أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - الفقيد سلام الحيدر - لمناسبة الذكرى 26 لمجزرة بشت آشان عام 1983















المزيد.....


لمناسبة الذكرى 26 لمجزرة بشت آشان عام 1983


الفقيد سلام الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 2632 - 2009 / 4 / 30 - 10:19
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


لمناسبة الذكرى 26 لمجزرة بشت آشان عام 1983

شهادة للتأريخ
مجزرة بشت آشــان
من سـيحاكم القتلة ؟؟

الفقيد سلام الحيدر
( د. أبو تانيا الأعلام المركزي )

بعد رحلة شاقة دامت خمسة وأربعين يوما" وصلنا بشت ئاشان في أوائل تشرين الثاني / 1982 ، تلك الرحلة الشاقة التي لا أتخيل أن ينساها أي رفيق جديد ، لقساوة أيامها ، وهي تجربة ومقياس لقوة التحمل والصبر لأي رفيق ونصير جديد .
كانت بشت ئاشان في حركة مستمرة يوميا" ، رفاق يبنون قاعات جديدة وحيوانات تنقل مواد تموينية لفصل الشتاء القريب ومقرات وفصائل في طور التكوين ، وكانت مقراتنا ( المكتب السياسي والأعلام والحماية ) قد أنسحبت من منطقة ناوزنك على الحدود التركية لمخاوف من تقدم القوات التركية أثر أتفاقيات سرية وقعتها تركيا مع نظام صدام حسين . أما الرفاق الذين تراكمت لديهم خبرة في العمل الأنصاري أعتبروا المنطقة غير آمنة من حيث موقعها الجغرافي المحصور بين مرتفعات ضيقة من كل جوانبها وتحاذي الحدود الأيرانية من خلال أحد أعلى جبالها وهو جبل قنديل وهو الطريق الوحيد للأنسحاب في حالة تقدم قوات معادية .
بشت ئاشان قرية صغيرة مهجرة . تحولت بمر الأيام الى مركز ثوري للأنصار الشيوعيين مما حفز الأهالي على العودة لها لفلاحة الأرض والأهتمام ببساتينها العامرة ، تحولت هذه القرية المهجرة الى خلية نحل ، بناء قاعات ، مفارز قتالية ،خدمات طبية ، أجتماعات حزبية وعسكرية ، ندوات ثقافية وأذاعية , عندما أكتملت زينة بشت ئاشان وتوسعت بأبنائها وبأنصار الحزب الشيوعي العراقي أحتضنها السكان وفرح بها الأنصار ولكنها بدت مخيفة للنظام الدكتاتوري والفاشيون وقرروا منعها من النمو . في بشت ئاشان تجسدت البطولة وغرفة العمليات التي تدفع المفرزة تلو المفرزة نحو مقرات السلطة ومرتزقتها ، ذلك الموقع الذي عجزت قوات السلطة وطيرانها عن أزاحته من تربته العراقية ... تحول الى جريمة سوداء بعد أن مرت مفارز أوك من أمام ربايا ومعسكرات الحكومة ! وبقوة تفوق قوة الموقع عشرات المرات وبعد أن رسم وخطط للعملية قبل مدة من بدأ العدوان .

كان السكون يسبق العاصفة لتلك الأيام من نهاية شهر نيسان من عام / 1983 وكل منا يتوقع بأن أحداث لا تحمد عقباها ستحصل . وكان توقعنا في محله ، ففي 26 نيسان أطلقت مدفعية خفيفة عدة قذائف على مقراتنا ، حيث جرح فيها الرفيق الشهيد أبو ماجـد من فصيل الأدارة في كتفه ، وكنا نعتقد بأن الجحوش يودون جس نبض قواتنا وتحديد أماكن المقرات المتواجدة من خلال سقوط القذائف وهو ما يسمى عسكريا" تعيين الأحداثيات . ذهبت مع الرفيق ملازم قصي وعدد من رفاق فصيل بولي الى الأماكن التي أطلقت منها القذائف وكانت تبعد عن مقراتنا ثلاث ساعات سيرا" تقريبا" .
لم يخطر في بال أحد من القيادة أو أي رفيق بأن قوات كردية حليفة ( الأتحاد الوطني الكردستاني / أوك ) تستعد لشن هجوم واسع على مقراتنا في بشت ئاشان . كان الحزب في تلك الأيام يستعد للأحتفال بمناسبة عيد العمال العالمي في الأول من آيار . كان الرفيق عماد الطائي يفترش سقف مقر سريتنا ويرسم جدارية كبيرة على القماش . ولرفع المعنويات وزيادة روح المتعة والمرح كان الرفيق طبيب الأسـنان أبو بـدر مع عـدد من الرفاق يرفعـون الأعـلام الحمـراء مرددين الأغنية الرمضانية ( ماجينا .. ماجينا حلي الجيس وأنطينا )

