أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - الأموية والسنّة – خلفاء عتاة وجبرية مقدسة!















المزيد.....

الأموية والسنّة – خلفاء عتاة وجبرية مقدسة!


ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)


الحوار المتمدن-العدد: 2634 - 2009 / 5 / 2 - 10:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


لقد كانت الصيغة الأولية لمفهوم السنّة تتطابق مع منافسة الصحابة والتابعين في السير بخطى تقليدهم للشخصية المحمدية في السلوك العملي. وهي المقدمة الضرورية للاجتهاد التاريخي الذي لازم وقوف الشخصيات الكبرى أمام التحديات الجديدة التي رافقت مهمة إعادة اللحمة للوحدة المنفرطة بعد موت النبي محمد، ومن ثم مركزية السلطة وترتيب شئون الدولة الصاعدة.
إذ افترضت هذه المكونات بالضرورة صياغة القدر المناسب من القواعد العملية التي تعطي للسلوك السياسي والحقوقي تجاه الأفراد والجماعات والأمة "شرعية أخلاقية". من هنا إتباع "سنّة النبي" بوصفه الشعار الذي لا بد منه من اجل الحصول على إجماع عام. لهذا السبب اتسم أيضا باستعمال القوة والعنف والإكراه والترهيب. وهو أمر جلي في "اختيار" الخلفاء "الراشدين". وبالتالي فقد كانت "السنّة" بهذا المعنى جزء من اجتهاد النخبة (الصحابة). وفي هذا يكمن سر اختلافاتها السياسية والدموية أيضا، الذي جعل الجميع تتحدث عن التزامها بسّنة النبي رغم تعارضها وتضادها في البواعث والمواقف. مما جعل من "السنّة" إحدى المرجعيات الأخلاقية العملية التي لا تتعارض مع الاجتهاد لأنه لا إلزام فيها لغير تمثل الجوانب العملية.
ساهمت هذه الظاهرة في مجر ثلاثة عقود من الزمن بعد موت النبي محمد بإرساء مقدمات النموذج الإسلامي الأولي، الذي مازال أثره عميقا في وعي الذات القومي والتاريخي الثقافي. ولا يخلو هذا النموذج من أوهام وأساطير بسبب هيئته المثالية، لكن قيمته تنحصر أساسا في ارتقائه إلى مصاف المرجعية الثقافية التي تحتوي بقدر واحد على صورة تاريخية واقعية ومثالية متسامية.
أما الأموية فقد جعلت من الصيغة التاريخية والمتسامية لمفهوم "السّنة" عقيدة مرتبطة برؤيتها السلطوية. من هنا تحول مفهوم السنّة إلى مجموعة قواعد تؤسس لنظام الخضوع والعبودية. من هنا سيادة الجبرية السياسية (اللاهوتية) واستعمال كل أساليب التخريب المادية والمعنوية وإلزام الجميع على الاعتراف بها باعتبار "سنّة". وبدأت هذه العملية برفع شعار "الثأر لدم عثمان" مرورا بخديعة رفع القرآن على الرماح والتحكيم وانتهاء بجعل سب وشتم الإمام علي بن أبي طالب من فوق المنابر "سنّة". وجعلت هذه المقدمة من الممكن إدخال كل ما تريده السلطة إلى صندوق "السنّة" لأنه لم يعد أكثر من حاوية لغريزتها العائلية والقبلية السلطوية.
إن التحول الذي أدخلته الأموية على مفهوم "السنّة" يقوم في تحويلها إياها إلى فكرة أو عقيدة سياسية خالصة. ومن ثم جعل الدين والدنيا توءمان في دهائها السياسي. ولم يكن بإمكان القرآن أن يؤدي هذا "التوليف" على أفضل وجه. أما "السنّة" فإنها قابلة له بسبب إمكانية وضع مختلف أنواع وأصناف الأحاديث "النبوية" المزيفة والمحرّفة.
وزمن الأموية هو زمن احتراف التأليف الهائل للأحاديث "النبوية" الكاذبة. وبالتالي ليست فكرة "السّنة" في الواقع سوى فكرة أموية لا علاقة جوهرية لها بحقيقة الإسلام الأول من حيث كونه اجتهادا تاريخيا وفكريا لإرساء أسس التوحيد الروحي والاجتماعي. من هنا يمكننا رؤية اغلب "عقائد السنّة" في خطاب السلطة الأموية، أي كل ما كان يهدف إلى تثبيت وتركيز سيطرتها وسلطتها وسطوتها الخاصة بوصفها "عقائد الإيمان" الإسلامي. من هنا اختلاط مكونات الانتقام والعبودية والخروج على الحق المجرد والدعوة للاستبداد وفكرة الأفضلية وغيرها فيها. ومن الممكن رؤية ذلك في حال تأمل "عهد الولاية" الذي كتبه سليمان بن عبد الملك للخليفة عمر بن عبد العزيز. وقد يكون هو الاختيار الوحيد الأفضل والأنبل في تاريخ السلطة الأموية. بمعنى إننا نعثر على كل مكونات الفكرة السنّية الاستبدادية في احد أدق صيغ الخطاب الأموي. وسوف أجزأ الخطاب من اجل رؤية نسبية العقائد "السنيّة" وأثرها بالنسبة لإرساء قواعد العقائد الملزمة واعتبار الخروج عليها خروجا على الدين والإيمان مع ما يترتب عليه من عقاب "دنيوي"، إضافة إلى جوهرية فكرة الخضوع والتوريث في الحكم، واعتبار وحدة الدين والدنيا "السليمة" من "حق" السلطة لحالها، أي من موقفها الخاص وتأويلها الشخصي، وان السلطة هي التي تقرر معنى الحق والعدالة والإيمان والمستقبل، وان أي خروج على ما ترتئيه وتريده عقابه الموت. إذ نقرأ في هذا العهد ما يلي:
(بسم الله الرحمن الرحيم! هذا ما عهد به عبد الله سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين، وخليفة المسلمين)
 عهد انه يشهد لله بالربوبية والوحدانية، وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه إلى محسني عباده بشيرا، والى مذنبيهم نذيرا،
 وأن الجنة حق، وان النار حق، مخلوقتان. خلق الجنة لمن طاعه، والنار عذابا لمن عصاه. واوجب العفو لمن عفا عنه. وأن إبليس في النار،
 وأن سليمان مقر على نفسه بما يعلم الله من ذنوبه، موجب على نفسه استحقاق ما خلق من النقمة، راج لما وعد من الرحمة والمغفرة.
 وأن المقادير كلها خيرها وشرها من الله، وانه هو الهادي وهو الفاتن. لم يستطع احد لمن خلق الله رحمته غواية، ولا لمن خلق لعذابه هداية.
 وأن الفتنة في القبور بالسؤال عن دينه ونبيه الذي أرسل إلى أمته حق يقين. لا منجى لمن خرج من الدنيا إلى الآخرة من هذه المسالة.
 وسليمان يسأل الله بواسع فضله وعظيم منّه الثبات على الحق عند تلك المسألة، والنجاة من أهوال تلك الفتنة.
 وأن الميزان حق يقين، يضع الموازين القسط ليوم القيامة. فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك هم الخاسرون.
 وأن حوض محمد يوم الحشر والموقف حق، عدد آنيته كنجوم السماء، من شرب منه لم يظمأ أبدا. وسليمان يسأل الله برحمته أن لا يرده عنه عطشان.
 وأن أبا بكر وعمر خير هذه الأمة بعد نبينا. والله يعلم بعدهما حيث الخير، وفيمن الخير من هذه الأمة.
 وأن هذه الشهادة المذكورة في عهده هذا يعلمها من سره وإعلانه وعقد ضميره، وأن بها عبد ربه في سالف أيامه وماضي عمره، وعليها أتاه يقين ربه وتوفاه اجله وعليها يبعث بعد الموت إن شاء الله. وأن سليمان كانت له بين هذه الشهادة بلايا وسيئات لم يكن عنها محيص، ولا دونها مقصر بالقدر السابق والعلم النافذ في محكم الوحي، فإن يعف ويصفح فذلك ما عرف منه قديما ونسب إليه حديثا وتلك الصفة التي وصف بها نفسه في كتابه الصادق وكلامه الناطق. وأن يعاقب وينتقم فيما قدمت يداه، وما الله بظلام للعبيد. واني أحرج على من قرأ عهدي وسمع ما فيه من حكمه أن ينتهي إليه في أمره ونهيه وبمحمد. وأن يدع الإحن، ويأخذ بالمكارم، ويرفع يديه إلى السماء بالابتهال الصحيح، والدعاء الصريح، ويسأله العفو عني، والمغفرة لي، والنجاة من فزعي، والمسالة في قبري، لعل الودود أن يجعل منكم مجاب الدعوة بما علي من صفحه يعود إن شاء الله.
 وأن ولي عهدي فيكم وصاحب أمري بعد موتي في كل من استخلفني الله عليه، لرجل الصالح عمر بن عبد العزيز ابن عمي لما بلوت من باطن أمره وظاهره... ثم ليزيد بن عبد الملك من بعده، فاني ما رأيت منه إلا خيرا، ولا اطلعت له على مكروه...
 ومن أبى عهدي هذا وخالف أمري فالسيف. ورجوت أن لا يخالفه احد. ومن خالفه فهو ضال مضل يستعتب، فإن اعتب وإلا فالسيف. والله المستعان".(ابن قتيبة: الإمامة والسياسة، ج2، ص121-122).
***



