أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس















المزيد.....


ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 2641 - 2009 / 5 / 9 - 07:23
المحور: الادب والفن
    


اعداد وترجمة
فيء ناصر

يجب عليها أن تعرف
ثقل يد الرجل.
تلك الكدمات تشبه
جروح المسيح.
ودمها ذاك الاسود في القلب
يجب ان يسيل...
نقياً وأحمراً كما دمه
وعليها أن تكون حاملاً دائما
اذا لم يكن بطفل
فبمعرفة
إنها على قيد الحياة بسببك.
وأنك تقدر ان تسلبها تلك الحياة
بسهولة مثل منحها.
معاناتها من ما ورثته
منك وبك ،
من المسيح..
الذي مشى على جسد إمه
ليصبح ملك الجنة
من قصيدة "قصة الأم"(مجموعة خطيئة)1986

بورتريت شعري لعنف مخضب بالجمال


" آي : الاسم الذي أرغبُ أن اُعرف به "
هذا ماصرّحتْ به ( أنتوني فلورنس ) في عام 1969.
قبل عقدين من هذا التاريخ كانت ام انتوني، المطلقة من زوجها الأول، حاملا بها بعد علاقة جنسية عابرة وسريعة مع مايكل أوكاوا، وهو ياباني، التقتْ به في محطة بنزين، ورغم محاولة الام إسقاط الجنين، عن طريق الاجهاض، إلا أن " آي " حازت على مكان فوق سطح الارض، فكان إسم والدها المدون، في شهادة الميلاد، هو اسم زوج امها الاول.
لكن الام سرعان ماتزوجت ثانيةً من ستون هاينز، وهكذا عُرفتْ الشاعرة في طفولتها بإسم " فلورنس هاينز " ثم عادت واستعملت إسمها الرسمي " فلورنس انتوني " عندما اصبحت في المدرسة الثانوية ، لإعتقادها أنه أكثر شاعرية، لكن الام باحت لها، ذات يوم، بكل تفاصيل علاقة محطة البنزين الطارئة، فما كان من أناها الشاعرة الا أن إستثمرت هذه الخيبة الى فعل جمالي، كأية مبدعة كبيرة، هكذا صار اسمها : " Ai " وهي كلمة يابانية تعني : " حب " وفي ذلك تقول : " اُجبرتُ أن اعيشَ كذبة لسنوات عديدة، لذلك شعرتُ أنه لايجب أن يرفق إسمي بإسم رجل كان زوجا لأمي فقط ".

أكتشفتْ " آي " موهبتها الشعرية في لوس أنجلس ، وهي في سن الرابعة عشر، أثناء دراستها في المرحلة الاعدادية، فقد لفت انتباهها إعلان عن مسابقة شعرية، وحين شرعت بالكتابة انتقلت عائلتها للعيش في توكسون، قبل حتى أن تحصل على الموافقة بالاشتراك في المسابقة ، لكنها بفضل هذه الحادثة عثرت على الوسيلة التي تعبر بها عن مواضيع وأحاسيس لم تتمكن التعبير عنها من قبل.
كانت طفولتها ممزقة بالفقر : عاشت قسطاً منها في سان فرانسيسكو ، ولوس أنجلس، وتصف طفولتها :" هناك أوقات جميلة، لكن ما يلتصق بالذاكرة أكثر هي تلك الاوقات الصعبة ".
كان والدها بالتبني ينفق أياماً في الاستدانة من أجل إطعام العائلة . كان ذلك في سان فرانسيسكو، مدينة الشعراء المغلوبين : " ذكرياتي ليست سوداء، هي ببساطة ذكريات العيش كإنسان فقير " .

