أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - حظر تجوال















المزيد.....

حظر تجوال


فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)


الحوار المتمدن-العدد: 2635 - 2009 / 5 / 3 - 05:27
المحور: الادب والفن
    



http://i88.servimg.com/u/f88/13/68/19/40/5_123410.jpg

في حشدِ الافكار وصَّـتِيت الروح ، أكَلَف بأعمالٍ مرهقةٍ ، فأَتَجَشَّمْ هولَ تلك الأعباء ِ ، وأتناساها حين أخوضُ غمارَ أحلامي المترفة فأتَلدَّنُ عليها ، أو حينَ أرتبُ أجزائي المبعثرة ، أندسُ في فراشي ، وأغمضُ عيناي ، لأحلمُ بأشياء يتعسرُ عليَّ لمسها أو نيلها ..

أفقتُ على لمستهِ لكتفي ، وجاء كلامهُ معي فراطاً ، وبترقب ملحوظ لكلينا .. رافقتهُ للصالة ..وبقيتُ كما انا ، عالقة بي رائحة الشواء .. سألتهُ عما يرغب .. ! قال : قهوة حلوة ..
ويعني هذا، سكرها بنسبة 70% ... سرقتُ بعض الخطوات لغرفتي ، أبدلتُ ملابسي على عجلٍ ،ورتبتُ هندامي وأنعشتُ روحي بمسحاتٍ خفيفة لوجنتي وشفتي وأسبلتُ شعري ..

شعورٌ غريب إنتابني حين وضعتُ أمامهُ فنجانه وقدح الماء .. أطال نظره لي ..التفت يميناً وشمالاً رأيتُ بعضنا فقط في الغرفة، بعدما كانت ممتلئة بضجيجهن .. بدا لي إن أمراً ما، مطروقاً بعيداً عني ..
قال: أجلسي لنخطط كيف سننهي الأزمة .....
- أي أزمة ؟
- ألا تعلمين ؟
- وضح .. !!!
- زواجنا ...!
- ومن صرحَ بذلك ؟
- الأعرافُ والسُنة ..
إغتالني الصمت .. وتراءى لي تكسرُ أحلامي ...
- هل باتتْ أحلامك وئيدة ؟
- وأنتَ مابال أحلامك ؟
- إن روحي لم تتكسر الآن ، لأنها سبق وأن كُسرت . وأُعلنَ على إرَبي حظر التجوال ،فقد كنت محتاجاً، أن يُكسر قلبي لكي لا يصادرهُ أحداً لا أحبهُ .
- صادرتهُ هي ؟
- نعم ، فلن أتمكن من منحكِ قلبي .. وإرتباطنا سيكون صورياً .
- أرحتني ..
- مختصرة ... أها نسيتُ حين أكونَ معكِ ، أعيشُ عصرَ إختزال الكلام .




مرتشفاً لقعرِ قهوتهِ .. تداركَ سقوط رماد سيجاره ،حين لمحني أمدُ يدي لدفع المنفضة تحت ناصيتها ، إحتضنهُ بكفهِ ، مطبقاً عليه خوفاً أن يتسربَ حريقُ كلماتهِ من بين أناملهِ ، حين تسربلتهُ فكرة إبتعادهِ عنها .. وأن تتشظى روحه من دونها ، قام متوجهاً صوب النافذة ،ذاراً له بنفحةٍ من فمهِ.. قال وبغصة :

- تعلمتُ منكِ كيف أُرقنُ قيدي ، وهذه ضريبة ضعفي أمامكِ ، دخلتُ لكي أنهي أزمة ، لا أن أفتحَ جبهة أخرى ، : ولكونكِ أرقى مخلوقة ولدت في عشيرتي ، يبدو إن يومي بدايته بالبكاء ولن ينتهي بـ ... مازلتُ أبكي ..هكذا عرفتك ..

