أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - المسيحيون العرب شركاء لنا في الوطن وليسوا على ذمة أحد














المزيد.....

المسيحيون العرب شركاء لنا في الوطن وليسوا على ذمة أحد


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2638 - 2009 / 5 / 6 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل عامين توفي صديق لي مسيحي وصدف أن كنت في الوطن. هاتفت صديقا مشتركا لنا لنتفق على الإلتقاء وحضور جنازة صديقنا الذي رحل عنا إلى الأبد. فوجئت برفض صديقي للإشتراك في الجنازة، وعندما سألته عن السبب قال لي أنه محرم علينا نحن المسلمين حضور جنازاة المسيحيين. لم أصدق ما سمعت، فقلت له متعجبا، هذا صديقنا، ترعرعنا سويا، أكلنا وشربنا معا، سجنا معا، ودخلنا بيته ودخل بيتنا، فما هذا الذي تقوله يا رجل؟ أجابني بأن أكلهم محلل لنا ولكن ديننا يمنعنا بان نشارك في اعيادهم وأن نمشي في جنازاتهم.

هاتفت بعض من يدعون أنهم من رجال الدين لأتأكد من صحة هذا القول، فأكدوا لي ذلك وثنوا على موقف الصديق وحسن إسلامه. أغلقت سماعة الهاتف وجلست حائرا أتسائل ما هذا الذي يحدث في وطني؟ من أين جاء هذا الفكر المريض الذي يمنع صديق العمر من أن يحضر جنازة صديقه؟

لقد ترعرعت في منطقة من مدينة نابلس الفلسطينية تدعى رفيديا. رفيديا، كانت قرية صغيرة بالقرب من مدينة نابلس، كثر فيها المواطنون المسيحيون ولقد أصبحت الآن جزءا من المدينة واختفت معالم القرية الأصلية وحلت محلها عمارات وفلل حديثة ومحلات تجارية ومطاعم ومقاهي.

كنا نلعب مع أخوتنا المسيحيين، يدخلون بيوتنا كما ندخل بيوتهم ونذهب معا مشيا على الأقدام إلى نفس المدرسة التي كانت تقع على بعد عدة أميال من رفيديا. كان درس الدين الإسلامي إلزامي على الطلاب المسلمين وغير إلزامي للمسيحيين. وبالرغم عن ذلك إعتاد كثير من الطلبة المسيحيين على حضور حصة الدين لأن أهلهم قالوا لهم أن القرآن هو كتاب كل العرب كما أن النبي محمد هو نبي عربي ولذا ورغم التزامهم بمسيحيتهم فلقد كانوا يفخرون بالتاريخ الإسلامي العربي ويعتبرونه جزءا من تاريخهم كما القرآن جزءا من ثقافتهم. كنا نحتفل بأعيادهم كما كانوا يحتفلون بأعيادنا ونشترك في عيد الفصح الذي كنا نعتبره عيد الربيع وكنا نلون البيض معا وتجري بيننا المباريات بالبيض المسلوق حيث ندق البيض ببعضه فمن كسرت بيضته يخسرها للآخر. كان آباءنا يلتقون في حديقة بيتنا أو في حديقة أي بيت من بيوت الجيران للعب طاولة الزهر أو ورق الشدة وكانت أصواتهم وقهقهاتهم تعلوا حتى تطغو على صوت وصراخ الأطفال في الشارع. وكانت الأمهات تشترك في صنع المأكولات الطيبة وخاصة في صنع الكعك بأنواعه. كنا نسمع صوت آذان الصبح يتناغم مع صوت أجراس الكنيسة ولم أسمع من والدي رحمه الله الذي عرف بتدينه بأنه يمنع علينا المشاركة في أعيادهم والمشي في جنازات أمواتهم فما الذي حصل وما الذي تغير؟

كبرت وشخت، تركت الوطن طلبا للعلم وعدت إليه ثم أجبرت على العيش في الغربة ولكن لم تنقطع علاقتي الوثيقة بأصدقائي المسيحيين وهم من أخلص الأصدقاء، يشاركوننا أفراحنا وأتراحنا ويمدون لنا يد العون حين نحتاج إليها. الدكتور فرحان، طبيب الأطفال الذي يحفظ القرآن و الذي سجنته السلطات الأردنية ومن بعدها الإسرائيلية. صديقي وأخي أبو عمر الذي سمى إبنه على إسم عمر بن الخطاب تيمنا بهذه الشخصية العربية الفذة. صديق العمر الدكتور وديع وقرينته المصونة وأبناءه ،الأصدقاء الأوفياء لأبناء أختي الملتزمين بدينهم الإسلامي والذين لا يقطعون فرضا ولم يمنعهم تمسكهم بدينهم من إقامة علاقات وطيدة وصداقة عميقة مستمرة مع إخوة لهم مسيحيين، صداقة لم تضعف أمام مر السنين. وغيرهم وغيرهم أكثر من يحصوا.

المسيحيون جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، بل هم في كثير من الأقطار العربية أصل أهل البلاد وجذورهم عميقة في أرضها وكثير من العائلات في فلسطين والأردن وغيرها تجمع الديانتين وكثير من العائلات المسلمة لا تزال جذورها في عائلات مسيحية، فالهلسة المسيحيون في الأردن والهليس المسلمون في فلسطين من جذور واحدة ومثل ذلك أكثر من أن يحصى.

المسحيون ينتمون إلى هذه الأرض وهم جزء لا يتجزأ من تركيبتها السكانية. ليسوا في ذمة المسلمين أو في كنفهم وحمايتهم، بل كل من الشريحتين في ذمة الآخر وفي حمايته، ومن يقول غير ذلك لا يريد لهذا الوطن خيرا. هناك يد خفية تحاول حرمان المسيحيين من المواطنة وإثارة النعرات ضدهم وتسعى إلى تهجيرهم إلى البلدان الغربية وهو أمر في غاية الخطورة.

أنا لا أستطيع أن أتصور بيت لحم، بيت مولد المسيح الفلسطيني أو القدس حيث دفن فيها، بدون المسيحيين وكنائسهم وأجراس كنائسهم. بل لا استطيع أن أتصور كثير من البلدان في وطننا العربي الكبير بدونهم وبدون تناغم أجراس كنائسهم مع أصوات الآذان من جوامعنا. فإذا كنا ندعي التسامح فعلا، فالعيش المشترك المجبول بالأخوة والمحبة الصادقة بين المسلمين والمسيحيين هو الدليل الوحيد لإثبات ذلك .



#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الصالح - المسيحيون العرب شركاء لنا في الوطن وليسوا على ذمة أحد