تعدد الأعراق في جذور وثقافة الشاعرة ( أباء من أصل ياباني، مكسيكي ، أفريقي، وأمريكي، إضافة الى ام من أصل هولندي، إسكتلندي، وإيرلندي ) جعلها تنتمي للإنسانية ككل،لذلك تعرف نفسها ب: " أنا شاعرة .. ببساطة " وهي تعتبر أن الشعر ابداع عالمي، كأمر مفروغ منه، فتضيف بتواضع يندر في ثقافتنا العربية : " لا أريد أن أُصنّف، سواءاً على المستوى الشخصي أو على مستوى قصائدي، فإذا لم يكن الشاعر وإبداعه عالمياً، فأين يكمن الابداع إذن ؟ "، هكذا فإن " آي " لاتعترف بأهمية النسب والعرق لأنها تنشد قيما أعلى من خلال شعرها، ومع ذلك، وكأي شاعرة جديرة بالاحترام، لم تخفِ مصدر إلهامها، ففي مقابلة معها عام 1978، بعد نشرها كتابها الشعري الثاني :" قتل القاع " قالت " Ai " : إنها تستمد إلهامها من شعراء امريكا اللاتينية، وهم شعراء محليون أو شعراء قبائل، أمثال : راندال جيرال، كلوي كينيل، فيل لفاين، لويس سمبسون، وجيرالد سترن، أما في مراحل دراستها الجامعية الاولى فقد كانت تنصت باعجاب الى قصائد الشاعر كينيل، وهي قصائد تتيح لمستمعيها فرصة الدخول الى مملكة خيال سحرية حيث هوية الشاعر تنتظر أن يكتشفها المستمع. كانت " آي " معجبة بتلك القصائد، ليس فقط بتحولاتها القوية، لكن ايضاً بموسيقى اللغة وجمال المخيلة التي تلتقط الصور والالفاظ بمايشبه الكاميرا . هكذا صارت قصيدة كينيل ( الاحتمال ) مصدرا للالهام في كتابتها الشعرية .
في عملها الشعري، كما لاحظ النقّاد، تفضل " آي " التعبير عن الاوغاد والاشرار، في إنحياز واضح الى عالم الخلف المكتظ بالبؤس، الفقر، والعنف، وهو انحياز جمالي، مفرغ من أية رسالة آيديولوجية.
والشاعرة غالباً ماتستخدم ضمير المتكلم، الذي يضيّع على القاريء إحالته الى جنس أو لون : هناك خليط من الأصوات الواقعية غير المعروفة، وهي تعلق على ذلك قائلة :
" قصائدي تنبع من لاوعيي : أنا المشدودة بإحكام الى حياة الآخرين، الاحياء منهم والاموات ".
لاوعيها، إذن، يبتكر شعرياً أُناساً أحياءاً، وآخرين أموات : تجلعهم يتقابلون في مناجاة مثيرة للقاريء : " هذا الاسلوب يتيح لي أن اصبح شخصا آخر، مثل ممثل .. أعتقد أن الناس خُلقوا كي اراقبهم، حقاً أنا أشعر إنهم شخصيات من ابتكاري ".
ولكي تعمق اسلوبها هذا تميل " آي " الى إستلهام الشخصيات والحوادث الاميركية : جون كنيدي، إميلدا ماركوس، حوادث الشغب في لوس انجلس عام 1992...، وتستخدمها كخلفية نفسية شاملة، للعديد من شخصيات قصائدها، وبتداخل الاصوات مع الاحداث في نصوصها، يحولها الى مايشبه الجوقة في مسرحية، وهو ما أضفى عليها رنين دقيق، مع انعكاس واسع لاهتمامات الذات المعاصرة وللظروف الانسانية المحيطة بالكائن المعاصر.
قصائدها تصل بالشعر الى منظور آخر وجديد : الاثارة الجنسية، والعنف - سواءاً من أحداث معاصرة، أو أحداث في ذاكرة المجتمع الاميركي ـ والمواضيع الساخنة الحمراء، هي موضوعات قصائدها،إذ لا تميل الشاعرة الى إجتراح الاحداث من الخيال، فصورها الشعرية ملتقطة من الواقع، ومن اللغة العادية، لكن ليس بمعنى خلوها من الخيال او الشاعرية، بل هو تجلي ناصع لعمل مخيلتها، عندما ترتفع بالتقاطاتها الحاذقة للواقع، لتصل به الى مسافات خيالية شاسعة ومحلقة.
هكذا فإن قصائدها عبارة عن مشجب كبير للسكاكين، الفؤوس، الحراب، النصال، والمطارق التي تحطم وتشطر الرؤوس والجماجم وتمزق الجسد أرباً أو تطعن شعاع الشمس ذاته : إن ما يمكن أن يتحول الى عنف عبثي مبالغ فيه لدى شاعر آخر، يتحول بين يدي هذه الشاعرة الى أداة بلاغية حادة لاختراق النظام الاجتماعي : هذا العنف ليس مجرد قسوة مرئية من الخارج، بل هو ما تعايشه، وتعيشه شخصيات قصائدها، وهذا ما نلاحظه في المنولوجات التراجيدية لتلك الشخصيات.
نشرت " آي " كتابها الشعري الأول ( قسوة ) عام 1973، الذي كان يحمل عنوانا أولياً ( عجلات في مستنقع ) وهو رؤيا لروح الانسان، حين يقع في مصيدة اغترابه عن الحضارة، كما العجلة في المستنقع، فيفقد القدرة على النجاة بذاته، أو تخليصها . حشّدت الشاعرة في هذا الكتاب الكثير من عبارات وتعابير الجنس والعنف، كتقرير صادق عن كآبة الانسان، وعن حس الضياع غير المرئي، غير الملاحظ، وغير المعروف حتى من قبل الشخصيات ، وقد كانت " آي " تتقصد ذلك كي تحمل القاريء على التعرف ليس فقط الى كيفية تعامل الانسان مع الانسان بقسوة، وانما الى التعرف على القسوة في الذات الانسانية اولاً، ومن هنا جاء العنوان ( قسوة ) بليغاً، ومعبّراً :