* * *

أجبتهُ بإقتضاب وبعينٍ دامعة ..
- أبطالُ روايتكَ هم أبطالُ روايتي . لِمَ نحن لا نخرج من حدود عالمنا والعشيرة ...؟
- لانستطيع ..تلزمنا سرعة أكبر من سرعة الصوت .
- هل ما زلت تبكين ؟
- نعم
- أعطني نصف مناديلكِ وأنفكِ الأحمر .
- لم تعدْ مناديلي كافية .
- أنت إنسانة حساسة ، ومناديلكِ بدتْ قليلة ، ودموعكِ بالأطنان ، أنا الآخر لا أريد أن أؤذيك ، ولكن حسبي وحسبك إن الملائكة لا تنجب ولا تتزوج ،مجرد ان تحتفظ بحبها، وبريقها الذي له التماع دموعك ...
- أضيعُ معكَ ..
- يسعدني التسكع معاً ، مادام الرقيب لم يعلنْ على لساني بعد حضر التجوال ، سأخبركِ عنها شيئاً .. أحببتها مابين نفسي ونفسي ، وكنت سعيداً في عدم إيصال كل الأشياء لها ، كنت أريد أن أستمر بحالة التناغم دون أن تدري ، من حقي أن أعيش ، كما أريد أن أعيش ، ولكن أن اسمعكِ إحتضاري ،هذا ما أثار جنوني .
- شاعرٌ انت ؟
- الشعر صفة عشيرنا ، فإعتبريهِ كلام شاعر يكذب ، والليل يحرض على الكذب .
- إيه يا ابن العم ، إنكَ تبكيني .. إن روحي مازالت تمتشق روحه ،وفي يومي المزدحم اتذكرهُ في أجزاء الثانية ، وأتعاطاهُ وأبتسم حتى آخر مدى أسناني كالمجنونة .
- كم أنت رائعة .. لا تبكين عندما يضربكِ سيف الانسانية .
- أفقد الشعور بالانتماء لكَ ..
- هل تحرضيني على كرهكِ ؟ فأنت مخطئة .. بل تحرضني على فهمكِ.
- أنا بعيد عن لجامكِ لي ، أنا سائسُها الأمين ، وهي مليكتي ،والأعرافُ تطلب مني الزواج من الأميرة ، لكني أستطيع الإنقلاب .
- لاتتمكن .....
- شيء واحد يعيقني ربما .. صدقي معكِ .
- وان أُُجْبرتْ ....!
- لا تخافي لن أسرق خيولكِ .
- تصوري .. انا في حياتي تمنيت تكون لي غرفة خاصة بي ، تعذر عليّ ذلك ، ولما قرروا إرتباطنا وهبوني غرفةً متكاملة الرشوة
- فهل ستبني من حطامِ قلبي قلاع مجدكَ؟
- مادامت إبتسامتي لك عذراء ، إقطفي زهرة خرساء من بين حطامي ،لتتعلمي منها نقطة البداية، لأول إرتعاشة قلب وشهقة وجد ، وإن العالم يشبه إستدارة قلبي ، ولتتعلمي الحكمةَ من تلك الزهرة ، بان الحب ، سيمفونية تعزفها القلوب المحطمة ، فابني قلاعكِ من قلبي المحطم ، سيري في أروقتها ، وحين يختفي ظلكِ ، ستجدين ما يتبعكِ ،ليس سوى ظل إحتضاري.
وددت لو ينتهي الموضوع ..كم تمنيت ان أختلي بنفسي، أو ان ألوذ بصمتي ، حتى وإن كان ذلك في حضرته .. قلت في غايتي إنهاء لحظات باتت وشيكة، ان يُوقد النار فيها :
- لاأحب أن أقتص من وقت راحتك معها.
- الوقت معكِ أعتبره طقوس .
- وإن يكن ،لا أحب ذلك .
- ولكن اقتصاصكِ قصاص عادل ،لهدر الوقت اليومي ببعدها القصري عني .

* * *
- كلميني عنهُ .. ؟
- أسمعُ قلبهُ كيف ينبض .. و .
لم يدعني أكمل قال متعجباً :
- أعلم إن مجاهيل قلبكِ سحرية ، والوصول اليها ضرب من ضروب المستحيل ، وان بحركِ ليس له آخر ، كيف وصلكِ ؟
- أحبَ إعتلاء موجي ،وكان لي وطن ، فهو يشبهني ، تمنيت أن يشبهني حتى ببصمة الإبهام
- كيف ... ؟
- لانه إنسان ، يقول معكِ الكلمات تتوه من بين أصابعي وتتلاشى فأي مخلوقة أنت ؟.. هي معك جذوة المساءات وتراتيل العاشقين .
- لِمَ لفك السكون ؟ .. هل أوجعتكَ ذكراها ؟
تنهد وطال في تنهيدته ..وحاصرتني نظرات استغرابهِ ، وتردد وكأنه يبحث عن ردود مبهمة قال:
- لا لم يكن كما ذكرتي ، لاني لا أعرف الإسترسال في عشوائية حياتي ، فهي سفينة ضائعة في غياهب لهيف القلب ، أخذت زمنا خرافياً ، غير إن الأزمنة أقصر من أحلامي . ..

