أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الله والمؤسسة الدينية















المزيد.....

الله والمؤسسة الدينية


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2640 - 2009 / 5 / 8 - 08:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل سنوات شاهدت فلما أمريكيا عن الحرب العالمية الثانية. أتذكر مشهدا من الفلم يصور مجموعتين متقاتلتين إحداهما أمريكية والأخرى ألمانية. وكان في خندق الأمريكيين جنديان يرتعدان من الخوف وكانا قابعين في خندقهما ينتظران بدء الهجوم على خندق الألمان المقابل. قبض الجندي الأمريكي على الصليب المتدلي من رقبته وقال لزميله مطمئنا: " لا تخف إن الله معنا " ، فأجابه زميله إذا كان الله معنا فمن معهم ؟
بعد أحداث الإعصار كاترينا الذي أحدث في مدينة نيو أورلينز الأمريكية أضرارا بليغة، قرأت على مواقع دينية مختلفة على الإننرنت كما سمعت من الأخبار وجهة نظر ممثلي مختلف الديانات لما حصل وسبب الكارثة من وجهة نظرهم .

المسلمون قالوا إنه غضب من الله على ما يفعله الأمريكيون في فلسطين والعراق وبلاد إسلامية أخرى. اليهود قالوا إنه غضب من الله على إجبار اليهود على الخروج من أرض غزة التي هي منحة من الله لليهود. بعض المواقع المسيحية قالت أن السبب هو غضب الله على السماح للأمريكيين بممارسة الإجهاض وأخرى قالت هو غضب من الله على الخروج عن تعاليم الدين الصحيح وهو المسيحية إلخ .

لقد تقاتل المسلمون على مر التاريخ تحت راية الله، ومع صيحة "الله أكبر" كانت سيوفهم تقطر دما من دم أخوتهم في الدين. لقد ذبح المسلمون المسلمين في معارك ضارية وكل فئة منهم تقتل الفئة الأخرى كأعداء الله. ولقد عرف التاريخ الإنساني سلسلة من الحروب باسم الله وكل فئة تعتبر الله خاصة بها وتعتبر نفسها الممثل الوحيد لله وتعتبر دينها الدين الإلهي الأوحد والوحيد . البقية في نظر كل فئة هم خارجون عن مللة الله ويستحقون سخط الله وعقابه.
فمن هو الله الذي تدعي كل جماعة دينية أنه إلهها وأنها الممثلة الوحيدة لهذا الإله والناطقة الرسمية باسمه؟
بحث البشر عن الله منذ أقدم العصور وصوروه في صور مختلفة وعبدوه في أشكال مختلفة وتحت أسماء مختلفة.و في ترتيلة مصرية قديمة ترجع هذه الترتيلة لفجر الاسرات , تقول عنه أنه :واحد، ولا ثاني له. واحد خالق كل شيء.قائم منذ البدء، عندما لم يكن حوله شي والموجودات خلقها بعدما أظهر نفسه إلى الوجود.
أبو البدايات، أزلي أبدي، دائم قائم، خفي لا يعرف له شكل، وليس له من شبيه
سرّ لا تدركه المخلوقات. ونجد مثل هذا الكثير في سائر الوثاءق القديمة المصرية والبابلية والسومرية وغيرها.

لم تأتِ كلمة الله إلينا من فراغ، ولم تكن خارجة عن مجمل الأنظومة الثقافية التي ظهرت فيها ولم يسم الله نفسه بهذا الإسم كما يحلوا لرموز الفكر الديني قوله. بل تشكَّل الإسم بألفاظ بشرية ومعانٍ مألوفة ومعهودة قبلها، وبمفردات وقواعد لفظية كانت معروفة قبل وزمن ظهور الكلمة. ولم تكن كلمة الله، في لحظات ظهورها الإسلامي، منفصلة عن الألفاظ اللغوية التي سبقتْها في وصف الخالق أو منقطعة عنها، بل كانت تطورا طبيعيا لها. وفي تلبية الجاهليين المنصوص عليها في كتب أهل الأخبار اعتراف صريح واضح بوجود اللهَ. كانوا يلبون بقولهم: ""لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك". كانوا يعترفون ويقرون بوجود الله، لكنهم يتقربون اليه بالأصنام. .( جواد علي، سبق)
وقد جاءت لفظة (الله) في ايمان متعددة مثل: "لعمر الله"، و "ها لعمر الله" كالذي ورد في شعر زهير: تعلمن ها لعمر الله ذا قـسـمـاً فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك
وورد "ها اللّه" و "والله" و "الله " و" نعم الله" و "أي والله لأفعلن"، و "ايم الله" و "ايمن الله" و "يعلم الله" و "علم الله" وأمثال ذلك.( جواد علي . نفس المصدر)