" فعلتها ، كما أنذرتني أن تفعل
وتركتَ لي الجنين ملفوفا بورق شمعي ،
كي أنظر الى ابني "

من قصيدة " إجهاض " 1973



وخلال الثلاثين عاما لاحقة، طوّرت " آي " منولوجاتها التراجيدية الى أعمال شعرية نالت العديد من الجوائز، كجائزة مؤسسة كوكينهام 1975 عن كتابها الاول، وجائزة أندومنت الوطنية للفن عام 1985، وزمالة من معهد رادكلف 1975، اضافة الى جائزة ليمونت الشعرية التي نالها كتابها الشعري ( قتل القاع ) 1979، وجائزة الكاتب الاميركي من معهد كولومبس ، عن كتابها ( خطيئة ) 1986، وبعدها أصدرت كتابها الشعري ( كارثة ) 1991 و ( جشع ) 1993، و ( رذيلة ) 1999 الفائز بجائزة الكتاب الوطني للشعر.
أما كتابها الشعري ( فزع) 2003فقد كان مكرساً لإنقاذ الطفولة من صدمات المجتمع غير المبالي، وفيه حوّلت الغضب الراسخ والمستمر في ذاكرتها الشخصية الى رافد لاينضب للتعبير عن نفسها / الطفلة، وبشكل صريح ومعلن، تقول :

" كأنه ضغط لايزال يُبنى ،
وللتوٍ قلتُ :
ساكتبُ قصيدة عنه "


وكمحصلة اخيرة فإن بعض الشخصيات المتخيلة في ( فزع ) تستمد واقعيتها من التاريخ العائلي للشاعرة، بما في ذلك امها ووالدها الياباني :

" تقول امي : كنتُ تائهة .
تقول ، سألتْ أبي عن الطريق ،
ولم تدرك كيف إنتهيا الى السرير .
أحيانا،
عندما أنظر الى المرآة،
أعتقد أنني أرى وجهه ،
يلوّح فوق وجهي .
ورغم أنه مجرد إيجاز
عن الحقيقة الفظة ،
فالتفاصيل
توزعها امي ، تدريجيا ، الى الخارج .
أنا فقط مَن يرى حقيقة ما خلّف ورائه .
يعدو مسرعاً أكثر من سيارة الفورميلا :
أبي الهارب مثل أي رجل آخر ،
لم يخطط للبقاء طويلا . "

من قصيدة " أنساب "




