أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مغربي - ولّت -البوشيّة- وبقيت الداروينيّة!















المزيد.....

ولّت -البوشيّة- وبقيت الداروينيّة!


أحمد مغربي

الحوار المتمدن-العدد: 2639 - 2009 / 5 / 7 - 08:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو العالم المعاصر منقسمًا حيال نظرية العالِم الانكليزي الشهير تشارلز روبرت داروين في التطوّر Evolution، مع حلول المئوية الثانية لولادته والذكرى المئة والخمسين لصدور كتابه عن تطوّر الأنواع الحيّة وبقاء الأصلح بينها. فقد أظهر استطلاع واسع للرأي أجرته مؤسستا «سي بي أس نيوز» و«إيبوس موري» أن نصف البريطانيين يرون أن ما جاء به داروين عن التطور صحيح بصفه إجمالية، ووافقهم الرأي 15 في المئة من الأميركيين! وفي المقابل، يعتقد خُمس البريطانيين بأن نصوص التوراة لا تستطيع أن تعطي تفسيرًا مقبولا علميًا لتطور الكائنات الحيّة، لكن نصف الأميركيين يرون ان ما جاء في تلك النصوص يعتبر تفسيرًا كافيًا ومقنعًا. وأيّد ثلث الأميركيين نظرية «التصميم الذكي» Intelligent Design، ولم يوافقهم الرأي في ذلك سوى 17 في المئة من البريطانيين.
كرونولوجيا التطوّرالإدارة البوشية مالت لتأييد نظرية "المخطط الذكي" وحظرت تمويل بحوث خلايا المنشأ، ومع انتخاب أوباما رُفع الحظر وتنفّس المجتمع العلمي الأميركي الصعداء واعتبر هذا نصرًا للعلماء، ولداروين أيضًا..

* قبل ظهور سقراط وهيمنته على مسار الفلسفة، رأى الفيلسوف اليوناني أناكسيماندر (610-546 ق م) أن الطبيعة تديرها قوانين محدّدة، وأن أنواع الحيوانات تطوّرت انطلاقًا من السمكة.
* نشر كارل لينوس تصنيفًا للكائنات الحيّة يعتبر أساسًا للنظرة العلمية السائدة راهنًا. وقدّم تفاصيلها في كتاب «نظام الطبيعة» الذي ظهر في العام 1735.
* 12 شباط (فبراير) 1809: وُلد تشارلز داروين في بلدة شروبيري في انكلترا.
* نشر تشارلز لايل كتاب «مبادئ الجيولوجيا» (1830) الذي رأى أن دراسة تراكيب الأشياء تعطي فكرة عن ماضيها.
* 1831: استهل داروين رحلة بحرية استمرت 5 سنوات على متن السفينة «بيغل». وعكف بين عامي 1838 و1839 على تطوير نظريته عن التطوّر والانتقاء الطبيعي التي تنص على بعض الكائنات القادرة على البقاء في ظل شروط معينة، فتتكاثر على حساب غيرها.
* أرسل العالِم ألفرد راسل والاس مقالا إلى زميله داروين يعرض فيه نظرية عن التطور مُشابهة لما توصل إليه الأخير، مع التشديد على فكرة الانتقاء الطبيعي.
* 1859: نشر داروين كتابه الذائع الصيت «عن أصل الأنواع»، فأثار نقاشًا خلافيًا هائلا.
* نشر الراهب التشيخي غريغور ماندل نتائج دراسته عن توارث الصفات الطبيعية في النباتات. ولم تلفت الأنظار إلا في القرن العشرين!
* 1871: نشر داروين كتاب «تحدّر الإنسان» الذي أثار غضبًا كبيرًا حوله لأنه نظر إلى تطور الإنسان من المنظور عينه الذي تناول فيه تطور أنواع حيّة أخرى.
* 19 نيسان (إبريل) 1882: توفي داروين ودُفن في «ويستمنستر».
* ظهور نظرية «النقاء العرقي» واليوجينيا Eugenics، بمساهمة كبيرة من فرانسيس غالتون (حفيد داروين) الذي شدّد على مفهوم الانتقاء الطبيعي عبر بقاء الأفضل، ما فتح الباب أمام تفسير نازي للتطوّر يرى أن العرق الآري الأبيض الأوروبي متفوق على الآخرين. وكذلك استعملت النازية مفهومها للتطور كسند لممارساتها محرقتها العنصرية ضد اليهود والغجر والسود، في معسكرات الإبادة الجماعية في أوشفيتز وداخاو وغيرهما. وأقرت قوانين تدعم «الصفاء العرقي» في ولاية كاليفورنيا وفي مجموعة من الدول الاسكندنافية، ظل بعضها ساريًا بعد سقوط النظام النازي.
* بجهد مشترك، اكتشف جايمس واطسن وفرانسيس كريك التركيب المميز للحمض النووي الذي يكوّن عناصر الوراثة في قلب الخلايا.