ترافقت مع تلك الفعاليات خطوات أقدم عليها رفاقنا في مكتب الفوج فقد نقلت عوائل الى قرية قريبة هاجر أهلها قبل فترة من الزمن ، وتمت زيادة نوبات الحراسة الليلة ووضع فصيل بولي المتقـدم ربيئة متقدمة تحسبا" للطوارئ . في تلك الربيئة وفي الأول من مايس/ آيارسقط لنا أول شـهيد في بشت ئاشان وهو الرفيق المسرحي شهيد عبد الرضا / أبو يحيى الذي كان يحلم بأنجاز عمله المسرحي لتموز المجيد . حيث سيطرت قوات ( أوك ) على الربيئة في وقت مبكر وجرح أبو يحيى وعذب حتى الموت وبالرغم من جراحه أطفأت أعقاب السكائر على جسده ودفن أمام المستشفى .

في ذلك اليوم بدأ الهجوم الذي شنته قوات ( أوك ) على مقراتنا ومن مناطق عدة محيطة ، كنا نرى بالناظور كيف كانت هذه القوات تهبط من قمم الجبال المغطاة بالثلوج الى الوادي ، ووصلت ألينا أخبار متفرقة وقليلة من هنا وهناك بالهجوم مما خلق نوع من الأرتباك بين الرفاق لكونه مفاجئ ولم يسمح لهم الوقت لترتيب الأوضاع بشكل أفضل ، حيث لم يتبين في البداية من الذي يقوم بالهجوم . أنتشر الرفاق في أماكن عديدة ورابض الرفاق حول مواقع الدوشكات ووضعت كمائن متقدمة ، أما أنا فقد كنت مع بعض الرفاق في كمين متقدم قرب مقر ألأعلام من الصباح وحتى اليوم الثاني ، وعند عودتي للفصيل طلب مني الرفيق أبو آيار المستشار السياسي للسرية بالتوجه للقرية التي نقلت أليها العوائل سابقا" وذلك لعلاج أحد رفاقنا الذي جرح هناك . وصلت القرية التي تبعد حوالي الساعة عن المقر ووجدتها فارغة ولم أجد أحد من الرفاق وتبين أنهم قد أنسحبوا الى قمم الجبال خوفا" من سقـوط القذائف في الوادي والقرية نفسها . عدت الى مقر السرية ولم أجد أحدا" غير الرفيق ملازم قصي الذي أخذ يناديني بصوت عالٍ ويخبرني بأن قوات أوك تتقدم وهي على بعد أمتار قليلة وطلب مني التوجه الى مقر المكتب السياسي .... كان ذلك ظهر يوم الثاني من مايس / آيار ، كان الرفيق أبو عامل في المقر وعدد من الرفاق بينهم الرفيق أبو زينب وهم يجمعون بعض الأوراق والوثائق وحاجات أخرى لحرقها . جمعنا الرفيق أبو عامل وطلب منا الأنسحاب للحاق بالرفاق الذين سبقونا وأشار الى قمة جبل بعيدة جدا" وقال أنها قمة جبل قنديل وهي هدفكم في المسير ، وبعد ساعات قليلة تبعنا الرفيق أبو عامل وبقية الرفاق بعد أن أحرقوا المقر .