وبينما تحاول المدنية المعاصرة، تكريس أصناف مختلفة من الفوارق والتعريفات، كأساس لتعريف الانسان والحكم عليه، نجد " آي " التي تؤكد على هوياتها المتعددة، تستفز هذه الفوارق والتعريفات، تتحدى حدود هذه المدنيّة وفوارقها، وتحاول زعزعة التعريفات والاحكام، لكن من خلال تراجيدياتها المثيرة للقراءة. بكلمة اخرى : إن قاريء قصيدتها يدرك بعمق عنف الأصوات الهامشية، من خلال رواة قصائدها الواقعين في مصيدة ادوارهم الاجتماعية .
إن الشاعرة تتعمد صدمة المتلقي عبر قصيدتها الموغلة في الحقيقة المفجعة، رغم أنها من جانب آخر، تمنحه جرعة إضافية تجعله قادراً على طرد خوفه الى الخارج وربما مواجهته في مرحلة لاحقة.
قصائدها تُشجع على تَقَبل أصوات رواة العنف، من أجل المساهمة في خلق وعي إجتماعي من خلال فوبيا العنف هذه، فتراجيديا أصوات العنف في منولوجاتها تكشف ماذا يمكن أن يحدث لهؤلاء الذين يفشلون في العيش على النمط المثالي لمعايير المجتمع .
إن الكلمة الهامشية، حين تقال بفعل الحاضر – الزمن المضارع – تجلب اليها الانتباه من خلال التكرار وإبتكار المعاني وخصوصية الاحساس في الذات المهمشة.
إن الصور الشعرية المرسومة بدقة في قصائدها عبارة عن تشكيل مكاني صرف وقد توحي بالزمان في كثير من الحالات : تلك احدى سمات عملها الشعري الذي لم يبخل في تقديم مزيج من المحسوسات الشمية والذوقية ايضاً والتي لاتقل خطورة في تشكيل الصور المرئية في بنية القصيدة .
كما أن الشاعرة ابتكرت أصواتاً متقاربة، لتتحدى التقاليد الادبية المتعارف عليها أولاً، ولتحويل الفكرة الى جسد ثانياً : هذا التحدي للتقاليد الادبية مشوب بتحد آخر / سافر وهو التساؤل عن هوية الامة الاميركية : هذا التحدي الجوهري يتعدى الشكل الفني إذن، يتعداه الى الصميم، ليتحول الى مراس دائم، حيث الحياة برمتها، فمن خلال تأكيدها على العنف بكل صوره ـ الاغتصاب، القتل، الاجهاض، الزنى المحرم، الانتحار، الاعتداءات المتوازية ـ كل هذه الجرائم، من وجهة نظر آي ، هي جزء أساسي من الثقافة الاميركية، لذا فإن الامة الاميركية تبدو كامة للعنف الحضاري المعقد والمركب .
هناك الكثير من الجسارة الطموحة، والإزعاج في قصائدها الموغلة في قلب اميركا، وها هي تقول بصريح العبارة : " نحن امة نـُبدع ، نوازن حياتنا ، نتسلى ونُثار بأكثر قدر من الرذيلة : نحن نرتفع ونسقط، ولا يسمعنا أحد ". وعلى عكس تراجيديات شكسبير التي أحبتها آي، وغالبا ما إستخدمتها كأدلة في اعمالها الادبية، تتقاطع نهايات شخصياتها مع أبطال شكبير
الذين يكافحون قبل سقوطهم النهائي، لكن شخصياتها تبقى قوية حتى النهاية، تنشر الرذيلة عبر الارض لأجيال متعاقبة، لذا فإن قصيدة آي تقترح أن تبقى رذيلة العنف، كصوت مسموع في توازنات المجتمع، وأن دائرة العنف الطبيعي هي وجه آخر للقوة الاميركية، تقول في المقطع التالي من قصيدة ( قياس القياس ) :

" البعض تربى على الرذيلة ،
والبعض الآخر على مزية السقوط "


وهذا مقياس دقيق لخبرة الحياة الاميركية :

" أنا اميركي
لا يجب أن أتمنى شيئاً
أنا الامريكي
لايوجد شيء ليس لي "
من قصيدة " حذاء الشموا الازرق " كتاب ( رذيلة ).



