أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أثرياء بلدتنا















المزيد.....

أثرياء بلدتنا


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2646 - 2009 / 5 / 14 - 08:58
المحور: كتابات ساخرة
    


أثرياء بلدتنا يشبهون جداً الأثرياء في عصر المسيح , أو كأنهم هم , وهنالك فئة إجتماعية أخرى منهم تشبه إلى حد ٍ قريب الذين جاؤوا بالزانية إلى المسيح لكي يرجمها وهم أكثر منها زناَ.
الأمر اليوم متعلق بأثرياء بلدتنا الذين يضنون أن الثقافة شيء تافه وأن مؤسسات المجتمع المدني أكثر تفاهة من الثقافة نفسها , فهم لا يدعمون المثقف في بلدتنا ولا (نكله حمرا) ولا (هلله) ولا (ملين) ولا (قرش) ولا (فلس أحمر) ولا (قرش ساغ) حتى أنهم لا يدعمون الجمعيات الخيرية أو الأندية الرياضية , وتزيد الدولة والحكومة من فرص ثرائهم , وتعمل بنفس الوقت على زيادة تراجع المثقف ومؤسسات المجتمع المدنية .
أثرياء قريتنا يجلسون في الصباح على أبواب بعض المحلات من أجل النظر إلى الناس والتعليق عليهم أو من أجل إصطياد الحكايات المثيرة عن فلانه وفلان وعن إشعيط ومعيط ونطاط الحيط , ويجترون الأحاديث الايومية إجتراراً , وكأنهم ابقار مجترة أو جمال تجتر الطعام إجتراراً , فهذه الحكاية التي سمعتها منهم اليوم نفس الحكاية التي سمعتها منذ زمن بعيد أو من أثرياء غيرهم , فهم يدعون الناس إلى الإقتصاد في المأكل والملبس والمشرب وشعارهم طبعاَ هو : (إللي معهوش ما بلزمهوش) وهيك بصير مجتمعنا مجتمع سوي ومتكافل , طبعاَ هم لا يقولون هذا الكلام عبثاَ ولكن من أجل أن لا يدفعوا لأقربائهم المعوزين أي شيء , والرجل الغلبان إسمه عندهم هامل لازم ما حداش يقرب عليه على شانه هامل , والمقصود ليس لأنه هامل بل لأنه غلبان ومعوز وإذا إقتربوا منه فهذا يعني إنهم بدهم يمدوا له يد العون والمساعدة .
أثرياء بلدتنا يجلسون على أبواب الدكاكين صباحاَ , ويقولون (كل إنسان لازم بس يبلش في حاله) وهذا الشعار أيضاَ مش على شان يبلشوا في حالهم ,لالا , ولكن من أجل أن لا يشاركوا الناس أفراحهم , لأن المشاركة في الفرح تريد (نقوط) وتكلفة , أما يا حبيبي على أثرياء بلدتنا إذا مات شخص معين , فإنهم سرعان ما يهرولون إليه هرولة ويهيلون عليه التراب لأن المسألة غير مكلفة , ويقولون للفقراء تفتحوش بيوت عزاء على شان سُنة محمد عليه الصلاة والسلام تكره فتح بيوت العزاء , طبعاَ هو على شان التكلفة المالية فإذا كان الميت قريباَ لأحد الأثرياء منهم , فإن ذلك يستتبع عليه إمدادات مالية , هو في غنى عنها .
أثرياء بلدتنا ليسوا لصوصاَ وأنا أشهد بل جمعوا ثرواتهم بتعبهم ونضالهم وعرق جبينهم , بس في ناس إكثير تعبوا أكثر منهم وما جمعوش أي شيء .
أثرياء بلدتنا وما أدراك ما أثرياء بلدتنا ؟: إنهم يصطادون الغلبان والمسكين من أجل أن يغسل سيارتهم أو من أجل أن ينظف (حاكورتهم- الجنينه) وقد سمعتُ اليوم من واحد منهم كان قد فتح معي موضوع الشاب اليتيم الغلبان (تركي) الذي ماتت أمه وتركته لزوجة الأب التي تطرده من المنزل ..إلخ وإدعى لي هذا الثري أنه قام بإستئجار (تركي) من أجل غسل سيارته ولكنه أخطأ جداَ , فطرده ولم يعطه أجراً لأنه لا يستحق ُ أكثر من الفطور أو العشاء الذي أعطاه إياه , فقلت له _أنا طبعاَ-: يا رجل هذا مسكين الله لو أعطيته خمس دنانير بدعيلك بالخير , وإذا ما دعالك بالخير , مثل ما إبتعرف الله شايف وعارف , رايح إيجازيك .
فقال لي :
يا أبو علي إنت طيب وعلى نياتك , ما إبتعرف هيك إشكال , هذول خسيسين ما بستاهلوا الخير , العام جبته وجبت أخوه على شان ينكشولي الحاكورة والله ما يومين وهمه بشتغلوا فيها دون ما يعملولي فيها أي تغيير .
فقلت : يا رجل البلد كلها ما فيهاش تغيير هو هسع التغيير بده إيصير عندك إنت بس.
فضحك من كلامي وتبسم وقال إنت مسكين يا أبو علي وقلبك طيب وإنسان عفوي جداَ وإللي بقلبك على راس إلسانك , بس هذول لالالا.
ما علينا ..ما فيش مشكله , (ما علينا يا حبيبي ما علينا من كلام الناس) بس والله العظيم إشي بوجع قلبي من جوى لا بدفعوا للمساكين ولا بدفعوا للمظاليم , ولا بساعدوا الدولة الأردنية , هذا الوطن بده سواعد بده إرجال إللي تحميه , أنا مثلاَ بحكي عن نفسي شو بدفعني لليسار أو للقسوة أحياناَ على الوطن إلا أولئك الذين لا يدفعون حتى لي ولا فلس أحمر , وأذكر مرة أن كتابي بقي في المطبعة سنة ونصف بسبب نقص في تكلفة الطباعة تقدر بألف دينار أردني , وذهبت إليهم جميعاَ من الذي يملك مليون إلى الذي يملك 13مليون من أقربائي العلاونه , ولا واحد فيهم أعطاني فلس أحمر , فقلتلهم ول ول إعتبروهن صدقه , فقالوا لالا الكتب شيء مش مفيد أما إبنعطيهن لواحد ثاني بحاجه أكثر منك , علماَ أنهم لم يعطوني ولم يعطوهم .
أثرياء بلدتنا قريتنا , هم مثل أثرياء القرى المجاورة لنا , وكأنهم قرأوا وتعلموا على شيخ واحد , أو أن الدولة تقوم بالسيطرة على السيولة المالية ومصادر المصالح التي تنتج الفلوس, على شان هيك كل الأثرياء في بلدتنا وفي البلدات المجاورة تخصصهم هو واحد .
حتى أن كل أثرياء المدينة يشبهون في الشكل والمضمون والجوهر كل الأثرياء , وأثرياء العاصمة مثل أثرياء المحافظات والقرى الأخرى , إنهم لا يساعدون الدولة ولا الحكومة ولا يساهمون في تجفيف منابع الفقر والفساد .

