أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعدون محسن ضمد - حارس مرمى














المزيد.....

حارس مرمى


سعدون محسن ضمد

الحوار المتمدن-العدد: 2644 - 2009 / 5 / 12 - 08:56
المحور: كتابات ساخرة
    


لم يسمح صديقي لزوجته بمراجعة طبيب مختص بعلاج مرض تعاني منه، وأجبرها بالتالي على الاكتفاء بطبيبة الأمراض النسائية.. فعل ذلك وهو يعلم جيداً بأن مرض زوجته خطيرولا يدخل ضمن اختصاصات الطب النسائي.. المفارقة أن صديقي هذا واحد من الكتاب المهمين، وأنا شخصياً أحرص على قراءة كل كتاباته التي ينشر أغلبها في جريدة الصباح، ولذلك كانت مفاجأتي كبيرة ومحرجة. فأنا الذي أعجبت كثيراً بآرائه المتعلقة بالحداثة والتحضر، وقفت مبهوتاً أمام موقفه ذاك، وصرت ملزماً بمساءلة نفسي، إن كنت أنا الآخر أعاني من ازدواج من نوع ما، بين ما أكتب عنه وأبشر به، وبين ما أطبقه على الأرض.
مشكلة هذا الصديق تكشف أهم عائق (نفسي/ اجتماعي) تعاني منه مشاريع الحداثة والتحضر عندنا، وما حصل معه تحديداً هو ما يرهقنا جميعاً، فكلنا نؤمن بالأفكار ما بقيت أفكاراً. ليس هناك إنسان سوي، ويرفض العناوين العامَّة لحرية المرأة أو حرية المعتقد أو الديمقراطية. نحن لا نعترض على الأفكار، لكن الاعتراض يبدأ مع التطبيق، حيث ينكسر قمقم اللاشعور ويخرج علينا مارد الأعراف والتقاليد. ويبدو عندها الفرق واضحاً بين أن نؤمن بفكرة (حقوق المرأة)، وبين أن نترجم هذه الفكرة إلى استحقاقات تكسر وصايتنا وقيمومتنا على هذه المرأة (زوجة أو أخت أو بنت). فعند هذا الحد نكفر جميعاً بدين الحرية. وننتقل سريعاً بالموضوع من خانة الحقوق إلى خانة العهر، وتصبح المرأة التي تطالب بحقوقها متهمة بهذه التهمة القذرة.
بنفس الطريقة نتعامل ـ نحن جميعاً ـ مع بقية الأفكار. حرية العقيدة، فكرة رائعة بشرط أن تبقى حبيسة العقل، وإلا انقلبت بلحظة واحدة لوحش مخيف، فليس من السهل على أحدنا أن يسمح لأبنه (مثلاً)، في أن يختار ديناً أو مذهباً غير الذي رباه عليه. سيقول له حينها: (لكن الطريق الذي تذهب إليه خاطئ). وهنا تدخل تهمة العهر من جديد.. وينقلب الموضوع من كونه حقاً إلى كونه خطراً. مع أن الموضوع لا يتعلق بالصح أو الخطأ، قدر تعلقه بالحرية، حرية الاختيار..
يخيف الشيعي أن يكون أحد أفراد أسرته سنيا، والعكس صحيح، ولا أحد يعرف السبب.
وحقاً لماذا نخاف من انقلاب الأفكار؟ لهذا السبب انتفضت الشعوب العربية (السنية) ضد الخطر الشيعي (القادم من إيران)، وأنا متأكد بأن أكثر من ثلاثة أرباع المنتفضين يؤمنون بحرية المعتقد، لكن من بعيد، أو دون ضرائب. إيران نفسها التي تستنكر مخاوف العرب من تحركاتها (الشيعية) مستعدة لخنق أي سني يحاول أن يتنفس ملء رئتيه في بلاد فارس.
أن تكتب عن حقوق المرأة يعني أنك مثقف حداثوي أو متنور أو لبرالي حتى، وهذا شيء جميل. لكن أن تسمح لزوجتك بمراجعة الأطباء (الذكور) فهذا يعني بأنك رجل مغفل أو (ديوث) بالأحرى.. إذن التطبيق يختلف عن التفكير. وهذا ما يجب علينا أن نفهمه، أن نفهم بأن للأفكار استحقاقات، وعلينا قبل أن نوجع رؤوس الناس بدعواتنا (الحداثوية)، أن نجرب تطبيقها نحن.
علينا أن نُخرج من رؤوسنا كل بدو الصحراء وملالي الأديان، ممن يختصرون المرأة بجهازها التناسلي، ويدعون بالتالي لحراسة هذا الجهاز بكل حذر وريبة. مثل هؤلاء لن يؤمنوا يوماً بأن المرأة كيان إنساني كامل ومستقل. ولذلك يجب إخراجهم من رؤوسنا أولاً.. علينا أن نتمرد عليهم قبل دعوة المجتمع للكفر بأديانهم.



#سعدون_محسن_ضمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والانثروبولوجيا
- أدونيس يبحث عن العراق.. ثلاث لقطات من مشهد كبير وواسع
- لقد ذهبت بعيدا
- من المسؤول عن عودتهم
- إحساس ومسؤولية
- ناقل كُفْر
- اسمه الوحي
- الخائفون، ممن؟
- من لي برأس هذا الفتى الصخّاب*؟
- كذبة الحرية
- خطاب الصناديق السياسي
- وداعا للخراتيت
- اعتدالنا
- حدُّ الأطفال
- ثالث الثلاثة
- عصابات المسؤولين
- قف للمعلم
- أنت الخصم
- رسالة إلى هتلر
- ريثما يموت الببَّغاء


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعدون محسن ضمد - حارس مرمى