حاليا تعمل " آي " استاذة اللغة الانكليزية في جامعة ولاية أكلاهوما : مستمرة في كتابة الشعر من واقعها، وأيضا من ذخيرة ذكرياتها، فيكفي أن تستمع الى اغنية، أو تشاهد نشرة الاخبار، ليلفت إنتباهها موضوع معين، فتشرع بالكتابة عنه. وقد يقودها البحث في خلفيات الحدث الى ذخيرتها التاريخية الشخصية او الامريكية العامة . تقول عن امنيتها : " إذا استطعت أن أكون حرة من واجبات التدريس وما سواها، اتمنى ان أقضي حياتي بالتأمل. سأكتب بالطبع، لكني سأقضي الكثير من الوقت في تأمل الكون ، وفي محاولة للاجابة عن الاسئلة الباطنية ".
..........................


مختارات


لكني فقط في العاشرة*


"أجلسي فوق راحتي ."

لكني فقط في العاشرة .

لا أراه ،

أسمع...

شهيقه المتسارع في الظلام .

أنه وقت اللعب، بعد العشاء.

حين نكون في الخارج ،

مختبئين تحت الشجيرات،

هو يدعوها لعبة الغميضة ،

لكن إختي الصغرى فقط من تبحث عنا

حين نختبئ

ولا تعثر علينا ،

لأن جدي يتلقفني،

يفرك ما بين فخذيّ بيديه

حينها

أشعر بإثارة مهيّجة وغامضة،

خارج حدود وعيّ

لا أعرف بالضبط ماذا أُسميها

يعجبني ذاك الشعور...

نشوة اخرى

لم أجربها مسبقاً

ممتعة أكثر

من أكل القَند.

عندما سألتني جدتيّ:

"ماذا كنت تفعلين هناك؟"

إضطررتُ ان أكذب

"أين؟"

أجيبها

"آه... لعبة الغميّضة"

تفحصتني:

" هذه أخر مرة، لا لعب بعد الان"

توقفت اللعبة

وأنا نسيت

عشر سنوات مرت ...

خمس وثلاثون

حين بدأت أسترجع مامضى

وأسأل نفسي:

لماذا يثيرنيُ الرجال الذين يثيرون قرفي؟

وأرتحل للماضي المترسب..

للظلام...

للزفير الثقيل...

من حياتي

أنا التي ظننته قد فات وعبر؟

لكني تعاميّتُ فقط

عن الرؤية

في دوامات وعيّ الرملية

حين تسحبني للأسفل

هناك في القعر

أجدُّ جدي في الأنتظار

يداه مبسوطتان لترفعاني

عارية ومبللة

كي يدعكني في نفس المكان

"لا تخافي ..."

يهمس:

"سأدعك تذهبين سريعا"

أُجيبه:

"نعم "

وأردفها:

"لا"

"لا أفهم لماذا تفعل معي ذلك

أنا فقط في العاشرة"

لكنه يقول :

"هذا يكفي كي تعرفي "



*العنوان الأصلي لهذه القصيدة (يقول جدي).
.............................
عشرون سنة زواج*
تجعلني أنتظركَ في الشاحنة ،
ذات العجلات الكبيرة المغروزة في خندق وحل
بينما أنتَ تتبول بجانب شجرة ، بالعكس ،
باتجاه الجنوب.
أسرع ..
لا أرتدي شيئا تحت تنورتي هذه الليلة ،
لازال هذا يُشعلك ، لكن هذه الرافعة بلا نوافذ
والمقعد ُ
وركٌ بارد من الجلد الصناعي
حين أضغطه بمؤخرتي .

لم أتغيّر...
لي ذات الجسد والوجه
منذ عشرين سنة خلتْ ،
لكن حين تدخلني ، تشتغل آلتي :
ستتحلى بالفحولة والرغبة في المضاجعة .
أسحبُ، وأنتَ تدفع :
نتقاسم بعضينا بالتساوي .
الآن يا حبيبي ، ألقني على ظهري ،
وتظاهر أنكَ لاتدين لي بشيء
وربما ننطلقُ بعيداً من هنا
تاركين الماضي متكوّم خلفنا :
لأن الصحف القديمة لاأحد يعيد قراءتها .

* عشرون سنة زواج من (خطيئة) قصائد مختارة.


.................................................................................