بعد مسيرة حوالي الساعة في داخل الوادي بدأنا نتسلق المرتفع وننظر الى المشهد المؤلم ، طابور طويل من عشرات الرفاق يسيرون ببطئ شديد نتيجة الجوع والعطش وشعور بالأحباط ، شاهدت على الطريق الجبلي حاجات مختلفة تركها الرفاق لعدم أستطاعتهم حملها ... راديوات ، حقائب شخصية ، ملابس ، وحتى بعض الأسلحة . أتذكر الرفيق أبو علوان الذي كان يحمل سلاح الستريلا والقذائف , كان متعبا" لحد الأعياء , لم يبادر أحدا" من الرفاق بمساعدته على حمله فأضطرالى تحطيمه بالحجر ولم يصل غير سلاح ستريلا واحد حمله الرفيق أبو حسين ناصرية الى آخر نقطة آمنة وأتذكره كيف كان يروي بفخر للرفاق في القيادة كيف بوحده وبدون مساعدة أوصل السلاح بأمان .

كانت المسيرة متعبة جدا" وكل منا يفكر متى نصل الى القمة ! ؟ بدأ الظلام يخيم على المنطقة ونحن نسمع أصوات طلقات نارية متقطعة بعيدة وضوء نيران خافتة ، كنا نلتهم الجليد الذي غطى الطريق بالرغم من شهرمايس / آيار ليروي عطشنا بسبب التعب الذي رافق مسيرتنا . ومن شدة التعب والأعياء لم ينطق أحد من الرفاق بأي كلمة , وربما لم يتسنى لأي رفيق بالنظر الى رفيقه الذي يسير جنبه وكل رفيق يود أن يسير لوحده لكثرة الأسئلة التي تشغل رأسه .
أتذكر تناوب أحد الرفاق مع أخيه على حمل والدتهم التي جاءت قبل أيام من الأحداث من مدينة كركوك وكانت طاعنة في السن ونحيفة ولم تطاوعها قدماها بالسير فأضطروا لحملها ، ومشهد آخر لرفيق يصرخ من التعب والأعياء بصوت عالي ، وعدد من الرفاق وصل بهم اليأس لحد الرغبة في التسليم لربيئة حكومية . درجات الحرارة بدأت بالأنخفاض كلما أقتربنا من القمة وأخذ البرد يسيطر علينا بسبب ملابسنا المبتلة بالعرق .
وصلنا قمة جبل قنديل الواقع على الحدود الأيرانية في الساعة الثالثة من صباح اليوم التالي وبعد مسيرة عشر ساعات متواصلة . البرد شديد جدا" ، تولدت فكرة لدى الرفاق للأستراحة قليلا" فجمعـوا ما لديهم من أوراق شخصية في جيوبهم وأشعلوا النيران فيها طلبا" لدفء كاذب ولدقائق معدودة ، ولحسن الحظ لم نقع في الكمائن العديدة التي التي نصبتها قوات أوك في طرق عدة .

حدثني الرفيق أبو جعفر فيما بعد بأنه أثناء الأنسحاب تردد وأختلف مع ثلاثة من رفاق الحزب الأشتراكي الحليف بالسير من خلال أحد الطرق الفرعية وذهب وحده من طريق آخر وعلم بعدها بأن الثلاثة قد أستشهدوا بعد وقوعهم في كمين قاتل نصبته قوات أوك التي كانت تقتنص أي شخص يمر من خلال كمينهم .
بعد وصولنا قمة جبل قنديل أصبح لزاما" علينا الهبوط من الجهة الثانية حيث الأراضي الأيرانية وكانت سفوح الجبل هذا مغطاة بكميات هائلة من الجليد وقد ساعد هذا عدد من الرفاق بالنزول السريع . أخبرني في حينها الشهيد الرفيق الدكتور أبو ظفر ذو المعنويات العالية دوما" بأنه ساعد العديد من الرفاق ورفع معنوياتهم لمواصلة السير وسط الجليد أو مواجهة الموت سيما وأن أمامهم ساعات معدودة للوصول الى الوادي . كما أنه أنقذ الرفيق أبو ليلى السراج زميل الدراسة في الأتحاد السوفياتي حيث تخرج من معهد النفط في أذربيجان بعد أن ساءت حالته الصحية وأخذ يرتجف من شدة البرد حيث تم لفه في بطانية وسحبه من قبل بعض الرفاق بسرعة الى أسفل الجبل وتم أسعافه هناك ، كما شاهدت العديد من الرفاق وهم يتدحرجون كالكرة على الجليد .