لم يكمل حديثه .. وراشقني بنظرات حديثة العهد ، إكتنزت عيناه كل تفاصيلي ..فأركزَ كوعه على مسند الكرسي ..وقد قَنَعَتْ اصابع يده اليمنى صفحة وجهه ، ناظرا لي من خلالها بأبتسامة ماكرة ،غرة ..قائلاً:
- إرتحت لك جداً ، تسحريني ، سأستبدل الأبطال ، كنت أخافك ِ، آآآه دعيني أقبلُ نفس السنة التي ولدنا فيها ..
- مابكَ..؟
- لاعليكِ ، دعكِ مني .. أكملي :
فأردفت قائلة :
- معي، الاشياء الجميلة حلمْ ، تُقتَلْ .. عندما نصل اليهِ أو نفسرهُ ،هكذا تعلمتُ الجمال ،قبل أن أقرأ فكرة الجمال لهيغل ، رغم هذا وذاك أحب العودة بين الأهل ، وأن أعيش ذكراه ....
- ستأتين ، وستضجري من النفاق والعشوائية، وتحلمين بالسفر مرة أخرى ، وتصادر ذكراه منك ِ، يكفي إنك ستجديني مبتسماً أمامك ، أكبر منافق في التاريخ ..

همهمتي جاءت بمفردات غنجة ،انسدلت دون وعي مني ، وإعتمرني الشوق فيها فقلت بلهفة :
- سأقَبلَهم ، وسأسمعهم ، سأعيش لحظاتهم ..سأركض بكل الإتجاهات .. وسأقبل أزهاري وأشجاري وسأقَبلُكَ ...أوقفني رفعه لحاجبيه .. فقلت : يبدو إني تجاوزت .
- مبتسماً ومنتشياً قال : دعِ الروح تتكلم لا تلجميها، التقبيل ليس جرماً شائناً، ستُقبليني من بين عيني هكذا سأطلبُ منكِ ..انتِ تبعثين على الأمل .
- وهل ستدعني أعيش لأجلهِ ...؟ أم ستسرق خيولي ؟
- سأنقلب رغم صدقي معكِ .. لو رقنت قيدكِ قبل أن أعرفكِ أكثر ، لكنت قد وفرت الألم ، لكن بعدما ضربتني ركلاً بكل ما فيكِ ، وبلحظات أدمنتُ ركلكِ . ..
- قلت بعصبية مخنوقة ، هل تهذي يارجل ... ؟
- نعم أعذري قلة أدبي لانها الحقيقة ..قلبي معكِ ، وأعتذر جداً ، لأني أنا الآخر أمتلكُ شاربين ، وأعتذر أيضا لرجولتي التي لا يمكنها التنصل من الأعراف والسُنة، لشغفها بك على حين غفلة ، وأعتذر لأني أعيشُ زمن الصعاليك ،وإني إكتشفتكِ متأخراً .. ولأننا ولدنا في زمن الأسلاك الشائكة ،والعواطف الشائكة، واعتذر لأني لم أبكي جيداً الآن ، كم متعبٌ ومحبطٌ أنا؟
- ماالذي فعلتهُ لكي تجلدني هكذا .. ؟ .. كفْ إنك تؤلمُ رأسي ، وتبكيني .. آهٍ .. سيسهدُ ليلٌ الهَوْجَلِ ، وستضاجعني الأوجاع وترمي بي الهموم ..
- إنك تقطعين قلبي ، رغم إن القدر أحمق ، جئتي في وقت ، أنا أتكسر فيه ، وأنت تمكنت من لصق أجزائي. . أتوسلكِ ، لاتعلنين حظرالتجوال على خَطَراتُ قلبي ، أرجوكِ خذي إجازة من رأسك ، كفي عن البكاء وأضحكي ، إسمعي كلامي .. إبتسامتكِ تغنيني عن الدنيا ،أنا أحبُ فقري ، كما أحبُ إبتسامتكِ وضحكتك .
- ووعودك لها ..؟ِ
- لن أتخلى عن الأعراف والسُنة ، سأقدسكِ ............



#فاطمة_الفلاحي (هاشتاغ)       Fatima_Alfalahi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة الفلاحي - حظر تجوال