ولو فكرنا في الموضوع أكثر نجد أن الأثرياء في الأردن هم مثل الأثرياء في سوريا , وفي العراق والسعودية ومصر والخليج العربي والمشرق العربي كله, إنهم نفس الأحبار الذين عاصروا المسيح , كان المسيح يبحث عن شريعة الحب والمساواة والعدالة كان لا يريد أن ينقض الناموس وإنما كان يريد أن يتممه , بالصلاة لنا جميعاَ بالخلاص الأبدي من التعب والظلم والإرهاق , كان المسيح يشبه وجهه وجه المتنورين العرب اليوم , الذين يريدون ما لقيصر لقيصر وما لله لله , اليوم نحن نريد أن نأخذ الذي لنا وأن نعطيهم الذي لهم , نريد فرحة كبيرة وأصابع يدين ناعمتين تمتدُ نحونا من فوق الأكتاف تضمنا وتحرقنا وتلسعنا بنار شوقها , نريد بيتاَ كبير يتسع لي ولكم ولهم , بيت كله حب وحنان وعطف وتضحية وبطولة , ومكان تحت الشمس وسرير ناعم , ومرجوحة عيد وكعكة عيد , وشارع تتشابك به أصابع العشاق بدل أن تتشابك به الأسلحة الفتاكة .
أثرياء بلدتنا سيلعنهم الله واللاعنون يوم القيامة , أثرياء بلدتنا سيحرقون بالذهب والفضة التي يكنزونها ولا ينفقونها لا في سبيل الله ولا في سبيل الحب ولا في سبيل الإنسانية , أثرياء بلدتنا سيسحبون علة وجوههم (ذوقوا مس سقر) أثرياء بلدتنا سيحرقون في (نارِ وقودها الناس والحجارة أعدت للظالمين ) أثرياء بلدتنا لن يدخلوا ملكوت الرب , وإذا ما كان حدى منكم إمصدقني فخليه إيروح يسأل البابا , طبعا ً بابا روما , مش بابا عبده البواب , يسألوا بابا روما رايح يحكليكم نفس كلامي (لن يدخلوا الجنة حتى يلجَ الجملُ في سِم ِالخياط) , أثرياء بلدتنا سيمسهم عذاب أليم :(يوم تُبدل الأرضُ غير الأرض وبرزوا لله الواحد القهار , وترى المجرمين يوم إذن مقرنين بالأصفاد سرابيلهم من قطرانٍ وتغشى وجوههم النار) طبعاً أنا ألآن صرت أحكي بلهجة دينية على شان هذا الكلام إللي بآمنوا هم فيه , وأنا متأكذ إنهم عمرهم ما قرأوه , بس أنا بقرألهم إياه .
أثرياء بلدتنا مثلهم مثل سحابة صيف لم تمطر ,ومثل إنسان بده يعطس وما عطسش, أثرياء بلدتنا بدهم يتاجروا في لحوم وعظام الفقراء فكرياً وسياسياً دون أن يدفعوا شيئاً , يريدون يوم الإنتخابات أن يصوت الفقراء لهم ولأبنائهم , ولكن سُحقاً , والله ما بعطي ولا واحد فيهم اي صوت .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنه حلوه يا جميل
- اللغة ألعربية لغة فقيرة
- غداً 12-5-1971م عيد ميلادي
- الأدباء الذين لا يتبعهم الغاوون
- الميكانيكا الأمنية : تحديد مفاهيم
- أين ضاع الطفل الأردني (ورد)؟تحديات أمنية مستقبلية
- أنا متورط
- ضاع العمر
- على شان شفة فودكا
- مشاجرة بين مسلم ومسيحي
- الخوري يستحم
- رسالة إلى بابا روما بمناسبة زيارته الأردن2009م
- أخطاء إملائية أم رسوم قرآنية ؟
- كلب إفرنجي أفضل من وزير عربي
- الوضع في الدول العربية طبيعي جداً
- نظراتي كلها جنسيه مش نظرة واحد عموه
- كاتب الشعر وكاتب الرواية
- شيخ الإعلان المُضلِل
- تطوير الإستبداد العربي
- بدي سيجارة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - أثرياء بلدتنا