في الساعة السادسة صباحا" كنا في أسفل الجبل ، حيث الرفيق أبو آسوس وعدد من الرفاق يستقبلون القادمين المنهكين وهم يعدون الشاي وقليل من الخبز ويعقبها أستراحة قصيرة ثم التحرك بمجاميع عدة يرافقها أدلاء يعرفون المنطقة بالسير في عمق الأراضي الأيرانية . وبعد مسيرة ساعات وصلنا الى أحدى المقرات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني الحدودية وبسيارات عسكرية كبيرة تم نقلنا الى العمق الأيراني وبأسماء كردية مستعارة حيث أدعينا بأننا من أنصار الحزب المذكور بلغ عددنا العشرات ، تحولنا الى ضيوف وشحاذين في نفس الوقت ، كنا نقف طوابير طويلة لتناول وجبات الطعام ووزعنا في بيوت القرية وهي شبه أسطبلات للحيوانات . كان السؤال المطروح من قبل جميع الرفاق ... ماذا سـيعمل الحـزب الأن .. ؟ وكم يوم سنبقى هنا .. ؟ وهل سنعود الى كردستان أم ماذا ... ؟ وكانت قيادة الحزب في حالة تشاور مستمر مع السيد مسعود البرزاني سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي زار المكان وقد ألتقيته لأول مرة .
في الليالي كنا نتحدث بما لدينا من معلومات ، وكل رفيق محمل بالعديد من المآسي عاش أحداثها أو سمعها من رفاق آخرين ويرويها بألم ومرارة وكأنها نسج من الخيال وليست وقائع عاشها الرفاق بساعاتها وأيامها . عندما ألتقيت الرفيق ملازم قصي عند رجوعي من القرية وطلب مني التوجه الى مقر الكتب السياسي توجه بدوره الى الأذاعة التي نقلت الى مكان مرتفع متقدم قبل أيام الهجوم وفجرها بقذيفة ( أر . بي . جي 7 ) ثم ألتحق مع مفرزة كان فيها أكثر من سبعين رفيقا" ورفيقة أنسحبوا من طريق آخر ولكنهم وقعوا في الأسر وكان بينهم الرفاق كريم أحمد ، أحمد باني خيلاني ، أبو آدم ، أبو عادل وملازم قصي وقد نقلوا جميعا" الى قرية ( ورته ) مقر أوك وأدعت أذاعتهم حينها أنهم ليس أسرى بل ضيوف لدى مام جلال ولكنهم نسوا بأنهم أطلقوا النار على الجرحى ومثلوا بجثث الشهداء .

لقد أطلقوا النار على الرفيق سمير مهدي شلال / أبو تيسير المهندس الزراعي / خريج جامعة طاشقند . عندما وقع في الأسر مع بعض الرفاق كان جريحا" بعد أن أصيب بشظية قنبلة يدوية في يده ولم يتمكن من السير، أستفسروا عن الأسماء وأتصلوا في اللاسلكي لتلقي التعليمات التي كانت زخة رصاص في جسده فأستشهد بطلا" أمام رفاقه ورفيقاته اللواتي صرخن بوجه القتلة ( أنذال ، فاشست ) . كذلك على الرفيق الجريح نصير محمد حسن الصباغ وهو أبن أخت الرفيق الفقيد مهدي عبد الكريم / أبو عباس حيث كنت على معرفة بأخيه الذي غرق في نهر موسكو قبل سنوات . كما أطلقوا النار على الرفيق المناضل حامد الخطيب / أبو ماجد وهو جريح وسرقوا مالية الأدارة التي عثروا عليها في ملابسه . كان أبو ماجد متحدث لذيذ المعشر ، أحد المناضلين اللذين حملهم قطارالموت عام 1963 الى نقرة السلمان وهو ضابط برتبة ملازم ثاني .

