أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الحرب على الفئران والخنازير














المزيد.....

الحرب على الفئران والخنازير


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2643 - 2009 / 5 / 11 - 08:29
المحور: كتابات ساخرة
    


نشبت على هامش انتشار فايروس إنفلونزا الخنازير معارك أخرى عقائدية وفكرية، أشد ضراوة وبأساً، رغم طابعها الدونكيشوتي، أحياناً، ولا علاقة لها بالمرض "الوبائي" البيولوجي والعضوي الأصلي الذي داهم الأنام، في غفلة من الزمن والأيام، بقدر ما لها علاقة بأمراض وأوبئة فكرية وعقلية مستفحلة ومستوطنة ومتسرطنة، تأبى أن تنزاح وتنداح، وتجثم على عنق هذه المنطقة الموبوءة بـ"الفايروسات" الكثيرة والأساطير والمبهمات.

وحالما تم الإعلان عن تفشي الوباء، الذي قيل في وسائل الإعلام، أنه وصل إلى إسرائيل، أي على مبعدة "رمية حجر" من المحروسة، انبرى رهط من هناك، وشمـّر عن ساعديه، لتصفية حساباته العقائدية ضد الخنازير ذاتها، مهدداً ومتوعداً إياها، وليس ضد الفايروس القاتل، الذي يعتبر، حسب ما نعتقد، مجرد "همروجة" إعلامية، أخرى، ومفبركة، دأبت الأوساط الغربية، على إطلاقها، من وقت لآخر، بغية إشغال الرأي العام، بقضايا هامشية وثانوية، بعيدة كلياً، عن بؤر الأحداث الملتهبة والكوارث الأخرى التي تسببت فيها نفس هذه القوى العالمية وتجرّمها وتدينها بشكل مطلق، وانعكست مآس وويلات على صعد حياتية واجتماعية واقتصادية، تسببت في هلاك وموت الملايين اقتصادياً ومعاشياً، وفعلت فعلها بالناس، أكثر بكثير مما فعله الفايروس "الدرويش"، والمسكين( أمام هول ضحايا العراق مثلاً)، والذي لم يتجاوز عدد ضحاياه أصابع اليد، حتى اليوم، وفي العالم أجمع من أقصاه إلى أقصاه.

ولا ضير من استذكار الشروط العالمية في ظل الكلام الجاري عن فايروس الخنازير، والمناخ الدولي يغص اليوم برزمة من الأزمات التي تتسبب فيها الحكومات الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، والفضائح المجلجلة تلاحقها في حلها وترحالها، وتحاول التعتيم عليها وغض الطرف عنها، من غوانتانامو وقصص التعذيب، إلى غزة، والمذابح التي ترتكب اليوم في سوات وقصف المدنيين العزّل في أفغانستان، والعراق، وقصص الفساد المالي والإداري والإفلاس المالي، والانهيارات الاقتصادية والسرقات الكبرى، وقصص أخرى لا تقل فظاعة، يعج بها المشهد الأممي.

ولعل البعض يتذكر، في هذه اللحيظات العابرة، كيف أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وفي أوج حروبه الوحشية الفتاكة لكن "المقدسة" هي الأخرى، صفارات الإنذار حيال، ما قالوا عنه خطر داهم في حينه، وهو فايروس، انفلونزا الطيور، وتمّ الأمر لهم، وأُشغل الناس عن الجرائم والفظائع والأهوال المرعبة التي كانت ترتكب في العراق، من جهة، ولتعويم وإنقاذ شركات طبية خاسرة، وتصريف أدوية كاسدة لديها جنت من خلال ذلك المليارات، وضخـّت الأموال في شرايينها، ورفعت أسهمها في البورصات المتهاوية، من جهة أخرى.(تم بيع عشرات الملايين من الأقنعة الطبية الواقية حصدت بعض الشركات الطبية الغربية المفلسة بفعل الأزمة العالمية الملايين من ورائها، هكذا وبرمشة عين). نفس الأمر ينطبق أيضاً، على "همروجة" الجمرة الخبيثة الـ Anthrax ، التي تبين أنها ليست سوى فقاعة إعلامية من إياها، التي شغلوا بال وانتباه العالم بها حتى مرّ ما يجب تمريره، ولا حس ولا خبر، ولا "من شاف ولا من درى". ألا يحق لنا أن نتساءل اليوم، وببراءة طفولية مفعمة، أين هي الجمرة الخبيثة، ولماذا لا يوجد إنفلونزا للطيور، وامـّحت آثارها هكذا، وصارت في خبر كان، ومن دون أية ضجيج ومقدمات؟