الإسلام وبقية الأديان السماوية رغم اختلافها فيما بعضها من حيث طبيعة الله فإنها تنظر إلى الله من المنظور المعروف عند الثقافات الشرق أوسطية القديمة. فهو :
خالق كل شيء، قائم منذ البدء، عندما لم يكن حوله شي، والموجودات خلقها بعدما أظهر نفسه إلى الوجود. أبو البدايات، أزلي أبدي، دائم قائم، ليس له من شبيه
سرّ لا تدركه المخلوقات، الواحد الذي صنع كل ما ظهر في البدايات الأولى
كان، عندما لم يكن هنالك شيء، يقدر المصائر للمستقبل البعيد، وأحكامه لا مبدِّل لها
يطلب من خلقه عبادته وعدم الإشراك به وبناء على قدر الإلتزام بهذه العبادة سيلقون الثواب في جنة الخلد أو العقاب في نهار جهنم.

الفكر الديني بشكل عام قام بتجيير الذات الإلهية لحسابه من أجل دعم تصوره الشخصي لقواعد الحلال والحرام والعقوبات. فأصبحت كلمة الله تعني أن كل ما يقوله الفكر الديني ويفرضه على أتباعه المؤمنين بهذا الفكر، نابع من الله ومقرر منه وليس من رموز الفكر الديني والقائمين عليه. رموز الفكر الديني ومؤسسيه عينوا أنفسهم وسطاء وممثلين للذات الإلهية. فما يسميه الفكر الديني الإسلامي مثلا بالشريعة الإسلامية، هي في الحقيقة شرائع بشرية وضعها الفكر الديني بناء على تفسيره وتأويله للآيات القرآنية ولأحاديث نبوية ادعي صحتها وقدسيتها، وادعى أنها شرائع سماوية فرضها الله على عبادة . فإلى جانب جدولة العبادات مثل الصلاة والصوم والحج وبرمجة طرق إدائها هناك قائمة طويلة من المحرمات والممنوعات تطرق كل الجوانب الحياتية للعضو المؤمن بالجماعة، من لباس ومأكل ومشرب حتى أنها تدخل في أكثر زوايا الفرد خصوصية. كل ذلك في مفهوم الفكر الديني فروض ملزمة للفرد أقرها الله . فاللباس الإسلامي والأكل الإسلامي والحجاب الإسلامي والزواج الإسلامي والطلاق الإسلامي والشرب الإسلامي وكل صغيرة وكبيرة تفرق الإسلامي عن غيره كلها في مقولة الفكر الديني أوامر إلهية يجب إطاعتها وإلا يطرد الفرد من الجماعة ويخرج من دين الله ويعرض نفسه لغضب الله وبذلك لغضب وسطاء الله اللذين لهم الحق بقتله.

النظرة إلى الذات الإلهية في رأيي المتواضع، هي الأساس الذي يقوم عليه الفكر الديني واللاهوتي من جهة والموقف الناقد لهذا الفكر. البحث في ماهية مفهوم الإله، وفي ماهية العلاقة التي تربط بين الإله والإنسان وكيف نر الله وكيف نتصورة، هي قضية محورية في هذا الجدل. فالفكر الديني يصور الذات الإلهية كقوة متسلطة تجلس على العرش وتراقب أفعال الناس وتعاقبهم على أي صغيرة وكبيرة. ولكل إنسان كتاب ديون يسجل فيه الداخل والخارج ويحسب في النهاية رصيد جميع الأفعال بعد جمع وطرح الداخل والخارج أي الحسنات والسيئات وحسب هذا الرصيد تتم مكافأة الفرد أو عقابه، فيدخل النار ويصلى بها ويعذب بنارها أو يدخل الجنة وينعم في ربوعها حيث الحور العين و مختلف الطيبات من المأكل والمشرب. ويمكن أن يذوق طعم الجهتين فيعذب بنار جهنم إلى أن يسد ديونه ثم يدخل الجنة. كل ذلك طبعا حسب النقاط التي جمعها في حياته من صلاة وصوم وغيره بناء على اللائحة المعروفة وقائمة الأسعار المحددة.

