف القائهم فى عراء الصحراء بدون مأوى ومسكن حتى ولو كان بسيطا او بناء مجموعة من الاكواخ لتقيهم من حر الشمس او برودة الصقيع ، اليسوا مواطنين عراقيين ينتمون لهذا الارض . والسؤال هنا اذا لم تكن مجلس الوزراء ولاالبلدية ولا مكتب الوقف الشيعى مسؤولا عنهم فمن يمكن ان يكون مسؤولا عنهم ، محافظة اخرى او دول الجوار العراقى ، فى الوقت الذى يصرح رئيس الوزراء ليل نهار على الفضائيات والمقابلات الصحفية ان خدمة المواطن هو الاولوية فى مهامى فاين هذه الاولوية الان تجاه هؤلاء وقد يجوز المئات الاخرى ممن يعانون مثل هؤلاء ، الذين اضطرتهم ظروف الحرب والهجرة والتهجير القسرى والارهاب الى النزوح لايجاد ملجأ لهم ولاطفالهم . المهم كل طرف يحقق هدفه وامر الاخرين لايعنيهم مثلما تفضل السيد مدير مكتب الوقف الشيعى عندما قال ستصبح هذه الاراضى منطقة متحضرة وسيعمل من خلالها الاف العاملين ونبدد البطالة ببناء هذه الحوزة وكأنه به يبرر امر القاء هولاء المسكين الى العراء بتشغيل المئات من العاطلين عن العمل فمكتب الوقف الشيعى معروف بامكانياته المادية الضخمة ماذا لو قامت بمساندة ومساعدة هذه العوائل بالاتفاق مع الجهات الحكومية فى الدولة من محافظة وبلدية ومجلس الوزراء والوزرات المختصة ألا يعتبر امر القاء عشرا العوائل فى العراء شأنا مهما لمكتب الوقف الشيعى والا فاين ذهبت ادعائهم بانهم ملك لملايين المجاهدين من اجل ال البيت والفقراء والمعزوين .
لن تنتهى قائمة مهما ادرجت لان ظاهرة الفساد اخذت كل ناصية وكل مفاصل الحياة العراقية ودخلت الى النفوس والى الوجدان والضميروانهيت روابط الالفة والمحبة والشعور بالمشاركة المجتمعية فى السراء والضراء . وكما انفت فلن تكون هناك من نهاية للفساد بانواعه الا ب :
1 / مبادرة كل الاحزاب السياسية العراقية الى المصالحة وتصفية النيات وتنسيق المواقف وايجاد الثقة المفقودة بين القوى العراقية المختلفة بسبب اختلاف المواقف والامتيازات وان يفكر الساسة ولو لمرة واحدة بامر بسطاء الشعب العراقى المسكين الذى ما لبث ان خرج من مأزق والا وجد نفسه فى وضع اخر اشد قسوة من ناحية عدم توفر العدالة الاجتماعية ووطئة ضنك العيش والجدالات والاختلافات على الصيغ والناصب والمراكز .
2/ ان توعز هذه الاحزاب الى ممثليها فى البرلمان العراقى الى التكاتف والانصياع للنظام الداخلى للبرلمان كى يتمكن من فرض ارادته اداء دوره الطبيعى فى تطبيق برنامجه المتعلق بالنهوض بدوره الرقابى الفعال فى معاقبة المفسدين والمخطئين والمسيئين فى مؤسسات الدولة العراقية وايجاد الية لمحاسبة الجهة السياسية التى تدعم المسئ والمخطأ والداعم للمنافقين واللصوص فى مؤسسات الدولة .
3/ قيام البرلمانين الاتحادى والاقليمى لاقليم كرديتان باستصدار قانون الاحزاب السياسية ووضع ضوابط واليات محكمة تمنع الاحزاب السياسية من التصرف وفق اجنداتها المصلحية الحزبية عند ترشيح اناس لمناصب ومراكز حكومية وان يكون للبرلمان صلاحية التدقيق فى صلاحية الشخص المرشح من الاحزاب من حيث الاهلية والنزاهة والخبرة والادء الوظيفى وان يكون له صلاحية رفض المرشح الذى الغير الكفوء او الذى لاتنطبق عليه شروط النزاهة والكفائة؟
4/ تقوية هيئة النزاهة والعدالة ودعمها وحمايتها من ميليشيات وافراد المسؤولين الذين يعملون وفق توجيهات مسؤوليهم باغتيا ل وقتل الذين يتولون مهمة الجهاد ضد الفساد من هذه الهيئة .
