رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 09:23
المحور:
كتابات ساخرة
الفرق الواضح بين اللصوص العاديين والسياسيين , هو أن أولئك غالبا جهلة وغير متعلمين ,نتيجة ظروفهم العائلية والاجتماعية , ويسعون لأطعام أنفسهم وعوائلهم بأي طريقة متيسرة وإذا غلًقت الابواب في وجوههم يلجأؤون الى السرقة للبقاء على قيد الحياة يعني بالانكليزية..(Survival ), أو حب البقاء..
أما اللصوص السياسيين ,فهم غالبا متعلمين وحتى مثقفين وحاملين للشهادات العليا ومن لم يحصل عليها , يمكنه شرائها من المزورين ,ليستخدمها في مهنته التي تضم كل عيوب الدنيا من أنانية وسرقة وغش وإحتيال ونفاق وكذب وتضليل وخداع .
لذلك فلا داعي لنقاش أي النوعين أضر للمجتمع وأتعس وأخطر, وأنيل (بتعبير الأحبة المصريين) .
والفرق الواضح للعيان بين النوعين هو أن اللصوص يسرقون ليعيشوا , بينما الساسة الفاسدين يعيشوا ليسرقوا,الفرق واضح وكبير.
تصوروا جواب رجل في برنامج ماذا لو كنت مسؤولا لفعلت ؟ وهو يقول ..سأقوم بألغاء الحصانة البرلمانية عنهم وتحديد رواتبهم ب ألف دولار شهريا وإجبارهم على تقديم كشف شهري لمصادر دخلهم , وإلغاء كل الميزات والمخصصات والحماية الشخصية ,هذه مشكلتهم من يريد الحكم في العراق فليتحمل المسؤولية بنفسه وعلى نفقته الخاصة ..فهل سيبقى التكالب وتزوير النتائج للفوز بمقعد حلال أو حرام هي الصفة السائدة؟
أود مناقشة فكرة الحصانة البرلمانية في بلدي الجريح العراق , وهل يجب الاقتداء بالمواثيق والاعراف الدولية والتمسك بها في هذا الشأن ؟
أم أن حالة العراق وطبيعة مجتمعه وخصوصا الطبقة السياسية الحاكمة (قديمها وجديدها),
تستدعي قوانين خاصة تتناسب وتلك الطبيعة الاجتماعية والسياسية الخاصة ؟؟؟
سأتدرج في الموضوع ولذلك مضطر لأيراد الحقائق الآتية :
أولا :
تشير قراءة التأريخ الى أن جل الساسة والحكام في العراق كانوا فاسدين وسراق لقوت الشعب والمال العام وحالات الاستثناء معدودة وتحسب على أصابع اليد الواحدة .
وحتى الساسة المعارضين والذين يسمون بعوانس السياسة عندما تطول فترة معارضتهم , تراهم يتحولون الى لصوص أبشع وألعن من سابقيهم عند إستلامهم للسلطة , حتى لو قدمت إليهم على طبق من فضة , كما حدث قبل 6 سنوات عندما جاءت الكثير من الجماعات والأحزاب الجائعة وأصحاب رواتب الضمان الاجتماعي وبعض عملاء المخابرات (هؤلاء أغنى), وقليل من الساسة المحترمين الذين ينشدون الأصلاح والتغيير والتعويض لهذا الشعب البائس !
ثانيا :
طبيعة المجتمع العراقي عموما تشير الى وجود عادات وتقاليد وأعراف متنوعة كباقي خلق الله ,منها الأيجابي مثل حب الحياة والطبيعة الليبرالية (قبل قدوم الاسلامويين والتكفيريين ),والكرم والنخوة والتكافل الاجتماعي والتنافس الدائم من أجل الافضل .
ومنها السلبية أو التي تحولت الى السلبية نتيجة الهجرات الجماعية إليه من الصحراء القريبة منه , كالفساد والنفاق الاجتماعي والسياسي والمجاملة بطريقة خاطئة (شيلني وأشيلك),وحب الظهور والتسلط والاستئثار ,والتطرف الشديد , وكذلك حب إيجاد أو خلق الزعامات التأريخية والتي تعطى بعض من صفات الخالق (كما حدث مع صدام وأسمائه الحسنى المائة ) .