أكثر من خمسين رفيقا" ورفيقة أستشهد لنا في تلك الأيام المعدودة . أستشهد الرفيق أبو يحيى في كمين صباح بوم الهجوم بعد أن جرح وعذب وسمع صراخ مهندس أذاعة صوت الشعب العراقي سمير يوسف كامل / عمار وهو يسقط في الوادي شهيدا" وكان الشهيد كاتب قصة قصيرة وقارئا" ممتازا" وشيوعيا" متفانيا" والرفيق عماد شهيد هجول/ أبو المعالي وهو خريج بلغاريا / فرع الأقتصاد ، والشاب الوسيم توفيق وقريبه ( س ) كاتب القصة مرهف الحس ، والشاعر ( س ) . كذلك سقط الشهيد الرفيق محمد فؤاد زميل الدراسة في موسكو حيث سقط شجاعا" في المعركة ولم يستسلم وأوصى بالحفاظ على الرفيقات حتى أصابتة رصاصة قاتلة في رأسة. وأستشهدت البطلة عميدة عذبي حالوب /أحلام بعد أصابتها بساعدها ولكن نبضها ما زال حارا" حتى أطلق النار على وجهها وسلبت قلادتها وخاتم زواجها بعد قطع أصبعها ، ومن فصيل ( الكويت ) أستشهد لنا رفيقان رعد وسعد وأمر الفوج ملازم عبد الرزاق مع الرفيق مؤيد عبد الكريم الذي قاتل في صفوف الثورة الفلسطينية لسنوات وألتحق بالأنصار لأيمانه بأن قضية التحرر العربية لا تتجزأ وأن نصرة الشعب الفلسطيني وثيقة الصلة بالنظال ضد طغمة بغداد ، والرفيق رعد عبد المجيد عندما وقعوا في كمين غادر قرب مقر المكتب السياسي ولم يكن لديهم علم بأن المقر قد سقط بيد قوات أوك . ومن الفصيل المتقدم أستشهد الرفيق حمه سور آمر الفصيل العسكري ، كما روى القرويون كيف أستشهد ببطولة الرفيق ( س ) خريج هندسة من ألمانيا وهو يقاتل الأعداء من صخرة الى أخرى وجرح عدد منهم حتى حوصر وأستشهد في قمة التلة . كما أستشهد زميلي عبد الحسين خريج هندسة طيران من أنكلترا وقد سبق وشكلنا معا" لجنة لأتحاد الطلبة قبل شهر من الهجوم على أمل عقد أجتماع موسع كذلك الرفيق المحبوب أبو حنان خريج هندسة بريطانيا وقد علمنا بأن الجامعة التي تخرج منها أطلقت أسم سـلام وهذا أسمه الحقيقي على أحدى قاعات الجامعة ، وأكثر مأساوية الطريقة التي أستشهد فيها الرفيقان أبو سمير ورفيق آخر من مدينة السماوة وهما من الكوادر الحزبية وقد وصلوا قبل أيام من الهجوم حيث أستشهدا بطلقات الدوشكا التي تركها الرفاق في أماكنها ولم يطلق منها ولا طلقة واحدة ، كما لم يبادر رفاق الحراسة عليها ولربما نتيجة الخوف والأرتباك من نزع قطعة الزناد الصغيرة والتي تشل السلاح تماما" أذا سحبت منها ، فعندما كنا نتناوب الحراسة على سلاح الدوشكا نتركها مساء" بعد ان ننزع منها هذه القطعة .