(عن "الحياة" اللندنية، بتصرّف)

والمعلوم أن أنصار «التصميم الذكي» يرون أن تطوّر الكائنات الحيّة لا يمكن شرحه بعمل قوى الطبيعة بصورة عشوائية وغير موجّهة. ويشدّدون على أن التفسير الأكثر منطقية يكمن في حدوث «سبب أو تدخّل ذكي» في عملية التطوّر الطبيعي، بحسب المواقع التي تناصر هذه الوجهة. ولعل ذلك ما يميّز نظرية «التدخّل الذكي» عن القول بضرورة تبني الرواية التوراتية عن الطبيعة وكائناتها وتطورها.



* خلاف متصل
بعد 150 سنة على صدور كتابه الشهير «عن أصل الأنواع عن طريق الإنتقاء الطبيعي» On the Origin of Species by means of Natural selection، ومئتي سنة على ولادته في الثاني عشر من شباط (فبراير) 1809، لا يبدو داروين موضع إجماع علمي. الأرجح أنه شكّل مساحة خلافية علميًا، ولكن حدّة الخلاف ونسبته كانت تتأرجح صعودًا وهبوطًا. واستطرادًا، لم يمنع هذا التأرجح ترسخ مفهوم التطوّر علميًا (أُنظر المربع: كرونولوجيا وجيزة لمفهوم التطوّر)، كما لم يمنع الإجماع على أن ما نادى به داروين يمثّل مفهومًا علميًا أصيلا وغير مسبوق، اذ أحدث ثورة في العلم وفي الفكر الإنساني أيضًا. وفي نموذج عن خلاف لم يتوقف منذ صدور كتاب «أصل الأنواع»، استُقبِلت المئوية الأولى لداروين بحفاوة كبيرة في الغرب. ويذكر موقع «الجمعية الأميركية لتقدم العلوم»، ان صحيفة «تايم» اللندنية وصفت في العام 1909 صاحب نظرية التطوّر بالعبارات الآتية: «لم يتسن لشخص أن يُحدث ثورة في الفكر الإنساني تحفر عميقًا فيه وتطاول مناحيه المختلفة، كما فعل داروين. لقد علم البشر أن ينظروا الى الأشياء بصورة مختلفة نوعيًا. ولا تقتصر ثورته الفكرية على طريقة التفكير في أسرار الطبيعة والكون، بل تمتد الى الحياة اليومية بتفاصيلها وأشيائها كافة». وخصصت جامعة كامبردج البريطانية للمئوية الأولى 3 أيام، جمعت خلالها اختصاصيين من عشرين بلدًا. وفي الولايات المتحدة، نظّمت مجموعة من الجامعات احتفالات مماثلة. واهتم المجتمع العلمي العالمي، خصوصًا في أميركا، بالمئوية الثانية بطريقة لافتة. وكُرّست السنة للذكرى المزدوجة لداروين وكتابه.
والأرجح أن الخلاف حول داروين اندلع منذ صدور كتابه «أصل الأنواع»، ولعل تلك اللحظة مثّلت أقوى محطات الخلاف، بسبب الصدمة الهائلة التي أحدثتها المقولات غير المألوفة لداروين. لكنها لم تكن محطة وحيدة. وتُعطي الولايات المتحدة أمثلة عن ذلك الخلاف. إذ شهد العام 1925 محاكمة مثيرة في ولاية تينيسسي، حملت اسم «محاكمة القرد سكوبز». ويشير الإسم الى جون سكوبز الذي عمل مُدرّسًا في ثانويتها الرسمية. وتجرّأ على تدريس نظرية داروين في التطوّر. واعتبرت محكمة الولاية أنه يخالف دستورها الذي ينص على منع تدريس نظريات تتعارض مع الرواية التوراتية للخلق. وبعد أكثر من سبعة عقود، تكرّر الأمر ذاته، ولكن بصورة معكوسة. ففي العام 1999، شهدت محاكم ولاية أركنساس جدالا قانونيًا قويًا أثاره منع إحدى الثانويات الرسمية تدريس نظرية داروين في التطوّر، على رغم أنها مكرّسة في المناهج الرسمية. وتذرّعت الثانوية بأنها تريد حماية طلبتها من النظريات التي لا تنسجم مع الكتاب المقدّس. وشكّلت المحاكمة نقطة انطلاق للصراع بين دعاة «المخطّط الذكي» وأنصار التطوّر الطبيعي، خصوصًا في أميركا. ويلفت أن محاكمة أركنساس جاءت بعد سنوات قليلة من «الثورة المحافظة» في أميركا، حين اجتاح أصحاب الأفكار اليمينية المحافظة ودعاة التجدّد المسيحي الكونغرس.



