أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أبو الحسن سلام - دفاعا عن الوطن














المزيد.....

دفاعا عن الوطن


أبو الحسن سلام

الحوار المتمدن-العدد: 2638 - 2009 / 5 / 6 - 06:23
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


"إذا لم تصنع لهم قضية جعلوك قضيتهم " تبدو صحة هذه العبارة التي قالها ميكيافيللي كلما مرت بنا الأيام . فها نحن أولاء نرى جماعات الظلام تخرج علينا ما بين عشية وضحاها بقضية مفتعلة ، لا طائل للمجتمع من ورائها . وهم في ذلك الوقت متوافقون مع التوجهات الغربية التي تصم مجتمعاتنا بالتخلف والإرهاب . وما بين بعض الآراء الغربية المتطرفة وبعض الآراء المتأسلمة المتطرفة يقع المواطن المصري بين المطرقة والسندان .
وإذا كانت الأصوات الغربية الآن تتهم المسلمين كلهم بالتطرف والتخلف فكان الأجدر بنا إثبات خطأ تلك الآراء لا تأكيد صحتها . وقديماً قال الشافعي : "رأيي صواب يحتمل الخطأ ؛ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " إلاّ أن أولئك الذين يرون أنهم وحدهم على الهدى وما عداهم من خلق الله على الضلالة يأخذون من الشواهد ما يصلح شعاراً لمرحلة ما يعقبه آخر لمرحلة تالية لها وهكذا يسيّرون أمور أتباعهم وفق (نظرية الكل في واحد) ذلك الواحد الذي له عليهم حق السمع والطاعة . ولأن ذلك شأنهم بوصفهم أحراراً في بلد حر ، فإن ذلك الشأن الذي اعتنقوه لا يلزم غيرهم ، ذلك أن كل إنسان حر فيما يعتقد ، حر في التعبير عما يعتقد شريطة ألاّ يعتدي على حق غيره في التعبير بحرية عن رأيه وعما يعتقد ، ذلك ما تقرر في المادة (40) والمادة (41) والمادة (47) من الدستور التي تنص على أن " حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون . والنقد الذاتي والنقد البنّاء ضمان لسلامة البناء الوطني "
وبموجب ذلك يمارس المواطن حقه المكفول له في المادة (47) حيث ما صرّح به هو شكل من أشكال النقد الذاتي الذي هو عمود أساسي لضمان سلامة البناء الوطني . وما كان هذا النقد الذاتي منصباً بأي شكل أو معنى من المعاني على الدين في حد ذاته بل ، على ممارسات اجتماعية وسلوكيات يمكن الاتفاق عليها أو الاختلاف .
ومع أن الدستور ينظم علاقة المواطن بالوطن وعلاقة الحاكم بالمحكوم ، وعلاقة المواطن بالمواطن دون أدنى تفرقة بين متدين ومتدين ، أو بين متدين وغير متدين. والدين علاقة خاصة بين الإنسان والخالق وإلاّ ما قال القرآن " لست عليهم بمسيطر " . فإن حب السيطرة عند نفرٍ جعلوا من أنفسهم أولياء على الغير الذي هو مواطن حر في وطنه وفي معتقده وفي رأيه الشخصي يعدون عليه أنفاسه.. (ألا ينظر كل منكم إلى نفسه) وحب السيطرة وسوء فهم الآخرين أو سوء النوايا في النظرة إلى الآخر وفي تحميل رأي صدر عنه – ربما دون قصد – فاعل فينا منذ زمن . وقد لفتتني إلى ذلك التوجه في حكمنا على الآخرين رسالة وردت على بريدي الإلكتروني من الناقد المسرحي العراقي (صديق توفيق) المقيم بقطر ، مشفوعة بنص رسالة للمفكر والكاتب المسرحي الأيرلندي (جورج برنارد شو) يعتب فيها على أساتذة جامعة القاهرة بعد منع تدريس مسرحيته (القديسة جون) التي تتعرض لحياة (جان دارك) وموقف الكنيسة منها ، حيث كفرتها وأحرقتها حية .