تعالو ننظر نظرة خاطفة على جزء بسيط من خلق الله حتى نعرف من خلاله من هو الله . ودعنا نبتدئ بأبجديات الفيزياء لنكّون فكرة عن العالم الذي نعيش فيه. لنبدأ بالضوء الذي يسافر بسرعة 186000 ميلاً في الثانية الواحدة. وضوء الشمس، وهي تبعد عنا ثلاثة وتسعين مليون ميلاً، يستغرق ثماني دقائق ليصلنا عندما تشرق الشمس في الصباح. ويتكون عالمنا هذا من عدة مجرات، والمجرة التي بها ارضنا وشمسنا تسمى التبانة The Milky Way وهي تتكون من بلايين النجوم، بعضها اكبر من شمسنا. وتبعد الارض عن مركز هذه المجرة مسافة 26000 سنة ضوئية، فاذا علمنا ان السنة الضوئية تساوي المسافة التي يسافرها الضوء في 3.26 سنة (والضوء يسافر في اليوم الواحد16,070,400ميلاً ، اي 16 مليون ميلاً بالتقريب، وإذا ضربنا هذا الرقم ب 365 يوماًً، نحصل على المسافة التي يسافرها الضوء في السنة الواحدة، والسنة الضوئية الواحدة تساوي ما يعادل 190,384,000,000 ميلاً، يتضح لنا بعد الارض عن مركز المجرة. بينما تبعد الشمس عن مركز المجرة مسافة يصعب على الانسان تخيلها إذ تبلغ بالاميال 200,000,000,000,000,000 ( أثنين وبعدها 17 صفراً ). وإذا أضفنا ملايين المجرات الاخرى، يتضح لنا مدى ضخامة هذا الكون. ولقد قدر العلماء عمر مجرتنا هذه بعشرة بلايين سنة، وشمسنا وأرضنا عمرهما حوالى أربعة بلايين ونصف البليون من السنين. والمجرة التي نحن بها " تحتوي على مائة بليون نجم، ويصعب تخيل حجمها إذ يحتاج الضوء لمدة 90000 سنة ضوئية ليسافر من طرف مجرتنا الى طرفها ألآخر.

والآن دعونا نفكر ونستعمل عقلنا الذي خلقه الله لنا لنستعمله وليس لنؤجره ونجيره لمصلحة مجموعات من البشر وفكرها، ونسأل أنفسنا هذا السؤال : هل من المعقول، إن كنا نؤمن بالله فعلا، أن الله خالق هذا العالم، التي تحدثنا عن جزء بسيط منه بعجالة، بكل قوانينه الدقيقة وتعقيداتها التي تصعب على فهم البشر، هل هذا الخالق العظيم الذي ليس لمثله شيء، يشغل نفسه بكل تلك التفاهات والشروط التي وضعها ويضعها رموز الفكر الديني كأن تظهرالمرأة خصلة من شعرها أو إن لبس البشر هذا النوع من اللباس أو ذاك أو إن توجهنا في صلاتنا هنا أو هناك أو إن وقفنا في صلاتنا في هذا الموقف أو ذاك أو أو وهي أسئلة طويلة تبحث عن إجابات ولن نجد لها في الفكر الديني أي كان نوعه واتجاهه جوابا لأن الله بعظمته أكبر وأعظم من كل ذلك. الفكر الديني وقوانينه وشروط العضوية فيه مهما كانت مصادره هو صنع بشري ومن إنتاج البشر وليس من عند الله لأن الله سبحانه أكبر وأعظم من كل هذا الفكر.