عندما كنت في فصيل دراو السفلى وبعد فترة من الهجوم أخبرني الرفيق خالد عرب بأن أحد القرويين الذي كانت لنا علاقات طيبة معه ويسكن بالقرب من مقرنا أخبره بأن الجلاليين وضعوا جثة أحد الرفاق الشهداء على صخرة للتهديف عليها وبالتناوب أخذوا يطلقون النار عليها من مسافات قريبة وهم يمرحون ويرقصون فرحين وكأنهم في مسرحية ، كذلك أخبر الرفاق بأنه قد أخفى أحد الرفاق في بيته بعد أن ظل طريق الأنسحاب و لمدة ثلاثة أيام وكان الرفيق متتردد بالأستسلام وألقاء السلاح ولكن القروي أقنعه بأنه سوف يضمن سلامته وأخبر الجلاليين وتوسل أليهم بالمحافظة على حياته فخدعوه بأنهم سوف يأخذونه أسير ولكنه مجرد ألقاء سلاحه أفرغ أثنان كامل عتاد رشاشاتهما عليه وواصلوا أطلاق النيران بالرغم من أستشهاده وسقوطه على الأرض ولم يكتفوا بذلك بل جاء ثالث مسرعا" بعد أن سمع أصوات الرصاص وعندما علم بالموضوع أفرغ طلقات أخرى عليه وبصقوا على القروي الكردي لايواءه العربي حسب قولهم وقد دفنه القروي قرب داره .
لم نعلم في البداية من هو هذا الرفيق ولكني أخبرت الرفيق ملازم قصي وقد وافقني في الرأي بأنه الشهيد أبو علي / أحسان الهاشمي خريج زراعة بغداد ، الرفيق الهادئ الوسيم ألأشقر وكنا معا" في القامشلي عدة أشهر أستعدادا" للدخول الى كردستان وكانت قد أنقطعت أخباره ولم يشاهده أحد أو يسمع عنه أي خبر ، ستبقى بشت آشان ذكرى أليمة في تأريخ حركة الأنصار حيث فقدنا في أيام قليلة رفاق رائعون ، فقدناهم الى الأبد .

حملة تضامن واسعة عربية ودولية ساندت حزبنا وأدانت الأعتداء على مقراته وبقية الأحزاب الكردية ونشروا ما طبعه حزبنا من وثائق وكراريس تحمل معلومات حول الأحداث في بشت ئاشان ، كما أصدر الحزب كراسا" يصور الشهداء الذين دافعوا عن مقراتنا ونبذة عن حياتهم وكتب الرفيق زهير الجزائري في حينها مذكرات حول الموضوع على أمل نشرها في كتيب ولكن الحزب لم يسمح بنشره وتوزيعه لأن العلاقات مع أوك قد تغيرت ولم يرغب الحزب بخلق حساسيات جديدة ، وقد سنحت لي الفرصة بقراءة مسودات هذا الكتاب وهي أنطباعات حقيقية لرفاق ورفيقات عايشوا الأحداث وتكلموا عنها بمرارة وألم .
لقد تبين فيما بعد بأن قوات أوك كانوا بحدود 1700 مقاتل معظمهم حملوا سلاح B K C وهو سلاح ذا مدى بعيد زودهم به النظام أضافة الى تسهيلات المرور جنب الربايا وتزويدهم بأجهزة المخابرة والعتاد وفق الأتفاقية السرية المعقودة بين الطرفين .

أما قواتنا فكانت بحدود 300 رفيق ورفيقة بما فيهم الرفاق في القيادة والعوائل والرفاق المرضى وهم تحت العلاج في المستشفى ، أضافة الى أن معظم الرفاق لم يدخلوا معارك حقيقية ولم تكن لديهم خبرة في القتال الأنصاري بعكس قوات أوك المتمرسة بالقتال منذ سنوات وكانوا يعرفون المنطقة ومداخلها معرفة جيدة وهم مزودين بأسلحة حديثة .
قسم من رفاقنا كانوا قد وصلوا كردستان من الخارج خريف عام / 1982 ولم تتسنى لهم فرص التدريب في دورات عسكرية وكان من المقرر أن يتم تدريبهم في صيف السنة القادمة في دورات عسكرية خطط الفوج لها . ولم يكن في الفوج حسب ما أذكر سوى جهاز أتصال واحد وهذا سبب أشكالا" كبيرا" في تبادل المعلومات والأخبار بين الفصائل وأنقطعت الأتصالات فزادت الفوضى لعدم وجود الأوامر العسكرية ، أضافة الى منطقة بشت آشان وصلنا منذ فترة رفاقنا من ناوزنك على الحدود التركية بعد الأنسحاب منها ولم يكونوا على دراية بالمنطقة بشكل جيد ولا مداخلها وطرق الأنسحاب منها ، أضافة الى أن الكثير من الرفاق تحدثوا في وقت سابق عن عدم صلاحية الوادي مقراتنا . أضافة الى هذه الثغرات كانت قيادة الحزب تولي ثقة عالية بالأحزاب الكردية وخاصة أوك . أتذكر أن الرفيق أبو أحلام آمر فصيل بولي أوقف قبل يومين أو ثلاثة من الهجوم عدة سيارات محملة بقوات أوك وكان يقودها م. فاروق أحد قيادي أوك ومنعهم من المرور بل هددهم بضرب القوات وكانت قواتنا قد أحتلت كل القمم والمرتفعات القريبة ، وأخبر فاروق أبو أحلام بأن قواته ذاهبة الى السليمانية ومع ذلك رفض أبو أحلام مرورهم فأتصل فاروق بالرفيق كريم أحمد الذي طلب من أبو أحلام بالسماح لهم بالمرور ومع الأسف كانت هذه القوات هي القوة الأساسية بالهجوم على مقراتنا حيث عبرت من الجهة الثانية . لذلك لم تشك قيادة الحزب بأوك وقبل شهرين كان الحزب مشغولا" بأعداد موائد الطعام للحزبين الكرديين في مسعا" منه لفض النزاع المسلح بينهما ، في حين كان مام جلال يوقع على الأتفاقية السرية مع الطاغية صدام .