#ميثم_الجنابي (هاشتاغ)       Maythem_Al-janabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأموية والفتنة
- شروق الماركسية وغروبها
- ماركس -المرايا المتحطمة-!
- المثقف ومهمة صنع التاريخ القومي
- المثقف العراقي وحقائق المرجعية الأبدية للروح
- أفاق الأصوليات (الدينية) السياسية في العراق
- المثقف وروح القلق واليقين
- الراديكالية السياسية للغلاة الجدد!
- المثقف – الحلقة الرابطة لديمومة الروح التاريخي للأمم
- الراديكالية الشيوعية والبعثية العراقية وانقلاب القيم!
- المثقف وإبداع الأبد
- الموجة الأخيرة للزمن الراديكالي
- طوفان الزمن الراديكالي وبداية التاريخ العقلاني
- المثقف ومرجعيات الروح المبدع
- المصالحة الحقيقية وأشباح الموتى!
- الزمن الطائفي والتاريخ العربي
- الحركة الصدرية – (تيار الداخل) وصعود الباطن العراقي(4)
- مقدمات المعترك السياسي والأيديولوجي للحركة الصدرية(3)
- الحركة الصدرية-غنيمة الزمن العابر وتضحية الانتقام التاريخي ( ...
- مقتدى الصدر - ميتافيزيقيا الثورة الصدرية( 1)


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ميثم الجنابي - الأموية والسنّة – خلفاء عتاة وجبرية مقدسة!