أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حامد حمودي عباس - من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكروه ؟؟














المزيد.....

من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكروه ؟؟


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 09:04
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    



لن أكون مضطرا لاستخدام اسما مستعارا لصبية اسمها الحقيقي ( صبيحه ) .. سمراء من بنات العراق ، كانت دار سكناها لا تبعد عن سكني الا امتار قليله ، وما كان يميزنا عنها هو ان دارها لم يقدر لها ان يكون موقعها على خط انبوب الماء الآتي من مشروع البلديه .. كانت صبيحه تزورنا مرتين خلال اليوم على الاقل للتزود بالماء ، وخلال زياراتها تلك تنشط في مشاطرة زوجتي عملها المنزلي قدر ما يسمح لها الوقت ومن باب ابداء العون التطوعي لا غير ، الحياء يطغي على ملامحها فيجعلها تتكور جنب الجدار حينما اضطر للمرور بالقرب منها قاصدا اتجاها ما ، حاولت جاهدا أن أثنيها عن تمسكها بالشعور بالحرج حيال رجل هو في سن والدها فلم أفلح ، سألتها مرة هل سبق لها دخول المدرسه ؟ فلم تجبني واكتفت بهز رأسها بالنفي ، كنت ألح بالتقرب منها كي استطيع انقاذها مما سمعته عنها بانها ضحية أخ عرف بسطوته في المنطقه ، فلم يكن يسمح لها بالاختلاط باقرانها من الفتيات ولاي سبب كان رغم صغر سنها ، عدا عن كونه كان مضطر للسماح لها بالتردد علينا تحت ضغط حاجته للماء ..
مرت الايام مسرعة حتى حل زمن تبعثرنا خلاله هاربين من نيران الجيش ، وهو يغزو مناطق الجنوب لاطفاء انتفاضة الفقراء بعد احداث غزو الكويت ، ولم أكن أعرف سببا وجيها لكون ان افراد عائلتي جميعهم كانوا قلقين على مصير صبيحه ، وبعد ان عدنا الى دارنا حين انطفأت النيران قمنا خلال اول بحث لنا عن بقايانا في المنطقه بالتوجه لدار صبيحه لنعلم عما حل بها ، فلم نجد غير دار خاوية من اهلها لا يتحرك في داخلها شيء حي ، وكانت هي المرة الاولى التي دخلت فيها الى تلك الدار متخيلا صورة الحياة التي كانت تحياها تلك الفتاة السمراء الخجولة ، جدران يعلوها سخام اسود وبقايا من صور تمزق نصفها للاولياء الصالحين ، وسلاسل تتدلى بغير انتظام علق على واحدة منها كف صنعت من الخشب المطلي باللون الازرق .. استفسرت من أحدهم عن أهل الدار فبدا لي غير مهتم حين قال ، ذهبوا بعيدا عن المنطقه ، الححت بالسؤال علي احصل على ما يشفي فضولي ، فقال لي الرجل وعلامات الخوف بدأت تغزو ملامحه .. غادروا المنطقه بعد موت صبيحه .. صعقت للخبر وتقربت من الرجل اكثر لمعرفة الحقيقه ، أحس بأمر اهتمامي بالموضوع فقال لي وهو يلقي بجسده مستندا على كتفه على جدار الدار .. صبيحه قتلها اخوها بخنجر بعد أن عيرها ابن فلان وهو طفل في سنها بانها عشيقة فلان وهو الابن الاخر لعائلة تسكن قريبة منها ، وعندما بلغ الخبر للاخ استشاط غضبا وحمل خنجرا كان قريب منه فطعن الصبية في صدرها وبطنها لتفارق الحياة بعد لحظات . أحسست بثقل مفاجيء هبط على صدري فانحنيت للامام لاتكيء على جسد الرجل المتهاوي هو الاخر على الجدار ، كيف حدث ذلك وفي غضون ايام قليله هي التي فصلتنا عنها ؟ .. ولماذا لم تهرب عائلة صبيحه مع بقية العوائل تحت تهديد نيران المدفعية الغاضبه من ثورة الفقراء ؟
لم يجبني أحد.. غير انني علمت بعدها بأن الكثير من سكان المنطقه كان مأواهم الحواري القريبة من دورهم ولم يبعدوا عنها كثيرا ، وحين يهدأ القصف المدفعي ليلا يعودون لمنازلهم وهم على أهبة الاستعداد لمغادرتها في أية لحضه .
كان حزني كبيرا للغاية على تلك الصبية ، وكذلك بناتي اللواتي كن في سنها ، فكثيرا ما تسامرن معا عند تواجدها في الدار للتزود بالماء .. ولا أعرف تحديدا لماذا بدأت أجسد قضية تلك الفتاة في كل شأن تكون المرأة ضحية فيه . وأجدني في كثير من الاحيان وخاصة عند استرجاع ذكريات ذلك الجو العابق بكل ما هو مكروه ، أيام كان العراق فيه مهووسا بابنائه يضرب بهم ويضربون به عرض نوائب لا تريد أن تنتهي ، أجدني مختصرا في بوتقة يحاصرني فيها حساب النفس مع أنني لم اذنب بحق أحد .. أحيانا احاسب نفسي على هويتي وانتمائي القومي لامة تأكل ابنائها بلا رحمه ، واتخيل بشيء من التفنن في تشكيل خيالاتي ، كيف روى لي أحدهم واحدة من مشاهداته على طريق الحله بغداد ، حينما قام الجنود برصف الناس ليقسموهم الى عدة خطوط ، وكيف كانت رصاصات الموت تحصد الخط الاول ومن ثم الخط الثاني وهكذا على التوالي حتى انتهت المهمة ، وتحتبس انفاسي في داخلي عندما جسد لي ذلك الناجي من تلك المجزرة كيف كان الضحايا يهوون على الارض بغير انتظام ، وكيف ترك الجنود مكان لهوهم وغادروا مسرح الاثم ، تاركين اجساد تملك عشرات الحكايا الانسانية ، وأسر قد تنتظر رزقها بعد عودة احدهم الى بيته . وفي كل مرة احمل فيها وطني واضعه امامي من خلال مخيلتي والتي لا تحمل غير بكائية مزمنة ، أرى ( صبيحة) هناك .. اسمع طقطقة قدرها وهي تحاول ان تنظفه قبل التزود بالماء ، ومن يدري ؟؟ .. فربما جزء كبير من هذا الماء يذهب في كل مرة لتلبية حاجات الاخ القاتل ..
ماتبقى لدي من حكاية الشهيدة صبيحه ، هو أن اخاها بعد ان قضى حكما مخففا بالسجن عن جريمة لغسل العار ، هجر امه المسنة وابنها الاصغر ليستقر في محافظة اخرى هربا من عار حقيقي أصر على ملاحقته اينما حل .





