أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - صلاح الانصارى - تاريخ الحركة العمالية المصرية بعد قيام ثورة يوليو 1952















المزيد.....


تاريخ الحركة العمالية المصرية بعد قيام ثورة يوليو 1952


صلاح الانصارى

الحوار المتمدن-العدد: 2628 - 2009 / 4 / 26 - 10:10
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مقدمة :
يدل مصطلح الحركة العمالية على جميع نواحي النشاط " الفعل الجماعي " الذي يعتمده العمال لتحسين أحوالهم المعيشية , سواء على المدى القريب , او المتوسط , أو المدى البعيد .
وتستند الحركة العمالية إلى اتجاهات اقتصادية واجتماعية وسياسية . ولا تسير هذه الاتجاهات جنبا إلى جنب , وإنما تتعاقب ممارستها طبقا لطبيعة الظروف والأحوال الاقتصادية . وفى كل الأحوال هناك تداخل وارتباط وثيق الصلة بين ما هو سياسي واقتصادي واجتماعي , وتنطوي الحركة العمالية على طبقة عاملة لا تظهر حتى ينمو وعيها بشأن انفصال مصالحها وتعارضها مع مصالح أصحاب العمل , حتى ترى ضرورة تنظيم لها يخضع لإرادتها للدفاع عن مصالحها . وقد كانت الحركة العمالية دائما رد فعل احتجاجي على الاستغلال أو لوقف استغلال قادم ضد الطبقة العاملة التي لا تملط سوى بيع قوة العمل كأي سلعة تجارية , والتي تتأثر أكثر من غيرها بحالات الركود والأزمات الاقتصادية والكساد , وتتحمل جميع أعباء المجتمع دون التمتع بميزات متكافئة لجهودها .
إن هذه الطبقة تجد نفسها مضطرة لتوحيد مواقفها من خلال عقلها وفعلها الجماعي .
وإذا كنا معنيين بدراسة تاريخ الحركة العمالية المصرية . وإذا كان التاريخ هو دراسة الماضي بالتركيز على الأنشطة الإنسانية . فان مهمة هذه المادة هي إبراز تاريخ العمال باعتباره تاريخ انسانى وتاريخ كفاحي متصل الحلقات حتى الوقت الحاضر ,
فنحن هنا لسنا أمام سجل تاريخي لمجرد العلم بالشيء . وإنما نحن أمام دليل يستهدف الدروس المستفادة من خلال مسيرة الحركة العمالية المصرية وما يحيط بها من علاقات عمل وعلاقات إنتاج وتشريعات نقابية بلورت أفكارها ومواقفها العملية تجاه الاستغلال والتقييد والاضطهاد وفق أشكال عديدة للمقاومة .
وحين تذكر كلمة كفاح أو مقاومة أو مجابهة يتصور البعض إننا أمام مواجهة عسكرية , فهذه الكلمات قصدنا بها المقاومة الاجتماعية للحركة العمالية . وحين نقول أن الحركة العمالية هي حركة مقاومة , إنما يؤكد المدلول على أنها مقاومة رد الفعل وقد يتبادر سؤال : كيف تكون الحركة العمالية مقاومة ؟
وحتى تكون الحركة العمالية مقاومة حقا لابد لها ان تكون داخل العصر الذي تحدث فيه ما يستدعى المقاومة , والسبب في ذلك واضح , فخصمك موجود داخل هذا العصر وهو يستخدم في استغلاله لك أحدث ما توصلت إليه علوم النفس والاجتماع والإعلام , وان مواجهة ذلك كله لا يمكن أن تحدث اعتمادا على الحماس والشجاعة والاندفاع والإيمان , فهذه الصفات النبيلة هي صفات ضرورية ولا نجاح بدونها , ولكنها وحدها لا تحقق النجاح المطلوب , وإنها – شروط لازمة ولكنها غير كافية – فلكي تكون الحركة العمالية مقاومة لابد من ان تتوافر فيها ملامح العصر , بما فيه من علم إدارة الصراع .
هنا ينبثق السؤال التالى : من نحن ؟ وعلى اية درجة من الدرجات نقف ؟
هذا سؤال ملح . علينا جميعا ان نتعامل معه تعاملا جديا .
ان مقاومة النقص فينا هى ايضا فعل شامل متكامل الجوانب. للتدريب والتثقيف ونقل الخبرات درو حاسم فيها , ولابد ان نسلط الضوء على نقطتين من اجل معرفة الخصم , اى تحديد " من نقاوم " صاحب عمل , حكومة , طبقة , رئيس مجلس ادارة نطالب بعزله , ومعرفة الذات .اى تحديد " على اية حال نحن ؟
هل نحتاج الى فكر , وعى , خطابات حماسية ؟
تحتاج الى ادوات نعرفية تساعدنا على التشخيص الدقيق للواقع وامكانيات تنظيم هذه الادوات فى الفعل الجماعى .
العامل المقاوم انسان عاقل , يقوم نشاطه على اساس عقلى ومنطقى راسخ لذلك من الضرورى ان نبنى قاعدة للتفكير العقلانى وب-يفعل التاثير الايجابى فى الواقع .
وهنا لابد ن التاكيد على: ان قضية العدالة , اى الديمقراطية الاجتماعية , هى قضية تراكمية كفاحية .
واستنادا الى ذلك نتجه بتاريخ الحركة العمالية الى تاصيل روح المقاومة فى مجتمعنا العمالى , فالحركة الكفاحية هى المبنية بناءا عقليا منفتحا ومتينا . ونستطيع ان نكون مؤهلين لان نكون حركة مقاومة حقيقية ضد الاستغلال .