ذهبت قبل فترة لزيارة صديق سلوفاكي فأطلعني على رسم لابنته الصغيرة، فنظرت إلى الرسم وإذا هناك رسم لشخصية بابا نويل الأسطورية وحولها أناس بأجنحة وأطفال يضحكون مبتهجين يتسلمون الهدايا. قلت لصديقي هذه صورة لبابا نويل فأجابني بالنفي وقال إنها صورة الله كما تراه ابنتي الصغيرة. تذكرت في الحال كيف رسم إبني الصغير تصوره لله حين كنا نعيش في العالم العربي. لقد رسمه رجلا بشعا وهو يشوي طفلا صغيرا على نار مشتعلة. وعندما سألته عن السبب قال أن معلمته أخبرته أن الله سوف يشويه في النار لأنه يلبس سلسالا ذهبيا. وقول هذه المعلمة هو جزء من ثقافة عامة زرعها الفكر الديني في وعينا منذ صغرنا. فلقد ترعرعنا منذ طفولتنا على تهديدات بأن الله سيصلينا بالنار وسوف يحرقنا في نار جهنم وسوف يعذبنا بالنار الملنهبة، وكلما احترق لنا جلد خلق لنا جلدا جديدا لكي يحترق من جديد، حتى يطيل عذابنا وتنضاعف آلامنا، وإلى مزيد من التهديد والوعيد الذي تقشعر له الأبدان.
قلت لصديقي لكل تصوره الخاص عن الله حسب ثقافته وتربيته، فقال لي كيف ترى الله أنت وكيف تتصل به؟ فقلت له:
إنني أرى الله في كل شيئ جميل، أراه في عيون الأطفال وفي ابتسامة أمي. أراه في الأنهار وفي أمواج البحار. أراه في قمم الجبال وفي سهول الوديان. أراه في في الزهور والورود والأشجار. أراه في عظمة الغابات وفي خضرة الأشجار. حين أريد الاتصال به أذهب لكل جميل خلقه فأتمتع بجماله، أراقب جمال الطبيعة وأستنشق هواءها. أذهب للغابات فأسير عاري القدمين على ترابها وأعانق الأشجار فيها وأشتم رائحة الزهور والورود المنتشرة في أرجاءها. أسمع الموسيقى الراقية وأغمض عيني وأسبح في روعة ألحانه. أسمع تجويد القرآن وأحلم في دنياه. الله جميل يحب الجمال، حنون يحب أبناءه ومخلوقاته. رحيم كالأم على أطفالها.

الله ليس في حاجة لصلاة مخلوق ولا لصيامه أو حجه. إنها وسائل للإتصال به من أجل تثقيف النفس وسمو الروح وتسوية الأخلاق. الله كالأب الرحيم وكالأم الحنونة ولا يوجد أب يعذب أبناءه ولا أم تصليهم بالنار. قد يهددونهم بالعقاب خوفا عليهم ولكنهم في النهاية سيحيطوهم بالرحمة والحب والحنان. الله ليس دكتاتورا أو ملكا طاغيا كما أراد الفكر الديني أن يصوره، يجلس على العرش ويطلب من مخلوقاته أن يكونوا له عبيدا.

الله في الفكر الديني صار مؤسَّسة، وبات يخضع لكلِّ ما تخضع له أيةُ مؤسَّسة أخرى في التاريخ، فيتنسب بعد إطلاق، ويتقيَّد بعد حرية، ويغدو عندئذٍ إما دولة أو فرقة أو طائفة أو طبقة، كما يغدو "متعددًا" بتعدد الدول أو الفِرَق أوالطوائف. ولئن كان للمطلق أن يتجلَّى في التاريخ، فسبيله إلى ذلك قلب الإنسان ليس غير. فالفكر الديني ذاته يقول على لسان حديث نسبوه للرسول محمد ووصفوه بأنه حديثا قدسيا: "ما وسعني أرضي ولا سمائي، ووسعني قلب عبدي المؤمن". وما من عقبة تحول بين الإنسان وبين اتصاله بالله والتواصل معة، من "الله–المؤسَّسة".
إن "الله–المؤسَّسة" إله مستبد، لأنه قام على أكتاف المؤسسة الدينية المستبدة، وليس ما يطمئنه على بقائه شيء أفضل من "نفي الآخر" واستعباده والتسلط عليه. ومن فاضح التناقض أن الذين ينسِّبون المطلق هم أنفسهم الذين يطلقون النسبي. فهم يجعلون الله مؤسَّسة في التاريخ، فيجرِّدونه من ألوهيته، ثم لا يلبثون أن يُضفوا هذه الألوهية على مؤسَّستهم لكي تحلَّ محلَّ الله في كلِّ شيء. ومن هنا تنشأ ضرورةُ تحطيم هذه المؤسَّسة–الصنم، حتى "يتحرر الله، ويشع في قلوب الناس جميعًا محبة وحنوا ورحمة. وحتى يكون التواصل معه مجلبة لرضى النفس وسمو الروح وتهذيب الأخلاق.
أنا أعجب للذي يمشق سلاحه باسم الله ويقتل أخيه الإنسان . أنا أعجب للذي يقتل كلمة ويقهر فكرا باسم الله. فباسم الله يمشق القلم لكي يكتب قصيدة أو فكرة. باسم الله تمشق ريشة فنان كي يرسم رسما يدخل البهجة في قلوب بني الإنسان. باسم الله تعزف الألحان وتنطلق الحناجر بالغناء وتتفتح القلوب بالحب والحنو والأمل. باسم الله تستقبل الوالدة وليدها وتضمه إلى صدرها. من يمشق سلاحا باسم الله ليقتل إنسانا، لا يؤمن بالله وإنما بالله المؤسسة ولا يقاتل باسم الله وإنما باسم الله المؤسسة وشتان بين الله جل جلاله وبين الله المؤسسه الذي صنعته مؤسسة الفكر الديني وراحت تقاتل باسمه.