#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هو السبب في انقراض حضارتنا ، كما يقول أدونيس ، وماذا علين ...
- هكذا يعاملون نسائهم ... وبهذه الطريقة نعامل نحن نسائنا .. فه ...
- ألمشهد العراقي من خلال بيان نيسان للحزب الشيوعي العراقي .
- منابر ألفتوى ألدينية وعواقب اجترار ألتاريخ ألبائس
- تجليات فكرية من وحي الواقع .
- معهد ألفنون ألجميلة في بغداد .. مهدد بالاغلاق وتحويله الى مؤ ...
- ألمهندس سلام أبراهيم عطوف كبه .. ومحنته مع وزارة ألهجره وألم ...
- مصادر فكر ألتنوير .. وضرورات ألتوحد لكسر شوكة ألمقدس .
- الاستاذ منير ألعبيدي وعقلية ألمثقفين ألحزبيه .
- أبشروا بزيارة قريبة لامير ألمؤمنين من ضواحي أفغانستان الى أل ...
- هل حقا أن أمتنا قد دخلت مرحلة ألانقراض ؟!
- آن ألاوان لاحياء ذكرى ألخالد فهد ورفاقه ، وتأسيس متحف يحكي م ...
- أنا والامام ألعباس .. وألطواشه !
- ألشيوعيون في العراق .. رموز نضالية عالية ألشأن لا تطالهم رمو ...
- سيبقى ألحزب ألشيوعي ألعراقي لونا مبهرا في نسيج ألحركة ألنضال ...
- أيها ألعراقيون .. لا تستغفلكم دعوات ألمصالحة فتعودوا ضحايا م ...
- مع خالص تحياتي للمرأة ألنموذج بيان صالح .. ألمرأة في بلادنا ...
- حجر آخر ..في المياه الراكدة للحزب ألشيوعي ألعراقي .
- أحمد الامير في قبره .. لا زال ينتظر مع ألجواهري ورفاقه قرار ...
- لندع أقلامنا مجندة من أجل صنع ألحاضر وبناء ألمستقبل .. تأسيس ...


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - حامد حمودي عباس - من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكروه ؟؟