* البوشية.. والنازية
وسبقت محاكمة أركنساس وصول «المحافظين الجدّد» إلى البيت الأبيض، عبر إدارة الرئيس السابق جورج بوش. وفي ظل إدارة المحافظين الجدّد، خاض المجتمع العلمي الأميركي صراعًا قاسيًا ضد ميل الإدارة السابقة لتأييد نظرية «المخطط الذكي». وتعدّدت ساحات الصراع، لكن الجدل حول بحوث خلايا المنشأ Stem Cells كانت الأقسى. فقد منعت الإدارة البوشية تمويل هذه البحوث من الأموال الفيدرالية. وتنفس المجتمع العلمي الأميركي الصعداء مع وصول الرئيس أوباما الى الحكم، خصوصًا أنه سارع لرفع الحظر الذي فرضه سلفه الجمهوري المُحافظ على البحوث ذاتها. واعتبر ذلك نصرًا للعلماء ولـ...داروين أيضًا. ولا يزال المجمتع العلمي الأميركي يخوض معركة ضارية من أجل الاستمرار في تدريس مادة التطوّر في المدارس والثانويات. وعالميًا، تعتبر الإنجازات المتلاحقة في علوم الوراثة والجينات تأييدًا هائلا لنظرية التطوّر عمومًا، على رغم أنها قد تنتقد الكثير مما جاء في نظرية داروين نفسها. وبقول آخر، فإن نصوص داروين لم تعد مرجعية علميًا، لكن الوجهة العامة التي رسمتها نظرته الى التطوّر تعتبر صحيحة.
وفي السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى أن كتاب «عن أصل الأنواع» يحمل عنوانًا آخر أشد قسوة: «بقاء الأنواع الفُضلى في الصراع على البقاء» Preservation of Favoured Races in the struggle for life. وسيسبب المزج بين التطوّر والقول بـ«بقاء الأفضل» مدخلا لأحد أقسى الإساءات لنظرية داروين، بحسب خلاصات مراجعة واسعة ظهرت في مجلة «ساينس» بمناسبة 150 سنة على نظرية داروين. وسجّلت المراجعة لداروين أصالة إنجازه لنظرية التطوّر، من خلال ربطها بين صفات الكائنات والظروف الطبيعية التي تحيط بها. وشدّدت على أنه استفاد من خبرة مربي المواشي وطرقهم في تهجين الأنواع ومزجها وطرقهم في مراكمة التغييرات للتوصل الى الصفات التي يسعون إليها، فرأى أن الطبيعة تعمل بأسلوب مُشابه من خلال تراكم أثر قواها على الكائنات الحيّة. ولفتت الى أنه تجاوز نظرية جان لامارك الذي ركّز على دور الصفات التي يكتسبها الأفراد والتي قد ينقلونها الى أحفادهم، فيما رأى داروين أن التغييرات تحدث في الجماعات عندما تعيش في ظل ظروف طبيعية معيّنة. وأشادت بأنه نقل تركيز العلم من الفرد الى المجموعة (وهو أساس عمل علم الوراثة المعاصر)، ما أدى أيضًا الى تأثّر علم الإجتماع بالنظرة الداروينية للتطوّر. وفي المقابل، لاحظت المراجعة أنه تبنى القول ببقاء الأفضل، ما فتح الباب أمام استعمال نظريته بطريقة غير إنسانية وشديدة العنصرية.
فمن المعلوم أن العالِم فرانسيس جالتون ركّز على مفهوم «الإنتقاء الطبيعي وبقاء الأقوى»، ليُناصر المقولات العنصرية للنازية في ثلاثينات القرن العشرين. وشكّل ذلك أحد المداخل لمذابح النازية ضد الأعراق التي اعتبرت متدنية بالقياس مع الجنس الأبيض الآري، مثل اليهود والغجر والسود وغيرهم. والمفارقة أن العالم جايمس واطسن مسؤول «مشروع الجينوم البشري» الذي توصّل الى رسم الخريطة الجينية للبشر، لم يتردّد في الإدلاء بآراء عنصرية تعبر عن ازدرائه للعرق الأسود، الذي رأى أنه متدن وميّال للكسل والعنف. وأدت هذه الآراء التي أدلى بها في العام 2007، إلى رد فعل مستنكرة في الأوساط العلمية نالت من سمعته وصورته تاريخيًا. والمعلوم أن واطسن حاز جائزة نوبل في العام 1955 عن اكتشافه تركيب الحمض الوراثي النووي، وهو إنجاز مؤسس في ظهور علم الجينات المعاصر. وربما تُظهر تلك الأمور الحدود المتلاعبة والمعقّدة بين العلم والفكر الإنساني.





#أحمد_مغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شبح ((الثقة المفقودة)) يجوب بورصات العالم مخرباً


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد مغربي - ولّت -البوشيّة- وبقيت الداروينيّة!