أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - فى أنتظار جرجل العراق














المزيد.....

فى أنتظار جرجل العراق


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 2631 - 2009 / 4 / 29 - 09:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


.
فى الأسبوع الأول من شهر أيار عام 1940 كانت القوات الألمانية تواصل هجومها على فرنسا ، وقد أخفقت قوات الحلفاء فى صد هذا الهجوم أو التخفيف من زخمه ، وفى الوقت نفسه كانت العاصمة البريطانية (لندن) تتعرض الى قصف جوىعنيف بشكل شبه يومى ، ملحقا خسائر فادحة فى الأرواح والممتلكات ، وانتاب اليأس قلوب الحكام والسياسيين الغربيين بسبب الأوضاع الكارثية الخطيرة فى جبهات القتال ، وكانت ثمة دعوات كثيرة للمهادنة والتفاوض مع العدو الهتلرى من اجل منع سقوط هذه الدول ووقوعها فى قبضة الحكم النازى .

فى العاشر من شهرأيار 1940 سقطت حكومة جمبرلن وأصبح ونستون جرجل رئيسا للوزراء ، وفى الثالث عشر من الشهر نفسه أى بعد ثلاثة ايام من توليه الحكم ، وقف جرجل فى مجلس العموم البريطان مخاطبا أعضاء المجلس ومن خلالهم الشعب البريطانى قائلا : -
" أود أن أقول لكم ، وكما اخبرت زملائى اعضاء الحكومة ، لا يوجد ما اقترحه عليكم سوى الدم والدموع والعرق والعمل . تسألون ماهى سياستنا ؟ اقول لكم انها النصر ، النصر بأى ثمن ، النصر رغم الأرهاب كله ، النصر مهما كان صعبا والطريق اليه طويلة ، لأنه لا حياة لنا من دون النصر ."
لقد دخل جرجل التأريخ من أوسع أبوابه كأشهر رئيس وزراء فى تأريخ بريطانبا ، لأنه قاد بلاده الى النصر فى خصم صراع دموى هائل و لم يدخل اليأس او التردد الى قلبه لحظة واحدة ، و كان بذلك يجسد عزم و تصميم البريطانيين على النصر الأكيد بالرغم من الخسائر اليومية الهائلة و جبروت الآلة العسكرية الهتلرية . وليس من المبالغة فى شىء القول بأن جرجل و من ورائه الشعب البريطانى و كل شعوب أوروبا الغربية ، كان له فضل كبير فى تحقيق النصر على الفاشية و أعادة بناء ما دمرته الحرب .
ربما سيقول البعض بأن جرجل كان استعماريا و أنه أحد مهندسى تقسيم الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى . قد يكون ذلك صحيحا و لكنه كان حريصا على مصالح بلاده العليا و مستقبل بريطانيا ، وكان بهذا المعنى زعيما وطنيا و قائدا كاريزميا قل نظيره فى العصر الحديث . و قد لعب دورا سياسيا حاسما فى مرحلة تأريخية مهمة و حرجة و اسدى لبلاده خدمات جلى سوف يذكره التأريخ لمئات السنين اللاحقة .
و لعل احد الشواهد الحية القريبة هو ما ذكره رئيس الوزراء البريطانى مؤخرا خلال مناقشات مجلس الوزراء البريطانى حول الأجراءات الواجب اتخاذها لتجنيب بريطانيا تداعيات الأزمة المالية الحالية ، حيث قال براون ما معناه : كما أنقذ جرجل بريطانيا من الوقوع فى أيدى الهتلريين الفاشست و قاد البلاد الى النصر ، سنكون جديرين بتراثه و نعمل كل ما فى وسعنا لتجنيب بريطانيا تداعيات الأزمة الحالية .
لم يكن جرجل مجرد سياسى محترف ، بل كاتبا موهوبا أيضا ، فالى جانب عمله السياسى ألف العديد من الكتب المهمة منها : ( سنوات حياتى المبكرة ) و ( أفكار و حكايات ) و ( الحرب العالمية الثانية ) و ( تأريخ الشعوب الناطقة بالأنجليزية ) و ( أنتصارات و مآسى ) .
هذه المؤلفات الثمينة ساعدته فى البقاء فى ذاكرة الأجيال اللاحقة ، ليس بصفته أشهر رئيس وزراء بريطانى فقط ، بل بصفته أحد أهم الكتاب الوثائقيين البريطانيين و أكثرهم موهبة و خصوبة أدبية .و قد منح جائزة نوبل للآداب ليس لعمله السياسى ، بل من اجل مؤلفاته التى تركت آثارا عميقة فى ذاكرة القراء البريطانيين و القراء فى أنحاء العالم .
و يبدو لى ان أحد أهم عوامل التشرذم و الفوضى و فقدان الأمن و التخلف المريع فى كافة مفاصل الحياة الأساسية فى عراق اليوم هو عدم و جود زعيم وطنى كاريزمى يتمتع بمؤهلات القيادة الحقيقية. شخصية مخلصة و كفوءة و نزيهة ، ذو ارادة قوية وعزم لا يلين ، على أستعداد لمواجهة التحديات الداخلية و الخارجية، حريص على مصالح البلاد العليا ، يجسد تطلعات العراقيين الى غد أفضل .
الشعب العراقى فى محنة حقيقية لغياب مثل هذه الزعامة الوطنية الصادقة التى طال انتظارها و قائد سياسىعراقى على غرار تشرتشل حازم و ديمقراطى فى آن معا ، ليقود العراق الى بر الأمان فى هذه الفترة الحرجة من تأريخه.
. و لكن لا يبدو فى الأفق و ضمن ( النخبة السياسية الحالية ) أية شخصية قوية يتمتع بالمؤهلات التى تمكنه من أخراج العراق من محنته و يوحد كلمة العراقيين و يوجه طاقاتهم نحو البناء و الأعمار و التقدم و تحديث المجتمع .
و لكنناعلى يقين ان الشعب العراقى - بما يزخر به من طاقات مبدعة و خلاقة - قادر على أنجاب مثل هذا الزعيم عاجلا أم آجلا . اننا و الشعب العراقى بأسره فى أنتظاره على أحر من الجمر.





#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من المستفيد من أحتكار المعلومات ؟
- عودة ظاهرة بشير مشير
- أسبرانتو - لغة المستقبل
- عراق غيت
- صك الأنتداب الأميركى الجديد للعراق
- البيت الأبيض فى اليوم الأسود
- النفط و الديمقراطية
- دروس و عبر من تجربة صحفية ناجحة
- كلاشنيكوف و الحكومة العراقية
- الأمبراطور الفنان
- حول النتاجات الفكرية للكتاب الكورد المدونة باللغات الأخرى
- من ينقذ العراق من زعماء المحاصصة ؟
- الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
- موسم سقوط اوراق التوت
- مسرات العصر الرقمى
- اغلق التلفزيون وابدأ الحياة
- حكومة الرجل القوى الأمين : انجازات باهرة فى فترة قياسية
- دكاكين السياسة فى العراق
- الحركات المناهضة للعولمة : ما لها وما عليها
- العولمة و منطق التأريخ


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جودت هوشيار - فى أنتظار جرجل العراق