لقد كتب المناضل الثوري ( تشي جيفارا ) في الصفحات الأخيرة من مذكراته قبل ألقاء القبض عليه وعلى رفاقه بعد أن ألتقى مع أمرأة طاعنة في السن ترعى الحيوانات في الغابة بأنه على يقين بأن هذه المرأة سوف تخبر الأعداء على مكان تواجدهم بمجرد أعطائها قطعة من النقود لأنها لا تعرف بأننا نقاتل من أجل سعادتها ، وقد أيقن ( تشي ) حينها بأن الوقت لم ينضج لبدء بؤرة ثورية جديدة .
لقد أستقبل أهالي بشت ئاشان الجلا ليين بالهلاهل والترحيب وبقيت جثث رفاقنا مرمية لأيام عديدة بالعراء . كم ساعد الرفيق الدكتور الشهيد أبو ظفر هؤلاء القرويين بالعلاج والأدوية المجانية ، وهل يعلمون بأن لدى رفاقنا نية لفتح مدرسة لتعليم أولادهم ومستشفى كبير بالتعاون مع الحزب الديمقراطي الكردستاني وفعلا" تم أعلام رفاقنا الأطباء في قواطع أخرى بالتوجه الى بشت آشان ولكن الأحداث أجلت ذلك .
لقد ذكر رفاقنا بعد فترة بأن أكثر من جاسوس ومندس كانوا يعملون لأوك وكانوا يرسلون المعلومات والأخبار عن تواجد مقراتنا والأسلحة وأماكن الدوشكا ليس هذا فقط بل وكما يقال شر المصيبة ما يضحك كان آمر حضيرة فصيل مدفع الهاون من عناصر أوك وكذلك النصير صوفي وهو ملتحق أيضا" قد ألح على الرفيق ملازم قصي بالسفر الى أهله بحجة الزواج وتبين بأنه على علم بموعد الهجوم .