وقد نشرت الرسالة في إحدى الصحف الأمريكية عام 1937 وكان سبب منعها وجود جملة في سياق الحوار المسرحي على لسان شخصية رجل دين يخاطب آخر بقوله :
" إن محمداً كان راعي إبل " فردت عليه الشخصية الأخرى : " وكذلك كان داوود حداداً " . ولكن بعض المغالين من آباء هؤلاء الذين يعكرون صفو الحرية وينقبون عن القضايا في واقعنا المعيش الآن صرخ آنذاك مندداً ومكفّراً ومطالباً بإقالة طه حسين عميد الكلية لأنه سمح بتدريس مسرحية (كافرة) لمؤلف (كافر) بحجة أنها تهاجم الرسول . على اعتبار أنهم حماة الدين . هكذا تقتطع الكلمة من سياقها الدرامي والأدبي ، لترفع شعاراً مندداً ومهدداً كذريعة لرفع السيف بعد تسييد الشعار المضلل ، ليسيد بعد ذلك رافع الشعار نفسه ليصبح الآمر فينا بوصفه راعياً نصّب نفسه مسؤولاً عنا لأنه يعتبرنا قطيعاً من حقه أن يهشنا بعصاه هشاً استباقياً ، حتى لا يفكر واحد منّا مجرد التفكير في الشرود بعيداً عن متناول عصا الإتّباع .
غير أن المثقف لحسن الحظ كثير الشرود عن مسار القطيع بعيداً عن متناول عصا حامي حمى الرعاع في بيداء الاتّباع . لذلك فهو مطرود من فردوس التبعية ، مهدر الرأي ، مهدر الأسرية ، لأنه ما وجد إلاّ منتهكاً لأقنعة الشمولية .
هكذا وقعت مجتمعاتنا بسبب حماة الاتّباع الأعمى في فخاخ الغرب المتطرف ، الملغمة بالطعوم المسمومة (للرسوم المسيئة) مرة وللعبارات المقتطعة عن سياقاتها مرة ، انتظاراً لردود أفعالنا المتوقعة بالنسبة للغرب ، وهي ردود أفعال متشنجة وغوغائية ينتظرها متطرفو الغرب ليدللوا لشعوبهم على أننا متطرفون ومتخلفون. ولأن الثقافة تشذيب للفكر قبل أن يستوحش وبعد أن يستوحش ؛ والتشذيب الثقافي يتحقق عن طريق حوارية القطع والوصل . بحيث يتقاطع المثقف مع ثوابت مجتمعه ويتواصل . وبذلك تسير بالمجتمع كله مركبة الحياة في وضح النهار نحو شواطئ النجاة وعالم أكثر رخاء وسعادة وأمان ما يلبث من يأتي بعدنا ليحرك مياه حاضره الفكري التي أصبحت راكدة بالنسبة إلى جيله .
ولأن ذلك التشذيب الثقافي ينزع عن الراعي الاتباعي عصا قهر الآخرين على السير مغمضي الأعين مغلقي العقول .
لذلك هم دائماً يتشبثون بالاكسسوار الديني احتجاباً واختماراً وانتقاباً والتحاءً في الوقت الذي تغيب فيه العدالة ويغيب فيه الأمن عن المواطن وعن الوطن من الداخل ومن الخارج .



#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ذكرى كادح مسرحي مات مغتربا
- تكوين رأي عام بوسيط مسرحي
- كورس وزاري
- نشيد المكسحين
- المونولوج الوزاري
- قمة بعمة وقمة بغمة
- ليلى تخلع قيس ( نميمة مسرحية)
- صوت قرنفلة الشعراء
- عيد يروح وعيد يجيء
- العرض المسرحي بين التسويق والترويج
- المرأة المسلمة بين الحضور والغياب
- الشعر لا يرحل
- لجان المشاهدة والعشا الليلي
- بلاغة الصمت في التعبير المسرحي
- سعدية عبد الحليم وفطنة الكتابة القصصية (2)
- فطنة الكتابة وقطرات المطر
- المسرح وفن صناعة الأعداء
- فكرة أنصاف الآلهةبين الوجودية والفرعونية
- المسرح وعاقبة العبث بعلاقات الإنتاج
- حكامنا وفن صناعة الأعداء


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أبو الحسن سلام - دفاعا عن الوطن