5 / تفعيل دور منظمات المجتمع المدنى المستقلة والغير المشكلة من قبل الاحزاب السياسية ، وان يكون هناك ظوابط دقيقة عند تشكيل هذه المنظمات وعد منح موافقات عمل للمنظمات المرتبطة بالاحزاب السياسية وكما نراه اليوم فى العديد من المناطق حيث تتواجد العشرات من منظمات المجتمع المدنى وهى جامدة لا تأتى بعمل مجدى وتتقاضى مساعدات مالية من السلطات وكأن الفساد قد اصابها ايضا .
6 / توجيه وتثقيف الشعب بمدى خطورة الفساد والرشوة وجعل الشعب مطمئنا بانه لن تطال اليهم يد الغدر عند الابلاغ عن حالات اخذ الرشوة او الاحساس بوجودها فى مؤسسة ما .
وختاما لهذا المقال نود ان نرى عراقا مزدهرا تشيع فى ارجائه الحرية والديمقراطية والرفاه والعيش الكريم والامن لكل بقعة من الارض العراقية وان نرى مشاريع التنمية والخدمات تجرى بقدم وساق وبنيات صافية وبتوزيع عادل لكل المناطق وارساء وبناء اسس متينة لقاعدة اقتصادية وبالذات بناء قاعدة صناعية وتهيئة ارضية جيدة لنهوض زراعى شامل فهو الاساس الاولى لاسترداد العراق عافيته الغذائية ولنكن مصدرين وليس موردين حتى لاتفه الانواع من الخضار والفواكه من الخارج . ان الدول المجاورة للعراق لن تنهى تدخلها فى العراق الا بتقوية ورص صفوف القوى والاحزاب السياسية وعلى البرلمان البرلمانين العراقيين ان تزيد من تأثيرها وتحقق فى امور كل حزب او جمعية او رابطة تعمل باجندات خارجية او تتلقى تمويلا من دولة مجاورة او غير مجاورة وان تحيلها الى الجهات المعنية لاتخاذ اشد الاجراءات بحقهم او حل هذه الجماعات والحظر عليهم كونهم اداة اعاقة وتأخير وتدمير لاقامة نهضة تنموية شاملة تعيد للعراق وجهه الحضارى السابق ودوره الاقليمى والعالمى فى الاحداث السياسية الدولية .





#عبدالله_مشختى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا نتعمد تشويه الحقائق لاغراض سياسية ؟
- 1أيار عيد العمال العالمى
- حكومة الحدباء النجيفية جاءت لتحارب الكرد والحركة الكردية
- محمود عباس فى احضان كردستان
- العراق بعد 6 سنوات من التغيير
- زيارة عبدالله كول ...... والملف الساخن
- هل ان التمثيل النسبى للنساء داخل الاحزاب اليسارية والعلمانية ...
- كيف يمكن تهيئة مجتمعاتنا لكى تنظر الى العمل من اجل مساواة ال ...
- دعوة حزب البعث الى المشاركة السياسية بين الرفض المجتمعى ورغب ...
- تهنئة الى المرأة العراقية فى عيدها الجديد
- لن يكون هناك حرب بين العرب والكرد بالفهم الذى تفهمه وتفسره ا ...
- الحوار التركى الكردى بداية جيدة لحوارات اخرى
- اقليم كردستان والانتخابات المقبلة
- ما اثر الانتخابات المحلية الجارية على الخارطة السياسية العرا ...
- تشافيز فاز فى السباق مع العرب
- المفارقات فى مواقف دول المنطقة من احداث غزة
- اين انتم يا معشر العرب من المجزرة الجديدة؟
- من المستفيد من معاداة المواقف السياسية الكردية؟
- لماذا الان مطالبة العراق بدفع تعويضات وديون حروب النظام السا ...
- هل تحولت الثقافة العراقية الى ثقافة للاحذية؟!!!!!!!!!!


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله مشختى - عن اى فساد نتحدث ؟