وفي هذا الخصوص أتوقع تأثر الجينات البشرية تدريجيا بعوامل الجو والحرارة والطعام وما شابه , بحيث تعطي هذه الصفات المتناقضة غالبا ,مثال الحب الشديد والكره الشديد
ثالثا :
العراق بلد غني بثرواته الطبيعية وبحضارته القديمة المتنوعة وتأريخه المتنوع أيضا حيث كان في فترة معينة في قمة الحضارة الانسانية (أيام البابليين مثلا ونوعا ما فترة قصيرة من حكم العباسيين ), وكان في فترات أخرى في أسفل القائمة كما في فترة العثمانيين وعهد صدام حسين (عندما كان الجواز العراقي يثير الريبة والشك في مطارات عمان ودمشق وغيرها ),وهذه الخاصية (التنوع ) لو أستغلت في الاتجاه الصحيح , كانت تعني إغناء وإثراء للتجربة العراقية , لأن الذي جرب القمة والقاع يسهل عليه إختيار الأفضل لسلوكه المستقبلي بعد قراءة تأريخية بسيطة !
ويحلو للبعض القول أن غنى البلد وثرواته جعلته مطمع أنظار الغرباء(الاستعمار الغربي),وهو مالم أؤمن به أو ألمسه حتى لو كان ظاهر الأمر يوحي بذلك أحيانا ,ومراجعة بسيطة للوثائق الانكليزية والامريكية تعطينا فكرة واضحة بالارقام ,عما صرفوه من خزائنهم سواء في بداية القرن الماضي (بالنسبة للانكليز) أو حاليا (بالنسبة للاميركان ),وحتى لو جادل البعض ,بأن تصدي العراقيين لهم ,هو الذي أفشل مخططاتهم للبقاء والاستفادة ونهب البلد ,فأقول إذن النتيجة واحدة ..لم يحدث في النهاية نهب للبلد من الغرباء , إنما كان البلد منهوبا دائما من أبنائه الغيارى (خصوصا قادته العظام أمثال صدام وخلفه الحاليين ) !
والخلاصة ..ودون ذكر المليارات التي أهدرها الطاغية صدام في عهده المباد والتي أدخلته مجموعة جينس للارقام القياسية (كأكثر رئيس أهدر أموال شعبه ).
ودون تكرار الكلام عن رواتب البرلمانيين الحاليين (15 الى 20 ألف دولار شهريا عدا المخصصات والسفريات والحمايات والحج المبرور واللبس الموفور والقصر المشهور )
أقول ..هل ينبغي إبقاء الوضع على ما هو عليه حاليا في البرلمان ؟
وهل يستحق أفراده الحصانة البرلمانية التي سهلت لبعضهم الهروب قبل ساعة الصفر,مثل ما حدث مع الدايني قبل أشهر قليلة ؟
ونقطة مهمة جدا .. ألا تكون هذه الميزات للبرلمانيين والحكومة وبهذا البون الشاسع عن الشعب البائس ,ألا تكون سببا مهما جدا في تكالب الناس على السلطة ؟؟مالهم كيف يفكرون ؟ يعني المفروض لو تمتعوا بقليل من الحنكة لقللوا تلك الرواتب , لتقل المنافسة لهم ماداموا يريدون البقاء لسنة إضافية أخرى دون إنتخاب .
هل العملية السياسية في العراق اليوم هي السير نحو الديمقراطية خطوة خطوة ؟ أم نحو تكوين عوائل ثرية ليسيطروا على إقتصاد البلد قريبا وبطريقة الرأسمالية التي يلعنوها ليل نهار ؟
اللهم الرأسمالية أشرف من هؤلاء بكثير !
في هذه الحالة نحتاج جملة عادل إمام في مسرحيته شاهد ..إنت تجي الصبح أول واحد وتلبس البتاع ..على الاقل ليضمن الانسان تقاعد قيمته 40 ألف دولار شهريا وهو يتنقل بين المقاهي والفضائيات ليوزع نكاته السمجة وبألفاظ مبتذلة ..الله كريم
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