أنا مؤمن إيمانا لا حدود له بالله. ولا أقولها خوفا من أحد ولا خشية من أي جهة كانت. إن كلمة "الله" ككلمة لغوية لا تعنيني وإنما يعنيني ما تمثله، فهناك كلمات كثيرة لغوية تشير إلى المطلق. وما يعنيني هو الشعور بالإنتماء لهذا المطلق العظيم، الذي أشعر به وأتقرب منه وألتمسه في كل لحظة من لحظات وجودي. الله المطلق، الخارج عن كل وصف، والخارج عن كل حدود. الله الذي يمثل بالنسبة لي الحب المطلق اللا متناهي، والعطف الغير محدود، والرحمة التي تملأ الوجود. الله المطلق الخارج عن كل مؤسسة، والغير مقيد بفكر. هذا هو الله الذي أؤمن به وأسعى إلى التقرب منه في كل ما خلقه وليس الله المؤسسة، الذي صنعته المؤسسة الدينية وصورته دكتاتورا حاقدا يتوق لحرق وتعذيب رعاياه.
جربو مرة واحدة أن تجلسوا وتتمعنوا في ما خلق الله، في جمال الأشجار والزهور،في روعة الوديان والجبال، في قوة مياة الأنهار وأمواج البحار، في سحر القمر والنجوم، في حسن مخلوقاته من بشر وحياوانات وطيور، حتى تشعرو أنكم جزءا من كل هذا وأنكم توحدتم به و ذبتم في عالمه، فإنكم ستغتسلون بسحره وتتطهرون بترياقه وستشعرون بالراحة والطمأنينة لأنكم ستكونون أقرب ما يكون من الله.

قد انشغلنا في عالم لوائح الممنوع والحرام التي أحاطتنا بها المؤسسة الدينية حتى نسينا أن نتمعن في ما خلقه الله لنا ونسينا أن نفكر فيه وفي حقيقة وعبرة ما خلق. وحتى إذا خرجنا للطبيعة فإننا نخرج لكي ندنسها بأوساخنا ونشوش عليها هدوءها وتناسقها. عباداتنا أصبحت روتينية بدون مضمون. فلم تهذبنا صلاتنا ولا سمى بنا صيامنا ولا طهر قلوبنا حجنا. فلقد تحجرت قلوبنا وملأها الحقد والكراهية والحسد. لقد انغلق فكرنا وصرنا في مؤخرة ركب الحضاره أو على هامشه. نحن في مأزق فكري و روحي و ديني. نحن قبل كل شيئ في مأزق مع الذات، لأن ذاتنا مسجونة، مغلقة، محبوسة. فاطلقوا سراحها ودعوها ترفرف في عالم الجمال الإلهي وفي حرية فضائه الللامحدود.


د. نضال الصالح / فلسطين/



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسيحيون العرب شركاء لنا في الوطن وليسوا على ذمة أحد


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - الله والمؤسسة الدينية