|
إيقاعات تغازل دموع الفرح
حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 2647 - 2009 / 5 / 15 - 07:12
المحور:
الادب والفن
إنعطف عن الطريق من كان برفقتي لحظة شروعنا بولوج فضاءات جديدة ، لمسيرةٍ ... تهيبوا خطواتها من أول وهلة . حاولت ُ إقناعهم بضرورة المضي الى الأمام بتفائل ٍوثقةٍ ، فأبواوتركوني وحيداً أُصارعُ الأهوال ، وأدفع الشك من التسرب الى نفسي . مُستعيناً بإيقاعات ِ مزماري الّذي لملمَ إرادتي وشجعني على المسير قُُدُماً . حدث ذلك عند مفترق شوارع عريضة ٍ تمرق فوق إسفلتها الناعم عربات سباقٍ ٍ حديثة في تفاصيلها ، غريبة في هياكلها وكأنها لا تعود لكوكبنا ، أو تسللت من عوالم المستقبل . تخترق المجال بسرعة فلا تسمح لأحدٍ بالإنتقال الى الطرف الآخر من الخط السريع إلا بإعجوبة ٍ نادرة . جاهدتُ في العبور بين تقدم ٍ جسور وتراجع ٍ خذول ، حتى تمكنتُ بصعوبة ٍ من الوصول الى الجانب الثاني من الطريق ، في معركةٍ تخاذلَ فيها اليأس ُ منهزماً .
* * * تنفستُ الصعداء وسرتُ من جديدٍ في مواجهة فضاءٍ ضبابي كثيف لأقف مندهشاً أمام حافات مقالعٍ حجرية ٍ ومناجم ٍ مترامية الأطراف ، تتصاعد من مواقدها السنةُ لهبٍ ودوامات ٍ من دخان ٍ اسود . كان ثمَّة َ مكائنُ وآلات ٌعظيمة الحجم تعمل وتدور في هبوط ٍ وصعودٍ متوالٍ . ودورانٍ سريعٍ حول حفرة ٍ واسعةٍ تغمغم ُ فيها فوّهات براكين ٍ تنفثُ بالحمم . دفعتني رغبة ٌ جنونية ٌ عاقلةٌ لإجتياز تلك الحفرة بجرأةٍ وحذر . وأنا أتلمس ببنان أصابعي مزماري الّذي كان يبعثُ مع نبضات قلبي عزفاً شجياً يوحي لمخيلتي إيقاعاتٍ لونيةٍ وشميةٍ لزنابق حمراء وشذى نرجس ٍ قادم ٍ من أصقاع ٍ بعيدةٍ وأزمنةٍ تغور في عمق التاريخ ، تُغريني لإتجاهٍ يقطع حيرتي في البحث عن منفذ ٍ للإختراق ، فترمي ببصري صوب سُلَّم ٍ حديدي . وضعتُ قدمي بثباتٍ على أول السُلّم لعلي أجد درباً سالكاً من بين تلك المواقد المستعرة التي كانت تمد بالسنة نيرانها لمنعي من تجاوز المكان . نبذتُ الخوف والحيرة بالرغم مما يحيطني من أخطارٍ ، وكأني أعلمُ الى أين إتجاهي ومقصدي . وصدقَ حدسي تماماً حين لمحتُ شيخاً وسيماً تضئُ عيناهُ ببريق الأمل ، يزيّنُ جبينه وشاحٌ يشعُ ألواناً لإشاراتِ مرورٍ حمراء خضراء صفراء , وهو يعمل بنشاطٍ دؤوب ٍ فوق ماكنة ٍ عملاقة ٍ ليس لها نظير . أومأ إليَّ بنظرة ِترحيب ٍ وأخذ بيدي مبتسماً ، فصعدتُ ظهر الماكنة التي دارت بنا دورةً كاملة حول مواقد النار . إرتفعتُ بسلام ٍ من تلك الحفرة الملتهبة ، فوجدتُ نفسي بمحاذاة الشمس البرتقالية وهي تجفف خصلات شعرها الذهبي بهدوء ٍ عند الزاوية القائمة بينها وبين الماء، لتوزع بسخاء ٍ إبتساماتها على أطراف النهار الجديد . * * * كنتُ أجدفُ بالقرب من قرصها زورقاً شراعياً برفقة أسرابٍ من نوارس بيض ٍ وتسير ُ بي الأمواجُ الهادئة نحو اُناس ٍ ليسوا بأغراب ٍ عن ناظري . يلوّحون لي بمناديلهم الزاهية بألوان أشرعة مراكبهم التي كانت بإنتظاري قرب شاطئ ٍ تداعب رماله الندية عذوبة نسائم الفجر في إحتفال ٍ بهيج ٍ ، وكلٌ يعانقني بإشتياق ٍ مهيب . إحتل كياني إحساسٌ جميلٌ بميلي نحوهم ، وشعرتُ بالزهو وأنا أقرأ دموع الفرح في مآقيهم . * * * من خلال تلك المسيرة التي إستوحشها من كان برفقتي ، أدركتُ كم هوَّ رائعٌ ان تمتلك مزماراً يعطيك الأمل ، وتهديك إيقاعاته الى شواطئ الفرح ومرافئ الأمان . ـــــــــــــــــــــــــــــــ حيدر الحيد ر ــ 2005 من مجموعتي القصصية ( أصداء تدوي في فضاءات أحلامي )
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليلة القبض على حمورابي
-
لا... انها ليست كفي !
-
ما قيل عن فراسة المارشال
-
الزائر الغريب ما عاد غريباَ
-
العجوز لمْ تمت بعد /قصة قصيرة
-
ما زلت بيننا يا عادل كوركيس
-
قصص قصيرة جداً
-
البحث عن الحقيبة الضائعة
-
اسم الوليد القادم ابوذر
-
الغراب وبيض العصافير
-
رحلة الصعود / قصة قصيرة
-
نابو / مسرحية
-
الوردة البيضاء تغني / قصة قصيرة
-
ماء يتدفق من بئر بترول
-
النبع العظيم في الارض الطيبة / مسرحية للأطفال
-
هذيان عند أطراف السماء
-
الضباب في امريكا / مسرحية
-
العجوز الشمطاءعند خط الشروع / قصة قصيرة
-
نهاية الثعلب الماكر / مسرحية للاطفال
-
أنا.. وأنا
المزيد.....
-
شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا
...
-
تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O
...
-
مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم
...
-
تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
-
فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى
...
-
بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين
...
-
ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
-
فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
-
أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب
...
-
-يونيسكو-ضيفة شرف المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|