شهداء معركة بشت آشان
ــــــــــ معذرة لأرواح الرفاق الشهداء الذين لم تسعفني الذاكرة بتذكر أسماء من
لم يرد في القائمة أو ألتباس في الأسم أو مكان الأستشهاد : ـ
عميدة عذبي حالوب / أحلام ، منير رمزي يونس ، مجيد رسن / حميد ، بهاء الدين أحمد
محمد فؤاد هادي /أبو طارق ، عبد الوهاب عبدالرحمن ، عبد الوهاب عبد الرحمن
سلام شهاب أحمد /أبو عادل ، باسم محمد غانم الساعد ، باسم محمد غانم الساعدي
شهيد عبد الرضا / أبو يحيى ، شهيد عبد الرضا / أبو يحيى ، علي جبر / عادل بهديني ، سمير يوسف كامل / عمار ، الدكتور بهاء / طارق ، سمير عبد الحسن / أبو صابرين ، حسن مرتضى / رشدي
ثائر عبد الرزاق أحمد / سعد ، صلاح حميدي / أبو مهدي ، وهاب عبد الرزاق / ملازم حامد ، يحيى
د . سلمان جبو ، سيدو خلو اليزيدي / أبو مكسيم ، سمير مهدي شلال / أبو تيسير
هيوا نائب عبد اللة ، نصير محمد حسن الصباغ ، رسول صوفي / مام رسول
نصير محمد حسن الصباغ ، نعمة فاضل / أبو سليم ، كاظم طوفان / أبو ليلى
سرباز أحمد ملا عطوان حسين / أبو علي ، حسين محسن سعيد العباس
رعد يوسف عبد المجيد / ابو بسيم ، عبد الأمير عباس علي / سمير طارق عودة / رعد
عبد الحسين أحمد / أبو سمير ، ناصر عواد / أبو سحر ، نزار ناجي يوسف / أبو ليلى
قيس عبد الستار القيسي / أبو ظفار ، مؤيد عبد الكريم / حامد ، جبار شهد / ملازم حسان
جعفر عبد الأئمة / أبو ظفر ، صامد أحمد الزنبوري / أبو خلود ، أنور حاج عمر / رستم أحمد عبد الأمير مرتضى / أبو سلام ، غسان عاكف حمودي / الدكتور عادل ، علي حسين بدر / أبو حاتم
حسن أحمد فتاح ماموستا دارا ، عباس حسين / أبو توفيق ، هيوا مقديد عمر / بختيار ، هاشم كاظم محمد / أبو محمد ، عيسى عبد الجبار / سلمان ، هاشم كاظم محمد / أبو محمد
محمد صالح الساعدي / أبو وطفاء ، علي عبد الكريم النعيمي ، حامد الخطيب / أبو ماجد ، سعد علوان هادي / أبو صوفيا ، شهيد فؤاد سربست محمد صالح ، ئازاد ئاغوك نادر / له زكين
حسان عباس الهاشمي ، أبراهيم عبد اللة شمسة / أبو يوس ، دارا حسين شريف / قاره مان
محي الدين كمال الدين ، أحمد بكر أبراهيم / هاور ، خالد كريم علي / هيمن ، محمد أمين عبد اللة / دهشتي عطوان حسين عطية / أبو مازن ، زهير عمران موسى / سليم ، عماد شهيد هجول / أبو معالي

بعض الرفاق الذين أستشهدوا على يد قوات أوك في معارك متفرقة :
ــــــــــــ
أحسان عباس الهاشمي
دارا حسين شريف / قاره مان ، آزاد رضا أغجله ري / آرام ، خالد كريم علي / هيمن
ماموستا قادر ، شهيد فؤاد سربست محمد صالح ، محمح قادر محمد ، آزاد عزبز صالح
آزاد عزبز صالح ، فاخر محمد حسن ، آزاد رضا أغجله ري / آرام

- آسف لعدم ورود أسماء لرفاق أستشهدوا ولم تسعفني الذاكرة لمعرفة أسمائهم
ملاحظة
ـــــ
كتبت هذه المذكرات من قبل النصير سلام عبد الرزاق الحيدر ( د. أبو تانيا ) قبل وفاته في 2004 بأشهر قليلة



#الفقيد_سلام_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- محكمة تونسية تقضي بإعدام أشخاص أدينوا باغتيال شكري بلعيد
- القذافي يحول -العدم- إلى-جمال عبد الناصر-!
- شاهد: غرافيتي جريء يصوّر زعيم المعارضة الروسي أليكسي نافالني ...
- هل تلاحق لعنة كليجدار أوغلو حزب الشعب الجمهوري؟
- مقترح برلماني لإحياء فرنسا ذكرى مجزرة المتظاهرين الجزائريين ...
- بوتين: الصراع الحالي بين روسيا وأوكرانيا سببه تجاهل مصالح رو ...
- بلجيكا تدعو المتظاهرين الأتراك والأكراد إلى الهدوء
- المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي: مع الجماهير ضد قرارا ...
- بيان تضامن مع نقابة العاملين بأندية قناة السويس
- السيسي يدشن تنصيبه الثالث بقرار رفع أسعار الوقود


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - الفقيد سلام الحيدر - لمناسبة الذكرى 26 لمجزرة بشت آشان عام 1983