طبيعة العلاقة بين الثورة والعمال

استقبل الشعب المصرى ثورة يوليو بالابتهاج , وكان العمال قد تحملوا مظالم ومفاسد كل العهود السابقة على الثورة , التى كانت فيها الكلمة لرؤوس الاموال الاجنبية وكبار ملاك الاراضى الزراعية و اصحاب المصانع هى العليا .
ووجد عمال كفر الدوار فرصة فى اعلان مطالبهم وفق تصورهم بان من يحمل المبادىء الستة :
1. القضاء على الاستعمار وأعوانه
2. القضاء على الاقطاع
3. القضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم
4. اقامة عدالة اجتماعية
5. اقامة جيش وطنى قوى
6. اقامة حياة ديمقراطية سليمة
سيحمى مطالب العمال وسيكون العمال فى مامن من الاضطهاد والفصل التعسفى والتشريد .
لكن اصحاب المبادىء الستة فاجئوا العمال بالبداية الدموية للثورة باعدام اثنين من العمال هم الشهيدين ( خميس و البقرى ) بعد مرور شهر واحد على الثورة بمحاكمة عسكرية ؟!
ليس معنى ذلك ان العمال لم يحققوا شيئا من المكاسب فى بدايات الثورة . فقد صدر قانون فى عام 1953 بمنع فصل العمال تعسفيا , الى ان يحكم فى الموضوع .
زمن حيث التبعية الاقتصادية لاصحاب العمل , يصدم حقا من يعرف انه طوال الفترة من 1952 وحتى عام 1961 لم تضف الثورة شيئا يذكر للعمال بالمقارنة بالفلاحين – قانون الاصلاح الزراعى –
الممارسة النقابية :
حين قامت الثورة كانت نقابات العمال ينظمها القانون 85 لسنة 1942 (10/9/1942حكومة الوفد ) ولم يكن مسموحا للعمال الزراعيين او الممرضين او لموظفى الحكومة انشاء نقابات , وكان مسموحا للعمال الذين يشتغلون فى مهنة او صناعة او حرفة واحدة . او بمهنة او صناعات او حرف متماثلة او مرتبطة ببعضها , او يشتركون فى انتاج واحد ان يكونوا فيما بينهم نقابات ترعى مصالحهم وتدافع عن حقوقهم وتعمل على تحسين حالتهم .
وكان مباحا للنقابات ان تكون اتحادا لها .
وكانت العيوب الاساسية فى هذا القانون – بالنسبة للنشاط النقابى – هى ان حق تكوين النقابات كان مفيدا . ولم تكن هناك اى امكانات لبناء تنظيم نقابى يمثل كل العمال – فضلا عن الحظر المفروض على اشتغال النقابات بالمسائل السياسية وهو يحرم على النقابات كل نشاط يدخل فى نطاق تلك الكلمة واسعة الدلالة السياسية .
خاصة دلالتها المحددة : الديمقراطية , فجاء القانون رقم 319 لسنة 1952 فأباح للممرضين والعاملين فى المستشفيات غير الحكومية تكوين نقابات . كما اباح للعمال الزراعيين وابقى الحظر مفروضا على موظفى الحكومة

والغريب فى الامر ان الثورة اباحت تكوين نقابات لوكلاء رجال الاعمال بالقانون رقم 513 لسنة 1954 ( 30/9/1954 ) .
اما القانون رقم 134 لسنة 1955 والذى ارسى مبدأ العضوية الاجبارية , بنص المادة 5 فى اى وقت يبلغ اعضاء نقابة المنشأة ثلاثة اخماس مجموع عمالها يعتبر الباقون اعضاء فى النقابة .
ويجيء القانون رقم 91 لسنة 1959 المعروف بقانون العمل الموحد بعد الوحدة مع سوريا حيث يذكر بل ابقى كل شىء على حاله وتقول مذكرته الايضاحية انه تجميع للقوانين التى كانت نافذة من قبل . اى منذ عام 1933 فكانها لم تضف شيئا .

ثورة 23 يوليو وطبيعة العلاقة مع الطبقة العاملة

تجاهل العمال :
- ان تجاهل العمال لا يعنى انهم لم يصيبوا شيئا من المكاسب في الفترة التي نتحدث عنها . فقد سبق أن اشرنا الى القانون رقم 165 لسنة 1953 بمنع فصل العاملين تعسفيا ، وكان مؤدى ذلك أن للعامل الذي يفصل تعسفيا الحق في ان يلجأ الى القضاء المستعجل ليحصل على قرار بايقاف قرار فصله ودفع مرتبه الى أن يحكم في الموضوع ، ولم يكن مؤداه استمرار العامل في العمل . وانها نقصد هنا تجاهل العمال كقوة شعبية في مجال الممارسة الديموقراطية وعنصريها اللازمين الاول : التحرير، والثاني التشجيع على الممارسة الديموقراطية.
فمن حيث تحرير العمال من التبعية الاقتصادية لاصحاب العمل ، يصدم الانسان حقا حين يلاحظ أنه طوال تلك الفترة اي من 1952 حتى 1961 لم تضف الثورة شيئا يذكر- فيما عدا ما ذكرنا- الى القوانين 317 و 318 و 319 لسنة 1952 التي صدرت في الشهـر السابق على الثورة . كل المكاسب جاءت في مرحلة تالية. ولكن في تلك الفترة التى نتحدث عنها لم يكسب العمال شيئا مقاربا لما كسبه الفلاحون .
أما من حيث التشجيع على الممارسة، فيبين الامر من موقف الثورة من النقابات العمالية والنشاط النقابي . فحين قامت الثورة كانت نقابات العمال ينظمها القانون رقم 85 لسنة 1942 (10- 9- 1942) ولم يكن مسموحا للعمال الزراعيين او وكلاء اصحاب الاعمال او الممرضين او لموظفي الحكومة انشاء نقابات وكان مسموحا " للعمال الذين يشتغلون بمهنة او صناعة او حرفة واحدة او بمهنة او صناعات أو حرف متمائلة او مرتبطة ببعضها ، او يشتركون في انتاج واحد ان يكونوا فيما بينهم نقابات ترعى مصالحهم وتدافع عن حقوقهم وتعمل على تحسين حالتهم " ( المادة 2 ) . وكان ممنوعا على النقابات استثمار اموالها والاشتغال بالمسائل السياسية او الدينية (المادة 17) وكان مباحا للنقابات في كل مهنة أن تكون اتحادا لها (المادة 26) . وكانت العيوب الاساسية في هذا القانون- بالنسبة الى النشاط النقابي- هي أن حق تكوين النقابات كان مقيدا. ولم تكن هناك أية امكانات لبناء نقابي يمثل " كل " العمال النقابيين اذ كان اصحاب كل مهنة يعتبرون- في اتحادهم- طائفة مستقلة عن العاملين بالمهن الاخرى، ثم الحد من تنمية المقدرة المالية للنقابات عن طريق استثمار اموالها، واخيرا ذلك الحظر المفروض على اشتغال النقابات بالمسائل السياسية وهو يحرم على النقابات كل نشاط يدخل في نطاق تلك الكلمة واسعة الدلالة " السياسة " خاصة دلالتهـا المحددة : الديموقراطية. فجاء القانون رقم 319 لسنة 1952 الصادر قبل الثورة ( يونيو 1952) فأباح للممرضين والعاملين فى المستشفيات غير الحكومية تكوين نقابات كما اباحه للعمال الزراعيين وابقى الحظر مفروضا على موظفي الحكومة ووكلاء اصحاب الاعمال (المادة 1) فجات الثورة بأضافة تتسق غرابتها مع غرابة الاتجاه الرأسمالي فاصدرت القانون رقم 513 لسنة 1954 (30 سبتمبر 1954) باباحة تكوين النقابات لوكلاء رجال الاعمال (المادة 1) 0 الاضافة الايجابية الوحيدة كانت فى 16 مارس 1955 عندما صدر القانون رقم 143 لسنة 1955 ينحص على : " في أي وقت يبلغ اعضاء نقابة المنشأة ثلاثة اخماس مجموع عمالها يعتبر الباقون اعضاء فى النقابة " ( المادة 5) . وبقي كل شيء على حاله حتى صدر قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959. تقول مذكرته الايضاحية انه تجميع للقوانين التي كانت نافذة من قبل منذ عام 1933 فكأنها لم تضف شيئا. ولكنا نلاحظ في شأن نقابات العمال أنه بدلا من أن يكون من حق كل العاملين في كل مؤسسة على حدة أن يكونوا نقابة لتمثلهم في مواجهة رب العمل الخاص بهم . الغى القانون رقم 91 لسنة 1959 هذه النقابات وجعل من كل العاملين بمهنة او صناعة واحدة او بمهن او صناعات متماثلة او مرتبطة بعضها ببعض او تشترك في انتاج واحد أن يكونوا فيما بينهم " نقابة عامة " واحدة ، على مستوى الجمهورية ( المادة 160) مع التصريح لها بأن تشكل نقابات فرعية في المديريات أو المحافظات كما لها أن تشكل لجان نقابية " في المؤسسات المشتغلة بنفس الصناعة او المهنة اذا كان عدد العمال المنضمين للنقابة في المؤسسة 50 عاملا فأكثر (المادة 169) . فاذا لاحظنا أن عدد العاملين في المنشآت الصناعية فقط ( بعد استبعاد الزراعة والتشييد والخدمات) كان عام 1959، تاريخ صدور القانون، حوالي 650000 في حين أن الذين يعملون منهم في مؤسسات تشغل اكثر من 50 عاملا لم يكن يزيد عن 250000 ندرك كيف أن القانون رقم 91 لسنة 1959، كان قد حرم 400000 عامل اي ما يقرب من 2-3 من مجموع العمال الصناعيين ، من النشاط النقابى . هذا بالاضافة الى تركيز القيادة النقابية فى النقابة العامة " المركزية " وما يترتب على هذا من اضعاف مقدرة اللجان النقابية في مواقع العمل . اكثر من هذا ما نصت عليه المادة 170 من أنه " لا يجوز لمن فصل نهائيا من المؤسسة أن يستمر في عضوية اللجنة النقابية لها ". ولما كان الفصل مباحا، ولو كان تعسفيا ، اذ أن الجزاء على التعسف هو التعويض النقدي ، وهو عبء يسير على الرأسماليين ، فقد كان اي رب عمل يستطيع ان يطرد أي عامل نقابي نشيط من اللجنة النقابية بأن يفصله من العمل ( بعد محاكمته أمام مجلس الادارة !! - المادة 173 ) . في مقابل هذا أقر القانون لنقابات العمال بحق انشاء " اتحاد " يرعى مصالحها المشتركة ( المادة 182 ) وبذلك أمكن الغاء تجزئة العمال وايجاد رابطة علوية تنظيمية واحدة لهم. وكان ذلك من مفاخر الثورة .
ولكن لكل شيء وجهين . فاذا كان قانون 1959 قد اوجد للعمال سلطة مركزية واحدة فانه من ناحية اخرى قد عرض حركتهم النقابية لمخاطر سيطرة هذه السلطة المركزية او السيطرة عليها، خاصة اذا لاحظنا أن هـذا القانون ذاته قد نص على تحريم الاحزاب ( المادة 180 فقرة 2 جـ) وهو تحريم ترعاه وتسأل عنه النقابة العامة واتحاد نقابات العمل بشكل مطلق : اي بصرف النظر عن اختلاف ظروف العمل من موقع الى موقع وما قد توافر في موقع ما من مبررات الاضراب .
هذا هو كل ما اصابه العمال وما اصيبوا به في الفترة من 1952 الى 1961. وخلاصته تقوية الحركة النقابية في القمة واضعافها في القاعدة وهو غير ديموقراطي . وقد برزت اضراره تماما حين انشئت وزارة العمل واختير لها من قمة الحركة النقابية وزير بعد وزير فأصبح مصب طموح النقابيين هو الالتحاق بالسلطة التنفيذية . هل هو افساد متعمد للحركة النقابية ؟.. لا . ولكنه احد النتائج التي لا مفر منها للتنمية الرأسمالية. أن احد وسائل تشجيع وتقوية الرأسماليين هو احباط واضعاف مقدرة العمال. ويستحيل استحالة مطلقة في مصر وفي غير مصر أن تكون الدولة مع مصالح الرأسماليين ومصالح العمال في نفس الوقت وبنفس القدر . كما انه مستحيل استحالة مطلقة في مصر وفى غير مصر أن تكون الدولة مع مصالح ملاك الاراضي ومصالح الفلاحين في نفس الوقت وبنفس القدر . لو قبل العمال والفلاحون ، وقد يقبلون ، فأن الراسماليين والملاك لن يقبلوا المساواة ابدا .. لسبب بسيط هو أن مصالحهم لا تلتقي مع مصالح الذين يعملون .

طبيعة العلاقة بين الدولة والطبقة العاملة
فى السبعينيات

استهدفت الدولة منذ بداية سياسة الانفتاح الاقتصادى , احداث تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة فى بنية التكوينات الاجتماعية , تمثلت فى تحديد الاقتصاد والاخذ بنظام السوق كقضاء للحياة الاقتصادية الجديدة , وبدات الدولة الانسحاب بمرور الوقت عن دورها الانتاجى والاجتماعى الذى اعتنقته منذ نشأة القطاع العام , وفى ضوء هذه المستجدات , حدث تغير فى طبيعة العلاقة بين الدولة والعمال , خاصة وان الدولة فتحت باب التعددية السياسية لكافة الاتجاهات التى بداخل الاتحاد الاشتراكى . واغلقت الباب تماما امام اى احزاب فئوية او طبقية " للعمال " بل واحكمت غلق باب التعددية النقابية بالقانون 35 لسنة 1976 , فقد ظل التنظيم النقابى احاديا رغم وجود تعددية سياسية وتعددية اقتصادية , كل ما حدث ان تحرر التنظيم النقابى من قبضة الاتحاد الاشتراكى ومن قبله الاتحاد القومى وهيئة التحرير , الى الوصاية الادارية والتدخل السافر فى شئون التنظيم النقابى من قبل الحكومة ممثلة فى وزارة القوى العاملة . بل ان القانون 43 لسنة 1974 بشان استثمار رأس المال العربى والاجنبى , تجاهل مكاسب الطبقة العاملة بالاستثناء من المشاركة فى الارباح والادارة للعمال .
وشهدت هذه المرحلة معارضة نقابية وعمالية لكافة السياسات والتشريعات التى تستهدف المشاركة من قبل راس المال الاجنبى فى القطاع العام او بيعه . وتشكلت حركات اجتماعية للدفاع عن القطاع العام فى ضغط متواصل لم يعرف التصاعد فى الضغط الى ان تلاشت هذه الحركات واصبح بيع القطاع العام ةتصفيته وتسريح العمال يتم بحرية تامة دون معارضة حقيقية الى الان ؟!
كانت هذه المعارضة ترتكز على ان القطاع العام يمثل ركيزة اساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية , وقام بدور هام وحيوى خلال حرب الاستنزاف , و حقق مكاسب للطبقة العاملة تتلخص فى تحديد ساعات للعمل , وحد ادنى للاجور , والمشاركة فى الارباح ومجالس ادارات الشركات , والرعاية الصحية والاجتماعية . فضلا عن التشريعات الحمائية ضد الفصل التعسفى وسوء استخدام السلطة . ولم يغيب عن هذه الحركة هجرة الارباح من النقد الاجنبى الناتج عن استثمارات هذه الشركات الى خارج مصر .

الحركات الاحتجاجية
شهدت هذه المرحلة موجات من الاحتجاجات العمالية والتى أخذت اشكالا متنوعة ومتباينة من حيث الاهداف واشكال الاحتجاجات .
فمنذ اوائل السبعينيات وخارج الاطار الرسمى للتنظيم النقابى الذى لم يرفع راية اضراب واحدة منذ ان اقيم فى عام 1957 والى الان . اللهم ان رفع رايات التأييد عالية ترفرف فى فضاء الدولة . معلنا مشاركته وموافقته على الاصلاح الاقتصادى وسياسات الخصخصة ونظام المعاش المبكر , باستثناء تحفظات وهمية عن الحفاظ على البعد الاجتماعى .
الا ان الحركة العمالية فى المناطق الصناعية الكبرى قد شهدت احتجاجات متلاحقة .
ففى حلوان كان اعتصام عمال الحديد والصلب فى عام 1971 وفى حرير حلوان عام 1976 وفى المحلة اعوام 1974 , 1975 , 1976
وتضامنت مصانع النسيج بشبرا الخيمة 1975 مع عمال المحلة . وفى عام 1986 .
كما اضرب عمال اسكو فى عام 1986 وكذلك عمال النقل فى نفس العام . واضرب عمال النقل فى عام 1976 كما اضربت رابطة عمال السكة الحديد فى 1986 . ثم تعود حلوان باضراب الحديد والصلب فى عام 1989 .
وفى عام 1980 كان لعمال الحديد والصلب بحلوان موقف رافض لزيارة رئيس الكيان الصهيونى لشركة الحديد والصلب , والغيت الزيارة بالفعل .
من خلال هذه الملامح الرئيسية للاحتجاجات . استعادت الحركة العمالية دورها فى ممارسة حقها المشروع وبزوغ قيادات طبيعية قادرة على قيادة الاضرابات وبلورة مطالبها الموجه اساسا ضد السياسات التى انتجت الصراع بين عمال القطاع العام والحكومة , فضلا عن برنامجها المطلبى والذى تبلور فى الانتخابات النقابية بالتاكيد على مكاسب الطبقة العاملة وتطويرها .
وقد بلغت الحركة الاحتجاجية اوج قمتها فى 18 , 19 يناير 1977 حيث كان ارتفاع الاسعار هو المحرك الرئيسى لانتفاضة الشعب بكل فئاته وتياراته فى مقاومة اجتماعية على عمق خريطة مصر كأمتداد للمقاومة ضد سياسات الاصلاح الاقتصادى التى بزغت مع نسج سياسة الانفتاح وتشريعاته .




#صلاح_الانصارى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع قانون النقابية العمالية
- معا من اجل اطلاق الحريات النقابية واستقلال النقابات العمالية ...


المزيد.....




- البيان الختام للمؤتمر 22 للاتحاد الجهوي لنقابات فاس
- التجديد متاح هنا.. تجديد منحة البطالة 2024 في الجزائر والشرو ...
- استعلم هنا الآن.. كيفية الاستعلام عن وضعية منحة البطالة 2024 ...
- تغطية القناة الأولى لفعاليات مؤتمر الاتحاد الجهوي لنقابات فا ...
- WFTU solidarity statement with the National Strike in Greece ...
- نقابة الصحفيين: 105جرائم وانتهاكات في آذار بينها 6 شهداء و9 ...
- Greece: April 17 Greece National Strike
- EUROF: WITH STRIKING GREEK WORKERS ORGANISED BY PAME
- ” الحكومة عاملة مفاجأة للمتقاعدين????” العراق تعلن عن رواتب ...
- رابط التسجيل في منحة البطالة بالجزائر 2024.. طريقة التقديم ف ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - صلاح الانصارى - تاريخ الحركة العمالية المصرية بعد قيام ثورة يوليو 1952