وبالعودة إلى الحرب الدونكيشوتية التي شنتها بعض القوى السلفية ضد حيوان الخنزير، وأسرعت على الفور لإصدار حكم بالإعدام على الخنازير في مصر، دونما سبب مقنع ووجيه، وإعلان الحرب المقدسة عليها، وكأن بينهم وبينها عداوات، وثأر تاريخي مستحكم، وكأنها هي المتسببة بالفقر، والفساد، والرشوة، والمحسوبيات، وفايروس C الكبد الوبائي القاتل الأول في مصر، ومرض السل، وفضائح المبيدات المسرطنة، والأورام السرطانية المنتشرة، التي تفتك سنوياً بعشرات الألاف من أبناء المحروسة وهذا مالم يفعله فايروس الخنازير حتى اليوم، ولن يفعله غداً. وهذا الحيوان، وفايروسه، لم يتسببا حتى اللحظة بقتل أي مصري، ولكن هل لنا أن نتساءل كم تسبب الفساد والتسيب والإهمال الحكومي والإداري بضحايا؟ ولعلنا نستذكر على الفور غرق العبارة المصرية السلام 98، ووفاة أكثر من 1200 شخص كانوا على متنها، بلمح البصر، هو غيض من فيض فايروس "غول الفساد"، الذي يفتك بالناس، والتي لم تشهر أية سكين من ذات الأبواق لذبحه؟

ولن ننسى تلك المعركة التي لا تقل كارثية، والتي افتعلها الداعية والشيخ الوهابي، من أصل سوري، محمد المنجد، حين أعلن، هكذا، وفجأة، الجهاد والحرب المقدسة على الفئران "الفويسقة"، كما أسماها، في المانيفستو السلفي الشهير الذي أصدره، مطالباً بالتخلص من شخصية أفلام الكارتون المحببة والمعروفة لدى الأطفال "ميكي ماوس"، في غمرة أحداث عظام كبار، تمر بها المنطقة، وجنود "الصليبيين والكفار"، حسب خطاب الداعية السلفي نفسه، يذرعون أرض الإقليم، جيئة وذهاباً، و"البلاوي الزرقا" الأخرى تنبع من حوله و"حواليه"، ولكن، وبكل أسف، لم يجد أخونا بالله، وقتها، سوى الفئران المسكينة ليشن حربه المقدسة عليها.

إن أمة أعداؤها هم الجن والعفاريت والفئران والخنازير، لهي، وبالتأكيد، مصابة بما هو أبعد وأخطر من إنفلونزا الخنازير بكثير. أمة تضاءلت أحلامها، واختزلت آفاقها، وقلصت نضالاتها، وانحصرت اهتماماتها وأظهرت إبداعاتها، فقط، بشن حروب عبثية ووهمية على الفئران والخنازير، وربما على "شوية" خنافس وصراصير في المستقبل الواعد القريب، إن شاء المولى العلي القدير، أمة لا يعتقد بأنه سيكون لها أي مكان بين منازلات ومعارك أمم وشعوب الأرض أجمعين، أو أنها ستربح أية معركة أخرى، وفي أي ميدان من الميادين.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قتل الحريري إذن؟
- انهيار النظام القضائي العربي
- الخنازير وأمراضها
- العدالة المأجورة
- العرب والتخلف الإليكتروني
- تحوّلات إيران الكبرى: هل تعترف إيران بإسرائيل؟
- استقبال الفاتحين الأبطال: عودة نجاد وأردوغان!!!
- أيُ الوصفات تفيد؟
- هل دماء ابن لادن شيعية؟
- فقه الجنس: برامج إباحية، أم وعظية؟
- اعترافات مصريّة خطيرة
- القاهرة وحزب الله: من يتهم من؟
- المطلوب من إخوان سوريا
- سقوط بغداد: عِبَرٌ وغموض وتحديات
- من الوحدة والتضامن إلى إدارة الخلافات العربية
- انهيار جبهة الخلاص السورية
- أنسنة العولمة
- أبو عنتر في ذمة الله
- في سجال خطوة إخوان سوريا
- خرافة الاقتصاد الإسلامي


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - الحرب على الفئران والخنازير