حوار

نبتسم لبعضنا
وأسترخي على أريكة خيزران .
كيف تشعر وأنتَ تموت ؟
أقولُ .
تَمسّ ركبتيّ بأصابعك الزرق .
وعندما تفتح فمك َ،
تسقط على الارض ، كرة من الضوء الأصفر
لتتركَ ثقبا محترقاً فيها.
لاتقل شيئا...
لا أريد أن أسمع .
ابدأ فقط ،
أنا أرتدي الثوب المناسب
و بالمصادفة...
بالكاد تلاحظ
أصابعك تجرح ذاك الرداء
وتسمع صوت سكين تقطع ورق
و تنظر أيضا
تدرك بسهولة... أن تلك الصورة
امتداد لصورة اخرى ،
لأن حياتك
سلسلة من كلمات
يوما ما سوف تطق و تنفصم .
كلمات ، تقول ،
فتيات صغيرات يصنعن دائرة,تتشابك أيديهن
ويبدأن برفعها نحو السماء
بأثوابهن المثبتة ،
مثل بالونات الهليوم البيضاء ،
وتيجان الزهور الملفوفة على الرؤوس ،
تدور وتدور بسرعة
وفوق كل ذلك،
هناك حيث أفيضُ ،
كيفما يكون
فقط عشر مرات أنقى ،
عشر مرات أكثر رعباً
كيف يمكن لكائن أن ينجو منها ؟



ملاحظة : قصيدة حوار ، هي ايجاز لفكرة " آي " عن الموت. الشاعرة في هذه القصيدة تستخدم شخصاً يحتضر، كإستعارة متعددة ومفتوحة لوصف الموت، كلماتها تجعل القاري يفكر بالموت وبلغزه. تقول الشاعرة :" افكر أن الموت هكذا، واتمنى ان يكون فعلا "، فهو كرداء يتمزق .
........................
ريح من لا مكان*

اختي تلطخ وجه دميتها بالوحل ،
وتقفز بعدها الى الشاحنة عبر النوافذ .
تتجاهلني حين أمشي بمحاذاتها ،
أضربُ إطارات الشاحنة المفرغة من الهواء ، بقضيب حديدي .
الرجل العجوز يصرخ عليّ أن أسحب فريق إزعاجاتي وأرحل ،
لكني أبقى ماشياً حول الشاحنة : أضرب بقوة أكبر
حتى تناديني امي .

ألتقطُ حجراً وأرميه على زجاج نافذة المطبخ

يتهاوى قبل أن يصيب هدفه.

صوت الرجل العجوز يتنطّط في الهواء مثل كرة ،

يجعلني غير قادر على رفع قدمي خطوة أُخرى .
أقف بجانبه ،أنتظر ، لكنه لا يعبأ .

أطوي القضيب الحديدي ،
أرفعه ...
جمجمته تنفتح بشقيّن .

إمي تركض نحونا . لكني ما أزال واقف

اُتمتمُ بالذي حصل وهي تنحني عليه .

أفلتُ القضيب الحديدي، وآخذ بندقية من البيت

الورود حمر، وزهور البنفسج زرق،

طلقة واحدة للحصان الأسود، وإثنتان للحصان الأشقر.

سقطوا سريعا ،
بصقتُ لساني ...
مدمى ، لقد عضضتُه .

ضحكتُ ، تذكرتُ لساناً خارجاً بالكامل.
أمسكتُها وهي تقفز من الشاحنة ،
طلقة.

دُميتها إستقرتْ معها على الأرض .

تلقفتُ الدمية، هززتها بين ذراعيّ.

ياه..انا جاك إبن هوراث

النبيه ، السريع.

في البيت، أخذتُ أفضل بدلة للرجل العجوز

وحذائه الفاخر من الجلد الطبيعي

وضعتُ ثوب إمي الساتان

ودمية اختي في حقيبتي .

بعدها ، عبرتُ الحقول الى الطريق السريع .

أنا في الرابعة عشر ، أنا ريحُ من لا مكان .

لي القدرة على كسر القلب.



* العنوان الأصلي للقصيدة " الطفل " و الرجل العجوز كنية لزوج الأم، وواضح طبعا ان الطفل يقتل شقيقته، يفعل كل شيء دوني ، من اجل جذب الانظار اليه .
.............................



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس