أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شمال علي - حل حذر أم إجرام وحشي و عشوائي الفلوجة نموذجاً للعجز الأمريكي















المزيد.....

حل حذر أم إجرام وحشي و عشوائي الفلوجة نموذجاً للعجز الأمريكي


شمال علي

الحوار المتمدن-العدد: 804 - 2004 / 4 / 14 - 10:57
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


هناك مشكلة كبيرة في فهم أسماء العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات الأمريكية، فمن "توفير الراحة" إلى "إعادة الأمل" مروراً بــ"الصدمة و الذهول" وصولاً إلى "الحل الحذر"، تتعدد الأسماء التي لا تربطها بالواقع و مسمياته سوى دماغ مطلقيها، فتوفير الراحة لم تكن سوى عملية حرمان الملايين من سكان كردستان من أية راحة، فقد حرموا طوال 13 عاماً، إلى جانب الإحساس بالطمأنينة، من أبسط حقوق الإنسان و هو حق المواطنة و الانتماء إلى دولة معينة، وقد وضعوا بين سندان التهديد المستمر لعودة النظام العراقي و مطرقة تدخل الدول المجاورة، لتمزقهم الحرب الداخلية كما لم يتمزق مجتمعهم من قبل، و عملية إعادة الأمل لم تعني سوى تأجيل، بل إلغاء الأمل بالنسبة للملايين من الصوماليين الذين ما زالوا يبحثون عن مخرج من أوضاع اللادولة، و الفوضى المتحولة إلى حالة دائمية و قانونية. الصدمة و الذهول لم يذهل أحد و لم يصدمه قدر ما فعل بالقائمين بها، و ما زالت القوات التي جاءت لتستقبل بالورود يُذهَل كل يوم أكثر فأكثر من تداعيات ما اقترفته يداه في العراق. و لكن كل ما سبق لا يطغى على تناقض ما سمي بالحل الحذر مع الواقع و مع ما يجري في الأرض.
لقد حاصرت القوات الأمريكية مدينة يبلغ تعداد سكانها أكثر من 200 ألف لمدة أسبوع و أمطرتها بحمم من صواريخها و قنابلها، و قتلت زهاء 600 شخص و دمرت أكواخاً و بيوتاً على ساكنيها و أجبرت الناس إلى دفن قتلاهم في حدائق مساكنهم، و منعت جرحاهم الذين تجاوز عددهم 1200 من تلقي العلاج الكافي، كما منع السكان حتى من فرصة الهروب و الابتعاد عن النيران، و سميت تلك العملية بالحل و الانكى من ذلك بالحذر.
ولكن إطلاق التسميات هنا لا تأتي لإقناع الناس بحقيقة الأمور قدر ما يراد منها إعلامهم بطريقة حكام أمريكا و طبيعة حلولهم و معاني حذرهم. و تأتي التسمية لتضيف عاملاً آخر من عوامل الضغط على المناهضين لسياسات أمريكا و رادعاً لمن "تسول له نفسه" الوقوف بوجه الآلة العسكرية الضخمة التي تبغي إعادة صياغة حاضر و مستقبل عالمنا وفق منطق القوة و مبدأ البقاء للأقسى.
لا تأتي التسمية إلا في سياق سياسة "حلول" أمريكا لمعضلات عالمنا الحالي، فكما أن الإرهاب الإسلامي في الحادي عشر من سبتمبر يؤدي إلى "الحل"الأفغاني و العراقي، لا يمكن ضمن هذا التصور "حل" مشكلة حارقي الجثث إلا في اتخاذ سياسة الابادة الجماعية و حرق عشرات الأطفال و هم أحياء. لا تمثل الفلوجة و الجرائم البشعة للقوات الأمريكية في هذه المدينة إلا نموذجاً مصغراً و مركزاً لإرهابٍ يتوسم في الإرهاب الإسلامي عدواً تضفي حجة محاربته الشرعية على أساليب أقل ما توصف بها هي اللاإنسانية والوحشية و مبرراً للسعي باتجاه تحقيق أهداف رجعية و معادية للبشر.
لست من رافضي اللجوء إلى الأساليب العسكرية و استخدام القوة في مجابهة الإرهاب الإسلامي كسبيل للحد من آثار جرائمه، إذ لا عقل و لا جدوى من اتخاذ الحوار وسيلة لإقناع من ينهال على الجثث المتفحمة بالضرب ليسحلها بعد ذلك و يعلقها آخر الأمر على الجسور، بضرورة احترام بقايا الآدميين و هم أموات، دع عنك حق البشر في الحياة. لا مناص للمجتمع أي مجتمع من استخدام قدراً معيناً من العنف لمجابهة الإرهاب و الإجرام بما فيها الإجرام الإسلامي، و شجب العمليات الأمريكية الوحشية في الفلوجة يجب أن لا تنطلق أبداً من تصورات تؤمن بعكس هذا. و لكن شتان ما بين تلك والأساليب الأمريكية، إن أمريكا بإرهابها و غطرستها العسكرية تجذر الإرهاب الإسلامي بدل اجتثاثها و يقرب و يعظم من خطره و ذلك للأسباب التالية:
أولاً: إن الإرهاب الأمريكي الذي يتجاوز كل الحدود و المحظورات، القتل العشوائي و القسوة المجردة من كل حس أخلاقي و إنساني الممارسة من قبل الجيش الأمريكي تغذي الإرهاب الإسلامي، و تمده بالوقود لإشعال النار في كل ما هو غير إسلامي، وتعطيه من المسوغات ما يكفي لتبرير حقدها على الغرب كله دولاً وحضارة و ثقافة و بشراً.
ثانياً: كون القوة المسلحة تستخدم من قبل دولة كأمريكا المعروف تاريخها و سجلها الأسود، ينقلب حتماً في نظر الكثيرين إلى شهادة حسن السلوك لأشد التيارات الإسلامية إرهاباً و أكثرهم وحشية. الجماهير في العراق اليوم بالرغم من سخطها العميق على أساليب و سياسات و وجود العصابات الإسلامية لا يمكنها أن تتعاطف بأي حال من الأحوال مع "الحلول" العسكرية لأمريكا، فأمريكا تفتقد إلى الشرعية في كل ما تقوم بها، فلا شرعية لادعاءات بحفظ أمن المواطنين لمن دمر و خرب المدارس والمستشفيات و قتل عشرات الآلاف من الأبرياء في حروبها و عملياتها العسكرية خلال 13 عاماً ضد جماهير العراق ، ولا مصداقية لأكاذيب الدفاع عن الحرية و الإنسانية لمن مارس أبشع سياسة لتجويع مجتمع و قتل نصف مليون طفل بالحصار.
ثالثاً: إن القسوة المفرطة من قبل أمريكا ضد أعدائها الإسلاميين يوازيها سياسة دعم و تعاون أو على الأقل التهادن مع التيارات الإسلامية الموالية لها و التي لا تقل عن الآخرين عداءً للمدنية و العلمانية و الجماهير التحررية، و موقعها في العراق كقوة محتلة تفرض عليها ليونة اكبر مع التيارات الإسلامية "الصديقة" لحفظ التوازن و إدامة تحكمها بمصير العراق و المنطقة، و يبدو إن من نتائج الصراعات الأخيرة تقوية التيار الإسلامي و تثبيت موقعه أكثر من قبل. الإسلام السياسي لا يبيض إلا إرهاباً و لا يثمر إلا قمعاً و منعاً لأبسط الحقوق الإنسانية، و كون أطرافه تتعاون مع أمريكا لا يعني بأن إرهابها للجماهير سيراعي أي منطق و أية معايير إنسانية، و لا يعني حتى بأنه غير مرشح للتحول يوماً ما بوجه أمريكا نفسها.

حتى و إن لم تكن نتائج العمليات العسكرية في الفلوجة على هذا القدر من الفظاعة، لا يمكن تسميتها بالحل، فأمريكا لا تستطيع أن تقدم في العراق حلولاً، لأنها هي المشكلة، حربها كان إجراماً، بقائها في العراق إرهاب، و كل سياسة من سياساتها هي معضلة بل مصائب تحتاج إلى حلول. إن حل مشكلة الأمن هو في تشكيل حكومة مؤقتة و التعاون مع قوات دولية لتأمين الأمن و إعادة بناء المدنية في العراق، و لكن شرط أن يترافق ذلك مع انسحاب الجيش الأمريكي و كل من ساهم في ائتلافها الحربي من العراق. إن حل معضلة الإسلام السياسي و خلاص الجماهير من شر و إرهاب هذا التيار الرجعي هو في تقوية الحركة العلمانية و التحررية في العراق و طرد عصابات الإسلام السياسي من الساحة و فرض التراجع عليهم، و لا يمكن أن يحدث ذلك بدون فرض التراجع على أمريكا أيضاً التي ما برحت تقوي و تغذي الإسلام السياسي بحروبها و احتلالها وسياساتها الرجعية و إجرامها الغير حذر أبداً.

‏12‏/04‏/2004



#شمال_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثلاثاء الدامي، خدمةٌ لأية سياسة؟
- كلمات الى جلال الطالباني حول ما يجري في سجون أمن (آسايش) الس ...


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شمال علي - حل حذر أم إجرام وحشي و عشوائي الفلوجة نموذجاً للعجز الأمريكي